دعوة إلى الإصلاح ووحدة الصف والمصير - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14463 - عددالزوار : 760751 )           »          تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 637 - عددالزوار : 66967 )           »          الجاليات المسلمة: التأثير والتأثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 467 - عددالزوار : 144911 )           »          تفسير سورة العلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          النهي عن الوفاء بنذر المعصية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الدرس السادس والعشرون: الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الخلاصة في تفسير آية الجلابيب وآية الزينة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فضل التبكير إلى صلاة الجمعة والتحذير من التخلف عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مختصر رسالة إلى القضاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-06-2025, 11:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,077
الدولة : Egypt
افتراضي دعوة إلى الإصلاح ووحدة الصف والمصير

دعوة إلى الإصلاح ووحدة الصف والمصير

أبو آمد محمد بن رشيد الجعفري

لقد أُمرت الأمة الإسلامية منذ فجر الرسالة أن تكون أمةً شاهدة على الناس، ناهضة بأمانة العدل، مؤتمنة على وحدة الكلمة وصفاء الموقف، رافعةً رايةَ الاجتماع على الحق، ونابذةً لكل أشكال العصبية والتعصب والفرقة، لقد جسَّد النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأمانة واقعًا حيًّا، حين آخى بين المهاجرين والأنصار، وأقام مجتمع المدينة على أساسٍ لا يعرف التمييز العرقيَّ، ولا الفوارق الطبقية، بل جعل التفاضل بين الناس قائمًا على التقوى والعمل الصالح وحده؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، لا فضلَ لعربيٍّ على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمرَ على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى))؛ [رواه أحمد]، فكانت إحدى أهم المبادئ التي بُني المجتمع الإسلامي الأول عليها مؤسسًا على الحق الخالص والمساواة التامة، حتى غدت المدينة المنورة أولَ نموذج لدولة عادلة، يعلو فيها سلطان الحق، ويخفت فيها صوت العصبية والتمييز واتباع الأهواء، ليكون ذلك نموذجًا يُحتذى به عند كل من آمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم.


وإذا نظرنا إلى جراح الشام اليوم، نجد أنها استمرار لِما خلَّفته سلطة النظام البعثي الذي دمَّر البلاد، وأزهق الأرواح، وشرَّد الألوف المؤلَّفة من الناس، ولو تعمقنا في التفاصيل التاريخية، وأمعنَّا النظر في الآثار والنتائج اليومية، لرأينا كيف أن نظام البعث قد حرَّف المقاييس، وغيَّر المفاهيم، ونشر بذور التفرقة، وخلق سلسلة من المشاكل المتراكمة، ومنظومة من الانحراف الأخلاقي والقيمي والاجتماعي، بل ولو قارنَّا حالنا بحال إخوتنا في محيطنا الجغرافي والسياسي، لوجدنا آثار الفكر القومي والفئوي التخريبي من حولنا في العراق ومصر وسواهما من البلاد الإسلامية، ولأيقنَّا أنه ما كان لهذه العلل والنتائج أن تحدث، لولا تقاعس أهل الفكر والعقول، وخنوع أهل العلم وطلبته، وانخداعهم بما تم التسويق له لعقود.

فها نحن اليوم في قلب المواجهة والمجابهة التي لا مفر منها مع هذه العلل والأمراض والأوبئة، التي خلَّفتها الأنظمة القومية والفئوية، والديكتاتوريات العسكرية والعقلية، البعثية منها على الخصوص، ليكون يقين الناس أن لا حلَّ إلا بإصلاح ما تضرر، وترميم ما خرب من النفوس، وإعادة بناء ما هُدِم من القيم، وتغيير العادات السيئة بأخرى حسنة تُوافِق المبادئ الإسلامية والقيم العليا للأمة، وكلنا يقين بأن ما نشهده من حِدة الانقسام والتعصب الذي نخر جسدَ هذا البلد وهذه الأمة عمومًا، ومزق نسيجها الاجتماعي، ومهَّد السبيل أمام الأعداء ليتلاعبوا بمصيرها، من إثارة للنَّعرات والعصبيات التي ما تزال تسمع لها صدًى، وتجد لها موطئَ قدمٍ، ما كانت لتحدث إلا نتيجة الجهل بالإسلام وقيمه ومبادئه، والانحسار في الأخلاق، والاغترار بالقبلية أو الانتماء، والتي ما تأدب مناصروها وروَّادها من تاريخها الفجِّ في جرِّ الآثام التبعية، والسير في مجاري الضياع والانصياع لكل طامع غادر

ونؤكد على أنه ما كان للعدو وما أحدث من أفكار هدَّامة، ودعم من أنظمة قمعية، أن ينال منا هذا المنالَ، لولا أن وجد بيئة خصبة من النفوس الضعيفة، التي قد شُحنت بعضها بالأحقاد، والعيون التي عمِيت أبصارها عن حقيقة الإسلام الذي يأمر بالاجتماع، وإقامة العدل والإحسان، لتكون أدواتٍ في بثِّ السموم، وإحداث النزاعات العرقية والمصالح الفئوية، حوَّلت البلاد إلى ساحة تناحر، وأخَّرت بناء القوة الحضاري لهذه الأمة وللشام خصوصًا، لتعود إلى مكانتها في أن نكون منارةً للعدل والحكمة والكرامة

وعليه وجب أن نعلم ونُقر في نفوسنا أن وحدة الأمة ليست خيارًا انتقائيًّا نلجأ إليه عندما تهب أعاصير الفتن، بل هي فريضة ربانية أقرَّها الله في كتابه؛ حين قال: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]، وجعل الاعتصام بحبله واجبًا لا يتم الإيمان إلا به، وجعل التفرقة نذيرَ الفشل وذَهابَ الريح، ولم يكن محمد صلى الله عليه وسلم بحاجة إلى جيوش جرَّارة ليؤسس دولته، بل كان يكفيه أن يوحِّد القلوب على كلمة سواءٍ، فجعل المختلفين في التوجيه والانتماء والفئة، والمتناحرين من قبل على سفاسف الأمور، والمتعدين، أنهم أضداد لا تجتمع إخوة، ليصبح هذا الاجتماع على الإسلام رباطًا أقوى من وشائج الدم

واليوم، وهذه الأمة وخاصة شامها تتقلب في محنها، وتتجرع حرقة آلامها مُتمسكة بأملها في الله، بأمسِّ الحاجة إلى أن يقود عقلاؤها الدعوةَ إلى الإصلاح الحقيقي النابع من الإرادة المؤمنة بالعدل، وحريصة على وحدة المصير، مُستيقنة أنه لا معنى لأي إصلاح إذا لم يكن أساسه رد المظالم إلى أهلها، ولا قيام لأي وحدة إذا ظلَّت القلوب مشحونةً بالأحقاد والتشفي، فعملية الإصلاح الصادقة، ورد المظالم التاريخية، أساس في بناء وحدة الصف والمصير، وما كان لهذه العملية ألَّا تبدأ من معاقل السياسة والحكم، وعبر اجتماعات تبرِم الاتفاقيات وحدها، بل تصاغ أولًا في الضمائر التي تعود إلى صراطها القويم، وفي النفوس التي تتخلص من عبودية الحقد، والتبعية للدول والإمبراطوريات المالية والسياسية، بل وفي القلوب التي ترفع مصلحة الأمة فوق كل حساب شخصي أو فئوي، بل وجب أن يرافق ما سبق إيجادُ حَراك اجتماعي واعٍ، يقود هذه العملية مؤمنًا بالنتيجة، ومتأكدًا أن العلاج لا يكون بالحديث والخطابات، والاجتماع والاتفاقات على الورق وأمام الكاميرات، بل يكون في العمل الموجَّه الدؤوب والمثابرة.

فها هو التاريخ يعلمنا أن التمزق هو بداية الانهيار، وأن العدالة، وشجاعة رد الحقوق، والاعتراف بالأخطاء، وسدَّ الذرائع، وتطبيق ما حكم الله، وسنَّ رسوله صلى الله عليه وسلم، وحدها كفيلة بجمع ما تفرق، ولنا في سقوط الأندلس عِبرة، حين تناحرت دويلاتُ الطوائف، وتقاعست عن نصرة بعضها بعضًا، فكانت العاقبة أن ضاع المجد وضاعت الأرض، وفي مقابل ذلك نرى كيف أن اتحاد الصفوف في صدر الإسلام كان سر النصر والتمكين؛ وما ذلك إلا لأنهم أقاموا بنيانهم على طاعة الله، وجعلوا العدل سياجَ الحكم، وأعلَوا الكلمة الجامعة فوق كل مصلحة شخصية أو فئوية، أو قبَليَّة أو عِرقية.

ولنعلم يقينًا أن العزة الإسلامية ليست أمنية يُنادَى بها من فوق المنابر، أو أهل العلم وطلبته، بل هي ثمرة عملٍ جادٍّ يقوم على أساس الإيمان الحقيقي بالله، واليقين بالتكليف الشرعي لكل من ادَّعى الانتماء للإسلام، والعدل الكامل بين الناس، والوحدة الصادقة التي لا تعرف المواربة؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139]، فالأعلوية هنا مشروطة بالإيمان، وبالثبات على مقتضاه، والإيمان الحق لا يكتمل إلا بتحقيق العدل، وإقامة الوحدة، ورد المظالم، وإحياء الضمير الجمعي للأمة.

آن لنا أن نعود إلى رشدنا، وأن تجتمع كلمتنا على أن لا إله إلا الله، وأن تتجرد أفكارنا السياسية من عصبيات الجاهلية والفرقة المُنتنة، فنضع نُصبَ أعيننا بناء نواة الأمة، ونعيد للشام مكانتها التاريخية والحضارية، وأن نرسخ جهودنا في حقيقة أن لا مكانَ في هذا البلد للظلم ولا للأحقاد، بل فيه وفاقٌ واتفاقٌ جامع.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 0 والزوار 9)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.22 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]