|
ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#4
|
||||
|
||||
![]() بصائر نفسية إسلامية الغيظ والغضب(4) بقلم الدكتور محمد كمال الشريف 4 - الذي يملك نفسه عند الغضب الغيظ شعور يقوم بالنفس كرد فعل على ظلم وقع عليها، وكظم الغيظ وحده لا يكفي ليذهب الغيظ، وينمحي من النفس، إذ لا بد للتخلص من الغيظ من الانتقام والعقوبة، أو العفو والمغفرة، فبهما يكون شفاء الصدور من الغيظ المتراكم فيها. لذا فإن الله عندما حث المؤمنين على قتال الكفار الذين يحاربون الإسلام، قال: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ {14} وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {15}}. (التوبة: 14 - 15). والإنسان يغتاظ عندما يعتدى عليه، ويثور غاضباً في وجه المعتدي، ليحمي نفسه من المزيد من الظلم والعدوان، أو لينتقم لنفسه، لكنه قد يثور، ويغضب لأمر ثالث، وهو الحفاظ على قدره وصورته في عيون الآخرين، وأولهم المعتدي نفسه، إذ يظن الإنسان أنه إن لم يرد على الإساءة بإساءة مثلها، فإنه سيبدو أمام الناس ضعيفاً، وجباناً، وذليلاً. لذا يشعر الإنسان أنه في موقف يضطره إلى أن يغضب، ويثور، ويرد على الشتيمة بمثلها، ويرد على الضرب بضرب أشد منه. وقد عالج النبي محمد صلى الله عليه وسلم هذا الدافع للعنف والغضب، بأن غير المعيار الذي كان يقاس به الموقف، ونبه إلى المعيار الصحيح، وهو أن الذي يملك نفسه عند الغضب، فلا يلجأ إلى العنف، ولا يرد على الإساءة بمثلها، هو الإنسان القوي، الشديد، الصرعة. فليس الشديد هو المصارع الذي يصرع الرجال، ولا يصرعه الرجال، إنما هو ذلك الجبل الشامخ، الذي يدرك أن قدره وكرامته لا يجرحها سفاهة سفيه، ولا إساءة مسيء. سأل النبي محمد صلى الله عليه وسلم أصحابه يوماً فقال: [فما تعدون الصرعة فيكم؟]. قال راوي الحديث: قلنا: "الذي لا يصرعه الرجال". قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: [ليس بذلك، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب]. (رواه مسلم). وقال أيضاً: [ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب]. (رواه مسلم والبخاري). وقد أكد عن أن العفو عمن أساء إلينا لا يزيدنا إلا عزاً، فقال: [ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله]. (رواه مسلم). وأعطى صلى الله عليه وسلم من نفسه المثل، إذ لم يكن ينتقم لنفسه أبداً، قالت عائشة رضي الله عنها: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده، ولا امرأة ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى، فينتقم لله تعالى". (رواه مسلم). ونيل منه، أي: أوذي. وحتى لو بدا في صبر المؤمن على إيذاء أخيه له شيء من الذلة، فإن الله تعالى بين أن المؤمن عزيز على الكافرين، وشديد عليهم، لكنه رحيم بالمؤمنين، ذليل لهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {54}}. ( المائدة: 54). فليست ذلتهم على المؤمنين من ضعف، إذ هم المجاهدون الذين لا يخافون لومة لائم، إنما هي الذلة النابعة من الرحمة. قال تعالى وهو يوصينا بآبائنا وأمهاتنا إذا بلغوا عندنا الكبر والشيخوخة: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {24}}. (الإسراء: 24). والمؤمنون كما وصفهم المولى تعالى، أشداء على الكفار في مواقف الجهاد، رحماء بينهم، وهكذا فلنكن.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |