من مكتبة التراث

[ابوالوليد المسلم]

1. 
   

من مكتبة التراث.. كتاب (الهدية في القواعد النحوية بالشواهد القرآنية)

انطلاقاً من أهدافها في دعوة الناس للتمسك بدين الله -تعالى-، والعمل على إبراز فضائل التراث الإسلامي، وتشجيع العلماء والباحثين ونشر بحوثهم ونتاج عملهم، نشرت جمعية إحياء التراث الإسلامي الكتب الإسلامية والرسائل العلمية مما سطره علماء الإسلام، ومما أبدعه دعاة الكويت وشبابها، ونعرض في هذه الزاوية لبعض هذه الإصدارات.

يُعدّ هذا الكتاب مذكرة مختصرة ملمّة بالقواعد النحوية الضرورية، التي جاءت إجابة لأسئلة الكثيرين من محبي اللغة العربية، الذين أرادوا أن يتقنوها من مصدرها الأول الأصيل القرآن الكريم، الذي أنزل بلسان عربي مبين، وهذا النهج خطوة في طريق تأصيل قواعد اللغة؛ فما نشأ علم النحو إلا لخدمة القرآن الكريم، وصيانته عن التحريف والتغيير والتبديل، وتقويماً للسان العربي الذي عرف اللحنُ والخطأُ طريقه إليه لما خالط العرب العجم، ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي اختاره مكتب الطباعة والنشر في الجمعية؛ لطباعته وتوزيعه من خلال اللجان والفروع التابعة للجمعية وفي جميع أنحاء العالم، وهذا الكتاب بذل فيه مؤلفه جهدا كبيرا؛ من أجل تيسير قواعد النحو، وجعلها في متناول الدارسين؛ ولذلك نستطيع القول: إن هذا الكتاب ليس مهماً للطلبة والناشئة فحسب؛ ولكن للمعلمين والمربين أيضا؛ حيث يمدهم ويسعفهم بأمثلة وشواهد من الكتاب الكريم.

موضوعات الكتاب:

وقد عرض مؤلفه الأستاذ احمد عبدالحليم الطويل موضوعات علم النحو بطريقة سهلة ميسرة، متبعاً فيه طريقة الجداول المبسطة المنظمة والخالية من التعقيدات والصعوبات؛ لتكون في متناول الجميع، ويكثر نفعها وتعمم فائدتها، معتمدا في جمع قواعدها على كتب النحو الأصيلة مثل: (شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك)، التي تعطي الدارس صورة ذهنية شاملة لمضمون الدرس؛ ما يجعله سهل الاستعادة وقت الحاجة إليه، ومن مميزات هذا الكتاب أنه ابتعد عن الخلافات العقيمة، وتجدر الإشارة إلى أن مؤلفه التزم فيه إيراد أمثلة وشواهد من القرآن الكريم؛ فما من قاعدة نحوية إلا وقد أتى لها بمثال أو أكثر من آيات القرآن الكريم، ومالم يجد له مثالاً من القرآن الكريم أشار إلى أن هذا الموضع لم يرد له شاهد من القرآن.

الحفظ الإلهي:

ومما جاء في مقدمة المؤلف: إن اللغة العربية أشرف اللغات وأنفعها للبشرية، ويكفيها شرفاً أن القرآن الكريم نزل بها، ولقد تعهدها الله -سبحانه وتعالى- بحفظه في قوله -تعالى-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. (الحجر:9). وكان من هذا الحفظ الإلهي أن سخر الله -عز وجل- لها - في عصر اختلطت فيه الألسن والأصول - من يتعهد بالخدمة والتيسير، فكان أن بُذلت مجهودات ضخمة في سبيل تقديم قواعد اللغة العربية بطريقة ميسرة. فقام الباحثون يشقون الطريق إلى النحو لتذليل صعوباته وتقريب موارده؛ فكانت هذه المحاولة المتواضعة للوصول إلى ميسور النحو، وكانت البداية في الدراسة النحوية متجهة إلى القرآن الكريم؛ فالواجب علينا أن نرجع ونعود بالنحو إلى منهله العذب، وندرسه من خلال الأساليب التي تفجر منها، ونجرده من الصنعة التي جعلته مادة بلا روح، فيكفي أن يرد الشاهد من القرآن الكريم ليكون هو الحجة والبرهان على صحة القاعدة.

المبادئ والمنطلقات:

وهذه الطريقة أو المحاولة تعتمد على مجموعة من المبادئ أو المنطلقات أو الأساسيات:

• المنطلق الأول: صلاحية القرآن الكريم لأن يهتدى به في كل المحاولات، سواء تعليمية أو غير تعليمية.
• المنطلق الثاني: ربط المسلم بالقرآن الكريم.
• المنطلق الثالث: التوجه بالمحاولة إلى غير الناطقين باللغة العربية من غير أهلها.
• المنطلق الرابع: إتقان خصائص اللغة العربية التي تتميز بها عن بقية اللغات.

وحول أسباب الاعتماد على القرآن الكريم ودوافع ذلك، أوضح المؤلف أنه هو النص الوحيد من جميع نصوص اللغة العربية الذي لا يزال منطوقاً نطقاً صحيحاً مشافهة بالتلقي شيخاً عن شيخ، قارئاً عن قارئ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو يمثل اللغة العربية الفصحى في جميع عصورها المتعاقبة. فكوننا نتعلم اللغة العربية منه معناه أننا نستعمل عربية الماضي وعربية الأمس في عربية اليوم، وهذه الطريقة تعدّ محاولة متواضعة لتيسير النحو، وأن نعود به إلى مورده العذب ودراسته من خلال الأساليب الرفيعة وفي مقدمتها القرآن الكريم.

تقويم الألسنة:

والجدير بالذكر أنه طُرح -من خلال هذا الكتاب- العديد من الموضوعات التي تقوّم الألسنة على صحة الأداء اللغوي وسلامة النطق والبيان، مثل: تعريف الإعراب والبناء، وعلامات الإعراب الأصلية في الاسم والحرف، وأنواع الكلمة، والضمائر، والمبتدأ والخبر، والتقديم والتأخير في الجملة الاسمية، وكان وأخواتها، وكاد وأخواتها، وإن وأخواتها، والفعل الماضي والأمر والمضارع، والفاعل، ونائب الفاعل والمفعول به، والمفعول المطلق، والمفعول لأجله، والحال، والتمييز، والمنادى، والنعت، والعطف، مستشهدين بالأمثلة القرآنية ما أمكن لتكون أقوى وأثبت في الأذهان وأشرف وأعلى بالقرآن الكريم.


اعداد: ناصر نعمه العنيزان