تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الإسلام يدعو لحرية التملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الاستشراق والقرآنيون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          منهج شياطين الإنس في الشرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وسواس غريب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          فقدت العذرية أثناء ممارسة العادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          العزلة والرهاب الاجتماعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أخفيت على زوجتي مرضي النفسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          اضطراب الهوية الجنسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-07-2025, 02:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,379
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى



تَّفْسِيرِ
(الْجَامِعِ لِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ ، وَالْمُبَيِّنِ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ السُّنَّةِ وَآيِ الْفُرْقَانِ )
الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُرْطُبِيُّ
المجلد (13)
سُورَةُ النمل
من صــ 341 الى صــ 350
الحلقة (553)






"صفحة رقم 341"
قوله تعالى : ) ولوطا إذ قال لقومه ( قال الكسائي : المعنى وأنجينا لوطا أو أرسلنا لوطا قال : وهذا الوجه أحب إلي ويجوز أن يكون المعنى واذكر لوطا إذ قال لقومه موبخا أو محذرا ) أئنكم لتأتون الفاحشة ليبين أنها زنى كما قال الله تعالى ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة الإسراء من لاستغراق الجنس أي لم يكن اللواط في أمة قبل قوم لوط والملحدون يزعمون أن ذلك كان قبلهم والصدق ما سبقكم بها من أحد من العالمين ( أئنكم تقدم القراءة في هذا وبيانها في سورة الأعراف وتقدم قصة لوط وقومه في الأعراف وهود أيضا ) وتقطعون السبيل ( قيل : كانوا قطاع الطريق قاله بن زيد وقيل : كانوا يأخذون الناس من الطرق لقضاء الفاحشة حكاه بن شجرة وقيل : إنه قطع النسل بالعدول عن النساء إلى الرجال قاله وهب بن منبه أي استغنوا بالرجال عن النساء قلت : ولعل الجميع كان فيهم فكانوا يقطعون الطريق لأخذ الأموال والفاحشة ويستغنون عن النساء بذلك ) وتأتون في ناديكم المنكر ( النادي المجلس واختلف في المنكر الذي كانوا يأتونه فيه فقالت فرقة : كانوا يخذفون النساء بالحصى ويستخفون بالغريب والخاطر عليهم وروته أم هانئ عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قالت أم هانئ : سألت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
"صفحة رقم 342"
عن قول الله عز وجل : ) وتأتون في ناديكم المنكر ( قال : ) كانوا يخذفون من يمر بهم ويسخرون منه فذلك المنكر الذي كانوا يأتونه ) أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده وذكره النحاس والثعلبي والمهدوي والماوردي وذكر الثعلبي قال معاوية قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ) إن قوم لوط كانوا يجلسون في مجالسهم وعند كل رجل قصعة فيها الحصى للخذف فإذا مر بهم عابر قذفوه فأيهم أصابه كان أولى به ) يعني يذهب به للفاحشة فذلك قوله : ) وتأتون في ناديكم المنكر ( وقالت عائشة وبن عباس والقاسم بن أبي بزة والقاسم بن محمد : إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم وقال منصور عن مجاهد كانوا يأتون الرجال في مجالسهم وبعضهم يرى بعضا وعن مجاهد : كان من أمرهم لعب الحمام وتطريف الأصابع بالحناء والصفير والخذف ونبذ الحياء في جميع أمورهم قال بن عطية : وقد توجد هذه الأمور في بعض عصاة أمة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فالتناهي واجب قال مكحول : في هذه الأمة عشرة من أخلاق قوم لوط : مضغ العلك وتطريف الأصابع بالحناء وحل الإزار وتنقيض الأصابع والعمامة التي تلف حول الرأس والتشابك ورمي الجلاهق والصفير والخذف واللوطية وعن بن عباس قال : إن قوم لوط كانت فيهم ذنوب غير الفاحشة منها أنهم يتظالمون فيما بينهم ويشتم بعضهم بعضا ويتضارطون في مجالسهم ويخذفون ويلعبون بالنرد والشطرنج ويلبسون المصبغات ويتناقرون بالديكة ويتناطحون بالكباش ويطرفون أصابعهم بالحناء وتتشبه الرجال بلباس النساء والنساء بلباس الرجال ويضربون المكوس على كل عابر ومع هذا كله كانوا يشركون بالله وهم أول من ظهر على أيديهم اللوطية والسحاق فلما وقفهم لوط عليه السلام على هذه القبائح رجعوا إلى التكذيب واللجاج فقالوا : ) أئتنا بعذاب الله ( أي إن ذلك لا يكون ولا يقدر عليه وهم لم يقولوا هذا إلا وهم مصممون على اعتقاد كذبه وليس يصح في الفطرة أن يكون معاند يقول هذا ثم استنصر
"صفحة رقم 343"
لوط عليه السلام ربه فبعث عليهم ملائكة لعذابهم فجاؤوا إبراهيم أولا مبشرين بنصرة لوط على قومه حسبما تقدم بيانه في هود وغيرها وقرأ الأعمش ويعقوب وحمزة والكسائي : ) لننجينه وأهله ( بالتخفيف وشدد الباقون وقرأ بن كثير وأبو بكر وحمزة والكسائي : ) إنا منجوك وأهلك ( بالتخفيف وشدد الباقون وهما لغتان : أنجى ونجى بمعنى وقد تقدم وقرأ بن عامر : ) إنا منزلون ( بالتشديد وهي قراءة بن عباس الباقون بالتخفيف وقوله : ) ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون ( قال قتادة : هي الحجارة التي أبقيت وقاله أبو العالية وقيل : إنه يرجم بها قوم من هذه الأمة وقال بن عباس : هي آثار منازلهم الخربة وقال مجاهد : هو الماء الأسود على وجه الأرض وكل ذلك باق فلا تعارض
العنكبوت : ) 36 ( وإلى مدين أخاهم . . . . .
)
العنكبوت 36 : 37 (

قوله تعالى : ) وإلى مدين أخاهم شعيبا ( أي وأرسلنا إلى مدين وقد تقدم ذكرهم وفسادهم فيالأعرافوهود ) وارجوا اليوم الآخر ( وقال يونس النحوي : أي اخشوا الآخرة التي فيها الجزاء على الأعمال ) ولا تعثوا في الأرض مفسدين ( أي لا تكفروا فإنه أصل كل فساد والعثو والعثي أشد الفساد عثي يعثي وعثا يعثو بمعنى واحد وقد تقدم وقيل : وارجوا اليوم الآخر أي صدقوا به فإن القوم كانوا ينكرونه
العنكبوت : ) 38 ( وعادا وثمود وقد . . . . .
)
العنكبوت 38 (

قوله تعالى : ) وعادا وثمود ( قال الكسائي : قال بعضهم هو راجع إلى أول السورة أي ولقد فتنا الذين من قبلهم وفتنا عادا وثمود قال : وأحب إلي أن يكون معطوفا على
"صفحة رقم 344"
فأخذتهم الرجفة وأخذت عادا وثمودا وزعم الزجاج : أن التقدير وأهلكنا عادا وثمودا وقيل : المعنى واذكر عادا إذ أرسلنا إليهم هودا فكذبوه فأهلكناهم وثمودا أيضا أرسلنا إليهم صالحا فكذبوه فأهلكناهم بالصيحة كما أهلكنا عادا بالريح العقيم ) وقد تبين لكم ( يا معشر الكفار ) من مساكنهم ( بالحجر والأحقاف آيات في إهلاكهم فحذف فاعل التبيين ) وزين لهم الشيطان أعمالهم ( أي أعمالهم الخسيسة فحسبوها رفيعة ) فصدهم عن السبيل ( أي عن طريق الحق ) وكانوا مستبصرين ( فيه قولان : أحدهما وكانوا مستبصرين في الضلالة قاله مجاهد والثاني كانوا مستبصرين قد عرفوا الحق من الباطل بظهور البراهين وهذا القول أشبه لأنه إنما يقال فلان مستبصر إذا عرف الشيء على الحقيقة قال الفراء : كانوا عقلاء ذوي بصائر فلم تنفعهم بصائرهم وقيل : أتوا ما أتوا وقد تبين لهم أن عاقبتهم العذاب
العنكبوت : ) 39 ( وقارون وفرعون وهامان . . . . .
)
العنكبوت 39 : 40 (

قوله تعالى : ) وقارون وفرعون وهامان ( قال الكسائي : إن شئت كان محمولا على عاد وكان فيه ما فيه وإن شئت كان على فصدهم عن السبيل وصد قارون وفرعون وهامان وقيل : أي وأهلكنا هؤلاء بعد أن جاءتهم الرسل ) فاستكبروا في الأرض ( عن الحق وعن عبادة الله ) وما كانوا سابقين ( أي فائتين وقيل : سابقين في الكفر بل قد سبقهم للكفر قرون كثيرة فأهلكناهم ) فكلا أخذنا بذنبه ( قال الكسائي : فكلا منصوب ب أخذنا أي أخذنا كلا بذنبه ) فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ( يعني قوم لوط والحاصب ريح يأتي بالحصباء وهي الحصى الصغار وتستعمل في كل عذاب
"صفحة رقم 345"
)
ومنهم من أخذته الصيحة ( يعني ثمودا وأهل مدين ) ومنهم من خسقنا به الأرض ( يعني قارون ) ومنهم من أغرقنا ( قوم نوح وقوم فرعون ) وما كان الله ليظلمهم ( لأنه أنذرهم وأمهلهم وبعث إليهم الرسل وأزاح العذر

العنكبوت : ) 41 ( مثل الذين اتخذوا . . . . .
)
العنكبوت 41 : 43 (

قوله تعالى : ) مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت ( قال الأخفش : كمثل العنكبوت وقف تام ثم قص قصتها فقال : ) اتخذت بيتا ( قال بن الأنباري : وهذا غلط لأن اتخذت بيتا صلة للعنكبوت كأنه قال : كمثل التي اتخذت بيتا فلا يحسن الوقف على الصلة دون الموصول وهو بمنزلة قوله : كمثل الحمار يحمل أسفارا فيحمل صلة للحمار ولا يحسن الوقف على الحمار دون يحمل قال الفراء : هو مثل ضربه الله سبحانه لمن اتخذ من دونه آلهة لا تنفعه ولا تضره كما أن بيت العنكبوت لا يقيها حرا ولا بردا ولا يحسن الوقف على العنكبوت لأنه لما قصد بالتشبيه لبيتها الذي لا يقيها من شيء فشبهت الآلهة التي لا تنفع ولا تضر به ) وإن أوهن البيوت ( أي أضعف البيوت ) لبيت العنكبوت ( قال الضحاك : ضرب مثلا لضعف آلهتهم ووهنها فشبهها ببيت العنكبوت ) لو كانوا يعلمون ( لو متعلقة ببيت العنكبوت أي لو علموا أن عبادة الأوثان كاتخاذ بيت العنكبوت التي لا تغني عنهم شيئا وأن هذا مثلهم لما عبدوها لا أنهم يعلمون أن بيت العنكبوت ضعيف وقال النحاة : إن تاء العنكبوت في آخرها مزيدة لأنها تسقط في التصغير والجمع وهي مؤنثة وحكى الفراء تذكيرها وأنشد : هلى هطالهم منهم بيوت كأن العنكبوت قد ابتناها
"صفحة رقم 346"
ويروى : على أهطالهم منهم بيوت قال الجوهري والهطال : اسم جبل والعنكبوت الدوبية المعروفة التي تنسج نسجا وفيها مهلهلا بين الهواء ويجمع عناكب وعناكب وعكاب وعكب وأعكب وقد حكي أنه يقال عنكب وعكنباة قال الشاعر : كأنما يسقط من لغامها بيت عكنباة على زمامها وتصغر فيقال عنيكب وقد حكى عن يزيد بن ميسرة أن العنكبوت شيطان مسخها الله تعالى وقال عطاء الخرساني : نسجت العنكبوت مرتين مرة على داود حين كان جالوت يطلبه ومرة على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ولذلك نهى عن قتلها ويروى عن علي رضي الله عنه أنه قال : طهروا بيوتكم من نسخ العنكبوت فإنه تركه في البيوت يورث الفقر ومنع الخمير يورث الفقر قوله تعالى : ) إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء ( ما بمعنى الذي ومن للتبعيض ولو كانت زائدة للتوكيد لانقلب المعنى والمعنى : إن الله يعلم ضعف ما يعبدون من دونه وقرأ عاصم وأبو عمرو ويعقوب : يدعون بالياء وهو اختيار أبي عبيد لذكر الأمم قبلها الباقون بالتاء على الخطاب قوله تعالى : ) وتلك الأمثال نضربها ( أي هذا المثل وغيره مما ذكر في البقرة والحج وغيرهما ) نضربها ( نبينها ) للناس وما يعقلها ( أي يفهمها ) إلا العالمون ( أي العالمون بالله كما روى جابر عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : ) العالم من عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه )
العنكبوت : ) 44 ( خلق الله السماوات . . . . .
)
العنكبوت 44 (

قوله تعالى : ) خلق الله السماوات والأرض بالحق ( أي بالعدل والقسط وقيل : بكلامه وقدرته وذلك هو الحق ) إن في ذلك لآية ( أي علامة ودلالة ) للمؤمنين ( المصدقين
"صفحة رقم 347"
العنكبوت : ) 45 ( اتل ما أوحي . . . . .
)
العنكبوت 45 (

فيه أربع مسائل : الأولى قوله تعالى : ) اتل ( أمر من التلاوة والدءوب عليها وقد مضى في طه الوعيد فيمن أعرض عنها وفي مقدمة الكتاب الأمر بالحض عليها والكتاب يراد به القرآن الثانية قوله تعالى : ) وأقم الصلاة ( الخطاب للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأمته وإقامة الصلاة أداؤها في أوقاتها بقراءتها وركوعها وسجودها وقعودها وتشهدها وجميع شروطها وقد تقدم بيان ذلك في البقرة فلا معنى للإعادة الثالثة قوله تعالى : ) إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ( يريد إن الصلاة الخمس هي التي تكفر ما بينها من الذنوب كما قال عليه السلام : ) أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء ) قالوا : لا يبقى من درنه شيء قال : ) فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا ) خرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال فيه حديث حسن صحيح وقال بن عمر : الصلاة هنا القرآن والمعنى : الذي يتلى في الصلاة ينهى عن الفحشاء والمنكر وعن الزنى والمعاصي قلت : ومنه الحديث الصحيح : ) قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ) يريد قراءة الفاتحة وقال حماد بن أبي سليمان وبن جريج والكلبي : العبد ما دام في صلاته لا يأتي فحشاء ولا منكرا أي إن الصلاة تنهى ما دمت فيها قال بن عطية : وهذه عجمة وأين هذا مما رواه أنس بن مالك قال : كان فتى من الأنصار يصلي مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ولا يدع شيئا من الفواحش والسرقة إلا ركبه فذكر للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : ) إن الصلاة ستنهاه
"صفحة رقم 348"
)
فلم يلبث أن تاب وصلحت حاله فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ) ألم أقل لكم ) وفي الآية تأويل ثالث وهو الذي ارتضاه المحققون وقال به المشيخة الصوفية وذكره المفسرون فقيل المراد ب أقم الصلاة إدامتها والقيام بحدودها ثم أخبر حكما منه بأن الصلاة تنهى صاحبها وممتثلها عن الفحشاء والمنكر وذلك لما فيها من تلاوة القرآن المشتمل على الموعظة والصلاة تشغل كل بدن المصلى فإذا دخل المصلي في محرابه وخشع وأخبت لربه وادكر أنه واقف بين يديه وأنه مطلع عليه ويراه صلحت لذلك نفسه وتذللت وخامرها ارتقاب الله تعالى وظهرت على جوارحه هيبتها ولم يكد يفتر من ذلك حتى تظله صلاة أخرى يرجع بها إلى أفضل حالة فهذا معنى هذه الأخبار لأن صلاة المؤمن هكذا ينبغي أن تكون قلت : لا سيما وإن أشعر نفسه أن هذا ربما يكون آخر عمله وهذا أبلغ في المقصود وأتم في المراد فإن الموت ليس له سن محدود ولا زمن مخصوص ولا مرض معلوم وهذا مما لا خلاف فيه وروي عن بعض السلف أنه كان إذا قام إلى الصلاة ارتعد واصفر لونه فكلم في ذلك فقال : إني واقف بين يدي الله تعالى وحق لي هذا مع ملوك الدنيا فكيف مع ملك الملوك فهذه صلاة تنهى ولا بد عن الفحشاء والمنكر ومن كانت صلاته دائرة حول الإجزاء لا خشوع فيها ولا تذكر ولا فضائل كصلاتنا وليتها تجزي فتلك تترك صاحبها من منزلته حيث كان فإن كان على طريقة معاص تبعده من الله تعالى تركته الصلاة يتمادى على بعده وعلى هذا يخرج الحديث المروي عن بن مسعود وبن عباس والحسن والأعمش قولهم : ) من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم تزده من الله إلا بعدا ) وقد روي أن الحسن أرسله عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وذلك غير صحيح السند قال بن عطية سمعت أبي رضي الله عنه يقول : فإذا قررنا ونظر معناه فغير جائز أن يقول إن نفس صلاة العاصي تبعده من الله حتى كأنها معصية وإنما يتخرج ذلك على أنها لا تؤثر في تقريبه من الله بل تتركه على حاله ومعاصيه من الفحشاء والمنكر والبعد فلم تزده الصلاة إلا تقرير ذلك البعد الذي كان سبيله فكأنها بعدته حين لم تكف بعده عن الله وقيل لابن مسعود : إن فلانا كثير الصلاة فقال : إنها لا تنفع إلا من أطاعها

"صفحة رقم 349"
قلت : وعلى الجملة فالمعنى المقصود بالحديث : ) لم تزده من الله إلا بعدا ولم يزدد بها من الله إلا مقتا ) إشارة إلى أن مرتكب الفحشاء والمنكر لا قدر لصلاته لغلبة المعاصي على صاحبها وقيل : هو خبر بمعنى الأمر أي لينته المصلي عن الفحشاء والمنكر والصلاة بنفسها لا تنهى ولكنها سبب الانتهاء وهو كقوله تعالى : هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق وقوله : أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون الرابعة قوله تعالى : ) ولذكر الله أكبر ( أي ذكر الله لكم بالثواب والثناء عليكم أكبر من ذكركم له في عبادتكم وصلواتكم قال معناه بن مسعود وبن عباس وأبو الدرداء وأبو قرة وسلمان والحسن وهو اختيار الطبري وروي مرفوعا من حديث موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال في قول الله عز وجل : ولذكر الله أكبر قال : ) ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه ) وقيل : ذكركم الله في صلاتكم وفي قراءة القرآن أفضل من كل شيء وقيل : المعنى إن ذكر الله أكبر مع المداومة من الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر وقال الضحاك : ولذكر الله عندما يحرم فيترك أجل الذكر وقيل : المعنى ولذكر الله للنهي عن الفحشاء والمنكر أكبر أي كبير وأكبر يكون بمعنى كبير وقال بن زيد وقتادة : ولذكر الله أكبر من كل شيء أي أفضل من العبادات كلها بغير ذكر وقيل : ذكر الله يمنع من المعصية فإن من كان ذاكرا له لا يخالفه قال بن عطية : وعندي أن المعنى ولذكر الله أكبر على الإطلاق أي هو الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر فالجزء الذي منه في الصلاة يفعل ذلك وكذلك يفعل في غير الصلاة لأن الانتهاء لا يكون إلا من ذاكر الله مراقب له وثواب ذلك أن يذكره الله تعالى كما في الحديث ) من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ) والحركات التي في الصلاة لا تأثير لها في نهي والذكر النافع هو مع العلم وإقبال القلب وتفرغه إلا من الله وأما ما لا يتجاوز اللسان ففي رتبة أخرى وذكر الله تعالى للعبد هو إفاضة الهدى ونور العلم عليه وذلك ثمرة لذكر العبد ربه قال الله عز وجل : فاذكروني أذكركم وباقي الآية ضرب من الوعيد والحث على المراقبة
"صفحة رقم 350"
العنكبوت : ) 46 ( ولا تجادلوا أهل . . . . .
)
العنكبوت 46 : 47 (

فيه مسألتان : الأولى اختلف العلماء في قوله تعالى : ) ولا تجادلوا أهل الكتاب ( فقال مجاهد : هي محكمة فيجوز مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن على معنى الدعاء لهم إلى الله عز وجل والتنبيه على حججه وآياته رجاء إجابتهم إلى الإيمان لا على طريق الإغلاظ والمخاشنة وقوله على هذا : إلا الذين ظلموا منهم معناه ظلموكم وإلا فكلهم ظلم 4 ة على الإطلاق وقيل : المعنى لا تجادلوا من آمن بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) من أهل الكتاب المؤمنين كعبد الله بن سلام ومن آمن معه ) إلا بالتي هي أحسن ( أي بالموافقة فيما حدثوكم به من أخبار أوائلهم وغير ذلك وقوله على هذا التأويل : ) إلا الذين ظلموا ( يريد به من بقي على كفره منهم كمن كفر وغدر من قريظة والنضير وغيرهم والآية على هذا أيضا محكمة وقيل : هذه الآية منسوخة بآية القتال قوله تعالى : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله قاله قتادة إلا الذين ظلموا أي جعلوا لله ولدا وقالوا : يد الله مغلولة وإن الله فقير فهؤلاء المشركون الذين نصبوا الحرب ولم يؤدوا الجزية فانتصروا منهم قال النحاس وغيره : من قال هي منسوخة احتج بأن الآية مكية ولم يكن في ذلك الوقت قتال مفروض ولا طلب جزية ولا غير ذلك وقول مجاهد حسن لأن أحكام الله عز وجل لا يقال فيها إنها منسوخة إلا بخبر يقطع العذر أو حجة من معقول واختار هذا القول بن العربي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 150.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 148.37 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (1.14%)]