|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
![]() بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ المجلد السابع الحلقة (490) سُورَةُ الْأَحْقَافِ صـ 227 إلى صـ 234 [ ص: 227 ] وقوله : حق عليهم القول أي وجبت عليهم كلمة العذاب . وقد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في سورة " يس " في الكلام على قوله - تعالى - : لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون [ 36 \ 7 ] . وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن منكري البعث يحق عليهم القول لكفرهم - قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " الفرقان " في الكلام على قوله - تعالى - : وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا [ 25 \ 11 ] . قوله - تعالى - : ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون . معنى الآية الكريمة أنه يقال للكفار يوم يعرضون على النار : أذهبتم طيباتكم . فقول : يعرضون على النار - قال بعض العلماء : معناه يباشرون حرها ، كقول العرب : عرضهم على السيف إذا قتلهم به ، وهو معنى معروف في كلام العرب . وقد ذكر - تعالى - مثل ما ذكر هنا في قوله : ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق [ 46 \ 34 ] وهذا يدل على أن المراد بالعرض مباشرة العذاب ; لقوله : قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون [ 6 ] . وقوله - تعالى - : وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا [ 40 \ 45 - 46 ] ; لأنه عرض عذاب . وقال بعض العلماء : معنى عرضهم على النار هو تقريبهم منها ، والكشف لهم عنها حتى يروها ، كما قال - تعالى - : ورأى المجرمون النار الآية [ 18 \ 53 ] . وقال - تعالى - : وجيء يومئذ بجهنم [ 89 \ 23 ] . وقال بعض العلماء في الكلام قلب ، وهو مروي عن ابن عباس وغيره . قالوا : والمعنى : ويوم تعرض النار على الذين كفروا . قالوا : وهو كقول العرب : عرضت الناقة على الحوض . يعنون عرضت الحوض على الناقة ، ويدل لهذا قوله - تعالى - : وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا [ 18 \ 100 ] . [ ص: 228 ] قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : هذا النوع الذي ذكروه من القلب في الآية ، كقلب الفاعل مفعولا ، والمفعول فاعلا ، ونحو ذلك - اختلف فيه علماء العربية ، فمنعه البلاغيون إلا في التشبيه ، فأجازوا قلب المشبه مشبها به والمشبه به مشبها بشرط أن يتضمن ذلك نكتة وسرا لطيفا ، كما هو المعروف عندهم في مبحث التشبيه المقلوب . وأجازه كثير من علماء العربية . والذي يظهر لنا أنه أسلوب عربي نطقت به العرب في لغتها ، إلا أنه يحفظ ما سمع منه ، ولا يقاس عليه ، ومن أمثلته في التشبيه قول الراجز : ومنهل مغبرة أرجاؤه كأن لون أرضه سماؤه أي كأن سماءه لون أرضه ، وقول الآخر : وبدا الصباح كأن غرته وجه الخليفة حين يمتدح لأن أصل المراد تشبيه وجه الخليفة بغرة الصباح ، فقلب التشبيه ليوهم أن الفرع أقوى من الأصل في وجه الشبه . قالوا : ومن أمثلته في القرآن وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة [ 28 \ 76 ] ; لأن العصبة من الرجال هي التي تنوء بالمفاتيح ، أي تنهض بها بمشقة وجهد لكثرتها وثقلها ، وقوله - تعالى - : فعميت عليهم الأنباء [ 28 \ 66 ] . أي عموا عنها . ومن أمثلته في كلام العرب قول كعب بن زهير : كأن أوب ذراعيها إذا عرقت وقد تلفع بالقور العساقيل لأن معنى قوله : تلفع لبس اللفاع وهو اللحاف ، والقور : الحجارة العظام ، والعساقيل : السراب . والكلام مقلوب ; لأن القور هي التي تلتحف بالعساقيل لا العكس ، كما أوضحه لبيد في معلقته بقوله : فبتلك إذ رقص اللوامع بالضحى واجتاب أردية السراب إكامها فصرح بأن الإكام التي هي الحجارة اجتابت ، أي لبست ، أردية السراب . والأردية جمع رداء ، وهذا النوع من القلب وإن أجازه بعضهم فلا ينبغي حمل الآية [ ص: 229 ] عليه ; لأنه خلاف الظاهر ، ولا دليل عليه يجب الرجوع إليه . وظاهر الآية جار على الأسلوب العربي الفصيح ، كما أوضحه أبو حيان في البحر المحيط . وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها قرأه ابن كثير وابن عامر : أأذهبتم بهمزتين ، وهما على أصولهما في ذلك . فابن كثير يسهل الثانية بدون ألف إدخال بين الهمزتين . وهشام يحققها ويسهلها مع ألف الإدخال . وابن ذكوان يحققها من غير إدخال . وقرأه نافع وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي : أذهبتم طيباتكم بهمزة واحدة على الخبر من غير استفهام . واعلم أن للعلماء كلاما كثيرا في هذه الآية قائلين : إنها تدل على أنه ينبغي التقشف والإقلال من التمتع بالمآكل والمشارب والملابس ، ونحو ذلك . وإن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يفعل ذلك خوفا منه أن يدخل في عموم من يقال لهم يوم القيامة : أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا الآية . والمفسرون يذكرون هنا آثارا كثيرة في ذلك ، وأحوال أهل الصفة وما لاقوه من شدة العيش . قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : التحقيق : إن شاء الله في معنى هذه الآية هو أنها في الكفار ، وليست في المؤمنين الذين يتمتعون باللذات التي أباحها الله لهم ; لأنه - تعالى - ما أباحها لهم ليذهب بها حسناتهم . وإنما قلنا : إن هذا هو التحقيق ; لأن الكتاب والسنة الصحيحة دالان عليه ، والله - تعالى - يقول : فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول الآية [ 4 \ 59 ] . أما كون الآية في الكفار فقد صرح الله - تعالى - به في قوله : ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم الآية . والقرآن والسنة الصحيحة قد دلا على أن الكافر إن عمل عملا صالحا مطابقا للشرع ، مخلصا فيه لله ، كالكافر الذي يبر والديه ، ويصل الرحم ويقري الضيف ، وينفس عن المكروب ، ويعين المظلوم يبتغي بذلك وجه الله - يثاب بعمله في دار الدنيا خاصة بالرزق [ ص: 230 ] والعافية ، ونحو ذلك ، ولا نصيب له في الآخرة . فمن الآيات الدالة على ذلك قوله - تعالى - : من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون [ 11 \ 15 - 16 ] . وقوله - تعالى - : ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب [ 42 \ 20 ] . وقد قيد - تعالى - هذا الثواب الدنيوي المذكور في الآيات بمشيئته وإرادته ، في قوله - تعالى - : من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا [ 17 \ 18 ] . وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة; يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة ، وأما الكافر فيطعم بحسناته ما عمل بها لله في الدنيا ، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزي بها " . هذا لفظ مسلم في صحيحه . وفي لفظ له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة في الدنيا ، وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة ، ويعقبه رزقا في الدنيا على طاعته " ا هـ . فهذا الحديث الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه التصريح بأن الكافر يجازى بحسناته في الدنيا فقط ، وأن المؤمن يجازى بحسناته في الدنيا والآخرة معا ، وبمقتضى ذلك يتعين تعيينا لا محيص عنه أن الذي أذهب طيباته في الدنيا واستمتع بها هو الكافر; لأنه لا يجزى بحسناته إلا في الدنيا خاصة . وأما المؤمن الذي يجزى بحسناته في الدنيا والآخرة معا - فلم يذهب طيباته في الدنيا ; لأن حسناته مدخرة له في الآخرة ، مع أن الله - تعالى - يثيبه بها في الدنيا ، كما قال - تعالى - : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب [ 65 \ 2 - 3 ] فجعل المخرج من الضيق له ورزقه من حيث لا يحتسب - ثوابا في الدنيا ، وليس ينقص أجر تقواه في الآخرة . والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة ، وعلى كل حال فالله - جل وعلا - أباح لعباده على [ ص: 231 ] لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - الطيبات في الحياة الدنيا ، وأجاز لهم التمتع بها ، ومع ذلك جعلها خاصة بهم في الآخرة ، كما قال - تعالى - : قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة [ 7 \ 32 ] . فدل هذا النص القرآني أن تمتع المؤمنين بالزينة والطيبات من الرزق في الحياة الدنيا لم يمنعهم من اختصاصهم بالتنعم بذلك يوم القيامة ، وهو صريح في أنهم لم يذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا . ولا ينافي هذا أن من كان يعاني شدة الفقر في الدنيا كأصحاب الصفة ، يكون لهم أجر زائد على ذلك ; لأن المؤمنين يؤجرون بما يصيبهم في الدنيا من المصائب والشدائد ، كما هو معلوم . والنصوص الدالة على أن الكافر هو الذي يذهب طيباته في الحياة الدنيا ; لأنه يجزى في الدنيا فقط كالآيات المذكورة ، وحديث أنس المذكور عند مسلم - قد قدمناها موضحة في سورة " بني إسرائيل " في الكلام على قوله - تعالى - : ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا وذكرنا هناك أسانيد الحديث المذكور وألفاظه . وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : فاليوم تجزون عذاب الهون أي عذاب الهوان ، وهو الذل والصغار . وقوله - تعالى - : بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ، الباء في قوله : بما كنتم - سببية ، وما مصدرية ، أي تجزون عذاب الهون بسبب كونكم مستكبرين في الأرض ، وكونكم فاسقين . وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من كون الاستكبار في الأرض والفسق من أسباب عذاب الهون ، وهو عذاب النار - جاء موضحا في غير هذا الموضع ، كقوله - تعالى - : أليس في جهنم مثوى للمتكبرين [ 39 \ 60 ] . وقوله - تعالى - : وأما الذين فسقوا فمأواهم النار الآية [ 32 \ 20 ] . وقد قدمنا النتائج الوخيمة الناشئة عن التكبر في سورة " الأعراف " في الكلام على قوله - تعالى - : فما يكون لك أن تتكبر فيها الآية [ 7 \ 13 ] . [ ص: 232 ] وقوله - تعالى - : بغير الحق مع أنه من المعلوم أنهم لا يستكبرون في الأرض إلا استكبارا متلبسا بغير الحق ، كقوله - تعالى - : ولا طائر يطير بجناحيه [ 6 \ 38 ] ومعلوم أنه لا يطير إلا بجناحيه ، وقوله : فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم [ 2 \ 79 ] . ومعلوم أنهم لا يكتبونه إلا بأيديهم ، ونحو ذلك من الآيات ، وهو أسلوب عربي نزل به القرآن . قوله - تعالى - : واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف . أبهم - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أخا عاد ولم يعينه ، ولكنه بين في آيات أخرى أنه هود - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - كقوله - تعالى - : وإلى عاد أخاهم هودا في سورة " الأعراف " [ 7 \ 65 ] . وسورة " هود " [ 11 \ 50 ] . وغير ذلك من المواضع . قوله - تعالى - : ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم . ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أن النبي هودا نهى قومه أن يعبدوا غير الله ، وأمرهم بعبادته - تعالى - وحده ، وأنه خوفهم من عذاب الله ، إن تمادوا في شركهم به . وهذان الأمران اللذان تضمنتهما هذه الآية جاءا موضحين في آيات أخر . أما الأول منهما ففي قوله - تعالى - : وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره في سورة " الأعراف " [ 7 \ 65 ] . وسورة " هود " [ 11 \ 50 ] . ونحو ذلك من الآيات . وأما خوفه عليهم العذاب العظيم فقد ذكره في " الشعراء " في قوله - تعالى - : واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم [ 26 \ 132 - 135 ] . وهو يوم القيامة . قوله - تعالى - : قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين . ومعنى قوله - تعالى - : لتأفكنا عن آلهتنا ، أي لتصرفنا عن عبادتها إلى عبادة الله وحده . وقد تضمنت هذه الآية الكريمة أمرين : [ ص: 233 ] أحدهما : إنكار عاد على هود أنه جاءهم ، ليتركوا عبادة الأوثان ، ويعبدوا الله وحده . والثاني : أنهم قالوا له : ائتنا بما تعدنا من العذاب وعجله لنا إن كنت صادقا فيما تقول ، عنادا منهم وعتوا . وهذان الأمران جاءا موضحين في غير هذا الموضع ، كقوله - تعالى - في " الأعراف " : قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين [ 7 \ 70 ] . قوله - تعالى - : وأبلغكم ما أرسلت به . ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أن نبي الله هودا قال لقومه إنه يبلغهم ما أرسل به إليهم; لأنه ليس عليه إلا البلاغ ، وهذا المعنى جاء مذكورا في غير هذا الموضع ، كقوله - تعالى - في " الأعراف " : قال ياقوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين [ 7 \ 67 - 68 ] . وقوله - تعالى - في سورة " هود " : فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم الآية [ 11 \ 57 ] . قوله - تعالى - : بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " فصلت " في الكلام على قوله - تعالى - : فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات [ 41 \ 16 ] . قوله - تعالى - : ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه . لفظة إن في هذه الآية الكريمة فيها للمفسرين ثلاثة أوجه ، يدل استقراء القرآن على أن واحدا منها هو الحق ، دون الاثنين الآخرين . قال بعض العلماء : إن شرطية ، وجزاء الشرط محذوف ، والتقدير إن مكناكم فيه طغيتم وبغيتم . وقال بعضهم : إن زائدة بعد ما الموصولة حملا لـ ما الموصولة على ما النافية ; لأن ما النافية تزاد بعدها لفظة إن كما هو معلوم . [ ص: 234 ] كقول قتيلة بنت الحارث أو النضر العبدرية : أبلغ بها ميتا بأن تحية ما إن نزل بها النجائب تخفقوا وقول دريد بن الصمة في الخنساء : ما إن رأيت ولا سمعت به كاليوم طالي أينق جرب فـ ( إن ) زائدة بعد ( ما ) النافية في البيتين ، وهو كثير ، وقد حملوا على ذلك ( ما ) الموصولة ، فقالوا : تزاد بعدها ( إن ) كآية " الأحقاف " هذه . وأنشد لذلك الأخفش : يرجي المرء ما إن لا يراه وتعرض دون أدناه الخطوب أي يرجي المرء الشيء الذي لا يراه ، وإن زائدة ، وهذان هما الوجهان اللذان لا تظهر صحة واحد منهما . لأن الأول منهما فيه حذف وتقدير . والثاني منهما فيه زيادة كلمة . وكل ذلك لا يصار إليه إلا بدليل يجب الرجوع إليه . أما الوجه الثالث الذي هو الصواب - إن شاء الله - فهو أن لفظة ( إن ) نافية بعد ( ما ) الموصولة ، أي ولقد مكناهم في الذي ما مكناكم فيه من القوة في الأجسام ، وكثرة الأموال والأولاد والعدد . وإنما قلنا : إن القرآن يشهد لهذا القول لكثرة الآيات الدالة عليه ، فإن الله - جل وعلا - في آيات كثيرة من كتابه يهدد كفار مكة بأن الأمم الماضية كانت أشد منهم بطشا وقوة ، وأكثر منهم عددا وأموالا وأولادا ، فلما كذبوا الرسل أهلكهم الله ليخافوا من تكذيب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يهلكهم الله بسببه ، كما أهلك الأمم التي هي أقوى منهم ، كقوله - تعالى - في " المؤمن " : أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون [ 40 \ 82 ] . وقوله فيها أيضا : أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم الآية [ 40 \ 21 ] . ![]()
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |