|
ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() آفاق التنمية والتطوير (11) دور القيم الإسلامية في دفع عجلة التنمية
نسعد بلقائكم عبر هذه النافذة (آفاق التنمية والتطوير)، لنقدم لكم آفاقًا جديدة من التفكير والتطوير؛ وذلك قيامًا بواجب نشر العلم وحمل الأمانة لإعمار الأرض، وتطوير نمط الحياة بما يحقق التنمية المستدامة، ونسعد بتلقي اقتراحاتكم وتعليقاتكم على بريد المجلة. إذا كان الإنسان هو غاية التنمية - بالنظر إلى الجانب الاقتصادي، أو البيئي، أوالاجتماعي- فإن المقصد النهائي من التنمية في جوهرها ومآلاتها إنما يكون بتنمية الإنسان في ذاته؛ من حيث قيمه وفكره وسلوكياته وعاداته تحقيقا لمراد الله له في هذه الحياة. القيم وعجلة التنمية يقصد بالقيم المعايير والمبادئ التي يعدها الفرد أو المجتمع مهمة وجوهرية، في توجيه سلوكيات البشر واختياراتهم، وتبرز أهمية القيم في توجيه السلوك، وتعزيز الهوية، وتحقيق الرضا الذاتي والتفاعل الاجتماعي وتوجيه المرء نحو أهدافه، وتتميز القيم بالثبات والفاعلية والتكاملية في المنظومة الأخلاقية وتتفاعل معا؛ ولذلك فإن أي إخلال بقيمة منها، يؤدي حتما إلى تصدع المنظومة برمتها ويعرضها للانهيار. أهمية القيم والمبادئ وتبرز أهمية القيم والمبادئ المنظمة لشؤون الفرد والجماعات بوصفها مشتركا إنسانيا عاما، ولا خلاف عليها بين ذوي النظرة السوية والأهداف النبيلة لتحقيق المصلحة العامة، بغض النظر عن تنوع الدين والجنس واللون، ولا ينفي هذا بالطبع وجود مساحة من الخصوصية في تلك القيم؛ فلكل أمة خصائصها، وثقافتها المميزة لها. تأثير القيم على الإنسان والمجتمع ويلخص علماء الاجتماع تأثير القيم على الإنسان والمجتمع منْ خلال الأمور الآتية:
منظومة القيم الإسلامية يحفل القرآن الكريم والسنة النبوية بكم هائل من التوجيهات والقيم الكفيلة بتحقيق التنمية على مستوى الأفراد والمجتمعات بما يحقق عمارة الأرض وحفظ الثروات ومبدأ الاستخلاف في الأرض، ولعل من أبرز القيم الواجب للمسلم استصحابها في سلوكه وتعامله مع هذا الكون ومكوناته ما يلي: 1- التعاون والتضامن لتحقيق الأمن وضمان الحقوق، وهو من أسمى مقاصد الشريعة بحفظ الدين، والنفس، والمال، والعقل، والعرض بغض النظر عن الدين والجنسية، واللون بهدف التعايش السلمي والمشاركة المجتمعية {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. 2- الرفق والرحمة ؛ فالرحمة سر انتشار المودة وسبب استيعاب الآخرين ولا سيما حال عدم التوافق، وهي اللمسة الحانية. 3- الصدق ؛ فالصدق أساس كل فضيلة، وقد مدحه الله في مواطن كثيرة كما في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}(التوبة: 119). 4- الأمانة والعدالة؛ فاستشعار الأمانة والمسؤولية كفيل بمواصلة العمل لتحقيق الأهداف السامية، كما أن العدل أساس العزة والقوة والمنعة، وإذا ضاع العدل كانت الخسارة والدمار الذي توعد الله به الظالمين: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}. 5- الاقتصاد والاعتدال في الإنفاق حفاظا على الموارد الطبيعية ومقدرات الأمة {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}. السبل الكفيلة بتعزيز القيم الإيجابية ولعل من أبرز التوصيات الواجب اتخاذها لتعزيز القيم في مجتمعاتنا ما يلي:
حماية الفكر والثقافة والهوية وختاما: فإن الأمة الإسلامية أولى من غيرها بحماية فكرها وثقافتها وهويتها من الذوبان أمام هجمات الغزو الفكري والثقافي الذي تعددت أساليبه وتنوعت أشكاله ولا سيما مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتحول العالم إلى قرية كونية واحدة، ولن يتحقق ذلك إلا بتعزيز القيم والسلوكيات والأفكار المنضبطة وفق العقيدة السليمة والأخلاق الفاضلة لتحقيق الطمأنينة الروحية والنفسية والاجتماعية، حتى يشيع الأمن والاستقرار في المجتمع. اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]() آفاق التنمية والتطوير (15) دور الشباب في تطوير العمل الخيري
الشباب ثروة الأمة الحقيقية، وسر نجاحها، وهم الطاقة الكبرى في زماننا هذا، وهم جيل المستقبل، ويحملون الطاقة والشغف والإبداع اللازمين لإحداث التغيير الإيجابي في المجتمع، ويكفي أن نعلم أنه يوجد 1.2 مليار شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، يمثلون 16 % من سكان العالم. وإليكم أعزاءنا القراء بعض الأدوار التي يؤديها الشباب في تطوير العمل الخيري: 1- التطوير والإبداع يتمتع الشباب برؤى جديدة وأفكار مبتكرة، ويمكنهم تقديم الأفكار والحلول الجديدة للتحديات التي تواجه المجتمع، كما يمكنهم استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى جمهور أوسع، وتعزيز الوعي بالقضايا الاجتماعية وجمع التبرعات بما يسهم في استدامة العمل الخيري. 2- العمل الميداني يمكن للشباب (من الجنسين) المشاركة بنشاط في العمل الميداني للمؤسسات الخيرية والمنظمات غير الحكومية، كما يمكنهم المساهمة في تنظيم الفعاليات الخيرية والحملات والمشاريع الاجتماعية المختلفة، إلى جانب التطوع للمشاركة في الأعمال التطوعية، مثل: توزيع الطعام على المحتاجين، أو العمل مع الأطفال في دور الرعاية. 3- التوعية والتعليم يمكن للشباب أن يؤدوا دورًا مهما في التوعية والتعليم والتدريب حول القضايا الاجتماعية والدينية المختلفة، وذلك من خلال تنظيم ورش العمل والمحاضرات، وتوفير المعلومات الصحيحة والموثوقة للجمهور، كما يمكنهم استخدام وسائل الإعلام الحديثة، والشبكات الاجتماعية لنشر الوعي والمعرفة بالقضايا المختلفة، وتعزيز الشفافية والحوكمة في العمل الخيري. 4- الابتكار في التمويل يمكن للشباب تطوير طرائق جديدة لجمع التبرعات وتمويل المشاريع الخيرية من خلال استخدام التكنولوجيا ووسائل الاتصال المتاحة؛ حيث يمكنهم استخدام منصات التمويل الجماعي والتكنولوجيا المالية للوصول إلى جمهور أوسع وزيادة التبرعات والدعم المالي للمشاريع الخيرية. 5- ريادة الأعمال الاجتماعية يمكن للشباب تطوير مشاريع خيرية خاصة بهم، وصياغة رؤى مستدامة لتحقيق الأهداف الاجتماعية والبيئية، كما يمكنهم استخدام المفهوم الريادي والابتكاري للتأثير الإيجابي وتحقيق التغييرالمنشود لخدمة أوطانهم. كما يمكن للشباب أن يتحلوا بالقيادة والتأثير الإيجابي على المجتمع من خلال توظيف استراتيجيات الإدارة الحديثة، والعمل على تحفيز الآخرين، وتوجيه الجهود نحو تحقيق الأهداف الخيرية، وتنمية المجتمع بما يحقق المصلحة العامة، وتوجيه الشباب نحو المواطنة الصالحة، وبث روح الإيجابية والعطاء. 6- التعاون وبناء الشراكات يمكن للشباب أن يسهموا في بناء شراكات التعاون مع المؤسسات والشركات والجهات الحكومية؛ لتعزيز العمل الخيري وتوفير الموارد والدعم، كما يمكنهم أيضًا تبادل الخبرات والمعارف مع الجهات الأخرى لتعزيز التعاون وتعميق الأثر الاجتماعي والدعوي. باختصار؛ فإن الشباب هم الركيزة الأساسية في تطوير العمل الخيري وتحقيق التغيير الإيجابي، وينبغي تشجيعهم ودعمهم وتمكينهم للمشاركة الإبداعية الفاعلة باتجاه العالمية لتحقيق أفضل النتائج والإنجازات، وبناء عالم أفضل للجميع، ومن هذا المنطلق ينبغي على قادة العمل الخيري أن يولوا الشباب أهمية كبرى، وأن يستمعوا إليهم من خلال جلسات العصف الذهني، والحوار الإيجابي للمواءمة بين أصالة المنهج وحداثة وسائل العمل الدعوي، بما يطور من مستوى العمل الخيري والدعوي؛ في سبيل رفعة هذه الأمة وتحقيق التغيير الإيجابي والتنمية المستدامة. اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() ![]() آفاق التنمية والتطوير – ركائز العمل الخيري والدعوي ومفاتيح النجاح والتطوير (1-4)
نسعد بلقائكم عبر هذه النافذة (آفاق التنمية والتطوير)، لنقدم لكم آفاقًا جديدة من التفكير والتطوير؛ وذلك قيامًا بواجب نشر العلم وحمل الأمانة لإعمار الأرض، وتطوير نمط الحياة بما يحقق التنمية المستدامة، ونسعد بتلقي اقتراحاتكم وتعليقاتكم على بريد المجلة. ركيزة أساسية يعد العمل الخيري والدعوي ركيزة أساسية من ركائز المجتمع الإسلامي، ومسؤولية تقع على عاتق كل مسلم؛ من أجل إصلاح المجتمع ونشر الفضيلة وتحقيق التكاتف والتعاون بين المسلمين، وتحقيق الأخوة الصادقة، ومساعدة المحتاجين، وحفظ الضرورات الخمس التي جعلها الإسلام مداراً لأحكامه وتشريعاته لتحقيق عمارة الأرض وتحقيق الخيرية لهذه الأمة المباركة. التلازم بين العمل الخيري والدعوي وقد يظنّ بعض الناس أنّ هذين العملين منفصلان عن بعضهما، بينما يؤكد الإسلام أنّ هذين العملين متلازمان لا ينفكّ أحدهما عن الآخر، ويرتبطان بوحدة الهدف وسمو المقاصد؛ حيث يستهدف كل من العمل الخيري والدعوي تحقيق الخير والصلاح للمجتمع، وإعلاء كلمة الله -تعالى-، ونشر القيم الإسلامية السمحة. ولعل من أبرز الأمثلة على التلازم بين العمل الخير والدعوي بناء المساجد - الذي يعدّ من أبرز الأعمال الخيرية، وهو في نفس الوقت من أهمّ وسائل الدعوة إلى الإسلام، إلى جانب كون المساجد مكانًا للعبادة وتعليم الدين ونشر القيم الإسلامية. وكذا الحال في كفالة الأيتام على سبيل المثال أيضا؛ حيث تُعدّ كفالة الأيتام من الأعمال الخيرية، وهي في الوقت نفسه من مظاهر الرحمة والبرّ التي تُحبّب الإسلام إلى الناس، وتسهم في تنشئة جيل متدين وأخلاقي، كما يساعد العمل الدعوي على توعية الناس بأهمية العمل الخيري، وحثّهم على المشاركة فيه، وما أجمل العمل الخيري الذي ينجح في تأليف القلوب وجذب الناس إلى الإسلام، وجعلهم أكثر تقبّلًا للدعوة الإسلامية، والدخول في دين الله أفواجا!. سمو المقاصد وتتجلى روعة العمل الخيري والدعوي في سمو المقاصد الشرعية والمنطلقات الإنسانية النابعة من الفقه الحقيقي لمعنى الدعوة الإسلامية والعمل الخيري والعطاء الإنساني، والواجب المنوط بالخليفة في الأرض من خلال ما يلي: 1- الإخلاص لله -تعالى حيث ينبغي أن يكون الدافع وراء العمل الخيري والدعوي وجه الله -تعالى- وابتغاء مرضاته، والعمل على نشر دينه لإنقاذ البشرية من النيران والفوز بالجنان، ولا يجوز أن يكون الدافع السمعة أو المال أو الشهرة والمنافع الشخصية. 2- تحقيق المنفعة للعباد يجب أن يسعى العمل الخيري والدعوي إلى تحقيق المنفعة العامة للعباد، وإصلاح أحوالهم، وتحسين حياتهم، ولا سيما الفقراء والمساكين ومصارف الزكاة والصدقات، ولا يجوز أن يكون الهدف من ذلك إلحاق الأذى بالآخرين أو استغلالهم. أهمية التقويم والنقد الذاتي يقول المثل الصيني: «إن آخر من يعلم أن السمك يسبح في الماء هو السمكة نفسها»؛ فهي غارقة في محيطها، لا ترى ولا تعرف سواه، ومثلها أي إنسان جاد يستغرقه عمله ومحيطه، وإنه لمعذور ومشكور، ولكن الأشخاص الذين يقودون العمل المؤسسي ولا سيما الخيري والدعوي بحاجة ماسة إلى أن يعرفوا بحورا غير بحورهم، وأن يعرفوا قضايا أكثر مما تعودوا. فالقائد الناجح ينبغي أن يتسم بالموسوعية؛ من حيث المعنى الثقافي العام، وأن يتخصص في مجاله الخيري والدعوي، ومن ثم تصبح معارفه وخبراته تراكمية بما يثري العمل ويسهم في تطويره ويؤدي إلى تحقيق قفزات نوعية لصالح الإسلام والمسلمين، وهكذا يتحقق التميز الإداري والمعرفي وتنشأ الممارسات الرشيدة والنماذج الناجحة والقدوات الحسنة. وبما أنه يصعب على رؤساء العمل في المؤسسات الخيرية والدعوية وجود مستشارين لدى المؤسسة الواحدة في كل موضوع؛ فليس أمامه إلا أن يشارك في ندوات ودورات متعددة وقراءات واسعة، ويعرّض عقله لعقول غيره، ثم يفتح للموظفين في مؤسسته أن يدرك بعضهم عمل بعض، ويسافر بعضهم لتغطية مشروع مختلف؛ فإدارة المؤسسات الخيرية ليست زعامة بل مشاركة ومسؤولية. تعزيز السمعة المؤسسة المشرفة ومن هذا المنطلق ينبغي أن تحرص المؤسسات الخيرية والدعوية على تعزيز السمعة المؤسسة المشرفة والإيجابية للعمل الخيري من خلال الممارسات الحكيمة والنظيفة، وأن تجعله مثالا يحتذى على قائمة القيم والمعارف والأخلاق التي يتجه لها المجتمع، إلى جانب المساهمة في صناعة القدوات الحسنة وصناعة الشخصيات النافذة والمؤثرة في مجال العمل الخيري والدعوي، مع الاهتمام بحقوق الإنسان، والعمل الإنساني عموما. حجم الإنفاق الخيري بلغ حجم الإنفاق الخيري في العالم الإسلامي عام 2021 حوالي 300 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي للدول الإسلامية، ومن المتوقع أن يصل حجم الإنفاق إلى 400 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025، ويقدر عدد المؤسسات الخيرية في العالم الإسلامي بأكثر من 100 ألف مؤسسة، وتوظف هذه المؤسسات أكثر من 10 ملايين شخص. وتأتي التبرعات الفردية على رأس مصادر تمويل العمل الخيري، بنسبة 60% من إجمالي التمويل؛ فيما تشكل التبرعات من المؤسسات والشركات 30% من إجمالي التمويل، بينما تأتي الزكاة والهبات والإيرادات من المشاريع الاستثمارية بباقي النسبة. ومن هذا المنطلق ينبغي للعمل الخيري والدعوي أن يناله نصيب وافر من التنمية والتطوير لتحقيق الاستدامة وبقاء الأثر الإيجابي، وتقع المسؤولية في ذلك بالدرجة الأولى على أصحاب القرار في تلك المؤسسات والقائمين على إدارتها. اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() ![]() آفاق التنمية والتطوير – دور القيم الإسلامية في توجيه عجلة التنمية (2)
نسعد بلقائكم عبر هذه النافذة (آفاق التنمية والتطوير)، لنقدم لكم آفاقا جديدة من التفكير والتطوير؛ وذلك قياما بواجب نشر العلم وحمل الأمانة لإعمار الأرض، وتطوير نمط الحياة بما يحقق التنمية المستدامة، ونسعد بتلقي اقتراحاتكم وتعليقاتكم على بريد المجلة، ونستكمل في هذا العدد ما بدأناه في الحديث عن ركائز العمل الخيري والدعوي ومفاتيح النجاح والتطوير، بالحديث عن نقاط القوة ونقاط الضعف والتحديات التي تواجه العمل الخيري. أولاً: نقاط القوة
2- زيادة حجم التبرعات ارتفع حجم التبرعات المُقدمة للعمل الخيري والدعوي ارتفاعا ملحوظا في السنوات الأخيرة، وقد أسهم ذلك -بفضل الله- في تنامي معدلات تمويل العديد من المشاريع والبرامج الخيرية والإغاثية حول العالم، ومن ثم تخفيف معاناة الفئات المحرومة والضعيفة والفقيرة، وتحسين ظروف اللاجئين والنازحين ولو بطريقة نسبية ومحدودة. 3- التطور التكنولوجي حيث أدى تطور التكنولوجيا إلى تسهيل عمل المؤسسات الخيرية والجمعيات الدعوية، وقد أسهمت منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية على التواصل مع الجمهور وجمع التبرعات بطريقة أكثر فعالية، وإلى نجاح الحملات التسويقية واتساع نطاقها، ومن ثم إلى زيادة الإيرادات والنجاح في تمويل المشروعات. 4- تنامي الروح الإيمانية تنبع أهمية العمل الخيري والدعوي من الإيمان الراسخ لدى المسلمين بضرورة مساعدة ملايين البشر من المحتاجين ونشر الخير في المجتمعات، وتعظيم قيمة البذل والعطاء؛ امتثالا لأوامر الشريعة الإسلامية، وتُعد هذه الروح الإيمانية دافعًا قويا لاستمرار العمل الخيري والدعوي ونمائه، ولا سيما في الجانب الوقفي منه، كما تسهم القيم الدينية في تحفيز المسلمين لتوفير الموارد اللازمة للعمل الخيري والدعوي، وتُظهر الإحصائيات ارتفاع حجم التبرعات المُقدمة للعمل الخيري والدعوي بطريقة ملحوظة في السنوات الأخيرة. 5- انتشار ثقافة العمل التطوعي ازدادت ثقافة الوعي بأهمية العمل الخيري والدعوي، والإقبال على العمل التطوعي بين المسلمين في السنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي أسهم في تعزيز العمل الخيري والدعوي، وتوفير المزيد من الكوادر البشرية المؤمنة بسمو رسالته؛ حيث يُشارك العديد من المتطوعين في مختلف المشاريع والبرامج الخيرية والإغاثية حول العالم. ثانيًا: التحديات ونقاط الضعف
2- ضعف الإدارة والحوكمة تفتقر بعض المؤسسات الخيرية والجمعيات الدعوية إلى الخبرات الإدارية والمهارات اللازمة لإدارة مشاريعها وبرامجها بطريقة فعالة وشفافة، ووفق أطر علمية ومعايير قياسية حتى تتحول تلك المؤسسات إلى ما يشبه الديوانية أو المؤسسة العائلية الصغيرة في اتخاذ القرارات. 3- ضبابية التقييم والمتابعة قد لا تقوم بعض المؤسسات بتقييم مشاريعها وبرامجها دوريا، ما يؤثر على قدرتها على تحسين أدائها وتطوير خدماتها، ومن هنا تبرز أهمية التقارير الدورية والموسمية والسنوية، وضرورة تلبيتها واحتوائها على جميع متطلبات التقارير الناجحة حتى تسهم في توصيف الواقع بوضوح، وم ثم تشخيص نقاط القوة والضعف. 4- ضعف مهارات التواصل قد لا تجيد بعض المؤسسات التواصل مع الجمهور بطريقة فعالة؛ ما يؤثر على قدرتها على جمع التبرعات والترويج لأنشطتها ومشاريعها، وتبرز أهمية مهارات التواصل في كونها مفتاح بناء الثقة وتحسين السمعة المؤسسية وتعظيم المكتسبات المجتمعية. 5- التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية قد تواجه بعض المؤسسات صعوبة في مواكبة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية ولا سيما لدى المؤسسات العاملة في النطاقين الإقليمي والدولي في ظل عالمنا المتسارع؛ ما يؤثر على قدرتها في التفاعل الإيجابي وتعزيز المكانة وتطوير الأداء. 6- التحديات الإعلامية قد لا تحظى بعض المؤسسات بتغطية إعلامية كافية؛ ما يؤثر على قدرتها في الوصول إلى جمهور أوسع، وتبرز هنا أهمية استثمار وسائل التواصل الاجتماعي، ومنابر الإعلام والتوجيه، ووسائل نشر الوعي المجتمعي. 7- التحديات الأمنية قد تواجه بعض المؤسسات صعوبات في العمل في بعض المناطق، بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة؛ ما يؤدي إلى تعذر تنفيذ بعض المشاريع الخيرية والدعوية، وربما يتسبب في عدم ثباتها واستمرارها في بقاع محددة من العالم. 8- ضعف الموارد المالية تعتمد معظم المؤسسات الخيرية والدعوية على التبرعات؛ ما يشكل تحديًا كبيرًا لضمان استدامة عملها، وتكمن مشكلة التمويل الخيري والدعوي في نقص التبرعات بالدرجة الأولى؛ حيث تعاني بعض المؤسسات الخيرية من نقص التبرعات؛ ممّا يُعيق قدرتها على تنفيذ مشاريعها وبرامجها. 9- ضعف القدرات حيث تفتقر بعض المؤسسات الخيرية والدعوية إلى الكفاءات المهنية اللازمة لإدارة عملها بطريقة فعالة. 10 -التحديات البيروقراطية قد تواجه بعض المؤسسات الخيرية والدعوية صعوبات في الحصول على التراخيص والتصاريح اللازمة لممارسة عملها، وقد يعاني بعضها من الترهل الإداري والتسلط من قبل بعض المتنفذين، أو الشخصانية والمصلحية التي من شأنها أن تدمر العمل الخيري والدعوي. 11- غياب التنسيق والتكامل قد تفتقر بعض المؤسسات الخيرية والدعوية إلى التنسيق فيما بينها، ما يؤدي إلى تداخل الجهود وتضاربها، وتكرارها، وهنا يأتي دور الجهات الحكومية في دعم التنمية والتطوير في العمل الخيري والدعوي، وذلك من خلال وضع الأنظمة واللوائح التي تنظم عمل تلك المؤسسات، وتعزيز التنسيق بين المؤسسات الخيرية والدعوية، من خلال إنشاء مجالس أو لجان مشتركة. 12- غياب مفهوم الاستدامة وما يترتب على ذلك من التضحية بالمبادئ والقيم مثل: الصدق والعدالة والأمانة، إلى جانب المخاطرة بالصحة والسلامة من أجل تحقيق أهداف سريعة، وقد يتعدى ذلك إلى إلحاق الضرر بالآخرين، من خلال استغلالهم أو خداعهم، ولعل الخطر الأكبر يكمن في فقدان الثقة مع مرور الوقت. التحديات المستقبلية التي تواجه العمل الخيري
اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() ![]() آفاق التنمية والتطوير – ركائز العمل الخيري والدعوي ومفاتيح النجاح والتطوير (2)
نسعد بلقائكم عبر هذه النافذة (آفاق التنمية والتطوير)، لنقدم لكم آفاقا جديدة من التفكير والتطوير؛ وذلك قياما بواجب نشر العلم وحمل الأمانة لإعمار الأرض، وتطوير نمط الحياة بما يحقق التنمية المستدامة، ونسعد بتلقي اقتراحاتكم وتعليقاتكم على بريد المجلة. ذكرنا سابقًا أن العمل الخيري والدعوي ركيزة أساسية من ركائز المجتمع الإسلامي، ومسؤولية تقع على عاتق كل مسلم من أجل إصلاح المجتمع ونشر الفضيلة وتحقيق التكاتف والتعاون بين المسلمين وتحقيق الأخوة الصادقة، ومساعدة المحتاجين، وحفظ الضرورات الخمس التي جعلها الإسلام مداراً لأحكامه وتشريعاته التي من شأنها تحقيق عمارة الأرض وتحقيق الخيرية لهذه الأمة المباركة، واستعرضنا أهم التحديات التي تواجه العمل الخيري والدعوي - بوصفهما عملين متآزرين متكاملين، مع تأكيد أهمية الإخلاص لله -تعالى- وإيثار المنفعة العامة للعباد. خلاصة التحديات وكان من أبرز تلك التحديات غياب التخطيط الاستراتيجي، وضعف الإدارة والحوكمة، وضبابية التقييم والمتابعة، وضعف مهارات التواصل، والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، والتحديات الإعلامية، والأمنية، وضعف الموارد المالية، والقدرات البشرية، والتحديات البيروقراطية، وغياب التنسيق والتكامل، وغياب مفهوم الاستدامة.. هذا إلى جانب التحديات المستقبلية المتمثلة في ازدياد الحاجة إلى العمل الخيري والتطوعي؛ بسبب ازدياد عدد السكان وارتفاع معدلات الفقر، ونقص الموارد الطبيعية والمادية، وتسارع التغيرات المناخية، وتنامي الصراعات والنزاعات الإقليمية والدولية، واستهداف المؤسسات الخيرية. وسنحاول من خلال السطور التالية إيجاز أهم سبل العلاج للتغلب على تلك التحديات، والنجاح في تحقيق الأهداف المنشودة الكفيلة باستدامة العمل الخيري والدعوي في إطار العمل المؤسسي. سمو المكانة وشرف الميدان لعلي غفلت في الحلقة الماضية - بسبب تركيزي الشديد على الجانب التطويري والتقويمي- عن ذكر فضائل العمل الخيري والدعوي وسمو مكانتهما وشرف مجالاتهما، وحسبنا في ذلك أن نستدرك ما فات بإيراد بعض الأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية في بيان ذلك حتى يكتمل الأمر، ويثبت الدليل الشرعي، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج77)، وقال -عز من قائل-: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} (الأنبياء73)، وقال -سبحانه-: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (الأنبياء90)، وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: «إذا كانت أول ليلة من رمضان صُفِّدَتِ الشياطين ومردة الجن، وَغُلِّقَتْ أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، ونادى مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أَقْصِرْ، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة «. مجالات العمل الخيري والدعوي ولا شك أن مجالات العمل الخيري والدعوي كثيرة جدا، وهي تدخل في باب الإحسان، ومما جاء في ذلك من كتاب الله -عز وجل-: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (البقرة177)، وتجدر الإشارة هنا إلى أن النصوص الشرعية عن العمل الخيري والدعوي وما يحث منها على النفع المتعدي والإحسان والاستدامة يعدّ ثروة إدارية وقانونية في تشريعات الصدقات والتأصيل للبعد الإنساني في البذل والعطاء. تاج على الرؤوس ولا يفوتنا هنا التنويه بالدور الخيري والريادي والدعوي الكبير الذي تقوم به دولة الكويت حكومة وشعبا تجاه الضعفاء والمحتاجين على مستوى القارات الست فلم تعق المسافات ولا الطبيعة الجغرافية من وصول أيادي الخير الكويتية لمستحقيها لإخوانهم في الإنسانية في شتى بقاع العالم؛ حتى أصبح العمل الخيري من أبرز صادرات دولة الكويت للعالم الخارجي، وسيظل العمل الخيري في الكويت تاجا على الرؤوس؛ ليجسد تلاحم الشعب الكويتي والقيادة الحكيمة في خدمة الإنسانية جمعاء. مفاتيح النجاح هناك مفاتيح عدة للنجاح، نذكر منها ما يلي: 1- وضع الخطط الاستراتيجية المناسبة يجب وضع خطة استراتيجية واضحة تحدد أهداف العمل الخيري والدعوي، وخطوات تحقيقها، والموارد اللازمة لذلك، مع فحصها وتطويرها تطويرا دوريا سنويا، وإجراء التعديلات المناسبة من أجل تحقيق المزيد من الإنجاز واستدامة الأثر، مع الحرص على تطبيق منهجية فعّالة لإدارة المشاريع الخيرية والدعوية، من التخطيط والتنفيذ إلى المتابعة والتقييم.2- تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة وذلك من خلال تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة والمشاركة، وتطبيق معايير الجودة، ويقصد بها مطابقة المتطلبات للنظم والمعايير؛ من حيث الوقاية من الأخطاء، واتباع سياسات واضحة، إلى جانب اعتماد المهنية والمنهجية في إطار المهارات المتخصصة، وأدوات القياس، وتحديد نطاق الحقوق والمسؤوليات والصلاحيات، وتطبيق العدالة والموضوعية من خلال الإنصاف والتنزه عن المصالح الشخصية والتحيز غير المسوغ؛ مع الحرص على تكوين مجالس إدارة تضمّ خبراء من مختلف المجالات، وتوفير التدريب اللازم لأعضائها، واعتماد أنظمة فعّالة وحقيقية للرقابة الداخلية والتدقيق الخارجي، بما يحقق المزيد من الموثوقية، كما ينبغي قياس أثر العمل الخيري والدعوي دوريا، من خلال تحديد المؤشرات المناسبة، وتحليل البيانات، وتقييم النتائج. 3- بناء القدرات وتبادل الخبرات يجب الاستثمار في بناء قدرات العاملين في المجال الخيري والدعوي، من خلال توفير برامج وخطط تدريبية متخصصة، وتشجيعهم على المشاركة في المؤتمرات والندوات، وتبادل الخبرات مع المؤسسات الأخرى؛ من أجل إتقان الأعمال المختلفة، كما ينبغي الاستثمار في بناء قدرات الموظفين والمتطوعين، وتدريبهم على تطبيق مبادئ الاستدامة في عملهم، لتحقيق أفضل النتائج وترك الأثر الإيجابي. 4- تطوير آليات العمل وذلك بما يتماشى مع أفضل الممارسات المالية والإدارية، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في مختلف مراحلها، وإعداد التقارير الدورية، كما يمكن للمؤسسات الخيرية والدعوية الاستفادة من التجارب لتجنب تكرار الأخطاء، واعتماد بعض التقنيات والإجراءات التي من شأنها أن تحدث التحسين المستمر. 5- دراسة الوضع القائم وتقييم الاحتياجات يجب على المؤسسات الخيرية والدعوية البدء بتقييم احتياجاتها بدقة، بما في ذلك احتياجات المستفيدين وأصحاب المصلحة، واحتياجات العاملين، واحتياجات المؤسسة ذاتها، كما ينبغي العمل على تطوير البنى التحتية، من خلال بناء مقراتها وتجهيزها، وتوفير الأدوات والمعدات اللازمة لعملها، كما يمكن الاستعانة ببعض مؤسسات القطاع الخاص في تحقيق ذلك. 6- تنويع المصادر وتنمية الموارد وذلك من خلال تنويع مصادر التمويل، وتطوير برامج جمع التبرعات، وتعزيز الشراكات مع القطاعين العام والخاص من أجل توفير الموارد المالية اللازمة لتنفيذ خطط التنمية والتطوير؛ كما يجب على المؤسسات الخيرية والدعوية إدارة مواردها المالية بطريقة فعّالة، وضمان استخدامها بشكل كفء ورشيد. إضافة إلى تحقيق الكفاءة في إدارة الموارد المالية، وتنويع مصادر التمويل، بما في ذلك التبرعات والزكاة والهبات وعوائد المشاريع الاستثمارية، والوقفية مع الالتزام بأعلى معايير الشفافية، ووضع خطط مالية واقعية قابلة للتحقيق والقياس. اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() آفاق التنمية والتطوير – ركائز العمل الخيري والدعوي ومفاتيح النجاح والتطوير (4)
نسعد بلقائكم عبر هذه النافذة (آفاق التنمية والتطوير)، لنقدم لكم آفاقا جديدة من التفكير والتطوير؛ وذلك قياما بواجب نشر العلم وحمل الأمانة لإعمار الأرض، وتطوير نمط الحياة بما يحقق التنمية المستدامة، ونسعد بتلقي اقتراحاتكم وتعليقاتكم على بريد المجلة. ما زال حديثنا مستمرا حول ركائز العمل الخيري والدعوي ومفاتيح النجاح والتطوير، وكنا قد بدأنا في استعراض أهم مفاتيح النجاح في مؤسسات العمل الخيري، وذكرنا منها ستة مفاتيح، وهي: وضع الخطط الاستراتيجية المناسبة، وتطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة، وبناء القدرات وتبادل الخبرات، وتطوير آليات العمل، ودراسة الوضع القائم وتقييم الاحتياجات، وتنويع المصادر وتنمية الموارد، واليوم نكمل الحديث عن هذه المفاتيح. 7- تعزيز الشراكات والتحالفات وذلك من خلال إقامة الشراكات مع مختلف الجهات ذات الصلة بالعمل الخيري والدعوي والإغاثي؛ من أجل تبادل الخبرات والتعاون في تنفيذ المشاريع المستدامة، وتحقيق التكامل، وتلاقي الأفكار، ولا سيما في المجالات التخصصية بالاستعانة ببعض المؤسسات في القطاع الخاص والعام على سبيل المثال. 8- تفعيل المسؤولية الاجتماعية وذلك من خلال دمج مبادئ المسؤولية الاجتماعية في عملها، والاهتمام بحماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة، وخدمة المجتمع والمساهمة في تخفيف المعاناة وتحمل أعباء الخدمات العامة، ورعاية الفئات الأكثر احتياجا. 9- الإعلام ونشر الوعي والثقافة يجب التواصل بطريقة فعالة مع المستفيدين، والجمهور، والجهات المعنية، لتعريفهم بأهداف العمل الخيري والدعوي، وإنجازاته، واحتياجاته، واستثمار التغذية الراجعة في ذلك، مع تطوير وسائل التواصل وفق المعطيات المعاصرة من وسائل التواصل الاجتماعية وغيرها؛ ما يعني الحرص على الوصول إلى شرائح جديدة من المستفيدين، وتقديم خدمات متنوعة تلبي احتياجاتهم، مع التطوير النوعي للخدمات والمنتجات المقدمة لجذب المزيد من العملاء وتحقيق رضا أهل الخير والإحسان، كما يسهم الإعلام الإسلامي في نشر الوعي بأهمية العمل الخيري والدعوي، من خلال نشر المقالات والبرامج التلفزيونية والإذاعية التي تُسلّط الضوء على إنجازات المؤسسات الخيرية والجمعيات الدينية. 10- التسويق الفعال وذلك من خلال ابتكار الحملات التسويقية الفعّالة وتطويرها؛ لجذب المزيد من الدعم، باستخدام قنوات التواصل المختلفة للترويج للعمل الخيري والدعوي، مثل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، كما يمكن استهداف الإعلانات بناءً على العمر، والجنس، والموقع الجغرافي، والاهتمامات، وغيرها من العوامل. ويُعدّ التسويق الرقمي أداة قوية يمكن للمؤسسات الخيرية والدعوية استخدامها لتطوير عملها وتعزيز الأثر والتغذية الراجعة، وينبغي التركيز في صياغة المحتوى على تطوير رسائل مقنعة تخاطب عقول وقلوب الجمهور المستهدف مع تعزيز دور القيم الإنسانية والأخلاقية في توجيه التبرعات والتركيز على أثرها في تحسين واقع المحتاجين. 11- مواكبة التطورات وتوظيف التكنولوجيا وذلك من خلال توظيف التقنيات الحديثة وأتمتة المعلومات ورقمنتها وأدوات الذكاء الاصطناعي في العمل الخيري والدعوي، بما يُعزّز كفاءة الأداء ويُوسّع نطاق التأثير الإيجابي لخدمة الفرد والمجتمع، كما يمكن استخدام التكنولوجيا لجمع التبرعات استخداما أكثر فعالية، من خلال المنصات الإلكترونية وتطبيقات الهواتف الذكية، كما يمكن استخدامها في تقديم الخدمات للمستفيدين بطريقة أفضل، مثل التعليم عن بعد والرعاية الصحية الإلكترونية، هذا إلى جانب استثمارها في الإعلان والتسويق الرقمي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الويب، وإدارة البيانات والمعلومات، بما يسهم في اتخاذ قرارات أفضل، وتوفير الوقت والجهد والمال. 12- الدقة في اختيار الكوادر البشرية وذلك وفق معايير الكفاءة بعيدا عن الواسطة والمحسوبية، ورفع كفاءة العاملين في المؤسسات الخيرية والدعوية، بما يُؤدّي إلى زيادة فاعلية مبادراتها وبرامجها، وتحقيق أثر أكبر على المستفيدين، والسعي إلى زيادة الفاعلية من خلال توظيف الموارد البشرية بنظام أفضل، وتوفير بيئة عمل مناسبة تُحفّز على الإبداع والإنتاجية. 13- دعم الموهوبين ورواد الأعمال ينبغي تأهيل الصف الثاني في المؤسسات الخيرية والدعوية، وذلك من خلال العمل على إلحاق المميزين والموثوقين بالجامعات وبرامج الدراسات العليا في التخصصات المهمة، وذلك تمهيدا للاستفادة منهم وتوظيفهم لاحقا، كما تعمل العديد من المؤسسات الخيرية على دعم رواد الأعمال من خلال تقديم القروض والمنح والتدريب في المجالات والتخصصات التي من شأنها أن تصب في صالح العمل الخيري والدعوي. 14- تشجيع ثقافة الابتكار والإبداع والتفكير خارج الصندوق، وفتح المجال أمام المبادرات الطموحة والأفكار والمشاريع المبتكرة، وبناء علاقات قوية مع مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك المستفيدين والجهات المانحة والحكومات، والحرص على توسيع نطاق تحالفات القوة والنظرة التكاملية، وبناء الوحدات المتخصصة لتقديم أفضل الخدمات والمنتجات الدعوية والخيرية. 15- التوسع أفقياً ورأسيا في العمل الخيري والدعوي بحيث تنشأ جمعيات لا ربحية متخصصة لمكافحة السرطان، وحماية المستهلكين، وللتعليم المستمر، وحماية الحياة الفطرية، ومساعدة المرضى المحتاجين، وتعليم المهن للعاطلين وتمكين المحتاجين ولا سيما النساء، ورعاية المسنين، ورعاية المعاقين، والتبرع بالدم، وخدمة الحجيج وغير ذلك من الخدمات والمشاريع التنموية والإغاثية. 16- الوقف الإسلامي.. الرافد المستدام يُعدّ الوقف الإسلامي من أهمّ أدوات ضمان استدامة العمل الخيري والدعوي والإغاثي؛ وذلك لأنّ منافع الوقف تستمرّ في الصرف على الجهة التي أوقفه عليها الواقف على مرّ الأجيال، ما يُؤدّي إلى استمرارية العمل الخيري ودعم المحتاجين باستمرار، مع الإبقاء على الأصل والصرف من الريع، وتتنوع مجالات الوقف الإسلامي، مثل بناء المدارس والمستشفيات والمساجد ودور الأيتام، ودعم الفقراء والمحتاجين، ونشر الوعي الديني والثقافي. 17- ربط العمل الخيري والدعوي بمفهوم الاستدامة تُشير الاستدامة في هذا السياق إلى ضمان استمرار العمل الخيري والدعوي والإغاثي بشكل فاعل على المدى الطويل دون إلحاق الضرر بالبيئة أو الموارد الطبيعية؛ كما أن ربط العمل الخيري والدعوي والإغاثي بمفهوم الاستدامة يُسهم في تقليل التأثير البيئي لهذا العمل، وحماية البيئة من التلوث، وفي هذا المجال بالتحديد يجدر ذكر النقاط التالية: نشر الوعي بأهمية التطوع، استخدام الطاقة المتجددة، بناء مشاريع صديقة للبيئة، دعم برامج التوعية البيئية. اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() ![]() آفاق التنمية والتطوير – مفهوم الجودة في المنظمات غير الربحية (١-٢)
تشهد المنظمات غير الربحية- في العصر الحديث- تحديات كبيرة في ظل تطور المجتمع وازدياد احتياجاته؛ حيث، يؤدي مفهوم الجودة دورًا حيويا في تحسين الأداء وتعزيز كفاءة هذه المنظمات؛ ولم يعد دورها مقتصرًا على تقديم الخدمات الاجتماعية، بل باتت مطالبة بتحقيق مستوى عالٍ من الأداء، بما يتماشى مع تطلعات المستفيدين والمجتمع كله، وقد حثّ الإسلام على الجودة في مفاهيم متعددة، كالإخلاص والإتقان والأمانة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» وقول الله -عزوجل-: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، وقوله سبحانه: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. مفهوم الجودة يرتبط مفهوم الجودة بتحقيق معايير معينة، تستهدف تلبية توقعات المستفيدين وتحقيق الرضا الكامل، ويعرفها (إدوارد ديمنج أحد رواد إدارة الجودة)، بأنها «القيام بالأشياء الصحيحة بطريقة صحيحة منذ المرة الأولى»، وفي المنظمات غير الربحية، يمكن تعريف الجودة على أنها قدرة المنظمة على تقديم خدمات ذات قيمة مضافة، تفي باحتياجات المستفيدين بكفاءة وفعالية، مع الحفاظ على الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة. أهمية الجودة تعدّ الجودة ركيزة أساسية في نجاح المنظمات غير الربحية للأسباب التالية:
معايير الجودة في المنظمات غير الربحية لتطبيق الجودة تطبيقا فعالا في المنظمات غير الربحية، هناك معايير عدة يمكن اعتمادها، منها:
تحديات تطبيق الجودة على الرغم من الأهمية الكبيرة للجودة، فإن تطبيقها في المنظمات غير الربحية قد يواجه تحديات، منها:
أدوات تطبيق الجودة في المنظمات غير الربحية هناك أدوات يمكن أن تساعد المنظمات غير الربحية في تطبيق الجودة، من بينها:
صور الجودة في القطاع غير الربحي تعد الجودة عنصرًا أساسيا في تحقيق نجاح المنظمات، وتتضمن الجودة العديد من الجوانب المختلفة التي يجب على المنظمات الاهتمام بها ومن ذلك ما يلي: 1- الجودة الفنية تعدّ الجودة الفنية في البرامج التنموية عنصرًا أساسيا لضمان تحقيق الأهداف المرجوة وتحقيق النتائج المطلوبة، وتشمل الجودة الفنية في البرامج التنموية جوانب، منها:
اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() ![]() آفاق التنمية والتطوير .. منطلقات التطوير الإداري والعمل المؤسسي (الحلقة الثانية)
نسعد بلقائكم عبر هذه النافذة (آفاق التنمية والتطوير)، لنقدم لكم آفاقًا جديدة من التفكير والتطوير؛ وذلك قيامًا بواجب نشر العلم وحمل الأمانة لإعمار الأرض، وتطوير نمط الحياة بما يحقق التنمية المستدامة، ونسعد بتلقي اقتراحاتكم وتعليقاتكم على بريد المجلة. تحدثنا في العدد الماضي عن ماهية العمل المؤسسي والتعاوني، وسمات العصر الحالي وأبرز المبادئ الإسلامية في العمل والتنظيم، وكيف حث الإسلام على العمل بوصفه عبادة وسبيلا للرزق، ومتطلبات العمل من الشعور بالمسؤولية وضرورة الإتقان في العمل، وتحقيق العدالة والشفافية وتعزيز التكافل الاجتماعي، وتوفير بيئة العمل المحفزة، مع تقسيم الأعمال وتوزيعها، وتفعيل مبدأ المشورة والاستفادة من التجارب الناجحة، ونستكمل في هذا العدد ما بدأناه. أنظمة الأتمتة في تطوير الأعمال تسهم أنظمة الأتمتة في تطوير العمليات وتحسينها، وجعلها أكثر فعالية، وهنالك ثلاثة أنواع للأتمتة، وهي: أتمتة العمليات: مثل عمليات الإنتاج، وخدمة العملاء، وأتمتة البيانات: مثل إدخال البيانات، وتحليلها، وأتمتة الاتصالات: مثل أتمتة رسائل البريد الإلكتروني، وأتمتة الرد على استفسارات العملاء، وهناك ميزات رائعة لتلك الأنظمة في توفير الوقت والجهد في الإنجاز وتسهيل المتابعة والتدقيق وقياس الأداء، ومن تلك الميزات:1- تحسين الأداء الاقتصادي: حيث يُسهم تطبيق الأنظمة المؤسسية والآلية في رفع الإنتاجية وتحسين جودة المنتجات والخدمات، ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني، ويتماشى ذلك مع المبادئ الإسلامية التي تدعو إلى العمل الجاد والابتكار في تحقيق الرخاء والازدها على مستوى الفرد والمجتمع. 2- الاستمرارية والاستدامة: فالعمل المؤسسي يضمن استمرارية الأعمال واستدامتها؛ حيث لا يعتمد على فرد واحد، بل على نظام متكامل من الأفراد والعمليات، وفي هذا الصدد تحقق أنظمة الأتمتة تلك الاستمرارية بطريقة ممتازة. 3- التدبير وتجنب الإسراف: يحذر الإسلام من الإسراف والإهدار، كما في قوله -تعالى-: {وَلَا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}، وبذلك يمكن الاستدلال على ضرورة استخدام الأنظمة الآلية في إدارة الأعمال بما يسهم في تقليل الفاقد وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد، بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد والأداء العام. 4- تحقيق الكفاءة وتقليل الأخطاء: تُعدّ أنظمة الأتمتة وسيلة فعّالة لتقليل الاعتماد على العوامل البشرية التي قد تتسبب في أخطاء تؤثر على جودة العمل، ومن هنا يتجسد مبدأ الإتقان في الحديث النبوي الذي يحث على أداء الأعمال بأعلى جودة. 5- رفع مستوى الإنتاجية وتوفير الوقت: تعمل أنظمة الأتمتة على تسريع العمليات وتقليل الوقت المستغرق في إنجاز المهام، ما يتيح للموظفين التركيز على المهام الاستراتيجية والإبداعية، وهذا يتوافق مع مبدأ تحقيق أفضل استخدام للوقت والموارد من أجل تجاوز الصعوبات وتحقيق النتائج المرجوة. 6- ضمان الشفافية وإمكانية المتابعة: تدير الأنظمة الآلية البيانات بدقة وسرعة؛ مما يسهم في تطبيق مبدأ المحاسبة والشفافية الذي دعا إليه الإسلام في إدارة شؤون المجتمع والمؤسسات، وكذلك وجود سجلات رقمية مفصلة يسهل من عملية التدقيق والمتابعة وتحقيق العدالة في توزيع الموارد. 7- تعزيز تجربة العملاء: حيث يمكن لأنظمة الأتمتة أن توفر خدمة العملاء على مدار الساعة عبر الذكاء الاصطناعي، ولا سيما من خلال (chatbots) التي من شأنها أن تُجيب عن استفسارات العملاء فوريا. 8- تحقيق المرونة والتكيف: تُساعد أنظمة الأتمتة المؤسسات على التكيف مع التغيرات السريعة في السوق، ومثال ذلك أنظمة إدارة المخزون الآلية التي تُحدِّث نفسها تلقائيا بناءً على الطلب، لمواكبة متطلبات السوق وخطط الترويج ومنافذ البيع. أبرز المتطلبات والتوصيات ١-تعزيز الوعي الشرعي والإداري: ينبغي للقيادات والمؤسسات الدعوية والإدارية، العمل على رفع الوعي بأهمية تنظيم العمل، والالتزام بمبادئ الإتقان والعدالة التي نص عليها القرآن الكريم والسنة النبوية؛ ما يدعو إلى ترسيخ ثقافة الكفاءة والجودة في جوانب العمل كلها.٢-دعم الاستدامة والابتكار: يشجع الإسلام على طلب العلم والسعي وراء التطوير، وفي ظل التطورات التكنولوجية تعد أنظمة الأتمتة أداة مهمة للابتكار وتحقيق الاستدامة في الأعمال، مما يعزز مكانة المؤسسات ويضمن استمراريتها في بيئة تنافسية. ٣-الاستثمار في التكنولوجيا وأنظمة الأتمتة: يتعين على المؤسسات تبني التقنيات الحديثة وأنظمة الأتمتة لتحقيق الكفاءة والسرعة والدقة، مع ضمان توافقها مع المبادئ الإسلامية في حفظ الحقوق والعدالة، ويمكن أن يُستفاد من نماذج أعمال مؤسسية ناجحة في العالم الإسلامي والغربي لتطبيقها مع مراعاة الفروق الثقافية والاقتصادية. ٤-التدريب المستمر وتطوير المهارات: يجب توفير برامج تدريبية متخصصة؛ لرفع كفاءة العاملين في التعامل مع الأنظمة التقنية الحديثة، وتوظيفها بما يتوافق مع مبادئ العمل الشرعي، وهذا يشمل تدريب الموظفين على استخدام برامج إدارة البيانات والأتمتة الرقمية بما يتيح لهم التركيز على المهام الاستراتيجية، وتبرز هنا أهمية الاستثمار في التعليم التقني والتدريب العملي والحرفي والمهني لتأهيل الكوادر. ٥-خلق بيئة عمل متكاملة: ينبغي أن تَدمُج المؤسساتُ بين العمل الفردي والجماعي دمجا متوازنا؛ إذ إن العمل المؤسسي يُعزز من روح الجماعة والتعاون، ويقلل من تأثير الفردية والأنانية، ويستند ذلك إلى التوجيهات الشرعية التي تدعو إلى التعاون على البر والتقوى، كما جاء في قوله -تعالى-:{«وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. ٦- إرساء مبادئ الشفافية والمحاسبة: من الضروري تطبيق نظم رقابية داخلية تتماشى مع الشريعة الإسلامية؛ لضمان نزاهة العمل ومنع الفساد؛ وذلك استناداً إلى الآيات القرآنية التي تحث على التقوى والعدل، مثل قوله -تعالى-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}. خلاصة القول وهكذا نجد أن منهجية العمل المؤسسي وأنظمة الأتمتة، ليست فقط من متطلبات العصر الحديث، بل تتماشى مع روح المبادئ الإسلامية التي تدعو إلى التنظيم، والإتقان، والعدالة؛ فإن تبني هذه الأنظمة يُعدّ خطوة استراتيجية، تسهم في تطوير الأعمال وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، في إطار تحكم شرعي متماسك، يدعم مسيرة التطوير والابتكار في المجتمعات المسلمة، وينبغي أن ندرك أن العمل والابتكار في ضوء الشريعة الإسلامية سلاحان لبناء مجتمع متماسك ومزدهر، وأن التوازن بين الأبعاد الروحية والعملية هو السبيل لتحقيق التنمية المستدامة والنجاح الحقيقي للفرد والمجتمع. اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() ![]() مفهوم الجودة في المنظمات غير الربحية (٢-٢)
تحدثنا في الحلقة الماضية عن مفهوم الجودة وارتباطه بتحقيق معايير معينة، تستهدف تلبية توقعات المستفيدين وتحقيق الرضا الكامل، وذكرنا أن الجودة هي قدرة المنظمة على تقديم خدمات ذات قيمة مضافة، تفي باحتياجات المستفيدين بكفاءة وفعالية، مع الحفاظ على الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، وذكرنا صوراً للجودة في القطاع غير الربحي، ومنها: الجودة الفنية، واليوم نكمل الحديث عن تلك الأنواع. (2) الجودة الإدارية والمالية تشير الجودة المالية إلى مدى فعالية إدارة الموارد المالية والمحاسبية في المنظمة وكفاءتها. ويشمل ذلك التحكم في التكاليف والإيرادات والتخطيط المالي وإدارة المخاطر المالية وغيرها من الجوانب المالية، بينما تشير الجودة الإدارية إلى مدى فعالية إدارة المنظمة وكفاءتها وتوجيهها نحو تحقيق أهدافها. ويشمل ذلك إدارة الموارد البشرية وإدارة العمليات والتخطيط الاستراتيجي والتحليل المؤسسي وغيرها من الجوانب الإدارية. لذا تعد الجودة الإدارية في البرامج التنموية أمرا حيويا لتحقيق النجاح والتميز في تنفيذ هذه البرامج. فالبرامج التنموية تتطلب تخطيطا دقيقا، وتنفيذا متقنا، وإدارة فعالة؛ لضمان تحقيق الأهداف المرجوة، وتحسين حياة الناس، وتشمل الجودة الإدارية في البرامج التنموية جوانب عدة، منها:
٣-الجودة الفكرية (الابتكار) تشير الجودة الفكرية إلى قدرة المنظمة على توليد الأفكار الجديدة والابتكارات وتحويلها إلى منتجات أو خدمات تلبي احتياجات العملاء. وتشمل ذلك البحث والتطوير والابتكار والتصميم والتسويق وغيرها من الجوانب الفكرية. إن الجودة الفكرية في البرامج التنموية أمر حيوي لتحقيق النجاح والتميز في تنفيذ هذه البرامج؛ حيث تساعد على إنتاج المعرفة والتكنولوجيا والإبداع والابتكار وتوفير الحلول الفعالة للمشكلات المجتمعية، وتشمل الجودة الفكرية في البرامج التنموية جوانب عدة، منها:
صور أخرى للجودة
الخلاصة إن الجودة ليست مجرد هدف تسعى إليه المنظمات غير الربحية، بل هي عملية مستمرة تتطلب التزاما من أفراد المنظمة، من خلال تطبيق معايير الجودة، ويمكن للمنظمات غير الربحية تحقيق تأثير اجتماعي أكبر، وزيادة كفاءتها في استخدام الموارد، وضمان استدامتها على المدى الطويل؛ فالجودة عنصر أساسي لنجاح المنظمات غير الربحية. فعندما توفر المنظمة خدمات عالية الجودة، فإنها تعزز ثقة العملاء وتحقق لهم الرضا، ومن ثم، يمكن تحقيق زيادة في الإيرادات وتعزيز الموارد المالية للمنظمة؛ فضلا عن ذلك، فإن تحسين جودة الخدمات يمكن أن يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين كفاءة العمليات الداخلية للمنظمة. وهذا يساعد على تحسين أداء المنظمة وتحقيق أهدافها بطريقة أكثر فعالية، كما أن تحسين جودة الخدمات يمكن أن يؤدي إلى تحسين الصورة العامة للمنظمة في المجتمع المحلي والمجتمع الدولي. فعندما تقدم المنظمة خدمات عالية الجودة، فإنها تؤكد مسؤوليتها الاجتماعية، وتساهم في تحسين جودة الحياة للمجتمع المحلي، ومن ثم فإنه يتم تحفيز الأفراد والمنظمات للمساهمة في أعمال المنظمة ومشاريعها بطرائق مختلفة، سواء كان ذلك عن طريق التبرعات أم العمل التطوعي؛ ولذلك ينبغي للمنظمات غير الربحية الاهتمام بجودة الخدمات التي تقدمها وتحسينها باستمرار لتحقيق أهدافها بطريقة أكثر فعالية. اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() آفاق التنمية والتطوير (12) مفاتيح الإبداع في بيئة العمل
نسعد بلقائكم عبر هذه النافذة (آفاق التنمية والتطوير)، لنقدم لكم آفاقًا جديدة من التفكير والتطوير؛ وذلك قيامًا بواجب نشر العلم وحمل الأمانة لإعمار الأرض، وتطوير نمط الحياة بما يحقق التنمية المستدامة، ونسعد بتلقي اقتراحاتكم وتعليقاتكم على بريد المجلة. لا شك أن الكفاءة في إدارة الأعمال في حد ذاتها نوع من أنواع الإبداع، ويتضح ذلك جليا في مراقبة إنتاجية الموظفين ومراقبة مؤشرات الأداء، فهنالك من يؤدي عمله بطريقة آلية، دون أن يبحث عن طرائق لتطوير العمل أو ابتكار ما هو جديد لتقديم العمل بنمط جيد، وهنالك من يخرج من التقليدية والرتابة ويحقق لمؤسسته النجاح والتميز وهذا الذي نبحث عنه. فالإبداع هو الذي يفرق بين العمل العادي والمتميز، والمبدع هو الذي يأتينا بالأفكار والنظريات والأعمال الجديدة والخارجة عن المألوف، ومن ثم التفكير خارج الصندوق. من أهم محفزات الإبداع ولعل من أهم محفزات الإبداع في العمل ما يأتي: خلق ثقافة الإبداع ثقافة الإبداع لا تأتي بمفردها، بل يجب على الإدارة أن تخلقها في جو العمل، وأن تضع السياسات والمعايير والوسائل التي تضمن استمراريتها، فكم مرةٍ أتى خريج جامعي جديد بفكرة إبداعية، ثم يقال له: ليست هناك ميزانية لهذه الفكرة، أو لا يوجد وقت لتنفيذها! وكم من مرة قيل له -بسخرية-: إنه صغير ولا يمكن أن يكون مبدعاً ولا يملك الخبرة الكافية! تنويع الخبرات عندما تكون مديرا وتُكوِّن فرقاء العمل في مشروع ما، تأكد من أن كل فريق يتكون من أعضاء ذوي خبرات وثقافات مختلفة؛ حيث إن ذلك سيضيف الإبداع إلى المشروع، فكل عضو من أعضاء الفريق سيدلي بدلوه من وجهة نظره وعلى حسب الخبرة التي يحملها، ومن ثم فإن النتائج ستكون مزيجاً إبداعيا مميزاً. المشاركة الإيجابية سواء كنت تدير شركة كبيرة أو صغيرة فمن المهم المشاركة في الأفكار، نحن نرى الكثير من الشركات تركز على المشاركة في إدارة المشاريع، كالمشاركة في المستندات، ولكنها لا تركز على المشاركة في الأفكار التي هي في الحقيقة أحد أهم عناصر المشروع. هامش الخطأ يجب أن يتاح للموظفين الحرية في التفكير خارج الصندوق وتجريب أفكارهم دون مخاوف من الفشل؛ فالتشجيع على التفكير أمر ضروري، فشجع فريقك وأصحاب الأفكار الإبداعية، وقيِّم خطوات التنفيذ معهم، وشاركهم بما تعلمته من هذه الأخطاء. الترجمة والتنفيذ تنفيذ الأفكار الإبداعية وترجمتها إلى واقع، هو العنصر الضروري في العملية الإبداعية؛ فالفكرة الإبداعية وحدها لا تكفي؛ لذلك يجب عليك وضع العمليات والسياسات اللازمة التي تضمن تنفيذ الأفكار الإبداعية الجيدة؛ وذلك لأنه إن قل الاهتمام من الإدارة، سيقل اهتمام الأفراد بطرح أفكارهم. التعلم والتدريب المستمر لعل من أهم الأمور في تنمية الذات وتطوير العمل، توفير الفرص للموظفين للتعلم وتطوير مهاراتهم بما يشجع على الإبداع، عندما يتعلم الموظفون دائمًا ووفق جدول من الدورات خلال السنة، فإنهم يطورون أنفسهم، ويصبحون أكثر قدرة على التفكير إبداعيا. استراتيجيات العمل الإبداعي حتى تنجح أي مؤسسة في إدارة العملية الإبداعية لابد لها أن تلتفت إلى خمس استراتيجيات هي:
مكافأة الإبداع إذا كنت ترغب في الحصول على موظفين يفكّرون بخيالٍ واسع خارج منطقة العمل، فتحتاج لتحفيزهم بأي نوع من أنواع المكافآت، وعلاوةً على ذلك يجب أن تؤخذ الاقتراحات على محمل الجد حتى يكون الموظفون على استعدادٍ للتوصل إلى طرائق أكثر إبداعاً في تحسين مكان العمل. فريق الإبداع الطريقة الأكثر منهجية لتعزيز الإبداع في مكان العمل، هي تكوين فريق الإبداع؛ وذلك من أجل التوصّل إلى أفكارٍ حول كيفية تحسين مسار العمل وابتكار منتجات وخدمات إبداعية، وعندما يوظّف هذا الأمر بنهج صحيح، سيكون في ذلك مؤشر للجميع بأن هذه المؤسسة تقدّر الإبداع، ويحقق لها ميزة تنافسية إضافية. البيئة الإيجابية أحيانًا يمكن للعقليات الجدية جدا أن تعيق الإبداع، بينما المرونة وإتاحة المجال للهو أحيانا في أثناء وقت العمل، يسمح للشخص بأن يرتاح وأن يحصل على مصدر إلهام وأفكارٍ رائعة، وغني عن القول بأن بيئة العمل المجهدة أو التي تؤدي إلى الاكتئاب لا تعطي للإنسان مزاجا للتفكير الإبداعي، ومن ثم تجد الموظف ينتظر -بفارغ الصبر- نهاية يوم العمل. التميز في خدمة العملاء ولابد هنا من الإشارة إلى أهمية الاستماع إلى ملاحظات العملاء واحتياجاتهم بما يشجع على تطوير منتجات وخدمات جديدة وحل مشكلاتهم بأساليب إبداعية، ومن ثم تحقيق رضا العملاء، وجذب المزيد منهم، من خلال تحسين العمليات وسرعة الاستجابة. نصائح ذهبية
اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |