|
فلسطين والأقصى الجريح ملتقى يختص بالقضية الفلسطينية واقصانا الجريح ( تابع آخر الأخبار في غزة ) |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() سادساً: سياسة الحرمان من التعليم خاض الأسرى العديد من المواجهات والمطالبات مع إدارة السجون للسماح لهم بالدراسة في الجامعات الفلسطينية، مثل جامعة القدس المفتوحة، ولكن لم تسمح إدارة السجن بذلك، بل تنصلت من الوعود التي قطعتها بعد إضراب عام 2000، وقد وافقت في حينها على الدارسة، ولكنها استغلت أحداث انتفاضة الأقصى فيما بعد للتنصل من ذلك. وقد سُمح لحوالي 120 أسيراً بالدراسة في الجامعات العبرية تخرج منهم 20 طالباً إلى الآن، ويتم ذلك السماح وفق تخصصات محددة مثل العلوم السياسية – الإدارة – التاريخ – الاقتصاد- علم الاجتماع، ولكن يتم منع بعض المساقات مثل مساق الحرب والإستراتيجية والسياسة الخارجية الإسرائيلية، ولم يتم إعادتها إلا بعد رفع قضية ضد مصلحة السجون. وتتحكم الإدارة في موضوع الدراسة، بأن تربط الأمر بسلوك الأسير، بالإضافة إلى المماطلة بإدخال الكتب اللازمة مرة ومنعها مرة أخرى. يحصل هذا خصوصاً في السجون الجديدة، التي تفتقد للحد الأدنى من الكتب والمراجع. ووصل الحد إلى حرمان بعض الأسرى من متابعة الدراسة بعد أن كانوا قد قطعوا خطوات حثيثة فيها. سابعاً: المرض والعلاج تدل الإحصائيات أن أكثر من 1000 أسير يعانون من الأمراض المزمنة، منهم 150 في حالات خطير وتحتاج إلى متابعات مستمرة، مثل أمراض القلب وضغط الدم والسكري والسرطان والكلى. ومن يحتاج إلى عملية جراحية لا يحصل عليها إلا إذا وصلت حياته إلى درجة الخطورة القصوى. ومن الأمثلة التي لا تخطر على بال أحد؛ ما حدث مع الأسير أنس شحادة في سجن النقب عام 2003، حيث أجريت له عملية الزائدة الدودية دون استخدام أي نوع من المخدر. كثيرون من الاسرى يعانون من إصابات خلال إنتفاضة الأقصى، ويحملون في أجسامهم الشظايا والقطع المعدنية والبلاتين ولكن دون عناية أو متابعة، ضمن مسلسل الإهمال الطبي الذي يدور داخل المعتقلات. وقد توفي في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2004 الأسير محمد أبو هدوان الذي صارع المرض لسنوات عديدة، فقضى بعد المكوث ما يقارب 19 عاماً في الأسر، وكذلك الأسير جمال السراحين الذي توفي في سجن بئر السبع في السادس عشر من كانون الثاني (يناير) 2007، وهو الذي ظل يعاني من سرطان الدم، وبدلاً من نقله إلى المستشفى من أجل عناية طبية تليق بإنسان، أُبقي في السجن لينتظر ساعات عديدة ليخرج للعيادة، حتى فاضت روحه مستسلمة لربها. وكذلك الأسير ماهر دندن الذي قضى في سجن جلبوع في العاشر من حزيران (يونيو) 2007 وأخيرا وقد لا يكون آخرا الأسير فادي ابو الرب الذي توفي في 29/12/2007 في سجن جلبوع نتيجة سياسة الإهمال الطبي. في حالات أمراض العيون هناك من الأسرى من يفقد بصره بالتدريج، ومن المعلوم أن الطبيب المختص لا يأتي إلى عيادة السجن إلا بعد مضي ستة أشهر على زيارته السابقة، وبعد أن يتم الفحص تبدأ رحلة المطالبة بالعلاج والخروج إلى المستشفى، وتماطل الإدارة طويلاً في الموافقة على ذلك، حتى أن بعض الأسرى عرض على إدارة السجن أن يحضر طبيباً على نفقته الخاصة، ولكن دون جدوى. ثامناً: زيارات الأهل قامت سلطات الإحتلال بعد بدء انتفاضة الأقصى عام 2000، بمنع تعسفي لزيارات الأسرى من قبل ذويهم لعامين متتاليين لمعظم المناطق الفلسطينية (منطقة نابلس مُنعت لمدة أربع أعوام متتالية)، وعندما سمح بها ثانية تفاقمت المعاناة، فأصبحت رحلة الزيارة تستغرق ما يقارب العشرين ساعة من السفر والتفتيش على الحواجز وعند دخول السجن. كل ذلك ليسمح للأهل برؤية أبنائهم لمدة 45 دقيقة فقط، يرون الأسير من خلف ألواح زجاجية سميكة، ولا يسمعون صوته إلا من خلال هواتف موضوعة على جانبي اللوح الزجاجي، ناهيك عن احتجاز جميع ركاب الرحلة المكونة من عدة حافلات، حتى يفرغوا كلهم من زيارة جميع الأسرى، ليغادروا السجن في ساعات متأخرة، فيصل الغالبية إلى بيوتهم عند منتصف الليل. وتتعدد أوجه الصعوبات في قضية زيارات الأسرى، منها مشقة الحصول على التصاريح، وعدم السماح بها إلا للقرابة المباشرة مثل الأب وألام، ولأعمار محددة فلا يسمح بزيارة أبناء الأسير الذين هم فوق الثالثة عشرة من أعمارهم. والمنع الأمني من الزيارة مسلط على الكثيرين من الآباء والأمهات والزوجات والأبناء وبالتالي لا يستطيعون القيام بزيارة ذويهم لسنين عديدة. هناك من يحصل على تصريح زيارة صادر عن سلطات الإحتلال ويتكبد عناء السفر للزيارة، وبعد أن يصل إلى المعتقل، يُفاجأ بنقل الأسير الذي أتى من أجل زيارته، أو بمنعه من الزيارة لأسباب مختلفة، مثل عدم تلقي الاسم من الصليب الأحمر. وتمنع مصلحة السجون نقل الأسرى إلى السجون القريبة من أماكن سكناهم وهو الأمر المنطقي من أجل تسهيل الزيارة على ذويهم، وبذلك تستمر معاناتهم بل تتفاقم. تاسعاً: الإفراج والشليش لم يشهد الأسرى حملات إفراج حقيقية سوى في صفقة التبادل التي أبرمتها سلطات الإحتلال مع إحدى الفصائل الفلسطينية عام 1985، وفي فترة ما بعد إتفاق أوسلو رفضت إسرائيل الإفراج عن المئات من الأسرى والذين وصفتهم بمصطلح (على أيديهم دماء). أما الشليش فهي كلمة عبرية تعني الثلث، حيث يمثل المعتقل أمام المحكمة بعد قضائه ثلثي مدة الحكم، ولكن لا نتائج ملموسة في تخفيض مُدد محكوميات الأسرى سوى تخفيض الثلث لـ250 أسير بعد اتفاق واي ريفر، ليطلق سراحهم ضمن 750 معتقل تم الاتفاق على الإفراج عنهم مع السلطة الفلسطينية في ذلك الحين.
__________________
وانقضت الأيام
وصرت أُنَادى بأم البراء بين الأنام ربِّ احفظه لي وأقر عيني فيه حافظا لكتابك و إمام |
#12
|
||||
|
||||
![]() عاشراً: الاعتقال الإداري *تعريف الاعتقال الإداري هو قرار الزج بالأسير خلف قضبان الأسر؛ الصادر عن الهيئات الإدارية الإسرائيلية ذات الصلة بالصراع الميداني مع الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه، يقوم على أساس أن المتهم مدان حتى تثبت براءته، وهذه الصورة من الاعتقال لا تعتمد على تهمة مؤكدة أو إثباتات واضحة أو مدة محددة، بل تقوم على ذرائع علنية او سرية وهي الأغلب. يزج بالأسير في المعتقل دون محاكمة او معرفة سبب الإعتقال أو المدة التي ينبغي له تكبد عنائها خلف الأسلاك الشائكة او الجدران القاتمة. *لمحة تاريخية يرجع تاريخ هذا الإجراء التعسفي (الإعتقال الإداري) إلى فترة ظلام الانتداب البريطاني، الذي ورثت منه سلطات الإحتلال الإسرائيلي الكثير من وسائل القمع والتنكيل التي كان يتبعها بحق الفلسطينيين، وقد قامت إسرائيل بتطبيق هذا الإجراء الظالم منذ عقد السبعينيات؛ في حالات محدودة، ثم تصاعدت الوتيرة في عقد الثمانينيات، لتطال العشرات من الفلسطينيين. بعد اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987، ارتفع مؤشر الإعتقال الإداري ارتفاعاً حاداً ليسجل في قوائمه الآلاف من المعتقلين بدون مبررات واضحة، ولم تعد دوائر صنع القرار لدى سلطات الإحتلال تكتفي بستة أشهر؛ وهي المدة المفترضة للاعتقال الإداري، بل خرجت بقرار يسمح للجهات المعنية بتجديد الاعتقال الإداري لأكثر من مرة. بعد إغلاق معتقل النقب؛ إثر هدوء الإنتفاضة الأولى، تم نقل المعتقلين الإداريين إلى سجن مجدو. وعندما قام مستوطن إسرائيلي بارتكاب المجزرة الرهيبة في 25/2/1994 داخل المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل وقتل العشرات من الفلسطينيين خلال الصلاة، إزدادت وتيرة الإعتقال الإداري من جديد، حيث شهدت سجلاته من مكثوا قرابة الثلاث السنوات في الأسر بتهمة الخطر على الأمن. خفت وتيرة هذا النوع من الإعتقال بعد عام 1998، إلى أن وصل عدد المعتقلين الإداريين عام 2000 في سجن مجدو الى 7 معتقلين فقط. ولكن ما أن بدأت أحداث إنتفاضة الأقصى في أواخر أيلول (سبتمبر) من العام نفسه، حتى عادت هذه السياسة الجائرة لتطفو على السطح من جديد، ويبلغ عدد الأسرى الإداريين منذ ذلك الحين في بعض الأحيان ما يقارب 1500 معتقل، أمضى بعضهم 5 سنوات كاملة قبل الإفراج عنهم. وتشير الإحصائيات الأخيرة أن عدد الرازحين تحت وطأة هذا الإجراء يقدر بحوالي 1000 أسير موزعين على سجون النقب ومجدو ورامون وعوفر.
__________________
وانقضت الأيام
وصرت أُنَادى بأم البراء بين الأنام ربِّ احفظه لي وأقر عيني فيه حافظا لكتابك و إمام |
#13
|
||||
|
||||
![]() صور من معاناة الأسرى الإداريين طريقة لنزع الاعتراف يزج أحيانا بالأسير الفلسطيني في أقبية التحقيق وتوجه له العديد من التهم، وإذا لم يقدم إقرارا بما تدعيه المخابرات الإسرائيلية، فمن بين الاحتمالات التي تواجهه في هذه الحالة هو تلقي بلاغ الاعتقال الإداري، ويقال له أنه سيمضي سنوات طويلة في المعتقل دون محاكمة وأنه قد يمكث ضعف المدة التي قد يُحكم بها في حالة تقديمه للاعتراف. يمارس الادعاء العام بقية دور المحقق عند كل تمديد، حيث يساوم المعتقل إما أن يعترف ويقر ببعض التهم أو يُجدد له الاعتقال الإداري إلى ما لا نهاية. وقد شهدت حقبة التسعينيات، العديد من الشواهد والأمثلة على هذا الابتزاز القاتل للأحاسيس الإنسانية. تمديدات متوالية لم يعد الأمر يتوقف عند قرار الاعتقال الأول، فقد يتم التمديد لمرة أو مرتين أو لما يزيد عن عشر مرات، فهناك من أمضى أكثر من 5 سنوات عبر تمديدات متكررة، ومن الأمثلة على ذلك: الأسرى احمد قطامش، عبدالعليم دعنة، رائد قادري، وليد خالد، عبدالعزيز الرنتيسي، مجدي شروف، صالح العاروري. وأما من أمضى ثلاث سنوات وسنتين فالقائمة تضم العشرات من أسمائهم. الباب الدوار أو تصفير العداد من جديد يعاني الأسرى في هذه الحالات من التمديدات العديدة، وبعد أن يستنفذ الإدعاء كل الذرائع الواهية للإعتقال، يتم الإفراج عن الأسير الإداري ليقضي خارج السجن فترة قصيرة لا تتجاوز الأسابيع أحيانا، بل هناك من أعيد إلى المعتقل في نفس اليوم، وقد اعتقل بمجرد وصوله إلى اقرب حاجز عسكري إسرائيلي بعد إخلاء سبيله، وقبل أن يصل إلى منزله، كالأسير عبد الهادي طه. أحيانا ُيفرج عن الأسير ليأتيه ضابط المخابرات بعد أيام، فيقول له: الإجازة انتهت، هذا ما حدث مع صالح العاروري ومع وليد خالد، الذين أمضيا 5 أعوام رهن الاعتقال الإداري، وأُفرج عنهما ليعاد اعتقالهما مره أخرى بعد شهور قليله من الإفراج عنهما. ويتندر بعض الأسرى فيقولون: أُفرج عن فلان ستة أشهر إداري ثم عاد إلى السجن، فأصبح الإفراج هو الإقرار الإداري أما السجن فقد أصبح واقعاً مفروضاً في حياة الكثيرين. حرب نفسية هذا الشكل من الاعتقال يمثل ضغطاً نفسياً على الأسرى وذويهم، فعندما يمكث الأسير في السجن ولا يعلم تاريخ الإفراج الحقيقي عنه، بل زيادة في التنكيل به يُعطى تواريخ وهمية للإفراج عنه، بعد ثلاثة أشهر أو ستة أشهر مثلاُ؛ ليبقى الأسير وأسرته في حالة ترقبٍ حذر وشد أعصاب، فإذا ما جاءت اللحظة الحاسمة وقبل الإفراج المفترض بدقائق، يأتي الخبر الصاعق لتمديد مدة الإعتقال لأربعة أو خمسة أشهر جديدة. ساعتئذ يشعر الأسير بكل معاني اليأس وتتحطم أحلام الزوجة وأشواق الأطفال وتنهمر دموع الأم والشقيقات. أكذوبة المحاكم الإدارية وفي محاولة خادعة لتخريج أسلوب الإعتقال الإداري بصورة قانونية، تُعقد ما تسمى بالمحاكمة؛ والتي هي في الحقيقة مسرحية درامية، بل أُكذوبة تقتل المشاعر وتقضي على الأمل بتحقق النزاهة، فهي المحاكمة التي يُمنع الأهل من حضورها أولاً، ولا توجه فيها تهمة واضحة، بل كل ما يلقي به الادعاء هي الكلمة السحرية التي لا يملك المحامي أمامها حيلة، وهي (الملف سري)، فلا يدري الأسير على ماذا يُحاكم، ولا يدري المحامي عن ماذا يترافع. وأول هذه المحاكم ما يُسمى محكمة التثبيت؛ والتي تدل من إسمها على هدفها، فبمجرد أن يتلقى الأسير قرار الإعتقال الإداري يُعرض على هذه المحكمة، لتقرر الإفراج عنه أو تثبت الحكم عليه، ولكن بما أن إسمها تثبيت يصبح الأمر واضحاً ولكن بحاجة إلى بعض الطلاء، فيقوم القاضي بتخفيض المدة شهراً أو شهرين، ليُقال أن العمل أُنجز عن طريق القانون والفضاء. ولكن ما قيمة التخفيض إذا كان التمديد التالي جاهزاً في كثير من الأحيان. ومن فصول هذه المسرحية ما يسمى بمحكمة الاستئناف، والتي تكون بعد التثبيت، ولكن سلاح الملف السري مازال فتاكاً وناجعاً، وأفضل القضاة من يطلب تسلم الملف السري لدراسته لعدة أيام، وأحياناً لما يقارب الشهر أو الشهرين، ثم تكون النتيجة رفض الاستئناف الذي تقدم به الأسير. والفصل الأكبر هنا ما يسمى بمحكمة العدل العليا أو لنقل محكمة الظلم العليا؛ والتي إذا ما صدر عنها رفض لمطالب الأسير، أصبح ذلك ذريعة لتمديد الإعتقال الإداري عدة مرات، بحجة انه رُفض بالعليا، لذلك يتم التلويح بالرفض مسبقاً، ليُجبر الأسير مخافة ذلك على سحب الملف والتراجع عن الترافع أمام المحكمة، باستثناء حالات نادرة جداً أُفرج فيها عن أسرى بقرارات صادرة عن هذه المحكمة. التقصير الجوهري والمادة الجديدة وهي انه يُعرض على الأسير ما يسمى بالتقصير الجوهري وعدم التمديد، وخصوصاً أمام محاكم الاستئناف أو ما يسمى بالعليا، وبعد تعليق الآمال وفرحة الأهل العظيمة وترقب إنهاء الأيام المتبقية من مدة الحكم الإداري، يأتي خبر التمديد الصاعق بحجة أن هناك مواد جديدة حصلت عليها المخابرات، تدين المتهم وتقضي بتمديد الحكم بحقه، وبالطبع الملف سري للغاية كما تدعي السلطات؟! من القضية إلى الإداري ومن الإداري إلى القضية الأسير شكري الخواجة يمضي حكمه في الأسر ثماني سنوات ونصف، وبعد الفراغ من كافة التجهيزات لاستقباله من السجن، يتم تحويله إلى الاعتقال الإداري، ليمضي 18 شهراً إضافية على الحكم السابق، ولا يدري أحد ما التهمة التي حوكم عليها من جديد؟ وهو من انقطع نشاطه قبل ثماني سنوات. الأسير صالح العاروري ينهي حكماً امتد خمس سنوات، ليُحول بعدها ظلماً إلى الإعتقال الإداري. ثم يحول ثانية إلى المحاكمة والقضية من جديد، ثم ينهي حكمه فيُحول إلى الاعتقال الإداري حتى يمضي ما مجموعه 15 عاماً فيفرج عنه في 11/3/2007، ويُعاد اعتقاله بعد ثلاثة أشهر فقط من الإفراج عنه في 26/6/2007 ليصدر بحقه حكماً إدارياً مدته 6 شهور، وأخيراً بعد انتهاء هذا الحكم يجدد بتاريخ 22/12/2007 لمدة ستة شهور أخرى. بمعنى آخر: لا أحد من الأسرى الإداريين يُضمن تاريخ إفراجه، وكذلك الأسير المحكوم بقضية واضحة البنود ومحددة المدة، يظل عرضة للتحويل للاعتقال الإداري ولا حاجة إلى التبرير أو الاستيضاح فهناك سلاح فتاك اسمه ملف سري. من المُر إلى الأمر بعد سنوات طويلة من الاعتقال الإداري ووتيرة التمديد وقتل مشاعر الأمل عند الأهل والأحباب، تأتي المساومة على الإبعاد، فإما أن تمكث في السجن إلى ما لا يعلم مدته إلا الله، أو تغادر بلادك ووطنك؟ الأمر الذي دفع بالغالبية العظمى ممن سووموا على ذلك، إلى اختيار مكابدة ظلام السجن بدلاً من معاناة ألم النفي والإبعاد عن ارض الوطن. الاعتقال الإداري قتل للنفس وشل لنمو المجتمع كما أن هذا الأسلوب يتفنن في تعذيب الفرد والنيل من روحه ومعنوياته، فهو يركز أيضاً على شل نمو المجتمع، خاصة إذا علمنا أنه يستهدف في الغالبية العظمى النخب الاجتماعية، كرجال السياسة وأعضاء المجلس التشريعي وناشطي العمل الاجتماعي، والعلماء والأكاديميين، وصولاً إلى أعضاء مجالس البلديات والنوادي والهيئات المحلية، إلى طلاب الجامعات ومعلمي المدارس والأطباء والمهندسين، وغيرهم. فالإعتقال الإداري أسلوب يهدف إلى شل إمكانيات نمو المجتمع، عبر حرمانه من الكفاءات والنخب التي تعتبر لبنة أساسية في حياة الشعوب ونهضتها، وهذا يوضح السبب الحقيقي وراء استهداف هؤلاء. حادي عشر : البوسطات من صور المشقة والعذاب التي تنتظر الأسير الفلسطيني ما يطلق عليه البوسطة، أي الذهاب إلى المحكمة أو التنقل بين السجون. تتولى عملية النقل فرقة خاصة من فرق أمن سلطات الإحتلال، تسمى النحشون، ويمتاز أفراد هذه الفرقة بالغلظة والجلافة وإتقان أسوأ أساليب الإذلال، كالتفتيش أثناء عملية النقل؛ حيث يفتش الأسير عارياً حتى من جواربه عدة مرات أثناء اليوم الواحد، ويصاحب هذه العملية المذلة سيل من الشتائم يتطور أحيانا ليصل إلى الضرب المبرح. ولا يتم التفريق بين المرضى والأصحاء، وكبار السن والأطفال من الأسرى خلال هذه الممارسات العنيفة. في هذه الرحلة الأليمة، يجلس الأسير في حافلة ذات مقاعد حديدية بالغة البرودة، تلتصق هذه المقاعد ببعضها البعض لدرجة إيلام الركبة والمفاصل والظهر، ولا يستطيع الأسير الجلوس في أي وضعية مريحة؛ وذلك بسبب القيود ( الكلبشات) التي توضع في اليدين والقدمين. فكلبشات اليدين تكون من نوعية خاصة، بحيث تكون اليدين في وضعية مرهقة، وملتصقتان تماماً دون أدنى مجالٍ للتحرك. ومن طبائع وحدة النحشون، أنهم يحرصون على شد الكلبشات لتطوق المعصم والكاحل بشكل كامل، حيث يحتقن الدم في الأعضاء المقيدة لساعات طويلة، ويجلس الأسير بهذه الوضعية المرهقة داخل الشاحنة المغلقة النوافذ، إلا من فتحاتٍ صغيرة جداً لا تكاد تكفي للتنفس. خلال هذه الرحلة يمنع الذهاب إلى الحمام أو قضاء الحاجة، ويجبر الأسرى عملياً إما على كبت أنفسهم لفترة طويلة جداً، أو قضاء حاجتهم في داخل زجاجة بشكل مهين أمام الأسرى والجنود الذين يبدؤون بالضحك والاستهزاء على الأسير، وفي بعض الأحيان قد يتعرض الأسير للضرب إذا طلب الذهاب إلى الحمام أو حتى لمجرد الكلام. وتتواصل هذه الرحلة لينزل الأسير إلى ما يسمى بالمعبار، وهي غرف انتظار مؤقتة، يقضي فيها الأسير يومين أو ثلاثة قبل محاكمته وبعدها. وتمتاز هذه المعابر بأنها لا تصلح للإقامة البشرية، وهي تشبه علب السردين، فالغرفة التي لا تكاد تتسع لأربعة أشخاص يوضع فيها خمسة عشر أو عشرين شخصاً. وإذا كنت من سجون الجنوب ومحكمتك في سالم في أقصى الشمال أو في عوفر في الوسط تضطر لقضاء ما بين ثمانية إلى عشرة أيام في المعبار. ويشتهر بين الأسرى اسم معبار الرملة الذي يتعوذ منه الجميع، وإذا ما ذهب الأسير إلى المحكمة هناك سيضطر بشكلٍ أو بآخر للمكوث في هذا المعبار، غرف هذا المعبار قاتمة مظلمة شديدة البرودة شتاءً عالية الحرارة صيفاً. الطعام سيء إلى درجة أن الدواب لا تكاد تسيغه، ويجبر الأسرى على تناوله بأسوأ حالة من القذارة وتراكم للأوساخ في ظروف مهينة. ثم يصل الأسير إلى المحكمة بعد هذه المعاناة المتصلة، ليمكث ساعات طويلة مقيد اليدين والقدمين في مخادع انتظار إسمنتية (تسمى بالعبرية الامتناة)، وتعني غرفة انتظار. هذه المساحات تسمى زوراً بالغرف، إذا أنها اقرب ما تكون إلى القبور؛ حيث لا تتجاوز مساحتها مترين في متر ونصف المتر. يوضع داخل المخدع الواحد من عشرين إلى خمسة وعشرين أسيرا، يضطرون للوقوف على مدى ساعات دوام المحكمة، أي من الصباح الباكر حتى الساعة الثالثة بعد الظهر. يقوم على حراسة هذه المخادع أفراد وحدة النحشون المذكورين سابقاً؛ الذين يمنعون الأسرى من الذهاب إلى الحمام أو حتى الصلاة. يتم اقتياد الأسرى إلى المحكمة وهناك يُمنعون من الحديث إلى ذويهم أو حتى مجرد الإشارة إليهم، وفي بعض الأحيان يُجبر الأسرى على خفض رؤوسهم وعدم النظر إلى ذويهم؛ بحجة الأمن. ويعتدي أفراد النحشون على الأسرى وذويهم في حالة تبادلهم الكلمات أو مجرد الإشارات. هذا بالنسبة إلى الأسرى الذين يذهبون إلى المحاكم وهم موقوفون، أما الأسرى الذين يمكثون في غرف الانتظار (المعبار) دون محاكم، فيقال لهم في النهاية أن المدعى العام غير موجود، أو أن القاضي غير متفرغ لمشاهدتهم، أو إنهم خاضوا هذه الرحلة المريرة والمعاناة المتصلة بمجرد الخطأ؛ أي أنهم أُحضروا خطأً إلى المحكمة، وتستمر هذه المعاناة بالنسبة للأسرى الموقوفين سنوات عديدة أحيانا حتى تصدر بحقهم أحكام سلطات الإحتلال.
__________________
وانقضت الأيام
وصرت أُنَادى بأم البراء بين الأنام ربِّ احفظه لي وأقر عيني فيه حافظا لكتابك و إمام |
#14
|
||||
|
||||
![]() العصافير وأساليب الترهيب التي يستخدموها تحدثت دراسة حديثة أعدها أسرى فلسطينيون في سجون الاحتلال الصهيوني عن أساليب الترهيب التي يستخدمها العملاء و المشهورين بالعصافير الذين تزرعهم قوات الاحتلال داخل السجون بين الأسرى الشرفاء بغرض نزع المعلومات منهم بطرق ملتوية ، وخبيثة و تحدثت الدراسة التي أعدت في سجن عسقلان و حصلنا علي نسخة منها ، عن أساليب الترهيب بالتحديد كأحد الأساليب العديدة التي يلجأ لها العصافير من اجل انتزاع المعلومات من الأسير الفلسطيني ، حيث يلجأ العصافير عادة لأساليب الترهيب كطريقة أخيرة بعد فشل أساليب الترغيب الهادفة للحصول علي ثقة الأسير وتحريك لسانه . يشار إلي المخابرات الصهيونية كانت قد بدأت استخدام العملاء في عملية التحقيق في حقبة السبعينات عقب لجوء العميل ( عبد الحميد الرجوب ) إلي المخابرات الصهيونية كي تقوم بحمايته من قوى المقاومة الفلسطينية بعد انكشاف أمره ، فقامت بدسه بين الأسرى الفلسطينيين كي يحصل منهم علي المعلومات ، بدأت من وقتها تطوير هذا الأسلوب و كانت دراسة سابقة أصدرتها اللجنة العلمية بسجن نفحة الصحراوي في سهر نوفمبر تشرين ثاني 2002 قد حذرت من ان 90% من اعترافات المقاومين الفلسطينيين أثناء التحقيق تنتزع عن طريق العملاء الذين يصطلح عن تسميتهم (بالعصافير) مشددة على ضرورة توعية المقاومين الفلسطينيين بخطورة شراك العملاء وخداعهم. ولم يعد العملاء الذين يطلق الأسري علي غرفهم اسم ( غرف العار) يستخدمون نفس الأساليب التقليدية البسيطة التي كانت تتبعها مع المعتقلين الفلسطينيين لانتزاع الاعترافات منهم بل قامت طواقم المخابرات الصهيونية بإحداث نقلة نوعية في عمل العملاء وإتباع أساليب غاية في الذكاء والدهاء والخداع تنطلي علي أكثر المناضلين خبرة ودراية . وقالت الدراسة ' إن اللافت للانتباه أن بعض الإخوة ينتبهون لشكل عمل العصافير وليس للمبدأ ، فإن تغير شكل أو أسلوب محدد من أشكال عمل العصافير وقعوا في الفخ بسهولة ' ، و أضافت ' ..كم من المثقفين والأطباء والمشايخ والقادة وبعض السجناء القدماء المجرمين وقعوا فريسة سهلة في حبائل العملاء رغم تحذيرهم منهم سابقا ' الترهيب " خطوة أخيرة و قالت الدراسة الأخيرة موجهة حديثها للأسير الفلسطيني ' اعلم أن الشين بيت لو استطاع أن ينزع منك اعترافك بالقوة أو الشبح والتعذيب لما بعثك إلى غرف العار لذلك فجوهر عمل العصافير يثقل بالترغيب والإقناع لا بالضرب والتعذيب ' .و أضافت ' أخي المجاهد إذا أبدينا صلابة ورجولة ولم تنطل عليك حيلهم ومسرحياتهم ، يضطرون إلى إتباع بعض أساليب التخويف كورقة أخيرة في أيديهم ، واهم هذه الأساليب هو اتهامك بأنك عميل بسبب عدم تعاونك معهم ، وعليك أن تثبت انك شريف وذلك بتقديم المعلومات المطلوبة ولا فإنهم يهددون بفضحك أو ضربك أو إخضاعك كعميل ' . ويتواجد العصافير في السجون الصهيونية إما في غرف الزنازين ،ويكون هدفهم إضافة لانتزاع الاعترافات بالحيل و الخداع ، إضعاف عزيمة الأسير و هزيمته نفسيا. أقسام المعتقلين الغرف ولكل منهما أساليب تختلف عن الأخر.الأساليب العقابية و تتحدث الدراسة عن بعض هذه الأساليب فتقول ' قد يلجئون إلى أسلوب وضع ستارة ويكون خلفها احد ضباط المخابرات ، ويوهمونك أن هذه الإجراءات لأسباب أمنية كنوع من إبداء الجدية ، وكذلك يلجئون إلى التلثيم لنفس الهدف وعادة ما يكون الملثم ضابطا ويكشف اللثام بعد أن تدلي باعترافك ' .و أردفت الدراسة تضيف ' أخي المجاهد لا تنخدع بتهديداتهم واتهاماتهم ولتكن ثقتك عظيمة بالله المنجي. ، ثم بنفسك .. لا يهزها اتهام، ولا يأخذ منها تهديد و لا وعيد، وتأكد أنهم لن يضروك بإذن الله ' . ومن أساليب التخويف التي يلجا إليها العصافير بعد أن يبدي الأسير صلابة وثباتا أساليب العقاب وهي متعددة تذكر الدراسة منها ' أسلوب ( المقاطعة ) إذا يتفقون أن لا يتحدث مع الأسير احد و يهدفون إلى الضغط عليه نفسيا إذ أن النفس تضعف لدي شعورها بالوحدة والعزلة' .و أضافت الدارسة محدثة الأسير الفلسطيني ' .. لكن كيف تشعر بالوحدة ومعك الواحد عز وجل ، فعليك اللجوء إلى الذكر والتأسي بسير الصالحين الصابرين ' . و ثاني هذه الأساليب المنع من الخروج للنزهة والمنع من مشاهدة التلفاز أو سماع المسجل و ثالثها (التهديد بالضرب الجسدي ) وهذا الأسلوب لا يلجئون إليه في كثير من الأحيان . فمن غير المسموح لهم استخدام القوة خوفا من إيذاء الأسير وبالتالي تعرضهم للمسائلة القانونية . ومن الأساليب كذلك التهديد بعدم السماح للأسير بزيارة الأقسام )علما أنها غير متوفرة لديهم -فما علي الأسير إلا أن يصمد ويثبت ، ويكن في معية لله فما هي إلا أيام معدودة حتى يملّون ويعيدونه إلى الزنازين خائبين خاسرين بإذن الله .الأسرى الحقيقيون .. لا يسألون و انتقلت الدراسة الأمنية للحديث عن نقطة غاية في الأهمية و هو كيفية التصرف في حال تم الإيقاع بالأسير من قبل العصافير و استطاعوا سحب الاعترافات منه ، حيث تؤكد الدراسة للأسير أن هذا لا يدينه أمام المحقق ، و عليه أن لا يعترف به ثانية ، وألا ينهار أمام المحقق لأنه لا يستطيع إثبات ذلك في المحكمة ما لم يعيد الأسير الاعتراف . و ختمت هذه الحلقة بالقاعدة الأمنية التي تقوم ' ليس لأحد حق في أن يسأل الأسير في ما لم يعترف به عند المحقق ، وله أن يشك في كل من يطلب منه أن يعترف فيما لم يغترف به أصلا ' ، في إشارة إلي إن القوى الفلسطينية المقاومة داخل السجون لا تلجأ أبدا إلي سؤال أي أسير جديد عن التهم التي توجهها له قوات الاحتلال ، و انه يحق للأسير أن يشك كل أسير فلسطيني يسأله عن سبب اعتقاله.
__________________
وانقضت الأيام
وصرت أُنَادى بأم البراء بين الأنام ربِّ احفظه لي وأقر عيني فيه حافظا لكتابك و إمام |
#15
|
||||
|
||||
![]() هذه فصول معاناة قد يسهل تفصيلها على الورق أو تحديد ملامحها عبر نقاط واضحة، ولكن مما لا شك فيه أنها مأساة لا يدرك عمقها إلا من انتظرته والدته أو زوجته وأطفاله، ودقت قلوبهم مع دقات الساعات الأخيرة لانتهاء مدة حكم أسيرهم، ولكن تقتل الفرحة وتتجدد المعاناة بقرار ظالم ثم يعود الأمل من جديد، فإذا ما دقت ساعة انتهاء المعاناة مرة أخرى، ترجع عقارب الساعة بقرار جديد وهكذا حتى يأذن الله بالفرج.
__________________
وانقضت الأيام
وصرت أُنَادى بأم البراء بين الأنام ربِّ احفظه لي وأقر عيني فيه حافظا لكتابك و إمام |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |