|
ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() فالصورة البلاغية في النص الروائي تعمل في التحام تام بهذه السياقات جميعها، ويكسبها هذا الالتحام خصوصيتها وتميزها عن مثيلاتها من الصور البلاغية المدرجة في أجناس أدبية مغايرة"[16]. إذاً، يستعرض مصطفى الورياغلي نظرية أستاذنا محمد أنقار على مستوى التصور المنهجي، لكن يمكن الاستفادة من تصورات حميد لحمداني وآراء باختين في توسيع الصورة الروائية، وإثراء البلاغة السردية الموسعة. وليس من الضروري التقيد بهذه الوصفة المنهجية بحذافيرها لتأسيس درس الصورة الروائية، بل يمكن الاستفادة من البلاغة القديمة، والأسلوبية، والشعرية، والسيميائيات، واللسانيات، مع احترام مميزات الفن الروائي تجنيسا وتنويعا وتنميطا وأسلبة، ودراسته ضمن إطار كلي وعام. ومن هنا، يمكن القول بأن حميد لحمداني كان من المبشرين ببلاغة الرواية الموسعة على مستوى صورة اللغة، والصورة الكلية، وتمثل قواعد الجنس الروائي من خلال التمييز بين الرواية المنولوجية والرواية البوليفونية أو ما يسمى أيضا بالرواية الحوارية أو المتعددة الأصوات. وفي هذا الصدد، يقول الباحث: "كانت فكرة الجنس الأدبي ملازمة لفكرة الأسلوب. فلكل جنس أشكال تعبيره الضرورية المحددة، والتي لاتقتصر على تكوينه فحسب، بل تشمل أيضا مفرداته ونحوه أشكاله البلاغية وأدواته الفنية التصويرية"[17]. وهذا دليل على أن حميد لحمداني قد اهتم بالصورة الروائية، مادام يعنى بدراسة الرواية ضمن سياقها الجنسي والنوعي. ويهتم كذلك بسياقها التصويري العام والكلي، وإن لم يتناول باقي المكونات الأخرى التي تشكل ما يسمى بالحبكة السردية. فيكفيه فخرا أنه تنبه مبكرا إلى الصورة البلاغية أو صورة اللغة أو الصورة السردية الموسعة، وليس من اللازم أن يتبنى منهجية معيار الصورة الروائية كما عند أنقار التزاما حرفيا. لكن مصطفى ورياغلي لا يعترف بذلك، و ينفي عن الباحث أن يكون لديه أدنى وعي أو اهتمام بالصورة الروائية بالمفهوم الأنقاري للصورة. وفي هذا النطاق، يقول مصطفى الورياغلي: "بيد أن تصور الباحث لطبيعة الأسلوب الروائي، واقتناعه بالدور الحاسم الذي يضطلع به مفهوم "صورة اللغة" أو تحديد أسلوب الرواية وتمييزه عن أساليب الأجناس الأدبية الأخرى، وعن أساليب الشعر على وجه الخصوص، يحتاجان إلى التمحيص والمناقشة. فالأسلوب الأدبي، مهما كان انتماؤه الجنسي، يتكون من جملة من العناصر أو المكونات والسمات وتداخلها. ومن ثم، لايجوز حصر الأسلوب الروائي في مكون واحد متمثل في صورة اللغة، حيث يؤكد ألرخ ليو (Ulrich Leo) أن "كل ما يصنع الكيف (لا ال"ماذا") في العمل الفني هو الأسلوب، ولا ينحصر ذلك في التعبير اللغوي، بل يشمل البنية ككل والشخصيات والمواقف وحتى الحبكة والأحداث". ولعل حصر أسلوب الرواية في مكون اللغة أو صورة اللغة استمرار خفي لهيمنة الشعر على مفاهيم الأسلوبية ومناهجها. فالأسلوبية الشعرية تنبني على تحليل عناصر أو مكونات جنس الشعر اللغوية"[18]. ويعني هذا أن حميد لحمداني قد تناول مكونا واحدا من مكونات الجنس الروائي وهو مكون اللغة، ولم يتناول باقي المكونات الأخرى، ولم يشر إلى السمات الأخرى التي تميز نصا روائيا معينا عن باقي النصوص الروائية الأخرى. وفي هذا السياق، يقول مصطفى الورياغلي أيضا: "يحصر حميد لحمداني الأسلوب في "صوت اللغة" التي تضطلع بعملية التعبير أو التصوير.وهذا التصور يخالف التصور الشعري للأسلوب من جهة، ويوافقه من جهة أخرى؛ يبتعد عن التصور الشعري للأسلوب عندما يؤكد أن الروائي لايعبر أو يصور بأسلوب فردي متجانس، بل بواسطة أساليب متعددة تتجسد في "صورة اللغة"، باعتبارها تعددا للغات والأصوات الاجتماعية.غير أنه يوافق التصور الشعري عندما يحصر الأسلوب في مكون اللغة دون غيره من مكونات جنس الرواية"[19]. لو فرضنا جدلا بأن حميد لحمداني قد اكتفي بمكون واحد، ولم يتعامل مع باقي مكونات الحبكة الروائية من أحداث وشخصيات وفضاء، أليس هذا المكون الجزئي كافيا لإدراج الباحث ضمن المهتمين بالصورة الروائية؟ ثم من قال بأن الباحث كان يتعامل مع صورة اللغة في ضوء أسلوبية شعرية مادام قد ركز على اللغة فقط؟ لكننا نتناسى أن الباحث كان يعالج هذه الصورة من خلال رؤية بوليفونية باختينية، ويستقي أمثلته من نصوص سردية روائية، يحلل مكوناتها الأسلوبية واللغوية للتمييز بين المنولوجية والديالوجية، مع مراعاة قواعد الجنس، من خلال التركيز على الطاقة اللغوية والطاقة البلاغية ضمن سياق كلي وعام. وفي هذا السياق، يقول الباحث:" يمكن القول إننا توصلنا، حتى الآن، إلى أن كل دراسة أسلوبية ينبغي لها مراعاة جانبين أساسيين: • ضرورة دراسة العناصر الأسلوبية الصغرى في ضوء مجموع النص، وذلك لكي تحتل موقعها الفعلي بالنسبة للنسق العام. • ضرورة مراعاة الخصائص العامة للنوع الأدبي الذي ندرسه أسلوبيا"[20] علاوة على هذا، يرفض الباحث دراسة الأسلوب الروائي ضمن رؤية منولوجية شعرية فردية، بل يدعو إلى دراسته ضمن رؤية رواية بوليفونية قائمة على تعدد اللغات والأساليب والأصوات. وفي هذا الصدد، يقول الباحث:" لايمكن أمام هذه الحقيقة أن يلجأ الدارس الأسلوبي إلى تحليل الأسلوب الروائي ناظرا إليه باعتباره وحدة منسجمة تعبر فقط عن الفردية الأسلوبية للكاتب. فسيكون هذا عملا عشوائيا، ولا معنى له في ضوء التعددية الأسلوبية التي تكون مجموعة بناء الروائي"[21]. بل يتفق الباحث مع محمد أنقار أيضا في بعض الملامح المنهجية، كالإشارة إلى الصورة السردية أو الروائية، والتعامل مع الصورة الكلية، والاهتمام بصورة اللغة، ومراعاة السياقين: الجنسي والنوعي. لذا، نعتبر رؤية مصطفى الورياغلي، تجاه ما كتبه حميد لحمداني في كتابه (أسلوبية الرواية)، رؤية غير موضوعية؛ إذ يحاكمه من خلال معيار الصورة الروائية لدى الدكتور محمد أنقار. وشتان بين منهجية الأول والثاني، فلكل واحد مجاله وتميزه المنهجي الخاص. وعليه، يتبين لنا، مما سبق ذكره، بأن حميد لحمداني قد تمثل معيار الصورة الروائية، بشكل من الأشكال، ولو كان ذلك ضمن رؤية أسلوبية روائية، تمتح أفكارها من تصورات ميخائيل باختين، وبيرسي لوبوك، ورومان جاكبسون، وأ. ف. تشيتشرين... الخاتمة: وخلاصة القول، لقد تنبه حميد لحمداني إلى الصورة الروائية في وقت مبكر منذ سنة (1989م) مع صدور كتابه (أسلوبية الرواية)، وقد دافع عن صورة روائية معينة هي الصورة السردية البوليفونية القائمة على تعدد اللغات، وتعدد الأفكار، وتعدد الأصوات، وتعدد المنظورات. ومن ثم، فقد كان سباقا إلى الإشارة إلى التعامل مع الأسلوب الروائي ضمن كلية عامة، وضمن السياقين الجنسي والنوعي. كما تعامل مع صورة اللغة المبنية على التهجين، والأسلبة، والحوارية، والمحاكاة الساخرة، والتنضيد، والتناص... ومهما اختلفنا مع الدارسين الآخرين (مصطفى الورياغلي- مثلا -) حول كيفية تعامل الباحث مع الصورة الروائية، فإن حميد لحمداني يلتقي مع الدكتور محمد أنقار، مؤسس مشروع الصورة الروائية، في كثير من الجوانب المتعلقة ببلاغة السرد الموسعة. ويكفي الباحث فخرا أنه عمق صورة اللغة، وصورة المنظور السردي، وصورة الأسلوب الروائي، وكان يراعي في ذلك قواعد الجنس والنوع الروائي، ويدرس ذلك في إطار صورة كلية عامة. هذا، وإذا كان محمد أنقار قد اهتم كثيرا بالصورة الروائية في الأدب المقارن، وإذا كان مصطفى الورياغلي قد اهتم بالصورة الروائية في الخطاب النقدي، وإذا كان عبد الرحيم الإدريسي قد اهتم بالصورة الروائية في الرواية الشاعرية الصوفية، وإذا كان شرف الدين ماجدولين قد اهتم بالصورة الروائية في الأدب الشعبي، وإذا كان جميل حمداوي قد اهتم بالصورة السردية في القصة القصيرة، وإذا كان محمد مشبال قد اهتم بالصورة البلاغية والحجاجية في السرد القديم على غرار تلميذه محمد العناز، وإذا كان البشير البقالي قد اهتم بالصورة الروائية في أدب الأطفال، فإن حميد لحمداني قد اهتم بالصورة الروائية البوليفونية في مجال الأسلوبية. [1] ميخائيل باختين: شعرية دويستفسكي، ترجمة: الدكتور جميل نصيف التكريتي، دارتوبقال للنشر، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1986م. [2] د.حميد لحمداني: أسلوبية الرواية، منشورات دراسات سال، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 1989م. [3] ميخائيل باختين: الماركسية وفلسفة اللغة، دارتوبقال للنشر، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1986م. [4] د. محمد أنقار: صورة المغرب في الرواية الإسبانية، مكتبة الإدرسي بتطوان، الطبعة الأولى سنة 1994م. [5] د.إدريس قصوري: أسلوبية الرواية، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بنمسيك الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2001م، ص: 410. [6] د.حميد لحمداني: أسلوبية الرواية، ص: 88. [7] بنسالم حميش: مجنون الحكم، دار رياض الريس، لندن، 1990م. [8] بنسالم حميش: العلامة، دار الآداب، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى سنة 1997م. [9] جمال الغيطاني: الزيني بركات، دار الشروق، الطبعة الرابعة، 2009م. [10] أحمد توفيق: جارات أبي موسى، منشورات دار القبة الزرقاء، الطبعة الثانية، سنة2000م. [11] أحمد الميني: زمن بين الولادة والحلم، دار النشر المغربية، طبعة 1976م، ص: 71. [12] ميخائيل باختين: نفسه،ص: 282-283. [13] حميد لحمداني: نفسه، ص: 6-7. [14] حميد لحمداني: نفسه، ص: 26. [15] حميد لحمداني: نفسه، ص: 57. [16] مصطفى الورياغلي: الصورة الروائية، مكتبة دار الأمان، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012مص: 137. [17] حميد لحمداني: نفسه، ص: 285. [18] مصطفى الورياغلي: نفسه، ص: 130. [19] مصطفى الورياغلي: نفسه، ص: 131. [20] حميد لحمداني: نفسه، ص: 14. [21] حميد لحمداني: نفسه، ص: 31.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |