تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5087 - عددالزوار : 2330083 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4674 - عددالزوار : 1623672 )           »          8 وجبات صحية للعودة الى المدرسة , وجبات صحية للاطفال للمدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          Translation of the meanings of Surat AL FURQAAN (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تأملات قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          The obligatory parts and sunnahs of wudoo (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          10 نصائح للفتاة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          ما هو علاج نزلات البرد او علاج البرد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          أهم النصائح لتحافظ على صحة قلبك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          كيفية علاج الجروح العميقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-07-2025, 11:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الحشر
الحلقة (1321)
صــ 281 الى صــ290





* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ) من قريظة جعلها لمهاجرة قريش.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جُبَير، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبْزى، قالا كان ناس من المهاجرين لأحدهم الدار والزوجة والعبد والناقة يحجّ عليها ويغزو، فنسبهم الله إلى أنهم فقراء، وجعل لهم سهمًا في الزكاة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) ... إلى قوله: (أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) قال: هؤلاء المهاجرون تركوا الديار والأموال والأهلين والعشائر، خرجوا حبًا لله ولرسوله، واختاروا الإسلام على ما فيه من الشدّة، حتى لقد ذكر لنا أن الرجل كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ماله دثار غيرها.
وقوله: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ) ، وقوله: (يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا) موضع يبتغون نصب، لأنه في موضع الحال؛ وقوله: (وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) يقول: وينصرون دين الله الذي بعث به رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم. وقوله: (أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) يقول: هؤلاء الذين وصف صفتهم من الفقراء المهاجرين هم الصادقون فيما يقولون.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) }
يقول تعالى ذكره: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ) يقول: اتخذوا المدينة مدينة الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فابتنوها منازل، (وَالإيمَانَ) بالله ورسوله (مِنْ قَبْلِهِمْ) يعني: من قبل المهاجرين، (يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ) : يحبون من ترك منزله، وانتقل إليهم من غيرهم، وعُنِي بذلك الأنصار يحبون المهاجرين.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ) قال: الأنصار نعت. قال محمد بن عمرو: سفاطة أنفسهم. وقال الحارث: سخاوة أنفسهم عندما روى عنهم من ذلك، وإيثارهم إياهم ولم يصب الأنصار من ذلك الفيء شيء.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا) يقول: مما أعطوا إخوانهم هذا الحيّ من الأنصار، أسلموا في ديارهم، فابتنوا المساجد والمسجد، قبل قدوم النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فأحسن الله عليهم الثناء في ذلك، وهاتان الطائفتان الأوّلتان من هذه الآية، أخذتا بفضلهما، ومضتا على مَهَلهما، وأثبت الله حظهما في الفيء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله الله عزّ وجلّ: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ) قال: هؤلاء الأنصار يحبون من هاجر إليهم من المهاجرين.
وقوله: (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا) يقول جلّ ثناؤه: ولا يجد الذين تبوّءوا الدار من قبلهم، وهم الأنصار في صدورهم حاجة، يعني
حسدا مما أوتوا، يعني مما أوتي المهاجرين من الفيء، وذلك لما ذُكر لنا من أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قسم أموال بني النضير بين المهاجرين الأوّلين دون الأنصار، إلا رجلين من الأنصار، أعطاهما لفقرهما، وإنما فعل ذلك لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خاصة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أَبي بكر، أنه حدّث أنّ بني النضير خَلَّوا الأموال لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فكانت النضير لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خاصة، يضعها حيث يشاء، فقسمها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على المهاجرين الأوّلين دون الأنصار، إلا أن سهل بن حُنيف وأبا دُجانة سمِاك بن خَرَشَة ذكرا فقرا، فأعطاهما رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا) المهاجرون. قال: وتكلم في ذلك: (يعني أموال بني النضير) بعضُ من تكلمَّ من الأنصار، فعاتبهم الله عزّ وجلّ في ذلك فقال: (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) . قال، قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لهم: "إنَّ إخْوَانَكُمْ قَدْ تَرَكُوا الأمْوَالَ وَالأولاد وَخَرَجُوا إلَيْكُمْ" فقالوا: أموالنا بينهم قطائع، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "أو غَيْرَ ذَلِكَ؟" قالوا: وما ذلك يا رسول الله؟ قال: "هُمْ قَوْمٌ لا يعْرِفُونَ العَمَلَ فَتَكْفُونَهُمْ وَتُقَاسِمُونَهُمْ الثَّمَر" ، فقالوا: نعم يا رسول الله.
وبنحو الذي قلنا في قوله: (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا سليمان أَبو داود، قال: ثنا شعبة، عن أَبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا) قال: الحسد.
قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن أَبي رجاء، عن الحسن (حَاجَةً فِي صُدُورِهِمْ) قال: حسدًا في صدورهم.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أبو رجاء، عن الحسن مثله.
وقوله: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ) يقول تعالى ذكره: وهو يصف الأنصار الذين تبوّءُوا الدار والإيمان من قبل المهاجرين (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ) يقول: ويعطون المهاجرين أموالهم إيثارًا لهم بها على أنفسهم، (وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) يقول: ولو كان بهم حاجة وفاقة إلى ما آثروا به من أموالهم على أنفسهم، والخصاصة: مصدر، وهي أيضًا اسم، وهو كلّ ما تخلَّلته ببصرك كالكوة والفرجة في الحائط، تجمع خَصَاصَات وخِصَاص، كمال قال الراجز:
قَدْ عَلِمَ المَقَاتِلاتُ هَجَّا (1) والنَّاظراتُ مِنْ خَصَاصٍ لَمْجا
لأورِيَنْهَا دُلَجا أوْ مُنْجَا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن فضيل، عن أبيه، عن أَبي حازم، عن
(1)
هذه ثلاثة أبيات من مشطور الرجز لم أجدها في معاني القرآن للفراء ولا في مجاز القرآن لأبي عبيدة، ولا في اللسان. وليست على بينة من صحة بعض ألفاظها. والمؤلف استشهد بها في هذه الموضع على أن الخصاص جمع خصاصة. وفي (اللسان: الخصاص) : الفرج بين الأثافي والأصابع، وقالوا لخروق المصفاة والمنخل خصاص. وخصاص المنخل والباب والبرقع وغيره: خلله، واحدته: خصاصة (وكله بفتح الخاء) .

أَبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ليضيفه، فلم يكن عنده ما يضيفه، فقال: "ألا رجل يضيف هذا رحمه الله؟" فقام رجل من الأنصار يقال له أبو طلحة، فانطلق به إلى رحله، فقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نوّمي الصبية، وأطفئي المصباح وأريه بأنك تأكلين معه، واتركيه لضيف رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ففعلت فنزلت (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) .
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن فضيل، عن غزوان، عن أَبي حازم، عن أَبي هريرة، أن رجلا من الأنصار بات به ضيف، فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه، فقال لامرأته: نَوَّمِي الصِّبْيَة وأطفئي المصباح، وقرّبي للضيف ما عندك، قال: فنزلت هذه الآية (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) يقول تعالى ذكره: من وقاه الله شحّ نفسه (فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المخلَّدون في الجنة. والشحّ في كلام العرب: البخل، ومنع الفضل من المال؛ ومعه قول عمرو بن كلثوم:
تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيحَ إذَا أُمِرَّتْ عَلَيْهِ لِمَالِهِ فِيهَا مُهِينًا (1)
يعني بالشحيح: البخيل، يقال: إنه لشحيح بين الشحّ والشحّ، وفيه شحة شديدة وشحاحة. وأما العلماء فإنهم يرون أن الشحّ في هذا الموضع إنما هو أكل أموال الناس بغير حقّ.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا المسعودي، عن أشعث، عن أَبي الشعثاء، عن أبيه، قال: أتى رجل ابن مسعود فقال: إني أخاف أن أكون قد هلكت، قال: وما ذاك؟ قال: أسمع الله يقول: (وَمَنْ
(1)
البيت من معلقة عمرو بن كلثوم التغلبي (انظره في شرحي الزوزني والتبريزي على المعلقات) واللحز: الضيق الصدر السيىء الخلق اللئيم. والشحيح: البخيل: الحريص. والجمع الأشحة والأشحاء، والفعل: شح يشح. والمصدر: الشح، وهو البخل معه حرص. يقول: ترى الإنسان الضيق الصدر البخيل الحريص مهينا لما له فيها، أي في شربها، إذا أمرت عليه الخمر، أي أديرت عليه. وقد استشهد المؤلف بالبيت عند قوله تعالى: "ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" .

يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) وأنا رجل شحيح لا يكاد يخرج من يدي شيء، قال: ليس ذاك بالشحّ الذي ذكر الله في القرآن، إنما الشحّ أن تأكل مال أخيك ظلمًا، ذلك البخل، وبئس الشيء البخل.
حدثني يحي بن إبراهيم، قال: ثني أَبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن جامع، عن الأسود بن هلال قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود، فقال يا أبا عبد الرحمن، إني أخشى أن تكون أصابتني هذه الآية (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) والله ما أعطي شيئًا أستطيع منعه، قال: ليس ذلك بالشحّ، إنما الشحّ أن تأكل مال أخيك بغير حقه، ولكن ذلك البخل.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا ثنا سفيان، عن طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جُبَير، عن أَبي الهياج الأسدي، قال: كنت أطوف بالبيت، فرأيت رجلا يقول: اللهمّ قني شحّ نفسي، لا يزيد على ذلك، فقلت له، فقال. إني إذا وقيت شح نفسي لم أسرق، ولم أزن، ولم أفعل شيئًا، وإذا الرجل عبد الرحمن بن عوف.
حدثني محمد بن إسحاق، قال: ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، قال: ثنا مجمع بن جارية الأنصاري، عن عمه يزيد بن جارية الأنصاري، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "برئ مِنَ الشُّحِّ مَنْ أَدَّّى الزَّكَاةَ، وَقَرَى الضَّيْفَ، وَأعْطَى في النَّائِبَةِ"
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا زياد بن يونس أبو سلامة، عن نافع بن عمر المكي، عن ابن أَبي مليكة، عن عبد الله بن عمر، قال: إن نجوت من ثلاث طمعت أن أنجو. قال عبد الله بن صفوان ما هنّ أنبيك فيهنّ، قال: أخرج المال العظيم، فأخرجه ضرارًا، ثم أقول: أقرض ربي هذه الليلة، ثم تعود نفسي فيه حتى أعيده من حيث أخرجته، وإن نجوت
من شأن عثمان، قال ابن صفوان: أما عثمان فقُتل يوم قُتل، وأنت تحبّ قتله وترضاه، فأنت ممن قتله؛ وأما أنت فرجل لم يقك الله شحّ نفسك، قال: صدقت.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله عزّ وجلّ: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) قال: من وقي شحّ نفسه فلم يأخذ من الحرام شيئًا، ولم يقربه، ولم يدعه الشحّ أن يحبس من الحلال شيئًا، فهو من المفلحين، كما قال الله عزّ وجل.
وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) قال: من لم يأخذ شيئًا لشيء نهاه الله عزّ وجلّ عنه، ولم يدعه الشحّ على أن يمنع شيئًا من شيء أمره الله به، فقد وقاه الله شحّ نفسه، فهو من المفلحين.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) }
يقول تعالى ذكره: والذين جاءوا من بعد الذين تبوّءوا الدار والإيمان من قبل المهاجرين الأوّلين (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ) من الأنصار. وعنى بالذين جاءا من بعدهم المهاجرون أنهم يستغفرون لإخوانهم من الأنصار.
وقوله: (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا) يعني غمرا وضغنا.
وقيل: عني بالذين جاءوا من بعدهم: الذين أسلموا من بعد الذين تبوّءوا الدار.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛
وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ) قال: الذين أسلموا نعتوا أيضًا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ثم ذكر الله الطائفة الثالثة، فقال: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا) حتى بلغ (إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) إ نما أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ولم يؤمروا بسببهم.
وذكر لنا أن غلامًا لحاطب بن أَبي بلتعة جاء نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا نبيّ الله ليدخلن حاطب في حيّ النار، قال: "كذبت إنه شهد بدرًا والحُديبية" وذُكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أغلظ لرجل من أهل بدر، فقال نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "وَمَا يُدْرِيكَ يَا عُمَرُ لَعَلَّه قَدْ شَهِدَ مَشْهَدًا اطَّلَعَ اللهُ فِيهِ إلَى أَهْلِهِ، فأشْهَدَ مَلائِكَتَهُ إني قَدْ رَضِيتُ عَنْ عِبَادِي هَؤُلاءِ، فَلْيَعْمَلُوا ما شَاءُوا" فما زال بعضُنا منقبضا من أهل بدر، هائبًا لهم، وكان عمر رضي الله عنه يقول: وإلى أهل بدر تهالك المتهالكون، وهذا الحيّ من الأنصار، أحسن الله عليهم الثناء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله: (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا) قال: لا تورث قلوبنا غلا لأحد من أهل دينك.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن ابن أَبي ليلى، قال: كان الناس على ثلاث منازل: المهاجرون الأوَّلون: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) وأحسن ما يكون أن يكون بهذه المنزلة.
وقوله: (لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) يقول جلّ ثناؤه مخبرًا عن قيل الذين جاءوا من بعد الذين تبوّءوا الدار والإيمان أنهم قالوا: لا تجعل
في قلوبنا غلا لأحد من أهل الإيمان بك يا ربنا.
قوله: (إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) يقول: إنك ذو رأفة بخلقك، وذو رحمة بمن تاب واستغفر من ذنوبه.
القول في تأويل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ألم تنظر بعين قلبك يا محمد، فترى إلى الذين نافقوا وهم فيما ذُكر عبد الله بن أَُبي ابن سلول، ووديعة ومالك، ابنا نوفل، وسُوَيد وداعس، بَعَثوا إلى بني النضير حين نزل بهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم للحرب أن اثبتُوا وتمنَّعوا، فإنا لن نسلمكم، وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن خرجتم، خرجنا معكم، فتربصوا لذلك من نصرهم، فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب، فسألوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يجليهم، ويكفّ عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة.
حدثنا بذلك ابن حُمَيد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن رُومان.
وقال مجاهد في ذلك ما حدثني به محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا) قال: عبد الله بن أُبيّ بن سلول، ورفاعة أو رافعة بن تابوت. وقال الحارث: رفاعة بن تابوت، ولم يشكّ فيه، وعبد الله بن نَبْتل، وأوس بن قَيْظِيّ.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرِمة، أو عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا) يعني عبد الله بن أُبيّ بن سلول وأصحابه، ومن كان منهم على مثل أمرهم.
وقوله: (يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) يعني بني النضير.
كما حدثنا ابن حُمَيْد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أَبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس (يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) يعني: بني النضير.
وقوله: (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ) يقول: لئن أخرجتم من دياركم ومنازلكم، وأُجليتم عنها لنخرجن معكم، فنُجلى عن منازلنا وديارنا معكم.
وقوله: (وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا) يقول: ولا نطيع أحدًا سألنا خذلانكم، وترك نصرتكم، ولكنا نكون معكم، (وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ) يقول: وإن قاتلكم محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ومن معه لننصرنَّكم معشرَ النضير عليهم.
وقوله: (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) يقول: والله يشهد إن هؤلاء المنافقين الذين وعدوا بني النضير النصرة على محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (لَكَاذِبُونَ) في وعدهم إياهم مَا وَعَدُوهم من ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (12) }
يقول تعالى ذكره: لئن أُخرج بنو النضير من ديارهم، فأَجْلوا عنها لا
يخرج معهم المنافقون الذين وعدوهم الخروج من ديارهم، ولئن قاتلهم محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لا ينصرهم المنافقون الذين وعدوهم النصر، ولئن نصر المنافقون بني النضير ليولُّنّ الأدبار منهزمين عن محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه هاربين منهم، قد خذلوهم (ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) يقول: ثم لا ينصر الله بني النضير على محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه، بل يخذلهم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27-07-2025, 01:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المنافقون
الحلقة (1331)
صــ 381 الى صــ390








حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أَبي عديّ، عن شعبة، قال: أخبرني مغيرة، عن إبراهيم أنه قيل لعمر رضي الله عنه: إن أبيًّا يقرؤها (فَاسْعَوْا) قال: أما إنه أقرؤنا وأعلمنا بالمنسوخ وإنما هي فامضوا.
حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري، قال: أخبرنا سفيان، عن الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، قال: ما سمعت عمر يقرؤها قطّ إلا فامضوا.
حدثنا أبو كُرَيْب، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا حنظلة، عن سالم بن عبد الله، قال: كان عمر رضي الله عنه يقرؤها: (فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللهِ) .
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن حنظلة، عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قرأها: فامضوا.
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا حنظلة بن أَبي سفيان الجمحّي، أنه سمع سالم بن عبد الله يحدّث عن أبيه، أنه سمع عمر بن الخطاب يقرأ (إذَا نُودِيَ لِلْصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمْعَةِ فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ) .
قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر، أن عبد الله قال: لقد توفى الله عمر رضي الله عنه، وما يقرأ هذه الآية التي ذكر الله فيها الجمعة: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) إلا فامضوا إلى ذكر الله.
حدثني أَبو السائب، قال: ثنا معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كان عبد الله يقرؤها "فامضوا إلى ذكر الله" ويقول: لو قرأتها فاسعوا، لسعيت حتى يسقط ردائي.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أَبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم، قال: قال عبد الله: لو كان السعي لسعيت حتى يسقط ردائي، قال: ولكنها (فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ) قال: هكذا كان يقرؤها.
حدثني عليّ بن الحسين الأزدي، قال: ثنا يحيى بن يمان الأزدي، عن أَبي جعفر الرازي، عن الربيع عن أَبي العالية أنه يقرؤها (فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ) .
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أَبي العالية، أنه قرأها (فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ) .
حدثنا أبو كُرَيْب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، ابن جُرَيج، عن عطاء، قال: هي للأحرار.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن منصور عن رجل، عن مسروق، قال: عند الوقت.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن رجل، عن مسروق (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ) قال: عند الوقت.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد، قال: هو عند العزمة عند الخطبة، عند الذكر.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) قال: النداء عند الذكر عزيمة.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) قال: العزمة عند الذكر عند الخطبة.
قال: ثنا مهران، عن سفيان عن المُغيرة والأعمش، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، قال: لو قرأتها (فَاسْعَوْا) لسعيت حتى يسقط ردائي، وكان يقرؤها (فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ) .
قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن الشعبيّ، عن ابن مسعود قال: قرأها (فامضوا)
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أَبي حيان، عن عكرِمة (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) قال: السعي: العمل.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وسألته عن قول الله: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) قال: إذا سمعتم الداعي الأوّل، فأجيبوا إلى ذلك وأسرعوا ولا تبطئوا؛ قال: ولم يكن في زمان النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أذان إلا أذانان: أذان حين يجلس على المنبر، وأذان حين يُقام الصلاة؛ قال: وهذا الآخر شيء أحدثه الناس بعد؛ قال: لا يحلّ له البيع إذا سمع النداء الذي يكون بين يدي الإمام إذا قعد على المنبر وقرأ (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) قال: ولم يأمرهم يذرون شيئًا غيره، حرم البيع ثم أذن لهم فيه إذا فرغوا من الصلاة، قال: والسعي أن يُسرع إليها، أن يُقبِل إليها.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: إن في حرف ابن مسعود (إذَا نُودِيَ لِلْصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمْعَةِ فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ) .
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) السعي: هو العمل، قال الله: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) .
وقوله: (وَذَرُوا الْبَيْعَ) يقول: ودعوا البيع والشراء إذا نودي للصلاة عند الخطبة.
وكان الضحاك يقول في ذلك ما حدثنا أَبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن جُوَيبر، عن الضحاك، قال: إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جُوَيبر، عن الضحاك (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) قال: إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء.
حدثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل السديّ، عن أَبي مالك، قال: كان قوم يجلسون في بقيع الزبير، فيشترون ويبيعون إذا نودي للصلاة يوم الجمعة، ولا يقومون، فنزلت: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) وأما الذكر الذي أمر الله تبارك وتعالى بالسعي إليه عباده المؤمنين، فإنه موعظة الإمام في خطبته فيما قيل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُمَيْد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) قال: العزمة عند الذكر عند الخطبة.
حدثنا عبد الله بن محمد الحنفي، قال: ثنا عبدان، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا منصور رجل من أهل الكوفة، عن موسى بن أَبي كثير، أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) فهي موعظة الإمام فإذا قضيت الصلاة بعد.
وقوله: (ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) يقول: سعيكم إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة إلى ذكر الله، وترك البيع خير لكم من البيع والشراء في ذلك الوقت، إن كنتم تعلمون مصالح أنفسكم ومضارّها.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار: (الْجُمُعَةِ) بضم الميم والجيم، خلا الأعمش فإنه قرأها بتخفيف الميم.
* والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار لإجماع الحجة من القرّاء عليه.
القول في تأويل قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) }
يقول تعالى ذكره: فإذا قُضيت صلاة الجمعة يوم الجمعة، فانتشروا في الأرض إن شئتم، ذلك رخصة من الله لكم في ذلك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن مجاهد أنه قال: هي رخصة، يعني قوله: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ) .
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ) قال: هذا إذن من الله، فمن شاء خرج، ومن شاء جلس.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: أذن الله لهم إذا فرغوا من الصلاة، (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) فقد أحللته لكم.
وقوله: (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) ذُكر عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في تأويل ذلك ما:
حدثني العباس بن أَبي طالب، قال: ثنا عليّ بن المعافى بن يعقوب الموصليّ، قال: ثنا أبو عامر الصائغ من الموصل، عن أَبي خلف، عن أنس، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في قوله: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) قال: "لَيْسَ لِطَلَبِ دُنْيَا، وَلَكِنْ عِيَادَةُ مَرِيضٍ، وَحُضُورُ جَنَازَةٍ، وَزِيَارَةُ أخٍ فِي اللهِ" .
وقد يحتمل قوله: (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) أن يكون معنيا به: والتمسوا من فضل الله الذي بيده مفاتيح خزائنه لدنياكم وآخرتكم.
وقوله: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) يقول: واذكروا الله بالحمد له، والشكر على ما أنعم به عليكم من التوفيق لأداء فرائضه، لتفلحوا،
فتدركوا طلباتكم عند ربكم، وتصلوا إلى الخلد في جنانه.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) }
يقول تعالى ذكره: وإذا رأى المؤمنون عير تجارة أو لهوًا (انْفَضُّوا إِلَيْهَا) يعني أسرعوا إلى التجارة (وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) يقول للنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: وتركوك يا محمد قائمًا على المنبر؛ وذلك أن التجارة التي رأوها فانفضّ القوم إليها، وتركوا النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قائما كانت زيتًا قدم به دحية بن خليفة من الشام.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُمَيْد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل السديّ، عن أَبي مالك، قال: قدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام، والنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يخطب يوم الجمعة، فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع خشوا أن يسبقوا إليه، قال: فنزلت (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) .
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا سفيان، عن السدّي، عن قرة (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) قال: جاء دحية الكلبي بتجارة والنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قائم في الصلاة يوم الجمعة، فتركوا النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وخرجوا إليه، فنزلت (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) حتى ختم السورة.
حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس، قال: ثنا عبثر، قال: ثنا حصين، عن سالم بن أَبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: "كنا مع"
رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في الجمعة، فمرّت عير تحمل الطعام، قال: فخرج الناس إلا اثني عشر رجلا فنزلت آية الجمعة "."
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، قال، قال الحسن: إن أهل المدينة أصابهم جوع وغلاء سعر، فقدمت عير والنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يخطب يوم الجمعة، فسمعوا بها، فخرجوا والنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قائم، كما قال الله عزّ وجلّ.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) قال: جاءت تجارة فانصرفوا إليها، وتركوا النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قائمًا وإذا رأوا لهوا ولعبا (قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) .
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا) قال: رجال كانوا يقومون إلى نواضحهم وإلى السفر يبتغون التجارة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: "بينما رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يخطب الناس يوم الجمعة، فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة، فقال: كم أنتم؟ فعدّوا أنفسهم فإذا اثنا عشر رجلا وامرأة؛ ثم قام في الجمعة الثانية فجعل يخطبهم؛ قال سفيان: ولا أعلم إلا أن في حديثه ويعظهم ويذكرهم، فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة، فقال: كم أنتم، فعدّوا أنفسهم، فإذا اثنا عشر رجلا وامرأة؛ ثم قام في الجمعة الثالثة فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة، فقال كم أنتم؟ فعدّوا أنفسهم، فإذا اثنا عشر رجلا وامرأة، فقال:" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوِ اتَّبَعَ آخِرُكمْ أوَّلَكُمْ لالْتَهَبَ عَلَيْكُمُ الْوَادِي نَارًا "، وأنزل الله عزّ وجلّ: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) ."
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) قال: لو اتبع آخرهم أوّلهم لالتهب عليهم الوادي نارًا.
قال: ثنا ابن ثور، قال معمر، قال قتادة: لم يبق مع النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يومئذ إلا اثنا عشر رجلا وامرأة معهم.
حدثنا محمد بن عمارة الرازي، قال: ثنا محمد بن الصباح، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن سالم وأبي سفيان، عن جابر، في قوله: (وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) قال: قدمت عير فانفضّوا إليها، ولم يبق مع النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلا اثنا عشر رجلا.
حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآمُلي، قال: ثنا جرير، عن حصين، عن سالم، عن جابر "أن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يخطب قائمًا يوم الجمعة، فجاءت عير من الشام، فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلا قال: فنزلت هذه الآية في الجمعة (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) وأما اللهو، فإنه اختُلف من أيّ أجناس اللهو كان، فقال بعضهم: كان كَبَرًا (1) ومزامير."
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن سهل بن عسكر، قال: ثنا يحيى بن صالح، قال: ثنا سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال (2) كان الجواري إذا نكحوا كانوا يمرّون بالكبر والمزامير ويتركون النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قائمًا على المنبر، وينفضون إليها، فأنزل الله (وَإِذَا رَأَوْا
(1)
الكبر بالتحريك: الطبل. أو الطبل ذو الرأسين. أو الطبل الذي له وجه واحد، بلغة أهل الكوفة. أو الطبل الصغير. (التاج: كبر) .

(2)
الذي في الدر عن جابر "فإذا كان نكاح لعب أهله وعزفوا ومروا باللهو على المسجد" وما هنا بمعناه. وليست العبارة بمحررة

تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا)
وقال آخرون: كان طبلا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قال: اللهو: الطبل.
حدثني الحارث، قال: ثنا الأشيب، قال: ثنا ورقاء، قال: ذكر عبد الله بن أَبي نجيح، عن إبراهيم بن أَبي بكر، عن مجاهد أن اللهو: هو الطبل.
والذي هو أولى بالصواب في ذلك الخبر الذي رويناه عن جابر، لأنه قد أدرك أمر القوم ومشاهدهم.
وقول: (قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ) يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل لهم يا محمد الذي عند الله من الثواب، لمن جلس مستمعًا خطبة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وموعظته يوم الجمعة إلى أن يفرغ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم منها، خير له من اللهو ومن التجارة التي ينفضون إليها (وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) يقول: والله خير رازق، فإليه فارغبوا في طلب أرزاقكم، وإياه فأسألوا أن يوسع عليكم من فضله دون غيره.
آخر تفسير سورة الجمعة

تفسير سورة المنافقون
بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ) يا محمد (قَالُوا) بألسنتهم (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) قال المنافقون ذلك أو لم يقولوا: (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) يقول: والله يشهد إن المنافقين لكاذبون في إخبارهم عن أنفسهم أنها تشهد إنك لرسول الله، وذلك أنها لا تعتقد ذلك ولا تؤمن به، فهم كاذبون في خبرهم عنها بذلك.
وكان بعض أهل العربية يقول في قوله: (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) إنما كذب ضميرهم لأنهم أضمروا النفاق، فكما لم يقبل إيمانهم، وقد أظهروه، فكذلك جعلهم كاذبين، لأنهم أضمروا غير ما أظهروا.
القول في تأويل قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) }
يقول تعالى ذكره: اتخذ المنافقون أيمانهم جنة، وهي حلفهم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً) : أي حلفهم جنة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 248.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 246.09 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (0.88%)]