|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
![]() بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ المجلد السابع الحلقة (521) سُورَةُ الْقَمَرِ . صـ 475 إلى صـ 482 قوله تعالى : والمؤتفكة أهوى . المؤتفكة مفتعلة من الإفك ، وهو القلب والصرف ، والمراد بها قرى قوم لوط بدليل قوله في غير هذا الموضع : والمؤتفكات [ 9 \ 70 ] ، بالجمع . فهو من إطلاق المفرد وإرادة الجمع كما أوضحناه مرارا ، وأكثرنا من أمثلته في القرآن وفي كلام العرب [ ص: 475 ] وأحلنا عليه مرارا ، وإنما قيل لها : مؤتفكة ، لأن جبريل أفكها فائتفكت ، ومعنى أفكها أنه رفعها نحو السماء ثم قلبها جاعلا أعلاها أسفلها ، وجعل عاليها أسفلها هو ائتفاكها وإفكها . وقد أوضح تعالى هذا المعنى في سورة هود في قوله تعالى : فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة الآية [ 11 \ 82 ] . وقوله تعالى في سورة الحجر : فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل [ 15 \ 73 - 74 ] . وقد بينا قصة قوم لوط في هود والحجر ، وقوله في هذه الآية الكريمة : أهوى تقول العرب : هوى الشيء إذا انحدر من عال إلى أسفل . وأهواه غيره إذا ألقاه من العلو إلى السفل ، لأن الملك رفع قراهم ثم أهواها أي ألقاها تهوي إلى الأرض منقلبة أعلاها أسفلها . قوله تعالى : أزفت الآزفة . قد قدمنا الآيات الموضحة له في أول سورة النحل في الكلام على قوله تعالى : أتى أمر الله [ 16 \ 1 ] ، وفي سورة المؤمن في قوله تعالى : وأنذرهم يوم الآزفة [ 40 \ 18 ] . قوله تعالى : أفمن هذا الحديث تعجبون . قد قدمنا الآيات التي فيها إطلاق اسم الحديث على القرآن في سورة الطور في الكلام على قوله تعالى : فليأتوا بحديث مثله الآية [ 52 \ 34 ] . [ ص: 476 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . سُورَةُ الْقَمَرِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ . قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ النَّحْلِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : أَتَى أَمْرُ اللَّهِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَاضِعِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا . قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ . قَوْلُهُ تَعَالَى : يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي . قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ " يس " فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ [ 36 \ 51 ] ، وَفِي سُورَةِ " ق " فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا [ 50 \ 44 ] . قوله تعالى : يقول الكافرون هذا يوم عسر . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا [ 25 \ 24 ] ، وفي سورة الحج في الكلام على قوله تعالى : وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون [ 22 \ 47 ] . قوله تعالى : وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون . قرأ هذا الحرف ابن عامر : ففتحنا بتشديد التاء للتكثير ، وباقي السبعة بتخفيفها . وقد ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أن نبيه نوحا دعاه قائلا : إن قومه غلبوه [ ص: 477 ] سائلا ربه أن ينتصر له منهم ، وأن الله انتصر له منهم ، فأهلكهم بالغرق ، لأنه تعالى فتح أبواب السماء بماء منهمر أي متدفق منصب بكثرة وأنه تعالى فجر الأرض عيونا . وقوله : عيونا ، تمييز محول عن المفعول ، والأصل فجرنا عيون الأرض . والتفجير : إخراج الماء منها بكثرة ، و " أل " في قوله : فالتقى الماء للجنس ، ومعناه التقى ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قدر ، أي قدره الله وقضاه . وقيل : إن معناه أن الماء النازل من السماء والمتفجر من الأرض جعلهما الله بمقدار ليس أحدهما أكثر من الآخر . والأول أظهر . وما تضمنته هذه الآية الكريمة من دعاء نوح ربه - جل وعلا - أن ينتصر له من قومه فينتقم منهم ، وأن الله أجابه فانتصر له منهم فأهلكهم جميعا بالغرق في هذا الماء المتلقى من السماء والأرض - جاء موضحا في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى في الأنبياء : ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين [ 21 \ 76 - 77 ] . وقوله تعالى في الصافات : ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم إلى قوله : ثم أغرقنا الآخرين [ 37 \ 75 - 82 ] . وقد بين - جل وعلا - أن دعاء نوح فيه سؤاله الله أن يهلكهم إهلاكا مستأصلا . وتلك الآيات فيها بيان لقوله هنا : فانتصر وذلك كقوله تعالى : وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا [ 71 \ 26 - 27 ] ، وما دعا نوح على قومه إلا بعد أن أوحى الله إليه أنه لا يؤمن منهم أحد غير القليل الذي آمن ، وذلك في قوله تعالى : وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن [ 11 \ 36 ] ، وقد قال تعالى : وما آمن معه إلا قليل [ 11 \ 40 ] . وقوله تعالى : عيونا قرأه ابن كثير ، وابن عامر في رواية ابن ذكوان ، وعاصم في رواية شعبة ، وحمزة ، والكسائي : " عيونا " بكسر العين لمجانسة الياء . وقرأه نافع وأبو عمرو وابن عامر في رواية هشام ، وعاصم في رواية حفص " عيونا " بضم العين على الأصل . [ ص: 478 ] قوله تعالى : وحملناه على ذات ألواح ودسر . لم يبين هنا ذات الألواح والدسر ، ولكنه بين في مواضع أخر أن المراد وحملناه على سفينة ذات ألواح ، أي من الخشب ودسر : أي مسامير تربط بعض الخشب ببعض ، وواحد الدسر دسار ككتاب وكتب ، وعلى هذا القول أكثر المفسرين . وقال بعض العلماء وبعض أهل اللغة : الدسور الخيوط التي تشد بها ألواح السفينة . وقال بعض العلماء : الدسور جؤجؤ السفينة أي صدرها ومقدمها الذي تدسر به الماء أي تدفعه وتمخره به ، قالوا : هو من الدسر وهو الدفع . فمن الآيات الدالة على أن ذات الألواح والدسر السفينة - قوله تعالى : إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية [ 69 \ 11 ] ، أي السفينة ، كما أوضحناه في سورة الشورى في الكلام على قوله تعالى : ومن آياته الجواري في البحر كالأعلام [ 42 \ 32 ] . وقوله تعالى : فأنجيناه وأصحاب السفينة [ 29 \ 15 ] ، وقوله تعالى : وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون [ 36 \ 41 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . قوله تعالى : ولقد تركناها آية فهل من مدكر . الضمير في قوله تعالى : تركناها ، قال بعض العلماء : إنه عائد إلى هذه الفعلة العظيمة التي فعل بقوم نوح . والمعنى : ولقد تركنا فعلتنا بقوم نوح وإهلاكنا لهم آية لمن بعدهم ، لينزجروا ويكفوا عن تكذيب الرسل ، لئلا نفعل بهم مثل ما فعلنا بقوم نوح ، وكون هذه الفعلة آية - نص عليه تعالى بقوله : وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية [ 25 \ 37 ] ، وقوله تعالى : فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين [ 26 \ 119 - 121 ] . وقال بعض العلماء : الضمير في تركناها عائد إلى السفينة ، وكون سفينة نوح آية بينه الله تعالى في آيات من كتابه كقوله تعالى : فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين [ 29 \ 15 ] ، وقوله تعالى : وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون [ 36 \ 41 - 42 ] . [ ص: 479 ] قوله تعالى : ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر . قد قدمنا إيضاحه في سورة القتال في كلامنا الطويل على قوله تعالى : أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها [ 47 \ 24 ] . قوله تعالى : إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر . قد قدمنا الآيات الموضحة له ، وكلام أهل العلم في يوم النحس المستمر في سورة فصلت في الكلام على قوله تعالى : فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات [ 41 \ 16 ] . قوله تعالى : فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه . وقوله تعالى : أؤلقي الذكر عليه من بيننا . وقد قدمنا الآيات الموضحة لهما في الكلام على قوله تعالى : وعجبوا أن جاءهم منذر منهم [ 38 \ 4 ] ، وقوله تعالى : أؤنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري الآية [ 38 \ 8 ] . قوله تعالى : إنا مرسلو الناقة فتنة لهم . قوله : مرسلو الناقة ، أي : مخرجوها من الهضبة ، فتنة لهم أي ابتلاء واختبارا ، وهو مفعول من أجله ، لأنهم اقترحوا على صالح إخراج ناقة من صخرة ، وأنها إن خرجت لهم منها آمنوا به واتبعوه ، فأخرج الله الناقة من تلك الصخرة معجزة لصالح ، وفتنة لهم أي ابتلاء واختبارا ، وذلك أن تلك الناقة معجزة عاينوها ، وأن الله حذرهم على لسان نبيه صالح من أن يمسوها بسوء وأنهم إن تعرضوا لها بأذى أخذهم الله بعذابه . والمفسرون يقولون : إنهم قالوا له : إن أخرجت لنا من هذه الصخرة ناقة وبراء عشراء اتبعناك . وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن الله أرسل لهم هذه الناقة امتحانا واختبارا ، وأنهم إن تعرضوا لآية الله هذه ، التي هي الناقة بسوء أهلكهم - جاء موضحا في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى في سورة الأعراف : [ ص: 480 ] قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم [ 7 \ 73 ] ، وقوله تعالى في سورة هود عن صالح : ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب [ 11 \ 64 - 65 ] ، وقوله تعالى في الشعراء : قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم [ 26 \ 155 - 156 ] . وقد بين تعالى أنهم عقروا الناقة فجاءهم العذاب المستأصل في آيات من كتابه كقوله تعالى في الأعراف : فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم إلى قوله : فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين [ 7 \ 77 - 78 ] ، وقوله تعالى : فعقروها فأصبحوا نادمين فأخذهم العذاب [ 26 \ 157 - 158 ] ، وقوله : فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم الآية [ 91 \ 14 ] . وقد أوضحنا هذا غاية الإيضاح في سورة فصلت في الكلام على قوله تعالى : فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون الآية [ 41 \ 17 ] . قوله تعالى : ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر . قوله تعالى : ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر أي أخبر يا صالح ثمود أن الماء وهو ماء البئر التي كانت تشرب منها الناقة - قسمة بينهم ، فيوم للناقة ويوم لثمود ، فقوله : بينهم : أي بين الناقة وثمود ، وغلب العقلاء على الناقة كل شرب محتضر أي يحضره صاحبه ، فتحضر الناقة شرب يومها وتحضر ثمود شرب يومها . وما تضمنته هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آية أخرى وهي قوله تعالى في الشعراء : قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم [ 26 \ 155 ] ، وشرب الناقة هو الذي حذرهم منه صالح لئلا يتعرضوا له في قوله تعالى : فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها [ 91 \ 13 ] . قوله تعالى : فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر . قوله : فتعاطى ، قال أبو حيان في البحر : فتعاطى هو مطاوع عاطى ، وكأن [ ص: 481 ] هذه الفعلة تدافعها الناس وعاطاها بعضهم بعضا ، فتعاطاها قدار وتناول العقر بيده . انتهى محل الغرض منه . والعرب تقول : تعاطى كذا إذا فعله أو تناوله ، وعاطاه إذا تناوله ، ومنه قول حسان رضي الله عنه : كلتاهما حلب العصير فعاطني بزجاجة أرخاهما للمفصل وقوله : فعقر أي تعاطى عقر الناقة فعقرها ، فمفعولا الفعلين محذوفان تقديرهما كما ذكرنا ، وعبر عن عاقر الناقة هنا بأنه صاحبهم ، وعبر عنه في الشمس بأنه أشقاهم وذلك في قوله : إذ انبعث أشقاها [ 91 \ 14 ] . وهذه الآية الكريمة تشير إلى إزالة إشكال معروف في الآية . وإيضاح ذلك أن الله تعالى فيها نسب العقر لواحد لا لجماعة ، لأنه قال : فتعاطى فعقر بالإفراد مع أنه أسند عقر الناقة في آيات أخر إلى ثمود كلهم كقوله في سورة الأعراف : فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم الآية [ 7 \ 77 ] ، وقوله تعالى في هود : فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام [ 11 \ 65 ] ، وقوله في الشعراء : فعقروها فأصبحوا نادمين [ 26 \ 157 ] ، وقوله في الشمس : فكذبوه فعقروها [ 91 \ 14 ] . ووجه إشارة الآية إلى إزالة هذا الإشكال هو أن قوله تعالى : فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر يدل على أن ثمود اتفقوا كلهم على عقر الناقة ، فنادوا واحدا منهم لينفذ ما اتفقوا عليه ، أصالة عن نفسه ونيابة عن غيره . ومعلوم أن المتمالئين على العقر كلهم عاقرون ، وصحت نسبة العقر إلى المنفذ المباشر للعقر ، وصحت نسبته أيضا إلى الجميع ، لأنهم متمالئون كما دل عليه ترتيب تعاطي العقر بالفاء في قوله : فتعاطى فعقر على ندائهم صاحبهم لينوب عنهم في مباشرة العقر في قوله تعالى : فنادوا صاحبهم أي نادوه ليعقرها . وجمع بعض العلماء بين هذه الآيات بوجه آخر ، وهو أن إطلاق المجموع مرادا به بعضه - أسلوب عربي مشهور ، وهو كثير في القرآن وفي كلام العرب . وقد قدمنا في سورة الحجرات أن منه قراءة حمزة في قوله تعالى : فإن قاتلوكم فاقتلوهم [ 2 \ 191 ] [ ص: 482 ] بصيغة المجرد في الفعلين ، لأن من قتل ومات لا يمكن أن يؤمر بقتل قاتله ، بل المراد في إن قتلوا بعضكم فليقتلهم بعضكم الآخر ، ونظيره قول ابن مطيع : فإن تقتلونا عند حرة واقم فإنا على الإسلام أول من قتل أي فإن تقتلوا بعضنا ، وإن منه أيضا : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا [ 49 \ 14 ] ، لأن هذا في بعضهم دون بعض ، بدليل قوله تعالى : ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر إلى قوله : سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم [ 9 \ 99 ] . وقد قدمنا في الحجرات وغيرها أن من أصرح الشواهد العربية في ذلك قول الشاعر : فسيف بني عبس وقد ضربوا به نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد وقوله تعالى : فعقر : أي قتلها ، والعرب تطلق العقر على القتل والنحر والجرح ومنه قول امرئ القيس : تقول وقد مال الغبيط بنا معا عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل ومن إطلاق العقر على نحر الإبل لقرى الضيف - قول جرير : تعدون عقر الذيب أفضل مجدكم بني ضوطرى لولا الكمي المقنعا قوله تعالى : إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة . قد قدمنا الآيات الموضحة له بكثرة في سورة فصلت في الكلام على قوله تعالى : فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون [ 41 \ 17 ] . قوله تعالى : إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر . قوله : إنا أرسلنا عليهم حاصبا : قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى : ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء [ 25 \ 40 ] ، وقوله : إلا آل لوط نجيناهم بسحر قد قدمنا الآيات الموضحة له إيضاحا شافيا بكثرة . ![]()
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |