|
|||||||
| هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#11
|
||||
|
||||
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السابع تَفْسِيرِ سُّورَةِ آل عمران الحلقة (426) صــ 127 إلى صــ 141 ذكر من قال ذلك : 7659 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " يتلون آيات الله آناء الليل " ، أما " آناء الليل " ، فجوف الليل . [ ص: 127 ] وقال آخرون : بل عنى بذلك قوم كانوا يصلون العشاء الآخرة . ذكر من قال ذلك : 7660 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن الحسن بن يزيد العجلي ، عن عبد الله بن مسعود في قوله : " يتلون آيات الله آناء الليل " ، صلاة العتمة ، هم يصلونها ، ومن سواهم من أهل الكتاب لا يصليها . 7661 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال : حدثني يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن سليمان ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود قال : احتبس علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، كان عند بعض أهله ونسائه : فلم يأتنا لصلاة العشاء حتى ذهب ليل ، فجاء ومنا المصلي ومنا المضطجع ، فبشرنا وقال : "إنه لا يصلي هذه الصلاة أحد من أهل الكتاب! فأنزل الله : " ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون " [ ص: 128 ] 7662 - حدثني يونس قال : حدثنا علي بن معبد ، عن أبي يحيى الخراساني ، عن نصر بن طريف ، عن عاصم ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ننتظر العشاء - يريد العتمة - فقال لنا : ما على الأرض أحد من أهل الأديان ينتظر هذة الصلاة في هذا الوقت غيركم! قال : فنزلت : " ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون " [ ص: 129 ] وقال آخرون : بل عني بذلك قوم كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء . ذكر من قال ذلك : 7663 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور قال : بلغني أنها نزلت : " ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون " فيما بين المغرب والعشاء . قال أبو جعفر : وهذه الأقوال التي ذكرتها على اختلافها ، متقاربة المعاني . وذلك أن الله تعالى ذكره وصف هؤلاء القوم بأنهم يتلون آيات الله في ساعات الليل ، وهي آناؤه ، وقد يكون تاليها في صلاة العشاء تاليا لها آناء الليل ، وكذلك من تلاها فيما بين المغرب والعشاء ، ومن تلاها جوف الليل ، فكل تال له ساعات الليل . غير أن أولى الأقوال بتأويل الآية ، قول من قال : "عني بذلك تلاوة القرآن في صلاة العشاء " ، لأنها صلاة لا يصليها أحد من أهل الكتاب " ، فوصف الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأنهم يصلونها دون أهل الكتاب الذين كفروا بالله ورسوله . وأما قوله : " وهم يسجدون " ، فإن بعض أهل العربية زعم أن معنى "السجود " في هذا الموضع ، اسم الصلاة لا للسجود ، لأن التلاوة لا تكون في السجود ولا في الركوع . فكان معنى الكلام عنده : يتلون آيات الله آناء الليل وهم يصلون ، . وليس المعنى على ما ذهب إليه ، وإنما معنى الكلام : من أهل الكتاب أمة قائمة ، يتلون آيات الله آناء الليل في صلاتهم ، وهم مع ذلك يسجدون فيها ، ف "السجود " ، هو "السجود " المعروف في الصلاة . [ ص: 130 ] القول في تأويل قوله ( يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين ( 114 ) ) قال أبو جعفر : يعني بقوله جل وعز : " يؤمنون بالله واليوم الآخر " ، يصدقون بالله وبالبعث بعد الممات ، ويعلمون أن الله مجازيهم بأعمالهم ; وليسوا كالمشركين الذين يجحدون وحدانية الله ، ويعبدون معه غيره ، ويكذبون بالبعث بعد الممات ، وينكرون المجازاة على الأعمال والثواب والعقاب . وقوله : " ويأمرون بالمعروف " ، يقول : يأمرون الناس بالإيمان بالله ورسوله ، وتصديق محمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به . " وينهون عن المنكر " ، يقول : وينهون الناس عن الكفر بالله ، وتكذيب محمد وما جاءهم به من عند الله : يعني بذلك : أنهم ليسوا كاليهود والنصارى الذين يأمرون الناس بالكفر وتكذيب محمد فيما جاءهم به ، وينهونهم عن المعروف من الأعمال ، وهو تصديق محمد فيما أتاهم به من عند الله . " ويسارعون في الخيرات " ، يقول : ويبتدرون فعل الخيرات خشية أن يفوتهم ذلك قبل معاجلتهم مناياهم . ثم أخبر جل ثناؤه أن هؤلاء الذين هذه صفتهم من أهل الكتاب ، هم من عداد الصالحين ، لأن من كان منهم فاسقا ، قد باء بغضب من الله لكفره بالله وآياته ، وقتلهم الأنبياء بغير حق ، وعصيانه ربه واعتدائه في حدوده . [ ص: 131 ] القول في تأويل قوله تعالى ( وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين ( 115 ) ) قال أبو جعفر : اختلف القرأة في قراءة ذلك . فقرأته عامة قرأة الكوفة : ( وما يفعلوا من خير فلن يكفروه ) ، جميعا ، ردا على صفة القوم الذين وصفهم جل ثناؤه بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر . وقرأته عامة قرأة المدينة والحجاز وبعض قرأة الكوفة بالتاء في الحرفين جميعا : " وما تفعلوا من خير فلن تكفروه " ، بمعنى : وما تفعلوا ، أنتم أيها المؤمنون ، من خير فلن يكفركموه ربكم . وكان بعض قرأة البصرة يرى القراءتين في ذلك جائزا بالياء والتاء ، في الحرفين . قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك عندنا : " وما يفعلوا من خير فلن يكفروه " ، بالياء في الحرفين كليهما ، يعني بذلك الخبر عن الأمة القائمة ، التالية آيات الله . وإنما اخترنا ذلك ، لأن ما قبل هذه الآية من الآيات ، خبر عنهم . فإلحاق هذه الآية إذ كان لا دلالة فيها تدل على الانصراف عن صفتهم بمعاني الآيات قبلها ، أولى من صرفها عن معاني ما قبلها . وبالذي اخترنا من القراءة كان ابن عباس يقرأ . 7664 - حدثني أحمد بن يوسف التغلبي قال : حدثنا القاسم بن سلام قال : حدثنا حجاج ، عن هارون ، عن أبي عمرو بن العلاء قال : بلغني عن ابن عباس أنه كان يقرأهما جميعا بالياء . [ ص: 132 ] قال أبو جعفر : فتأويل الآية إذا ، على ما اخترنا من القراءة : وما تفعل هذه الأمة من خير ، وتعمل من عمل لله فيه رضى ، فلن يكفرهم الله ذلك ، يعني بذلك : فلن يبطل الله ثواب عملهم ذلك ، ولا يدعهم بغير جزاء منه لهم عليه ، ولكنه يجزل لهم الثواب عليه ، ويسني لهم الكرامة والجزاء . وقد دللنا على معنى "الكفر " فيما مضى قبل بشواهده ، وأن أصله تغطية الشيء فكذلك ذلك في قوله : " فلن يكفروه " ، فلن يغطى على ما فعلوا من خير فيتركوا بغير مجازاة ، ولكنهم يشكرون على ما فعلوا من ذلك ، فيجزل لهم الثواب فيه . وبنحو ما قلنا في ذلك من التأويل تأول من تأول ذلك من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 7665 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "وما تفعلوا من خير فلن تكفروه " يقول : لن يضل عنكم . 7666 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بمثله . وأما قوله : " والله عليم بالمتقين " ، فإنه يقول تعالى ذكره : والله ذو علم بمن اتقاه ، لطاعته واجتناب معاصيه ، وحافظ أعمالهم الصالحة حتى يثيبهم عليها ويجازيهم بها ، تبشيرا منه لهم جل ذكره في عاجل الدنيا ، وحضا لهم على التمسك بالذي هم عليه من صالح الأخلاق التي ارتضاها لهم . [ ص: 133 ] القول في تأويل قوله ( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( 116 ) ) قال أبو جعفر : وهذا وعيد من الله عز وجل للأمة الأخرى الفاسقة من أهل الكتاب ، الذين أخبر عنهم بأنهم فاسقون ، وأنهم قد باءوا بغضب منه ، ولمن كان من نظرائهم من أهل الكفر بالله ورسوله وما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله . يقول تعالى ذكره : " إن الذين كفروا " ، يعني : الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وكذبوا به وبما جاءهم به من عند الله " لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا " ، يعني : لن تدفع أمواله التي جمعها في الدنيا ، وأولاده الذين رباهم فيها ، شيئا من عقوبة الله يوم القيامة إن أخرها لهم إلى يوم القيامة ، ولا في الدنيا إن عجلها لهم فيها . وإنما خص أولاده وأمواله ، لأن أولاد الرجل أقرب أنسبائه إليه ، وهو على ماله أقدر منه على مال غيره ، وأمره فيه أجوز من أمره في مال غيره . فإذا لم يغن عنه ولده لصلبه ، وماله الذي هو نافذ الأمر فيه ، فغير ذلك من أقربائه وسائر أنسبائه وأموالهم ، أبعد من أن تغني عنه من الله شيئا . ثم أخبر جل ثناؤه أنهم هم أهل النار الذين هم أهلها بقوله : " وأولئك أصحاب النار " . وإنما جعلهم أصحابها ، لأنهم أهلها الذين لا يخرجون منها ولا يفارقونها ، [ ص: 134 ] كصاحب الرجل الذي لا يفارقه ، وقرينه الذي لا يزايله . ثم وكد ذلك بإخباره عنهم إنهم "فيها خالدون " ، أن صحبتهم إياها صحبة لا انقطاع لها ، إذ كان من الأشياء ما يفارق صاحبه في بعض الأحوال ، ويزايله في بعض الأوقات ، وليس كذلك صحبة الذين كفروا النار التي أصلوها ، ولكنها صحبة دائمة لا نهاية لها ولا انقطاع . نعوذ بالله منها ومما قرب منها من قول وعمل . القول في تأويل قوله ( مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : شبه ما ينفق الذين كفروا ، أي : شبه ما يتصدق به الكافر من ماله ، فيعطيه من يعطيه على وجه القربة إلى ربه وهو لوحدانية الله جاحد ، ولمحمد صلى الله عليه وسلم مكذب ، في أن ذلك غير نافعه مع كفره ، وأنه مضمحل عند حاجته إليه ، ذاهب بعد الذي كان يرجو من عائدة نفعه عليه كشبه ريح فيها برد شديد ، أصابت هذه الريح التي فيها البرد الشديد " حرث قوم " ، يعني : زرع قوم قد أملوا إدراكه ، ورجوا ريعه وعائدة نفعه " ظلموا أنفسهم " ، يعني : أصحاب الزرع ، عصوا الله ، وتعدوا حدوده "فأهلكته " ، يعني : فأهلكت الريح التي فيها الصر زرعهم ذلك ، بعد الذي كانوا عليه من الأمل ورجاء عائدة نفعه عليهم . [ ص: 135 ] يقول تعالى ذكره : فكذلك فعل الله بنفقة الكافر وصدقته في حياته ، حين يلقاه ، يبطل ثوابها ويخيب رجاؤه منها . وخرج المثل للنفقة ، والمراد ب "المثل " صنيع الله بالنفقة ، فبين ذلك قوله : " كمثل ريح فيها صر " ، فهو كما قد بينا في مثله قوله : ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ) [ سورة البقرة : 17 ] وما أشبه ذلك . قال أبو جعفر : فتأويل الكلام : مثل إبطال الله أجر ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا ، كمثل ريح فيها صر . وإنما جاز ترك ذكر "إبطال الله أجر ذلك " ، لدلالة آخر الكلام عليه ، وهو قوله : " كمثل ريح فيها صر " ، ولمعرفة السامع ذلك معناه . واختلف أهل التأويل في معنى "النفقة " التي ذكرها في هذه الآية . فقال بعضهم : هي النفقة المعروفة في الناس . ذكر من قال ذلك : 7667 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله عز وجل : " مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا " ، قال : نفقة الكافر في الدنيا . وقال آخرون : بل ذلك قوله الذي يقوله بلسانه ، مما لا يصدقه بقلبه . ذكر من قال ذلك : 7668 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثني أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته " ، يقول : مثل ما يقول فلا يقبل [ ص: 136 ] منه ، كمثل هذا الزرع إذا زرعه القوم الظالمون ، فأصابه ريح فيها صر ، أصابته فأهلكته . فكذلك أنفقوا فأهلكهم شركهم . وقد بينا أولى ذلك بالصواب قبل . وقد تقدم بياننا تأويل "الحياة الدنيا " بما فيه الكفاية من إعادته في هذا الموضع . وأما "الصر " فإنه شدة البرد ، وذلك بعصوف من الشمال في إعصار الطل والأنداء ، في صبيحة معتمة بعقب ليلة مصحية ، كما : 7669 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن عثمان بن غياث قال : سمعت عكرمة يقول : " ريح فيها صر " ، قال : برد شديد . 7670 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج ، قال ابن عباس : " ريح فيها صر " ، قال : برد شديد وزمهرير . 7671 - حدثنا علي بن داود قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : " ريح فيها صر " ، يقول : برد . 7672 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه ، عن ابن عباس : "الصر " ، البرد . 7673 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " كمثل ريح فيها صر " ، أي : برد شديد . 7674 - حدثت عن عمار ، عن ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، مثله . 7675 - حدثنا محمد قال : حدثنا أحمد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي في "الصر " ، البرد الشديد . [ ص: 137 ] 7676 - حدثنا محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثنا عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " كمثل ريح فيها صر " ، يقول : ريح فيها برد . 7677 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : " ريح فيها صر " ، قال : "صر " ، باردة أهلكت حرثهم . قال : والعرب تدعوها "الضريب " ، تأتي الريح باردة فتصبح ضريبا قد أحرق الزرع ، تقول : "قد ضرب الليلة " أصابه ضريب تلك الصر التي أصابته . 7678 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا جويبر ، عن الضحاك : " ريح فيها صر " ، قال : ريح فيها برد . القول في تأويل قوله ( وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون ( 117 ) ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : وما فعل الله بهؤلاء الكفار ما فعل بهم ، من إحباطه ثواب أعمالهم وإبطاله أجورها ظلما منه لهم يعني : وضعا منه لما فعل بهم من ذلك في غير موضعه وعند غير أهله ، بل وضع فعله ذلك في موضعه ، وفعل بهم ما هم أهله . لأن عملهم الذي عملوه لم يكن لله وهم له بالوحدانية دائنون ، ولأمره متبعون ، ولرسله مصدقون ، بل كان ذلك منهم وهم به مشركون ، ولأمره مخالفون ، ولرسله مكذبون ، بعد تقدم منه إليهم أنه لا يقبل عملا من عامل إلا مع إخلاص التوحيد له ، والإقرار بنبوة أنبيائه ، وتصديق ما جاءوهم به ، وتوكيده الحجج بذلك عليهم . فلم يكن بفعله ما فعل بمن كفر به وخالف أمره في ذلك بعد [ ص: 138 ] الإعذار إليه ، من إحباط وفر عمله له ظالما ، بل الكافر هو الظالم نفسه ، لإكسابها من معصية الله وخلاف أمره ، ما أوردها به نار جهنم ، وأصلاها به سعير سقر . القول في تأويل قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم ) قال أبو جعفر : يعني بذلك تعالى ذكره : يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ، وأقروا بما جاءهم به نبيهم من عند ربهم " لا تتخذوا بطانة من دونكم " ، يقول : لا تتخذوا أولياء وأصدقاء لأنفسكم " من دونكم " يقول : من دون أهل دينكم وملتكم ، يعني من غير المؤمنين . وإنما جعل "البطانة " مثلا لخليل الرجل ، فشبهه بما ولي بطنه من ثيابه ، لحلوله منه - في اطلاعه على أسراره وما يطويه عن أباعده وكثير من أقاربه - محل ما ولي جسده من ثيابه . فنهى الله المؤمنين به أن يتخذوا من الكفار به أخلاء وأصفياء ، ثم عرفهم ما هم عليه لهم منطوون من الغش والخيانة ، وبغيهم إياهم الغوائل ، فحذرهم بذلك منهم ومن [ ص: 139 ] مخالتهم ، فقال تعالى ذكره : " لا يألونكم خبالا " ، يعني لا يستطيعونكم شرا ، من "ألوت آلو ألوا " ، يقال : "ما ألا فلان كذا " ، أي : ما استطاع ، كما قال الشاعر : جهراء لا تألو ، إذا هي أظهرت ، بصرا ، ولا من عيلة تغنيني يعني : لا تستطيع عند الظهر إبصارا . وإنما يعني جل ذكره بقوله : " لا يألونكم خبالا " ، البطانة التي نهى المؤمنين [ ص: 140 ] عن اتخاذها من دونهم ، فقال : إن هذه البطانة لا تترككم طاقتها خبالا أي لا تدع جهدها فيما أورثكم الخبال . وأصل "الخبل " و"الخبال " ، الفساد ، ثم يستعمل في معان كثيرة ، يدل على ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : 7679 - " من أصيب بخبل أو جراح " . وأما قوله : " ودوا ما عنتم " ، فإنه يعني : ودوا عنتكم ، يقول : يتمنون لكم العنت والشر في دينكم وما يسوءكم ولا يسركم . وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين كانوا يخالطوهم حلفائهم من اليهود وأهل النفاق منهم ، ويصافونهم المودة بالأسباب التي كانت بينهم في جاهليتهم قبل الإسلام ، فنهاهم الله عن ذلك وأن يستنصحوهم في شيء من أمورهم . ذكر من قال ذلك : [ ص: 141 ] 7680 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، قال : قال محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من اليهود ، لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية ، فأنزل الله عز وجل فيهم ، ينهاهم عن مباطنتهم تخوف الفتنة عليهم منهم : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم " إلى قوله : " وتؤمنون بالكتاب كله " . 7681 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله عز وجل : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا " ، في المنافقين من أهل المدينة . نهى الله عز وجل المؤمنين أن يتولوهم . 7682 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم " ، نهى الله عز وجل المؤمنين أن يستدخلوا المنافقين ، أو يؤاخوهم ، أو يتولوهم من دون المؤمنين . 7683 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : " لا تتخذوا بطانة من دونكم " ، هم المنافقون . ![]()
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 0 والزوار 20) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |