الأسرة بين الإسلام والغرب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حكم المرابحة للآمر بالشراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 120 )           »          الوجيز في أحكام التداولات المالية المعاصرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 383 )           »          حكم الغرر في عقود التبرعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 133 )           »          الفرق بين الرجل والمرأة في التلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 93 )           »          أخطاء في التحليل والتحريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 160 )           »          حكم الصلح على الدين ببعضه حالا (ضع وتعجل) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 122 )           »          حكم التورق المنظم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 112 )           »          موسوعة التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 139 )           »          ما حملك على ما صنعتَ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 192 )           »          شروط.. الاستخلاف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 189 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-08-2023, 03:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,383
الدولة : Egypt
افتراضي الأسرة بين الإسلام والغرب

الأسرة بين الإسلام والغرب (1)



كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلا شك أن الأسرة هي المحضن الأول لبناء الإنسان، وبقاء النوع البشري واستمراره، ولا تستمر الحياة، ولا تعمَّر الأرض ويتكاثر الجنس البشري إلا بوجود الرابطة الأُسَريَّة بين الذكر والأنثى، وتلك سنة الله في جميع الكائنات.
والمجتمع الإنساني اليوم في أشد الحاجة لغرس القِيَم، وحِفْظ رباط الأسرة وحمايتها من التفكك والضياع؛ فالأسرة تتعرَّض إلى مخاطر جسيمة، وتواجه تحديات كبيرة على جميع المستويات قد تؤدي إلى انهيارها.
ومفهوم الأسرة وأهميتها يختلف في الفكر الإسلامي، وفي المجتمعات الإسلامية -طبقًا لرؤية الإسلام- عنه في الفكر الغربي الليبرالي المسيطر على المجتمعات الغربية؛ فالمجتمع الإسلامي تعظّم ثقافته الدينية مؤسسة الأسرة، وتحيطها بمنظومة من القِيَم الأخلاقية والقواعد الشرعية التي تحافظ على قوتها وفعاليتها، حيث تعد الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع، وبصلاحها يصلح المجتمع كله؛ لذا يُعد تكوين الأسرة في الإسلام أحد حلقات تحقيق العبودية لله -تعالى-، والتي خَلَق الله الخلق مِن أجلها.
ومِن مظاهر العبودية في تكوين الفرد المسلم للأسرة في الإسلام أنه:
- يحفظ بها نفسه من الانحراف الجنسي؛ فلا سبيل لإفراغ الشهوة الجنسية البشرية إلا من خلال الزواج؛ لأن الإنسان عبد لله حريص على رضاه.
- يعمر به الأرض بإنجاب النسل الذي يعبد الله، والذي يحقق النفع للمجتمع بالتزامه القيمي وتقدمه العلمي النافع للإنسانية، بخلاف الفرد الغربي الليبرالي؛ الذي هو أسير للذته من أي طريق كانت، ونظرته للمجتمع نظرة عدائية متوجهة إلى أن مكونات المجتمع لا بد أن تكون في خدمة لذاته؛ تلك اللذة التي لا يحدها حدٌّ؛ لذلك تختلط عنده الأنساب، وتظهر الموبقات من (الزنا - زنا المحارم - الشذوذ - البيدوفيليا - نكاح الحيوانات - إلخ) في المجتمعات الغربية بكثرة، كما أن التعامل عنده مع الأسرة -إن سعى لإيجادها- مبني على أنها وسيلة لمصلحة وتحقيق للذة وفقط؛ فهي كالعقد التجاري أو الشراكة المصلحية؛ لذا تجده يتبنى مفاهيم (الزواج المدني - تقاسم الثروة - زواج الشواذ - إلخ).
ومعلوم أن الأسرة في الإسلام تُبنى بين ذكر وأنثى لكلٍّ منها خصائصه التي تميزه، وقد تميز كلٌّ مَن الرجل والمرأة بخصائص ومَلَكَات وقدرات بدنية ونفسية، تجعل كلَّ واحد منهما منوطًا بصلاحياتٍ مناسبة له لأداء وظائف حياتية وحيوية معينة، لا يستطيع الآخر القيام بها، وهي سنة الله في الخلق جميعًا.
والتنكر لتلك الفروق والخصائص، غير جائز عقلًا وشرعًا وطبعًا؛ لما فيه من امتهان للفطرة وإنكار لظواهر طبيعية، بل إن العدالة والمصلحة تستوجب مراعاة تلك الخصائص الفطرية الطبيعية لكلٍّ من الرجل والمرأة، عند تقرير المسئوليات والتبعات والوظائف، التي يكلَّف بها ويؤديها كلٌّ منهما.
وقد جعل الله الخالق العدل -سبحانه وتعالى- الذي يعلم مَن خلق وهو اللطيف الخبير، حقوق وواجبات على كلِّ طرف في بناء الأسرة مناسبة لخصائصه التي خلقها الله عليه؛ فالمساواة المطلقة لا تعني العدل، بل العدل في الإسلام أن يُكلَّف كل فرد بما يطيق، وأن يأخذ مَن يستحق ما يستحق؛ وعليه فإن الزواج في الإسلام: رابطة شرعية مُحْكَمَة بين رجل وامرأة، على وجه الدوام والاستمرار، وتنعقد بالرضا والقبول الكامل بينهما، وَفْق الأحكام المفصلة شرعًا، ويبنى على مفاهيم السكن والمودة والرحمة.
فالسكن: يشمل الراحة والطمأنينة، والدفء والحماية.
والمودة: تشمل الإيثار والرأفة، والحب والعطاء المتبادل.
والرحمة: فوق ذلك من الإيثار والرأفة والحب بلا عوض.
والمقصد الأول من الزواج: تكوين الأسرة التي تهدف إلى حفظ النسل أو الجنس البشري، تعميرًا للأرض وتواصلًا للأجيال، حيث تعد المحضن الأول للأفراد، لا تقوم برعاية أجسادهم فقط، بل الأهم أنها تقوم بغرس القيم الدينية والخلقية في نفوسهم؛ لذلك تحث الشريعة الإسلامية وتعمل بتشريعاتها على ضمان استقرار الأسرة ورعاية أفرادها على المبادئ والقِيَم، وأسس الإنفاق الصحيح التي تحقق حياة سعيدة مستقرة للأفراد فيها.
كما تُوجِّه الشريعة الإسلامية إلى ضرورة تحمل المسئولية الجماعية؛ للحث على تكوين الأسر المستقرة، وذلك بالعمل على وضع الخطط والمناهج الصالحة للتشجيع على الزواج، وحل المشكلات المادية التي تعترض الزواج (كالسكن والبطالة، إلخ)، والتأكيد على عدم المغالاة في المهور، والإسراف في حفلات الزواج، ومحاربة العادات السيئة في مظاهرها.
والمستقر عند الجميع، -حتى عند أعداء الأمة- أن البناء الأسري الإسلامي هو مِن أعظم عوامل قوة المسلمين عبر العصور؛ لذا نجدهم يعملون بكلِّ ما أتوا من قوة -في محاولات مستمرة- على هدم بنيان الأسرة المسلمة عن طريق بث مفاهيم النسوية والذكورية في المجتمع، وإشعال نار الصراع الدائم بين الرجل والأنثى من خلال التغلغل الإعلامي، أو عن طريق منع الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوج والزوجة في الأسرة من خلال ما يقدَّم من مشاريع قوانين في البرلمانات العربية والإسلامية تتبناها المنظمات النسوية، أو منظمات المجتمع المدني ذات التمويل الغربي، والتي تهدف إلى تصعيب الزواج وبناء الأسر، أو إلى تفخيخ العلاقة بين الزوج وزوجته في الأُسَر القائمة، كأحد أهم وسائل تحقيق الفوضى المجتمعية التي تعد البديل التكتيكي عند الغرب الآن الممهِّد لمشروع الفوضى الخلاقة الإستراتيجي عندهم، والمراد لتقسيم الدول العربية والإسلامية -عافانا الله من شرهم-.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24-08-2023, 11:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,383
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأسرة بين الإسلام والغرب

الأسرة بين الإسلام والغرب (2)



كتبه/ سامح بسيوني

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمِن أمثلة المفاهيم والقوانين التي يحاول أعداء الأمة تمريرها في هذه الأوقات تحت غطاءات متنوعة؛ لتقويض نظام الأسرة في الإسلام، والقضاء عليه وهدمه:

أولًا: اقتسام مال الزوج عند الطلاق كما يحدث في الغرب:

حيث قُدِّمت بعض الاقتراحات، بأن تُجعَل في وثيقة الزواج مادة للاتفاق على النسبة التي تحصل عليها المرأة في حالة الطلاق من مال الزوج -كما يحدث في الدول الغربية من مقاسمة المال بين الرجل والمرأة بعد الطلاق-، مستندين في ذلك -تلبيسًا على الناس- إلى ما يسمى بفتوى "الكد والسعاية" المعروفة في المذهب المالكي في بلاد المغرب العربي، وهي فتوى خاصة لبعض المالكية في بعض مناطق المغرب التي يقوم العرف فيها على أن المرأة تعمل مع زوجها في ماله وتساهم في تنميته: كزراعة أرضه، وتربية ماشيته، وحيث يمكنها عند تقسيم الميراث، أن تدعي أنها لم تكن متطوعة، ومِن ثَمَّ يُقضَى لها بسهم في هذا المال.

وهذا الاستناد الذي يتبناه البعض لمحاولة إضفاء غطاء شرعي ديني على الغرض الأساسي -فكرة اقتسام المال التي تزهد في الزواج- يمكن دحضه بسهولة على النحو الآتي:

1- فتوى الكد والسعاية، ليست فتوى واحدة، وليست محل إجماع من المالكية عامة، بل ولا من مالكية المغرب خاصة.

2- فتاوى المالكية تتحدث عن عمل الزوجة في مال زوجها، وليس عن إنفاق مال، سواء كان عندها مال مدخر، أو مال اكتسبته من عمل عند الغير.

3- فتوى الكد والسعاية على هذا النحو لا تخص الزوجة، بل تتعلق بكل أفراد الأسرة ممن يساهم في تنمية المال بالعمل مع رب الأسرة.

4- فتوى الكد والسعاية بُنيت أساسًا عند بعض مالكية المغرب على تحرج المرأة أن تُطالب بذلك المقابل، وبالتالي فمن يطرح الآن اشتراط المرأة في عقد الزواج حصولها على مقابل الكد والسعاية، ينسف الأصل الذي بُنيت عليه الفتوى، وهو استشعار الزوجة للحرج!

5- القول باشتراط مسألة الكد والسعاية في وثيقة الزواج، قد يفُضي إلى فساد العقد، لجمعه بين معنى الزواج والشركة، أو الزواج والإجارة، أو الزواج والقرض، وهي الصور التي يمكن أن يظهر بها عمل المرأة، والذي يمكن توصيفه بأنه شراكة أو إيجار عمل أو قرض.

6- الأصل أن الشريعة الإسلامية جعلت لكلٍّ مِن الزوج والزوجة ذمة مالية مستقلة، وهو أمر مجمع عليه في الشريعة الإسلامية، والمهر يؤكد هذا؛ فهو شيء يدفعه الزوج من ماله إلى الزوجة ليصبح ملكًا لها لا يحق له إجبارها على أخذه، وفوق هذا أوجبت الشريعة أيضًا على الزوج النفقة على زوجته وإن كانت ذات مال، بخلاف ما درج عليه الغرب من اقتسام النفقة بينهم، واعتبار أن عقد الزواج كما لوكان متضمنًا عقد شركة يؤسسون عليه أن نماء مجموع ثروتي الزوج والزوجة هو ملك لهما مناصفة.

لذلك فمن يؤسس لمفهوم اقتسام الثروة هذا طبقًا للمفهوم الغربي في المجتمع المسلم لا مجال عنده حينئذٍ للمطالبة بوجوب مهر على الرجل، ولا وجوب نفقة عليه، فالنفقة ستكون من مجموع كسبهما، كما أنه لا مجال حينئذٍ أن يدفع الرجل نفقة حضانة للزوجة إن انفصلا أو طُلقت وذلك طبقًا لهذا المفهوم الغربي العفن، والذي لا يقول به مسلم.

7- الشريعة الإسلامية لا تمنع قطعًا من توعية الزوجة بحقوقها وما لها وما عليها على يد أوليائها أو على يد المأذون الذي يقوم بإجراءات العقد بينها وبين زوجها، بل تحث على ذلك من بيان أن لها ذمة مالية مستقلة، وأنها إن كانت موظفة مثلًا، أو لها مال خاص، أو يهبها ذووها مال وكانت ستنفق منه في البيت، فالأصل فيه أنه سيكون هذا تبرعًا منها، إلا إن اعتبرت ذلك قرضًا حسنًا يرده الزوج فيما بعد، فعليها أن تبيِّن هذا لزوجها.

وكذلك المرأة التي يحتاج زوجها إلى ذهبها أو يأتيها ميراثها فتضعه في البيت فعليها أن تبين أنها فعلت هذا على سبيل القرض ويرد بمثله، وأما مَن تعمل في مال زوجها -كرعاية زرعه وماشيته ونحو ذلك-، فعملها الأصل فيه التطوع، ويحق لها أن تطلب أجرة لذلك، وأما من تعمل في شيء يملكونه سويا أو في إحياء موات -استصلاح أرض مثلًا- أو غيره مما يحتمل الشركة فتطلب من زوجها المشاركة في الشركة بعقد شراكة تجاري.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30-08-2023, 03:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,383
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأسرة بين الإسلام والغرب

الأسرة بين الإسلام والغرب (3)



كتبه/ سامح بسيوني

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فما زلنا مع أمثلة للمفاهيم والقوانين التي يحاول أعداء الأمة تمريرها في هذه الأوقات تحت غطاءات متنوعة؛ لتقويض نظام الأسرة في الإسلام، والقضاء عليه وهدمه:

2- تقييد سن الزواج ومحاولات رفعه بصورة مستمرة:

من الأمثلة الأخرى التي تدفع فيها المنظمات النسوية المدعومة من الغرب، وتحارب من أجلها على كافة المستويات: "تقييد سن الزواج ومحاولة رفعه تدريجيًّا، ومنع تعدد الزوجات"؛ حيث يتم دعم هذا التوجه من الدول الغربية بكلِّ ما أوتيت من قوة تحت مزاعم حقوق المرأة -وكذبوا في ذلك-؛ فهذا تضييع لحق المرأة البالغة أو الأرملة أو المطلقة في تلبية احتياجاتها الفطرية والإنسانية والنفسية بطريقة شرعية تحفظها وتصونها من الانحراف والضياع.

وفي ذلك أيضًا دفع لتأخير زواج الشباب والفتيات، والذي يتم بناء عليه محاولاتهم لتفريغ شهواتهم الجبلية -في واقع مستعر بوسائل تحريك الشهوات- في غير مساراتها الشرعية، مما يؤدي إلى انتشار الزنا بين الشباب، واختلاط الأنساب، وكثرة أولاد الشوارع، والعلاقات في غير الإطار الشرعي والتي تساهم في كثرة حوادث القتل في المجتمع -كما يحدث الآن بكثرة بين الطلبة والطالبات في الجامعات-، وهذا كله يصب في إحداث الفوضى المجتمعية المرادة والمخطط لها من أعداء بلادنا.

والعجيب أنهم في ذلك يحاولون تمرير تلك المطالبات وفرضها دستوريًّا وقانونيًّا تحت قاعدة تستند على "حق الحاكم في تقييد المباح"، والتي يضعونها في غير محلها من أجل أن يمرروا بها توجهاتهم تلك في تقييد سنِّ الزواج أو منع التعدد؛ لذلك فإن بيان أمر هذه القاعدة من الأهمية بمكان حتى نعي الأمر على حقيقته؛ فإنه إن كان لولي الأمر "حق تقييد المباح للمصلحة العامة" كما بيَّن العلماء؛ إلا أن تقييد المباح بصورة الأمر العام بحيث لا يكون مختصًا بظرف أو حالة استثنائية ألجأته إليه -كفوات مصلحة عامة أخرى أو حدوث ضرر عام أخر- يُعد هذا التصرف من قبيل التشريع العام، وهذا ليس من صلاحية البشر.

وحيث إن الظروف والأحوال الطارئة التي تمر بالناس والمجتمعات لا تكون دائمة، وإنما تنتهي بعد فترة قد تطول أو تقصر؛ لذا ينبغي أن يكون التقييد أو الإلزام متعلقًا بذلك الظرف أو تلك الحالة، فيوجد بوجودها ويزول بزوالها؛ فإذا زال الظرف أو الحالة زال التقييد والإلزام، وأما التقييد أو الإلزام الدائم الذي لا يستند إلى ظرف معتبر ملجئ إليه، أو كان يستند إلى مصلحة متوهمة مصادمة للكتاب أو السنة أو الإجماع؛ فهو تشريع، وليس ذلك من صلاحية ولي الأمر المسلم أو غيره؛ فالتشريع حق خالص لله، كما أن مَن قال مِن العلماء بحق ولي الأمر في تقييد المباح جعل لذلك ضوابط، نتكلم عنها في المقال القادم -بإذن الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-09-2023, 10:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,383
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأسرة بين الإسلام والغرب

الأسرة بين الإسلام والغرب (4)



كتبه/ سامح بسيوني
فما زلنا مع أمثلة للمفاهيم والقوانين التي يحاول أعداء الأمة تمريرها في هذه الأوقات تحت غطاءات متنوعة؛ لتقويض نظام الأسرة في الإسلام، والقضاء عليه وهدمه، وكان من ذلك: تقييد سن الزواج استنادًا على قاعدة تقوم على حق الحاكم في تقييد المباح للمصلحة العامة -التي تكلمنا عنها في المقال السابق-.
وبقي أن نذكر أن مَن قال مِن العلماء بحقِّ ولي الأمر في تقييد المباح جعل لذلك ضوابط، من أهمها:
1- موافقة الشرع لتقييد ذلك المباح، فلا يجوز في تقييد المباح انقلابه حرامًا، ومنع جنسه وأصله، ومثال ذلك: إذا قلنا بجواز تنظيم النسل في بعض الحالات الخاصة؛ فلا يجوز أن يكون عامًّا، ولا يجوز أن يُمنع الإنجاب بالكلية.
2- لا بد من موافقة مقاصد الشريعة، والصلة بين تقييد المباح وبين مقاصد الشريعة صلة قوية جدًّا؛ فتقييد المباح يقصد به جريان الأحكام على وَفْق مقاصد الشريعة لا عكسها، ومنع الخلل والضرر الحاصل من الحكم إن قيل بإباحته على الإطلاق، فالشريعة وضعت لمصالح العباد، كما قال الإمام الشاطبي في (الموافقات): "استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد لا ينازع فيه الرازي ولا غيره، فإن الله -تعالى- يقول في بعثة الرسل وهو الأصل: (‌رُسُلًا ‌مُبَشِّرِينَ ‌وَمُنْذِرِينَ ‌لِئَلَّا ‌يَكُونَ ‌لِلنَّاسِ ‌عَلَى ‌اللَّهِ ‌حُجَّةٌ ‌بَعْدَ ‌الرُّسُلِ) (النساء: 165)، (‌وَمَا ‌أَرْسَلْنَاكَ ‌إِلَّا ‌رَحْمَةً ‌لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 107).
3- أن يكون تقييد المباح باجتهادٍ من العلماء المجتهدين الموثوقين؛ فلا يكون التقييد لمجرد كون المطلوب تقييده وجهة نظر، ثم يُبحث لها عن قاعدة تجيزها! بل لابد أن يكون الحاكم مستوفيًا لشروط العالم المجتهد؛ فمعروف أن حال مَن تولَّى شيئًا من أمور المسلمين متفاوت، فهو واحد من أربع:
أ- حاكم عالم عادل يعلم السنة من البدعة، والإيمان من الكفر، وهو عدل في حكمه، وهذا تجب طاعته في كل ما أمر به إلا ما علم أنه معصية.
ب- حاكم ليس بعالم، أو لم يكن عادلًا، أو لم يكن عالمًا ولا عادلًا، ولكن كان ما يقيمه من الدِّين أكثر مما يضيعه؛ فهذا تكون طاعته فيما عُلِم أنه طاعة، ومن المعروف.
ج- حاكم كان ما يضيعه من الدِّين أكثر مما يقيمه؛ فهذا النوع (يعان) فيما فيه مصالح المسلمين والخير وتطبيق الشرع، ولا يعاون على ما فيه الشر.
د- حاكم يحارب الدين؛ فهذا يُراعى معه عدم الإضرار بمصالح المسلمين، ومراعاة القدرة والعجز، والمصلحة والمفسدة، والنظر للمآلات.
والمقصود في هذا الشرط أن يكون تقييد المباح باجتهادٍ من العلماء المجتهدين الموثوقين؛ فكما لا يجوز للمرء أن يفتي نفسه بشيء من هذا القبيل، بل يلجأ إلى العلماء المجتهدين، فكذلك تقييد الحاكم للمباح بصفة عامة يجب أن يكون برأي أهله؛ أعني برجوعه للفقهاء المجتهدين في محله.
4- أن يكون تقييد المباح في أفراد المباح لا جنسه؛ فلا يمنع جنس المباح، فإن قيَّدنا شيئًا، فهذا التقييد يرجع إلى بعض أفراد الجنس، ولكن لا يجوز المنع بالكلية.
وللحديث بقية -إن شاء الله- في ذكر أمثلة على ذلك.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 79.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 76.08 كيلو بايت... تم توفير 3.05 كيلو بايت...بمعدل (3.86%)]