تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5087 - عددالزوار : 2329950 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4674 - عددالزوار : 1623419 )           »          8 وجبات صحية للعودة الى المدرسة , وجبات صحية للاطفال للمدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          Translation of the meanings of Surat AL FURQAAN (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          تأملات قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          The obligatory parts and sunnahs of wudoo (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          10 نصائح للفتاة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          ما هو علاج نزلات البرد او علاج البرد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          أهم النصائح لتحافظ على صحة قلبك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          كيفية علاج الجروح العميقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 15-04-2022, 12:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد الرابع
الحلقة (275)

سُورَةُ طه
صـ 12 إلى صـ 18


وقيل : أصله من القر بضم القاف وهو البرد ، تقول العرب : يوم قر بالفتح أي بارد ، ومنه قول امرئ القيس :
تميم بن مر وأشياعها وكندة حولي جميعا صبر
إذا ركبوا الخيل واستلأموا تحرقت الأرض واليوم قر


ومنه أيضا قول حاتم الطائي الجواد :


أوقد فإن الليل ليل قر والريح يا واقد ريح صر
عل يرى نارك من يمر إن جلبت ضيفا فأنت حر


وعلى هذا القول : فقرة العين من بردها . لأن عين المسرور باردة ، ودمع البكاء من السرور بارد جدا ، بخلاف عين المحزون فإنها حارة ، ودمع البكاء من الحزن حار جدا . ومن أمثال العرب : أحر من دمع المقلات . وهي التي لا يعيش لها ولد ، فيشتد حزنها لموت أولادها فتشتد حرارة دمعها لذلك .
قوله تعالى : وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا

.

لم يبين هنا جل وعلا في هذه الآية الكريمة سبب قتله لهذه النفس ، ولا ممن هي ، ولم يبين السبب الذي نجاه به من ذلك الغم ، ولا الفتون الذي فتنه ، ولكنه بين في سورة " القصص " خبر القتيل المذكور في قوله تعالى : ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم [ 28 15 - 16 ] وأشار إلى القتيل المذكور في قوله : قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون [ 28 33 ] وهو المراد بالذنب في قوله تعالى عن موسى : فأرسل إلى هارون ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون [ 26 13 - 14 ] وهو مراد فرعون بقوله لموسى فيما ذكره الله عنه : وفعلت فعلتك التي فعلت الآية [ 26 19 ] . وقد أشار تعالى في " القصص " أيضا إلى غم موسى ، وإلى السبب الذي أنجاه الله به منه في قوله : وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال ياموسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل [ ص: 13 ] إلى قوله قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين [ 28 20 - 25 ] . وقوله وفتناك فتونا ، قال بعض أهل العلم : الفتون مصدر ، وربما جاء مصدر الثلاثي المتعدي على فعول . وقال بعضهم : هو جمع فتنة . وقال الزمخشري في الكشاف فتونا يجوز أن يكون مصدرا على فعول في المتعدي كالثبور ، والشكور ، والكفور . وجمع فتن أو فتنة على ترك الاعتداء بتاء التأنيث كحجوز وبدور في حجزة وبدرة أي فتناك ضروبا من الفتن . وقد جاء في تفسير الفتون المذكور حديث معروف عند أهل العلم بحديث " الفتون " ، أخرجه النسائي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وساقه ابن كثير في تفسيره عن النسائي بسنده . وهو حديث طويل يقتضي أن الفتون يشمل كل ما جرى على موسى من المحن من فرعون في صغره وكبره ، كالخوف عليه من الذبح وهو صغير ، ومن أجل ذلك ألقي في التابوت وقذف في اليم فألقاه اليم بالساحل . وكخوفه وهو كبير من أن يقتله فرعون بالقبطي الذي قتله . وعلى هذا فالآيات التي ذكرت فيها تلك المحن مبينة للفتون على تفسير ابن عباس للفتون المذكور . وقال ابن كثير بعد أن ساق حديث الفتون بطوله : هكذا رواه النسائي في السنن الكبرى . وأخرجه أبو جعفر بن جرير ، وابن أبي حاتم في تفسيريهما كلهم من حديث يزيد بن هارون به ، وهو موقوف من كلام ابن عباس ، وليس فيه مرفوع إلا قليل منه ، وكأنه تلقاه ابن عباس رضي الله عنه مما أبيح نقله من الإسرائيليات عن كعب الأحبار أو غيره . والله أعلم . وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول ذلك أيضا ا ه .
قوله تعالى : فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر

. السنين التي لبثها في مدين هي المذكورة في قوله تعالى : قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك [ 28 27 ] وقد قدمنا في سورة " مريم " أنه أتم العشر ، وبينا دليل ذلك من السنة . وبه تعلم أن الأجل في قوله : فلما قضى موسى الأجل [ 28 29 ] أنه عشر سنين لا ثمان . وقال بعض أهل العلم : لبث موسى في مدين ثماني وعشرين سنة ، عشر منها مهر ابنة صهره ، وثمان عشرة أقامها هو اختيارا ، والله تعالى أعلم .

وأظهر الأقوال في قوله تعالى : ثم جئت على قدر ياموسى [ 20 40 ] أي جئت على القدر الذي قدرته وسبق في علمي أنك تجيء فيه فلم تتأخر عنه ولم تتقدم ، كما قال تعالى : إنا كل شيء خلقناه بقدر [ 54 49 ] وقال : وكل شيء عنده بمقدار [ 13 8 ] ، [ ص: 14 ] وقال وكان أمر الله قدرا مقدورا [ 33 38 ] . وقال جرير يمدح عمر بن عبد العزيز :


نال الخلافة أو كانت له قدرا كما أتى ربه موسى على قدر


قوله تعالى : اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري اذهبا إلى فرعون إنه طغى في ذكري اذهبا إلى فرعون إنه طغى .

قال بعض أهل العلم : المراد بالآيات في قوله هنا : اذهب أنت وأخوك بآياتي الآيات التسع المذكورة في قوله تعالى : ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات الآية [ 17 101 ] ، وقوله : وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات الآية [ 27 12 ] . والآيات التسع المذكورة هي : العصا ، واليد البيضاء . . . إلى آخرها . وقد قدمنا الكلام عليها مستوفى في سورة " بني إسرائيل " .

وقوله تعالى : إنه طغى .

أصل الطغيان : مجاوزة الحد ، ومنه : إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية [ 69 11 ] وقد بين تعالى شدة طغيان فرعون ومجاوزته الحد في قوله عنه : فقال أنا ربكم الأعلى [ 79 24 ] ، وقوله عنه ما علمت لكم من إله غيري [ 28 38 ] ، وقوله عنه أيضا : لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين [ 26 29 ] .

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : ولا تنيا مضارع ونى يني ، على حد قول ابن مالك في الخلاصة :


فا أمر ومضارع من كوعد احذف وفي كعدة ذاك اطرد


والونى في اللغة : الضعف ، والفتور ، والكلال ، والإعياء ، ومنه قول امرئ القيس في معلقته :


مسح إذا ما السابحات على الونى أثرن غبارا بالكديد المركل


وقول العجاج :


فما ونى محمد مذ أن غفر له الإله ما مضى وما غبر


فقوله : ولا تنيا في ذكري أي لا تضعفا ، ولا تفترا في ذكري . وقد أثنى الله على من يذكره في جميع حالاته في قوله : الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم [ 3 191 ] ، وأمر بذكر الله عند لقاء العدو في قوله : إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا [ 8 45 ] [ ص: 15 ] كما تقدم إيضاحه .

وقال ابن كثير في تفسيره هذه الآية الكريمة : والمراد أنهما لا يفتران في ذكر الله في حال مواجهة فرعون . ليكون ذكر الله عونا لهما عليه ، وقوة لهما وسلطانا كاسرا له ، كما جاء في الحديث : " إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو مناجز قرنه " اه منه .

وقال بعض أهل العلم : ولا تنيا في ذكري لا تزالا في ذكري . واستشهد لذلك بقول طرفة :


كأن القدور الراسيات أمامهم قباب بنوها لا تني أبدا تغلي


أي لا تزال تغلي . ومعناه راجع إلى ما ذكرنا . والعلم عند الله تعالى .
قوله تعالى : فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى

.

أمر الله جل وعلا نبيه موسى وهارون عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام : أن يقولا لفرعون في حال تبليغ رسالة الله إليه " قولا لينا " أي كلاما لطيفا سهلا رقيقا ، ليس فيه ما يغضب وينفر . وقد بين جل وعلا المراد بالقول اللين في هذه الآية بقوله : اذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى [ 79 17 - 18 ] وهذا ، والله غاية لين الكلام ولطافته ورقته كما ترى . وما أمر به موسى وهارون في هذه الآية الكريمة أشار له تعالى في غير هذا الموضع ، كقوله ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن [ 16 125 ] .

مسألة

يؤخذ من هذه الآية الكريمة : أن الدعوة إلى الله يجب أن تكون بالرفق ، واللين . لا بالقسوة ، والشدة ، والعنف . كما بيناه في سورة " المائدة " في الكلام على قوله تعالى : عليكم أنفسكم [ الآية 105 ] . وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية : قال يزيد الرقاشي عند قوله فقولا له قولا لينا [ 20 44 ] : يا من يتحبب إلى من يعاديه ، فكشف بمن يتولاه ويناديه ؟ اه ولقد صدق من قال :


ولو أن فرعون لما طغى وقال على الله إفكا وزورا أناب إلى الله مستغفرا
لما وجد الله إلا غفورا


[ ص: 16 ] وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : لعله يتذكر أو يخشى قد قدمنا قول بعض العلماء : إن " لعل " في القرآن بمعنى التعليل ، إلا التي في سورة " الشعراء " : وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون [ 129 ] فهي بمعنى كأنكم . وقد قدمنا أيضا أن " لعل " تأتي في العربية للتعليل . ومنه قوله :


فقلتم لنا كفوا الحروب لعلنا نكف ووثقتم لنا كل موثق
فلما كففنا الحرب كانت عهودكم كشبه سراب بالملا متألق


فقوله : " لعلنا نكف " أي لأجل أن نكف .

وقال بعض أهل العلم : لعله يتذكر أو يخشى معناه على رجائكما وطمعكما ، فالترجي ، والتوقع المدلول عليه بلعل راجع إلى جهة البشر . وعزا القرطبي هذا القول لكبراء النحويين كسيبويه ، وغيره .
قوله تعالى : فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى

.

ألف الاثنين في قوله " فأتياه " راجعة إلى موسى وهارون . والهاء راجعة إلى فرعون . أي فأتيا فرعون " فقولا " له : " إنا رسولان إليك من ربك فأرسل معنا بني إسرائيل " أي خل عنهم وأطلقهم لنا يذهبون معنا حيث شاءوا ، ولا تعذبهم .

العذاب الذي نهى الله فرعون أن يفعله ببني إسرائيل : هو المذكور في سورة " البقرة " في قوله : وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم [ 2 49 ] ، وفي سورة " إبراهيم " في قوله تعالى : وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم [ 14 6 ] ، وفي سورة " الأعراف " في قوله تعالى : وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم [ 7 141 ] . وفي سورة " الدخان " في قوله : ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين [ 44 20 ] وفي سورة " الشعراء " في قوله : وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل [ 26 22 ] .

[ ص: 17 ] وما أمر به الله موسى وهارون في آية " طه " هذه من أنهما يقولان لفرعون إنهما رسولا ربه إليه ، وأنه يأمره بإرسال بني إسرائيل ، ولا يعذبهم أشار إليه تعالى في غير هذا الموضع ، كقوله في سورة " الشعراء " : فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل [ 26 16 - 17 ] .

تنبيه

فإن قيل ، ما وجه الإفراد في قوله إنا رسول رب العالمين في " الشعراء " ؟ مع أنهما رسولان ؟ كما جاء الرسول مثنى في " طه " فما وجه التثنية في " طه " ، والإفراد في " الشعراء " ، وكل واحد من اللفظين : المثنى ، والمفرد يراد به موسى وهارون ؟

فالذي يظهر لي ، والله تعالى أعلم أن لفظ الرسول أصله مصدر وصف به ، والمصدر إذا وصف به ذكر وأفرد كما قدمنا مرارا . فالإفراد في " الشعراء " نظرا إلى أن أصل الرسول مصدر . والتثنية في " طه " اعتدادا بالوصفية العارضة وإعراضا عن الأصل ، ولهذا يجمع الرسول اعتدادا بوصفيته العارضة ، ويفرد مرادا به الجمع نظرا إلى أن أصله مصدر . ومثال جمعه قوله تعالى : تلك الرسل الآية [ 2 253 ] ، وأمثالها في القرآن . ومثال إفراده مرادا به الجمع قول أبي ذؤيب الهذلي :


ألكني إليها وخير الرسول أعلمهم بنواحي الخبر


ومن إطلاق الرسول مرادا به المصدر على الأصل قوله :


لقد كذب الواشون ما فهت عندهم بقول ولا أرسلتهم برسول


أي برسالة .

وقول الآخر :


ألا بلغ بني عصم رسولا بأني عن فتاحتكم غني


يعني أبلغهم رسالة .

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : قد جئناك بآية يراد به جنس الآية الصادق بالعصا ، واليد ، وغيرهما . لدلالة آيات أخر على ذلك .

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : والسلام على من اتبع الهدى يدخل فيه السلام على فرعون إن اتبع الهدى . ويفهم من الآية : أن من لم يتبع الهدى لا سلام عليه ، وهو كذلك . ولذا كان في أول الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل عظيم الروم :

[ ص: 18 ] " بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى . أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام . . . " إلى آخر كتابه - صلى الله عليه وسلم - . قوله تعالى : إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى

.

ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة عن موسى وهارون . أن الله أوحى إليهما أن العذاب على من كذب وتولى أشير إلى نحوه في آيات كثيرة من كتاب الله تعالى . كقوله : فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى [ 79 37 - 39 ] ، وقوله تعالى : فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى [ 92 14 - 16 ] . وقوله تعالى : فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله يتمطى أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى [ 75 31 - 35 ] إلى غير ذلك من الآيات .
قوله تعالى : قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى

.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن موسى وهارون لما بلغا فرعون ما أمرا بتبليغه إياه قال لهما : من ربكما الذي تزعمان أنه أرسلكما إلي ؟ زاعما أنه لا يعرفه . وأنه لا يعلم لهما إلها غير نفسه ، كما قال : ما علمت لكم من إله غيري [ 28 38 ] ، وقال : لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين [ 26 29 ] . وبين جل وعلا في غير هذا الموضع أن قوله فمن ربكما تجاهل عارف بأنه عبد مربوب لرب العالمين ، وذلك في قوله تعالى : قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر الآية [ 17 102 ] ، وقوله : فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا [ 27 13 - 14 ] كما تقدم إيضاحه . وسؤال فرعون عن رب موسى ، وجواب موسى له جاء موضحا في سورة " الشعراء " بأبسط مما هنا ، وذلك في قوله : قال فرعون وما رب العالمين قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين قال أولو جئتك بشيء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين [ 26 23 - 33 ] إلى آخر القصة .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,619.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,617.42 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.11%)]