تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5085 - عددالزوار : 2327227 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4671 - عددالزوار : 1620185 )           »          تربية الأطفال بهدوء.. 6 نصائح تساعد الأمهات في السيطرة على انفعالها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          4 خطوات بسيطة تساعد الطلاب على الموازنة بين الدراسة وأنشطتهم المختلفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 77 )           »          طريقة عمل كب كيك في البيت بمكونات سهلة وسريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 72 )           »          5 خطوات تساعدك على مقاومة الرغبة في النوم بعد الاستيقاظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 83 )           »          وصفة طبيعية لتحضير زبدة الشفاه في المنزل.. هتحتاجيها في الخريف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          4 تريندات مكياج متصدرة في 2025.. الروج البرجندي وبشرة طبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          5 خطوات تساعدك فى إدارة وقتك على السوشيال ميديا والاهتمام بالمذاكرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          5 طرق فعالة هتساعدك في علاج شعرك من الجفاف.. لو لسه راجعة من البحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 17-02-2025, 08:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء العاشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة
الحلقة (539)
صــ 86 إلى صــ 100







القول في تأويل قوله عز ذكره ( ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون ( 6 ) )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "ولكن يريد ليطهركم" ولكن الله يريد أن يطهركم بما فرض عليكم من الوضوء من الأحداث والغسل من الجنابة ، والتيمم عند عدم الماء ، فتنظفوا وتطهروا بذلك أجسامكم من الذنوب . كما : -

11543 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد قال : حدثنا قتادة عن شهر بن حوشب ، عن أبي أمامة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الوضوء يكفر ما قبله ، ثم تصير الصلاة نافلة . قال : قلت : أنت سمعت [ ص: 86 ] ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : نعم ، غير مرة ، ولا مرتين ، ولا ثلاث ، ولا أربع ، ولا خمس .

11544 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا معاذ بن هشام قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي أمامة صدي بن عجلان ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نحوه .

11545 - حدثنا أبو كريب ، ومحمد بن المثنى ويحيى بن داود الواسطي ، قالوا : حدثنا إبراهيم بن يزيد مردانبه القرشي قال : أخبرنا رقبة بن مصقلة العبدي ، عن شمر بن عطية ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من توضأ فأحسن الوضوء ، ثم قام إلى الصلاة ، خرجت ذنوبه من سمعه ، وبصره ، ويديه ، ورجليه" [ ص: 87 ]

11546 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن كعب بن مرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من رجل يتوضأ فيغسل يديه أو : ذراعيه إلا خرجت خطاياه منهما ، فإذا غسل وجهه خرجت خطاياه من وجهه ، فإذا مسح رأسه خرجت خطاياه من رأسه ، وإذا غسل رجليه خرجت خطاياه من رجليه . [ ص: 88 ]

11547 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد قال : حدثنا حاتم ، عن محمد بن عجلان ، عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك ، عن عمرو بن عبسة : أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا غسل المؤمن كفيه انتثرت الخطايا من كفيه ، وإذا تمضمض واستنشق خرجت خطاياه من فيه ومنخريه ، وإذا غسل وجهه خرجت من وجهه حتى تخرج من أشفار عينيه ، فإذا غسل يديه خرجت من يديه ، فإذا مسح رأسه وأذنيه خرجت من رأسه وأذنيه ، فإذا غسل رجليه خرجت حتى تخرج من أظفار قدميه ، فإذا انتهى إلى ذلك من وضوئه كان ذلك حظه منه ، فإن قام فصلى ركعتين مقبلا فيهما بوجهه وقلبه على ربه ، كان من خطاياه كيوم ولدته أمه" [ ص: 89 ]

11548 - حدثنا أبو الوليد الدمشقي قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : أخبرني مالك بن أنس ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء ، أو مع آخر قطرة من الماء ، أو نحو هذا . وإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشت بها يداه مع الماء ، أو مع آخر قطرة من الماء ، حتى يخرج نقيا من الذنوب" .

11549 - حدثنا عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا علي بن عياش ، قال : حدثنا أبو غسان ، قال : حدثنا زيد بن أسلم ، عن حمران مولى عثمان قال : [ ص: 90 ] أتيت عثمان بن عفان بوضوء وهو قاعد ، فتوضأ ثلاثا ثلاثا ، ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ كوضوئي هذا . ثم قال : من توضأ وضوئي هذا كان من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، وكانت خطاه إلى المساجد نافلة .

وقوله : "وليتم نعمته عليكم" فإنه يقول : ويريد ربكم مع تطهيركم من ذنوبكم بطاعتكم إياه فيما فرض عليكم من الوضوء والغسل إذا قمتم إلى الصلاة بالماء إن وجدتموه ، وتيممكم إذا لم تجدوه أن يتم نعمته عليكم بإباحته لكم التيمم ، وتصييره لكم الصعيد الطيب طهورا ، رخصة منه لكم في ذلك مع سائر نعمه التي أنعم بها عليكم أيها المؤمنون "لعلكم تشكرون" يقول : لكي تشكروا الله على نعمه التي أنعمها عليكم بطاعتكم إياه فيما أمركم ونهاكم .

[ ص: 91 ] القول في تأويل قوله عز ذكره ( واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور ( 7 ) )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بذلك : واذكروا نعمة الله عليكم أيها المؤمنون بالعقود التي عقدتموها لله على أنفسكم ، واذكروا نعمته عليكم في ذلك بأن هداكم من العقود لما فيه الرضا ، ووفقكم لما فيه نجاتكم من الضلالة والردى في نعم غيرها جمة . كما : -

11550 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "واذكروا نعمة الله عليكم" قال : النعم : آلاء الله .

11551 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

وأما قوله : "وميثاقه الذي واثقكم به" فإنه يعني : واذكروا أيضا أيها المؤمنون ، في نعم الله التي أنعم عليكم" ميثاقه الذي واثقكم به ، وهو عهده الذي عاهدكم به .

واختلف أهل التأويل في"الميثاق" الذي ذكر الله في هذه الآية ، أي مواثيقه عنى؟

فقال بعضهم : عنى به ميثاق الله الذي واثق به المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة [ ص: 92 ] له فيما أحبوا وكرهوا ، والعمل بكل ما أمرهم الله به ورسوله .

ذكر من قال ذلك :

11552 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : "واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا" الآية ، يعني : حيث بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنزل عليه الكتاب ، فقالوا : "آمنا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالكتاب ، وأقررنا بما في التوراة" ، فذكرهم الله ميثاقه الذي أقروا به على أنفسهم ، وأمرهم بالوفاء به .

11553 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : "واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا" ، فإنه أخذ ميثاقنا فقلنا : سمعنا وأطعنا على الإيمان والإقرار به وبرسوله .

وقال آخرون : بل عنى به جل ثناؤه : ميثاقه الذي أخذ على عباده حين أخرجهم من صلب آدم صلى الله عليه وسلم ، وأشهدهم على أنفسهم : ألست بربكم؟ فقالوا : بلى شهدنا .

ذكر من قال ذلك :

11554 - حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا [ ص: 93 ] عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : "وميثاقه الذي واثقكم به" قال : الذي واثق به بني آدم في ظهر آدم .

11555 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، نحوه .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك : قول ابن عباس ، وهو أن معناه : "واذكروا" أيها المؤمنون "نعمة الله عليكم" التي أنعمها عليكم بهدايته إياكم للإسلام "وميثاقه الذي واثقكم به" ، يعني : وعهده الذي عاهدكم به حين بايعتم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة له في المنشط والمكره ، والعسر واليسر "إذ قلتم سمعنا" ما قلت لنا ، وأخذت علينا من المواثيق وأطعناك فيما أمرتنا به ونهيتنا عنه ، وأنعم عليكم أيضا بتوفيقكم لقبول ذلك منه بقولكم له : "سمعنا وأطعنا" ، يقول : ففوا لله ، أيها المؤمنون بميثاقه الذي واثقكم به ، ونعمته التي أنعم عليكم في ذلك بإقراركم على أنفسكم بالسمع له والطاعة فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه ، يف لكم بما ضمن لكم الوفاء به إذا أنتم وفيتم له بميثاقه ، من إتمام نعمته عليكم ، وبإدخالكم جنته وإنعامكم بالخلود في دار كرامته ، وإنقاذكم من عقابه وأليم عذابه .

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب من قول من قال : "عنى به الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم صلوات الله عليه" ، لأن الله جل ثناؤه ذكر بعقب تذكرة المؤمنين ميثاقه الذي واثقهم به ميثاقه الذي واثق به أهل التوراة بعد ما أنزل كتابه على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم فيما أمرهم به ونهاهم فيها ، فقال : ( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا ) الآيات ، بعدها [ سورة المائدة : 12 ] منبها بذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 94 ] محمد على مواضع حظوظهم من الوفاء لله بما عاهدهم عليه ومعرفهم سوء عاقبة أهل الكتاب في تضييعهم ما ضيعوا من ميثاقه الذي واثقهم به في أمره ونهيه ، وتعزير أنبيائه ورسله زاجرا لهم عن نكث عهودهم ، فيحل بهم ما أحل بالناكثين عهوده من أهل الكتاب قبلهم .

فكان إذ كان الذي ذكرهم فوعظهم به ونهاهم عن أن يركبوا من الفعل مثله ميثاق قوم أخذ ميثاقهم بعد إرسال الرسول إليهم وإنزال الكتاب عليهم واجبا أن يكون الحال التي أخذ فيها الميثاق والموعوظين نظير حال الذين وعظوا بهم . وإذا كان ذلك كذلك ، كان بينا صحة ما قلنا في ذلك وفساد خلافه .

وأما قوله : "واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور" ، فإنه وعيد من الله جل اسمه للمؤمنين كانوا برسوله صلى الله عليه وسلم من أصحابه وتهددا لهم أن ينقضوا ميثاق الله الذي واثقهم به في رسوله وعهدهم الذي عاهدوه فيه بأن يضمروا له خلاف ما أبدوا له بألسنتهم . .

يقول لهم جل ثناؤه : واتقوا الله ، أيها المؤمنون ، فخافوه أن تبدلوا عهده وتنقضوا ميثاقه الذي واثقكم به ، أو تخالفوا ما ضمنتم له بقولكم : "سمعنا وأطعنا" ، بأن تضمروا له غير الوفاء بذلك في أنفسكم ، فإن الله مطلع على ضمائر صدوركم ، وعالم بما تخفيه نفوسكم لا يخفى عليه شيء من ذلك ، فيحل بكم من عقوبته ما لا قبل لكم به ، كالذي حل بمن قبلكم من اليهود من المسخ وصنوف النقم ، وتصيروا في معادكم إلى سخط الله وأليم عقابه .

[ ص: 95 ] القول في تأويل قوله عز ذكره ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : يا أيها الذين آمنوا بالله وبرسوله محمد ، ليكن من أخلاقكم وصفاتكم القيام لله شهداء بالعدل في أوليائكم وأعدائكم ، ولا تجوروا في أحكامكم وأفعالكم فتجاوزوا ما حددت لكم في أعدائكم لعدواتهم لكم ، ولا تقصروا فيما حددت لكم من أحكامي وحدودي في أوليائكم لولايتهم لكم ، ولكن انتهوا في جميعهم إلى حدي ، واعملوا فيه بأمري .

وأما قوله : "ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا" فإنه يقول : ولا يحملنكم عداوة قوم على ألا تعدلوا في حكمكم فيهم وسيرتكم بينهم ، فتجوروا عليهم من أجل ما بينكم وبينهم من العداوة .

وقد ذكرنا الرواية عن أهل التأويل في معنى قوله : ( كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ) [ سورة النساء : 135 ] وفي قوله : ( ولا يجرمنكم شنآن قوم ) [ سورة المائدة : 2 ] واختلاف المختلفين في قراءة ذلك ، والذي هو أولى بالصواب من القول فيه ، والقراءة بالأدلة الدالة على صحته بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

وقد قيل : إن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين همت اليهود بقتله .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 96 ]

11556 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير : "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" ، نزلت في يهود خيبر ، أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن جريج ، قال عبد الله بن كثير : ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يهود يستعينهم في دية ، فهموا أن يقتلوه ، فذلك قوله : " ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا " . . . الآية .

القول في تأويل قوله عز ذكره ( اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ( 8 ) )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : "اعدلوا" أيها المؤمنون ، على كل أحد من الناس وليا لكم كان أو عدوا ، فاحملوهم على ما أمرتكم أن تحملوهم عليه من أحكامي ، ولا تجوروا بأحد منهم عنه .

وأما قوله : "هو أقرب للتقوى" فإنه يعني بقوله : "هو" العدل عليهم أقرب لكم أيها المؤمنون إلى التقوى ، يعني : إلى أن تكونوا عند الله باستعمالكم إياه من أهل التقوى ، وهم أهل الخوف والحذر من الله أن يخالفوه في شيء من أمره ، أو يأتوا شيئا من معاصيه .

وإنما وصف جل ثناؤه "العدل" بما وصفه به من أنه "أقرب للتقوى" من الجور ، لأن من كان عادلا كان لله بعدله مطيعا ، ومن كان لله مطيعا ، كان لا شك [ ص: 97 ] من أهل التقوى ، ومن كان جائرا كان لله عاصيا ، ومن كان لله عاصيا ، كان بعيدا من تقواه .

وإنما كنى بقوله : "هو أقرب" عن الفعل . والعرب تكني عن الأفعال إذا كنت عنها ب "هو" وب "ذلك" ، كما قال جل ثناؤه : ( فهو خير لكم ) [ سورة البقرة : 271 ] و ( ذلكم أزكى لكم ) [ سورة البقرة : 232 ] . ولو لم يكن في الكلام "هو" لكان "أقرب" نصبا ، ولقيل : "اعدلوا أقرب للتقوى" ، كما قيل : ( انتهوا خيرا لكم ) [ سورة النساء : 171 ] .

وأما قوله : " واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون " ، فإنه يعني : واحذروا أيها المؤمنون ، أن تجوروا في عباده فتجاوزوا فيهم حكمه وقضاءه الذين بين لكم ، فيحل بكم عقوبته ، وتستوجبوا منه أليم نكاله "إن الله خبير بما تعملون" ، يقول : إن الله ذو خبرة وعلم بما تعملون أيها المؤمنون فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه ، من عمل به أو خلاف له ، محص ذلكم عليكم كله ، حتى يجازيكم به جزاءكم ، المحسن منكم بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، فاتقوا أن تسيئوا .

[ ص: 98 ] القول في تأويل قوله عز ذكره ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم ( 9 ) )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات " ، وعد الله أيها الناس الذين صدقوا الله ورسوله ، وأقروا بما جاءهم به من عند ربهم ، وعملوا بما واثقهم الله به ، وأوفوا بالعقود التي عاقدهم عليها بقولهم : "لنسمعن ولنطيعن الله ورسوله" فسمعوا أمر الله ونهيه وأطاعوه ، فعملوا بما أمرهم الله به ، وانتهوا عما نهاهم عنه .

ويعني بقوله : "لهم مغفرة" لهؤلاء الذين وفوا بالعقود والميثاق الذي واثقهم به ربهم "مغفرة" وهي ستر ذنوبهم السالفة منهم عليهم ، وتغطيتها بعفوه لهم عنها ، وتركه عقوبتهم عليها ، وفضيحتهم بها ، "وأجر عظيم" يقول : ولهم مع عفوه لهم عن ذنوبهم السالفة منهم ، جزاء على أعمالهم التي عملوها ووفائهم بالعقود التي عاقدوا ربهم عليها "أجر عظيم" ، و"العظيم" من خيره غير محدود مبلغه ، ولا يعرف منتهاه غيره تعالى ذكره .

فإن قال قائل : إن الله جل ثناؤه أخبر في هذه الآية أنه وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ولم يخبر بما وعدهم ، فأين الخبر عن الموعود؟

قيل : بلى إنه قد أخبر عن الموعود ، والموعود هو قوله : "لهم مغفرة وأجر عظيم" . [ ص: 99 ]

فإن قال : فإن قوله : "لهم مغفرة وأجر عظيم" خبر مبتدأ ، ولو كان هو الموعود لقيل : "وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجرا عظيما ، ولم يدخل في ذلك "لهم" ، وفي دخول ذلك فيه دلالة على ابتداء الكلام ، وانقضاء الخبر عن الوعد!

قيل : إن ذلك وإن كان ظاهره ما ذكرت ، فإنه مما اكتفي بدلالة ما ظهر من الكلام على ما بطن من معناه من ذكر بعض قد ترك ذكره فيه ، وذلك أن معنى الكلام : وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن يغفر لهم ويأجرهم أجرا عظيما لأن من شأن العرب أن يصحبوا "الوعد" "أن" ويعملوه فيها ، فتركت "أن" إذ كان "الوعد" قولا . ومن شأن "القول" أن يكون ما بعده من جمل الأخبار مبتدأ ، وذكر بعده جملة الخبر اجتزاء بدلالة ظاهر الكلام على معناه ، وصرفا للوعد الموافق للقول في معناه وإن كان للفظه مخالفا إلى معناه ، فكأنه قيل : "قال الله : للذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجر عظيم" .

وكان بعض نحويي البصرة يقول ، إنما قيل : "وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم" ، في الوعد الذي وعدوا فكأن معنى الكلام على تأويل قائل هذا القول : وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم ، [ فيما وعدهم به ] .

[ ص: 100 ] القول في تأويل قوله عز ذكره ( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ( 10 ) )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : "والذين كفروا" والذين جحدوا وحدانية الله ، ونقضوا ميثاقه وعقوده التي عاقدوها إياه" وكذبوا بآياتنا" يقول : وكذبوا بأدلة الله وحججه الدالة على وحدانيته التي جاءت بها الرسل وغيرها "أولئك أصحاب الجحيم" يقول : هؤلاء الذين هذه صفتهم أهل"الجحيم" ، يعني : أهل النار الذين يخلدون فيها ولا يخرجون منها أبدا .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,501.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,499.62 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.11%)]