بَيْنَ يَدَيَّ خَيْرُ أَيَّامِ الدُّنْيَا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         جهاد الدَّفع بين التأصيل الفقهي والتجسيد الفلسطيني في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          استشراف حرب الإبادة في قطاع غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الــصـــمـــود... حاضنة إستراتيجية للمقاومة الفلسطينية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          البجعة السوداء وسقوط السردية «الإسرائيلية» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          موت الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أزمة الردع: التحوُّلات العسكرية والسياسية في الداخل الإسرائيلي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          غزة توحد الضمير الإنساني انتفاضة التعاطف العالمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أهمية البيان في حياة الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          المهمة الحضارية التي لم تَنْتهِ.. ميراث الدم من الكونغو إلى غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الخيط الدقيق بين الاستبدال والتمكين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-05-2025, 12:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,480
الدولة : Egypt
افتراضي بَيْنَ يَدَيَّ خَيْرُ أَيَّامِ الدُّنْيَا

بَيْنَ يَدَيَّ خَيْرُ أَيَّامِ الدُّنْيَا

محمد سيد حسين عبد الواحد



اَلْعَنَاصِرُ الْأَسَاسِيَّةُ :
اَلْعُنْصُرُ الْأَوَّلُ : الْحِكْمَةُ الْبَالِغَةُ فِي الشَّرْعِ الْحَنِيفِ .
الْعُنْصُرُ الثَّانِي : لِمَاذَا الْحَجُّ بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ .
الْعُنْصُرُ الثَّالِثُ : عَشَرَ ذِي الْحُجَّةِ تَذْكِيرٌ وَتَبْصِيرٌ .
- - - - - - - - - اَلْمَوْضُوعُ - -- - - - - - - - - - -
أَمَّا بَعْدُ فَيَقُولُ رَبُّ الْعَالَمِينَ سُبْحَانَهُ {(وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ )}


أَيُّهَا اَلْإِخْوَةُ اَلْكِرَامُ :
فِي بِدْيَةِ هَذَا اَللِّقَاءِ اَلَّذِي أَسْأَلُ اَللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ اَلْكَرِيمِ ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَوَازِينِ حَسَنَاتِنَا يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ . .

فِي مُسْتَهَلِّ هَذَا اللِّقَاءِ نُرِيدُ أَنْ نُؤَكِّدَ عَلَي أَمْرٍ أَهَمِّيَّتُهُ بَالِغَة . .
هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي نَوَدُّ أَنْ نُؤَكِّدَ عَلَيْهِ هُوَ بَيَانُ أَنَّ شَرِيعَةَ الْإِسْلَامِ تَتَمَيَّزُ بِأَنَّهَا :

( عَدْلٌ كُلُّهَا وَرَحْمَةٌ كُلُّهَا وَمَصْلَحَةٌ كُلُّهَا وَحِكْمَةٌ كُلُّهَا )
وَأَيُّ قَضِيَّةٍ مِنْ الْقَضَايَا وَأَيُّ أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ يَخْرُجُ مِنْ الْعَدْلِ إِلَي الْجَوْرِ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ الرَّحْمَةِ إِلَي الْقَسْوَةِ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ إِلَي الْمَفْسَدَةِ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ الْحِكْمَةِ إِلَي السَّفَهِ فَلَيْسَ مِنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ فِي شَيْئٍ وَلَوْ أَدْخَلَ عَلَيْهِ بِأَلْفِ تَأْوِيلٍ وَتَأْوِيلٍ . .

وَالسُّؤَالُ : لِمَاذَا ؟
لِمَاذَا كَانَتْ شَرِيعَتُنَا عَدْلٌ وَرَحْمَةً وَمَصْلَحَةً وَحِكْمَةً كُلُّهَا ؟

وَالْجَوَابُ : لِأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَتَدَخَّلْ فِيهَا مَخْلُوقٌ , شَرِيعَتُنَا عَدْلٌ وَرَحْمَةٌ وَمَصْلَحَةٌ وَحِكْمَةٌ كُلُّهَا لِأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَاَللَّهُ تَعَالِيَ هُوَ الْحَكِيمُ وَهُوَ الْعَلِيمُ ، لَمْ يَفْرِضْ شَيْئًا عَبَثًا ، وَلَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا لَعِبًا ، وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا هَمِلًا . .
وَفِي التَّنْزِيلِ الْحَكِيمِ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ )

تَتَمَيَّزُ شَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّهَا عَادِلَةٌ وَبِأَنَّهَا رَحِيمَةٌ وَبِأَنَّهَا حَكِيمَةٌ ، ذَلِكَ أَنَّهَا مِنْ صُنْعِ الْحَكِيمِ صَاحِبِ الْكَمَالِ الْمُطْلَقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالِي . .

فَرْضُ اَلصَّلَاةِ لِحِكْمَةٍ وَعِلَّةٍ :
حِكْمَةُ الصَّلَاةِ وَعِلَّتُهَا أَنَّ الصَّلَاةَ تُنْهِي عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ . .

فَرْضُ اَلزَّكَاةِ لِحِكْمَةٍ وَعِلَّةٍ :
وَعْلَّةُ الزَّكَاةِ أَنَّهَا تُطَهِّرُ الْقُلُوبَ وَتُزَكِّي النُّفُوسَ . .

فَرْضُ اَلصِّيَامِ لِحِكْمَةٍ وَلَعْلَةٍ :
وَعْلَّةُ الصِّيَامِ ( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )

وَكَذَلِكَ الْحَجُّ فَرْضٌ لِحِكْمَةٍ وَعِلَّةٍ :
وَعِلَّةُ الْحَجِّ أَنْ يَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ اللَّهَ لَا تُخْفِي عَلَيْهِ خَافِيَةٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَي كُلِّ شَئٍّ قَدِيرٌ ..

{ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }
أَرْقِي فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالِي ( حَجُّ الْبَيْتِ )
أَعْظَمُ الْعِبَادَاتِ أَثَرًا فِي النَّفْسِ وَأَوْسَعُ الْقُرُبَاتِ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالِي ( حَجُّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ) . .

قَالَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ : (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ )
اِقْتَضَتْ حِكْمَةُ اللَّهِ تَعَالِي أَنْ يَتَّخِذَ لِنَفْسِهِ بَيْتًا ..
سَأَلَ أَبُو ذَرٍّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :
يَا نَبِيُّ اللَّهِ أَيُّ الْمَسَاجِدِ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلًا ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ . .

اِقْتَضَتْ حِكْمَةُ اللَّهِ تَعَالِي أَنْ يَتَّخِذَ لِنَفْسِهِ بَيْتًا فِي الْأَرْضِ . . مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا . .
أَتَدْرُونَ لِمَاذَا ؟
لِتَكُونَ زِيَارَةُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَشَدُّ الرِّحَالِ إِلَي عِبَادَةٍ . . وَفِي سَبِيلِ هَذِهِ الْعِبَادَةِ تُنْفَقُ الْأَمْوَالُ الطَّائِلَةُ وَتَكُونُ الْغُرْبَةُ عَنْ الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ فِي بَيَانٍ وَإِعْلَانٍ وَاضِحِ الْعُنْوَانِ أَنَّ حُبَّ اللَّهِ تَعَالِي وَالطَّمَعَ فِي رِضَاهُ يَفُوقُ كُلَّ الْمَحَابِ وَيَفُوقُ حُبَّ الْمَالِ وَالْأَهْلِ وَالْوَلَدِ وَهَذِهِ هِيَ أَقْوَي دَلَائِلِ الْإِيمَانِ بِنَصِّ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّي اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

«( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءُ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ )»
أَيُّ عِبَادَةٍ فَرَضَهَا اللَّهُ تَعَالِيَ عَلَيْنَا تُؤَدِّي فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي نَعِيشُ فِيهِ ..
نَصُومُ فِي بِلَادِنَا ، نُصَلِّي فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ أَرْضِنَا ، وَنَتَصَدَّقُ فِي أَحْيَائِنَا وَبَيْنَ رِجَالَاتِنَا . .
إِلَّا ( الْحَجُّ ) فَقَدْ اقْتَضَتْ حِكْمَةُ اللَّهِ تَعَالِيَ أَنْ يَكُونَ ( الْحَجُّ ) بِنِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ ، وَفِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ , وَفِي مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ . .
وَقَعَ اخْتِيَارُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ الْحَرَامُ فِي أَصْعَبِ الْأَمَاكِنِ عَلَي وَجْهِ الْأَرْضِ . .

{ (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ )}

شَائَتْ حِكْمَةُ اللَّهِ تَعَالِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْحَجِّ ( وَادٍ غَيْرُ ذِي زَرْعٍ ) مَكَانًا قَفِرًا , صَحْرَاءُ جَرْدَاءُ ، لَا أَنْهَارَ ، لَا أَزْهَارَ ، لَا أَشْجَارَ ، لَا ثِمَارَ ، لَا ظِلَالَ ، وَلَا أَدْنَيَ صُورَةً مِنْ صُوَرِ النَّعِيمِ { (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ) }

مَوْضِعُ الْحَجِّ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الصَّخْرُ إِلَّا الْجَفَافُ إِلَّا التَّعَبُ إِلَّا الزِّحَامُ إِلَّا الْحَرُّ الَّذِي لَا يُطَاقُ . .
أَلْغِيَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي كُلَّ مُتَعِ الدُّنْيَا فِي مَوْضِعِ الْحَجِّ فَجَعَلَهُ بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ . . لَا أَنْهَارَ لَا أَزْهَارَ لَا أَشْجَارَ لَا ثِمَارَ . .
أَتَّدِرُونَ لِمَاذَا ؟
لِأَنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَكُونُ حَاجِزًا بَيْنَكَ وَبَيْنَ رَبِّكَ
سُعَةُ الْعَيْشِ قَدْ تَكُونُ سَبَبَ انْقِطَاعِ الْعَبْدِ عَنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَفِي النَّمْرُودِ بْنِ كَنْعَانَ وَفِي قَارُونَ وَفَرْعُونَ وَهَامَانَ وَأُبِيِّ بْنِ خَلَفٍ مِثْلٌ مِنْ الْأَمْثِلَةِ . .

وَفِي التَّنْزِيلِ الْحَكِيمِ :
في سورة البقرة {{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ}}

وفي سورة التوبة {{وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ}}
وفي سورة الذاريات {وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ، فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} .
وفي سورة العلق {كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى}
هَذِهِ الْآيَاتُ مَا دَلَالَتُهَا ؟
دَلَالَةُ هَذِهِ الْآيَاتِ : أَنَّ رَغَدَ الْعَيْشِ رُبَّمَا ( أَقُولُ رُبَّمَا ) رَغْدُ الْعَيْشِ رُبَّمَا كَانَ حَاجِزًا بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَيْنَ رَبِّهِ ، رَغْدُ اَلْعَيْشِ رُبَّمَا يَكُونُ سَبَبَ اِنْقِطَاعِ الْإِنْسَانِ عَنْ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى . .

لِذَلِكَ فِي الْحَجِّ أَلْغِي الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالِي كَلَّ مَتَعَ الدُّنْيَا فِي مَوْضِعِ الْحَجِّ فَجَعَلَهُ ( بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ) ..
فَحَتِي لَا يَمْنَعُكِ عَنْ اللَّهِ مَانِعٌ ، وَحَتَّي تَتَفَرَّغَ قُلُوبُنَا تَمَامًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَمَنْ فِيهَا ، وَحَتَّي تَنْعَقِدَ لَنَا مَعَ رَبِّنَا صِلَةٌ مَتِينَةٌ ، فَلَا نَرَي فِي أَنْفُسِنَا مَعَ كُلِّ مُنْسَكٍ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ إِلَّا وَقَدْ انْغَمَسْنَا فِي سَعَادَةٍ لَا تُوصَفُ . .
فِي مَكَّةَ : حَيْثُ الصَّحْرَاءُ الْجَرْدَاءُ ، حَيْثُ الرِّمَالُ الْقَاحِلَةُ ، حَيْثُ لَا أَنْهَارَ ، وَلَا أَزْهَارَ ، وَلَا أَشْجَارَ ، وَلَا ثِمَارَ ، وَلَا ظِلَالَ ، وَلَا أَدْنَيَ صُورَةً مِنْ صُوَرِ النَّعِيمِ ..
فَهَذَا الْجَوُّ الْقَاسِي وَهَذَا الْمُنَاخُ الْعَصِيبُ تَجْتَمِعُ فِيهِ قُلُوبُنَا مَعَ رَبِّنَا لَا يُزَاحِمُهَا مِنْ شَوَاغِلِ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ . .
قُلْتُ وَهَذَا مِنْ عَظِيمِ رَحْمَةِ اللَّهِ وَلُطْفِهِ بِعِبَادِهِ وَحِكْمَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى . .
نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ أَنْ يَكْتُبَ لَنَا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَمَوْلَاهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
بَقِيَ لَنَا فِي خِتَامِ الْحَدِيثِ قَبْلَ أَيَّامٍ مِنْ الْجُمُعَةِ هَلَّ عَلَيْنَا هِلَالُ الْعَشْرِ الْأُوَلِ ذِي الْحِجَّةِ ( خَيْرُ أَيَّامِ الدُّنْيَا ) كَمَا وَصَفَهَا الْحَبِيبُ النَّبِيُّ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..

قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحِ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ قَالُوا وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ "
خَيْرَ أَيَّامِ الدُّنْيَا عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ :
ذَلِكَ أَنَّهَا جَمَعَتْ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فَفِيهَا صَلَاةٌ وَفِيهَا صِيَامٌ وَفِيهَا صَدَقَاتٌ وَفِيهَا ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالِيَ وَفِيهَا تَسْبِيحٌ وَتَحْمِيدٌ وَتَهْلِيلٌ وَتَكْبِيرٌ وَفِيهَا حَجُّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَمَا مِنْ أَيَّامٍ جَمَعَتْ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ مُجْتَمِعَةً إِلَّا هَذِهِ الْأَيَّامَ . .

كُلَّمَا أَهَّلَتْ عَلَيْنَا عُشْرَ ذَى الْحِجَّةِ مِنْ كُلِّ عَامٍ كَانَ لِزَامًا عَلَيْنَا أَنْ نُذَكِّرَ النَّاسَ بِسُنَّةِ النَّبِىِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَى هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ .
نَذْكُرُ بِصِيَامِ الْعَشْرِ ( سُنَّةٌ تَطَوُّعِيَّةٌ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ )
نَذْكُرُ بِصِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَهُوَ أَحَدُ أَعْظَمِ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَصِيَامُهُ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ سَنَةٍ مَاضِيَةٍ وَسَنَةٍ بَاقِيَةٍ .
نُذْكَرُ بِأَنَّ هَذِهِ أَيَّامُ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ مِنْ أَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ إِلَى عَصْرِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ .
نَذْكُرَ أَيْضًا بِأَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمُ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَقَدْ وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ . .
ثُمَّ نَذْكُرُ بِالسُّنَّةِ فَى حَقِّ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أُضْحِيَّةٌ

مِنْ السُّنَّةِ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : فَى حَقِّ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ ذَبِيحَةٌ وَهَلْ عَلَيْهِ هِلَالٌ ذِى الْحَجَّةِ أَلَّا يُقَلِمَ أَظْفَارَهُ أَلَّا يَقُصَّ شَعْرَهُ حَتَّى يَذْبَحَ أُضْحِيَّتَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ تَشَبُّهًا وَتَأَسِّيًا بِحُجَّاجِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ..
قَالَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «( مَنْ كَانَ لَهُ ذَبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أَهَلَ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ )»
سَنَةً عَنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَى هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ كُلِّ عَامٍ تَقُومُ وَتَنَامُ وَأَنْتَ فَى كُلِّ لَحْظَةٍ يَكْتَبُ لَكَ أُجُورًا وَحَسَنَاتٍ كَوْنُكَ مُتَأَسِّيًا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ..
تَرْكُ تَقْلِيمِ الْأَظَافِرِ وَتَرْكُ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ فَى هَذِهِ الْأَيَّامِ سَنَةٌ يُثَابُ فَاعِلُهَا وَلَا يُعَاقَبُ تَارِكُهَا وَفَى الْحَدِيثِ يَرْغَبُ النَّبَى فَى الْعَمَلِ بِسُنَّتِهِ فَيَقُولُ :
«مَنْ أَحَبَّ سُنَّتَى فَقَدْ أَحَبَّنَى وَمَنْ أَحَبَّنَى كَانَ مَعَى فَى الْجَنَّةِ» هَكَذَا قَالَ النَّبِىُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَالْقَبُولِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَمَوْلَاهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.93 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.81%)]