«عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 194 - عددالزوار : 118964 )           »          حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 202 - عددالزوار : 136807 )           »          الشرق والغرب منطلقات العلاقات ومحدداتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 27296 )           »          وجوب نصرة الدين والسعي في نصرة الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الصبر على الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حصر الواقع ! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          حديث عجيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فمِنكَ وحدَك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          علة حديث: (من غسَّل واغتسل) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-07-2025, 11:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,716
الدولة : Egypt
افتراضي رد: «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

«عون الرحمن في تفسير القرآن»


الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم



فوائد وأحكام من قوله تعالى:

﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ... ﴾


قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 75-80].

1- أن من أهل الكتاب من هو أمين، لو ائتمَن على مال مهما كثر أدَّاه كاملًا من غير نقص، وأن منهم من هو خائن لو اُؤتِمن على أقل القليل من المال لم يؤدِّه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾.

2- إنصاف القرآن لأهل الكتاب، وبيانه أن منهم من هو أمين لو اُئتِمن على مالٍ مهما كثر أدَّاه كاملًا ولم يُنقِص منه شيئًا، وذمِّهِ لفريق منهم وهم الخونة.

3- أن من كان أمينًا عل المال الكثير لا يُنقِص منه شيئًا مع كثرته التي قد لا يظهر معها النقص القليل، فهو من باب أولى أمين على المال القليل الذي يظهر فيه أدنى نقص منه.

4- أن مَن لم يكن أمينًا على المال القليل الذي يظهر أدنى نقص منه فهو من باب أَولى لا يؤمن على المال الكثير الذي قد لا يظهر النقص القليل منه.

5- جواز التعامل مع أهل الكتاب. وقد توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعًا من الشعير[1].

6- ينبغي الحذر في التعامل مع أهل الكتاب؛ لأن منهم من طُبِع على الخيانة وعدم الأمانة؛ لقوله تعالى: ﴿ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾.

وهكذا كل من يخشى خيانته ينبغي مراقبته، والقيام عليه حِفظًا للأموال والحقوق.

كما يجب الحذر منهم أشدَّ فيما يتعلق بمسؤوليات المسلمين ومصالحهم العامة، فلا يجوز الاعتماد عليهم في شيءٍ منها، ولا الثقة بهم؛ لأنهم حرب للإسلام وأعداء للمسلمين منذ عهد الرسالة، مهما أظهروا خلاف ذلك، قال تعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 109]، وقال تعالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 120]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51].

ولهذا رُوِيَ أن أبا موسى الأشعري - رضي الله عنه - وكان واليًا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، كتب إلى عمر في تولية كاتب نصراني في بيت المال، فكتب له عمر - رضي الله عنه - بعزله، وقال له: كيف تأمن من خوَّنه الله؟! فكتب له أبو موسى في شأنه مرة ثانية، وأثنى بمعرفته الكتابة والحساب وأنه لا يوجد مثله، ونحو ذلك، فكتب عمر - رضي الله عنه - بطاقة لم يزد فيها على قوله: «مات النصراني.. والسلام»[2]؛ أي: افترض أن النصراني مات، هل يتعطل بيت المال أو يتعطل شأن الدولة الإسلامية؟! بمعنى أن المسلمين في غِنىً عنه، فرضى الله عنك يا عمر وأرضاك.

7- تكبَّر أهل لكتاب وإعجابهم بأنفسهم واحتقارهم لغيرهم؛ لقولهم: ﴿ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾.

8- أن العجب والتكبر قد يحمل على أذية الآخرين واحتقارهم وغمط حقوقهم؛ لقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «الكبر بطرُ الحق، وغمطُ الناس»[3]؛ أي: احتقارهم.

9- جرأة أهل الكتاب على الكذب على الله وهم يعلمون؛ حيث يقولون: ﴿ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ؛ أي: إن الله أباح لنا شرعًا استباحة أموال الأُميين وظلمهم، وهذا كذب على الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾.

10- أن من حَكَم أو أفتى بغير ما أنزل الله، ونسَب ذلك إلى حُكم الله وشرعه فقد كذب على الله تعالى، وفيه شبه من أهل الكتاب.

11- أن من كذب على الله تعالى وهو يعلم؛ أشد عدوانًا وإثمًا ممن لا يعلم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾؛ أي: وهم يعلمون أنهم يكذبون ويتعمَّدون ذلك.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار»[4]، والكذب على الله أشد وأعظم.

12- إبطال دعوى أهل الكتاب أنه ليس عليهم في الأُميين سبيل، لقوله تعالى: ﴿ بلى ﴾، أي: بلى عليهم سبيل ومُحاسبون في الاعتداء على الأُميين وعلى غيرهم.

13- الترغيب في الوفاء بالعهد، والثناء على أهله، وأنه من التقوى؛ لقوله تعالى: ﴿ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى ﴾.

14- الترغيب في تقوى الله، وأنها سببٌ لمحبة الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾.

15- أن خيانة الأمانة وعدم أدائها نقض للعهد ومنافٍ لتقوى الله.

16- إثبات صفة المحبة لله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾، وكما قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 54].

17- ذم أهل الكتاب وبخاصة أحبارهم وعلمائهم؛ لأخذهم بعهد الله وأيمانهم عِوضًا قليلًا، واستبدال الآخرة بالدنيا؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾.

وذلك أن الكلام معهم والسياق فيهم، وكما قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 187].

18- تهديد الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا من أهل الكتاب وغيرهم ووعيدهم بأشد العقوبات؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.

فرتَّب على فعلهم هذا خمس عقوبات، كل منها في غاية الشدة، وهي:
حرمانهم من أي نصيب في الآخرة، ومِن تكليم الله تعالى لهم تكليم لطف ورضا، ومن نظر الله تعالى لهم نظر رحمة ورأفة، ومن تزكيته لهم، مع توعدهم بالعذاب الأليم.

وكل واحدة من هذه العقوبات تدل على كفرهم؛ لأنه لا يستحقها إلا من كان كافرًا.

19- التحذير من نقض عهد الله، والكذب في الأيمان، والاشتراء بها ثمنًا قليلًا، والتحذير لهذه الأمة وبخاصة علمائها من مسالك أهل الكتاب السيئة.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين هو فيها فاجرٌ يقتطع بها مال امرئٍ مسلم بغير حق، لَقِيَ الله وهو عليه غضبان»[5].

وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه: قال رسول صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليم»، قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرارًا. قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال «المسبل، والمنان، والمنفِّق سلعته بالحلف الكاذب»[6].

20- يُفهم من قوله تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ الآية: أن من وفوا بعهد الله ولم يشتروا بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا أن لهم نصيبًا في الآخرة، ويكلمهم الله وينظر إليهم يوم القيامة، ويزكيهم، ويقيهم العذاب الأليم، ولهم الثواب العظيم.

21- أن الحظ والنصيب حقًّا ما كان في الآخرة؛ لأنها هي دار الحياة الحقيقية كما قال تعالى: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت: 64]، ولهذا قال: ﴿ أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ، ولم يقل: في الدنيا؛ لأن نصيب الدنيا مهما كان لا يساوي شيئًا بالنسبة للآخرة.

22- إثبات الدار الآخرة والقيامة؛ لقوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾.

23- إثبات الكلام لله تعالى لأن نفي تكليمه لمن اشتروا بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا يدل بمفهومه على ثبوت تكليمه لمن وفَّوْا ولم يشتروا بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا؛ لأنه - عز وجل - لو لم يكن يتكلم ويكلم هؤلاء ما كان لنفي تكليمه عن المذكورين فائدة، وما كان ذلك عقوبة لهم.

24- إثبات النظر لله - عز وجل - لأن نفي نظره تعالى إلى المذكورين يوم القيامة بقوله تعالى: ﴿ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ يدل بمفهومه على نظره إلى من كانوا بخلافهم.

25- عدم تزكية الله لهؤلاء المذكورين وعدم تطهيره لهم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ﴾، ومفهوم هذا تزكيته - عز وجل - لمن كانوا بخلافهم.

26- شدة عذاب المذكورين يوم القيامة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾: أي: مؤلم حسيًّا ومعنويًّا.

27- أن العقوبات منها ما هو منع وحرمان من الخير كحرمان نصيب الآخرة والحرمان من تكليم الله تعالى ومن نظره وتزكيته، ومنها ما هو جلب شر وخزي كالعذاب الأليم.

28- أن مِن أهل الكتاب فريقًا يلوون ألسنتهم بتحريف ألفاظ الكتاب ومعانيه؛ ليظهر أن هذا المحرف من الكتاب، ويقولون هو من عند الله لإضلال الناس؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾.

29- نفي أن يكون ما لوى به أهل الكتاب ألسنتهم وحرفوه من الكتاب، وأن يكون من عند الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ ﴾، وقوله: ﴿ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾.

30- كذب أهل الكتاب وافتراؤهم على الله تعالى وهم يعلمون؛ لقوله تعالى: ﴿ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾.

31- الوعيد والتهديد لأهل الكتاب لكذبهم على الله وهم يعلمون؛ لقوله تعالى: ﴿ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، وهو وعيدٌ لهم ولمن سلك طريقهم في الكذب على الله، ولبس الحق بالباطل.

32- أن الكذب على الله مع العلم والتعمُّد أشد ذنبًا ووعيدًا من الكذب بلا علم ولا تعمد؛ لقوله تعالى: ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.

33- النفي القاطع أن يدعو أحد ممن مَنَّ الله عليه بإعطائه الكتاب والحكم والنبوة إلى عبادة نفسه وطاعته من دون الله، وأن هذا لا يمكن أن يكون لا شرعًا ولا قدرًا؛ لقوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾.

34- أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بشرٌ من سائر البشر.

35- أن النبي من أُنزِلَ عليه الكتاب والوحي، وأُعطِيَ الحكم الشرعي بين الناس، والنبوة؛ لقوله تعالى: ﴿ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ﴾.

36- أن الأنبياء عليهم السلام إنما يأمرون بطاعة الرب - عز وجل - وعبادته؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ ﴾.

37- ينبغي أن يكون من يُعَلِّم الناس مُعَلِّمًا ربانيًا، يقرن بين التعليم، والتربية على العمل؛ لأن ثمرة العلم هي العمل والتربِّي به؛ لقوله تعالى: ﴿ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ ﴾.

38- إثبات الأسباب؛ لقوله تعالى: ﴿ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾.

39- أن علم الكتاب وتعليمه ومُدارسته له الأثر في كون صاحبه ربانيًا عابدًا لله مطيعًا له، مربيًا الناس على ذلك.

40- استحالة أن يدعو أحد من الأنبياء عليهم السلام إلى الإشراك بالله واتخاذ الملائكة والنبيين آلهة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ﴾.

41- الرد على المشركين من أهل الكتاب وغيرهم في اتخاذهم الملائكة والنبيين وغيرهم أربابًا من دون الله.

42- إثبات وجود الملائكة؛ لقوله تعالى: ﴿ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ ﴾، والإيمان بهم ركن من أركان الإيمان الستة.

43- أن من قال للناس كونوا عبادًا لي من دون الله، وأمرهم باتخاذ الملائكة والنبيين أربابًا، فقد أمر بالكفر الـمُخرِج مِن الملة؛ لقوله تعالى: ﴿ أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

[1] أخرجه البخاري في الجهاد والسير (2916)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

[2] انظر: «الكشاف» (1/ 344).

[3] أخرجه مسلم في الإيمان (91)، والترمذي في البر والصلة (1999)، من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.

[4] أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء (3461)، والترمذي في العلم (2669)، من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما.

[5] أخرجه البخاري في الخصومات؛ كلام الخصوم بعضهم في بعض (2417)، ومسلم في الإيمان، وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار (138)، وأبو داود في الأيمان والنذور (3243)، والترمذي في البيوع (1269)، وابن ماجه في الأحكام (2323)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

[6] أخرجه مسلم في الإيمان (106)، وأبو داود في اللباس (4087)، والنسائي في الزكاة (2563)، والترمذي في البيوع (1211)، وابن ماجه في التجارات (2208).







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 118.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 116.85 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (1.44%)]