أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في الحج - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4993 - عددالزوار : 2112931 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4573 - عددالزوار : 1390860 )           »          حكم الإشتراك فى صفح على النت فيها أخطاء شرعية ،التعليق على صفحة فيها منكرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          حكم زيارة القبور للنساء والفتيات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          لا يجوز للمسلم أن يحمل أو يلبس ما فيه شعار الكفر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          النوم بعد صلاة الصبح لا يحرم وتركه أفضل ولكن ما أضرار النوم وقت الضحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          التحذير من مصاحبة أهل السوء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          مفاسد مجالسة أهل المنكر والكفر، وهل يجب نصح الكافر؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          قيام الليل دأب الصالحين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          موالد مصر: بين الجهل والاستغلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 58 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-05-2025, 11:36 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,920
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في الحج


ومنها: تحذيره صلى الله عليه وسلم أمته من اتباع الأهواء والابتداع في الدين؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم وهو واقف على ناقته بعرفات: «ألا وإني فرطكم على الحوض، وأكاثر بكم الأمم؛ فلا تُسوِّدوا وجهي، ألا وإني مستنقِذ أناساً ومستنقَذ مني أناس، فأقول: يا رب أصيحابي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (سنن ابن ماجه: رقم: 3057، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: رقم: 2481، وانظر فتح الباري لابن حجر: 11 / 393).

6- القيادة الناجحة والمعاملة الحسنة:

جمَّل الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بكمالات الأخلاق، وزيَّنه بأجل الآداب، فامتلك لذلك مقومات القيادة الناجحة والأساليب المثلى للمعاملة الحسنة، فهوت لذلك إليه الأفئدة، وتدافع عليه الناس حين بلغهم عزمه على الحج كل يريد السير في رعايته وتحت لوائه، فحج معه أكثر من مائة ألف إنسان (انظر: مختصر السيرة لابن عبد الوهاب: 572) كل يريد أن يأتم به ويعمل مثل عمله (انظر: صحيح مسلم: رقم: 1218) فأثر صلى الله عليه وسلم في نفوسهم أعمق تأثير، ووجههم أحسن توجيه، وقادهم أعظم قيادة عرفتها البشرية.

ولن تستطيع هذه الكلمات القليلات الإتيان على كافة جوانب عظمته صلى الله عليه وسلم في قيادة تلك الأفواج الضخمة من الحجيج وإبراز تعامله الفذ معها؛ ولذا فستقتصر على ذكر إشارات وتجلية جوانب مختصرة لتكون أنموذجاً لما خلفها ودليلاً على ما وراءها، وذلك فيما يلي:

أ- جعله صلى الله عليه وسلم من نفسه قدوة حسنة:

عاب الله عز وجل على بعض عباده قول الخير والأمر به دون فعله، فقال سبحانه: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [البقرة:44]، ولأن خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن (انظر: صحيح مسلم: رقم: 746)؛ فما كان عليه الصلاة والسلام ليأمر أمته بأمر إلا وكان أسبقهم إليه، وما كان لينهاهم عن شيء إلا وكان أبعدهم منه، وفي الحج تجلى لديه صلى الله عليه وسلم هذا الخلق السامي في مواقف عدة، من أبرزها:

ما جاء في خطبة الوداع حين قال صلى الله عليه وسلم: «ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميَّ موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع» (صحيح مسلم: رقم: 1218).

ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي كان يحث أصحابه على بر الحج والاشتغال بالطاع والخضوع لله عز وجل والانكسار بين يديه سبحانه (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1671، 1718، 1819) كان أكثرهم تقرباً وخشية، وأعظمهم ذلاً لله تعالى وضراعة بين يديه (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1751، صحيح مسلم: رقم: 1218).

ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي كان يحث أصحابه على الزهد في الدنيا والتعلق بالآخرة (انظر: المسند لأحمد: رقم: 6173، والحديث صحيح لغيره) كان يحج على رحل رث وقطيفة لا تكاد تساوي أربعة دراهم (انظر: صحيح ابن ماجه: رقم: 2890 وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه: رقم: 2337).

ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم أمر بترك المزاحمة وأداء النسك بتؤدة وطمأنينة، وأفاض هو صلى الله عليه وسلم بسكينة وكان يسير على مهله (انظر: جامع الترمذي: رقم: 886، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: رقم: 703).

ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم نهى أصحابه عن الغلو في الدين وأمرهم بأن يرموا الجمرة بمثل حصى الخذف (انظر: صحيح مسلم: رقم: 1282، سنن ابن ماجه: رقم: 3029)، ورماها هو صلى الله عليه وسلم بمثل ما أمرهم به (انظر: صحيح مسلم: رقم: 1299).

وهذا الأمر من أعظم ما دعا الناس إلى حبِّه صلى الله عليه وسلم، وحملهم على التأثر به؛ إذ هو عنوان استقامة القيادة وإخلاصها ودليل إيمانها فيما تأمر به وجديتها في تنفيذه.

ب- تواضعه صلى الله عليه وسلم مع الناس:

التواضع سيد الأخلاق ومصيدة الشرف، ومن أسباب رفعة الله تعالى للعبد كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» (صحيح مسلم رقم: 2588)، وقد أمر الله سبحانه به نبيه صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} [الشعراء:215] فامتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه، فبلغ في التواضع منزلة لا يطاوله فيها أحد من الخلق.

وفي الحج تجلى تواضعه صلى الله عليه وسلم في قيادته للناس من خلال مواقف وصور شتى كان من أبرزها:

ما تقدَّم من أن حَجَّه صلى الله عليه وسلم كان على رحل رث، وقطيفة لا تكاد تساوي أربعة دراهم (انظر: سنن ابن ماجه رقم: 28990، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: رقم: 237).

ومنها: إباؤه صلى الله عليه وسلم التميز عن الناس بشيء، ومن أجلى ما ظهر فيه ذلك: رفضه صلى الله عليه وسلم أن يُخَصَّ بماء لم تُجعل فيه الأيدي دون الناس، وقوله صلى الله عليه وسلم حين عرض عليه ذلك: «لا حاجة لي فيه، اسقوني مما يشرب منه الناس» (المسند لأحمد: رقم: 1814، وهو حديث صحيح، وانظر: صحيح البخاري: رقم: 1636).

ومنها: إردافه صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد رضي الله عنهما من عرفة إلى مزدلفة أمام الخلق وهو من الموالي (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1544).

ومنها: وقوفه صلى الله عليه وسلم لامرأة من آحاد الناس يستمع إليها ويجيب عن سؤالها (انظر: صحيح مسلم: رقم: 1335).

ومنها: تمكن كل أحد من الوصول إليه وقضاء بغيته منه بيسر إذ لم يكن صلى الله عليه وسلم يتخذ حُجَّاباً يصرفون الناس عنه ويمنعونهم من مقابلته والتحدث معه (انظر: صحيح مسلم: رقم: 1274، سنن ابن ماجه: رقم: 3035، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: رقم: 2461).

فكسب صلى الله عليه وسلم بتواضعه الجم قلوب الناس وثقتهم، ونال محبتهم.

ج- رحمته صلى الله عليه وسلم بالناس:

الإسلام دين الرحمة، وشريعته مبنية على العطف والشفقة في أصولها وفروعها (انظر: الرياض الناضرة، للسعدي: 61 وما بعدها)؛ ولذا فمن البدهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث إلا رحمة كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107] وكما أخبر صلى الله عليه وسلم عن نفسه بذلك فقال: «إنما بعثت رحمة» (انظر: صحيح مسلم: رقم: 2599).

وفي الحج نرى رحمته صلى الله عليه وسلم في قيادة الناس متجلية في مواقف كثيرة وصور متنوعة، كان من أبرزها:

إلزامه صلى الله عليه وسلم لمن لم يَسُقِ الهدي من أصحابه بالحل الكامل من الإحرام، والذي يتضمن إتيان النساء ولبس الثياب ومس الطيب رحمة بالأمة وتخفيفاً عنها (انظر: صحيح مسلم: رقم: 1213، 2131).

ومنها: جمعه صلى الله عليه وسلم لصلاتي الظهر والعصر في عرفات (انظر: صحيح مسلم: رقم: 1218)، وتأخيره للصلاة حين أفاض إلى مزدلفة (انظر: صحيح البخاري: رقم: 136) حتى لا يشق على الناس بتعدد النزول، ويتمكن الحاج من إناخة بعيره ووضع متاعه في الموضع الذي سيبيت فيه.

ومنها: إذنه صلى الله عليه وسلم للضعفة في الإفاضة من مزدلفة قبل الناس ليلاً حين يغيب القمر حتى يتمكنوا من أداء أعمال يوم النحر قبل الناس تخفيفاً عنهم ووقاية لهم من الزحام (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1567).

ومنها: تيسيره صلى الله عليه وسلم على الناس في التقديم والتأخير في أعمال يوم النحر، وقوله لمن سأله عن ذلك: «افعل ولا حرج» (انظر: صحيح البخاري: رقم: 83).

ومنها: تخفيفه صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الحاجات كإذنه لعمه العباس رضي الله عنه بأن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته الحاج (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1745)، وإذنه لرعاة الإبل بأن يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر فيرمونه في أحدهما (انظر: جامع الترمذي: رقم: 968، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: رقم: 763).

ومنها: تركه صلى الله عليه وسلم لفعل الأفضل في أحيان رحمة بالناس ورفقاً بهم كركوبه في الطواف والسعي واستلامه الحجر بمحجن، وتركه تقبيله واستلامه باليد، والمشي في الطواف والسعي وهو أفضل لكي لا يصرف الناس عنه ويضربوا بين يديه (انظر: صحيح مسلم: رقم: 2217).

د- إحسانه صلى الله عليه وسلم إلى الناس:

وفي الحج نجد أن إحسانه صلى الله عليه وسلم أثناء قيادته للناس لا يحد؛ إذ ما أنت متأمل في جانب إلا وترى إحسانه فيه بارزاً، وبما أن حصر دلائل إحسانه صلى الله عليه وسلم في كافة الجوانب أمر يطول وليس بغاية، فسيُقتصر فيما يلي على أمثلة من ذلك:

إكثاره صلى الله عليه وسلم في الموسم من البذل والعطاء؛ إذ قسم في المساكين بُدْنَه المائة كلها: لحومها وجلودها وجلالها (انظر: صحيح مسلم: رقم: 1317)، وقسم الصدقة على الناس في أكثر من موضع (انظر: صحيح مسلم: رقم: 1679، سنن أبي داود: رقم: 1633، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن أبي داود: رقم: 1438).

ومنها: إحسانه صلى الله عليه وسلم إلى أسامة بن زيد والفضل بن العباس رضي الله عنهم بإردافهما خلفه على راحلته خلال التنقل بين عرفة ومزدلفة ومنى (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1544).

ومنها: إحسانه صلى الله عليه وسلم إلى الضعفاء من خلال الوصاية بهم في خطبه (انظر: صحيح مسلم: رقم: 1218).

ومنها: حرصه صلى الله عليه وسلم على نجاة أمته وقبول الله لها؛ إذ ألح على الله بالدعاء لها بالمغفرة عشية عرفة وفي مزدلفة (انظر: المسند لأحمد: رقم: 16207، وإسناده ضعيف، وقواه ابن حجر بمجموع طرقه في القول المسدد في الذب عن المسند: 35 38)، وحين طلب أحدهم الدعاء منه عمم دعاءه فقال: «غفر الله لكم» (المسند لأحمد: رقم: 15972، وهو حديث حسن).

ومنها: حرصه صلى الله عليه وسلم على البلاغ من خلال وضوح البيان والتكرار لما يحتاج إلى ذلك، وتركه تشقيق الأمور؛ إذ اقتصر صلى الله عليه وسلم في خطبه على بيان أصول الإسلام والمحرمات العظام وبعض القواعد التي تحتاج إلى مزيد بيان حتى يوعى عنه ويفهم (انظر: جامع الترمذي: رقم: 616، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن الترمذي، رقم: 512، المسند لأحمد، رقم: 18989، وسنده صحيح).

ومنها: استجابته صلى الله عليه وسلم لرغبات الناس وتحقيقه لمطالبهم تطييباً لنفوسهم ومراعاة لخواطرهم (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1518، 1680، المسند لأحمد: رقم: 15972).

هـ- صبره صلى الله عليه وسلم على الناس:

جُمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج أنواع الصبر الثلاثة في آن واحد؛ إذ كان أبر أصحابه رضي الله عنهم بالله، وأعظمهم صبراً في امتثال الأوامر وفعل القربات حتى يؤديها بطمأنينة وإخبات وخشوع بين يدي مولاه سبحانه (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1544، 1751، صحيح مسلم: رقم: 1218).

كما كان صلى الله عليه وسلم أتقاهم لله تعالى، وأعلمهم به، وأغضبهم له، وأحفظهم لحدوده، وأبعدهم عن انتهاك حرماته (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1772، 6367).

أما صبره صلى الله عليه وسلم على الناس وتحمله لمشقة قيادتهم دون ملل أو سخط أو تضجر فأمر يبهر العقل، ويكفي للتدليل عليه تصور وظائفه صلى الله عليه وسلم وإدراك حاله في الموسم وواقع من حج بهم.

فأما وظائفه: فقد كان صلى الله عليه وسلم عبداً لله حريصاً على تحقيق الكمال البشري في التذلل لله والانكسار بين يديه سبحانه، وأداء النسك على وجهه. وكان صلى الله عليه وسلم قائداً للناس وراعياً لهم ومسؤولاً عن أحوالهم واجتماع كلمتهم. وكان صلى الله عليه وسلم معلماً مرشداً لتلك الأفواج الضخمة من البشر ومربياً لها على الخير، يختلج في صدره حرص شديد على تحقيق الكمال في تبليغ الرسالة وبيان الأحكام.

و- رفقه صلى الله عليه وسلم بالناس:

وفي الحج بان رفقه صلى الله عليه وسلم بالناس أثناء قيادته لهم في مواقف عدة:
منها: استظلاله صلى الله عليه وسلم وركوبه في التنقل بين المشاعر، وغير ذلك من جوانب اليسر التي لو فعل صلى الله عليه وسلم خلافها لكان على العباد في التأسي به مشقة عظيمة (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1666، صحيح مسلم: رقم: 1218).

ومنها: ركوبه صلى الله عليه وسلم أثناء أداء بعض المناسك كالطواف والسعي خشية أن يُدفع عنه الناس ويُضربوا بين يديه (انظر: صحيح مسلم: رقم: 1274).

ومنها: بروزه صلى الله عليه وسلم للناس طوال الموسم لكي لا يشق على الناس تأسيهم به أو سؤاله عما يشكل عليهم (انظر: صحيح مسلم: رقم: 1187، 1218، 1273).

ومنها: تخفيفه صلى الله عليه وسلم على الناس وعدم تكليفهم من الأمر فوق ما يطيقون، سواء من جهة أعمال النسك أو من جهة قيادته الحجيج وتوليه أمرهم، وهذا جلي لمن تأمل سيرته صلى الله عليه وسلم في الحج (انظر: سنن أبي داود: رقم، 1905، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن أبي داود: رقم: 1676).

ومنها: عدم قربه صلى الله عليه وسلم الكعبة بعد طوافه بها طواف القدوم حتى رجع من عرفة (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1545)، واستقراره صلى الله عليه وسلم على الصحيح بمنى في أيام التشريق، وعدم خروجه منها إلى الحرم إلا حين أراد الوداع، وفي ذلك من الرفق ما هو ظاهر (انظر: زاد المعاد لابن القيم: 2 / 310 311 السيرة النبوية لابن كثير: 4 / 404).

ومنها: اختياره صلى الله عليه وسلم للأيسر دوماً؛ كما تقدم من أمره صلى الله عليه وسلم من لم يَسُقِ الهدي من أصحابه رضي الله عنهم بالحل، وجمعه صلى الله عليه وسلم للصلوات في عرفة ومزدلفة، وقصره للصلاة بمنى (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1656، صحيح مسلم: رقم: 1218).

ومنها: أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم بالرفق بأنفسهم، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم حين رأى رجلاً يسوق بدنة وهو يمشي: «اركبها»، فقال: "إنها بدنة"، فقال: «اركبها»، قال: "إنها بدنة"، قال: «اركبها ويلك في الثالثة أو في الثانية» (صحيح البخاري: رقم: 1689).

الثالث: أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في الحج مع أهله:

كان النبي صلى الله عليه وسلم أرعى الخلق لقريب، وأحناهم على رحم، وأكثرهم إحساناً إلى أهل، شهد المخالطون له صلى الله عليه وسلم بذلك، فوصفه واصفهم بأنه صلى الله عليه وسلم كان "أبر الناس وأوصل الناس" (صحيح مسلم: رقم: 1072، وانظر: صحيح البخاري: رقم: 3818، 4954، 5990).

وفي الحج تجلى بره بأهله، وصلته صلى الله عليه وسلم لرحمه، وإحسانه إلى أقاربه في صور شتى ومشاهد مختلفة، ومن الأهمية بمكان الإشارة قبل تعداد شيء من ذلك إلى أن أهل بيت النبوة رضي الله عنهم قد شاركوا الناس فيما أفادهم به صلى الله عليه وسلم، ومن دلائل ذلك قول عائشة رضي الله عنها مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سمعتك تقول لأصحابك ما قلت؛ فمنعت العمرة "، بل إن المتأمل في أمر النسك يجد أن كثيراً من أحكامه منقول عنهم، وذلك لما كان لهم رضي الله عنهم من مزيد لصوق به صلى الله عليه وسلم واختصاص دون الناس، ولعل من أبرز أحواله صلى الله عليه وسلم معهم ما يلي:

1- تعليمهم أحكام النسك:

اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم أهل بيته أحكام النسك ليصفو لهم تقربهم، وتصح منهم عبادتهم، ومن دلائل ذلك:
ما جاء في حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أهلُّوا يا آل محمد بعمرة في حج» (المسند لأحمد: رقم: 26590، صحيح ابن حبان: رقم: 3922، وإسنادهما صحيح)، وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين حاضت قبل أن تطوف بالبيت: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت» (صحيح مسلم: رقم: 1211)، وقوله صلى الله عليه وسلم لأغيلمة بني عبد المطلب ليلة مزدلفة: «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» (جامع الترمذي: رقم: 893، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: رقم: 709(، وما روي عنه صلى الله عليه وسلم حين قالت له عائشة رضي الله عنها: “ألا نبني لك بيتاً يظلك بمنى؟" فقال: «إنما منى مناخ من سبق» (جامع الترمذي: رقم: 881، وقال حسن صحيح المستدرك للحاكم: 1 / 638، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وضعفه بعضهم - وهو الظاهر - لأن مدار الحديث على مسيكة، وهي كما قال ابن خزيمة في صحيحه: 4 / 284: لا تعرف بعدالة ولا جرح).

2- مواساتهم ومراعاة خواطرهم:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يواسي أهل بيته حين كان الأمر يقع على خلاف ما يشتهون، ويراعي خواطرهم؛ فيفعل ما يريدون إذا كان الأمر لا يعارض مراد الله تعالى، وأبرز ما كان هذا الأمر مع زوجه عائشة رضي الله عنها وذلك حين دخل عليها وهي تبكي؛ لأنها مُنِعَتِ العمرة المفردة بسبب الحيض، فواساها صلى الله عليه وسلم قائلاً: «فلا يضركِ، أنت من بنات آدم، كتب الله عليك ما كتب عليهن، فكوني في حجتك عسى الله أن يرزقكها» (صحيح البخاري: رقم: 1788، وانظر صحيح مسلم: رقم: 1211)، وحين قالت رضي الله عنها: "يا رسول الله! أترجع صواحبي بحج وعمرة وأرجع أنا بالحج؟" فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر، فذهب بها إلى التنعيم، فلبَّت بالعمرة (صحيح البخاري: رقم: 1561، صحيح مسلم، رقم: 1211، سنن أبي داود: رقم: 1782، وسنده صحيح، واللفظ له).

3- الرفق بهم والتيسير على ضعيفهم وصاحب الحاجة منهم:

كان النبي صلى الله عليه وسلم في الحج رفيقاً بآل بيته، رحيماً بهم، يحن على ضعيفهم ويختار الأيسر لهم، ويعطف على صاحب الحاجة منهم ويخفف عنه، والشواهد الدالة على ذلك عديدة، منها:

اختياره صلى الله عليه وسلم الأيسر لزوجاته وأمرهن به، كما في حديث حفصة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع" (صحيح البخاري: رقم: 4398).

ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم لما دخل على ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها وهي وجعة: «حجي واشترطي، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني» (صحيح البخاري: رقم: 5089).

4- إزالة ما لديهم من منكر:

حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تنقية آل بيته رضي الله عنهم من المعاصي، وتصفيتهم من المنكرات؛ فكان إذا وقع أحدهم في منكر أنكر عليه، وصرفه عنه، ومن ذلك إنكاره صلى الله عليه وسلم العملي على الفضل بن العباس رضي الله عنهما النظر إلى المرأة الخثعمية التي جاءت تسأل النبي صلى الله عليه وسلم ومنعه له من الاستمرار في ذلك (صحيح البخاري: رقم: 1513)، بل إنه صلى الله عليه وسلم جعل من آل بيته في هذا الجانب قدوة للناس، ومن ذلك حين قام صلى الله عليه وسلم خطيباً في وسط الناس بعرفة فقال: «ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا: دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا: ربا عباس بن عبد المطلب؛ فإنه موضوع كله».

5- تشجيعهم على الخير وحثهم عليه:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث آل بيته رضي الله عنهم على فعل الطاعات، ويشجعهم على التزود من الخيرات، ومن ذلك: أنه حين مر على بني عمومته، وهم ينزعون الماء من بئر زمزم ويسقون الناس خاطبهم قائلاً: «انزعوا بني عبد المطلب؛ فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم» (صحيح مسلم: رقم: 1218)، بل إنه صلى الله عليه وسلم كان ييسر لهم ذلك، ومنه: إذنه لعمه العباس رضي الله عنه بالبيتوتة بمكة ليالي أيام التشريق من أجل سقايته الحجيج (انظر: صحيح البخاري، رقم: 1745).

6- وقايتهم من الفتن:

الفتن مفسدات للقلوب، مزيغات للألباب، وحين تجتمع الأعداد الغفيرة من الذكور والإناث تكون الفرصة مهيأة لحصولها، وبخاصة فتنة النساء، ولذا نجد النبي صلى الله عليه وسلم يخاف على آل بيته رضي الله عنهم في الحج منها؛ ويحرص صلى الله عليه وسلم على حمايتهم عند تعرضهم لها، ومن الشواهد الدالة على ذلك:

إسدال نسائه صلى الله عليه وسلم بحضرته للجلابيب على وجوههن وهنَّ محرمات عند محاذاة الرجال لهن، فإذا جاوزوهن كشفن (سنن أبي داود: رقم: 1833، وفي سنده يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، ولكن للحديث شواهد يقوى بها).

ومنها: توجيهه صلى الله عليه وسلم لنسائه بعدم مخالطة الرجال في الطواف مع أنهن رضي الله عنهن كن يطفن معهم، كما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها: «طوفي من وراء الناس وأنت راكبة» (صحيح البخاري: رقم: 1619)، وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: «إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون» ففعلت ولم تصلِّ حتى خرجت (صحيح البخاري: رقم: 1626)، وكما يفهم ذلك من حديث ابن جريج قال: "أخبرني عطاء إذْ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال، قال: "كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال؟" قلت: "أبعد الحجاب أو قبل؟" قال: "إي لعمري! لقد أدركته بعد الحجاب"، قلت: "كيف يخالطن الرجال؟" قال: "لم يكن يخالطن"، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرَة من الرجال لا تخالطهم، فقالت: "امرأة انطلقي نستلم يا أم المؤمنين!" قالت: "عنك. وأبت"، فكن يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قُمْن حتى يدخلن، وأخرج الرجال" (صحيح البخاري: رقم: 1618).

7- الإحسان إليهم:

تعددت وجوه إحسانه صلى الله عليه وسلم إلى آل بيته وتنوعت بصورة جعلت المتأمل يجزم بأن كل أحواله صلى الله عليه وسلم معهم إحسان؛ إذ ما من جانب إلا وأنت راءٍ أن فضله صلى الله عليه وسلم عليهم ظاهر، وجوده عليهم بيِّن، ودلائل ذلك فوق الحصر، ومن أوضح ذلك:

حرصه صلى الله عليه وسلم على أدائهم للنسك معه، وإقناعه لمن لم يكن ينوي منهم الخروج بالمبادرة إلى ذلك، كما في قصة ضباعة رضي الله عنها حين دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: «أردت الحج؟» قالت: "والله ما أجدني إلا وجعة:، فقال لها: «حجي واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني» (صحيح البخاري: رقم: 5089، صحيح مسلم: رقم: 1207، واللفظ له(.

ومنها: خروجه صلى الله عليه وسلم بجميع نسائه رضي الله عنهن ) انظر: السيرة النبوية لابن كثير: 4 / 222)، وهو أمر يفوق العدل كما هو جلي لمن تدبر؛ إذ كان بوسعه صلى الله عليه وسلم أن لا يخرج بواحدة منهن، أو أن يقرع بينهن ويخرج بإحداهن.

8- الاستعانة بهم واستعمالهم:

استعان النبي صلى الله عليه وسلم بآل بيته رضي الله عنهم، واستنابهم واستعملهم في بعض أمره، ومن شواهد ذلك:

جعله صلى الله عليه وسلم زوجه عائشة رضي الله عنها تفتل له قلائد بُدْنِه من صوف كان عندها بالمدينة قبل أن يحرم (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1696، 1704، 1705).

ومنها: ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على ناقته: «القطْ لي حصى، فلقطت له سبع حصيات» (سنن ابن ماجه: رقم: 3029، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: 2455).

ومنها: إعطاؤه صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه ما بقي من بُدْنِه لينحرها (انظر: سنن ابن ماجه رقم: 3074، وصحح الحديث الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: 2494)، وأمره صلى الله عليه وسلم له بأن يقوم على بُدْنِه، وبأن يتصدق على الناس بلحومها وجلودها وأجلتها (انظر: صحيح البخاري: رقم: 1718، 2299، صحيح مسلم: رقم: 1317).


ومنها: استسقاؤه صلى الله عليه وسلم من بني عمه حين جاء إليهم وهم يسقون الناس من زمزم، فقال لعمه العباس رضي الله عنه: «اسقني»، فشرب منه (صحيح البخاري: رقم: 1635)، ويدل عليه أيضا حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم (صحيح البخاري: رقم: 1637).



وبعد:
فإن ما سبق من سطور لا يعدو أن يكون ومضات مشرقة من أحواله صلى الله عليه وسلم في الحج، كتبت من مقل على عجل، راجياً من ربي قبولها والنفع بها، لتكون عوناً للسائرين إليه عز وجل على حج مبرور وذنب مغفور، والموضوع أكبر من أن يحيط به مثلي، وهو بحاجة إلى مزيد بحث، وإمعان فكر، وتدقيق نظر، أسأل الله أن يهيئ له من يقوم به على وجهه من أهل العلم، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

__________________________________________________
الكاتب: فيصل بن علي البعداني


المصدر: مجلة البيان العدد: 160ذو الحجة 1421 - مارس 2001








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.62 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.58%)]