شرح مقدمة الشاطبية

[الفراشة المتألقة]

سيكمل لنا الآن الامام الشاطبي - رحمه الله - ذكر طريقته في أبياته ومنظومته الشاطبية

يقول رحمه الله :


56 - ومهما أتت من قبل أو بعد كلمة فكن عند شرطي واقض بالواو فيصلا

أي أينما أتت الرموز الكلمية - التي يرمز لها لأكثر من قارئ اذا اتفقوا على القراءة - سواء قبل الرمز الحرفي أو بعده ، سوف أوفي بشرطي وأضع الواو فاصلة بعد انتهاء ذكر الخلافات في الكلمة القرآنية

فالمقصود أن كلا من الرمز الحرفي والرمز الكلمي يدل على ما وضع له ، سواء انفرد كل منهما عن الآخر أو اجتمعا ، فاجتماعهما لا يغير شيئا من المعنى الذي أريد بكل منهما ، سواء كان الرمز الكلمي سابق على الرمز الحرفي أو العكس أو توسط الكلمي بين رمزين حرفيين




57 - وما كان ذا ضد فإني بضده غني فزاحم بالذكاء لتفضلا
58 - كمد واثبات وفتح ومدغم وهمز ونقل واختلاس تحصلا
59 - وجزم وتذكير وغيب وخفة وجمع وتنوين وتحريك أعملا

إذا قيد قراءة الكلمة بقيد ، وكان هذا القيد ضدا لقيد القراءة الأخرى فإنه يكتفى بذكر قيد القراءة الأولى ويترك ذكر الأخرى اختصارا ، لأن أحد الضدين يدل على الآخر وأنا غني عن ذكره

فعندئذ اعرف يا طالب علم القراءات بأن من أذكر من القراء في أبياتي يقرأ بالطريقة المذكورة ، ومن لم أذكر فهم يقرؤون بالضد



بعد ذلك ذكر أمثلة

كالمد ، إذا ذكر أن قراءة فلان بالمد ، ستكون قراءة الباقين المسكوت عنهم بالضد ، وضد المد القصر
والاثبات ، إذا ذكر أن قراءة نافع مثلا الاثبات ، فبقية القراء سيقرؤون بالضد فورا ، وضد الاثبات الحذف
وهكذا


سأذكر الآن كل شيء وضده ، وعليك يا طالب هذا العلم حفظها


المد ضده القصر
الاثبات ضده الحذف
الفتح ضده الامالة
الادغام ضده الاظهار
الهمز ضده ترك الهمز أو حذفه
النقل ضده التحقيق
الاختلاس ضده التحقيق
الجزم ضده الرفع
الرفع ضده النصب
التذكير ضده التأنيث
الغيب ضده الخطاب
التخفيف ضده التشديد
الجمع ضده الافراد أو التوحيد
التنوين ضده ترك التنوين
التحريك ضده الاسكان



ومعنى قوله : ( فزاحم بالذكاء لتفضلا )
أي
يا طالب هذا العلم الجليل ، زاحم بذكائك وثاقب فكرك وحصافة ذهنك العلماء ، لتعد مع الفضلاء



60 - وحيث جرى التحريك غير مقيد هو الفتح والاسكان آخاه منزلا
إذا ذكرت في أبياتي لفظ ( التحريك ) ولم أقيده بحركة معينة ، فأنا أقصد بها الفتح
والاسكان حينئذ سيكون ضد الفتح

فاذا ذكرت الاسكان كان ضده الفتح ، وإذا ذكرت الفتح كان ضده الاسكان
واذا كان ضد السكون حركة غير الفتح فاني سأذكرها



61 - وآخيت بين النون واليا وفتحهم وكسر وبين النصب والخفض منزلا

آخى الناظم في قصيدته بين :
النون و الياء
الفتح والكسر
النصب والخفض

والمؤاخاة المذكورة مؤاخاة تضاد

فإذا ذكر النون لقارئ ، فقراءة غيره بالضد وهي الياء
واذا ذكر الفتح لقارئ ، فقراءة غيره بالضد وهي الكسر
واذا ذكر النصب لقارئ ، فقراءة غيره بالضد وهو الخفض



62 - وحيث أقول الضم والرفع ساكتا فغيرهم بالفتح والنصب أقبلا

إذا ذكرت لفظ الضم أو الرفع وسكت ، لم أقيده ، كانت قراءة المسكوت عنهم بالفتح أو النصب

أما اذا قيد الضم بكونه ضم الاسكان ( أي ضم الحرف الذي حركته السكون ) ، فتكون قراءة الباقين بالاسكان
واذا قيده بكونه ضم الكسر ( أي ضم الحرف الذي حركته الكسر ) ، فقراءة الغير بالكسر
واذا قيد الرفع بكونه رفع الجزم ( أي رفع الحرف الذي حركته الجزم ) ، فقراءة الباقون بالجزم
واذا قيده بكونه رفع الخفض ( أي رفع الحرف الذي حركته الكسر ) ، فقراءة الباقون بالخفض

ولي عودة ان شاء الله