|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() «احذري، بمجرد وصولك اتصلي، ابعثي برقمك ولا تترددي في العودة اذا انتابك الهلع.. لا تخرجي وحدك احتشمي في لباسك.. لا تناقشي معهم موضوع الصحراء المغربية ولا تستفزي أحدهم، إنهم عصبيون يغضبون بسرعة ويضربون بعضهم البعض لأتفه الأسباب، يأتون على الأخضر واليابس ويذبحون بعضهم من الوريد الى الوريد».
هكذا كانت النصائح والتعليقات التي أمطرتني وأنا أحضر حقيبتي للذهاب الى الجزائر بدعوة من الملتقى السينمائي بمدينة بجاية لتقديم فيلمي القصير «البهجة»، دون أن أغفل أولئك الذين حاولوا اقناعي بعدم الذهاب أو من يشهقون استغرابا كوني أغامر بالسفر الى بجاية عاصمة القبايل غير بعيد عن تيزي وزو، حيث الإنفجارات الارهابية الأخيرة، ومعقل الجماعات المتطرفة والأحداث الدامية التي أغرقت الجيران في واد من الدماء استمر فيضانه أكثر من أربعة عشر سنة. حينما وصلت الى المطار وجدت شابا شبيها باللاعب الشهير زين الدين زيدان ينتظرني رفقة الكاتب الفرنسي ارنوصال وزوجته.. تذكرت ضربة زيدان الشهيرة.. يربكني صوت الحقائب على رصيف المطارات، وملامح الغرباء المسافرين، ودموع الأمهات المودعات في المطارات العربية، وينتابني الخجل حينما أدخل مدينة لأول مرة. ثلاث ساعات كي نصل الى مدينة بجاية، كنت أتأمل البلد من خلف زجاج النافذة، أحاول يائسة أن أفهم سر المدن التي لم يسعدها جمالها.. الليلة الأولى لم أنم، كانت حركة عادية بشرفة الفندق كافية كي أطرد النوم وأستضيف ضوء القمر، أحسست بانقباض شديد وفجأة طفت كل التخوفات التي حملتها في حقيبتي واجتهدت ذاكرتي لإيقاظ كل صور العنف والقتل والإبادة.. قضيت ليلا مؤرقا.. كان حضوري للملتقى فرصة كي أكتشف متأخرة أن الجيران يحبون المغرب ويشاهدون القناة الثانية، يتابعون أخبارنا وتجرب نساؤهم وصفات شميشة، ويعتزون كثيرا بالانجازات التي حققها بلدنا سياحيا ورياضيا وسينمائيا واجتماعيا !! سياسيا لم أحشر نفسي في أي نقاش عملت بنصيحة أولئك الذين لم يغادروا بيوتهم يوما ولا يخجلون من اعطائك دائما صورا مقيتة مزيفة عن مدن لم يزوروها يوما عن أشخاص لم يصافحوهم أبدا عن عيون لم يجربوا الغرق في سحرها عن شواطىء لم يسر في عروقهم دفء رملها.. أحسست بانقباض شديد وأنا أتذكر أولئك القتلة الذين يختفون وراء الجبال، لا يلعبون بأوراق مكشوفة، يمتهنون القناصة. كنت أتجول بمدن تحاول أن تنسى نزيفها، بجاية، تيزي وزو، الجزائرالبهجة لم أكن أعلم وأنا أحمل معي فيلما أسميه البهجة عن مراكش الحمراء أن الجزائر العاصمة تحمل نفس الاسم منذ زمن بعيد، حينما فتح المذياع بادرت المذيعة «مرحبا بكم في إذاعة البهجة» قلت «مراكش البهجة» أجابوا «الجزائر البهجة» أحسست أن البلد يتآلف مع الحقيقة أو يتناسلها، كلنا نحاول فتح صفحة جديدة وطي تلك المكتوبة بحبر دموي.. أحيانا نسمي ذلك الانصاف والمصالحة هم يقولون المصالحة الوطنية وفي النهاية يظل الألم نفسه.. مستحيل أن تنجو من الدمار والاقتتال معافى الجسم والروح والنفس لكن الصفحات السوداء يجب أن تطوى الى الأبد كي نحيا.. غادرت بجاية نحو الجزائر العاصمة رفقة أحد موظفي السفارة الفرنسية، كان الشاب الفرنسي يتحدث عن اغتيال ثمانية من العاملين بالسفارة خلال السنوات الأخيرة، لذلك أصبح الأمن الجزائري يتكلف بحراسة الموظفين الأجانب وحمايتهم أثناء تنقلاتهم. كانت سيارتنا محاطة بقوى الدرك والأمن الجزائري في مشهد شبيه بالأفلام الأمريكية البوليسية، كانت بالنسبة للفرنسي دعابة يحكيها بفخر لأصدقائه بفرنسا الذين لم يصدقوا روايته وكنت أفكر في الدول التي تحترم مواطنيها وتتكفل بحمايتهم حتى خارج أوطانهم، تفرض شروطا لتنقلاتهم تضعهم في مرتبة الملوك والرؤساء وكبار القادة. وصلنا إلى العاصمة بسلام، كنت طيلة الرحلة أسرق بكاميرا صغيرة صورا للشرطة المرافقة لنا، استمتعت بهذا السفر الاستثنائي وكان الشاب الفرنسي يحتج على استعمالي للكاميرا «سينتزعوها منك، وستسببين لي مشاكل مع السفارة الفرنسية»، اقترب الشرطي الجزائري ليحيي الموظف الفرنسي فسألني ان كنت جزائرية قلت «مغربية» صافحني بحرارة غامرة وأجابني بالفرنسية «هذا معناه أننا كنا نحميك أنت» ثم التفت إلى الشاب الفرنسي مهددا بسخرية «مهمتنا انتهت بمجرد وصولك مبنى السفارة لكن أختنا المغربية هي الأهم بالنسبة لنا، فرنسا نحن في الخدمة لكن بنت الجيران، أختنا.. إني أحذرك، إنها في الدرجة الأولى من الأهمية»، التفت إلي «مرحبا بيك اذا احتجت لأي شيء الشرطة الجزائرية في خدمتك صمت الفرنسي».. ابتسمت في صمت بشرى إجورك إعلامية مغربية
__________________
![]() أيها العائب لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لو نمتَ ليلك ، وأفطرت نهارك لكان خيرا لك من قيام ليلك ، وصوم نهارك مع سوء قولك في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فويحك لا قيام ليل ، ولا صوم نهار ، وأنت تتناول الأخيار فأبشر بما ليس فيه البشرى إن لم تتب مما تسمع وترى .. وبم تحتج يا جاهل إلا بالجاهلين ، وشر الخلف خلف شتم السلف لواحد من السلف خير من ألف من الخلف "
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |