«عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         محرمات استهان بها الناس كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الهوية الإمبريالية للحرب الصليبية في الشرق الأوسط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          «ابن الجنرال» ونهاية الحُلم الصهيوني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          التغيير في العلاقات الأمريكية الروسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          هل اقتربت نهاية المشروع الإيراني؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الشيخ عثمان دي فودي: رائد حركات الإصلاح الديني في إفريقيا الغربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          دور العلماء الرّواة والكُتّاب في نشأة البلاغة العربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          وقفات مع قول الله تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          أصحّ ما في الباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-07-2025, 12:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

«عون الرحمن في تفسير القرآن»


الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم



فوائد وأحكام من قوله تعالى:

﴿ وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ... ﴾


قوله تعالى: ﴿ وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [آل عمران: 69 - 74].

1- منة الله تعالى على هذه الأمة بفضح أعدائها من أهل الكتاب وبيان مكرهم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾ الآية، وقوله تعالى: ﴿ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ﴾ الآيتين.

2- شدة عداوة أهل الكتاب للمسلمين ومودتهم إضلالهم بغيًا منهم وحسدًا؛ لقوله تعالى: ﴿ وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ﴾؛ كما قال تعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 109].

3- علِم الله - سبحانه وتعالى - بما تنطوي عليه القلوب وما تكنه الضمائر؛ لقوله تعالى: ﴿ وَدَّتْ طَائِفَةٌ ﴾، والمودة محلها القلب.

4- وجوب الحذر من أهل الكتاب وخداعهم ومكرهم؛ لأنهم يودون إضلال المسلمين وصدهم عن دينهم، وأن يتبعوهم، كما قال تعالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 120].

5- أن ما عليه أهل الكتاب، وما يودونه من إضلال المؤمنين هو إضلال لأنفسهم، ووبال ذلك وعقوبته عليهم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾، وفي هذا تثبيت لقلوب المؤمنين وطمأنة لهم.

6- أن الجزاء من جنس العمل، وكما يدين المرء يدان، ومن حفر لأخيه حفرة وقع فيها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ﴾.

7- عدم شعور أهل الضلال والإضلال بأنهم إنما يضلون أنفسهم بسبب انطماس بصائرهم وعمى قلوبهم، فيرون الضلال هدى، والباطل حقًا؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾، وصدق الله العظيم: ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [فاطر: 8].

8- الإنكار الشديد على أهل الكتاب وتوبيخهم على كفرهم بآيات الله، وهم يشهدون؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾.

9- أن كفر أهل الكتاب وبخاصة اليهود لم يكن عن جهل بل عن علم وشهادة؛ ولهذا شدد النكير عليهم.

10- كفر أهل الكتاب بآيات الله كلها حتى لو ادَّعوا الإيمان بما جاء في كتبهم؛ لأن كفرهم بالقرآن كفر بما جاء في كتبهم؛ لأنها مبشرة بالقرآن.

11- مخادعة أهل الكتاب ولبسهم الحق بالباطل تمويهًا على الناس، وإنكار الله عليهم وتوبيخه لهم؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ﴾.

فيخلطون مع الباطل بعض الحق، ويُلبسون الباطل ثوب الحق، ويتكلمون بما ظاهره الحق وهم يبطنون الباطل.

12- أن الناس بفطرهم السليمة يقبلون الحق، ويرفضون الباطل، ولهذا يُلبِّس عليهم هؤلاء بإلباس الباطل ثوب الحق.

13- الإنكار على أهل الكتاب في كتمانهم الحق وهم يعلمونه، ومن ذلك كتمانهم ما في كتبهم من البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.

14- أن كتمان الحق مع العلم به أشد وأشنع.

15- ينبغي الحذر من خداع أهل الكتاب ومكرهم وتمويههم، ومن مسالكهم من لبس الحق بالباطل وكتمان الحق مع العلم به.

16- كيد أهل الكتاب للمسلمين لصدهم عن دينهم وإخراجهم منه بشتى الحيل؛ لقوله تعالى: ﴿ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾.

17- إقرار أهل الكتاب بأن الله أنزل آيات على الذين آمنوا؛ لقولهم: ﴿ بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا ﴾.

18- أن في أهل الكتاب منافقين؛ لقولهم: ﴿ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ ﴾؛ أي: آمنوا ظاهرًا ونفاقًا، وليس مقصودهم الإيمان، إذ لو كان مقصدهم الإيمان الحق ما أمروهم بالكفر آخر النهار.

19- تعصب أهل الكتاب لدينهم مع ضلالهم وبطلان ما هم عليه؛ لقولهم: ﴿ وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ ﴾.

20- أن التوفيق إلى الهدى بيد الله، وأن الهدى هداه- سبحانه وتعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ ﴾.

فمهما حاول أهل الكتاب وغيرهم إرجاع المؤمنين عن دينهم وصد الناس عن الإسلام فلن يستطيعوا ذلك.

21- حسد أهل الكتاب لغيرهم وإعجابهم بأنفسهم وتكبرهم؛ لقوله تعالى: ﴿ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ ﴾؛ كما قال تعالى عنهم: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54].

22- إيمان أهل الكتاب بربوبية الله تعالى، وبالبعث والحساب والتخاصم عند الله؛ لقولهم: ﴿ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ ﴾.

23- أن الفضل بيد الله والعطاء منه – سبحانه - يعطي من يشاء من عباده، لا راد لفضله؛ لقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾.

24- إثبات اليد لله عز وجل؛ لقوله تعالى: ﴿ بِيَدِ اللَّهِ ﴾ وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله - عز وجل - يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها»[1].

25- إثبات الأفعال الاختيارية لله - عز وجل - المتعلقة بالمشيئة، كالإيتاء والعطاء والمنع، والبسط والقبض، والرضا والغضب، ونحو ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾.

26- إثبات المشيئة لله تعالى، وهي الإرادة الكونية؛ لقوله تعالى: ﴿ مَنْ يَشَاءُ ﴾.

27- إثبات صفة الواسع لله - عز وجل - فهو - عز وجل - واسع الصفات كلها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ وَاسِعٌ ﴾.

28- إثبات صفة العلم الواسع لله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ عَلِيمٌ ﴾.

29- أن الله - عز وجل - يختص برحمته الخاصة مَن يشاء؛ لقوله تعالى: ﴿ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾.

ومن ذلك ما خصَّ الله تعالى به محمدًا صلى الله عليه وسلم وأمته من بعثته منهم، وإنزال القرآن الكريم عليه، ودين الإسلام، كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الجمعة: 4].

30- أن الله - عز وجل - يعطي مَن يشاء بفضله، ويمنع من يشاء بعدله.

31- أن الله - عز وجل - ذو الفضل العظيم، لا يقدر عظم فضله إلا هو، وهو العظيم سبحانه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾.

[1] أخرجه مسلم في التوبة (2759).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-07-2025, 11:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

«عون الرحمن في تفسير القرآن»


الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم



تفسير قوله تعالى:

﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ... ﴾


قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 75 - 80].

قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾.

ذكر عز وجل في الآيات السابقة مودة طائفة من أهل الكتاب إضلال المؤمنين، وخيانتهم في الأمور الدينية من لبسهم الحق بالباطل، وكتمانهم الحق وكفرهم، ثم أتبع ذلك في ذكر خيانتهم في تعاملهم في الأمور الدنيوية استمرارًا بفضحهم، وبيان دخائلهم.

قوله: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾ الواو: استئنافية، ﴿ مِنْ ﴾: تبعيضية.

﴿ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ ﴾ «مَن»: موصولة، أي: الذي إن تأمنه، و﴿ إِنْ ﴾: شرطية، و﴿ تَأْمَنْهُ ﴾: فعل الشرط، والخطاب في قوله: ﴿ تَأْمَنْهُ ﴾ لكل من يصلح خطابه، ﴿ بِقِنْطَارٍ ﴾: أي: على قنطار، فالباء بمعنى: «على»؛ كقوله تعالى: ﴿ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ﴾ [يوسف: 11]، وقوله تعالى: ﴿ قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ ﴾ [يوسف: 64]، و(القنطار): المال الكثير.

﴿ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ﴾: قرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر عن عاصم وأبو جعفر: «يؤدِّهْ» بإسكان الهاء، وقرأ الباقون بكسرها: ﴿ يُؤَدِّهِ ﴾.

و﴿ يُؤَدِّهِ ﴾: جواب شرط مجزوم بحذف حرف العلة الياء؛ لأن أصله «يؤديه».

أي: يرده إليك من غير خيانة، كما في الحديث: «أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تَخُن من خانك»[1].

والمعنى: ومن أهل الكتاب من هو أمين إن أمنته على مالٍ كثير مهما كثر يؤدهِ إليك كاملًا من غير نقص ولا مماطلة، أي: هذه حال فريق منهم، وإذا كان لا ينقص من المال الكثير شيء مع أنه لو أخذ منه الشيء القليل لا يتبين، فأمانته على المال القليل أولى وأحرى.

﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ﴾؛ أي: ومِن أهل الكتاب من هو خائن، وهو الذي إن تأمنه بدينار لا يؤدهِ إليك، أي: الذي إن أمِنته على مالٍ قليل مهما قلَّ ولو كان دينارًا واحدًا لا يؤدهِ إليك، أي: هذه حال فريق منهم.

و(الدينار): هو الوحدة من النقد الذهبي، وهو المسمى بـ «الجنيه»، وأصله «دِنَّا» ووزنه أربعة وعشرون قيراطًا، والقيراط ثلاث حبات شعير معتدلة، فالمجموع اثنتان وسبعون شعيرة.

﴿ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ﴾ أي: لا يرده إليك.

﴿ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾ «إلا»: أداة استثناء، والاستثناء هنا مفرع من أعم الأوقات أو الأحوال، أي: لا يؤده إليك في وقتٍ من الأوقات، أو في حالٍ من الأحوال إلا في وقت دوام قيامك عليه، أو في حال قيامك عليه بالمطالبة والملازمة والإلحاح في استخلاص حقك.

وإذا كان هذا صنيعه في القليل كالدينار ونحوه، ففي الكثير من باب أولى وأحرى.

وقدَّم الجار والمجرور ﴿ عَلَيْهِ ﴾ على متعلقه ﴿ قَائِمًا ﴾ للتأكيد، أي: إذا لم يكن قيامك عليه لم يرجع لك أمانتك.

وذكر القنطار والدينار من باب التمثيل فقط، فمثَّل للمال الكثير بالقنطار، ومثَّل للمال القليل بالدينار.

وقد قيل: «المأمون على الكثير هم النصارى؛ لأن الخيانة فيهم قليلة، والخائن في القليل هم اليهود؛ لأن الغالب عليهم الخيانة».

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا ﴾ «ذلك»: إشارة إلى ترك الأداء المدلول عليه بقوله: ﴿ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ﴾.

﴿ بِأَنَّهُمْ ﴾ الباء: للسببية، أي: بسبب أنهم.

وضمير الجمع في «أنهم» يعود إلى معنى «مَن» في قوله: ﴿ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ ﴾؛ أي: إن ترك هذا الفريق للأداء وخيانتهم الأمانة بسبب أنهم ﴿ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾؛ أي: بسبب قولهم: ﴿ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾.

ويعنون بالأُميين «العرب»؛ لأنهم لا يقرؤون ولا يكتبون، كما وصفهم الله تعالى بقوله: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2]؛ يعني في العرب.

وكما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾ [الأعراف: 157]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48].

وقال صلى الله عليه وسلم: «نحن أمة أمية لا نكتُب ولا نحسب»[2].

والأُمِّي الذي لا يقرأ ولا يكتب؛ كما قال تعالى عن أهل الكتاب: ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [البقرة: 78].

﴿ سَبِيلٌ ﴾: حرج أو مؤاخذة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 91]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 93].

والمعنى: ليس علينا في ديننا في معاملة العرب، ومَن ليس من أهل الكتاب حرج ولا مؤاخذة في أكل أموالهم وأخذ حقوقهم وظلمهم، فيرون إعجابًا منهم بأنفسهم، واحتقارًا لغيرهم أن مَن سواهم لا حُرمة لهم، وقد أكذبهم الله تعالى في هذا المقال.

﴿ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ﴾، الجملة: مستأنفة، أي: ويفترون على الله الكذب بقولهم: ﴿ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾؛ لأنهم ينسبون ذلك إلى الله تعالى وإلى دينه، أي: ليس علينا في ديننا، وفيما جاء في كتبنا وعلى ألسنة رسلنا.

﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ الواو: حالية، أي: والحال أنهم يعلمون أنهم يكذبون فيتعمدون الكذب على الله تعالى، وفي الحديث: «إن يهود قوم بُهت»[3].

فجمعوا بين الخيانة وبين احتقار غيرهم، وبين الكذب على الله تعالى وهم يعلمون ذلك، كما قال الله تعالى عنهم: ﴿ وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 80]، وقال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 24].

قوله تعالى: ﴿ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾.

﴿ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ ﴾ «بلى»: حرف جواب مختص بإبطال النفي، فهو هنا لإبطال ما نفوه بقولهم: ﴿ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾ وإثبات ضده، أي: بلى عليهم سبيل في الأُميين فلا يجوز لهم أكل أموالهم وظلمهم وأخذ حقوقهم.

و﴿ مَنْ ﴾: شرطية، ﴿ أَوْفَى ﴾: فعل الشرط، وجوابه: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾، و﴿ أَوْفَى ﴾ فيها ثلاث لغات: «أوفى» بإثبات الهمزة، و«وفَّى» بحذف الهمزة مع تخفيف الفاء وتشديدها، كما في قوله تعالى: ﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ﴾ [النجم: 37].

وجملة: ﴿ مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ ﴾: استئنافية مقررة للجملة التي دلَّت عليها ﴿ بَلَى ﴾؛ حيث أفادت بمفهومها المخالف ذم من لم يفِ بالعهود مطلقًا.

﴿ بِعَهْدِهِ ﴾: يُحتمل أن يعود الضمير في ﴿ بِعَهْدِهِ ﴾ إلى الله؛ لقوله قبله: ﴿ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ؛ أي: بلى من أوفى بعهد الله، ويُحتمل أن يعود على ﴿ مَنْ ﴾؛ أي: بلى من أوفى بعهده الذي عاهد عليه.

أي: أتم عهد الله الذي عاهده عليه من الإيمان بالله وكتبه ورسله وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، وامتثل ما أمر الله تعالى به من أداء الأمانة وغير ذلك، وأتم ما بينه وبين الخلق من عهود وعقود، وهي أيضًا مما أوجب الله الوفاء به، وقد قال الله تعالى: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [البقرة: 40].

﴿ وَاتَّقَى ﴾ أي: واتقى الله في البعد عما نهى الله تعالى عنه من نقض العهود والأيمان، ونكثها، والخيانة.. وغير ذلك.

﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾: جواب الشرط «من»، وربط الفاء؛ لأنه جملة إسمية، أي: فإن الله يحب المتقين الذين اتقوه بفعل أوامره واجتناب نواهيه، والوفاء بعهده وعدم نقضه.

وأظهر في موضع الإضمار، ولم يقل: «فإن الله يحبه»، بل قال: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾؛ لبيان علة الحكم؛ أي: يحبهم لتقواهم، وليعم هذا الحكم كل من اتقى فإن الله يحبه، إضافة إلى ما في الإظهار مقام الإضمار من تنبيه المخاطب.

قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.

سبب النزول:
عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين وهو فيها فاجرٌ؛ ليقتطع بها مال امرئ مسلم، لَقِيَ الله وهو عليه غضبان»، فقال الأشعث بن قيس: فيَّ والله كان ذلك، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألك بينة»؟ قلت: لا، فقال لليهودي: «احلف» قلت: يا رسول الله، إذن يحلف فيذهب مالي، فأنزل الله - عز وجل -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ الآية»[4].

وعن عبدالله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - أن رجلًا أقام سلعة في السوق، فحلف بالله، لقد أعطي بها ما لم يعط؛ ليوقع فيها رجلًا من المسلمين، فنزلت: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ الآية»[5].

امتدح الله سبحانه وتعالى من أوفى بعهده واتقى الله، وبيَّن محبته للمتقين، ثم أتبع ذلك بذم ووعيد الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا في إشارة إلى أهل الكتاب؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾، وهكذا كل من سلك طريقهم.

قوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾؛ أي: إن الذين يعتاضون ويستبدلون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا، والعهد: الميثاق والعقد.

و«عهد الله»: ما أخذه عليهم من الميثاق من الإيمان به، واتباع محمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه، وبيان ما عندهم من العلم في كتبهم في ذلك، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 187]، وقال تعالى: ﴿ وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ﴾ [البقرة: 41].

وأيضًا ما بينهم وبين الخلق من عهود وعقود؛ فهي من عهد الله؛ لأن الله تعالى أوجب الوفاء بها؛ كما قال تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 91].

﴿ وَأَيْمَانِهِمْ ﴾: معطوف على «عهد الله»، أي: ويشترون بأيمانهم، و«الأيمان» جمع (يمين) وهو الحلف، أي: ويأخذون بحلفهم وأيمانهم الكاذبة الفاجرة ثمنًا قليلًا.

والمعنى: إن الذين يعتاضون بعهد الله وبأيمانهم عوضًا زهيدًا من المال وحطام الدنيا ومتاعها الزائل، فينقضون عهد الله، وينكثون في أيمانهم، ويحلفون الأيمان الكاذبة من أجل ذلك، فيدَّعون ما ليس لهم ويحلفون على ذلك، وينكرون ما يجب عليهم ويحلفون على ذلك.

﴿ أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ﴾ «أولئك»: خبر «إنَّ» في قوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ ﴾، والإشارة فيها إلى الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا.

و«الخلاق»: الحظ والنصيب؛ كما قال تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 200، 201].

فقابل عز وجل بين قوله: ﴿ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾ وقوله: ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا ﴾ [البقرة: 202]، فدل على أن (الخلاق) هو النصيب.

والمعنى: أولئك الذين يشترون بعهدهم وأيمانهم ثمنًا قليلًا لا حظ ولا نصيب لهم في ثواب الدار الآخرة ونعيمها، وهذا يدل على كفرهم بسبب هذا العمل؛ لأنه لا يُنفى نصيب الآخرة إلا عمن كان كافرًا.

﴿ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ﴾، هذا معطوف على قوله: ﴿ أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ﴾.

ونفي تكليم الله تعالى لهم في الآخرة ونظره إليهم، وتزكيته لهم هو من أعظم نصيب الآخرة الذي حرموه، ونصَّ عليه والله أعلم؛ لبيان عِظَم ما حُرِمُوه.

﴿ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ﴾؛ أي: لا يكلمهم الله تعالى تكليم لُطف بهم ورضا عنهم، وبما يَسُرُّهم، كما في تكليم الله - عز وجل - للمؤمنين، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله - عز وجل - يُدْنِي الْـمُؤْمِنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ»[6]، فيقرره بذنوبه، ويقول: أتذكر ذنب كذا وكذا؟ فيقول: نعم، فيقول عز وجل: «إِنِّي سَتَرْتهَا عَلَيْك فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرهَا لَك الْيَوْم»[7].

وعن صهيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ قال: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟...» الحديث[8].

أما تكليم الله - عز وجل - لهؤلاء المذكورين وغيرهم من الكفار تكليم سخط وإهانة وتقريع وتوبيخ لهم، وبما يسوؤهم، فهو ثابت كما في قوله تعالى مخاطبًا أهل النار: ﴿ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴾ [المؤمنون: 108]، وغير ذلك.

﴿ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾: قرأ حمزة بضم الهاء «إليهُم»، وقرأ الباقون بكسرها، أي: ولا ينظر إليهم نظر رحمة ورأفة.

﴿ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ أي: يوم البعث والمعاد والحساب والجزاء، وسُمِّي يوم القيامة لقيام الناس فيه من قبورهم لرب العالمين، كما قال الله تعالى في سورة المطففين: ﴿ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ *لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 4 - 6]، ولقيام الحساب فيه، كما قال إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ [إبراهيم: 41].

ولقيام الأشهاد فيه، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51].

ولقيام العدل والقسط فيه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47]، والله تعالى لا ينظر إليهم نظر رحمة ورأفة لا في الدنيا ولا يوم القيامة، لكن حرمانهم من ذلك يوم القيامة أعظم عليهم؛ لشدة أهوال ذلك اليوم وكرباته وعذابه.

﴿ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ﴾؛ أي: ولا يطهرهم مما تلبَسُّوا به من رجس الكفر ودنس المعاصي والذنوب، ولا يغفر لهم يوم القيامة، كما أنه لا يطهرهم في الدنيا بسبب كفرهم وعدم إيمانهم؛ كما قال تعالى: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأنعام: 110].

﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾: وهو عذاب النار، والعذاب: النكال والعقوبة.

﴿ أَلِيمٌ ﴾: على وزن «فعيل» بمعنى «مفعل»، أي: مؤلم موجِع حسيًّا ومعنويًّا، فرتب الله تعالى على هذا الفعل- وهو الشراء بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا - خمس عقوبات.

وهي: حرمانهم من أي نصيب في الآخرة، ومن تكليم الله لهم تكليم رضا، ومن نظر الله لهم نظر رحمة ورأفة وعطف، ومن تزكية الله لهم، مع توعدهم بالعذاب الأليم.

فهؤلاء وإن نالوا باستبدالهم بعهد الله وأيمانهم قليلًا من حطام الدنيا ومتاعها الحقير الفاني، فقد حرموا نصيب الآخرة التي هي دار الحياة الحقة؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 64].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28-07-2025, 11:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

«عون الرحمن في تفسير القرآن»


الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم



فوائد وأحكام من قوله تعالى:

﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ... ﴾


قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 75-80].

1- أن من أهل الكتاب من هو أمين، لو ائتمَن على مال مهما كثر أدَّاه كاملًا من غير نقص، وأن منهم من هو خائن لو اُؤتِمن على أقل القليل من المال لم يؤدِّه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾.

2- إنصاف القرآن لأهل الكتاب، وبيانه أن منهم من هو أمين لو اُئتِمن على مالٍ مهما كثر أدَّاه كاملًا ولم يُنقِص منه شيئًا، وذمِّهِ لفريق منهم وهم الخونة.

3- أن من كان أمينًا عل المال الكثير لا يُنقِص منه شيئًا مع كثرته التي قد لا يظهر معها النقص القليل، فهو من باب أولى أمين على المال القليل الذي يظهر فيه أدنى نقص منه.

4- أن مَن لم يكن أمينًا على المال القليل الذي يظهر أدنى نقص منه فهو من باب أَولى لا يؤمن على المال الكثير الذي قد لا يظهر النقص القليل منه.

5- جواز التعامل مع أهل الكتاب. وقد توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعًا من الشعير[1].

6- ينبغي الحذر في التعامل مع أهل الكتاب؛ لأن منهم من طُبِع على الخيانة وعدم الأمانة؛ لقوله تعالى: ﴿ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾.

وهكذا كل من يخشى خيانته ينبغي مراقبته، والقيام عليه حِفظًا للأموال والحقوق.

كما يجب الحذر منهم أشدَّ فيما يتعلق بمسؤوليات المسلمين ومصالحهم العامة، فلا يجوز الاعتماد عليهم في شيءٍ منها، ولا الثقة بهم؛ لأنهم حرب للإسلام وأعداء للمسلمين منذ عهد الرسالة، مهما أظهروا خلاف ذلك، قال تعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 109]، وقال تعالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 120]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51].

ولهذا رُوِيَ أن أبا موسى الأشعري - رضي الله عنه - وكان واليًا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، كتب إلى عمر في تولية كاتب نصراني في بيت المال، فكتب له عمر - رضي الله عنه - بعزله، وقال له: كيف تأمن من خوَّنه الله؟! فكتب له أبو موسى في شأنه مرة ثانية، وأثنى بمعرفته الكتابة والحساب وأنه لا يوجد مثله، ونحو ذلك، فكتب عمر - رضي الله عنه - بطاقة لم يزد فيها على قوله: «مات النصراني.. والسلام»[2]؛ أي: افترض أن النصراني مات، هل يتعطل بيت المال أو يتعطل شأن الدولة الإسلامية؟! بمعنى أن المسلمين في غِنىً عنه، فرضى الله عنك يا عمر وأرضاك.

7- تكبَّر أهل لكتاب وإعجابهم بأنفسهم واحتقارهم لغيرهم؛ لقولهم: ﴿ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾.

8- أن العجب والتكبر قد يحمل على أذية الآخرين واحتقارهم وغمط حقوقهم؛ لقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «الكبر بطرُ الحق، وغمطُ الناس»[3]؛ أي: احتقارهم.

9- جرأة أهل الكتاب على الكذب على الله وهم يعلمون؛ حيث يقولون: ﴿ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ؛ أي: إن الله أباح لنا شرعًا استباحة أموال الأُميين وظلمهم، وهذا كذب على الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾.

10- أن من حَكَم أو أفتى بغير ما أنزل الله، ونسَب ذلك إلى حُكم الله وشرعه فقد كذب على الله تعالى، وفيه شبه من أهل الكتاب.

11- أن من كذب على الله تعالى وهو يعلم؛ أشد عدوانًا وإثمًا ممن لا يعلم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾؛ أي: وهم يعلمون أنهم يكذبون ويتعمَّدون ذلك.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار»[4]، والكذب على الله أشد وأعظم.

12- إبطال دعوى أهل الكتاب أنه ليس عليهم في الأُميين سبيل، لقوله تعالى: ﴿ بلى ﴾، أي: بلى عليهم سبيل ومُحاسبون في الاعتداء على الأُميين وعلى غيرهم.

13- الترغيب في الوفاء بالعهد، والثناء على أهله، وأنه من التقوى؛ لقوله تعالى: ﴿ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى ﴾.

14- الترغيب في تقوى الله، وأنها سببٌ لمحبة الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾.

15- أن خيانة الأمانة وعدم أدائها نقض للعهد ومنافٍ لتقوى الله.

16- إثبات صفة المحبة لله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾، وكما قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 54].

17- ذم أهل الكتاب وبخاصة أحبارهم وعلمائهم؛ لأخذهم بعهد الله وأيمانهم عِوضًا قليلًا، واستبدال الآخرة بالدنيا؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾.

وذلك أن الكلام معهم والسياق فيهم، وكما قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 187].

18- تهديد الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا من أهل الكتاب وغيرهم ووعيدهم بأشد العقوبات؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.

فرتَّب على فعلهم هذا خمس عقوبات، كل منها في غاية الشدة، وهي:
حرمانهم من أي نصيب في الآخرة، ومِن تكليم الله تعالى لهم تكليم لطف ورضا، ومن نظر الله تعالى لهم نظر رحمة ورأفة، ومن تزكيته لهم، مع توعدهم بالعذاب الأليم.

وكل واحدة من هذه العقوبات تدل على كفرهم؛ لأنه لا يستحقها إلا من كان كافرًا.

19- التحذير من نقض عهد الله، والكذب في الأيمان، والاشتراء بها ثمنًا قليلًا، والتحذير لهذه الأمة وبخاصة علمائها من مسالك أهل الكتاب السيئة.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين هو فيها فاجرٌ يقتطع بها مال امرئٍ مسلم بغير حق، لَقِيَ الله وهو عليه غضبان»[5].

وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه: قال رسول صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليم»، قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرارًا. قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال «المسبل، والمنان، والمنفِّق سلعته بالحلف الكاذب»[6].

20- يُفهم من قوله تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ الآية: أن من وفوا بعهد الله ولم يشتروا بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا أن لهم نصيبًا في الآخرة، ويكلمهم الله وينظر إليهم يوم القيامة، ويزكيهم، ويقيهم العذاب الأليم، ولهم الثواب العظيم.

21- أن الحظ والنصيب حقًّا ما كان في الآخرة؛ لأنها هي دار الحياة الحقيقية كما قال تعالى: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت: 64]، ولهذا قال: ﴿ أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ، ولم يقل: في الدنيا؛ لأن نصيب الدنيا مهما كان لا يساوي شيئًا بالنسبة للآخرة.

22- إثبات الدار الآخرة والقيامة؛ لقوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾.

23- إثبات الكلام لله تعالى لأن نفي تكليمه لمن اشتروا بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا يدل بمفهومه على ثبوت تكليمه لمن وفَّوْا ولم يشتروا بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا؛ لأنه - عز وجل - لو لم يكن يتكلم ويكلم هؤلاء ما كان لنفي تكليمه عن المذكورين فائدة، وما كان ذلك عقوبة لهم.

24- إثبات النظر لله - عز وجل - لأن نفي نظره تعالى إلى المذكورين يوم القيامة بقوله تعالى: ﴿ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ يدل بمفهومه على نظره إلى من كانوا بخلافهم.

25- عدم تزكية الله لهؤلاء المذكورين وعدم تطهيره لهم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ﴾، ومفهوم هذا تزكيته - عز وجل - لمن كانوا بخلافهم.

26- شدة عذاب المذكورين يوم القيامة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾: أي: مؤلم حسيًّا ومعنويًّا.

27- أن العقوبات منها ما هو منع وحرمان من الخير كحرمان نصيب الآخرة والحرمان من تكليم الله تعالى ومن نظره وتزكيته، ومنها ما هو جلب شر وخزي كالعذاب الأليم.

28- أن مِن أهل الكتاب فريقًا يلوون ألسنتهم بتحريف ألفاظ الكتاب ومعانيه؛ ليظهر أن هذا المحرف من الكتاب، ويقولون هو من عند الله لإضلال الناس؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾.

29- نفي أن يكون ما لوى به أهل الكتاب ألسنتهم وحرفوه من الكتاب، وأن يكون من عند الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ ﴾، وقوله: ﴿ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾.

30- كذب أهل الكتاب وافتراؤهم على الله تعالى وهم يعلمون؛ لقوله تعالى: ﴿ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾.

31- الوعيد والتهديد لأهل الكتاب لكذبهم على الله وهم يعلمون؛ لقوله تعالى: ﴿ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، وهو وعيدٌ لهم ولمن سلك طريقهم في الكذب على الله، ولبس الحق بالباطل.

32- أن الكذب على الله مع العلم والتعمُّد أشد ذنبًا ووعيدًا من الكذب بلا علم ولا تعمد؛ لقوله تعالى: ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.

33- النفي القاطع أن يدعو أحد ممن مَنَّ الله عليه بإعطائه الكتاب والحكم والنبوة إلى عبادة نفسه وطاعته من دون الله، وأن هذا لا يمكن أن يكون لا شرعًا ولا قدرًا؛ لقوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾.

34- أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بشرٌ من سائر البشر.

35- أن النبي من أُنزِلَ عليه الكتاب والوحي، وأُعطِيَ الحكم الشرعي بين الناس، والنبوة؛ لقوله تعالى: ﴿ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ﴾.

36- أن الأنبياء عليهم السلام إنما يأمرون بطاعة الرب - عز وجل - وعبادته؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ ﴾.

37- ينبغي أن يكون من يُعَلِّم الناس مُعَلِّمًا ربانيًا، يقرن بين التعليم، والتربية على العمل؛ لأن ثمرة العلم هي العمل والتربِّي به؛ لقوله تعالى: ﴿ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ ﴾.

38- إثبات الأسباب؛ لقوله تعالى: ﴿ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾.

39- أن علم الكتاب وتعليمه ومُدارسته له الأثر في كون صاحبه ربانيًا عابدًا لله مطيعًا له، مربيًا الناس على ذلك.

40- استحالة أن يدعو أحد من الأنبياء عليهم السلام إلى الإشراك بالله واتخاذ الملائكة والنبيين آلهة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ﴾.

41- الرد على المشركين من أهل الكتاب وغيرهم في اتخاذهم الملائكة والنبيين وغيرهم أربابًا من دون الله.

42- إثبات وجود الملائكة؛ لقوله تعالى: ﴿ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ ﴾، والإيمان بهم ركن من أركان الإيمان الستة.

43- أن من قال للناس كونوا عبادًا لي من دون الله، وأمرهم باتخاذ الملائكة والنبيين أربابًا، فقد أمر بالكفر الـمُخرِج مِن الملة؛ لقوله تعالى: ﴿ أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

[1] أخرجه البخاري في الجهاد والسير (2916)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

[2] انظر: «الكشاف» (1/ 344).

[3] أخرجه مسلم في الإيمان (91)، والترمذي في البر والصلة (1999)، من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.

[4] أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء (3461)، والترمذي في العلم (2669)، من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما.

[5] أخرجه البخاري في الخصومات؛ كلام الخصوم بعضهم في بعض (2417)، ومسلم في الإيمان، وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار (138)، وأبو داود في الأيمان والنذور (3243)، والترمذي في البيوع (1269)، وابن ماجه في الأحكام (2323)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

[6] أخرجه مسلم في الإيمان (106)، وأبو داود في اللباس (4087)، والنسائي في الزكاة (2563)، والترمذي في البيوع (1211)، وابن ماجه في التجارات (2208).







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 172.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 169.80 كيلو بايت... تم توفير 2.63 كيلو بايت...بمعدل (1.53%)]