|
|||||||
| هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#11
|
||||
|
||||
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس تَفْسِيرِ سُّورَةِ آل عمران الحلقة (416) صــ 566 إلى صــ 579 [ ص: 566 ] وقال آخرون ; عنى بإسلام الكاره منهم ، سجود ظله . ذكر من قال ذلك : 7346 - حدثنا سوار بن عبد الله قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن ليث ، عن مجاهد في قول الله - عز وجل - : " وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها " قال : الطائع المؤمن و " كرها " ظل الكافر . 7347 - حدثني محمد بن عمرو قال حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " طوعا وكرها " قال : سجود المؤمن طائعا ، وسجود الكافر وهو كاره . 7348 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " كرها " قال : سجود المؤمن طائعا ، وسجود ظل الكافر وهو كاره . 7349 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير ، عن مجاهد قال : سجود وجهه طائعا ، وظله كارها . وقال آخرون : بل إسلامه بقلبه في مشيئة الله ، واستقادته لأمره وإن أنكر ألوهته بلسانه . ذكر من قال ذلك : 7350 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر : " وله أسلم من في السموات والأرض " قال : استقاد كلهم له . [ ص: 567 ] وقال آخرون : عنى بذلك إسلام من أسلم من الناس كرها ، حذر السيف على نفسه . ذكر من قال ذلك : 7351 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا عباد بن منصور ، عن الحسن في قوله : " وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها " الآية كلها ، فقال : أكره أقوام على الإسلام ، وجاء أقوام طائعين . 7352 - حدثني الحسن بن قزعة الباهلي قال : حدثنا روح بن عطاء ، عن مطر الوراق في قول الله - عز وجل - : " وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه ترجعون " قال : الملائكة طوعا ، والأنصار طوعا ، وبنو سليم وعبد القيس طوعا ، والناس كلهم كرها . وقال آخرون معنى ذلك : أن أهل الإيمان أسلموا طوعا ، وأن الكافر أسلم في حال المعاينة ، حين لا ينفعه إسلام ، كرها . ذكر من قال ذلك : 7353 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " أفغير دين الله تبغون " الآية ، فأما المؤمن فأسلم طائعا فنفعه ذلك ، وقبل منه ، وأما الكافر فأسلم كارها حين لا ينفعه ذلك ، ولا يقبل منه . 7354 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها " قال : أما المؤمن فأسلم طائعا ، وأما الكافر فأسلم حين رأى بأس الله ، ( فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ) [ سورة غافر : 85 ] . [ ص: 568 ] وقال آخرون : معنى ذلك : أي : عبادة الخلق لله - عز وجل - . ذكر من قال ذلك : 7355 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " أفغير دين الله تبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها " قال : عبادتهم لي أجمعين طوعا وكرها ، وهو قوله : ( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) [ سورة الرعد : 15 ] . وأما قوله : " وإليه ترجعون " فإنه يعني : " وإليه " يا معشر من يبتغي غير الإسلام دينا من اليهود والنصارى وسائر الناس " ترجعون " يقول : إليه تصيرون بعد مماتكم ، فمجازيكم بأعمالكم ، المحسن منكم بإحسانه ، والمسيء بإساءته . وهذا من الله - عز وجل - تحذير خلقه أن يرجع إليه أحد منهم فيصير إليه بعد وفاته على غير ملة الإسلام . [ ص: 569 ] القول في تأويل قوله ( قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ( 84 ) ) قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : " أفغير دين الله تبغون " يا معشر اليهود ، " وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه ترجعون " فإن ابتغوا غير دين الله ، يا محمد ، فقل لهم : " آمنا بالله " فترك ذكر قوله : " فإن قالوا : نعم " أو ذكر قوله : " فإن ابتغوا غير دين الله " لدلالة ما ظهر من الكلام عليه . وقوله : " قل آمنا بالله " يعني به : قل لهم ، يا محمد ، : صدقنا بالله أنه ربنا وإلهنا ، لا إله غيره ، ولا نعبد أحدا سواه " وما أنزل علينا " يقول : وقل : وصدقنا أيضا بما أنزل علينا من وحيه وتنزيله ، فأقررنا به " وما أنزل على إبراهيم " يقول : وصدقنا أيضا بما أنزل على إبراهيم خليل الله ، وعلى ابنيه إسماعيل وإسحاق ، وابن ابنه يعقوب وبما أنزل على " الأسباط " وهم ولد يعقوب الاثنا عشر ، وقد بينا أسماءهم بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . " وما أوتي موسى وعيسى " يقول : وصدقنا أيضا مع ذلك بالذي أنزل الله على موسى وعيسى من الكتب والوحي ، وبما أنزل على النبيين من عنده . والذي آتى الله موسى وعيسى مما أمر الله - عز وجل - محمدا بتصديقهما فيه ، والإيمان به التوراة التي آتاها موسى ، والإنجيل الذي أتاه عيسى . " لا نفرق بين أحد منهم " يقول : لا نصدق بعضهم ونكذب بعضهم ، [ ص: 570 ] ولا نؤمن ببعضهم ونكفر ببعضهم ، كما كفرت اليهود والنصارى ببعض أنبياء الله وصدقت بعضا ، ولكنا نؤمن بجميعهم ، ونصدقهم " ونحن له مسلمون " . يعني : ونحن ندين لله بالإسلام لا ندين غيره ، بل نتبرأ إليه من كل دين سواه ، ومن كل ملة غيره . ويعني بقوله : " ونحن له مسلمون " . ونحن له منقادون بالطاعة ، متذللون بالعبودة ، مقرون له بالألوهة والربوبية ، وأنه لا إله غيره . وقد ذكرنا الرواية بمعنى ما قلنا في ذلك فيما مضى ، وكرهنا إعادته . القول في تأويل قوله ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ( 85 ) ) قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : ومن يطلب دينا غير دين الإسلام ليدين به ، فلن يقبل الله منه " وهو في الآخرة من الخاسرين " يقول : من الباخسين أنفسهم حظوظها من رحمة الله - عز وجل - . وذكر أن أهل كل ملة ادعوا أنهم هم المسلمون ، لما نزلت هذه الآية ، فأمرهم الله بالحج إن كانوا صادقين ، لأن من سنة الإسلام الحج ، فامتنعوا ، فأدحض الله بذلك حجتهم . [ ص: 571 ] ذكر الخبر بذلك : 7356 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح قال : زعم عكرمة : " ومن يبتغ غير الإسلام دينا " فقالت الملل : نحن المسلمون ! فأنزل الله - عز وجل - : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) [ سورة آل عمران : 97 ] ، فحج المسلمون ، وقعد الكفار . 7357 - حدثني المثنى قال : حدثنا القعنبي قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن عكرمة قال : " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه " قالت اليهود : فنحن المسلمون ! فأنزل الله - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - يحجهم أن : ( لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) . 7358 - حدثني يونس قال : أخبرنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن عكرمة قال : لما نزلت : " ومن يبتغ غير الإسلام دينا " إلى آخر الآية ، قالت اليهود : فنحن مسلمون ! قال الله - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : قل لهم إن : ( لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر ) من أهل الملل ( فإن الله غني عن العالمين ) . وقال آخرون : في هذه الآية بما : - 7359 - حدثنا به المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني [ ص: 572 ] معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر ) إلى قوله : ( ولا هم يحزنون ) [ سورة البقرة : 62 ] ، فأنزل الله - عز وجل - بعد هذا : " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه " . القول في تأويل قوله ( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ( 87 ) خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون ( 88 ) إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ( 89 ) ) اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية ، وفيمن نزلت . فقال بعضهم : نزلت في الحارث بن سويد الأنصاري ، وكان مسلما فارتد بعد إسلامه . ذكر من قال ذلك : 7360 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع البصري قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك ، ثم ندم فأرسل إلى قومه : أرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، هل لي من توبة ؟ قال : فنزلت : " كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم " إلى قوله [ ص: 573 ] : " وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم " فأرسل إليه قومه فأسلم . 7361 - حدثني ابن المثنى قال : حدثني عبد الأعلى قال : حدثنا داود ، عن عكرمة بنحوه ، ولم يرفعه إلى ابن عباس إلا أنه قال : فكتب إليه قومه ، فقال : ما كذبني قومي ! فرجع . 7362 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا حكيم بن جميع ، عن علي بن مسهر ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ارتد رجل من الأنصار ، فذكر نحوه . 7363 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا جعفر بن سليمان قال : أخبرنا حميد الأعرج ، عن مجاهد قال : جاء الحارث بن سويد فأسلم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم كفر الحارث فرجع إلى قومه ، فأنزل الله - عز وجل - فيه القرآن : " كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم " إلى " إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم " قال : فحملها إليه رجل من قومه فقرأها عليه ، فقال الحارث : إنك والله ما علمت لصدوق ، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصدق منك ، وإن الله - عز وجل - لأصدق الثلاثة . قال : فرجع الحارث فأسلم فحسن إسلامه . 7364 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق " قال : أنزلت في الحارث بن سويد الأنصاري ، كفر بعد إيمانه ، فأنزل الله - عز وجل - فيه هذه الآيات ، إلى : " أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " [ ص: 574 ] ثم تاب وأسلم ، فنسخها الله عنه ، فقال : " إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم " . 7365 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله - عز وجل - : " كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات " قال : رجل من بني عمرو بن عوف ، كفر بعد إيمانه . 7366 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله . 7367 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قال : هو رجل من بني عمرو بن عوف ، كفر بعد إيمانه قال ابن جريج ، أخبرني عبد الله بن كثير ، عن مجاهد قال : لحق بأرض الروم فتنصر ، ثم كتب إلى قومه : " أرسلوا ، هل لي من توبة ؟ " قال : فحسبت أنه آمن ، ثم رجع قال ابن جريج ، قال عكرمة ، نزلت في أبي عامر الراهب ، والحارث بن سويد بن الصامت ، ووحوح بن الأسلت في اثني عشر رجلا رجعوا عن الإسلام ولحقوا بقريش ، ثم كتبوا إلى أهلهم : هل لنا من توبة ؟ فنزلت : " إلا الذين تابوا من بعد ذلك " الآيات . وقال آخرون : عنى بهذه الآية أهل الكتاب ، وفيهم نزلت . ذكر من قال ذلك : 7368 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم " فهم أهل الكتاب ، عرفوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - ثم كفروا به . [ ص: 575 ] 7369 - حدثنا محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا عباد بن منصور ، عن الحسن في قوله : " كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم " الآية كلها . قال : اليهود والنصارى . 7370 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان الحسن يقول في قوله : " كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم " الآية ، هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، رأوا نعت محمد - صلى الله عليه وسلم - في كتابهم وأقروا به ، وشهدوا أنه حق ، فلما بعث من غيرهم حسدوا العرب على ذلك فأنكروه ، وكفروا بعد إقرارهم ، حسدا للعرب ، حين بعث من غيرهم . 7371 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الحسن في قوله : " كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم " قال : هم أهل الكتاب ، كانوا يجدون محمدا - صلى الله عليه وسلم - في كتابهم ، ويستفتحون به ، فكفروا بعد إيمانهم . قال أبو جعفر : وأشبه القولين بظاهر التنزيل ما قال الحسن من أن هذه الآية معني بها أهل الكتاب على ما قال . غير أن الأخبار بالقول الآخر أكثر ، والقائلين به أعلم بتأويل القرآن . وجائز أن يكون الله - عز وجل - أنزل هذه الآيات بسبب القوم الذين ذكر أنهم كانوا ارتدوا عن الإسلام ، فجمع قصتهم وقصة من كان سبيله سبيلهم في ارتداده عن الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآيات . ثم عرف عباده سنته فيهم ، فيكون داخلا في ذلك كل من كان مؤمنا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يبعث ، ثم كفر به بعد أن بعث ، وكل من كان كافرا ثم أسلم على عهده - صلى الله عليه وسلم - ثم ارتد وهو حي عن [ ص: 576 ] إسلامه . فيكون معنيا بالآية جميع هذين الصنفين وغيرهما ممن كان بمثل معناهما ، بل ذلك كذلك إن شاء الله . فتأويل الآية إذا : " كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم " يعني : كيف يرشد الله للصواب ويوفق للإيمان قوما جحدوا نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - " بعد إيمانهم " أي : بعد تصديقهم إياه ، وإقرارهم بما جاءهم به من عند ربه " وشهدوا أن الرسول حق " يقول : وبعد أن أقروا أن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خلقه حقا " وجاءهم البينات " يعني : وجاءهم الحجج من عند الله والدلائل بصحة ذلك ؟ " والله لا يهدي القوم الظالمين " يقول : والله لا يوفق للحق والصواب الجماعة الظلمة ، وهم الذين بدلوا الحق إلى الباطل ، فاختاروا الكفر على الإيمان . وقد دللنا فيما مضى قبل على معنى " الظلم " - وأنه وضع الشيء في غير موضعه - بما أغنى عن إعادته . " أولئك جزاؤهم " يعني : هؤلاء الذين كفروا بعد إيمانهم ، وبعد أن شهدوا أن الرسول حق - " جزاؤهم " ثوابهم من عملهم الذي عملوه " أن عليهم لعنة الله " يعني : أن يحل بهم من الله الإقصاء والبعد ، ومن الملائكة والناس الدعاء بما يسوؤهم من العقاب " أجمعين " يعني : من جميعهم لا من [ ص: 577 ] بعض من سماه - جل ثناؤه - من الملائكة والناس ، ولكن من جميعهم . وإنما جعل ذلك - جل ثناؤه - ثواب عملهم ؛ لأن عملهم كان بالله كفرا . وقد بينا صفة " لعنة الناس " الكافر في غير هذا الموضع ، بما أغنى عن إعادته . " خالدين فيها " يعني : ماكثين فيها ، يعني في عقوبة الله " لا يخفف عنهم العذاب " لا ينقصون من العذاب شيئا في حال من الأحوال ، ولا ينفسون فيه " ولا هم ينظرون " يعني : ولا هم ينظرون لمعذرة يعتذرون . وذلك كله عين الخلود في العقوبة في الآخرة . ثم استثنى - جل ثناؤه - الذين تابوا من هؤلاء الذين كفروا بعد إيمانهم فقال - تعالى ذكره - : " إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا " يعني : إلا الذين تابوا [ ص: 578 ] من بعد ارتدادهم عن إيمانهم ، فراجعوا الإيمان بالله وبرسوله ، وصدقوا بما جاءهم به نبيهم - صلى الله عليه وسلم - من عند ربهم " وأصلحوا " يعني : وعملوا الصالحات من الأعمال " فإن الله غفور رحيم " يعني : فإن الله لمن فعل ذلك بعد كفره " غفور " يعني : ساتر عليه ذنبه الذي كان منه من الردة ، فتارك عقوبته عليه ، وفضيحته به يوم القيامة ، غير مؤاخذه به إذا مات على التوبة منه . " رحيم " متعطف عليه بالرحمة . القول في تأويل قوله ( إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون ( 90 ) ) قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك . فقال بعضهم : عنى الله - عز وجل - بقوله : " إن الذين كفروا " ببعض أنبيائه الذين بعثوا قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - " بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا " بكفرهم بمحمد " لن تقبل توبتهم " عند حضور الموت وحشرجته بنفسه . ذكر من قال ذلك : 7372 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا عباد بن منصور ، عن الحسن في قوله : " إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون " قال : اليهود والنصارى ، لن تقبل توبتهم عند الموت . 7373 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، [ ص: 579 ] قوله : " إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا " أولئك أعداء الله اليهود كفروا بالإنجيل وبعيسى ، ثم ازدادوا كفرا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - والفرقان . 7374 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " ثم ازدادوا كفرا " قال : ازدادوا كفرا حتى حضرهم الموت ، فلم تقبل توبتهم حين حضرهم الموت . قالمعمر : وقال مثل ذلك عطاء الخراساني . 7375 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن قتادة قوله : " إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون " وقال : هم اليهود كفروا بالإنجيل ، ثم ازدادوا كفرا حين بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - ، فأنكروه وكذبوا به . وقال آخرون : معنى ذلك : إن الذين كفروا من أهل الكتاب بمحمد بعد إيمانهم بأنبيائهم " ثم ازدادوا كفرا " يعني : ذنوبا " لن تقبل توبتهم " من ذنوبهم ، وهم على الكفر مقيمون . ذكر من قال ذلك : 7376 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا داود ، عن رفيع : " إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا " ازدادوا ذنوبا وهم كفار " لن تقبل توبتهم " من تلك الذنوب ما كانوا على كفرهم وضلالتهم . 7377 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن داود قال : سألت أبا العالية قال : قلت : " إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم " ؟ قال : إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا ، ثم ازدادوا كفرا بذنوب أصابوها ، فهم يتوبون منها في كفرهم . ![]()
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |