
13-07-2022, 10:53 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(179)
الحلقة (193)
صــ 43إلى صــ 49
2021 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو بكر بن عياش قال : حدثنا [ ص: 43 ] أبو حصين ، عن سعيد بن جبير في قوله : "والعاكفين" قال : أهل البلد .
2022 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "والعاكفين" قال : العاكفون : أهله .
وقال آخرون : "العاكفون" ، هم المصلون .
ذكر من قال ذلك :
2023 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس في قوله : "طهرا بيتي للطائفين والعاكفين" قال : العاكفون : المصلون .
قال أبو جعفر : وأولى هذه التأويلات بالصواب ما قاله عطاء ، وهو أن "العاكف" في هذا الموضع ، المقيم في البيت مجاورا فيه بغير طواف ولا صلاة . لأن صفة "العكوف" ما وصفنا : من الإقامة بالمكان . والمقيم بالمكان قد يكون مقيما به وهو جالس ومصل وطائف وقائم ، وعلى غير ذلك من الأحوال . فلما كان تعالى ذكره قد ذكر - في قوله : " أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود - المصلين والطائفين ، علم بذلك أن الحال التي عنى الله تعالى ذكره من "العاكف" ، غير حال المصلي والطائف ، وأن التي عنى من أحواله ، هو العكوف بالبيت ، على سبيل الجوار فيه ، وإن لم يكن مصليا فيه ولا راكعا ولا ساجدا .
القول في تأويل قوله تعالى ( والركع السجود ( 125 ) )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "والركع" ، جماعة القوم الراكعين فيه له ، واحدهم "راكع" . وكذلك "السجود" هم جماعة القوم الساجدين فيه له ، [ ص: 44 ] واحدهم "ساجد" - كما يقال : "رجل قاعد ورجال قعود" و"رجل جالس ورجال جلوس" ، فكذلك "رجل ساجد ورجال سجود" .
وقيل : بل عنى "بالركع السجود" ، المصلين .
ذكر من قال ذلك :
2024 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عطاء : "والركع السجود" قال : إذا كان يصلي فهو من "الركع السجود" .
2025 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "والركع السجود" ، أهل الصلاة .
وقد بينا فيما مضى بيان معنى "الركوع" و"السجود" ، فأغنى ذلك عن إعادته هاهنا .
القول في تأويل قوله تعالى ( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا" ، واذكروا إذ قال إبراهيم : رب اجعل هذا البلد بلدا آمنا .
قال أبو جعفر : يعني بقوله : "آمنا" : آمنا من الجبابرة وغيرهم ، أن يسلطوا [ ص: 45 ] عليه ، ومن عقوبة الله أن تناله ، كما تنال سائر البلدان ، من خسف ، وائتفاك ، وغرق ، وغير ذلك من سخط الله ومثلاته التي تصيب سائر البلاد غيره ، كما :
2026 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : ذكر لنا أن الحرم حرم بحياله إلى العرش . وذكر لنا أن البيت هبط مع آدم حين هبط . قال الله له : أهبط معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عرشي . فطاف حوله آدم ومن كان بعده من المؤمنين ، حتى إذا كان زمان الطوفان - حين أغرق الله قوم نوح - رفعه وطهره ، ولم تصبه عقوبة أهل الأرض . فتتبع منه إبراهيم أثرا ، فبناه على أساس قديم كان قبله .
فإن قال لنا قائل : أوما كان الحرم آمنا إلا بعد أن سأل إبراهيم ربه له الأمان ؟
قيل له : لقد اختلف في ذلك . فقال بعضهم : لم يزل الحرم آمنا من عقوبة الله وعقوبة جبابرة خلقه ، منذ خلقت السماوات والأرض . واعتلوا في ذلك بما : -
2027 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري ، قال سمعت أبا شريح الخزاعي يقول : لما افتتحت مكة قتلت خزاعة رجلا من هذيل ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال : "يا أيها الناس ، إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأض ، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ، أو يعضد بها شجرا . ألا وإنها لا تحل لأحد بعدي ، [ ص: 46 ] ولم تحل لي إلا هذه الساعة ، غضبا على أهلها . ألا فهي قد رجعت على حالها بالأمس . ألا ليبلغ الشاهد الغائب ، فمن قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل بها! فقولوا : إن الله قد أحلها لرسوله ولم يحلها لك " .
2028 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان - وحدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير - جميعا ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لمكة حين افتتحها : "هذه حرم حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض ، وخلق الشمس والقمر ، ووضع هذين الأخشبين ، لم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي ، أحلت لي ساعة من نهار . [ ص: 47 ]
قالوا : فمكة منذ خلقت حرم آمن من عقوبة الله وعقوبة الجبابرة . قالوا : وقد أخبرت عن صحة ما قلنا من ذلك الرواية الثانية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ذكرناها . قالوا : ولم يسأل إبراهيم ربه أن يؤمنه من عقوبته وعقوبة الجبابرة ، ولكنه سأله أن يؤمن أهله من الجدوب والقحوط ، وأن يرزق ساكنه من الثمرات ، كما أخبر ربه عنه أنه سأله بقوله : " وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قالوا : وإنما سأل ربه ذلك لأنه أسكن فيه ذريته ، وهو غير ذي زرع ولا ضرع ، فاستعاذ ربه من أن يهلكهم بها جوعا وعطشا ، فسأله أن يؤمنهم مما حذر عليهم منه .
قالوا : وكيف يجوز أن يكون إبراهيم سأل ربه تحريم الحرم ، وأن يؤمنه من عقوبته وعقوبة جبابرة خلقه ، وهو القائل - حين حله ، ونزله بأهله وولده : ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ) [ سورة إبراهيم : 37 ] ؟ قالوا : فلو كان إبراهيم هو الذي حرم الحرم أو سأل ربه [ ص: 48 ] تحريمه لما قال : "عند بيتك المحرم" عند نزوله به ، ولكنه حرم قبله ، وحرم بعده .
وقال آخرون : كان الحرم حلالا قبل دعوة إبراهيم كسائر البلاد غيره ، وإنما صار حراما بتحريم إبراهيم إياه ، كما كانت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم حلالا قبل تحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها . قالوا : والدليل على ما قلنا من ذلك ، ما : -
2029 - حدثنا به ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا سفيان ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن إبراهيم حرم بيت الله وأمنه ، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها ، لا يصاد صيدها ، ولا تقطع عضاهها .
2030 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا [ حدثنا ابن إدريس - وأخبرنا أبو كريب قال ] ، حدثنا عبد الرحيم الرازي ، [ قالا جميعا ] : سمعنا أشعث ، عن نافع ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن إبراهيم كان عبد الله وخليله ، وإني عبد الله ورسوله ، وإن إبراهيم حرم مكة ، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها ، عضاهها وصيدها ، ولا يحمل فيها سلاح لقتال ، ولا يقطع منها شجر إلا لعلف بعير . [ ص: 49 ]
2031 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا بكر بن مضر ، عن ابن الهاد ، عن أبي بكر بن محمد ، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن رافع بن خديج ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن إبراهيم حرم مكة ، وإني أحرم المدينة ما بين لابتيها .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|