في احضان البطالة تولد الاف الرذائل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أبو الفتح ابن سيد الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          الخوارج تاريخ وعقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 1455 )           »          ما أحلى سويعات قربك يا أمي!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          دور المسجد في الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          هل تشكو من عصبية زوجك أو ولدك أو جارك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          أصحاب الأخدود... عبر ودروس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 67 )           »          العُمَران (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          إني أحبك أيها الفاروق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          المنهج التربوي وثقافة المجتمع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          بين الرأي والحديث.. لماذا وكيف تمذهب المسلمون ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-06-2007, 08:03 PM
الصورة الرمزية ! ابــو أيهــم !
! ابــو أيهــم ! ! ابــو أيهــم ! غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2006
مكان الإقامة: غربة الذكريات ..
الجنس :
المشاركات: 2,768
افتراضي

أسباب مشكلة البطالة:

ترجع أسباب مشكلة البطالة في الجزء الأكبر منها إلى أسباب هيكلية تعود إلى طبيعة نمو الاقتصاد المصري كاقتصاد نامي يعاني من اختلالات هيكلية داخلية وخارجية تتمثل في الاختلال في ميزان المدفوعات والاختلال في الموازنة العامة للدولة، إلى جانب وجود فجوة كبيرة بين كل من الادخار والاستثمار وبالتالي الإنتاج والاستهلاك.

ولاشك أن البحث في أسباب مشكلة البطالة لابد من ربطه بنمط عملية التنمية السائدة فقد شهد الاقتصاد المصري تقلب في أكثر من نمط من أنماط التنمية فمن نمط اقتصاد الحر الرأسمالي قبل ثورة يوليو 52، إلى نمط الاقتصاد الاشتراكي الموجه مع ما صاحبه من التزام الدولة باستيعاب الجزء الأكبر من العمالة في دولار العمل الحكومي بشقيه الإنتاجي والخدمي، حيث أدي ذلك إلى خفض معدلات البطالة في تلك الفترة فرغم ما مر به الاقتصاد المصري في الفترة من 1968 إلى 1973 من صعوبات نتيجة لتوجيه وتعبئة الجزء الأكبر من موارده لصالح الاتفاق العسكري إلى جانب ما صاحبه ذلك من تدهور معدل الاستثمار المحلي إلا أن معدلات البطالة في تلك الفترة كانت تدور حول معدلات منخفضة إذا ما قورنت بالوقت الراهن (2.2 % من حجم قوة العمل) الأمر الذي قد يرجع إلى استيعاب القوات المسلحة لجزء كبير من قوة العمل مع زيادة سنوات الخدمة العسكرية.

ومع بداية تحول الاقتصاد المصري من نمط التنمية المعتمد على الاقتصاد الاشتراكي الموجه إلى تنفيذ ما سمي بسياسات الانفتاح الاقتصادي في النصف الثاني من السبعينيات اتجهت معدلات البطالة نحو الارتفاع النسبي إلا أن هذا الارتفاع ظل في الحدود المقبولة فقد تراوح معدل البطالة بين 2.3 % و5.6 % طوال هذه الفترة حيث مكن زيادة حجم الإنفاق الحكومي في ذلك الوقت ممن إعادة الإعمار وزيادة موارد مصر من النقد الأجنبي سواء كان ذلك من البترول أو تحويلات العاملين بالخارج أو حصيلة السياحة إضافة إلى القروض الضخمة التي حصلت عليها مصر آنذاك، كما ساهم استيعاب أسواق العمالة بالخليج العربي لأعداد كبيرة من العمال والفنيين المصريين في تأجيل انفجار مشكلة البطالة إلى عقدي الثمانينيات والتسعينيات حيث شهدت فترة الثمانينات العديد من العوامل التي أدت إلى تفاقم مشكلة البطالة.

إذ ساهمت مجموعة من العوامل الخارجية في إضعاف معدلات الاستثمار وبالتالي زيادة حجم البطالة من هذه العوامل انخفاض الحصيلة من بيع البترول المصري نتيجة لانخفاض أسعارها إلى جانب قلة حجم الصادرات المصرية الأخرى. يضاف إلى ذلك تفاقم مشكلة ديون مصر الخارجية وزيادة أعباء خدمة الدين مع ما صاحب ذلك من قيود على قدرة مصر على الاقتراض.

كل هذه عوامل وأسباب ساهمت في تفاقم مشكلة البطالة بدءاً من عام 1991 لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي حيث اتخذت مشكلة البطالة أبعاداًً جديدة فما هو أثر تطبيقه برنامج الإصلاح الاقتصادي على مشكلة البطالة.

ويترتب على الاعتراف بتنوع صنوف البطالة تفهّم أن للبطالة أو نقص التشغيل، فى سياق الاقتصاد الكلى للبلدان النامية، آثاراً وخيمة على الرفاه البشرى. فانتشار البطالة يحرم المتعطلين من الكسب، مصدر العيش الأساسى لسواد الناس فى هذه البلدان. واستشراء البطالة المستترة) يضغط على الأجور، وهى متدنية أصلاً، ويُقلل من قدرتها على اللحاق بمتصاعد الغلاء. وحيث يشتد وقع البطالة على القطاعات الأضعف من المجتمع، الفقراء والنساء، تُساعد البطالة على زيادة التشرذم الاجتماعى.

وفى منظور إمكان التنمية لابد وأن يؤدى اشتداد نقص التشغيل إلى تفاقم قصور الإنتاج عن إشباع الحاجات الإنسانية، معمقاً بذلك الاعتماد على العالم الخارجى، فى الوفاء بهذه الحاجات، ومُزيداً من اللجوء إلى القروض والمعونات، لتمويل شراء هذه الحاجات، مما يُعيد إنتاج التبعية لمراكز الاقتصاد العالمى، فقط على درك أدنى من العجز، وغياب القدرة على التنافس فى المعترك الاقتصادى الدولى. وتكون المحصلة هى استفحال مشكلة التخلف فى حلقة شريرة يتعين العمل على كسرها.

مفهوم "التشغيل الكامل"

التشغيل الكامل هو نقيض البطالة، بالمفهوم الواسع. ولذلك فإن هدف مكافحة البطالة فى بلد نام كمصر يتعين أن يكون بناء البنية الاقتصادية والمؤسسية الهادفة لتحقيق التشغيل الكامل.

وعلى وجه التحديد، يعنى التشغيل الكامل، توافر "عمل جيد" لكل من يطلب عملاً. عمل منتج، يوظف الفرد فيه قدرته وإمكاناته، ويحقق فيه ذاته، وتتوافر له فيه فرص النمو والتطور، تحت ظروف تتسق والكرامة الإنسانية، ويكسب منه ما يكفى لتفادى الفقر والمهانة.

فى هذا المنظور، يتضح أن البطالة صنو للفقر، حينما يعرف الفقر حسب تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائى- بمعنى قصور القدرة الإنسانية عن الوفاء بأحقيات البشر فى حياة كريمة، والذى يرى فى الضعف الاجتماعى أو قلة الحيلة مسبب أساسى للفقر. حيث تعد القدرة على العمل رأس المال الوحيد، أو الأهم، للغالبية الساحقة من الفقراء. ورغم أن أفقر الفقراء لا يطيقون ترف البطالة السافرة، حيث يتعين عليهم التعلق بعمل ما من أجل البقاء، فإن مستوى الرفاه الناتج عن نوع الأعمال التى يقومون بها، أو ظروف العمل، تكون من التدنى بحيث لا يمكن وصفها بأنها أعمال "جيدة"، وتندرج، من ثم، تحت صنف أو آخر من صنوف البطالة.

وبناء على ذلك، يصبح خلق فرص العمل المنتجة، والمكسبة، فى المجتمعات التى ينتشر فيها الفقر وتتفاقم البطالة وتضعف شبكات الحماية الاجتماعية، أهم سبل مكافحة الفقر، والتخلف بوجه عام.

أزمة البيانات

للأسف، يزداد قيد فقر البيانات عن التشغيل والبطالة بوجه خاص، إحكاماً فى مصر. ففى محاولة سابقة لتقدير موقف البطالة فى مصر، فى منتصف التسعينيات، كانت قاعدة البيانات المتاحة تشمل، بالإضافة إلى بيانات تعداد السكان، بيانات مسح قوة العمل بالعينة. أما الآن فتقتصر مصادر البيانات المتاحة على تعداد السكان الذى يجرى مرة كل عشر سنوات (تعود آخر بيانات متاحة من مسح قوة العمل بالعينة إلى عام 1995[1]). وبالمقارنة بالتعداد، يتسم مسح قوة العمل بالعينة بثلاث ميزات، الأولى أنه يجرى على دورية أقصر كثيراً من التعداد- مرة كل سنة منذ عام 1957 وكان يجرى لعدة سنوات مرة كل ثلاثة شهور، كما يجب عند الرغبة فى متابعة ظاهرة مهمة تتغير بسرعة. والميزة الثانية هى تخصص المسح فى أمور التشغيل والبطالة، مما يعنى توافر بعض الخصائص التفصيلية التى لا يتطرق إليها التعداد- مثل مدة التعطل. أما الميزة الثالثة للمسح، فتتمثل فى أن مسوح العينة يمكن، خاصة فى ظروف بلد كمصر، أن ينتج عنها بيانات أدق من عمليات الحصر الكامل الضخمة – وهناك فعلاً مؤشرات على قلة دقة التعداد الأخير (انظر مثلاً فى نسبة النوع المترتبة على بيانات التعداد).

وعلى هذا، تقتصر قاعدة البيانات الرسمية المتاحة لنا الآن لتقييم موقف البطالة فى مصر على نتائج تعداد السكان وبقايا مسح قوة العمل بالعينة.

وعلى الرغم من قيمته، فإن مسح قوة العمل بالعينة كان يعانى من نقائص متعددة يهمنا منها هنا أنه كان يميل للتقليل من مدى مساهمة النساء والأطفال وكبار السن فى النشاط الاقتصادى، ويقلل من تقدير مستوى البطالة السافرة (خاصة بسبب استبعاد ما يسمى البطالة اليائسة من البطالة- نتيجة لاشتراط البحث "الجاد" عن عمل خلال الفترة المرجعية للمسح). وقد قدرنا (1995) أن تصحيح آثار هذه العيوب يؤدى لزيادة معدل البطالة بما يوازى 2-4 نقطة مئوية فى مطلع التسعينيات.

والجدير بالذكر أن التعداد يعانى من النقائص نفسها المذكورة أعلاه. بمعنى أنه يُتوقع أيضاً أن يقلل التعداد من مستوى البطالة السافرة. وإضافة، كما أشرنا قبلاً، يُنتظر أن يعانى التعداد من مستوى أعلى من قلة الكفاءة، ومن ثم، أخطاء القياس، بالمقارنة بمسح صغير الحجم نسبياً. إلا أنه، بفرض تساوى مستوى الكفاءة، فإن التعداد يتوقع أن يؤدى، لسبب فنى (الفترة المرجعية للتعداد أقصر)، لمعدل بطالة أعلى من مسح قوة العمل بالعينة، ويظهر هذا الفارق فى شكل (1) فى غالبية الفترة الزمنية التى توافر فيها المصدران.

وزيادة على كل ما سبق، وبالتعارض مع التوصيات الدولية، وبالتنافى مع واقع سوق العمل ، فإن تعداد 1996 ينهى تقليداً قديماً فى التعدادات المصرية، بقصر قياس المشاركة فى النشاط الاقتصادى والبطالة على الأفراد البالغين من العمر خمسة عشر عاماً فأكثر. فحتى تعداد 1986، كان الحد الأدنى لسن العمل ست سنوات (يلاحظ أنه، حكماً ببيانات تعداد 1986، يؤدى رفع الحد الأدنى لسن العمل إلى رفع معدل البطالة السافرة).

وحالة البيانات عن صنوف البطالة غير السافرة حتى أسوأ مما سبق وصفه. ويصل فقر البيانات أشده فى حالة البطالة المستترة، فبيانات الكسب والإنتاجية غاية فى الضعف.

ولا ريب فى أنه يصعب القول بجدية وجود أولوية مرتفعة لمواجهة البطالة فى الوقت الذى تتردى فيه قاعدة البيانات عن الموضوع.

وفقاً للتعداد الأخير: البطالة (السافرة) انخفضت، لغير ما سبب ظاهر!

فى حدود البيانات الرسمية المتاحة إذاً، يتعين أن تقتصر دراسة البطالة السافرة فى مصر على النتائج "النهائية" لتعداد 1996، التى نشرت مؤخراً. وقبل نشرها، طلب من الجميع عدم اعتبار مقاييس البطالة المستقاة من المسوح بالعينة، وكانت آخر بيانات من هذا النوع متاحة هى تلك الناتجة عن مسح قوة العمل بالعينة عن عام 1995، وأن على الجميع انتظار نتائج تعداد السكان. ولكن النتائج "الأولية" للتعداد نشرت دون أن تتضمن أية بيانات عن البطالة، الأمر الذى تم تصحيحه فى النتائج "النهائية" بنشر جداول عن الحالة العملية للأفراد البالغين من العمر 15 عاماً فأكثر.

فى هذا المدى العمرى المختصر، يبدو أن البطالة السافرة قد انخفضت بدرجة واضحة بين التعدادين الأخيرين (1986 و 1996) من أكثر من 12% إلى أقل من 9% (الرقم الأخير أعلى قليلاً من ذلك الذى كان قد أعلنه رئيس الوزراء السابق (8.2%) قبل نشر النتائج "النهائية" بعدة شهور، مفتخراً بأنه أقل من معدل البطالة فى الاتحاد الأوروبى.

بل إن بيانات التعداد تقول بأن حتى عدد المتعطلين قد انخفض فى الفترة ما بين التعدادين (من 1.57 مليون إلى 1.54 مليون).

ويصعب تصديق مقاييس البطالة هذه فى ضوء الاتجاه العام للبطالة الموثق من مسح قوة العمل بالعينة ومؤشرات الأداء الاقتصادى العام فى الفترة بين التعدادين الأخيرين (1986-1996).

فكما يتبين من شكل (1)، كانت معدلات البطالة السافرة من مسح قوة العمل بالعينة فى تصاعد مطرد حتى عام 1995 حتى قاربت 11% فى منتصف التسعينيات (ولنتذكر أن معدل البطالة من التعداد ينتظر أن يكون أعلى من مسح قوة العمل بالعينة). ويمكن، من شكل (1)، ملاحظة أن القيمة الاتجاهية لمعدل البطالة من التعدادات تمتد إلى مدى معدل البطالة المصحح لمسح قوة العمل بالعينة فى منتصف التسعينيات، حول 14-15%[2]. هذا على حين يكسر معدل البطالة المنشور من تعداد 1996، بحدة، النمط التاريخى لمعدلات التعدادات، دون تعضيد من مؤشرات الأداء الاقتصادى العام.

فعلى سبيل المثال كان متوسط معدل نمو الناتج الإجمالى للفرد فى الفترة (1986-1996) بطيئاً- فى الواقع سالباً لبضع سنوات- حتى أنه كان أقل كثيراً من متوسط معدل النمو فى الفترة ما بين التعدادين السابقة (1976-1986) التى كان معدل البطالة فيها فى صعود مطرد، وفقاً لكلا التعداد ومسح قوة العمل بالعينة، شكل الغلاف. ويلاحظ أن اعتماد معدل البطالة المصحح لمسح قوة العمل بالعينة، يقلل من مصداقية المعدل الناتج من تعداد 1996 كثيراً.

وبالإضافة إلى النمط العام لنمو الناتج الإجمالى للفرد، تتوافر مؤشرات على أن النمو فى الناتج يتركز، باطراد، فى أنشطة الخدمات الهامشية قليلة الإنتاجية.

وهناك أيضاً مؤشرات على أن نمو الناتج المسجل فى فترة ما بين التعدادين الأخيرين قد رافقه زيادة فى الفقر وتفاقم سوء توزيع الدخل والثروة، ومن ثم، القوة فى المجتمع.

فى منظور الرفاه الإنسانى، يمثل ترافق البطالة على نطاق واسع، وانتشار الفقر، مع اختلال توزيع الدخل والثروة المحاور الرئيسية لمشكلة التشغيل فى مصر.

وفوق كل ما سبق فإن نمو الناتج فى مصر شديد الكثافة الرأسمالية، التى ما فتئت ترتفع. فقد كانت نسبة رأس المال للناتج فى تزايد منذ مطلع السبعينيات وقفزت لمستويات بالغة الارتفاع فى التسعينيات.

وليست تشكيلة خصائص الأداء الاقتصادى الموصوفة أعلاه متوافقة مع خلق فرص عمل على نطاق واسع.

وفى واقع الأمر، ينتهى تحليل لبيانات مسح قوة العمل بالعينة فى الفترة (1990-1995)، أى خمس من السنوات العشر ما بين التعدادين الأخيرين، إلى أن عدد فرص العمل التى أضيفت إلى الاقتصاد كله فى هذه الفترة تتعدى 700 ألف بقليل. ويستدل من هذا التحليل على أنه "بالمقارنة برصيد البطالة السافرة، وحجم الإضافات الجديدة لسوق العمل، فلابد أن البطالة كانت فى ازدياد". بعبارة أخرى، يعنى قبول مستوى البطالة من تعداد 1996 بقاء رصيد المتعطلين على مستوى عام 1986 تقريباً، أى أنه قد تم خلق أكثر من أربعة ملايين فرصة عمل فى الفترة ما بين التعدادين لتشغيل كل الداخلين الجدد فى سوق العمل فى السنوات العشر- أى ما يوازى ثلاثة أضعاف معدل خلق فرص العمل المقدر الموثق للنصف الأول من التسعينيات.

والمؤكد أن حجم الاستثمار، ونمو الناتج الإجمالى، اللازمين لخلق فرص العمل المطلوبة لصحة بيانات تعداد 1996، على مستوى الكثافة الرأسمالية لخلق فرص العمل، ومرونة العمالة للناتج، المشاهدة فى التسعينيات، يتعدى قدرة الاقتصاد بمراحل.

ويدل التوزيع القطاعى لخلق فرص العمل فى النصف الأول من التسعينيات، إضافة، على أن الآمال المعقودة على القطاع الخاص الكبير فى خلق فرص عمل على نطاق واسع غير مبررة (يقدر أن أكثر القطاعات المؤسسية خلقاً لفرص العمل كانت هى الحكومة والقطاع غير المنظم، ببنما يقدر أن القطاع الخاص الكبير قد خسر فرص عمل فى النصف الأول من التسعينيات).

ويتعين ملاحظة أن تحدى خلق فرص العمل سيزداد قوة فى المستقبل حيث يُنتظر أن يزيد عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل بمعدل 2-3% سنوياً.

وتجدر الإشارة، نهاية، إلى أن انتشار البطالة السافرة، فى سياق تأزم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، يضفى على البطالة طابعاً قاتماً، من حيث أنها تصيب أساساً الشباب، وكثرة منهم من خريجى النظام التعليمى، والفئات الاجتماعية الأضعف فى أوضاع تتسم بانخفاض مستوى الرفاه الإنسانى وضعف شبكات الحماية الاجتماعية، بما فى ذلك تعويضات البطالة، وتفاقم سوء توزيع الدخل والثروة.

أما عن الجوانب الأخرى للبطالة، فتوجد مؤشرات عامة على تردى الكسب الحقيقى (باستبعاد أثر التضخم) وعلى نمو الناتج للعامل، كمؤشر إجمالى على الإنتاجية، ببطىء منذ عام 1980 (حسب بيانات البنك الدولى، بمتوسط 3-4% فى السنة فقط).

الخصائص الأساسية للبطالة السافرة

نكتفى هنا بالإشارة إلى بعض خصائص أساسية للبطالة السافرة تتمخض عنها مقارنة خصائص المتعطلين من التعدادين الأخيرين فى الفئة العمرية (15 عاماً فأكثر).

يستمد من تعداد 1996 أن كل المتعطلين تقريباً (95%) قد أصبحوا من الباحثين عن عمل لأول مرة، صعوداً من 77% فقط فى عام 1986.

وحسب بيانات التعداد، فإن معدل البطالة السافرة كان فى 1996 أعلى قليلاً فى الريف عن الحضر، على حين كانت غالبية المتعطلين من قاطنى الريف. وبينما كان حوالى ثلث المتعطلين من الإناث، فقد كان معدل البطالة بينهن أعلى كثيراً من الذكور.

وفيما يتصل بالتوزيع الجغرافى للبطالة، فقد ظهرت أقل معدلات البطالة فى تعداد 1996 فى محافظات الحدود، خفيفة السكان، وفى إقليم القاهرة الكبرى بينما سُجلت أعلى المعدلات فى محافظات الدلتا وأقصى جنوب البلاد.

ومن الملحوظات المهمة أن معدلات البطالة حسب العمر قد اختلفت بين تعدادي 1986

و 1996 بحيث انخفضت معدلات البطالة قبل بلوغ 30 عاماً، وارتفعت فى الثلاثينيات من العمر. وحيث كان كل المتعطلين تقريباً من الباحثين عن عمل لأول مرة، يمكن تفسير هذا الاختلاف بزيادة طول مدة التعطل فيما بين التعدادين (وهى معلومة كانت متاحة مباشرة من مسح قوة العمل بالعينة فى السابق) بمعنى أن رصيد المتعطلين قد أصبح فى عام 1996 يتكون من دفعات أقدم من المتعطلين الذين مازالوا يبحثون عن عمل لأول مرة.


ورغم انخفاض معدلات البطالة لخريجى النظام التعليمى بين تعدادي 1986 و 1996، فمازالت معدلات البطالة الأعلى من نصيب هؤلاء، على المستويين المتوسط والعالى.
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

التعديل الأخير تم بواسطة ! ابــو أيهــم ! ; 08-06-2007 الساعة 08:51 PM.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-06-2007, 08:47 PM
الصورة الرمزية ! ابــو أيهــم !
! ابــو أيهــم ! ! ابــو أيهــم ! غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2006
مكان الإقامة: غربة الذكريات ..
الجنس :
المشاركات: 2,768
Icon1

موقف الحكومة

لقد تم الإعلان، مرة أخرى، عن أن مكافحة البطالة ستلقى أولوية على جدول أعمال الحكومة وتجدر التذكرة بأن إعلانات مماثلة، سابقة، قد شهدت مشكلة البطالة، خاصة فى منظور التشغيل الكامل، تستفحل.

غير أن الأخبار الواردة من مجلس الوزراء توحى بمحاولة أخذ أولوية مكافحة البطالة جدياً، هذه المرة. وكخطوة أولى فى هذا الاتجاه، أعلنت الحكومة أنها ستخلق 150 ألف فرصة عمل فى الوزارات: فى التعليم والصحة والأوقاف. وإذا قبلنا عدد المتعطلين من تعداد 1996، فإن "حل" مشكلة البطالة، على هذا النحو، لن يستغرق أكثر من عشر سنوات. هذا إن أمكن تكرار المواءمة المالية التى اقتضاها الإعلان عن هذه الشريحة الأولى من الوظائف الحكومية الجديدة.

ولكن، حتى بصرف النظر عن قضايا البطالة المستترة فى الخدمة الحكومية، وهى من جوانب البطالة الأخطر كما أوضحنا أعلاه، يبقى التساؤل عن ما إذا كانت هذه الوظائف الحكومية الجديدة ستعتبر "أعمالاً جيدة" بما يكفى لترغيب الباحثين عن عمل فى الالتحاق بها (فى العام الماضى عينت وزارة التربية والتعليم 50 ألفاً من الخريجين فى وظائف تعليمية، ولكن يتكرر أن أكثر من نصف المعينين لم يقبلوا الالتحاق بالوظائف).

غير أن الحكومة قد صعّدت حملة مكافحة البطالة بالإعلان عن مبادرة أخرى تتضمن إضافة حوالى نصف مليون فرصة عمل إضافية إلى المائة والخمسين ألفاً التى سبق الإعلان عنها.

من هذه الشريحة الجديدة، أعطيت مسؤولية خلق 200 ألف فرصة عمل، فى القطاع الخاص، لمكاتب التشغيل التابعة لوزارة العمل- وهى مسؤولية كانت دائماً من صميم اختصاص هذه المكاتب، وليس واضحاً ما هو الجديد الذى سيمكن مكاتب التشغيل من الوفاء بهذه المهمة الآن.

كذلك أوكلت مهمة خلق 200 ألف فرصة عمل أخرى للصندوق الاجتماعى للتنمية، باستخدام "تمويل متاح فعلاً يبلغ 1.2 مليار جنيه" (الأمر الذى قد يعنى، لأول وهلة، افتراض متوسط تكلفة لفرصة العمل يوازى ستة آلاف ، وهى ليست إلا جزءاً يسيراً من تكلفة خلق فرصة العمل فى عموم الاقتصاد ، كما سبقت الإشارة). وبالإضافة، فإن برنامج "شروق" للتنمية الريفية، متواضع التأثير، خصص له أن يخلق 33 ألف فرصة عمل. على أن يخلق باقى فرص العمل المعلن عنها من خلال عدد من المبادرات الأخرى (تشمل التدريب على تقانات الاتصال والمعلومات، ومشاتل الأشجار، وجمع القمامة وإصحاح البيئة).

وبالمقارنة بشريحة المائة والخمسين ألفاً من فرص العمل فى الحكومة، فإن النصف مليون فرصة عمل الجديدة تبدو أقل قابلية للتحقق، ويبقى مثاراً بشأنها أيضاً مسائل مستوى البطالة المستترة (خاصة بُعدي الإنتاجية والكسب) المترتبة عليها، ومن ثم، مدى تحقيقها لمنفعة الاقتصاد ككل، ومن سيقبل على فرص العمل التى سيتم خلقها فعلاً من المتعطلين؟

حزمة سياسات متكاملة لمكافحة البطالة

من السهولة بمكان انتقاد موقف الحكومة فى مصر، وإنجازها، فى مكافحة البطالة، فسجل الإنجاز، على الأقل حتى الآن، غير مشجع. وعلى الرغم من فقر البيانات، تدل المؤشرات المتاحة على أن المشكلة تستفحل.

ولكن، من ناحية أخرى، يجب أن يكون جلياً للجميع أن مشكلة البطالة فى مصر ضخمة، وعميقة الجذور فى النسيج الاقتصادى والاجتماعى للبلد بحيث تستعصى على "الحلول السريعة" ذات الطابع "الفنى". بعبارة أخرى، لن يمكن التوصل لحل ناجع لمشكلة البطالة فى مصر، خاصة فى منظور التشغيل الكامل، إلا من خلال برنامج استراتيجى، متعدد الأبعاد، ومحكمها، طويل الأجل تقوم عليه دولة (وليس مجرد حكومة) فعالة. ولعل هذا هو حال جميع المشكلات الكبرى التى تواجهها مصر الآن، وكلها متفاعلة كما سيظهر من حزمة السياسات المقترحة، فلم يعد رتق الفتوق أو الحلول الجزئية المتناثرة بكاف لتحقيق أثر ملموس على المشكلات الكبار. ولذلك قد يدهش البعض أن تنتهى هذه الورقة الموجزة بحزمة من السياسات المقترحة تتعدى بكثير حدود التفكير "الفنى" فى حلول مشكلة مثل البطالة فى مصر.

بداية، يقوم علاج مختلف صنوف البطالة على إيجاد فرص عمل كافية، يوظف فيها العاملون قدراتهم لأقصى حد، بما يحقق كفاءة إنتاجية عالية، ومتزايدة، من ناحية، ويوفر كسباً مرتفعاً، ومتنامياً، يكفل إشباع الحاجات الأساسية للناس فى المجتمع، وارتقاء مستوى الرفاه البشرى مع الزمن، من ناحية أخرى.

ويعنى هذا الهدف المركب خلق فرص عمل أفضل من المتاح حالياً، على جانبي الإنتاجية والكسب على حد سواء، وأكثر بكثير من المطلوب لمجرد مواجهة البطالة السافرة، بحيث يمكن للمشتغلين فعلاً فى أى نقطة زمنية الانتقال لأعمال أعلى إنتاجية وأوفر كسباً.

ومن جانب آخر يتعين الارتقاء بنوعية رأس المال البشرى، من خلال الاستثمار المكثف فى التعليم والتدريب المستمرين وفى الرعاية الصحية، مع إيلاء عناية خاصة للمستضعفين، الفقراء والنساء، حتى يتأهل الأفراد فى سوق العمل لفرص العمل الأفضل. وهذه مهمة تاريخية ليس لها إلا الدولة، وعلى حد وفائها بهذه المهمة سيتحدد مدى خدمتها لغاية التقدم.

وحيث لا يُتوقع أن يتمكن رأس المال الكبير، من خلق فرص العمل الكافية لمواجهة تحدى البطالة، نظراً لتركيزه على الأنشطة الاقتصادية كثيفة رأس المال وخفيفة العمالة، فيتعين توفير البنية المؤسسية المواتية لقيام المشروعات الصغيرة بدور مهم فى خلق فرص العمل، مع تخليق تضافر فعال بين المشروعات الصغيرة وقطاع الأعمال الحديث. ويطلب تحقيق ذلك الهدف، تمكين عموم الناس، خاصة الفقراء، من الأصول الإنتاجية بالإضافة إلى رأس المال البشرى. ويأتى على رأس القائمة الائتمان، بشروط ميسرة، والأرض والماء فى المناطق الريفية حيث يعيش كثرة الفقراء. كذلك يتعين أن توفر البيئة القانونية والإدارية لتسهيل قيام المشروعات الصغيرة ورعايتها، حيث تتسم هذه المشروعات بالضعف وارتفاع احتمال الفشل. ويمثل ذلك التوجه، إن قام، تحولاً جذرياً فى بيئة الاستثمار الحالية التى توفر الحوافز، كل الحوافز، لرأس المال الكبير، بينما تترك المستثمر الصغير، قليل الحيلة بالتعريف، يرزح تحت ثقل أقسى العوائق التمويلية والإدارية والتسويقية. وعلى وجه الخصوص، تعمل السياسات الحالية على زيادة تركيز حيازة الأرض الزراعية بما ينذر باستشراء الفقر فى الريف.

وقد تتطلب مكافحة البطالة، خاصة فى البداية، توفير فرص عمل من خلال الإنفاق الحكومى على مشروعات البنية الأساسية، مما يحقق غرضاً مزدوجاً: تشغيل مكسب للفقراء وتحسين البنية الأساسية، وهى بحاجة لتطوير ضخم.

ويتضح من التوجهات الموصى بها ضخامة العبء الملقى على الدولة، ولن يقوم به طرف آخر، مما يثير مفارقة قوية بين الحد من دور الدولة فى سياق إعادة الهيكلة الرأسمالية، فى إطار سياسات التكيف الهيكلى، من ناحية، وبين مهام الدولة فى حفز التنمية، المولدة لفرص العمل الكافية لمكافحة فعالة للفقر، من ناحية أخرى.

وفى النهاية، فإن بلوغ التوجهات الاستراتيجية السابقة غاياتها فى مكافحة البطالة يتطلب تغييرات مؤسسية بعيدة المدى فى البنية الاقتصادية والسياسة تشمل زيادة كفاءة سوق العمل فى سياق تدعيم تنافسية الأسواق عامة وضبط نشاطها، فى إطار من سيادة القانون التامة واستقلال للقضاء غير منقوص، وإصلاح الخدمة الحكومية، وإقامة نظم فعالة للأمان الاجتماعى، وإصلاح نظم الحكم لتصبح معبرة عن الناس بشفافية ومسؤولة أمامهم بفعالية، ولتمكن من تقوية مؤسسات المجتمع المدنى الجماهيرية بحق، حتى يصبح لعموم الناس، وللفقراء خاصة، صوت مسموع فى الشأن العام.

مكافحة البطالة إذاً، كما ألمحنا سابقاً، ليست شأناً قطاعياً، بل هم مجتمعى شامل. والواقع أن هذا هو حال كل القضايا المهمة فى مصر حالياً. فقد صار الحل الجذرى الشامل حتمياً، إن أُريد حل ناجع على الإطلاق.

وبديهى أن مكافحة البطالة تقتضى رفع وتيرة النمو الاقتصادى. ويطلب ذلك، بدايةً، زيادة معدلات الادخار والاستثمار. فالادخار المحلى ضعيف بداية، فى مجتمعات مازالت غالبية سكانها عاجزة عن الوفاء بحاجاتها الأساسية على مستوى مقبول، على حين ينعم مترفوها، وهم قلة قليلة، بأنماط استهلاك بذخية دونما مسؤولية اجتماعية. ومكون الاستثمار الأجنبى لا يتوافر، حتى الآن، بالقدر الكافى ليكمل الاستثمار المحلى إلى المستوى الكفيل، تلقائياً، بخلق فرص العمل الكافية، ناهيك عن المحاذير القوية المحيطة بكم كبير من الاستثمارات الأجنبية، فى مجتمعات ذات بنى سياسية هشة وتابعة.

وإن كان مستوى النمو الاقتصادى محدد مهم لإمكان خلق فرص العمل المطلوبة لمكافحة البطالة، فإن محتوى النمو هو المحدد الأهم فى منظور إشباع الحاجات الأساسية، وعلى رأسها العمل المنتج المحقق للذات.

ويتصل بهذا مسألة نمط التقانة، خاصة من وجهة نظر كثافة العمل. فالتشغيل المنتج غاية مجتمعية تبز مجرد النمو الاقتصادى، مقاساً فى إطار الحسابات القومية، القاصر عن استيعاب مضمون الرفاه الإنسانى. وهنا تجب الإشارة إلى فساد القول بأن كثافة العمل تعنى، حتماً، تخلف التقانة أو ضعف الإنتاجية. هذا تحيز غربى نابع من التبعية التقانية. ولكن، إن قامت قدرة ذاتية فى التقانة، فسيمكن إبداع حلول تقانية متطورة تلائم الظروف المحلية، ومن بينها كثافة العمل المناسبة. غير أن اعتماد تقانات كثيفة العمل فى فترة معينة لا يعنى، بالطبع، إهمال التقانات المتطورة. بل يتعين المزاوجة الخلاقة بين هذين النمطين من التقانة. هذا من جانب.

ومن جانب آخر، فإن توجيه العمل المتاح إلى نشاطات اقتصادية كثيفة العمل فى ظروف بطالة واسعة النطاق، جلها من الشباب، وجانب كبير منها من المؤهلين تعليمياً، وإن كان فى تخصصات غير متوائمة مع احتياجات سوق العمل وعلى مستوى نوعية منخفض، وفى مناخ اجتماعى يحقر العمل اليدوى، كل ذلك يقتضى تحوير نسق الحوافز المادية والمعنوية فى المجتمع لتوجيه المتعطلين نحو فرص العمل المنتج التى تحتل حالياً مكانة اجتماعية متدنية، مما يساعد على رفع قيمة العمل عامة، والعمل اليدوى خاصة. وقد يقتضى الأمر إنشاء نظام فعّال للتدريب التعويضى لتأهيل المتعطلين لفرص العمل التى لا تتناسب متطلباتها مع قدراتهم الراهنة. إلا أن التدريب التعويضى لا يجب أن يصبح سمة هيكلية دائمة. بل ينبغى أن يخطط نظام التعليم والتدريب وفق احتياجات العمالة المتوقعة مستقبلاً فى ضوء استراتيجية التشغيل المتبناة.

هذا عن البطالة السافرة، ونقص التشغيل الظاهر، فماذا عن نقص التشغيل المستتر؟

نقص التشغيل المستتر هو أكثر مشاكل البطالة تعقيداً. وهو فى الوقت نفسه أوفر هذه المشاكل خطورة، خاصة شقه المتصل بتدنى الإنتاجية، فى بلدان تعانى من ضعف طاقاتها الإنتاجية. ولا نغالى إن قلنا أن رفع الإنتاجية يمثل المحور الأساسى لعملية التنمية. ويقوم الحد من نقص التشغيل المستتر على زيادة توظيف قدرات المشتغلين، ورفع الإنتاجية، وزيادة قدرة الكسب على الوفاء بالحاجات.

وترجع قلة توظيف قدرات المشتغلين إلى عدم تواءم العمل الذى يقوم به الفرد مع قدراته. ويعود ذلك، فى الأساس، إلى الاختلال بين نظام التعليم والتدريب من جانب واحتياجات العمالة من جانب آخر. ولذلك، فإن الحل النهائى لهذه المشكلة يقوم على إعادة الاتساق بين نظام التعليم والتدريب والاحتياجات المستقبلية من العمالة، عن طريق تخطيط سليم للقوى العاملة فى المجتمع.

أما فى الأجل القصير، فينبغى اعتماد وسيلتين. تتمثل الأولى فى إعادة التوازن بين القدرات واحتياجات العمل عن طريق نقل عاملين من مجالات عملهم الحالية إلى مجالات عمل يتمكنون فيها من توظيف قدراتهم بشكل أفضل. والثانية هى التدريب التعويضى لتمكين المشتغلين من القيام بأعمالهم الراهنة على وجه أحسن، إن لم يمكن إيجاد فرص العمل المناسبة لهم مباشرة. ويلاحظ أن التقدم فى مجال رفع مستوى توظيف القدرات يصب مباشرة فى رفع الإنتاجية.

ويشكل رفع إنتاجية العمل، بصورة مطردة، التحدى الرئيسى للبلدان المتخلفة، ويطلب جهداً مجتمعياً متكاملاً فى مجالات عديدة، بدءاً من نظام التعليم والتدريب، مروراً بهيكل وطبيعة التشغيل، وانتهاء بنسق الحوافز المجتمعى.

ففى مجال التعليم والتدريب، لابد من القضاء على الأمية، على مستوى مرتفع من القدرات، ونشر التعليم الأساسى، وترقية نوعية التعليم فى جميع مراحله، والاقتصار على الأعداد المطلوبة للوفاء بحاجة النشاط الاجتماعى المستقبلى من العمالة فقط فى مراحل التعليم بعد الأساسى، والتركيز على التعليم الفنى، المتوسط والعالى اللازمان، واعتماد نظم الامتياز فى مراحل التعليم كافة لتشجيع التميز والإبداع. ولا نغالى إن قلنا أن تحدى ترقية نوعية التعليم هو التحدى الأكبر بعد إصلاح نظم الحكم والإدارة.

وفى مجال التشغيل، يتعين إقامة آليات كفء للمواءمة بين فرص العمل المتاحة وطالبى العمل. ومن الجوهرى إنهاء التوظف الآمن بغض النظر عن الإنتاج ومستوى الإنتاجية، وإرساء التعيين والترقى والاستمرار فى العمل على أساس الجدارة والإنتاجية، طبقاً لنظم تقييم موضوعية ومعلنة، خاصةً فى الحكومة. ولابد من تحديد العائد المادى والأدبى للعمل على أساس الجهد اللازم للتأهل له، والأعباء التى ينطوى عليها القيام به، ومدى الحاجة المجتمعية له، وقدرة العاملين على الوفاء بحاجاتهم الاجتماعية.

ويمكن رفع كسب الأغلبية إلى مستوى يقارب الوفاء بحاجاتهم الأساسية أو تمكينهم من الوفاء بحاجاتهم على مستوى أكثر قبولاً عن طريق عديد من الوسائل، مثل تصحيح النظام الضريبى كى يصبح أوفر عدالة، وتبنى الدولة مسؤولية إشباع الحاجات الأساسية على وجه مرض. والمؤكد أن رفع الإنتاجية سيجعل من مسألة ضمان وفاء الكسب بالحاجات أكثر يسراً.

لكن ينبغى أن يكون واضحاً أن كل هذه الوسائل لن تحقق الغرض منها بدون تعديل جوهرى فى نسق الحوافز المجتمعى. فلن يمكن إرساء قاعدة الجدارة فى العمل ما دامت الوساطة والمحسوبية متفشيتين فى المجتمع. ولن يتأتى توجيه الأفراد إلى الأعمال التى يحتاجها المجتمع إذا ما كانت هناك فرص، ولو محدودة، للتراكم المالى السريع فى غياب أنظمة ضريبة عادلة وفى مجتمع يعين مكانة الفرد الاجتماعية، والسياسية، على أساس ممتلكاته المادية.

ونختتم بملاحظة أن الوسائل التى تطرقنا إليها فى علاج صنوف البطالة، خاصة نقص التشغيل المستتر، تتضافر لتكوّن حزمة مترابطة من السياسات تمتد فى الواقع إلى نواح عديدة ومتشابكة من نسق الاقتصاد السياسى، ومن بينها التعليم، راقى النوعية، مما يؤكد على شرط التشكيلة الاجتماعية المواتية للفعل التنموى عامة. ولعل فى غياب هذه التشكيلة السبب الجوهرى لتفاقم مشكلات التشغيل، ولصعوبة حلها فى السياق الاجتماعى السياسى الراهن.

وتقبل خالص مرورى
__________________

هيا بنا نتوب جميعااا اذكار المسلم


..

انتظري يا عقارب الساعة لا تمري بسرعة
اصمدي ودعينى اودع ذكرياتي الجميلة
واحمل بيدى تلك الحقيبة

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-06-2007, 09:14 PM
الصورة الرمزية نسمة الايمان
نسمة الايمان نسمة الايمان غير متصل
مشرفة الملتقى الاسلامي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2006
مكان الإقامة: دار الممر
الجنس :
المشاركات: 1,866
افتراضي

صدقت اخي البطالة ام الرذائل
لكن ولله الحمد فقد فطنت الشريعة الإسلامية الغراء إلى مشكلة البطالة ، وبينت مفهومها وطرق الوقاية منها ومنهج الحد منها في إطار دقيق عز أن نجد له فلقد حث الإسلام أهله على العمل والكسب ونهى عن البطالة بقوله فيما رواه أبو هريرة
"لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره ، فيتصدق منه ، فيستغني به عن الناس خير من أن يسأل رجلاً أعطاه أو منعه ذلك فإن اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول "
أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح

بارك الله فيك اخي على الطرح القيم
تقبل الله منك ونفع بك
__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-06-2007, 01:42 AM
الصورة الرمزية سامي
سامي سامي غير متصل
مشرف الملتقى الإسلامي
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: فلسـطيــن
الجنس :
المشاركات: 9,499
الدولة : Palestine
افتراضي

[quote=نسمة الايمان;322500[/quote]

مشكورة اختي الكريمة على مرورك

وعلى الاضافة المباركة

الحمد لله على نعمة الاسلام هذا الدين الكامل المتكامل

فالله عز وجل بين لنا كل شيء

وهذا السبب كافي - لو اخذنا به - الى معالجة جميع امور حياتنا والى التميز في مجتمعاتنا

نسال الله تعالى ان يردنا الى ديننا ردا جميلا

اعذرني فقد كان تعقيبي من جانب اخر

مشكورة اختي الكريمة
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 92.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 89.00 كيلو بايت... تم توفير 3.13 كيلو بايت...بمعدل (3.40%)]