|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
تفسير سورة النصر أبو عاصم البركاتي المصري سورة النصر بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 1 - 3].عدد آياتها: ثلاث آيات، وهي مدنية، وتسمى أيضًا سورة التوديع. آخر سورة نزلت: أخرج مسلم برقم (3024) والنسائي في الكبرى برقم (11649) عَنْ عُبَيداللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا بْنَ عُتْبَةَ، أَتَعْلَمُ آخِرَ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ نَزَلَتْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾، قَالَ: صَدَقْتَ. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف برقم (36929) وأحمد في المسند (11167) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾ قَالَ: قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى خَتَمَهَا، وَقَالَ: «النَّاسُ حَيِّزٌ وَأَنَا وَأَصْحَابِي حَيِّزٌ»، وَقَالَ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ". مناسبتها لما قبلها: إنه لَمَّا ذكر في السورة (الكافرون) اختلاف دين الرسول الذي يدعو إليه، ودين الكفار الذي يعكفون عليه، أشار في هذه السورة (سورة النصر) إلى أن دينهم سيضمحل ويزول، وأن الدين الذي يدعو إليه الرسول- وهو الإسلام- سيغلب عليه، ويكون هو الدين الأعظم [1]. تناسب السورة مع ما بعدها: ذكر الله تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم النصر والفتح في سورة النصر، ثم ذكر بعدها في سورة المسد البلاء الذي قابله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدلَّ على النصر والمنحة يسبقها شدة ومحنة. وأيضًا ذكر سبحانه في سورة النصر دخول الناس في الإسلام بقوله: ﴿ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ﴾، ثم ذكر عقبه في سورة المسد هلاك بعض من لم يدخل فيه وخسرانه بقوله: ﴿ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ﴾. مقاصد السورة: (1) البشارة بتحقيق النصر للإسلام. (2) البشارة بتحقيق الفتوح للبلاد والأمصار. (3) البشارة بدخول خلائق كثيرة في الإسلام. (4) الدعوة إلى شكر الله وحمده على نعمه. (5) الدعوة إلى المواظبة على التوبة والاستغفار. (6) الإعلام بتَمامِ الدِّينِ. (7) معرفة أن النصر من عند الله. تفسير قوله جل جلاله: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾. ﴿ إذَا ﴾: ظرف زمان، ﴿ جَاءَ ﴾؛ أي: حصل ووقع، ﴿ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾: فتح مكة، وقيل: بل سائر الفتوح؛ لأن فتح مكة كان بعد الهجرة بثماني سنين، ونزول هذه السورة كان بعد الهجرة بعشر سنين، وقيل: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ ﴾ لدينك ﴿ وَالْفَتْحُ ﴾ لدينك، وقيل: إِن النَّصْر هُوَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة؛ كما في قَوْله تَعَالَى: ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ﴾ [الفتح: 1]، فالأكثرون من الْعلمَاء والمفسرين على أَنه صلح الْحُدَيْبِيَة؛ لأنه بعد صلح الحديبية كثر سواد المسلمين، وَأسلم فِي هَذِه الْمدَّة: خالد بن الْوَلِيد، وعَمْرو بن الْعَاصِ، وعُثْمَان بن طَلْحَة الْعَبدَرِي، وكثير من وجوه المشركين. وأخرج البخاري برقم (4969) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ ﴾، قَالُوا: فَتْحُ المَدَائِنِ وَالقُصُورِ، قَالَ: "مَا تَقُولُ يَا بْنَ عَبَّاسٍ؟" قَالَ: "أَجَلٌ، أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ". وأخرج البخاري برقم (4970) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟! فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ، فَدَعَاهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ، فَمَا رُئِيتُ أَنَّهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ، قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ ﴾؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا، وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا بْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لا، قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: "هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ لَهُ"، قَالَ: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ ﴾ "وَذَلِكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ"، ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾، فَقَالَ عُمَرُ: "مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُولُ". وأخرج الدارمي برقم (80) وسنده حسن عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ فَقَالَ: "قَدْ نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي"، فَبَكَتْ، فَقَالَ: "لَا تَبْكِي؛ فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لِحَاقًا بِي"، فَضَحِكَتْ، فَرَآهَا بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَ: يَا فَاطِمَةُ، رَأَيْنَاكِ بَكَيْتِ ثُمَّ ضَحِكْتِ؟ قَالَتْ: إِنَّهُ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَدْ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ فَبَكَيْتُ، فَقَالَ لِي: «لَا تَبْكِي؛ فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لَاحِقٌ بِي»، فَضَحِكْتُ. تفسير قوله جل جلاله: ﴿ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ﴾ ﴿ وَرَأَيْتَ النَّاسَ ﴾؛ أي: ورأيت يا محمد الناس بعد فتح مكة يدخلون الإسلام أفواجًا أفواجًا، وقبيلة قبيلة، وَدخل أَكثر ديار الْعَرَب فِي الْإِسْلَام، وَلم يبْق إِلَّا الْقَلِيل، وكانوا قبل ذلك يدخلون واحدًا واحدًا. والفوج هم الجماعة أو الطائفة من الناس، أخرج النسائي في الكبرى برقم (11648) عن ابن عباس قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ: «جَاءَ الْفَتْحُ، وَجَاءَ نَصْرُ اللهِ، وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا أَهْلُ الْيَمَنِ؟ قَالَ: «قَوْمٌ رَقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ، لَيِّنَةٌ قُلُوبُهُمُ، الْإِيمَانُ يَمَانٌ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ، وَالْفِقْهُ يَمَانٌ» [2]. تفسير قوله جل جلاله: ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ﴾ ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾: أمر الله تعالى نبيَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن يسبح بحمده، والتسبيح تنزيه الله عمَّا لا يليق به، ووصفه بما يليق به، والمعنى: اذكره بالتحميد وَالشُّكْر على هذه النعم الجليلة، ويطلق التسبيح على الصلاة، فيكون المعنى "صل حامدًا لربِّك"، كما في قوله تعالى: ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 98]. وأخرج البخاري برقم (817) ومسلم برقم (484) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ. وأخرج مسلم برقم (484) عَنْ عَائِشَةَ أيضًا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكثر من قوله: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ»، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَاكَ تُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ؟»، فَقَالَ: «أَخْبَرَنِي رَبِّي أَنِّي سَأَرَى عَلَامَةً فِي أُمَّتِي، فَإِذَا رَأَيْتُهَا أُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَقَدْ رَأَيْتُهَا ﴿ إِذا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾، فَتْحُ مَكَّةَ، ﴿ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾». وَقَوله: ﴿ وَاسْتَغْفِرْهُ ﴾؛أَي: اطلب مغفرته وستره وعفوه. تفسير قوله جل جلاله: ﴿ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ وَقَوله: ﴿ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا ﴾ صيغة مبالغة من الفعل "تابَ"، و﴿ تَوَّابًا ﴾؛ أي: يسهل لهم التوبة مرة بعد أخرى، والتوَّاب: القابل للتوبة، وتاب؛ أي: كفَّ عن الخطيئة، وندم عليها، ورجع إلى الله، واستغفر لذنبه والاستغفار توبة، والتواب من الأسماء الحسنى لله تعالى، قال تعالى: ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 37]، وقال: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 104]، وقال سبحانه: ﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [غافر: 3]. قال أبو الحسن الواحدي في تفسيره "الوجيز" ص 1238: أمره الله عز وجل أن يُكثر التَّسبيح والاستغفار ليختم له في آخر عمره بالزِّيادة في العمل الصالح. انتهى تفسير سورة النصر والله الموفق [1] التفسير الوسيط لمجموعة من العلماء بإشراف مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر (10/ 2038). [2] أخرجه البخاري (4390)، ومسلم (52) من حديث أبي هريرة.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |