|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() من سمات الشعر الأندلسي محمد حمادة إمام ويقول المعتمد بن عباد في الحنين إلى وطنه، شلب، وقصر الشراحيب، ورثاء شبابه، وندب حظه، وأحبابه، مرسلًا أبهى سلام وأجمل تحية وشوق[17]: [من الطويل]: ألاحيِّ أوطاني بِشِلْبِ أَبَا بَكْرٍ ![]() وسَلْهُنَّ هَلْ عَهْدُ الوِصَالِ كَمَا أَدْرِي ![]() وَسَلِّمْ عَلَى قَصْرِ الشَرَاجيب عن فتًى ![]() له أبدًا شوقٌ إلى ذلك القَصْرِ ![]() يستفسر الشاعر عن عهد الوصال: أباقٍ على حاله؟ أمْ زال بزوال أصحابه؟ وله من أبيات، تصوِّر غربته، وتحكي ندبه لشبابه، وتتحدث عن رفاهيته، وفروسيَّته في أيامه، إذ إنه صار أسيرًا ذليلًا، بعد أن كان ملكًا عزيزًا كريمًا، فيقول[18]: [من الطويل]: غَرِيبٌ بِأَرْضِ المغْرِبَيْنِ أسيرُ ![]() سَيْبِكي عَلَيْهِ مِنْبرٌ وسَرِيرُ ![]() وَتْنُدبُهُ البِيضُ الصَّوارِمُ والقَنَا ![]() وَيَنَهلُّ دَمْعٌ بينهُنّ غَزِيرُ ![]() كان للمعتمد وقت طيب مترف، وشباب مرح مسرف، وسنوات من اللهو والمجون أمضاها مع ابن عمار في مدينة شلب، حينما تولى أمرها مِن قبل أبيه، فلما قضت أمور السياسة أن يتركها ويَقطن إشبيلية، بقي يحن إلى تلك الأيام، ويتذكر لياليها الصاخبة، فكتب إلى ابن عمار واليها يذكره بسعد ماضيها، وأنسهما فيها. وأوغل ابن زيدون في تشوقه وتلهفه إلى قرطبة، عندما تركها مهاجرًا إلى إشبيلية، فخلف فيها حبيبته ولادة، وترك أهله وأصدقاءه، فلم يحمل معه سوى ذكرى تشده إليهم، وتربطه بهم. فكان يتطعم نشوة خاصة بذكر أسماء الأماكن، التي كان يرتادها في قرطبة، إنها ذكرى ترتبط بحبه، الذي شهد تفتُّحه للحياة، ورعى طفولته وشبابه، فهو يدعو لها بالسقيا والدوام والنعيم، ويرسل إليها التحيات والأشواق. فيقول[19]: [من الطويل]: على "الثَّغَبِ الشَّهْدي" مِنِّي تحيةٌ ![]() زَكَتْ وعَلَى "وَادي العقيقِ" سلامُ ![]() ولا زال نور في "الرُّصافة" ضَاحِكٌ ![]() بأرجائها يَبْكِي عَلَيْهِ غَمَامُ ![]() معاهدُ لَهْوٍ لم تزلْ في ظِلاَلها ![]() تُدار علينا - للمجونِ - مَدَامُ ![]() إلى أن يقول: تَذَكَّرتُ أيّامي بها فَتَبَادَرَتْ ♦♦♦ دُمُوعٌ كما خَانَ الفريدَ نظامُ وليس اختيار الألفاظ الموحية بالمعنى عن قرب مقصورًا على هؤلاء الشعراء، بل كان لدى جلِّ، إنْ لم يكن كل الشعراء الأندلسيين، خاصة في هذا الفن. ومما ساعدهم على غرضهم، ابتعادُهم عن استعمال الألفاظ الفلسفية، التي يمجُّها الذوق، ويستثقلها القلب والسمع، وأما ما وُجد منها في أشعارهم فهو نادر لدى بعض الشعراء، من أمثال ابن وهبون (ت 533 هـ)، وكأنه إعلان عما يتمتَّع به الأندلسيون من مقدرة على خوض غمار جميع العلوم والفنون، واستعمال الأساليب الموحية ببراعة ومهارة فائقة تُضارع المشارقة. يقول الأستاذ أحمد ضيف: "فقد عهدنا الأندلسيين برعوا في نوع جميل من الخيال، ورقة الأسلوب، وجزالة اللفظ، والأوصاف التي دعتْهم إليها آثار تلك المدنية الحديثة، ولم يَعهدها شعراء العرب. أما ابن وهبون فقد برع في نوع آخر، وهو الشعر الفلسفي، على أنه لم يُقَصِّر في ذلك النوع، ولم يتأخر عن السبق في هذا الميدان، ميدان الخيال، حتى رموه بالمجون، أكثر مِن غيره... ولا بد أن يكون قد قرأ كثيرا من شعر المتنبي، وأبي العلاء، فأخذ يُعارضهم في أساليبهم، أو يُجاريهم فيما كانوا ينظمون من المعاني والموضوعات، مع بلاغة عباراته، كما قال[20]: [من الكامل]: نَفْسِي وَجِسْمي إِنْ وَضَعْتهما مَعًا ![]() آلٌ يَذُوُب وصَخْرةٌ خَلْقاءُ ![]() لو تعلمُ الأجيال كَيْفَ مآلُها ![]() عِلْمي لَمَا امْتَسكَتْ لَهَا أَرْجَاءُ ![]() إنا لنعلمُ ما يُرَادُ بِنَا فَلِمْ ![]() تعيا القلوبُ وَتغْلِبُ الأَهْواءُ ![]() ...إلخ. هذه فلسفة منظومة، وإذا كان يُحسب مِن الشعر الجميل، فذلك لمعانيه وما فيه من الآراء التي تجذب النفوس إليها، كما يجذبها الخيال الجميل، والبلاغة الساحرة، فهو من هذه الجهة شعر جميل أيضًا". وفي أبياته وعظ للنفس بما يؤول إليه أمرها على يد المشيب: من هزال، وفَنَاءٍ، لتثوب إلى رُشْدِها، وتقلع عن شهواتها وغرورها، وأمانيها وآمالها. ولقد أَدَّى حُسْنُ الانتقاء للألفاظ، إلى نُدْرة الألفاظ الأعجمية في شعر الشيب والشباب خاصة، وكان ظهوره في خواتيم أيامهم بالأندلس. ومن هذا قول أبي محمد - من وزراء بني القبطرنة - في رسالة له إلى محمد بن عبدون (ت 529 هـ) يقول فيها[21]: [من الطويل]: فَمَنّ بِه ضَافي الجناح كَأَنَّه ![]() على دُسْتبانِ الكفِّ بَعْضُ السَّلاطينِ ![]() إذا أخذت كفاه يومًا فريسةً ![]() فَمِنْ عِقْد سَبْعين إلى عِقْد تِسْعين ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |