|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الأدوات التي تجزم فعلين أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن أولًا: ضرورة الشعر: مِن عمل (إذا) الجزم في فعل الشرط وجواب الشرط في ضرورة الشعر: 1- قول الشاعر: استغنِ ما أغناك ربُّك بالغنى ♦♦♦ وإذا تُصِبْك خصاصةٌ فتجمَّلِ[25] فقد جزَم اسم الشرط (إذا) في هذا البيت فعلينِ؛ أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تُصِبك)، وعلامة جزمه السكون، وثانيهما: جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل الأمر (فتجمَّل)، وهو هنا مبني على السكون، في محل جزم، وحرك بالكسر من أجل الرويِّ[26]. 2- وقول الآخر: ترفعُ لي خِنْدِفٌ واللهُ يرفعُ لي ♦♦♦ نارًا إذا خمَدَتْ نيرانُهم تَقِدِ فقد جزَم اسم الشرط (إذا) في هذا البيت فعلين: أحدهما فعل الشرط، وهو هنا الفعل الماضي (خمدت)، وهو وإن كان فعلًا ماضيًا مبنيًّا على الفتح، إلا أنه هنا في محل جزم بـ(إذا)؛ لأنه فعل الشرط، وثانيهما جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (تَقِد)، وعلامة جزمه السكون، وحُرِّك بالكسر من أجل الروي[27]. وقول الثالث: إذا لم تزَلْ في كلِّ دارٍ عرَفْتها ♦♦♦ لها واكفٌ من دمعِ عينَيْك يَسْجُمِ فقد جُزِم كلٌّ مِن فعل الشرط (تزل)، وجوابه (يسجم) باسم الشرط (إذا)، وقد قال سيبويه رحمه الله في (الكتاب) 3/ 62 معلقًا على هذا البيت، وعلى عمل (إذا) فيه الجزم: فهذا اضطرارٌ، وهو في الكلام - يعني النثر - خطأٌ؛ اهـ. ثانيًا: النثر: قد تعمل (إذا) الجزمَ كذلك في النثر، ولكن على قلة وندرة، وقد ذهب إلى ذلك ابنُ مالك رحمه الله، واستشهد عليه بقولِ النبي صلى الله عليه وسلم لعلي وفاطمة، فيما رواه البخاري رحمه الله: ((إذا أخذتُما مضاجِعَكما تُكبِّرا أربعًا وثلاثين))، بجزم جواب الشرط (تُكبِّرا) باسم الشرط (إذا)، ولكن الأصل في (إذا) - كما تقدَّم - أنها لا تعمل الجزم؛ لا في النثر، ولا في الشعر. ومن شواهد عدم عملها الجزم في الشعر، ورفع فعل الشرط وجواب الشرط بعدها: 1- قول أبي ذؤيب: والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبتَها ♦♦♦ وإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تقنَعُ 2- وقول كعب بن زهير: وإذا ما تشاءُ تبعثُ منها ♦♦♦ مغرب الشمسِ ناشطًا مذعورَا 3- وقول الآخر: إذا ما الخبزُ تَأْدِمُهُ بلحمٍ ♦♦♦ فذاك أمانةَ اللهِ الثريدُ ففي هذه الأبيات الثلاثة: رفع كل من فعل الشرط - وهو فيها على الترتيب: تُرَدُّ، تشاء، تأدمه - وجواب الشرط - وهو فيها على الترتيب: تقنع، تبعث - وذلك على الأصل. ومن شواهد عدم عملها الجزم في النثر، ورفع فعل الشرط، وجواب الشرط بعدها: 1- قول الله تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ﴾ [المنافقون: 4]، برفع جواب الشرط (تعجبك). 2- وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أسلم العبد، فحسُن إسلامه، يُكفِّرُ الله عنه كل سيئة كان زلفها))، برفع جواب الشرط (يكفر). 3- وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَثَل المؤمن كمَثَل الخامة من الزرع من حيث أتَتْها الريح كَفَأَتْها، فإذا اعتدلت تَكَفَّأُ بالبلاء))، برفع جواب الشرط؛ الفعل المضارع: (تكفَّأ). فقد أتى جواب الشرط في هذه الأمثلة الثلاثة: (تعجبك، يكفِّر، تكفَّأ) مرفوعًا؛ وذلك لأن الأصل في اسم الشرط (إذا) أنه لا يعمل الجزم. وأما فعل الشرط في هذه الأمثلة: (رأيتهم، أسلم، اعتدلت)، فلم يظهر عليه الرفع؛ لأنه - كما ترى - أفعالٌ ماضية، والأفعال الماضية - كما تقدم - تكون دائمًا مبنية، ولا يدخلها الإعراب. وبهذا ينتهي الكلام على أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين، وهذه هي بعض الفوائد التي تتعلق بها: الفائدة الأولى: (يستفاد مما سبق أن الجوازم التي تجزم فعلين مضارعين تنقسم بحسب معناها إلى ستة أقسام: 1- ما وُضع للدلالة على مجرد تعليق جواب الشرط على فعل، وهو: (إن، وإذما)، فلا معنى لهما غير تعليق الجواب بالشرط. 2- ما وُضع للدلالة على مَن يعقل، ثم ضمِّن معنى الشرط، وهو: (مَن). 3- ما وضع للدلالة على ما لا يعقل، ثم ضمِّن معنى الشرط، وهو: (ما، ومهما). 4- ما وضع للدلالة على الزمان، ثم ضمِّن معنى الشرط، وهو: (متى، وأيان). 5- ما وُضع للدلالة على المكان، ثم ضمِّن معنى الشرط، وهو: (أين، وأنَّى، وحيثما). 6- ما هو متردِّد بين هذه الأقسام الأربعة الأخيرة، وهو: (أي)؛ فإنها تستعمل بحسب ما تضاف إليه، فهي من باب: 1- (مَن) إذا أضيفت لعاقل؛ نحو: أي إنسان يَقُمْ أَقُمْ معه. 2- ومن باب (ما)، وذلك إذا أضيفت لغير العاقل؛ نحو: أي الدواب تركب أركب. 3- ومن باب (متى) - أي: تكون ظرفًا للزمان - وذلك إذا أضيفت إلى زمان؛ نحو: أيَّ يوم تصم أصم. 4- ومن باب (أين) - أي: تكون ظرفًا للمكان - إذا أضيفت إلى مكان؛ نحو: أيَّ مكان تجلس فيه أجلس. الفائدة الثانية: يستفاد أيضًا مما سبق أن أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين تنقسم من حيث الاسمية والحرفية إلى أربعة أنواع: 1- ما هو حرف بالاتفاق، وهو: (إنْ). 2- ما اختُلف في أنه اسم أو حرف، وأكثر النحاة على أنه حرف، وهو الصحيح، وهو الذي مشى عليه ابن مالك وابن هشام رحمهما الله، وهو: (إذما). 3- ما اختُلف في أنه اسم أو حرف، وأشهر الأقوال أنه اسم، وهو الصحيح، وهو كلمة واحدة؛ هي: (مهما). 4- ما اتُّفق على أنه اسم، وهو الأسماء التسعة الباقية، وهي: (مَن، وما، وأي، ومتى، وأيان، وأين، وأنى، وحيثما، وكيفما). وأيًّا كانت هذه الأداة - اسمًا كانت أو حرفًا - فهي جازمة لفعلين مضارعين؛ فعل الشرط وجواب الشرط، إلا ما وقع من الخلاف في اسم الشرط (كيفما)، والصحيح - كما تقدَّم - أنه ليس بجازم. الفائدة الثالثة: ولا يؤثِّر على أدوات الشرط في عملها الجزمَ في فعل الشرط وجواب الشرط - دخولُ شيء مما يلي عليها: 1- حروف الجر؛ نحو: على أيِّهم تنزِلْ أنزِلْ - بمَن تَمْرُرْ أمرُرْ به. ففي المثال الأول دخل حرف الجر (على) على أداة الشرط (أي)، فلم يؤثر في عملها الجزم شيئًا، فقد جزَمت هذه الأداة - كما هو واضح - فعلين مضارعين، هما: (تنزل)، وهو فعل الشرط، و(أنزل)، وهو جواب الشرط. وكذا نقول في المثال الثاني، فقد دخل حرف الجر (الباء) على اسم الشرط الجازم (مَن)، فلم يغيِّر من عمله شيئًا، فقد جزَم هذا الاسم فعلين مضارعين، هما: (تمرر)، وهو فعل الشرط، و(أمرر)، وهو جواب الشرط. وعلامة جزم هذه الأفعال الأربعة المذكورة في هذين المثالين (تنزل، أنزل، تمرر، أمرر): السكون. 2- حرف الاستفهام (الهمزة)، فإذا دخل حرف الاستفهام الهمزة على أي أداة شرط لم يؤثِّر شيئًا في عملها الجزمَ في فعل الشرط وجواب الشرط، ومثال ذلك: أإنْ تأتني آتك؟ - أمتى تتكلم أسمعك؟ - أمَن يفعل ذلك أزره؟ ففي هذه الأمثلة الثلاثة دخل حرف الاستفهام الهمزة على أدوات الشرط: (إن، متى، من)، فلم يؤثِّر في عملها الجزمَ شيئًا، فجزَمت كلُّ أداة من هذه الأدوات الثلاث فعلينِ مضارعين؛ فعل الشرط، وهو على الترتيب: (تأتني، تتكلم، يفعل)، وجواب الشرط، وهو على الترتيب: (آتك، أسمعك، أزره). 3- وقد تقترن (إن) الشرطية بـ(لا، أو لم) النافيتين؛ نحو قوله تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ ﴾ [التوبة: 39]، وقوله عز وجل: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 40]، وقوله عز وجل: ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ﴾ [البقرة: 24]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ﴾ [المائدة: 41]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]. الفائدة الرابعة: تنقسم أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين من حيث اتصالها بـ(ما) وعدمه، إلى ثلاثة أقسام[28]: القسم الأول: ما لا يجزم إلا مع (ما)، وهو: (إذ، وحيث)[29]. القسم الثاني: ما يمتنع دخول (ما) عليه، وهو: (مَن، وما، ومهما، وأنَّى). القسم الثالث: ما يجوز فيه الأمران: إثبات (ما) وحذفها، وهو الأدوات الباقية، وهي: (أي، ومتى، وإن، وأين)[30]، وكذلك (أيان) على الصحيح[31]. وقد نظم بعض النحاة أدوات الشرط من حيث اتصالها بـ(ما) وعدمه بقوله: تلزم (ما) في حيثما وإذما ![]() وامتنعت في ما ومَن ومهما ![]() كذاك في أنَّى وفي الباقي أتى ![]() وجهانِ إثباتٌ وحذفٌ ثبتا ![]() وإنما كان اقتران (حيث) بـ(ما) شرطًا في عملها الجزمَ؛ لأنها بغير (ما) تكون ظرفًا يضاف إلى الأفعال والأسماء، فإذا جئت بـ(ما) منعْتَ الإضافة، وجزمَتْ فعلين. ومثال كون (حيث) ظرفًا مضافًا إلى الأفعال والأسماء عند تجردها من (ما): أولًا: مثال إضافتها إلى الأفعال: قال تعالى: ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124]، وقال سبحانه: ﴿ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [الزمر: 25]، ففي هاتين الآيتين لما لم تتصل (حيث) بـ(ما)، لم تكن جازمة لفعلين[32]، وإنما كانت ظرفًا مضافًا إلى الفعل (يجعل) في الآية الأولى، وإلى الفعل (يشعرون) في الآية الثانية. ثانيًا: مثال إضافتها إلى الأسماء: المسلمون في الجنة حيث لا تكليف هناك. ففي هذا المثال لما تجردت حيث عن الاتصال بـ(ما)، أُضيفت إلى اسم، وهو هنا (تكليف)، ولم تعمل الجزم. [1] أما القسم الأول، فهو الذي يجزم فعلًا واحدًا فقط، وهو الحروف الستة: ثم، لما، ألم، ألما، لام الطلب والدعاء، و(لا) في النهي والدعاء، وقد تقدم الكلام على هذه الأدوات بالتفصيل. [2] وهذا بخلاف (أَنْ) بفتح الهمزة وسكون النون؛ فإنها - كما تقدم ذكره - تنصب الفعل المضارع، بينما (إن) التي معنا الآن، والتي هي بكسر الهمزة، تجزم فعلين مضارعين، فتأمَّل - أخي طالب العلم رحمك الله - جيدًا كيف أثَّر فتح الهمزة وكسرها في عمل الحرف (أَنْ)، فـ(أن) بفتح الهمزة تنصب الفعل المضارع، و(إِنْ) بكسرها تجزمُ الفعل المضارع، كما أن ذلك يؤثر أيضًا في معنى هذين الحرفين، وبالتالي يؤثر في فهم النصوص الشرعية التي جاءت فيها (أن)، أو (إن)، وذلك أن (إِنْ) بكسر الهمزة معناها الشرط، و(أَنْ) بفتح الهمزة معناها المصدرية، فانتبِهْ يا طالب العلوم الشرعية، واعلم أن أول السلم صعودًا هو علم النحو، وأنه لن يستقيم فهمُك إلا به. [3] فكل من أداتي الشرط: (إن، وإذما) موضوع للدلالة على مجرد تعليق وقوع جواب الشرط على وقوع فعل الشرط، لا معنى لهما إلا ذلك. [4] وبقية أدوات الشرط الآتية - إن شاء الله تعالى - كلها أسماء، تضمنت معنى (إن)، ولكن مع الدلالة على زمان، أو مكان، أو عاقل، أو غير عاقل، على ما سيأتي بيانه بالتفصيل قريبًا، إن شاء الله تعالى. [5] ومن عمل (إذما) الجزمَ أيضًا في فعل الشرط وجواب الشرط: قول الشاعر: وإنك إذما تأتِ ما أنت آمرٌ ♦♦♦ به تُلفِ مَن إياه تأمُرُ آتيَا فـ (إذما) هنا حرف شرط جازم كـ(إن)، وقد جزم هنا فعلين مضارعين، أحدهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تأت)، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (تُلْفِ)، وكل مِن هذين الفعلين مجزوم بحذف حرف العلة (الياء)، والكسرة قبلها دليل عليها. [6] بخلاف (مِنْ) بكسر الميم، وسكون النون، فهي حرف جر. [7] فإن أردت به غير العاقل، لم يصحَّ. [8] وكذا باقي أدوات الشرط أيضًا، كلها مبنية، حروفًا كانت أو أسماءً، ما عدا اسم الشرط (أي)، فإنه معربٌ، فيُرفع بالضمة الظاهرة، وينصب بالفتحة الظاهرة، ويجر بالكسرة الظاهرة، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. [9] ومن أمثلة جزم (من) الشرطية كذلك فعلين مضارعين من كتاب الله عز وجل: قوله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [الطلاق: 11]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8]، وقوله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [آل عمران: 161]. [10] فقد استعمل اسم الشرط (أي) هنا للعاقل، وهو (امرؤ)، وجزم فعلين مضارعين، أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تصادفه)، وثانيهما: جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (تنصحه)، وكلٌّ من فعل الشرط (تصادفه)، وجواب الشرط (تنصحه) مجزومٌ بالسكون. [11] فقد استعمل اسم الشرط (أي) هنا لغير العاقل، وهو الشيء الذي يؤذيك، وجزم فعلين مضارعين، أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (يؤذك)، وعلامة جزمه حذف حرف العلة (الياء)، وثانيهما: جواب الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تحذره)، وعلامة جزمه السكون. [12] فقد استعمل اسم الشرط (أي) هنا للزمان، كما هو ظاهر، وقد جزم فعلين مضارعين، أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تسنح)، وثانيهما: جواب الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تغتنمه)، وكل من فعل الشرط وجواب الشرط علامةُ جزمه السكون. [13] فقد استعمل اسم الشرط (أي) هنا للمكان، كما هو ظاهر، وقد جزم فعلين مضارعين؛ أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تجد)، وثانيهما: جواب الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تسكنه)، وعلامة جزم كل من فعل الشرط وجواب الشرط: السكون. [14] رواه البخاري (713)، ومسلم (418) (95). [15] ومثال عمل (متى) الجزمَ كذلك في فعل الشرط وجواب الشرط: قول الحُطَيئة: متى تأتِهِ تعشو إلى ضوءِ نارِهِ ♦♦♦ تجِدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ موقِدِ [16] وقد صدق الشاعر إذ يقول: إن الشبابَ والفراغَ والجِدَهْ ♦♦♦ مَفسَدةٌ للمرء أيُّ مَفسَدَهْ ومن أمثلة عمل اسم الشرط (أيان) أيضًا الجزمَ في فعل الشرط وجواب الشرط: قول الشاعر: إذا النعجةُ الأدماءُ بانَتْ بقفرةٍ ♦♦♦ فأيَّانَ ما تعدِلْ به الريحُ تنزلِ وقول الآخر: أيان نُؤْمِنْك تأمَنْ غيرَنا وإذا ♦♦♦ لم تُدرِكِ الأمنَ منا لم تزَلْ حَذِرَا ومثال ذلك أيضًا: أيان تحسُنْ سريرتك تُحمَد سيرتك. [17] ومثال جزم (أينما) كذلك لفعلين مضارعين؛ أحدهما: فعل الشرط، والآخر جواب الشرط: قوله تعالى: ﴿ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ﴾ [النحل: 76]، وقوله سبحانه: ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ ﴾ [النساء: 78]. [18] ومن شواهد عمل (أنى) الجزم في فعلين مضارعين؛ أولهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه: قول الشاعر: خليليَّ أنَّى تأتياني تأتيا ♦♦♦ أخًا غيرَ ما يرضيكما لا يحاولُ وقول عبيدالله بن الحر: فأصبحت أنَّى تأتِها تَستَجِر بها ♦♦♦ تَجِدْ حطبًا جزلًا ونارًا تأجَّجَا وقد يُشكِل هنا في البيت الأول الفعل (تأتياني)؛ حيث إنه قد أتى ثابتَ النون، ولكن نقول في الجواب عن هذا: إن هذه النون ليست هي نون الأفعال الخمسة، فلقد حُذِفت نون الأفعال الخمسة؛ لوجود الجازم (أنَّى)، إذ إن أصل هذا الفعل: تأتيانني، وإنما هذه النون الباقية في الفعل هي نون الوقاية التي يؤتى بها إذا اتصل الفعل بياء المتكلم؛ حتى تقيَه من الكسر المناسب لياء المتكلم، وبالمناسبة، فلقد صنعتُ لنون الوقاية هذه بحثًا مستقلًّا في كتابي: (التوضيحات الوفية)، يسَّر الله طبعه. [19] وقد تستعمل (حيثما) ظرفًا للزمان في رأي بعضهم، وتتضمن معنى الشرط أيضًا، فتجزم فعلين مضارعين (فعل الشرط وجواب الشرط)، ومن ذلك: قول الشاعر: حيثما تَستَقِمْ يُقدِّرْ لك اللـ ♦♦♦ ـهُ نجاحًا في غابرِ الأزمانِ [20] تبِع ابنُ آجروم رأيَ الكوفيين في عده (كيفما) من أدوات الشرط التي تجزم فعلين، وفي هذا خلاف سأبيِّنه قريبًا إن شاء الله تعالى. [21] قال ابن هشام رحمه الله في (مغني اللبيب) 1/ 299، ولا يجوز: كيف تجلس أذهب، باتفاق؛ اهـ. [22] قال سيبويه في (الكتاب) 3/ 60: سألت الخليل عن قوله: كيف تصنع أصنع، فقال: هي مستكرهة، وليست من حروف الجزاء، ومخرجُها على الجزاء؛ لأن معناها: على أي حال تكن أكن؛ اهـ. وقال ابن خروف رحمه الله تعالى معلقًا على قول الخليل: يريد أن العرب لم تجزِمْ بها، وإن دخلها معنى الجزاء؛ اهـ. والظاهر من صنيع الإمامين الجليلين: ابن معطٍ وابن مالك رحمهما الله تعالى، أنها لا تجزم مطلقًا عندهما؛ فإنهما لم يذكراها في الجوازم، على شهرة الخلاف فيها. [23] بملاحظة كل من هذين القولين يتضح لك جليًّا أنه لا خلاف في الجزاء بها عند الفريقين، وإنما الخلاف في الجزم بها. [24] وكثرة النحاة على أنها لا تجزم إلا في ضرورة الشعر خاصة، وأنها لا يقع الجزم بها في النثر أبدًا؛ لعدم وجود ضرورة فيه. [25] أي: لا تظهر على نفسك المسكنة والذل، ويروى: فتحمَّلِ، بالحاء؛ أي: احتمل، والأول أحسن في المعنى. [26] وقد علَّل الرملي في شرحه للآجرومية عمل (إذا) الجزم في هذا البيت بأنها حُملت على (متى) الشرطية، وإلا فالأصل أنها غير جازمة. [27] قال الأعلم: الشاهد في هذا البيت جزم (تقد) على جواب (إذا)؛ لأنه قدرها عاملةً عمل (إن) ضرورةً؛ اهـ. [28] و(ما) في كل أدوات الشرط التي تلحقها؛ سواء لحقتها وجوبًا أم جوازًا - على ما سيأتي بيانه بالتفصيل إن شاء الله - هي زائدة إعرابًا، فهي حرف لا محل له من الإعراب، وزائدة معنى، وهو التوكيد. [29] فاتصال كل من (حيث، وإذ) بـ(ما) الزائدة شرطٌ في عملها الجزمَ، فلا يعمل أي منهما الجزم بدون (ما)، فيقال: حيثما، وإذما، ولا يجب اقترانهما بـ(ما) إلا إذا كانتا شرطيتينِ فقط، أما سائر استعمالاتهما الأخرى، فلا يجب اقترانهما فيها بـ(ما). [30] لم تَرِدْ (أين) في القرآن الكريم شرطيةً جازمةً فعلينِ، إلا مقرونة بـ(ما) الزائدة، وقد تقدم ذكر الأمثلة عليها عند الحديث عنها. [31] فيجوز دخول (ما) الزائدة للتوكيد على هذه الجوازم وعدمه. وسواء دخلت (ما) على هذه الجوازم أم لم تدخل، فإنه لا يؤثر ذلك في عملها الجزمَ في فعل الشرط وجواب الشرط شيئًا. تقول على سبيل المثال: إن تأتني آتك. وتقول أيضًا: إما تأتني آتك. وتقول: أين تكن أكن معك. وتقول كذلك: أينما تكن أكُنْ معك، وتقول: أيان تجتهدْ تنجحْ، وتقول كذلك: أيان ما تجتهدْ تنجحْ. بإدخال (ما) على أداة الشرط وحذفها، من غير أن يتأثر عمل هذه الأدوات الجزمَ في الفعلين اللذين دخلت عليهما. ومِن هذا القسم الثالث أيضًا (اسم الشرط) (إذا)، فإنه قد تلحقه (ما) الزائدة للتوكيد، فيقال: إذا ما. [32] بل رفع الفعل (يجعل) بعدها، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، ورفع كذلك الفعل (يشعرون) بعدها، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، ويلاحظ هنا: أنه لم يأتِ بعدها فعلان، وإنما أتى بعدها فعل واحد فقط؛ وذلك لأنها لَمَّا جردت من (ما) أصبحت خالية من معنى الشرط الذي يستلزم فعلين: فعل الشرط، وجواب الشرط.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |