|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() يرى كل مهتم بتدريس مكونات اللغة العربية "أن مكون الدرس اللغوي، يعد ركنا أساسًا من مكونات وحدة اللغة العربية، وتكمن أهميته في كونه (واسطة العقد) بين مكون النص الوظيفي (نص نثري أو شعري، يؤدي وظيفة في منظومة من القيم والمجالات)، ومكون التعبير والإنشاء؛ فينطلق لتدريسه من أمثلة النص الوظيفي، لدراسة الظاهرة، واستنباط القاعدة اللغوية؛ كما في (البدل - الممنوع من الصرف - المبتدأ - الخبر...)، ويتحقَّق اكتساب المتعلم للكفاية اللغوية إذا استطاع استثمار مخزونه اللغوي في مهارات مكوِّن التعبير والإنشاء؛ فيعبر بلغة فصيحة تراعي القواعد، وخصوصًا القواعد المدروسة في مستواه؛ كنصب المفعول به، ورفع الفاعل، والنسبة، والتصغير، والنداء... وتمكِّنه هذه المهارات من ترسيخ الظاهرة اللغوية، مما يجعله قادرًا على توظيفها واستعمالها في أساليبه الخاصة من خلال التطبيقات؛ لتقويم مدى اكتساب المتعلم للظاهرة اللغوية المدروسة، ومدى استيعابه وتمكُّنه من المهارات والكفايات اللغوية المراد بناؤها، وتهدف هذه الخطوات إلى تمكين المتعلِّم من تعلُّم الفصحى عن طريق التواصل بها وتوظيفها والتفكير من داخلها"[13]، ولكن: • كيف يفكر الإنسان من داخل اللغة؟ • هل اللغة منهج للتفكير؟ إن سؤال التدريس جعل الباحث في "تدريسية اللغات" يطرح السؤال التالي: • "هل يفكِّر الإنسان باللغة؟ لا يوجد اتِّفاق كامل في الإجابة عن هذا السؤال، وهناك من المناطقة[14] من يرى أنَّ اللغة لا تستخدم إلَّا في التفكير في العمليات العقلية العليا، ونحن لا نميل إلى هذا الرأي، أمَّا بعض الصوفيين فاعتبَروا أنَّ التجارب الصوفية لا يصفها إلا من يعانيها، وأن وصفها باللغة غير ممكن. ولكننا نميل للقول بأنَّ اللغة: نظام للأفكار والمعاني بألفاظ تناسبها؛ فاللغة هي منهج الإنسان في التفكير، وفي الوصول إلى العمليات العقلية والمدركات الكلية. هنا يدور التفريق بين اللغة كنظام للتعبير عن العمليات العقلية العليا والمدركات السامية، وبين اللغة كمنهج للقيام بهذه العميات؛ فاللغة إذًا تجربة عقلية شعورية، يتمُّ التعبير بها من خلال تجربة لفظية مناسبة. لكن هل يمكن القول: إنَّ اللغة آلية ووعاء للتعبير عما تمَّ إنتاجه في مرحلة التفكير باللغة؟ وهل اللغة منهج للتعبير؟ عندما يتكلَّم الإنسان، فهو يستعمل ألفاظًا وجملًا، وعلى هذا المنوال يمكن القول: إنَّ اللغة نظام للتعبير؛ فالإنسان العادي يعبِّر عن أفكاره باللغة، هذه الوظيفة وظيفة اتصالية؛ لأنَّ المتكلم المعلم في تعليمه للغة يراعي نوعية المتعلم؛ لأنه يريد التأثير فيه، كما يراعي في مستوى الكتابة نوعيَّةَ القرَّاء المستهدفين للغرض نفسه؛ هكذا نرى أن اللغة كنظام للتعبير، غير بعيدة عن اللغة كنظام للاتصال"[15]. إذًا، يمكن القول: إنَّ المنهج التعبيري يوازي الوظيفة التواصلية للغة، بينما منهج التفكير والإدراك اللغوي يوازي الكفاءة التأملية أو الغنوصية للغة؛ "لتكون العلاقة بين الكفاءة اللغوية والتواصلية مهمة جدًّا في المرحلة الأساسية التي هي التعلم، في حين تكون الكفاءة اللغوية عفوية ومرنة؛ بحيث إنَّها تصحح التلاعب بنظام اللغة اعتمادًا على مقاييس اللغة الأم، أمَّا الكفاءة التواصلية، فهي تنطوي على مبادئ مناسبة من الاستعداد واللياقة من جانب المتعلِّم لاستخدام إستراتيجيات ذات صلة تداولية، في التعامل مع حالات خطابية معينة، في إطار تعليم اللغة العربية، سواء للناطقين بها أو بغيرها". ويمكن القول مما سبق: إنَّ الكفاءة اللغوية أساس الكفاءة التواصلية، ولا تتحدَّد كينونة ووجودية الكفاءة التواصلية في غياب الكفاءة اللغوية، ومع ذلك لا يمكن القول: إنَّ الكفاءة التواصلية نتاج تلقائي عن الكفاءة اللغوية؛ إذ تحدِّدها مجموعة من العوامل المتاخمة للطرف اللغوي، لكن هذا الأخير يعتبر العنصر المهم في تكوينها. وبشكل أكثر دقَّة يجوز القول: إنَّ الكفاية التواصلية في منهجها تعتمد على التطوُّر الوظيفي للغة وليس التركيبي، من خلال منح المتعلمين طرق استثمار اللغة واستخدامها، وليس دراستها والتركيز على مكوناتها؛ لأن هذا يتم تدارسه في مستوى آخر من مستويات الدرس اللغوي. وفي إطار تداولي تكون الطريقة الوظيفية - التواصلية - في جوهرها بديلًا للطريقة التركيبية من منظور شمولي مقارباتي لموضوع التدريسية، ويتم في هذا المستوى - المستوى الوظيفي للغة - سحب "أندري مارتيني" في الاتجاه الوظيفي، الذي أقرَّ أن هناك مجموعة من الوظائف اللغوية، لكن الوظيفة التواصلية هي أعلى وأهم وظيفة في سيرورة اللغة، ويتم التساهل مع الأخطاء اللغوية؛ حيث يتم التركيز في الأداء اللغوي التواصلي - في إطار تدريس اللغة العربية - على الطلاقة اللغوية، والتركيز عليها أكثر من الدقَّة في استخدام التراكيب النحوية؛ لذلك يتم الاستناد في هذا التصور على التطور الوظيفي والتداولي للغة، وليس التطور الهيكلي. وهذا ما يجعل كل التصورات التربوية الحديثة تولي في الصفِّ الدراسي مركزية أكثر للمتعلم منه للمعلم. وفي إطار هذا الأخذ والرد يجوز القول: إن اللغة ليست شيئًا جامدًا؛ بل نظام متحرِّك متناسل ومتنامٍ، على المستويين الفردي والجماعي. لكن في عملية تعليم اللغة تفرز لنا البنية الممارساتية الصفية بعضَ التقاطعات؛ حيث إنَّ الأفكار التي تكون في ذهن المعلِّم لا توافق الأفكار التي تكون في ذهن المتعلم، على الرغم من التشابه الحاصل في بنية الإدراك، لكن ما يحدث من اختلاف عائدٌ لا محالة إلى الاختلاف في البنية الإبستمولوجية لكل منهما، وهذا هو بيت القصيد؛ إذ ما يحكم طبيعة هذه العلاقة في بُعدها البيداغوجي وما يطبعها هو الاختلاف والتباين في المعارف والخبرات؛ وهذا هو الباعث الذي يهيِّئ أرضيَّة خصبة لينبلج تعلُّم ناجع وفعال، يستجيب لكل الشروط التربوية. إنَّ الغاية الأساسية من تدريس اللغات، هي "إرساء نظام لغوي في الذِّهن، وإقامة اللسان كملَكة لغوية سليمة وتجنُّب اللحن في الكلام، حتى إن استمع المتكلِّم أو قرأ أو كتب، كان ذلك بأسلوب سليم، واضح العبارة. إن تعلم اللغة العربية إذًا هو عملية ذهنية واعية، هدفها بناء ملَكة لغوية واضحة النسق؛ لاكتساب السيطرة والتحكُّم في المستويات الصرفية والتركيبية والصوتية والدلالية والمعجمية، لامتلاك نسق لغوي متين، من خلال دراسة هذه المكونات وتحليلها، بوصفها محتويات معرفية بالأساس. فتعلُّم اللغة يستند بالضرورة والأساس على الفهم والإدراك الواعيين لنظام اللغة؛ كشرط للتمكن منها وإتقانها، إذًا يجب - من منظور منهجي في تعلم اللغات - على الكفاية المعرفية المتصلة بكل المكونات اللغوية، أن تسبق الأداء اللغوي الواعي، وأن تكون محددة وشرطًا لحدوثه"[16]. وفي خضمِّ الحديث عن الكفاية المعرفية، في إطار تدريسية اللغات "يلزمنا التمييز بين الكفاية التواصلية متعددة اللغات، مقابل الكفاية التواصلية أحادية اللغة... ففي إطار التعدد اللغوي، تحدد الدراسات الحديثة الكفاية متعددة اللغات؛ على أنَّها مجموعة من المعارف والقدرات، التي تمكن من شحذ موارد السجل اللغوي للمتعلمين، فهي كفاية تواصليَّة متعددة اللغات، تركِّز على معارف ومهارات فعلية متنوعة، وتتميز بالشمولية والدمج بين اللغات المكونة لها؛ كما هو وارد عند (كوسط Coste)، في مقابل التصور التقليدي، الذي يرى أنَّ الكفاية التواصلية التي يكتسبها المتعلم في اللغة الأولى بالمدرسة هي كفايات تُضاف إلى الكفاية التواصلية في اللغة الأم، وأن الكفاية التواصلية في اللغة الأجنبية تُضاف إلى لغة المدرسة الأولى. ففي هذا التصور الحديث ما يطبع الكفاية متعددة اللغات؛ ليس هو تجميعًا لمجموعة من الكفايات في لغات متعددة، بل هناك دمج، أو على الأقل ربط وتعالق بين مختلف مكونات هذه الكفاية، وليس التناظر هو ما يطبع مكونات الكفاية؛ بل الاختلاف بين تلك المكونات، فهي كفاية تشتمل على قدرات مختلفة، وتتميز بعدم التوازن بين مختلف السجلات اللغوية"[17]. وبناء على ما سبق: تكون الكفاية "متعددة اللغات" - ككفاية معرفية - إذًا لا تَنبني على معرفة أحادية؛ نظرًا لطابعها التعددي، بل تمنح من تنوُّع في المعارف وتلون في القدرات، تغني المعجم اللغوي للمتعلمين؛ بتركيزها على معارف فعلية بالأساس، تؤطرها شمولية في بناء مكوناتها المندمجة كما يرى (كوسط). وعلى هذا الأساس تتجاوز هذه الكفاية منطق الكمِّ والتجميع والتخزين، إلى منطق الكيف والتعالق بين المكونات التي تحدد الكفاية؛ حيث نرصد تجلياتها المفرزة، ملموسة في الفعل التعليمي التعلمي. بيبليوغرافيا: • محمد الدريج، نحو بيداغوجيا جديدة للتعبير، مقتضيات دراسة النصوص، الدليل التربوي. • مجلة الدراسات اللغوية والأدبية، مقال بعنوان: اللسانيات وتدريس اللغة العربية؛ عبدالوهاب الصديقي. • نجيب العوفي: الدليل التربوي، تدريسية النصوص، أسئلة النص وأسئلة المنهج. • محمد مسكي: الدليل التربوي، النص الأدبي وديداكتيك التحويل. • ميلود حبيبي: طرائق تدريس النص الأدبي بالمدرسة الثانوية المغربية وإمكانيات تطويرها، تدريسية النصوص، إشراف: محمد الدريج. • الكتاب الأبيض، المملكة المغربية، وزارة التربية الوطنية 2002. • طرق تدريس اللغة العربية، جامعة المدينة العالمية؛ نخبة من الأساتذة. • محمد عابد الجابري: أضواء على مشكل التعليم بالمغرب، دار النشر المغربية - الدار البيضاء 1973، ط 1. • رشدي طعيمة: في تعليم اللغة العربية، جامعة أم القرى، الجزء الأول. • فاطمة الخلوفي، دراسة بعنوان: أثر المقارنة بين اللغات في بناء كفاية متعددة اللغات والكفايات، ندوة دولية حول: ديداكتيك التعدد اللغوي، تعليم وتعلم اللغات، إشراف: فاطمة الخلوفي - علال بن العزمية. [1] نحو بيداغوجيا جديدة للتعبير، مقتضيات دراسة النصوص - الدليل التربوي؛ محمد الدريج، ص: (5). [2] عبدالوهاب الصديقي، مجلة الدراسات اللغوية والأدبية - مقال بعنوان: اللسانيات وتدريس اللغة العربية، ص: (68). [3] نجيب العوفي: أسئلة النص وأسئلة المنهج - الدليل التربوي، تدريسية النصوص، إشراف: محمد الدريج، ص: (25). [4] ينظر: محمد مسكي: النص الأدبي وديداكتيك التحويل - الدليل التربوي، ص (30). [5] ميلود حبيبي: طرائق تدريس النص الأدبي بالمدرسة الثانوية المغربية وإمكانيات تطويرها - تدريسية النصوص، ص: (56). [6] يعتبر الكتاب الأبيض أول وثيقة رسمية لمراجعة المناهج التربوية المغربية والتي التأمتْ جهويًّا وعلى الصعيد المركزي، بغرض إعادة النظر في المناهج الدراسية وتحيينها في أفق أجرأة اختيارات وتوصيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين. وعمل على أجرأة وتدقيق محتويات هذا الميثاق الذي ينطلق من الفلسفة التربوية لتحديد الاختيارات التربوية الموجهة لمراجعة (وبناء) مناهج وبرامج التربية والتكوين. [7] ينظر: عبدالوهاب الصديقي: مجلة الدراسات اللغوية والأدبية - مقال بعنوان: اللسانيات وتدريس اللغة العربية، ص: (61). [8] طرق تدريس اللغة العربية، جامعة المدينة العالمية، نخبة من الأساتذة، ص: (145). [9] المسألة التعليمية المغربية حسب موقف محمد عابد الجابري: هي تصور فكري ذو طابع تركيبي معرفي، يصعب فهمه وتمثل أبعاده العميقة، في معزل عن المعالجة النسقية للتراث؛ بمعنى أن دور المرجعية الفكرية الثقافية في التراث العربي حاضرة بشكل كبير فيما يخص دورها الجوهري في التعليم والتعلم، خاصة تعليم اللغة العربية باعتبارها الرهان الأساسي للحفاظ على التراث وضمان استمراريته بكل فعالية. [10] ينظر: عبدالوهاب الصديقي، مجلة الدراسات اللغوية والأدبية - مقال بعنوان: اللسانيات وتدريس اللغة العربية، ص: (62). [11] عبدالوهاب الصديقي، مجلة الدراسات اللغوية والأدبية - مقال بعنوان: اللسانيات وتدريس اللغة العربية، ص: (63، 64). [12] طرق تدريس اللغة العربية، جامعة المدينة العالمية؛ نخبة من الأساتذة ص: (38). [13] عبدالوهاب الصديقي، مجلة الدراسات اللغوية والأدبية - مقال بعنوان: اللسانيات وتدريس اللغة العربية، ص: (65، 66). [14] المناطقة: من يدرسون صور الفكر وطرق الاستدلال السليم، وفي المقام الأول يدرسون تخصصات الفلسفة والرياضيات وعلم الدلالة وعلم الحاسوب، ويعتبر أرسطو أول من كتب عن المنطق بوصفه علمًا قائمًا بذاته، وتمت الاستفادة من هذه العلوم لتطوير طرق تدريس اللغات. [15] طرق تدريس اللغة العربية، جامعة المدينة العالمية؛ نخبة من الأساتذة ص: (138). [16] رشدي طعيمة: المرجع في تعليم اللغة العربية، جامعة أم القرى، الجزء الأول، ص (399). [17] فاطمة الخلوفي، دراسة بعنوان: أثر المقارنة بين اللغات في بناء كفاية متعددة اللغات والكفايات، ندوة دولية حول: ديداكتيك التعدد اللغوي، تعليم وتعلم اللغات، إشراف: فاطمة الخلوفي - علال بن العزمية، ص: (32، 33).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |