|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ضبط الشهوة وتأثيره في التحصيل العلمي لدى الشباب: قراءة مقارنة بين المنهج الإسلامي والنموذج الغربي د. محمد موسى الأمين مقدمة: في عصر تتسارع فيه التحديات الثقافية والتقنية، يبرز سؤال جوهري يتعلَّق بالشباب: هل تؤثر الشهوة الجنسية، إن لم تُضبط، في الأداء العلمي والمعرفي؟ وهل صحيح أن تراجع كثير من الشباب عن تحقيق أهدافهم العلمية له صلة مباشرة بطريقة تعاملهم مع هذه الغريزة؟ هذا المقال يتناول الموضوع من زاويتين متكاملتين: الأولى: شرعية تربوية مستمدة من المنهج الإسلامي، والثانية: تحليل علمي نفسي مستند إلى دراسات غربية حديثة، بهدف بيان أثر ضبط الشهوة في الحفاظ على الطاقة الذهنية والتحصيل الأكاديمي، مقارنةً بتفريغها بشكل غير منضبط، وأثر ذلك في التشتُّت الذهني وضعف التركيز. أولًا: الغريزة الجنسية بين الطبيعة الإنسانية والانفلات المعاصر: خلق الله الإنسان بغرائز مركوزة فيه، من أبرزها الغريزة الجنسية. هذه الغريزة ليست شرًّا محضًا؛ بل هي جزء من نظام التوازن البشري، حيث إنها تضمن استمرار النسل، وتُعزز مشاعر الود والمحبَّة بين الزوجين، وتمنح النفس البشرية طُمَأْنينة واستقرارًا. غير أن هذه الغريزة، إن لم تُضبط، تصبح مصدرًا للاضطراب النفسي والفكري. فالإسلام لم يأتِ ليكبت هذه الغريزة؛ بل جاء ليضبطها ويهذبها، ويصرفها في القنوات المشروعة كالزواج؛ يقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ [المؤمنون: 5، 6]. أما في بعض الثقافات الغربية، فقد رُوِّج لفكرة التفريغ الحر وغير المنضبط للشهوة على أنه حق شخصي ووسيلة للراحة النفسية والتفريغ الذهني، غير أن الواقع والدراسات الحديثة تكشف عن نتائج صادمة لهذه الفرضية. ثانيًا: الأثر النفسي والعقلي لتفريغ الشهوة المحرمة: تشير الأبحاث إلى أن الانشغال المفرط بالشهوة- سواء عبر العلاقات المحرَّمة أو الإباحية أو العادة السرية- يؤدي إلى سلسلة من الأضرار النفسية والعقلية والسلوكية: 1. ضعف التركيز والتحصيل الدراسي: ♦ دراسة من جامعة كامبريدج (2014) وجدت أن مدمني الإباحية يعانون انخفاض النشاط في مناطق الدماغ المرتبطة بالتحفيز والانتباه؛ مما ينعكس على قدرتهم على الدراسة والعمل بشكل متواصل. ♦ دراسة نشرتها The Journal of Adolescent Health (2016) وجدت أن الاستخدام المفرط للإباحية يرتبط بانخفاض الدرجات الأكاديمية بين طلاب المرحلة الثانوية والجامعية. 2. تآكل الإرادة وضعف الانضباط الذاتي: ♦ أظهرت أبحاث جامعة ستانفورد أن الإفراط في التعرض للمواد الجنسية يؤدي إلى تبلُّد الاستجابة العصبية وتراجع في دوائر المكافأة في الدماغ؛ ما يجعل الشاب يفتقر إلى التحفيز الداخلي اللازم للإنجاز والتحصيل. 3. الاكتئاب وتراجع احترام الذات: ♦ دراسة في Journal of *** Research (2017) بيَّنت أن المستخدمين المنتظمين للإباحية غالبًا ما يعانون اضطرابات في المزاج، وتدني احترام الذات، ومشاعر بالذنب تعوق قدرتهم على النجاح والتفوق. ثالثًا: الإسلام وبناء النموذج المتوازن في ضبط الغريزة: بالمقابل، يقدم الإسلام نموذجًا متكاملًا لضبط الشهوة بطريقة تحفظ للشباب كرامتهم وطاقتهم، وتوجههم نحو الزواج والعفَّة، ويتحقق ذلك عبر مجموعة من الوسائل التربوية: 1- التربية على غضِّ البصر والصبر: قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ [النور: 30] التدريب على غضِّ البصر يُعَدُّ تمهيدًا عمليًّا للتحكم في الشهوة وتوفير الطاقة الذهنية والنفسية في الاتجاه الصحيح. 2- الصيام كوسيلة لكسر الشهوة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفرج، ومن لم يستطِعْ فعليه بالصوم، فإنه له وِجاء"؛ (رواه البخاري ومسلم). الصيام لا يكسر الشهوة فحسب، بل يعزز الإرادة الذاتية، وينمي الصبر، وهما من أهم مفاتيح النجاح العلمي. 3- الزواج المبكر وتحصين الفطرة: الزواج المبكر لا يمنح الشاب فقط تفريغًا شرعيًّا للشهوة؛ بل يُشعره بالمسؤولية، ويُبعده عن القلق والانشغال بالبحث عن المتعة العابرة، ويخلق له بيئة آمنة تساعد على الإنجاز والتخطيط للمستقبل. رابعًا: المقارنة بين النموذجين: نتائج ملموسة من أرض الواقع: نلاحظ من خلال الشهادات الواقعية أن كثيرًا من الشباب الغربيين الذين يتبعون نمطًا متحررًا جنسيًّا يعانون من التشتُّت الذهني، والفشل في الدراسة، والإدمان الجنسي، والاكتئاب. في المقابل، يُلاحظ أن من يحفظون فروجهم ويضبطون شهواتهم في ضوء الشريعة، لديهم من الطمأنينة والثقة بالنفس ما يعينهم على تحقيق إنجازات علمية راسخة. وفي دراسة بعنوان Religion and Academic Performance نُشرت عام 2019، وُجد أن المراهقين الذين يشاركون في الأنشطة الدينية بانتظام أكثر عرضة بنسبة 87 % للتفوق الأكاديمي مقارنة بغيرهم. خامسًا: اعترافات من داخل النموذج الغربي: من اللافت أن بعض المفكرين الغربيين بدأوا يدقون ناقوس الخطر. يقول الدكتور فيليب زيمباردو- أستاذ علم النفس بجامعة ستانفورد – في كتابه The Demise of Guys: "الشباب اليوم يعانون حالة عزلة نفسية وجنسية بسبب الإباحية والعلاقات غير الجادة، وهذا يقضي على إمكانياتهم في الإنجاز والتفوق، ويخلق جيلًا هشًّا لا يملك قوة الإرادة". خاتمة: من يضبط شهوته يضبط مستقبله: من خلال ما سبق، يتضح أن الشهوة ليست عدوًّا يجب محاربته، ولا حقًّا مطلقًا يجب تركه بلا قيد؛ بل هي طاقة إذا أُهملت دمرت، وإذا ضُبطت أثمرت. وقد أثبت الواقع والتجارب أن من يلتزم بهدي الإسلام في تربية النفس وضبط الغرائز يعيش اتزانًا نفسيًّا، واستقرارًا ذهنيًّا، وتفوقًا علميًّا، مقارنةً بمن انغمسوا في دوَّامات الشهوة بلا رقيب ولا ضابط. من هنا، فإن دعوة الشباب إلى العِفَّة والزواج عند البلوغ ليست خطابًا تقليديًّا؛ بل هي منهج حضاري واقعي لبناء جيل واعٍ متفوق، قادر على صناعة حضارة، لا جيل مستهلك يبحث عن اللذة وينهار أمام أول تحدٍّ. المراجع: 1) Kühn, S., & Gallinat, J. (2014). Brain structure and functional connectivity associated with pornography consumption: The brain on porn. JAMA Psychiatry, 71(7), 827–834. 2) Wright, P. J., Tokunaga, R. S., & Kraus, A. (2016). Consumption of pornography, perceived addiction, and religious beliefs. Journal of *** Research, 53(3), 310–321. 3) Perry, S. L., & Schleifer, C. (2019). Religion and Academic Performance: A longitudinal study. Psychology of Religion and Spirituality. 4) Zimbardo, P., & Coulombe, N. (2012). The Demise of Guys: Why Boys Are Struggling and What We Can Do About It. TED Books. 5) وزارة الشؤون الإسلامية، (2021)، التوجيهات النبوية في تربية الشباب. الرياض: مركز البحوث الإسلامية.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |