|
|||||||
| هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#11
|
||||
|
||||
|
سوانح تدبرية من سورة يوسف أيمن الشعبان |3| {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} أيمن الشعبان الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ، وَبَعْدُ: فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْحِكَمِ وَالْغَايَاتِ مِنْ إِنْزَالِ الْآيَاتِ التَّدَبُّرُ وَالتَّفَكُّرُ وَاسْتِخْرَاجُ الدُّرَرِ وَالْمَكْنُونَاتِ، قال تعالى: {{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}} [ص:29]. يقول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (1/450): فَلَيْسَ شَيْءٌ أَنْفَعَ لِلْعَبْدِ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ، وَأَقْرَبَ إِلَى نَجَاتِهِ مِنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ، وَإِطَالَةِ التَّأَمُّلِ فِيهِ، وَجَمْعِ الْفِكْرِ عَلَى مَعَانِي آيَاتِهِ. قال سفيان بن عيينة رحمه الله (زاد المسير في علم التفسير، 2/370): إِنَّمَا آيَاتُ الْقُرْآنِ خَزَائِنُ، فَإِذَا دَخَلْتَ خِزَانَةً فَاجْتَهِدْ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْهَا حَتَّى تَعْرِفَ مَا فِيهَا. الْعَيْشُ مَعَ الْقُرْآنِ حَيَاةٌ لِلْقَلْبِ، وَنُورٌ لِلْبَصِيرَةِ، وَرُشْدٌ لِلطَّرِيقِ؛ فَمَا أَصْفَى الْأَوْقَاتِ وَأَبْرَكُهَا حِينَ يَخْلُو الْإِنْسَانُ بِكِتَابِ اللهِ، يَتَأَمَّلُ آيَاتِهِ الْبَاهِرَاتِ، وَيَتَدَبَّرُ أَعْظَمَ الْقَصَصِ وَأَحْسَنَهَا، فَيَسْتَشْعِرُ مَعِيَّةَ اللهِ وَرِعَايَتَهُ وَلُطْفَهُ وَكَرَمَهُ. فَكُلُّ قِصَّةٍ فِي الْقُرْآنِ نَافِذَةٌ تُطِلُّ عَلَى أَعْمَاقِ الرُّوحِ، تَغْرِسُ مِنْ خِلَالِهَا جُذُورَ الْإِيمَانِ، وَتُبْنَى بِهَا الْأَخْلَاقُ وَالسُّلُوكُ الرَّاسِخُ، وَتَفْتَحُ لِلْقَلْبِ بِهَا آفَاقَ الْفَهْمِ وَالنُّورِ وَالطُّمَأْنِينَةِ. قال تعالى: {{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)}} يخبرُ ربُّنا سُبحانَه أنَّه أنزلَ هذا القُرآنَ بلُغةِ العَرَبِ؛ لعلَّهم يَعقِلونَ معانيَه ويفهَمونَها، ويَعمَلونَ بهَديِه. (التفسير المحرر). فوائد ووقفات وهدايات وتأملات: 1- { {إِنَّا}} : فِيهِ مِنْ أُسْلُوبِ العَرَبِ إيرادُ خِطابِ الجَمْعِ لِلواحِدِ، وَذَلِكَ مِنْ بَابِ تَعْظِيمِ المُتَكَلِّمِ؛ وَاللهُ تَعَالَى أَعْظَمُ العُظَماءِ، وَهُوَ الوَاحِدُ الأَحَدُ الفَرْدُ الصَّمَدُ. 2- {{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}} : فِيهِ إثْبَاتُ عُلُوِّ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَاسْتِوَائِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى عَرْشِهِ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ فِي السَّمَاءِ؛ فَالإِنْزَالُ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ أَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ. 3- فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ القُرْآنَ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ كَلامِ البَشَرِ. 4- {{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}} : فِيهِ إِشْعارٌ بِعُلُوِّ مَرْتَبَةِ المُوحِي عَلَى المُوحَى إِلَيْهِ، وَبِعُلُوِّ مَرْتَبَةِ ذٰلِكَ الأَمْرِ المُوحَى. 5- {{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}} : فَعَظَمَةُ المُنَزِّلِ تُشيرُ إِلَى عَظَمَةِ المُنَزَّلِ ـ وَهُوَ القُرْآنُ ـ وَإِلَى عَظَمَةِ الأُمَّةِ الَّتِي أُنْزِلَ فِيهَا هٰذَا الكِتابُ. 6- {{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}} : أَنْزَلَ اللهُ أَشْرَفَ الكُتُبِ بِأَشْرَفِ اللُّغَاتِ، عَلَى أَشْرَفِ الرُّسُلِ، بِسِفَارَةِ أَشْرَفِ المَلَائِكَةِ، فِي أَشْرَفِ البِقَاعِ، وَفِي أَشْرَفِ الشُّهُورِ ـ رَمَضَانَ ـ فَتَمَّ لَهُ الشَّرَفُ مِنْ كُلِّ الوُجُوهِ. 7- تَدُلُّ الآيَةُ عَلَى أَنَّ اللِّسَانَ العَرَبِيَّ أَوْسَعُ الأَلْسِنَةِ وَأَفْصَحُهَا وَأَقْوَمُهَا؛ فَالكَلَامُ ـ وَإِنْ وُجِّهَ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ ـ فَهُوَ عَامٌّ فِيمَنْ سِوَاهُمْ. 8- فِي الآيَةِ إِشارَةٌ إِلَى وُجُوبِ تَعَلُّمِ مَعانِي الكِتابِ العَزِيزِ؛ فَقَدْ أَنْزَلَهُ اللهُ عَرَبِيًّا لِنَعْقِلَهُ، وَلا يَتِمُّ العَقْلُ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ مَعانِيهِ. 9- في قوله تعالى: {{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}} ردٌّ على مَن زَعمَ أنَّ في القُرآنِ ما لا يَفْقَهُ ولا يَفْهَمُ معناه لا الرَّسولُ ولا المُؤمِنونَ؛ فإنَّ هذا مِن المنَكرِ الذي أنكَرَه العُلَماءُ. 10- من إنعامِ الله تعالى على عباده أن نزَّلَ القرآن الكريمَ بلسانٍ عربي مبين؛ لأن اللسانَ العربيَّ أكملُ الألسنة، وأحسنُها بيانا للمعاني. 11- فِيهِ عَظِيمُ حِكْمَةِ اللهِ فِي إِرْسَالِ الرُّسُلِ بِأَلْسِنَةِ أَقْوَامِهِمْ، فَكُلُّ كِتَابٍ سَمَاوِيٍّ أَنْزَلَهُ اللهُ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيَعْقِلُوهُ وَيَفْهَمُوهُ، لِتَقُومَ الحُجَّةُ عَلَيْهِمْ، قال تعالى: {{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}} . 12- فِيهِ بَيَانٌ أَهَمِّيَّةَ تَعَلُّمِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، فَإِنَّهَا مِفْتَاحٌ وَآلَةٌ لِفَهْمِ القُرْآنِ وَتَدَبُّرِهِ وَالعَمَلِ بِهِ، فَلَا يُمْكِنُ فَهْمُ القُرْآنِ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ لُغَةِ العَرَبِ. 13- مِن تَمامِ الحِكْمَةِ والبيانِ أنَّ القُرآنَ أُنزِلَ بِلُغَةِ العَرَبِ؛ فليسَ مِنَ الحِكْمَةِ مُخاطَبَةُ النَّاسِ بما لا يَفْهَمونَهُ، ولا بِاللُّغَةِ التي لا يُحْسِنونَها. 14- كُلَّما زادَ حَظُّكَ مِنَ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، زادَ تَدَبُّرُكَ وتَعَقُّلُكَ لِلقُرآنِ. 15- سُمِّيَ هذا الكِتابُ قُرآنًا من بَيْنِ سائرِ الكُتُبِ؛ لِأنَّهُ جامِعٌ لِثَمَرَةِ كُتُبِهِ وثَمَرَةِ جَميعِ العُلُومِ. فالمعنى اللُّغَوِيُّ لِلقُرآنِ: الكِتابُ المَجْمُوعُ لِيُقْرَأ، وسُمِّيَ قُرآنًا لِكَثْرَةِ قِراءتِهِ. 16- قال الشافعي: ولسانُ العربِ أوسعُ الألسنةِ مذهباً، وأكثرُها ألفاظاً، ولا نَعلمُه يُحيطُ بجميعِ عِلمِه إنسانٌ غيرُ نبي. 17- فِيهِ عَظيمُ رَحْمَةِ اللهِ ولُطْفِهِ؛ إِذْ جَعَلَ القُرآنَ مَفْهومًا واضِحًا غَيْرَ غامِضٍ. 18- لُغَةُ العَرَبِ أَشْرَفُ اللُّغاتِ، ولِذٰلِكَ نَزَلَ بِها أَشْرَفُ الكَلامِ. 19- العَرَبُ مادّةُ الإسلامِ؛ أي إنَّ لُغَتَهم هي الوعاءُ الذي نزل به الوحي، وبها يُفْهَمُ القرآنُ وتُدْرَكُ معاني الدِّين. 20- القُرآنُ الكَريمُ لِسانٌ عَرَبِيٌّ، ورِسالَةٌ عالَميَّةٌ في آنٍ واحدٍ؛ فَقَدْ قالَ سُبحانَهُ عَنِ القُرآنِ: {{قُرآنًا عَرَبِيًّا}} ، وقالَ تَعالى عَنِ الرَّسولِ ﷺ الَّذي أُنزِلَ عَلَيْهِ القُرآنُ: {{وَما أَرْسَلْناكَ إِلّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ}} . 21- يَجِبُ أن نُحافِظَ على اللِّسانِ العَرَبِيِّ، ونَصُونَهُ مِنْ كُلِّ شائِبَةٍ، ونُحْيِيهِ في جَميعِ المَجالاتِ؛ فَلَهُ حَقٌّ عَظيمٌ عَلَيْنا. 22- الحِكْمَةُ من إنزالِ القُرآنِ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبينٍ أن يُدركَهُ العربُ المخاطبون به، ويَعقِلوا أسرارَهُ ومعانيه، ويُؤْمِنوا بِهِ ويُصدِّقوه، فيَسيروا بهِ هُداةً ونورًا للخلقِ أجمعين. 23- اللُّسَانُ العَرَبِيُّ ليسَ مُجَرَّدَ لُغةٍ فَحَسْبٌ، إنَّما هُوَ دِينٌ وَحَضارَةٌ وَهُويَّةٌ وَوُجودٌ وَاسْتِمرار. 24- اللُّسَانُ العَرَبِيُّ هُوَ الرَّابِطُ بَيْنَ العَرَبِ وَبَيْنَ المُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ العَرَبِ. 25- إِنَّ هَذَا اللُّسَانَ العَرَبِيَّ صُورَةٌ صَادِقَةٌ لِنِظَامِ الحَيَاةِ فِي الإِسْلَامِ، لِذَلِكَ اخْتَارَهُ اللهُ لِكَلَامِهِ. 26- القرآنُ ـ كلامُ اللهِ المقروءُ ـ كتابٌ يَسْتَحِقُّ إقبالًا دائمًا؛ لا يُمَلُّ تِرْدادُه، ولا يَخْلَقُ على كَثْرةِ القِراءة، بلْ كُلَّما أُعيدَ ازدادَ بَهاءً ونُورًا. 27- حاوَلَ أعداءُ الإسلامِ ـ ولا يزالونَ ـ أن يُحِلُّوا اللهجاتِ العاميّةَ في الأقطارِ العربيّةِ مَحلَّ اللِّسانِ العربيِّ الفصيحِ، وواجِبُنا مُواجهةُ ذلكَ بحَزمٍ وقُوّة. 28- فيها إِشارةٌ إلى أنَّ هذا الكتابَ سَيَكْتَمِلُ تنزيلُه ـ إذْ لَمْ يَكُنْ قد اكتملَ وقتَ نُزولِها في مكّةَ ـ وأنَّه محفوظٌ من التَّحريف، وسيحظى باهتمامِ الناسِ وإقبالِهم. 29- هذا القُرآنُ الَّذي أَعجَزَ العَرَبَ بفَصاحَتِه وبَيانِه، إنَّما هو نِعْمَةٌ عَظيمةٌ أَنزَلَها اللهُ بِلِسانِهم؛ لِيَعقِلوا مَعانيه ويَفهَموا هُداه. 30- القُرآنُ مَعينٌ لا يَنْضَبُ؛ فَمَعانيه لا تَنْتَهي ولا تُحصى، وقد قِيلَ في قوله تعالى: { {ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ}} أي إنَّ مَعانيَ القُرآنِ لا تَفْنَى ولا تَنقَطِع. 31- مِن أَعظَمِ النِّعَمِ أن تكونَ عَرَبِيًّا تُجِيدُ لُغةَ القُرآنِ؛ فشَرَفُ العَرَبِيّةِ إنَّما هو بِكونِها لِسانَ كتابِ الله. 32- الفَخْرُ والاعْتِزازُ بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ واجِبٌ، وتَعَلُّمُها والتَّحَدُّثُ بِها أَوْلى مِن الارْتِكانِ إلى غَيْرِها. 33- اللُّغَةُ العَرَبِيَّةُ هُوِيَّةُ المُسْلِمِ، وبِها يَكْتَسِبُ عِزَّتَه ورِفْعَتَه، لا كَمَنْ يَسْتَنكِفُ عَنْها وَيَفْتَخِرُ بإتْقانِ سِواها. 34- هذِهِ لُغَةُ القُرآنِ؛ فإيّاكَ أنْ تَتَنازَلَ عَنْها أو تُفَرِّطَ فيها. 35- كَما أنَّ مَنْ يَمْنَعُ الدَّواءَ جَريمَتُه كَمَنْ يُعْطيهِ ولا يُبيِّنُ طَريقَتَه، فَكَذلكَ القُرآنُ لا بُدَّ لِفَهْمِه مِن تَعَلُّمِ العَرَبِيَّةِ. 36- اللُّغَةُ العَرَبِيَّةُ مِن دَعائِمِ المُجْتَمَعِ، وبِهَا تَقُومُ رَوابِطُه ومَعالِمُ هُوِيَّتِه. 37- اللُّغَةُ مِن أَعْظَمِ شَعائِرِ الأُمَمِ الَّتي يَتَمَيَّزُونَ بِها؛ فاعتَزّوا بِلُغَتِكُم وتَحَدَّثوا بِها، فَجَميعُ شُعوبِ الأرضِ يَفْتَخِرونَ بِلُغاتِهِم ولا يَسْتَحْيونَ مِنها. 38- الاعتناءُ بالعربيّةِ من أَجَلِّ القُرُبات، والاهتمامُ بها في طليعةِ الأوْلويّات لِصِلَتِها بكتابِ اللهِ وسُنّةِ رسولِه ﷺ. 39- قال شيخُ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم (1/527): فَإِنَّ نَفْسَ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ مِنَ الدِّينِ، ومَعْرِفَتُها فَرْضٌ واجِبٌ، فَإِنَّ فَهْمَ الكِتابِ وَالسُّنَّةِ فَرْضٌ، ولا يُفْهَمُ إِلَّا بِفَهْمِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، وما لا يَتِمُّ الواجبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ واجِبٌ. 40- قال تعالى: {{إِنَّا أَنْزَلْناهُ}} ، ولم يقل: "خَلَقْناهُ"، وذلك رَدٌّ على المعتزلةِ القائلينَ بِخَلْقِ القرآنِ. 41- مِن بَلاغَةِ البَلِيغِ مُراعاةُ مُقتَضى الحالِ في الخِطابِ؛ فخُوطِبَ العربُ بما يَفهَمونَ لُغَتَهم، فلا يُخاطَبُ الجاهِلُ كالعالِمِ، ولا العالِمُ كالجاهِلِ، ولا البَدْوِيُّ بمَفاهيمِ الحَضَرِيِّ، ولا الحَضَرِيُّ بمَفاهيمِ البَدْوِيِّ. 42- الحِكْمَةُ مِن إنزالِ القُرآنِ لا تَتِمُّ إلا بِتَعَقُّلِ مَعانِيهِ وتَدَبُّرِ آياتِهِ، فالتدبّرُ طريقُ فهمِ هُدى الله. 43- فِيهِ عَظِيمُ الأَثَرِ عَلَى مَنْ عَقَلَ المَرَادَ مِنَ الآيَاتِ. قالَ بَعْضُ السَّلَفِ: "كُلَّمَا قَرَأْتُ مَثَلًا فِي القُرْآنِ وَلَمْ أَعْقِلْهُ بَكَيْتُ عَلَى نَفْسِي"، لأنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {{وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا العَالِمُونَ}} . 44- فِيهِ مَدْحُ أَهْلِ العِلْمِ وَالعَقْلِ ذِي البَصِيرَةِ، إِذْ سَمَّى اللهُ القُرْآنَ بَصَائِرَ، قَالَ تَعَالَى: {{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ}} . 45- {{لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}} مِنْ أَعْظَمِ مَقَاصِدِ القُرْآنِ الكَرِيمِ: حُصُولُ العَقْلِ وَالتمَيُّزِ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ لِمَنْ قَرَأَهُ. 46- فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَكانَةِ العَقْلِ فِي الإِسْلَامِ وَعِنَايَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ بِهِ. 47- {{إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}} ، فمع ما في هذه السورةِ من مشاهدَ تُثيرُ العاطفةَ، إلا أنَّ مَردَّها إلى العَقْلِ. 48- تَزدادُ العُقولُ رِجاحًا بمُصاحَبةِ أهلِ العقلِ وسَماعِ الحِكمَةِ، وفِي القُرآنِ يزدادُ العقلُ رِجاحًا بكثرةِ الاقتِرابِ منه ومُصاحبتِه. 49- مِن مَقاصِدِ القُرآنِ إيقاظُ العَقْلِ وتَوجيهُه، فَهُوَ نَهْرٌ للبصائرِ يُنيرُ طريقَ الفَهْمِ والهُدى. 50- {{لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}} ، فَإِنَّ مِن مَهامِّ القُرآنِ هِدايةَ العَقْلِ إلى التَّفكُّرِ السَّليمِ والطَّرِيقِ المُستقيمِ. 51- حَذْفُ مَفْعولِ {{تَعْقِلُونَ}} يُفيدُ العُمومَ، فَمَن يُقْبِلُ على القُرآنِ يَعْقِلُ أُمورًا كثيرةً في الدِّينِ وَالدُّنيا، مِنَ العِلْمِ وَالإعْجازِ وَغَيْرِهِ، لا تُحْصَى بِتَخْصِيصٍ واحِدٍ. 52- {{لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}} ، دَليلٌ وثَناءٌ على أنَّ أَفْضَلَ سبيلٍ لِفَهْمِ المرادِ هو لُغةُ العَرَبِ، فَهِي أَقْدَرُ اللُّغاتِ على بَيَانِ المقصودِ. 53- العَقْلُ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ، بِهِ يُتوَصَّلُ إلى الهِدايةِ وَمَصْلَحَةِ وَسَعَادَةِ الدَّارينِ. 54- قال ابن عاشور في تفسيره (12/202): وَعَبَّرَ عَنِ الْعِلْمِ بِالْعَقْلِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ دَلَالَةَ الْقُرْآنِ عَلَى هَذَا الْعِلْمِ قَدْ بَلَغَتْ فِي الْوُضُوحِ حَدَّ أَنْ يَنْزِلَ مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِلْمُ مِنْهَا مَنْزِلَةَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ، وَأَنَّهُمْ مَا دَامُوا مُعْرِضِينَ عَنْهُ فَهُمْ فِي عِدَادِ غَيْرِ الْعُقَلَاءِ.
__________________
|
|
#12
|
||||
|
||||
|
سوانح تدبرية من سورة يوسف أيمن الشعبان |4| {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ، وَبَعْدُ: فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْحِكَمِ وَالْغَايَاتِ مِنْ إِنْزَالِ الْآيَاتِ التَّدَبُّرُ وَالتَّفَكُّرُ وَاسْتِخْرَاجُ الدُّرَرِ وَالْمَكْنُونَاتِ، قال تعالى: {{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}} [ص:29]. يقول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (1/450): فَلَيْسَ شَيْءٌ أَنْفَعَ لِلْعَبْدِ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ، وَأَقْرَبَ إِلَى نَجَاتِهِ مِنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ، وَإِطَالَةِ التَّأَمُّلِ فِيهِ، وَجَمْعِ الْفِكْرِ عَلَى مَعَانِي آيَاتِهِ. قال سفيان بن عيينة رحمه الله (زاد المسير في علم التفسير، 2/370): إِنَّمَا آيَاتُ الْقُرْآنِ خَزَائِنُ، فَإِذَا دَخَلْتَ خِزَانَةً فَاجْتَهِدْ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْهَا حَتَّى تَعْرِفَ مَا فِيهَا. الْعَيْشُ مَعَ الْقُرْآنِ حَيَاةٌ لِلْقَلْبِ، وَنُورٌ لِلْبَصِيرَةِ، وَرُشْدٌ لِلطَّرِيقِ؛ فَمَا أَصْفَى الْأَوْقَاتِ وَأَبْرَكُهَا حِينَ يَخْلُو الْإِنْسَانُ بِكِتَابِ اللهِ، يَتَأَمَّلُ آيَاتِهِ الْبَاهِرَاتِ، وَيَتَدَبَّرُ أَعْظَمَ الْقَصَصِ وَأَحْسَنَهَا، فَيَسْتَشْعِرُ مَعِيَّةَ اللهِ وَرِعَايَتَهُ وَلُطْفَهُ وَكَرَمَهُ. فَكُلُّ قِصَّةٍ فِي الْقُرْآنِ نَافِذَةٌ تُطِلُّ عَلَى أَعْمَاقِ الرُّوحِ، تَغْرِسُ مِنْ خِلَالِهَا جُذُورَ الْإِيمَانِ، وَتُبْنَى بِهَا الْأَخْلَاقُ وَالسُّلُوكُ الرَّاسِخُ، وَتَفْتَحُ لِلْقَلْبِ بِهَا آفَاقَ الْفَهْمِ وَالنُّورِ وَالطُّمَأْنِينَةِ. قال تعالى: {{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)}} يَقُولُ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ – أَيُّهَا الرَّسُولُ – أَحْسَنَ الْقَصَصِ لِصِدْقِهَا وَسَلَامَةِ أَلْفَاظِهَا وَبَلَاغَتِهَا، بِإِنْزَالِنَا عَلَيْكَ هٰذَا الْقُرْآنَ، وَإِنَّكَ كُنْتَ مِنْ قَبْلِ إِنْزَالِهِ مِنَ الْغَافِلِينَ عَنْ هٰذَا الْقَصَصِ، لَا عِلْمَ لَكَ بِهِ. (المختصر في تفسير القرآن الكريم). فوائد ووقفات وهدايات وتأملات: 1- اِفْتِتَاحُ الآيَةِ بِضَمِيرِ العَظَمَةِ {{نَحْنُ}} يُبَيِّنُ عَظَمَةَ المُخْبِرِ ـ وَهُوَ اللهُ ـ وَشَرَفَ المُخْبَرِ بِهِ ـ وَهُوَ النَّبِيُّ ﷺ ـ وَجَلالَةَ الخَبَرِ ـ وَهُوَ القِصَّةُ ـ وَمَنْ يَدُورُ عَلَيْهِ الخَبَرُ ـ وَهُوَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. 2- فِي افْتِتَاحِ الآيَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ}} تَكْرِيمٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ؛ إِذْ تَلَقَّى هٰذَا الحَدِيثَ مُبَاشَرَةً مِنْ رَبِّهِ بِلا وَاسِطَةٍ، خِلَافًا لِمَا لَوْ قِيلَ: "اللهُ يَقُصُّ عَلَيْكَ"، فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِوَاسِطَةٍ فِي التَّبْلِيغِ، وَبَيْنَ العِبَارَتَيْنِ بَوْنٌ بَعِيدٌ. 3- تَقْدِيمُ الضَّمِيرِ عَلَى الخَبَرِ الفِعْلِيِّ يُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ، أَيْ: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ، لَا غَيْرُنَا. 4- {{نَحْنُ نَقُصُّ} } فِيهِ إِثْبَاتُ الأَفْعَالِ الاِخْتِيَارِيَّةِ للهِ جَلَّ وَعَلا، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُه. 5- فَائِدَةُ الفِعْلِ المُضَارِعِ {{نَقُصُّ}} : إِشَارَةٌ إِلَى التَّجَدُّدِ وَالِاسْتِمْرَارِ، وَأَنَّ القَصَصَ مُتَتَالِيَةٌ. 6- أَحْسَنُ القَصَصِ: أَصْدَقُهَا حَدِيثًا، وَأَشْرَفُهَا غَايَةً، وَأَكْرَمُهَا مَقْصِدًا، وَأَقْوَمُهَا طَرِيقًا. 7- قَصَصُ القُرْآنِ أَحْسَنُ القَصَصِ؛ فَهِيَ القَصَصُ الحَقُّ، سِيقَتْ لِلْعِبْرَةِ وَالِاتِّعاظِ، لِتُؤَدِّيَ إِلَى صَلَاحِ الفَرْدِ وَالمُجْتَمَعِ. 8- لَمَّا كَانَ القُرْآنُ أَكْمَلَ الكُتُبِ؛ تَضَمَّنَ أَحْسَنَ الكَلَامِ، وَأَبْلَغَ البَيَانِ، وَأَرْوَعَ القِصَصِ، وَأَحْكَمَ الأَحْكَامِ. 9- لَنْ يَجِدَ الإِنْسَانُ مَنْهَجًا وَلَا كِتَابًا يُبَيِّنُ الحَقَائِقَ، وَيَمْنَحُهُ أَحْسَنَ الهَدْيِ وَالأَحْكَامِ وَالأَخْلَاقِ، أَعْظَمَ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. 10- سُمِّيَت سُورَةُ يُوسُفَ أَحْسَنَ القَصَصِ؛ لِحُسْنِ عَوَاقِبِ أَهْلِهَا، وامتِدَادِ أَحْدَاثِهَا، وَكَثْرَةِ مَا فِيهَا مِنَ العِبَرِ، وَلِصَبْرِ يُوسُفَ وَعَفْوِهِ، وَلِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ تَقَلُّبَاتٍ بَيْنَ مِحْنَةٍ وَمِنْحَةٍ، وَذُلٍّ وَعِزٍّ، وَسِجْنٍ وَمُلْكٍ. كَذَلِكَ لِمَا ضَمَّتْهُ مِنْ صُوَرِ الحَيَاةِ وَأَحْوَالِ النَّاسِ، وَمَوَاضِعِ الحِكْمَةِ وَالعِبْرَةِ، حَتَّى صَارَتْ أَعْظَمَ قِصَّةٍ يَنْتَفِعُ بِهَا أُولُو الأَلْبَابِ. 11- تَكْرِيمُ اللهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَتَشْرِيفُهُ بِالرِّسَالَةِ وَالإِيحَاءِ إِلَيْهِ: {بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْك}. 12- القَصَصُ القُرْآنِيُّ فَائِقُ الحُسْنِ عَلَى كُلِّ قَصَصٍ سِوَاهُ، وَلَوْ كَانَ فِي الكُتُبِ السَّالِفَةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللهُ عَلَى رُسُلِهِ. 13- القَصَصُ القُرْآنِيُّ مُعْجِزٌ فِي كُلِّ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ: {{نَحْنُ نَقُصُّ}} . 14- القِصَصُ تَضُمُّ الحَسَنَ وَالسيِّئَ؛ فَهِيَ تَعْرِضُ الْمُثُلَ الأَخْلَاقِيَّةَ وَالأَخْطَاءَ لِتَكُونَ عِبْرَةً وَهُدًى لِلمُتَعَلِّمِينَ. 15- فِيهَا حَثٌّ عَلَى الاهْتِمَامِ بِالقَصَصِ القُرْآنِيَّةِ وَالنَّبَوِيَّةِ وَالتَّارِيخِيَّةِ، وَدِرَاسَتِهَا وَتَعَلُّمِ مَا فِيهَا مِنْ عِبَرٍ وَفَوَائِدَ. 16- التَّحْذِيرُ مِنَ القِصَصِ وَالرِّوَايَاتِ الشَّيْطَانِيَّةِ الْخَيَالِيَّةِ الَّتِي تُفْسِدُ عُقُولَ الشَّبَابِ المُسْلِمِ وَتُدَمِّرُهَا. 17- القَصَصُ القُرْآنِيَّةُ مِنْ أَهَمِّ أَسَالِيبِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى. 18- البَوْنُ الشَّاسِعُ مِنْ جَمِيعِ النَّوَاحِي بَيْنَ مَا يَقُصُّهُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَمَا يَقُصُّهُ البَشَرُ. 19- إثباتُ نبوّةِ محمدٍ ﷺ وتقريرُها بأقوى برهانٍ عقليٍّ وأعظمِ دليلٍ نقليٍّ؛ فهذه القصّةُ من دلائلِ نبوّةِ المصطفى ورسالته عليهِ الصلاةُ والسلام؛ إذ قال تعالى: {{وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}} ، وقال في ختامها: {{وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ}} ، فمن الذي أخبره بتفاصيلِ ما غاب عنه؟ لا ريبَ أنّه رسولُ الله حقًّا. 20- عَيَّنَ اللهُ تعالى المَرَادَ بِاسْمِ الإِشَارَةِ وَاسْمِ العِلْمِ، فَقَالَ: {{هٰذَا القُرْآنُ}} ، لِيُبَيِّنَ أَنَّ إنْزَالَهُ هُوَ مَجْمَعُ الخَيْرَاتِ. 21- { {بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هٰذَا القُرْآنُ}} دَلَّ عَلَى أَنَّ القُرْآنَ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ حَقِيقَةً. 22- فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَخْبَارَ الْمُغَيَّبَاتِ تُؤْخَذُ مِنَ الوَحْيِ، لا مِنْ عِلْمٍ بَشَرِيٍّ. 23- فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى ضَلاَلِ وَكَذِبِ أُولَئِكَ الزَّاعِمِينَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ الْمُغَيَّبَاتِ، مِنْ سَحَرَةٍ وَكَهَنَةٍ وَعَرَّافِينَ وَقُرَّاءِ الكُفِّ وَالفَنَاجِيلِ. 24- قَوْلُهُ تَعَالَى: {{وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الغَافِلِينَ}} رَدٌّ عَلَى سُفَهَاءِ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ زَعَمُوا: {إِنْ هٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}، كَمَا قال اللهُ عَنْهُمْ: {{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُـمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}} . 25- الإنْسَانُ بِغَيْرِ القُرْآنِ مِنَ الغَافِلِينَ؛ فَأَنْتَ دُونَهُ قَدْ تَغْفَلُ عَنْ قَضَايَا هَامَّةٍ فِي حَيَاتِكَ. 26- فَائِدَةُ جَعْلِه {{مِنَ الغَافِلِينَ}} دُونَ أَنْ يُوَصَفَ ﷺ بِالغَفْلَةِ حَصْرًا، للإشَارَةِ إِلَى تَفْضِيلِهِ بِالْقُرْآنِ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ، فَشَمِلَ هَذَا الفَضْلَ أَصْحَابَهُ وَالمُسْلِمِينَ عَلَى تَفَاوُتِ مَرَاتِبِهِمْ فِي العِلْمِ. 27- الرُّؤَى المُبَشِّرَةُ مِنْ أَحْسَنِ القِصَصِ، لِذَلِكَ قِيلَ بَعْدَهَا: {{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ…}} . 28- {{وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الغَافِلِينَ}}؛ فَالغَفْلَةُ الْمَذْمُومَةُ هِيَ أَنْ يَبْلُغَ الإِنْسَانُ شَيْئًا وَيَعْلَمَهُ ثُمَّ يَغْفَلُ عَنْهُ، وَفِيهِ لا يُعْذَرُ الإِنْسَانُ. أَمَّا مَنْ كَانَ غَافِلًا عَنْ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ، فَهُوَ مَعْذُورٌ، لِأَنَّهُ لا عِلْمَ لَهُ بِمَا لَمْ يَعلَم أو تُعُلِّم. 29- {{وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الغَافِلِينَ}} ؛ فَكُلُّ مَا وَصَلْتَ إِلَيْهِ مِنَ العِلْمِ وَالحِفْظِ وَالمَكانَةِ وَالفَضْلِ، فَهِيَ مَوَاهِبُ مِنَ اللهِ وَحْدَهُ، لَيْسَتْ مِنْكَ وَلا بِجُهْدِكَ وَلا بِكَدِّكَ. 30- الإِنْسَانُ لا يَعْلَمُ إِلَّا أَنْ يُعَلَّمَ، وَاللهُ يُعَلِّمُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ بِمَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُونَهُ، قَالَ تَعَالَى: {{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}} . 31- العَقْلُ يَظَلُّ فِي غَفْلَةٍ – مَهْمَا كَانَ ذَكِيًّا – حَتَّى يَتَلَقَّى عِلْمًا يَنْقُلُهُ إِلَى دَائِرَةِ الوَعْيِ. 32- يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ القَصَصَ مِنْ جُمْلَةِ العُلُومِ وَالمَعَارِفِ، وَهِيَ مِنْ أَسَالِيبِ التَّعْلِيمِ وَالتَّرْبِيَةِ.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |