الحضارات والمناهج التنويرية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 449 - عددالزوار : 7747 )           »          فضائل المعوذتين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          قِيمَةُ العَمَلِ في الإِسْلَامِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الاختلاف المثمر بين الزوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          مقبرةُ القرارات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أن يكون القرآن حيّا في جوانبنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          أخلاقُك تُعرف مِن كلماتك لا مِن هيئتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          خطوات الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          وقفة مع الخشوع في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          مع فتية الكهف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-11-2025, 09:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,336
الدولة : Egypt
افتراضي الحضارات والمناهج التنويرية

الحضارات والمناهج التنويرية

د. عبدالله بن يوسف الأحمد

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، أما بعد:
فإن التاريخ حافلٌ بالتجارب الحضارية والمدنية، وقد فُتِنَ قومٌ من جيل آبائنا بالحضارة الاشتراكية، وزبالات الأفكار القومية الناصرية، واليوم تَغلغلت المفاهيم الرأسمالية المادية المنبثقة عن حضاراتها المؤسِّسة لها المنظِّمة لمشاريعها، والشباب المسلم يتساءل: ما الموقف الشرعي من الحضارة المعاصرة من جهة الأصل؟

إن الجواب الكافي في كتاب الله تعالى لِمَن تأمل طرائقَ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في التعامل مع المنجزات الحضارية، ومَخزون العلوم والفنون المدنية في عصورهم.

وحسبك هدي النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين في التعاطي مع مظاهر الحضارة في الإمبراطورية الفارسية الشرقية، والإمبراطورية الرومانية الغربية، والحضارة المصرية الإغريقية.

إن نافذة التنوير الحقيقي في الأرض هي الإسلام؛ كما قال ربُّنا: ﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [إبراهيم: 1]؛ قال ابن تيمية: (وعند المسلمين من العلوم الإلهية الموروثة عن خاتم المرسلين ما ملأ العالم نورًا وهدًى)؛ انتهى كلامه رحمه الله من مجموع الفتاوى، 2 /84.

لقد ربَّى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم على أن تلك المجتمعات المتمدِّنة بحاجة إليكم أضعاف ما تحتاجونهم؛ فهم إن ملكوا فإنما يملِكون الوسائل وأنتم تعرفون الغايات، وشتَّان بين منزلة الوسيلة والغاية.

وهذا لا يُلغي مطلب بذل الأسباب المادية، وتلمُّس وسائل القوة؛ حتى لا يكون المسلمون مستضعفين مغلوبين، بل قد انتفع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالوسائل النافعة التي دخلت عليهم، لكن لم يُفتنوا بأهلها، ولم يَنبَهروا بثقافات أصحابها، والمقصود هنا ردُّ المفاهيم إلى أصولها المستقيمة، وإنزالها من الشريعة موضعَها الصحيحَ، لا سيما في ظل ما يَنشره غُلاةُ الخِطاب المدني من كتابات وأفكار خلاصتها أن الله أرسَل الرسل وأنزل الكتب لقضايا هامشية ثانوية، حاشا لله، وفي الجملة فإن الغلو المدني يَنبوعُ الانحرافات الثقافية المتنوعة.

والله جلَّ جلاله إنما أرسل رسلَه لأسمى الغايات وأشرف المطالب، وهي إقامة الدين في الأرض، وعبادة الله وحده لا شريك له: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ﴾ [الشورى: 13]، فيا فوزَ الآخذين بنور الله، العامرين به دارَهم الأخرى.

ومن أمثلة الأفكار والمناهج التنويرية المستوردة: ما ابتُلي به المسلمون في خلافة المأمون من العلوم الكلامية والطرائق الفلسفية التي تبنَّاها الجهمية والمعتزلة في فَهْم الوحي، على أن منهج المعتزلة العقلاني لم يكن منهزمًا أمام اليونان والرومان، بل كان يُمثل مدرسة دينية غالية أخرَجت الفُسَّاق من الإسلام، وشرَّعت المنابذة المسلحة لأئمة الجَوْر، وقامت في وجه الفلسفة الإغريقية بنفس أدواتها، ووَصفهم العلماء بأنهم أصحاب إرادات - أي: أهل نسك وعبادة - وكان لديهم نتاج عقلاني منظَّم، وإنما زاغوا لانشغالهم عن إصلاح عُجمتهم، وتنقيرهم بالعقول في الغيبيَّات، وتقديمها على مضامين المرويات، بل لغرض الاطِّراد في المقدمات الكلامية ردُّوا الأحاديث التي يصفونها بالآحاد، وقدَّموا الأقيسة العقلية الفاسدة على الحقائق اللغوية المعروفة من لسان العرب، والحقائق الشرعية الثابتة من وحي السماء؛ إذ قالوا: القرآن مخلوق، وإذا كان مخلوقًا فهو ناقصٌ يَرِدُ عليه الخطأ كما يرد على سائر المخلوقات، الأمر الذي تَمخَّضت عنه أصولهم الخمسة المعروفة، ولم يُعرضوا عن الشرائع العملية انبهارًا بأُمة من أُمم الكفر، وتُراث أرسطو وأزلامه، فالمعتزلةُ مدرسة غُلو في الجملة، لا مدرسةُ هَوانٍ وخُنوعٍ وتَساهُلٍ، وهي منظومةٌ عقلانية متماسكة في الخارج - وإن أظهَر المحقِّقون تناقُضاتها الداخلية - تَفوق قدراتها ظاهرةَ التنوير المعاصرة وكُتَّابها.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 47.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.97 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.50%)]