|
|||||||
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
نظرات نقدية في "الدرر الغوالي من أشعار الإمام الغزالي" د. عبدالحكيم الأنيس 6- ثم قال الباحث صـ 62: ورد في "مؤلفات الغزالي" في صدد كتبٍ يَرى أهلُ التحقيق أنها ليست للغزالي والتي منها كتاب "تحسين الظنون"، وله فيه: لا تظنوا الموت موتاً إِنه ![]() لحياةٌ، وهي غاية المنى ![]() أحسنوا الظن بربٍ راحمٍ ![]() تشكروا السعي وتأتوا أمنا ![]() ما أرى نفسيَ إلا أنتمُ ![]() واعتقادي أنكم أنتم أنا"! ![]() وقال في الحاشية: "راجع مؤلفات الغزالي صـ 497، وقد وردت الأبياتُ ضمن القصيدة النونية". قلت: في الصفحة المحال إليها يَنقل بدوي عن الزبيدي قولَه في "الإتحاف" (1/43 - 44): "تنبيه: اعلمْ أنه قد عُزِيَ إلى الشيخ أبي حامد الغزالي كتبٌ، وقد صرَّح أهلُ التحقيق أنها ليست له... ومنها كتاب تحسين الظنون، وله فيه: لا تظنوا الموت موتاً إنه... وقد صرّح الشيخُ الأكبر - يَقصد محيي الدين ابن العربي - أَنه موضوع". إذن فهذه الأبيات ليستْ للغزالي، ولستُ أدري لماذا أوردها الأستاذ جميل مع أنه يعلم أنها جاءت في كتابٍ ليس للغزالي؟ وبما أنها قد وردتْ ضمن القصيدة النونية الآتية، فالقصيدة كلها -فيما يبدو-ليست له، ونجد ابنَ العربي (ت: 638هـ) ينسبها إلى الشيخ أبي الحسن علي المسفر: قال في كتابه "محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار" (1/224): "ولهذا الشيخ أيضاً القصيدة المشهورة وهي هذه: قل لإخوان رأوني ميتاً...". ثم ذكرها بكاملها، وهي في (26) بيتاً. بل حتى النابلسي يقول في "كوكبه" صـ 168: "هذا شرحٌ لطيف، أفرغته في قالب التصنيف، ورصفته بحسب الإمكان أكمل ترصيف، أحلُّ به ما تعقّد من كلمات القصيدة النونية، والجوهرة الفريدة المضية، المنسوبة إلى الإمام أبي حامد الغزالي...". ثم ذكر صـ 174 ما قيل في سبب نظمها - وقد تقدّمَ في هذا المقال - وهو يَختلف عما حكاه أخوه الواعظ الفقيه أحمد في وصف كيفية موته، وهذا قد يشير إلى خطأ النسبة والتباس الأمر. ♦♦♦ 7- ثم ذكر له ستةَ أبيات نقلها من الملاحق التي أتبعها الدكتور بدوي بآخر كتابه المذكور، وهي: ♦ بيتان أوردهما ابنُ السمعاني. ♦ وآخران أوردهما العماد الأصفهاني الكاتب في "خريدة القصر". ♦ واثنان أوردهما ابن النجّار. على ما قاله المؤرِّخ الصفدي (ت: 764 هـ) في "الوافي بالوفيات". ولم يرجع الأستاذ جميل إلى "الوافي" وهو مطبوع[4]، فضلاً عن أن يعود إلى "ذيل" ابن السمعاني، و"خريدة" الأصبهاني، و"تاريخ" ابن النجار. أقول: وربما كانت هذه الأبيات له، فالغزالي قال الشعر شأنه شأن أكثر العلماء، ولكنه لم يكن مكثراً ولا مبدعاً، وما جاء عنه لا يمكننا أن نعده شاعراً محلقاً على الرغم من حلاوة أسلوبه النثري وطلاوته. وعن البيتين اللذين أوردهما ابن السمعاني وهما: حلَّت عقاربُ صدغه من وجههِ ![]() قمراً فجلَّ به عن التشبيهِ ![]() ولقد عهدناه يحلُّ ببرجها ![]() ومن العجائبِ كيف حَلَّتْ فيهِ ![]() قال ابنُ خلكان في "وفيات الأعيان" (4/218): "ورأيت هذين البيتين في موضع آخر لغيره، والله أعلم". ثم ذكر أن العماد الأصبهاني نسبهما إليه في "الخريدة". وقولُ ابن خلكان مؤشر شكٍّ يقودنا إلى احتمال أن الغزالي أنشدهما متمثلاً، لولا تعقيبه بما سبق عن العماد الأصبهاني، ولولا أن السبكي يروي في كتابه "طبقات الشافعية الكبرى" (6/223) بسنده عن أبي محمد التكريتي أنه قال: "أنشدني أبو حامد الغزالي لنفسه: حلت عقارب صدغه من خده...". ولفظة: "لنفسه"، تجعلنا نرجح كونهما له؛ لدلالتها على تأكد الراوي مما يرويه، بخلاف ما لو قال: "أنشدني فلان" فحسب. ♦♦♦ 8- ثم ذكر القصيدةَ النونية - وقد تكلمنا عنها - نقلاً من شرح النابلسي لها، وعقبها بإثبات الشرح كاملاً، لكنه حذفَ المقدمة، وفيها نبذة عن حياة الغزالي وبعض أشعاره. وعلل هذا الحذفَ كما في صـ 67 بأن الشعر الذي فيها سبقَ أنْ تطرَّق إليه فيما جمعَهُ، لكنه نسِيَ أَنَّ في المقدمة بيتين لم يذكرهما، وهما: تركتُ هوى ليلى وسعدى بمعزلِ ![]() وعدتُ إلى مصحوب أول منزلِ ![]() وناديتُ في الأسواق مهلاً فهذه ![]() منازل مَنْ تهوى، رويدك فانزلِ ![]() وكان الزبيدي قد ذكرهما للغزالي في "إتحافه" (1/25) مع قصةٍ معهما، ولكن بلفظ: ونادتْ بي الأشواقُ، وهو الصحيح. ونجد البيتين في "شذرات الذهب في أخبار مَنْ ذهب" لابن العماد الحنبلي (4/13)، ومعهما بيتٌ ثالثٌ هكذا: ونادت بي الأشواقُ، مهلاً فهذه ![]() منازل مَنْ تهوى، رويدك فانزلِ ![]() غزلتُ لهم غزلاً دقيقاً، فلم أجدْ ![]() لغزليَ نسَّاجاً فكسَّرت مغزلي". ![]() هذا، وينقلُ الدكتور مصطفى جواد في مقالٍ له ضمن كتاب "في التراث العربي" (2/320) عن الحافظ ابن عساكر الدمشقي أنه قال في ترجمة محمد بن أسعد أبي المظفر البغدادي (ت: 567هـ): "سمعتُ منه شيئاً من شعره، وكان فَسْلاً في دينه، خليعاً، قليل المرؤة، ساقطاً،كذاباً، أنشدنا أبو المظفر وكتبه لي بخطه: ذكرتُ هوى سلمى وليلى بمعزلِ ![]() وعدتُ إلى مصحوب أول منزلِ ![]() ونادتْ بيَ الأشواق مهلاً فهذه ![]() منازل مَنْ تهواه، دونك فانزلِ ![]() وخذ مِنْ نعيمٍ قد صفا لك شربُهُ ![]() ودعْ ما سوى الأحباب عنك بمعزلِ"[5]. ![]() أقول: وبما أننا وقفنا على نصٍ يؤكد جريانَ هذه الأبيات على لسان الغزالي فأنا أرجح الآن كونها له، وقد ادّعاها أبو المظفر على عادته في الكذب، مع ملاحظة الاختلاف بين الروايات. ♦♦♦ هذا هو جهد الأستاذ جميل إبراهيم في صنع ديوان للإمام الغزالي، وهو جهدٌ يفتقرٌ إلى التثبُّت والتقصّي، والباحثُ على الرغم من اعتماده على الدكتور بدوي، فإنه لم يستقص كلَّ ما تطرّق إليه بدوي في هذا الجانب: فهو في صـ 295 يذكر أنَّ ثلاثَ قصائد صوفية في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم منسوبة له في مكتبة برلين، ولكنه ينقل عن "ألفرت" أنه يشكُّ في صحة نسبتها إلى الغزالي. وفي صـ 387 يذكر قصيدةً منسوبة له في خواص الخاتم المثلث المشهور في (22) بيتًا في دار الكتب المصرية... الخ. ولسنا نشك في كذب كل هذه النسب، فلم يكن الغزالي ذا نفس طويل إذا شعر، كما أنه لم يكن منجِّماً. ♦♦♦ وعلى أية حال نستخلص من كلِّ ما مرَّ: أنَّ الغزالي قال الشعر، ولكنه شعرٌ قليلٌ جيدٌ متشرِّع، ممّا يدلُّ على عدم صحة ما يُنسَبُ إليه من الشعر الركيك المُتهافت، والشعرِ الذي يدلُّ على معانٍ لا يرتضيها، وتخالفُ منهجه الذي سار عليه. وليت الأستاذ جميل إبراهيم - وقد تبنى صنع هذا الديوان - دقَّق فيما صنع، وتبع طريقة صناع الدواوين المعهودة، وجعَلَ هدفه معرفة شعر الغزالي؛ صحيحه من مزيفه، لا أن يجمع أكبر عدد ممكن من الأشعار كي يخرجها للناس على أنها "الدرر الغوالي من أشعار الإمام الغزالي" في عشرة آلاف نسخة! وليته ترك غيرَه يقول ما قاله هو في المقدمة: "وهو عملٌ لم يقم به أحد قبلي، ويعتبر هذا الديوان ميلاداً أدبياً - وخاصة في الأدب الصوفي - جديداً سيلمعُ بين كتب التراث، ويأخذ موقعه المناسب بينها"، في حين أنه لم يقم إلا بأن: ♦أتى بكتاب "مجموعة الأوراد الأحمدية" فنقل من آخره "المنفرجة". ♦ وبكتاب "معارج القدس في مدارج معرفة النفس" فأخذ من ذيله القصيدتين "الهائية"، و"التائية". ♦ وبـ"الكوكب المتلالي بشرح قصيدة الغزالي" فنقل "فضائل الفاتحة"، والقصيدة "النونية". ♦ ورجع إلى "مؤلفات الغزالي" للدكتور عبدالرحمن بدوي وأخذ "أبياتاً" متفرقة. والله من وراء القصد[6]. [1] كُتِبَ هذا المقال ببغداد سنة 1985م، وأضفتُ الآن بعضَ الحواشي. [2] كذا، والصواب: البجائي. كما في هذا "الشرح" المطبوع سنة 1999م ص 39. [3] أقول الآن: ظهر أن منفرجة التوزري غير المنفرجة المنسوبة إلى الغزالي، وهذا يحتاج إلى نظر جديد. [4] والنقل فيه (1/276-277). [5] انظر: تاريخ دمشق (52/46). [6] كنتُ قد تكلمتُ على الشعر الوارد في كتاب "منهاج العابدين" المنسوب إلى الغزالي، وعلى ما أورده السبكي والزبيدي من شعرٍ له، وما صنعه الدكتور أحمد فريد الرفاعي في كتابه "الغزالي"، وقد بدا لي أن أجعل هذا في مقالٍ آخر، وأخص هذا المقال بتتبع "الدرر الغوالي".
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |