تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4518 - عددالزوار : 1311368 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4943 - عددالزوار : 2041948 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 132150 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-07-2025, 01:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى



تَّفْسِيرِ
(الْجَامِعِ لِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ ، وَالْمُبَيِّنِ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ السُّنَّةِ وَآيِ الْفُرْقَانِ )
الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُرْطُبِيُّ
المجلد (15)
سُورَةُ ص
من صــ 137 الى صــ 146
الحلقة (605)



الآية : [164] {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ}
الآية : [165] { وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}
الآية : [166] { وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ }
هذا من قول الملائكة تعظيما لله عز وجل ، وإنكارا منهم عبادة من عبدهم. { وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ . وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} قال مقاتل : هذه الثلاث الآيات نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى ، فتأخر جبريل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أهنا تفارقني" فقال ما استطيع أن أتقدم عن مكاني. وأنزل الله تعالى حكاية عن قول الملائكة : {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} الآيات. والتقدير عند الكوفيين : وما منا إلا من له مقام معلوم. فحذف الموصول. وتقديره عند البصريين : وما منا ملك إلا له مقام معلوم ؛ أي مكان معلوم في العبادة ؛ قال ابن مسعود وابن جبير. وقال ابن عباس : ما في السموات موضع شبر إلا وعليه ملك يصلي سبح. وقالت عائشة رضي الله عنها : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم" . وعن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله لوددت أني كنت شجرة تعضد" خرجه أبو عيسى الترمذي وقال فيه حديث حسن غريب. ويروى من غير هذا الوجه أن أبا ذر قال : لوددت أني كنت شجرة تعضد. ويروى عن أبي ذر موقوفا. وقال قتادة : كان يصلي الرجال والنساء جميعا حتى نزلت هذه الآية : {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ } . قال : فتقدم الرجال وتأخر النساء. {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ } قال الكلبي : صفوفهم كصفوف أهل الدنيا في الأرض. وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في المسجد ؛ فقال : "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها" فقلنا يا رسول الله كيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال ؟ :
"يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف" وكان عمر يقول إذا قام للصلاة : أقيموا صفوفكم واستووا إنما يريد الله بكم هدي الملائكة عند ربها ويقرأ : {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ } تأخر يا فلان تقدم يا فلان ؛ ثم يتقدم فيكبر. وقد مضى في سورة [الحجر] بيانه. وقال أبو مالك : كان الناس يصلون متبددين فأنزل الله تعالى : {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ } فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يصطفوا. وقال الشعبي. جاء جبريل أو ملك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه ؛ إن الملائكة لتصلي وتسبح ما في السماء ملك فارغ. وقيل : أي لنحن الصافون أجنحتنا في الهواء وقوفا ننتظر ما نؤمر به. وقيل : أي نحن الصافون حول العرش. {وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ } أي المصلون ؛ قال قتادة. وقيل : أي المنزهون الله عما أضافه إليه المشركون. والمراد أنهم يخبرون أنهم يعبدون الله بالتسبيح والصلاة وليسوا معبودين ولا بنات الله. وقيل : {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ } من قول الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين للمشركين ؛ أي لكل واحد منا ومنكم في الآخرة مقام معلوم وهو مقام الحساب. وقيل : أي منا من له مقام الخوف ، ومنا من له مقام الرجاء ، ومنا من له مقام الإخلاص ، ومنا من له مقام الشكر. إلى غيرها من المقامات.
قلت : والأظهر أن ذلك راجع إلى قول الملائكة : {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ } والله أعلم.
الآية : 167 {وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ ، لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ ، لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ، فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }
عاد إلى الإخبار عن قول المشركين ، أي كانوا قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إذا عيروا بالجهل قالوا : {لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ } أي لو بعث إلينا نبي ببيان الشرائع لاتبعناه. ولما خففت {إن} دخلت على الفعل ولزمتها اللام فرقا بين النفي والإيجاب. والكوفيون
يقولون : {إن} بمعنى ما واللام بمعنى إلا. وقيل : معنى {لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْراً } أي كتابا من كتب الأنبياء. {لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ } أي لو جاءنا ذكر كما جاء الأولين لأخلصنا العبادة لله. {فكفروا به} أي بالذكر. والفراء يقدره على حذف ، أي فجاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بالذكر فكفروا به. وهذا تعجيب منهم ، أي فقد جاءهم نبي وأنزل عليهم كتاب فيه بيان ما يحتاجون إليه فكفروا وما وفوا بما قالوا. {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } قال الزجاج : يعلمون مغبة كفرهم.
الآية : 171 - 179 {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ، وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ، فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ ، وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ، أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ، فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ ، وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ ، وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ }
قوله تعالى : {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ } قال الفراء : أي بالسعادة. وقيل : أراد بالكلمة قوله عز وجل : {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي } [المجادلة : 21] قال الحسن : لم يقتل من أصحاب الشرائع قط أحد {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ } أي سبق الوعد بنصرهم بالحجة والغلبة. {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } على المعنى ولو كان على اللفظ لكان هو الغالب مثل {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ } [ص : 11] . وقال الشيباني : جاء ها هنا على الجمع من أجل أنه رأس آية.
قوله تعالى : {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } أي أعرض عنهم. {حَتَّى حِينٍ } قال قتادة : إلى الموت. وقال الزجاج : إلى الوقت الذي أمهلوا إليه. وقال ابن عباس : يعني القتل ببدر. وقيل : يعني فتح مكة. وقيل : الآية منسوخة بآية السيف. {وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } قال قتادة : سوف يبصرون حين لا ينفعهم الإبصار. وعسى من الله للوجوب وعبر بالإبصار عن تقريب الأمر ؛ أي عن قريب يبصرون. وقيل : المعنى فسوف يبصرون
العذاب يوم القيامة.
{أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } كانوا يقولون من فرط تكذيبهم متى هذا العذاب ؛ أي لا تستعجلوه فإنه واقع بكم.
قوله تعالى : {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ } أي العذاب. قال الزجاج : وكان عذاب هؤلاء بالقتل. ومعنى {بساحتهم} أي بدارهم ؛ عن السدي وغيره. والساحة والسحسة في اللغة فناء الدار الواسع. الفراء : {نزل بساحته} ونزل بهم سواء. {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ } أي بئس صباح الذين أنذروا بالعذاب. وفيه إضمار أي فساء الصباح صباحهم. وخص الصباح بالذكر ؛ لأن العذاب كان يأتيهم فيه. ومنه الحديث الذي رواه أنس رضي الله عنه قال : لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ، وكانوا خارجين إلى مزارعهم ومعهم المساحي ، فقالوا : محمد والخميس ، ورجعوا إلى حصنهم ؛ فقال صلى الله عليه وسلم : "الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" وهو يبين معنى : {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ } يريد : النبي صلى الله عليه وسلم. {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ } كرر تأكيدا. {وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } تأكيدا أيضا.
الآية : 180 {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : {سُبْحَانَ رَبِّكَ } نزه سبحانه نفسه عما أضاف إليه المشركون. {رَبِّ الْعِزَّةِ } على البدل. ويجوز النصب على المدح ، والرفع بمعنى هو رب العزة. {عَمَّا يَصِفُونَ } أي من الصاحبة والولد. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى "سبحان الله" فقال : "هو تنزيه الله عن كل سوء" وقد مضى في "البقرة" مستوفى.
الثانية : سئل محمد بن سحنون عن معنى {رَبِّ الْعِزَّةِ } لم جاز ذلك والعزة من صفات الذات ، ولا يقال رب القدرة ونحوها من صفات ذاته جل وعز ؟ فقال : العزة تكون
صفة ذات وصفة فعل ، فصفة الذات نحو قوله : {فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً } وصفه الفعل نحو قوله : {رَبِّ الْعِزَّةِ } والمعنى رب العزة التي يتعاز بها الخلق فيما بينهم فهي من خلق الله عز وجل. قال : وقد جاء في التفسير إن العزة ها هنا يراد بها الملائكة. قال : وقال بعض علمائنا : من حلف بعزة الله فإن أراد عزته التي هي صفته فحنث فعليه الكفارة ، وإن أراد التي جعلها الله بين عباده فلا كفارة عليه. الماوردي : {رَبِّ الْعِزَّةِ } يحتمل وجهين : أحدهما : مالك العزة ، والثاني : رب كل شيء متعزز من ملك أو متجبر.
قلت : وعلى الوجهين فلا كفارة إذا نواها الحالف.
الثالثة : روي من حديث أبى سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول قبل أن يسلم : {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ } إلى آخر السورة ؛ ذكره الثعلبي.
قلت : قرأت على الشيخ الإمام المحدث الحافظ أبي علي الحسن بن محمد بن محمد بن محمد بن عمروك البكري بالجزيرة قبالة المنصورة من الديار المصرية ، قال أخبرتنا الحرة أم المؤيد زينب بنت عبدالرحمن بن الحسن الشعري بنيسابور في المرة الأولى ، أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن أبي بكر القارئ ، قال حدثنا أبو الحسن عبدالقادر بن محمد الفارسي ، قال حدثنا أبو سهل بشر بن أحمد الإسفرايني ، قال حدثنا أبو سليمان داود بن الحسين البيهقي ، قال حدثنا أبو زكرياء يحيى بن يحيى بن عبدالرحمن التميمي النيسابوري ، قال حدثنا هشيم عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين يقول في آخر صلاته أو حين ينصرف {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } . قال الماوردي : روى الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل آخر مجلسه حين يريد أن يقوم : {سبحان ربك رب العزة عما يصفون. وسلام على المرسلين. والحمد لله رب العالمين} . ذكره الثعلبي من حديت علي رضي الله عنه مرفوعا."
"صفحة رقم 142"
الرابعة قوله تعالى : وسلام على المرسلين أي الذين بلغوا عن الله تعالى التوحيد والرسالة وقال أنس قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ) إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين فإنما أنا رسول من المرسلين ) وقيل : معنى وسلام على المرسلين أي أمن لهم من الله جل وعز يوم الفزع الأكبر والحمد لله رب العالمين أي على إرسال المرسلين مبشرين ومنذرين وقيل : أي على جميع ما أنعم الله به على الخلق أجمعين وقيل : أي على هلاك المشركين دليله : فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين قلت : والكل مراد والحمد يعم ومعنى يصفون يكذبون والتقدير عما يصفون من الكذب تم تفسير الصافات
تفسير سورة ص
سورة ص
مكية في قول الجميع ، وهي ست وثمانون آية. وقيل ثمان وثمانون آية.
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية : [1] { ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ }
الآية : [2] { بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ }
الآية : [3] { كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ }
قوله تعالى : {ص} قراءة العامة {ص} بجزم الدال على الوقف ؛ لأنه حرف من حروف الهجاء مثل : {الم} و {المر} . وقرأ أبي بن عب والحسن وابن أبي إسحاق ونصر بن عاصم {صاد} بكسر الدال بغير تنوين. ولقراءته مذهبان : أحدهما : أنه من صادى يصادي إذا عارض ، ومنه { فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى } أي تعرض. والمصاداة المعارضة ، ومنه الصدى وهو ما يعارض الصوت في الأماكن الخالية. فالمعنى صاد القرآن بعملك ؛ أي عارضه بعملك وقابله به ، فاعمل بأوامره ، وانته عن نواهيه. النحاس : وهذا المذهب يروى عن الحسن أنه فسر به قراءته رواية صحيحة. وعنه أن المعنى اتله وتعرض
لقراءته. والمذهب الآخر أن تكون الدال مكسورة لالتقاء الساكنين. وقرأ عيسى بن عمر {صاد} بفتح الدال مثله : {قاف} و {نون} بفتح آخرها. وله في ذلك ثلاثة مذاهب : أحدهن : أن يكون بمعنى أتل. والثاني : أن يكون فتح لالتقاء الساكنين واختار الفتح للإتباع ؛ ولأنه أخف الحركات. والثالث : أن يكون منصوبا على القسم بغير حرف ؛ كقولك : الله لأفعلن ، وقيل : نصب على الإغراء. وقيل : معناه صاد محمد قلوب الخلق واستمالها حتى آمنوا به. وقرأ ابن أبي إسحاق أيضا {صادِ} بكسر الدال والتنوين على أن يكون مخفوضا على حذف حرف القسم ، وهذا بعيد وإن كان سيبويه قد أجاز مثله. ويجوز أن يكون مشبها بما لا يتمكن من الأصوات وغيرها. وقرأ هارون الأعور ومحمد بن السميقع : {صادُ} و {قافُ} و {نونُ} بضم آخرهن : لأنه المعروف بالبناء في غالب الحال ، نحو منذ وقط وقبل وبعد. و {ص} إذا جعلته اسما للسورة لم ينصرف ؛ كما أنك إدا سميت مؤنثا بمذكر لا ينصرف وإن قلت حروفه. وقال ابن عباس وجابر بن عبدالله وقد سئلا عن {ص} فقالا : لا ندري ما هي. وقال عكرمة : سأل نافع بن الأزرق ابن عباس عن {ص} فقال : {ص} كان بحرا بمكة وكان عليه عرش الرحمن إذ لا ليل ولا نهار. وقال سعيد بن جبير : {ص} بحر يحيي الله به الموتى بين النفختين. وقال الضحاك : معناه صدق الله. وعنه أن {ص} قسم أقسم الله به وهو من أسمائه تعالى. وقال السدي ، وروي عن ابن عباس. وقال محمد بن كعب : هو مفتاح أسماء الله تعالى صمد وصانع المصنوعات وصادق الوعد. وقال قتادة : هو اسم من أسماء الرحمن. وعنه أنه اسم من أسماء القرآن. وقال مجاهد : هو فاتحة السورة. وقيل : هو مما استأثر الله تعالى بعلمه وهو معنى القول الأول. وقد تقدم جميع هذا في "البقرة" .
قوله تعالى : { وَالْقُرْآنِ } ؤ خفض بواو القسم والواو بدل من الباء ؛ أقسم بالقرآن تنبيها على جلالة قدره ؛ فإن فيه بيان كل شيء ، وشفاء لما في الصدور ، ومعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم. { ذِي الذِّكْرِ } خفض على النعت وعلامة خفضه الياء ، وهو اسم معتل والأصل فيه ذوى على فعل. قال ابن عباس : ومقاتل معنى {ذِي الذِّكْرِ} ذي البيان. الضحاك :
ذي الشرف أي من آمن به كان شرفا له في الدارين ؛ كما قال تعالى : { لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ } أي شرفكم. وأيضا القرآن شريف في نفسه لإعجازه واشتماله على ما لا يشتمل عليه غيره. وقيل : { ذِي الذِّكْرِ } أي فيه ذكر ما يحتاج إليه من أمر الدين. وقيل : { ذِي الذِّكْرِ } أي فيه ذكر أسماء الله وتمجيده. وقيل : أي ذي الموعظة والذكر. وجواب القسم محذوف. واختلف فيه على أوجه : فقيل جواب القسم {ص} ؛ لأن معناه حق فهي جواب لقوله : { وَالْقُرْآنِ } كما تقول : حقا والله ، نزل والله ، وجب والله ؛ فيكون الوقف من هذا الوجه على قوله : { وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ } حسنا ، وعلى { فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } تماما. قال ابن الأنباري. وحكى معناه الثعلبي عن الفراء. وقيل : الجواب { بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } لأن {بل} نفي لأمر سبق وإثبات لغيره ؛ قاله القتبي ؛ فكأنه قال : {والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق} عن قبول الحق وعداوة لمحمد صلى الله عليه وسلم. أو { وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ } ما الأمر كما يقولون من أنك ساحر كذاب ؛ لأنهم يعرفونك بالصدق والأمانة بل هم في تكبر عن قبول الحق. وهو كقوله : { ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ. بَلْ عَجِبُوا } . وقيل : الجواب { وَكَمْ أَهْلَكْنَا } كأنه قال : والقرآن لكم أهلكنا ؛ فلما تأخرت {كم} حذفت اللام منها ؛ كقوله تعالى : { وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا } ثم قال : { قَدْ أَفْلَحَ } أي لقد أفلح. قال المهدوي : وهذا مذهب الفراء. ابن الأنباري : فمن هذا الوجه لا يتم الوقف على قوله : { فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } . وقال الأخفش : جواب القسم { إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ } ونحو منه قوله تعالى : { تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ } وقوله : { وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ } إلى قوله { إِنْ كُلُّ نَفْسٍ } . ابن الأنباري : وهذا قبيح ؛ لأن الكلام قد طال فيما بينهما وكثرت الآيات والقصص. وقال الكسائي : جواب القسم قوله : { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ } ابن الأنباري : وهذا أقبح من الأول ؛ لأن الكلام أشد طولا فيما بين القسم وجوابه. وقيل الجواب قوله : { إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ } وقال قتادة : الجواب محذوف تقديره { وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ } لتبعثن ونحوه.
قوله تعالى : { بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ } أي تكبر وامتناع من قبول الحق ؛ كما قال جل وعز : {وإذا وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالأِثْمِ } أخذته العزة بالإثم والعزة عند العرب : الغلبة والقهر. يقال : من عز بز ؛ يعني من غلب سلب. ومنه : { وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ } أراد غلبني. وقال جرير :
يعز على الطريق بمنكبيه ... كما ابترك الخليع على القداح
أراد يغلب. { وَشِقَاقٍ } أي في إظهار خلاف ومباينة. وهو من الشق كأن هذا في شق وذلك في شق. وقد مضى في "البقرة" مستوفى.
قوله تعالى : { كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ } أي قوم كانوا أمنع من هؤلاء. و { كَمْ} لفظة التكثير { فَنَادَوْا } أي بالاستغاثة والتوبة. والنداء رفع الصوت ؛ ومنه الخبر : "ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتا" أي أرفع. { وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ } قال الحسن : نادوا بالتوبة وليس حين التوبة ولا حين ينفع العمل. النحاس : وهذا تفسير منه لقوله عز وجل : {ولات حين مناص} فأما إسرائيل فروى عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس : { وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ } قال : ليس بحين نزو ولا فرار ؛ قال : ضبط القوم جميعا قال الكلبي : كانوا إذا قاتلوا فاضطروا قال بعضهم لبعض مناص ؛ أي عليكم بالفرار والهزيمة ، فلما أتاهم العذاب قالوا مناص ؛ فقال الله عز وجل : { وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ } قال القشيري : وعلى هذا فالتقدير : فنادوا مناص فحذف لدلالة بقية الكلام عليه ؛ أي ليس الوقت وقت ما تنادون به. وفي هذا نوع تحكم ؛ إذ يبعد أن يقال : كل من هلك من القرون كانوا يقولون مناص عند الاضطرار. وقيل : المعنى { وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ } أي لا خلاص وهو نصب بوقوع لا عليه. قال القشيري : وفيه نظر لأنه لا معنى على هذا للواو في وَلاتَ حِينَ
مَنَاصٍ وقال الجرجاني : أي فنادوا حين لا مناص ؛ أي ساعة لا منجى ولا فوت. فلما قدم {لا} وأخر {حين} اقتضى ذلك الواو ، كما يقتضي الحال إذا جعل ابتداء وخبرا ؛ مثل قولك : جاء زيد راكبا ؛ فإذا جعلته مبتدأ وخبر اقتضى الواو مثل جاءني زيد وهو راكب ، فحين ظرف لقوله : { فَنَادَوْا } . والمناص بمعنى التأخر والفرار والخلاص ؛ أي نادوا لطلب الخلاص في وقت لا يكون لهم فيه خلاص. قال الفراء :
أمن ذكر ليلى إذ نأتك تنوص
يقال : ناص عن قرنه ينوص نوصا ومناصا أي فر وزاغ. النحاس : ويقال : ناص ينوص إذا تقدم.
قلت : فعلى هذا يكون من الأضداد ، والنوص الحمار الوحشي. واستناص أي تأخر ؛ قاله الجوهري. وتكلم النحويون في { وَلاتَ حِينَ } وفي الوقف عليه ، وكثر فيه أبو عبيدة القاسم بن سلام في كتاب القراءات وكل ما جاء به إلا يسيرا مردود. فقال سيبويه : {لات} مشبهة بليس والاسم فيها مضمر ؛ أي ليست أحياننا حين مناص. وحكي أن من العرب من يرفع بها فيقول : ولات حين مناص. وحكي أن الرفع قليل ويكون الخبر محذوفا كما كان الاسم محذوفا في النصب ؛ أي ولات حين مناص لنا. والوقف عليها عند سيبويه والفراء {ولات} بالتاء ثم تبتدئ { حِينَ مَنَاصٍ } هو قول ابن كيسان والزجاج. قال أبو الحسن بن كيسان : والقول كما قال سيبويه ؛ لأن شبهها بليس فكما يقال ليست يقال لات. والوقوف عليها عتد الكسائي بالهاء ولاه. وهو قول المبرد محمد بن يزيد. وحكى عنه علي بن سليمان أن الحجة في ذلك أنها دخلت عليها الهاء لتأنيث الكلمة ، كما يقال ثُمه ورُبه. وقال القشيري : وقد يقال ثُمت بعني ثُم ، وربت بمعنى رب ؛ فكأنهم زادوا في لا هاء فقالوا لاه ، كما قالوا في ثمه عند الوصل صارت تاء. وقال الثعلبي : وقال أهل اللغة : و { وَلاتَ حِينَ } مفتوحتان كأنهما




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 152.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 150.67 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (1.12%)]