نصائح وضوابط إصلاحية - الصفحة 6 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4988 - عددالزوار : 2107508 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4567 - عددالزوار : 1385025 )           »          أبو الفتح ابن سيد الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          الخوارج تاريخ وعقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 1503 )           »          ما أحلى سويعات قربك يا أمي!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          دور المسجد في الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          هل تشكو من عصبية زوجك أو ولدك أو جارك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          أصحاب الأخدود... عبر ودروس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 80 )           »          العُمَران (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          إني أحبك أيها الفاروق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 19-07-2025, 03:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (51)



كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
خطوات تحقيق الهدف الخاص بتماسك الكيان وزيادة تأثيره الإصلاحي:
1- التنسيق مع أعضاء ملف تربية النشء للوجود؛ بحيث يمكنهم التعامل مع الأبناء المصاحبين لأمهاتهم والتعرُّف عليهم.
2- التنسيق مع الملف العلمي لإعداد المواد المطلوبة في التوعية.
3- التنسيق مع الملف الإعلامي لعرض بعض المقاطع الخاصة بالفاعليات أو الخدمات الأخرى المقدَّمة من الكيان للمجتمع.
4- التنسيق مع الملف الاجتماعي لإعداد دراسة حالة لمن يتواجد في تلك القوافل المدعمة لإمكانية متابعته خدميًّا بعد ذلك في أماكنهم عبر الجمعيات الخيرية المتاحة.
5- التنسيق مع الإدارة الجغرافية المعنية لأخذ الموافقات اللازمة للقافلة وتوفير الميزانية المطلوبة لتقديم الخدمة، وتحضير بعض الهدايا البسيطة للمستفيدين من الخدمة، تعمل على حفر الذكريات الطيبة في نفوس المستفيدين تجاه الكيان الإصلاحي.
6- عمل جلسات تحضيرية وترتيبية بين الأعضاء في الإدارة والملفات؛ لتوزيع الأدوار داخل إدارات وملفات الكيان المختلفة، والعمل على ربط المستفيدين ومحبيهم بالأعمال والملفات التي يمكنها تعظيم الاستفادة لهم في مجالات أخرى يحتاجونها.
تنبيهات مهمة بتهديف الأنشطة:
1- لا توجد إنجازات ونتائج حقيقية ملموسة في أي نشاط بدون أهداف واضحة.
2- كلما كانت الأهداف مرتبطة بالواقع وعلاج مشاكله، كان الأمر دافعًا للقائمين على العمل أن يحرصوا على النجاح، وكان أكبر جذبًا للمستفيدين، وأعظم أثرًا في المجتمع.
3- الإنجازات هي أعظم المحفِّزات على الاستمرار.
4- الأهم من تأدية النشاط هو: أن يكون النشاط مثمرًا؛ فليست العبرة أن تتقدَّم بسرعة في أي اتجاه، بل العبرة أن تتقدَّم في الاتجاه الصحيح.
5- الرؤية الواضحة تصنع هدفًا مناسبًا؛ فاحذر أن تجعل من أهدافك حلمًا، بل اجعل من أحلامك عبر إدراكك للواقع هدفًا.
6- التكاملية في الأداء من أهمِّ وسائل تحقيق الأهداف، وتماسك الكيان، وجودة الأداء؛ فلا بد من الحرص الدائم على تحقيق التعاون بين الإدارات والملفات المختلفة داخل الكيان الإصلاحي؛ فالكيان هو صانع الإدارات ومنشئ الملفات وَفْقًا لرؤيته الإصلاحية الجماعية، وليس العكس؛ بمعنى أن النظرة الفردية لأحد الإدارات أو الملفات المعنية بنشاطٍ ما، لا يمكن أن تكون حاكمة على الرؤية الجماعية الإصلاحية للكيان؛ لأن هذا قد يتسبب في شرذمة الكيان ووجود صراعات، ومِن ثَمَّ إضعاف المسار الإصلاحي المراد. 
ضمان الاستمرارية:
من أكبر المهام الفارقة في تحقيق الإصلاح المنشود في المجتمع: استمرارية الإصلاح وعدم الانقطاع؛ فإحداث التغيير الإصلاحي المنشود في المجتمع بوجهٍ عامٍّ، لا يكون بضربة حظٍّ تحدثُ فجأة، بل هو عمل دؤوب متتابع عبر أجيال وأجيال؛ لذلك لا بد للمؤسسات والكيانات الإصلاحية أن تحرص على استمرارية رسالتها وعدم انقطاعها بموت الرعيل الأول فيها، بل يجب عليها أن تعمل على عِدَّة محاور في هذا المضمار من أول يوم، وذلك عبر الاهتمام بعدة أمور مهمة كما يأتي:
1- التوريث الدعوي الإصلاحي.
2- المعايشة الدعوية والتربوية.
3- التفويض والمتابعة.
4- حسن اكتشاف الطاقات وبناء الكوادر.
5- بناء فِرَق عمل ناجحة.
1- التوريث الدعوي الإصلاحي:
كثيرًا ما نستمع لتلك المقولة الواقعية التي تدعو إلى عدم إهدار الجهود السابقة المبذولة والتي تتلخص في: "فلنبدأ من حيث انتهى الآخرون"، وفي المؤسسات الإصلاحية نحتاج إلى تطوير هذه المقولة بأن ننبِّه على ضرورة التمسك بشعار ومقولة جديدة مهمة؛ تضمن الاستمرارية الإصلاحية في المجتمع، وهي: "قم وأصلح واقعك، وأكمل ما بناه الأولون"، ونعني بذلك استمرارية الإصلاح المجتمعي وَفْقًا للمنهج الصحيح، بناءً على المكتسبات والخبرات المتراكمة التي تحصَّلت عند القادة المصلحين الأولين، وذلك من خلال إيجاد كوادر وصفوف متتالية من الأفراد المصلحين في المؤسسة الإصلاحية قادرين على استمرارية حمل مشاعل الإصلاح المجتمعي، ونشر الخير في الناس وَفْقًا للمنهج الإصلاحي الصحيح.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #52  
قديم 22-07-2025, 12:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (52)



كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مفهوم التوريث الدعوي:
ما نعنيه هنا بالتوريث الدعوي -المحقق للاستمرارية- هو: بناء منظومة إجراءات متكاملة داخل المؤسسات الإصلاحية عبر الإدارات المختلفة فيها، أو عبر قياداتها أو المؤثرين فيها، بما يسهم بشكل سلس في توريث المنهج والخبرات والمكتسبات الإصلاحية إلى الأجيال القادمة، مع العمل على تطويرها وزيادة كفاءتها، لتسهم في تحقيق الغاية الإصلاحية الكبرى التي من أجلها خُلِق الخَلق، وهي: العبودية.
فالتوريث الدعوي -بهذا المفهوم- يعد ضرورة ملحة وليست كمالية، بل هو واجبٌ على كل الدعاة والمؤسسات الإصلاحية، ففيه يُقدِّم السابق للاَّحق خلاصة تجاربه، وعصارة خبراته الإصلاحية، ليكمل اللاحق من حيث انتهى الأول، وبهذا لا تُهدَر الجهود، ويستمر المسير، ويُطمئَن معه على عدم الوقوع في الزلل والخلل -بعد فضل الله-؛ لا سيما مع عِظَم المكر من أهل الباطل، وكثرة الشبهات، وانتشار الشهوات في المجتمعات والأجيال عبر آليات ووسائل متنوعة.
إن من الخطورة الشديدة والتحديات الكبيرة التي تتعرَّض لها المؤسسات الإصلاحية: أن يغادر المسئولون مواقعهم التي مكثوا فيها سنوات -بسبب الموت أو المرض أو خلافه- فيأتي مَن لا خبرة له، أو صاحب خبرة ضحلة ليتولى مسئولية عمل لم يتقنه، ولم يحط به علمًا من كافة جوانبه كما ينبغي، أو يأتي مَن شارك في فريق ذلك المسئول عن العمل، ولكن بلا همة عالية لازمة لتحمل المسئولية -كالتي كانت من مميزات مسئوله السابق-، وفي كلتا الحالتين فإن هذا يعرض المؤسسة كلها لهزات عنيفة؛ إما لأنه في أكثر الأحيان سيبدأ طريقًا طويلًا يكاد يكون لا صلة له فيه بمَن سبقه، بل قد يخالفه، أو نظرًا لثقل التركة الإصلاحية التي تحتاج إلى همة وتحمل مسئولية حقيقة.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #53  
قديم 01-08-2025, 12:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (53)




كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
صور من اهتمام الأنبياء والمصلحين بمفهوم التوريث الدعوي:
لقد كان الأنبياء والمصلحون عبر الزمان من أشدِّ الناس حرصًا على هذا المسار لضمان الاستمرار في تحقيق الإصلاح، ومن ذلك:
أ- قوله -تعالى- قاصًّا قول زكريا -عليه السلام-: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (مريم:5، 6)، فزكريا -عليه السلام- يخاف انقطاع النبوة من نسله، ويريد مَن يرثه؛ يرث العلم ويرث النبوة.
قال ابن كثير -رحمه الله-: "وجه خوفه: أن خشي أن يتصرفوا بعده في الناس تصرفًا سيئًا؛ فسأل الله ولدًا يكون نبيًّا من بعده ليسوسهم بنبوته وما يُوحَى إليه فأجيب في ذلك؛ لا أنه خشي من وراثتهم له ماله؛ فإن النبي أعظمُ منزلة وأجلُّ قدرًا من أن يشفق على ماله إلى ما هذا حَدُّه أن يأنف من وراثة عصباته له، ويسأل أن يكون له ولد فيحوز ميراثه دونهم؛ هذا وجه. والثاني: أنه لم يُذكر أنه كان ذا مال، بل كان نجارًا يأكل من كسب يديه، ومثل هذا لا يجمع مالًا، ولا سيما الأنبياء -عليهم السلام-، فإنهم كانوا أزهد شيء في الدنيا. والثالث: أنه قد ثَبَت في الصحيحين من غير وجه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَا نُورَثُ، ‌مَا ‌تَرَكْنَاهُ ‌صَدَقَةٌ) (متفق عليه)، وعلى هذا فتعين حمل قوله: (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي) على ميراث النبوة" (تفسير ابن كثير).
ب- ما كان من توجيه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه في عِدَّة مواقف لبيان أهمية هذا السلوك المهم، فمن ذلك: قوله -صلى الله عليه وسلم-: (‌لِيُبَلِّغِ ‌الشَّاهِدُ ‌الْغَائِبَ، ‌فَإِنَّ ‌الشَّاهِدَ ‌عَسَى ‌أَنْ ‌يُبَلِّغَ ‌مَنْ ‌هُوَ ‌أَوْعَى ‌لَهُ ‌مِنْهُ) (متفق عليه)، وقوله صلى الله عليه وسلم - لوفد عبد القيس لما أرشدهم إلى بعض أمور دينهم -: (‌احْفَظُوهُ ‌وَأَخْبِرُوهُ ‌مَنْ ‌وَرَاءَكُمْ) (متفق عليه)؛ فهذا التناقل الذي يوجِّه إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو نوع من التوريث ولا شك.
ومن ذلك أيضًا: حرصه الدائم -صلى الله عليه وسلم- على استخلاف أبي بكر -رضي الله عنه- في الصلاة في مرضه؛ وحرصه الدائم -صلى الله عليه وسلم- على استشارة أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- في الأمور المهمة، فكان ماذا؟! كان أبو بكر -رضي الله عنه- هو الخليفة الأول، وعمر -رضي الله عنه- الخليفة الثاني.
ومن ذلك: مشاورته -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- في غزو قريش؛ كما روى ذلك ابن أبي شيبة عن محمد بن الحنفية رحمه الله عن أبي مالك الأشجعي -رضي الله عنه- قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ بَعْضِ حُجَرِهِ فَجَلَسَ عِنْدَ بَابِهَا، وَكَانَ إِذَا جَلَسَ وَحْدَهُ لَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَدْعُوَهُ، قَالَ: (ادْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ)، قَالَ: فَجَاءَ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ ‌فَنَاجَاهُ ‌طَوِيلًا، ‌ثُمَّ ‌أَمَرَهُ ‌فَجَلَسَ ‌عَنْ ‌يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي عُمَرَ، فَجَاءَ فَجَلَسَ مَجْلِسَ أَبِي بَكْرٍ فَنَاجَاهُ طَوِيلًا، فَرَفَعَ عُمَرُ صَوْتَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُمْ رَأْسُ الْكُفْرِ، هُمُ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّكَ سَاحِرٌ، وَأَنَّكَ كَاهِنٌ، وَأَنَّكَ كَذَّابٌ، وَأَنَّكَ مُفْتَرٍ، وَلَمْ يَدَّعِ شَيْئًا مِمَّا كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَقُولُونَهُ إِلَّا ذَكَرَهُ؛ فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ.
ثُمَّ دَعَا النَّاسَ فَقَالَ: (أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِمِثْلِ صَاحِبَيْكُمْ هَذَيْنِ؟) قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أَلْيَنَ فِي اللَّهِ مِنَ الدُّهْنِ فِي اللَّبَنِ)، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: (إِنَّ نُوحًا كَانَ أَشَدَّ فِي اللَّهِ مِنَ الْحَجَرِ، وَإِنَّ الْأَمْرَ أَمْرُ عُمَرَ، فَتَجَهَّزُوا)، فَقَامُوا فَتَبِعُوا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّا كَرِهْنَا أَنْ نَسْأَلَ عُمَرَ مَا هَذَا الَّذِي نَاجَاكَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: قَالَ لِي: (كَيْفَ تَأْمُرُونِي فِي غَزْوَةِ مَكَّةَ؟) قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُمْ قَوْمُكَ، قَالَ: حَتَّى رَأَيْتُ أَنَّهُ سَيُطِيعُنِي، قَالَ: ثُمَّ دَعَا عُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُمْ رَأْسُ الْكُفْرِ، حَتَّى ذَكَرَ كُلَّ سُوءٍ كَانُوا يَذْكُرُونَهُ، وَايْمُ اللَّهِ لَا تَذِلُّ الْعَرَبُ حَتَّى يَذِلَّ أَهْلُ مَكَّةَ، فَآمُرَكُمْ بِالْجِهَادِ وَلِتَغْزُوا مَكَّةَ. (أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه).
وللحديث بقية -إن شاء الله-.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #54  
قديم 08-08-2025, 12:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (54)




كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مرتكزات وآليات عملية التوريث الدعوي:
فلا بد أن ندرك أن عملية التوريث الدعوي ليست عملية عشوائية، بل هي عملية لها أُسس وآليات؛ فهي عملية ترتكز على ثلاثة مرتكزات:
1- موَّرِث (المسؤول العامل الحامل للمنهج الإصلاحي).
2- الوارث (المرشَّح لحمل المنهج الإصلاحي والعمل على نشره).
3- الميراث (المنهج الإصلاحي ذاته، وآليات وخبرات نشره وتطبيقه، والتي تحتاج -بلا شك- إلى توريث للمهارات والعلاقات).
وهذه المرتكزات الثلاثة التي تُبنى عليها عملية التوريث الدعوي يُحتاج معها إلى الاهتمام بتفعيل الآليات المتاحة عبر ممارسة عملية من الموَّرِث تجاه الوارث؛ لإكسابه الميراث المطلوب، تحقيقًا للهدف المنشود نحو استمرارية المسار الإصلاحي.
التوريث الدعوي وأثر فتح المسارات الإصلاحية أمام الأجيال:
يعد الاهتمام من القيادات بالتوريث الدعوي آكد معالم التميُّز والإخلاص في الشخصيات القيادية؛ فحرصك على التوريث الدعوي يلزمك أن تكون سببًا في تقوية مَن بعدك وتقديمه أمامك لغيرك، مع عدم وجود غضاضة في النفس من الاعتراف بتفوق مَن قدَّمته أنت عليك، كما قال الراهب للغلام: (أَيْ بُنَيَّ، أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ ‌مِنِّي) (رواه مسلم).
وهذا -لا شك- يحتاج إلى قلوب مخمومة، وأهل احتساب صادق، وأصحاب همٍّ إصلاحي حقيقي، يدفعهم لحسن اكتشاف الطاقات وبناء الكوادر، وفتح المسارات والمجالات أمام الكفاءات، وتقديمهم ودعمهم حتى يشتد عودهم، ويقومون بأدوارهم كما ينبغي عبر منظومة من العمل المنظَّم الذي يستلزم بناء فِرَق عمل ناجحة قادرة على ضمان الاستمرارية.
وسبحان الله! دائمًا نجد القاعدة المستقرة: "الجزاء من جنس العمل"، تتجلَّى مع مثل هذا السلوك الإيجابي؛ فنجد هؤلاء القادة الذين يهتمون بمثل هذه المسار التوريثي الإصلاحي يكونون دائمًا محط تقديم وتقدير وإجلال من الجميع في حياتهم، ويظل ذكرهم الحسن مستمر بعد موتهم مع ما يحصلونه من ديمومة أجرهم.
المعايشة الدعوية والتربوية:
نقصد بالمعايشة الدعوية والتربوية: تلك العلاقة الموجَّهة بين المسئول الموَّرِث والعضو الوارث، والتي تقوم على القُرب والاحتكاك المباشر، والاتصال القوي الذي يهدف إلى التوجيه العملي السلوكي والتربوي والمهاري للعضو الوارث، مع إكسابه للخبرات المطلوبة لاستمرارية التأثير للمنهج الإصلاحي المنشود.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعتمد اعتمادًا كبيرًا على خاصية (المعايشة) في الاتصال بأصحابه -رضوان الله عليهم- ومعرفة خصائصهم، وأحوالهم الإيمانية، والاجتماعية، والعلمية، وقدراتهم العملية وما يميزهم وما يعيبهم، فيوجَّههم من خلالها لما يُصلحهم، وما يمكن الاستفادة منهم فيه في صلاح حال الأمة.
ومن شواهد معايشته -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: معايشتهم في بناء المسجد، ومعايشتهم في حفر الخندق، ومعايشتهم في أفراحهم وأحزانهم، وفي مشاكلهم الاجتماعية والأسرية، ففي حديث أنس رضي الله عنه قال: "إِنْ كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ‌لَيُخَالِطُنَا ‌حَتَّى ‌يَقُولَ ‌لِأَخٍ ‌لِي ‌صَغِيرٍ: ‌يَا ‌أَبَا ‌عُمَيْرٍ، ‌مَا ‌فَعَلَ ‌النُّغَيْرُ؟" (متفق عليه).
وللحديث بقية -إن شاء الله-.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #55  
قديم 16-08-2025, 03:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (55)




كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد تكلمنا في المقال الماضي عن المعايشة الدعوية والتربوية، وفي هذا المقال نتكلم عن فوائد المعايشة؛ فإن للمعايشة فوائد كثيرة متى ما طُبِّقت بطريقة صحيحة.
ومن هذه الفوائد:
1- معرفة طبائع الشخصيات ومميزاتهم وقدراتهم: المعايشة تعين المسئول والقائد على معرفة طبائع الأشخاص؛ فالقرب والمعايشة تتيح له اكتشاف جوانب التميز وجوانب القوة، وتعينه على حسن توظيفهم في المهام الملائمة لهم، ولهذا شواهد من سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فمن ذلك: ما جاء في صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَكَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟! فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (‌لَا ‌تَلْعَنُوهُ، ‌فَوَاللهِ ‌مَا ‌عَلِمْتُ ‌أَنَّهُ ‌يُحِبُّ ‌اللهَ ‌وَرَسُولَهُ) (رواه البخاري).
فلقد زجر النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي سَبَّ ولعن حمارًا -رضي الله عنه-، مع أن حمارًا كان يشرب الخمر؛ إلا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أقرب الناس إليه بمعايشته له، وكان أعلم بأعمال حمار من غيره؛ لذا قال -صلى الله عليه وسلم-: (‌لَا ‌تَلْعَنُوهُ، ‌فَوَاللهِ ‌مَا ‌عَلِمْتُ ‌أَنَّهُ ‌يُحِبُّ ‌اللهَ ‌وَرَسُولَهُ)، وهذا يعني أن النبي عَلِم من معايشته لحمار -رضي الله عنه- محاسنه التي لم يعلمها البعيد عنه.
- وكذلك ما كان منه -صلى الله عليه وسلم- في معايشته ومخالطته لأصحابه واكتشافه لقدراتهم ومؤهلاتهم؛ ومِن ثَمَّ توجيه هذه الطاقات فيما يناسبها: كما في حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (‌أَرْحَمُ ‌أُمَّتِي ‌بِأُمَّتِي ‌أَبُو ‌بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالحَلَالِ وَالحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).
- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (‌اسْتَقْرِئُوا ‌الْقُرْآنَ ‌مِنْ ‌أَرْبَعَةٍ؛ مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ) (متفق عليه).
2- معرفة جوانب الضعف ومن ثَمَّ معالجتها: المعايشة تتيح للمسئول والقائد اكتشاف جوانب النقص في شخصية من يعايشه ونقاط ضعفه، وتعينه على علاج تلك النقاط بطريقة صحيحة، وتعينه على الارتقاء به وتطويره، وقد استطاع النبي -صلى الله عليه وسلم- بمعايشته لأصحابه معرفة نقاط القوة لديهم فأحسن توظيفها -كما مَرَّ معنا-، ومعرفة نقاط الضعف فحذَّر ونصح، وعالج وعاون على تجاوزها، ولهذا شواهد من سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فمن ذلك: ما جاء عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَكُنْتُ غُلَامًا أَعْزَبَ، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ: كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَيِ الْبِئْرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّارِ، فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ لِي: لَنْ تُرَاعَ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "‌نِعْمَ ‌الرَّجُلُ ‌عَبْدُ ‌اللهِ، ‌لَوْ ‌كَانَ ‌يُصَلِّي ‌بِاللَّيْلِ". قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا. (متفق عليه).
ومن ذلك أيضًا: قوله -صلى الله عيه وسلم- لأبي ذر -رضي الله عنه-: (يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا) (رواه مسلم).
وللحديث بقية -إن شاء الله-.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #56  
قديم 19-08-2025, 01:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (56)



كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
من فوائد المعايشة الدعوية والتربوية:
معرفة الخصائص النفسية للأفراد ومِن ثَمَّ تحديد أسلوب التعامل الأمثل:
طبائع الأفراد تختلف وتتباين، ولكل نفسٍ خصائصها المجبولة عليها، والمعايشة الحقيقية تتيح معرفة خصائص النفوس؛ فينبني على ذلك تحديد الأسلوب الأمثل في التعامل مع كلِّ شخصية، ولهذا شواهد من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فمن ذلك:
- ما جاء عن عمرو بن تَغْلِبَ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أُتِيَ بِمَالٍ أَوْ سَبْيٍ فَقَسَمَهُ، ‌فَأَعْطَى ‌رِجَالًا ‌وَتَرَكَ ‌رِجَالًا، ‌فَبَلَغَهُ ‌أَنَّ ‌الَّذِينَ ‌تَرَكَ ‌عَتَبُوا، فَحَمِدَ اللهَ ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ، فَوَاللهِ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، وَلَكِنْ أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَى وَالْخَيْرِ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ)، فَوَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حُمْرَ النَّعَمِ. (رواه البخاري).
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- من مخالطته ومعايشته لأصحابه يعرف تفاوت طبائعهم، وخصائصهم النفسية؛ كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَكِنْ أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَى وَالْخَيْرِ)، ويتعامل بناءً على ذلك، ويجبُر بذلك ما قد يكون في نفوس بعضهم بحكم بشريتهم؛ كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ).
- وأيضًا ما جاء في قصة إسلام أبي سفيان -رضي الله عنه- في فتح مكة؛ فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال العباس: يَا رَسُولَ اللهِ، ‌إِنَّ ‌أَبَا ‌سُفْيَانَ ‌رَجُلٌ ‌يُحِبُّ ‌هَذَا ‌الْفَخْرَ، ‌فَاجْعَلْ ‌لَهُ ‌شَيْئًا قَالَ: (نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ). فَلَمَّا ذَهَبَ لِيَنْصَرِفَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (يَا عَبَّاسُ، احْبِسْهُ بِمَضِيقِ الْوَادِي عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ، حَتَّى تَمُرَّ بِهِ جُنُودُ اللهِ فَيَرَاهَا). قَالَ: فَخَرَجْتُ بِهِ حَتَّى حَبَسْتَهُ حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ أَحْبِسَهُ قَالَ: وَمَرَّتْ بِهِ الْقَبَائِلُ عَلَى رَايَاتِهَا كُلَّمَا مَرَّتْ قَبِيلَةٌ قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقُولُ: سُلَيْمٌ. فَيَقُولُ: مَالِي وَلِسُلَيْمٍ؟ قَالَ: ثُمَّ تَمُرُّ الْقَبِيلَةُ قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقُولُ: مُزَيْنَةُ. فَيَقُولُ: مَا لِي وَلِمُزَيْنَةَ؟ حَتَّى تَعَدَّتِ الْقَبَائِلُ لَا تَمُرُّ قَبِيلَةٌ إِلَّا قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقُولُ: بَنُو فُلَانٍ. فَيَقُولُ: مَالِي وَلِبَنِي فُلَانٍ. حَتَّى مَرَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْخَضْرَاءِ كَتِيبَةٌ فِيهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ لَا يَرَى مِنْهُمْ إِلَّا الْحَدَقَ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! مَنْ هَؤُلَاءِ يَا عَبَّاسُ؟ قُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. قَالَ: مَا لِأَحَدٍ بِهَؤُلَاءِ قِبَلٌ وَلَا طَاقَةٌ، وَاللهِ يَا أَبَا الْفَضْلِ، لَقَدْ أَصْبَحَ ‌مُلْكُ ابْنِ أَخِيكَ الْغَدَاةَ عَظِيمًا. قُلْتُ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، إِنَّهَا النُّبُوَّةُ. قَالَ: فَنَعَمْ إِذًا، قُلْتُ: النَّجَاءُ إِلَى قَوْمِكَ. قَالَ: فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا جَاءَهُمْ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ جَاءَكُمْ بِمَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، فَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، فَأَخَذَتْ بِشَارِبِهِ، فَقَالَتْ: اقْتُلُوا الدَّسَمَ الْأَحْمَسَ، فَبِئْسَ مِنْ طَلِيعَةِ قَوْمٍ. قَالَ: وَيْحَكُمْ، لَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ مَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ، فَهُوَ آمِنٌ قَالُوا: وَيْلَكَ وَمَا تُغْنِي عَنَّا دَارُكَ. قَالَ: وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى دُورِهِمْ، وَإِلَى الْمَسْجِدِ. <أخرجه الطبراني، وتنظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (3341)>.
فمعايشة العباس لأبي سفيان -رضي الله عنهما-، ومعرفته بأنه رجل يحب الفخر، جعلته يقترح على النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يجعل له شيء؛ فأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وقال: (مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ، فَهُوَ آمِنٌ)، ومعرفته -صلى الله عليه وسلم- بأبي سفيان، وإدراكه -صلى الله عليه وسلم- أنه ليس رجلًا عاديًّا من رجال قريش، لكنه كان من الرجال المعدودين الذين يُرى مكانهم ويُشار إليهم في قريش بالقوة والزعامة والرأي، جعلته -صلى الله عليه وسلم- يأمر العباس: (يَا عَبَّاسُ، احْبِسْهُ بِمَضِيقِ الْوَادِي عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ، حَتَّى تَمُرَّ بِهِ جُنُودُ اللهِ فَيَرَاهَا)؛ ليرى أبو سفيان قوة المسلمين، وكان ما أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #57  
قديم 29-08-2025, 12:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (57)




كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
من فوائد المعايشة الدعوية والتربوية:
حل المشاكل الخاصة بالأفراد أول بأول: فبعض مشاكل الأفراد داخل الكيانات الإصلاحية -لا سيما الشخصية منها -تبدأ صغيرة بحكم بشريتهم، لكن مع إخفائها وعدم ظهورها مبكرًا، وعدم إدراك أسبابها الحقيقية، أو ضعف خبرة الفرد الواقع فيها في التعامل معها قد تتفاقم لتصبح المشكلة عصية على الحل، أو يتجه الأمر إلى إيجاد حلول صعبة مدمِّرة للأفراد ومؤثِّرة على وجودهم بعد ذلك داخل الكيانات الإصلاحية بصورة إجمالية؛ لا سيما إن كان الفرد ذا تأثير فيه.
والمعايشة الدعوية والتربوية المثمرة تتيح للفرد بيئة آمنة لإظهار ما يعانيه من مشاكل مبكرًا، لمَن حوله مِن مسؤوليه أو إخوانه الذين تآلفت قلوبهم، وتقاربت بسبب تلك المعايشة المثمرة التي توفِّر له استقرارًا نفسيًّا يساعد على إيجاد الحل، أو العلاج المناسب في الوقت المناسب، ومِن ثَمَّ استمرار العطاء والإنتاجية الإصلاحية.
ولقد كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- ‌قَصَب ‌السَّبْقِ في ذلك مع أصحابه -رضوان الله عليهم-؛ فقد كان -صلى الله عليه وسلم- معايشًا لأصحابه، قريبًا منهم، مهتمًا بهم وبحلِّ مشاكلهم، يسأل عن أحوالهم، وعما يكدر خواطرهم، ومن ذلك ما رواه أبو داود في سننه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: دَخَلَ رَسُولُ -صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ: "يَا أبا أُمَامَةَ، مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟"، قَالَ: ‌هُمُومٌ ‌لَزِمَتْنِي، ‌وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ -عز وجل- هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟"، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُولَ، قَالَ: "قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ"، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ -عز وجل- هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي" (رواه أبو داود، وضعفه الألباني).
خطوات عملية للمعايشة الدعوية والتربوية:
المعايشة الدعوية والتربوية هي عملية مهدِفة؛ تهدف إلى صناعة كادر صالح للتوريث الدعوي الإصلاحي؛ لذلك فهي تحتاج إلى إعدادٍ وبذلٍ، وبرامج وخطوات إجرائية يمكن قياسها؛ ومن ذلك:
1- مرافقته في بعض الأعمال والأسفار الدعوية، والأعمال العلمية أو المحاضن التعبدية.
2- التفقد والسؤال عنه إذا غاب أو تأخر، وزيارته في بيته.
3- مناقشته في الأمور الإصلاحية العامة، والاستماع إلى رأيه وتقييماته بعناية.
4- مشاركته وجدانيًّا في الفرح والحزن؛ وذلك بالفرح لفرحه: كزواجه، أو زواج أحد من أسرته، أو نجاحه أو حصول نعمة له، وكذلك بمشاركته في حزنه بمواساته والوقوف بجواره.
5- التفويض في بعض المهام ومتابعته في ذلك، وهذا الأمر يحتاج إلى مزيد عناية؛ فهو من الآليات المهمة الرئيسة في التوريث الدعوي -كما سيأتي بيانه على نحو تفصيلي-.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 106.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 102.28 كيلو بايت... تم توفير 4.47 كيلو بايت...بمعدل (4.19%)]