تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 191 - عددالزوار : 3686 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5093 - عددالزوار : 2337788 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4678 - عددالزوار : 1634372 )           »          ما هي فوائد الفشار للضغط ؟ تعرف على فوائد الفشار لضغط الدم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          طرق المذاكرة السريعة والفعالة أيام الامتحانات , كيفية المذاكرة السريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          اعمال يدوية وفنية خاصة بالمدارس,احلى واجمل ابداعات المدارس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          فواصل للمواضيع . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 36 - عددالزوار : 170 )           »          فضل العلم في القرآن الكريم والسنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          الأحاديث الصحيحة فى فضل العلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          لانعاش ذاكرة الطفل قبل الدراسة,طرق انعاش ذاكرة الطفل قبل بدء العام الدراسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-12-2021, 09:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,757
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى



تَّفْسِيرِ
(الْجَامِعِ لِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ ، وَالْمُبَيِّنِ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ السُّنَّةِ وَآيِ الْفُرْقَانِ )
الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُرْطُبِيُّ
المجلد (1)
خُطْبَةُ الْمُصَنِّفِ
من صــ 61 الى صــ 65
الحلقة (8)


وذكر أبو بكر الأنباري في كتاب " الرد " عن سويد بن غفلة قال : سمعت علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول : يا معشر الناس ، اتقوا الله ! وإياكم والغلو في عثمان ، وقولكم : حراق المصاحف ; فوالله ما حرقها إلا عن ملأ منا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - . وعن عمير بن سعيد قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لو كنت الوالي وقت عثمان لفعلت في المصاحف مثل الذي فعل عثمان . قال أبو الحسن بن بطال : وفي أمر عثمان بتحريق الصحف والمصاحف حين جمع القرآن جواز تحريق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى ، وأن ذلك إكرام لها وصيانة عن الوطء بالأقدام ، وطرحها في ضياع من الأرض . روى معمر عن ابن طاوس عن أبيه : أنه كان يحرق [ ص: 61 ] الصحف إذا اجتمعت عنده الرسائل فيها بسم الله الرحمن الرحيم . وحرق عروة بن الزبير كتب فقه كانت عنده يوم الحرة ، وكره إبراهيم أن تحرق الصحف إذا كان فيها ذكر الله تعالى ; وقول من حرقها أولى بالصواب ، وقد فعله عثمان . وقد قال القاضي أبو بكر لسان الأمة : جائز للإمام تحريق الصحف التي فيها القرآن ، إذا أداه الاجتهاد إلى ذلك .

فصل : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : وفي فعل عثمان رضي الله عنه رد على الحلولية والحشوية القائلين بقدم الحروف والأصوات ، وأن القراءة والتلاوة قديمة ، وأن الإيمان قديم ، والروح قديم ; وقد أجمعت الأمة وكل أمة من النصارى واليهود والبراهمة بل كل ملحد وموحد أن القديم لا يفعل ولا تتعلق به قدرة قادر بوجه ولا بسبب ، ولا يجوز العدم على القديم وأن القديم لا يصير محدثا ، والمحدث لا يصير قديما ، وأن القديم ما لا أول لوجوده ، وأن المحدث هو ما كان بعد أن لم يكن ، وهذه الطائفة خرقت إجماع العقلاء من أهل الملل وغيرهم ; فقالوا : يجوز أن يصير المحدث قديما ، وأن العبد إذا قرأ كلام الله تعالى فعل كلاما لله قديما ، وكذلك إذا نحت حروفا من الآجر والخشب ، أو صاغ أحرفا من الذهب والفضة ، أو نسج ثوبا فنقش عليه آية من كتاب الله فقد فعل هؤلاء كلام الله قديما ، وصار كلامه منسوجا قديما ومنحوتا قديما ومصوغا قديما ; فيقال لهم : ما تقولون في كلام الله تعالى ، أيجوز أن يذاب ويمحى ويحرق ؟ فإن قالوا : نعم ، فارقوا الدين ، وإن قالوا : لا ، قيل لهم : فما قولكم في حروف مصورة آية من كتاب الله تعالى من شمع ، أو ذهب أو فضة أو خشب أو كاغد فوقعت في النار فذابت واحترقت ، فهل تقولون : إن كلام الله احترق ؟ فإن قالوا : نعم ، تركوا قولهم ; وإن قالوا : لا ، قيل لهم أليس قلتم : إن هذه الكتابة كلام الله وقد احترقت ! وقلتم : إن هذه الأحرف كلامه وقد ذابت ، فإن قالوا : احترقت الحروف وكلامه تعالى باق رجعوا إلى الحق والصواب ودانوا بالجواب ; وهو الذي قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - منبها على ما يقول أهل الحق : ولو كان القرآن في إهاب ثم وقع في النار ما احترق . وقال الله عز وجل : أنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان الحديث ، أخرجه مسلم . فثبت بهذا أن كلامه سبحانه ليس بحرف ولا يشبه الحروف . والكلام في هذه المسألة يطول وتتميمها في كتب الأصول ، وقد بيناها في ( الكتاب الأسنى ، في شرح أسماء الله الحسنى ) .

فصل : وقد طعن الرافضة - قبحهم الله تعالى - في القرآن ، وقالوا : إن الواحد يكفي في نقل الآية والحرف كما فعلتم ، فإنكم أثبتم بقول رجل واحد وهو خزيمة بن ثابت وحده آخر سورة " براءة " وقوله : من المؤمنين رجال [ الأحزاب : 23 ] فالجواب أن خزيمة رضي الله عنه لما جاء بهما تذكرهما كثير من الصحابة ، وقد كان زيد يعرفهما ، ولذلك قال : فقدت آيتين من آخر سورة [ ص: 62 ] " التوبة " . ولو لم يعرفهما لم يدر هل فقد شيئا أو لا ، فالآية إنما ثبتت بالإجماع لا بخزيمة وحده . جواب ثان : إنما ثبتت بشهادة خزيمة وحده لقيام الدليل على صحتها في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي قرينة تغني عن طلب شاهد آخر بخلاف آية الأحزاب فإن تلك ثبتت بشهادة زيد وأبي خزيمة لسماعهما إياها من النبي - صلى الله عليه وسلم - قال معناه المهلب ، وذكر أن خزيمة غير أبي خزيمة ، وأن أبا خزيمة الذي وجدت معه آية التوبة معروف من الأنصار ، وقد عرفه أنس وقال : نحن ورثناه ، والتي في الأحزاب وجدت مع خزيمة بن ثابت فلا تعارض ; والقصة غير القصة لا إشكال فيها ولا التباس . وقال ابن عبد البر : أبو خزيمة لا يوقف على صحة اسمه وهو مشهور بكنيته ; وهو أبو خزيمة بن أوس بن زيد بن أصرم بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار ، شهد بدرا وما بعدها من المشاهد ، وتوفي في خلافة عثمان بن عفان ، وهو أخو مسعود بن أوس . قال ابن شهاب عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت : وجدت آخر التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري وهو هذا ، وليس بينه وبين الحارث بن خزيمة أبي خزيمة نسب إلا اجتماعهما في الأنصار ، أحدهما أوسي والآخر خزرجي . وفي مسلم والبخاري عن أنس بن مالك قال : جمع القرآن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة كلهم من الأنصار : أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد - قلت لأنس : من أبو زيد ؟ قال : أحد عمومتي . وفي البخاري أيضا عن أنس قال : مات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرداء ، ومعاذ بن جبل ، وزيد ، وأبو زيد ; قال : ونحن ورثناه . وفي أخرى قال : مات أبو زيد ولم يترك عقبا ، وكان بدريا ، واسم أبي زيد سعد بن عبيد . قال ابن الطيب رضي الله عنه : لا تدل هذه الآثار على أن القرآن لم يحفظه في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يجمعه غير أربعة من الأنصار كما قال أنس بن مالك ، فقد ثبت بالطرق المتواترة أنه جمع القرآن عثمان وعلي وتميم الداري وعبادة بن الصامت وعبد الله بن عمرو بن العاص فقول أنس : لم يجمع القرآن غير أربعة ، يحتمل أنه لم يجمع القرآن وأخذه تلقينا من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير تلك الجماعة ; فإن أكثرهم أخذ بعضه عنه وبعضه من غيره ، وقد تظاهرت الروايات بأن الأئمة الأربعة جمعوا القرآن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأجل سبقهم إلى الإسلام ، وإعظام الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم .

قلت : لم يذكر القاضي ، عبد الله بن مسعود وسالما مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما فيما رأيت ، وهما ممن جمع القرآن . روى جرير عن عبد الله بن يزيد الصهباني عن كميل قال : قال عمر بن الخطاب : كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبو بكر ومن شاء الله ، فمررنا بعبد الله بن مسعود وهو يصلي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من هذا الذي يقرأ القرآن . فقيل له : هذا عبد الله بن أم عبد ; فقال : إن عبد الله يقرأ القرآن غضا كما أنزل الحديث . قال بعض العلماء : معنى قوله : غضا كما أنزل أي أنه كان يقرأ الحرف الأول الذي أنزل عليه القرآن دون الحروف السبعة التي رخص لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قراءته عليها بعد معارضة جبريل عليه السلام القرآن إياه في كل رمضان . وقد روى وكيع وجماعة معه عن الأعمش عن أبي ظبيان قال : قال لي عبد الله بن عباس : أي القراءتين تقرأ ؟ قلت : القراءة الأولى قراءة ابن أم عبد ; فقال لي : بل هي الآخرة ، إن [ ص: 63 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعرض القرآن على جبريل في كل عام مرة ، فلما كان العام الذي قبض فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرضه عليه مرتين ، فحضر ذلك عبد الله فعلم ما نسخ من ذلك وما بدل . وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد - فبدأ به - ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة .

قلت : هذه الأخبار تدل على أن عبد الله جمع القرآن في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلاف ما تقدم ، والله أعلم . وقد ذكر أبو بكر الأنباري في كتاب " الرد " : حدثنا محمد بن شهريار حدثنا حسين بن الأسود حدثنا يحيى بن آدم عن أبي بكر عن أبي إسحاق قال : قال عبد الله بن مسعود : قرأت من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اثنتين وسبعين سورة - أو ثلاثا وسبعين سورة - وقرأت عليه من البقرة إلى قوله تعالى : إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين [ البقرة : 222 ] . قال أبو إسحاق : وتعلم عبد الله بقية القرآن من مجمع بن جارية الأنصاري .

قلت : فإن صح هذا ، صح الإجماع الذي ذكره يزيد بن هارون ، فلذلك لم يذكره القاضي أبو بكر بن الطيب مع من جمع القرآن وحفظه في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والله أعلم .

قال أبو بكر الأنباري : حدثني إبراهيم بن موسى الخوزي حدثنا يوسف بن موسى حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال : سألت الأسود ما كان عبد الله يصنع بسورة الأعراف ؟ فقال : ما كان يعلمها حتى قدم الكوفة ; قال : وقد قال بعض أهل العلم : مات عبد الله بن مسعود رحمة الله عليه قبل أن يتعلم المعوذتين ; فلهذه العلة لم توجدا في مصحفه ، وقيل غير هذا على ما يأتي بيانه آخر الكتاب عند ذكر " المعوذتين " إن شاء الله تعالى .

قال أبو بكر : والحديث الذي حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا يوسف بن موسى حدثنا عمر بن هارون الخراساني عن ربيعة بن عثمان عن محمد بن كعب القرظي قال : كان ممن ختم القرآن ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حي عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود ، حديث ليس بصحيح عند أهل العلم ، إنما هو مقصور على محمد بن كعب فهو مقطوع لا يؤخذ به ولا يعول عليه .

قلت : قوله عليه السلام : خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد يدل على صحته ، ومما يبين لك ذلك أن أصحاب القراءات من أهل الحجاز والشام والعراق كل منهم عزا قراءته التي اختارها إلى رجل من الصحابة قرأها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لم يستثن من جملة القرآن شيئا ; فأسند عاصم قراءته إلى علي وابن مسعود ، وأسند ابن كثير قراءته إلى أبي ، وكذلك أبو عمرو بن العلاء أسند قراءته إلى أبي ، وأما عبد الله بن عامر فإنه أسند قراءته إلى عثمان وهؤلاء كلهم يقولون : قرأنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأسانيد هذه القراءات متصلة ورجالها ثقات . قاله الخطابي . [ ص: 64 ]
قال ابن الطيب : إن قال قائل قد اختلف السلف في ترتيب سور القرآن ، فمنهم من كتب في مصحفه السور على تاريخ نزولها ، وقدم المكي على المدني ، ومنهم من جعل في أول مصحفه " الحمد " ، ومنهم من جعل في أوله : اقرأ باسم ربك [ العلق : 1 ] ، وهذا أول مصحف علي رضي الله عنه . وأما مصحف ابن مسعود فإن أوله : مالك يوم الدين [ الفاتحة : 4 ] ثم البقرة ثم النساء ; على ترتيب مختلف . ومصحف أبي كان أوله " الحمد لله " ، ثم " النساء " ثم " آل عمران " ثم " الأنعام " ثم " الأعراف " ثم " المائدة " ثم كذلك على اختلاف شديد . قال القاضي أبو بكر بن الطيب : فالجواب أنه يحتمل أن يكون ترتيب السور على ما هي عليه اليوم في المصحف كان على وجه الاجتهاد من الصحابة . وذكر ذلك مكي رحمه الله في تفسير سورة " براءة " وذكر أن ترتيب الآيات في السور ووضع البسملة في الأوائل هو من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولما لم يأمر بذلك في أول سورة " براءة " تركت بلا بسملة ; هذا أصح ما قيل في ذلك ، وسيأتي .

وذكر ابن وهب في جامعه قال : سمعت سليمان بن بلال يقول سمعت ربيعة يسأل : لم قدمت " البقرة " " وآل عمران " ، وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة وإنما نزلتا بالمدينة ؟ فقال ربيعة : قد قدمتا وألف القرآن على علم ممن ألفه ، وقد اجتمعوا على العلم بذلك ، فهذا مما ننتهي إليه ، ولا نسأل عنه . وقد ذكر سنيد قال : حدثنا معمر عن سلام بن مسكين عن قتادة قال : قال ابن مسعود : من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، وأقومها هديا ، وأحسنا حالا ; اختارهم الله لصحبة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوهم في آثارهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم . وقال قوم من أهل العلم : إن تأليف سور القرآن على ما هو عليه في مصحفنا كان عن توقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأما ما روي من اختلاف مصحف أبي وعلي وعبد الله فإنما كان قبل العرض الأخير ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رتب لهم تأليف السور بعد أن لم يكن فعل ذلك . روى يونس عن ابن وهب قال سمعت مالكا يقول : إنما ألف القرآن على ما كان يسمعونه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وذكر أبو بكر الأنباري في كتاب الرد : أن الله تعالى أنزل القرآن جملة إلى سماء الدنيا ، ثم فرق على النبي - صلى الله عليه وسلم - في عشرين سنة ، وكانت السورة تنزل في أمر يحدث ، والآية جوابا لمستخبر يسأل ويوقف جبريل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وضع السورة والآية ; فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف ، فكله عن محمد خاتم النبيين عليه السلام ، عن رب العالمين ; فمن أخر سورة مقدمة أو قدم أخرى مؤخرة فهو كمن أفسد نظم الآيات ، وغير الحروف والكلمات ، ولا حجة على أهل الحق في تقديم " البقرة " على " الأنعام " ، " والأنعام " نزلت قبل " البقرة " لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ عنه هذا الترتيب ، وهو كان يقول : ضعوا هذه السورة موضع كذا وكذا من القرآن . وكان جبريل عليه السلام يقف على مكان الآيات .

حدثنا حسن بن الحباب حدثنا أبو هشام حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن البراء [ ص: 65 ] قال : آخر ما نزل من القرآن : يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة [ النساء : 176 ] . قال أبو بكر بن عياش : وأخطأ أبو إسحاق ، لأن محمد بن السائب حدثنا عن أبي السائب عن ابن عباس قال : آخر ما نزل من القرآن : واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون [ البقرة : 281 ] . فقال جبريل للنبي عليهما السلام : يا محمد ضعها في رأس ثمانين ومائتين من البقرة .

قال أبو الحسن بن بطال : ومن قال بهذا القول لا يقول إن تلاوة القرآن في الصلاة والدرس يجب أن تكون مرتبة على حسب الترتيب الموقوف عليه في المصحف ، بل إنما يجب تأليف سوره في الرسم والخط خاصة ، ولا يعلم أن أحدا منهم قال : إن ترتيب ذلك واجب في الصلاة وفي قراءة القرآن ودرسه ، وأنه لا يحل لأحد أن يتلقن الكهف قبل البقرة ولا الحج قبل الكهف ; ألا ترى قول عائشة رضي الله عنها للذي سألها : لا يضرك أية قرأت قبل ; وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الصلاة السورة في ركعة ، ثم يقرأ في ركعة أخرى بغير السورة التي تليها . وأما ما روي عن ابن مسعود وابن عمر أنهما كرها أن يقرأ القرآن منكوسا ، وقالا : ذلك منكوس القلب ; فإنما عنيا بذلك من يقرأ السورة منكوسة ، ويبتدئ من آخرها إلى أولها لأن ذلك حرام محظور ; ومن الناس من يتعاطى هذا في القرآن والشعر ليذلل لسانه بذلك ويقدر على الحفظ ، وهذا حظره الله تعالى ومنعه في القرآن ، لأنه إفساد لسوره ومخالفة لما قصد بها .

ومما يدل على أنه لا يجب إثبات في المصاحف على تاريخ نزوله ما صح وثبت أن الآيات كانت تنزل بالمدينة فتوضع في السورة المكية ، ألا ترى قول عائشة رضي الله عنها : وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده - تعني بالمدينة - وقد قدمتا في المصحف على ما نزل قبلهما من القرآن بمكة ، ولو ألفوه على تاريخ النزول لوجب أن ينتقض ترتيب آيات السور .

قال أبو بكر الأنباري : حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا حجاج بن منهال حدثنا همام عن قتادة قال : نزل بالمدينة من القرآن " البقرة " ، " وآل عمران " ، " " والنساء " ، " والمائدة " ، " والأنفال " ، " وبراءة " ، " والرعد " ، " والنحل " ، " والحج " ، " والنور " ، " والأحزاب " ، " ومحمد " ، " والفتح " ، " والحجرات " ، " والرحمن " ، " والحديد " ، " والمجادلة " ، " والحشر " ، " والممتحنة " ، " والصف " ، " والجمعة " ، " والمنافقون " ، " والتغابن " ، " والطلاق " ، " ويا أيها النبي لم تحرم " إلى رأس العشر ، " وإذا زلزلت " ، " وإذا جاء نصر الله " . هؤلاء السور نزلن بالمدينة ; وسائر القرآن نزل بمكة .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 144.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 143.03 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (1.18%)]