|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#2
|
||||
|
||||
![]() أما الناقد والدارس ستيوارت هول، فيقول بفكرة التهجين (Hybridation)، ويعني عدم وجود عرق صافٍ ونقيٍّ داخل منظومة ثقافية ما؛ فلقد اختلطت الأجناس والأعراق على حدٍّ سواء، فتشكَّلت ثقافة هجينة ومختلطة ومتداخلة مشتركة، من الصعب الفصل بينها بأي حال من الأحوال، وبالتالي؛ لا يمكن أن نحتكم إلى الاصطفاء النوعي أو الانتقاء العرقي واللوني، ومن هنا؛ فلقد استخدم ستيوارت هول مصطلح التهجين الذي استعاره من نظرية ما بعد الاستعمار؛ "لوصْفِ تجربة الأعراق الإفريقية، التي انتشرت في الثقافات الأخرى، ومناطق الأقليات العرقية (الشتات)، وبالنسبة لهول: لم يحتفظ شعب هذا الشتات بأيِّ نقاء عرقي، ولكنه أصبح بالضرورة متنوِّعا أو هجينًا، كما وضع هول فكرة وجود الشتات الجمالي لتحليل أدب وفنِّ هذا الوجود الهجيني"[4]. وإذا انتقلنا إلى بول غيلروي صاحب كتاب:" المحيط الأطلسي الأسود: الحداثة والوعي الثنائي"(1993م)، فيقول بمفهوم الوعي المزدوج أو الوعي الثنائي، بمعنى أنَّ الكاتب أو المبدع أو المثقف الأسود يفكِّر بعقليتين مختلفتين في الوقت نفسه؛ من جهةٍ، يدافع عن أصالتِه وهُويته الزِّنجية السوداء، ومن جهة أخرى، ينجذب إلى الحداثة الغربية البيضاء، لذا؛ على هؤلاء المثقَّفين السود أن يعُوا هذا الانفصام الثَّقافي، وأن يعالجوا هذه الازدواجيةَ الفكرية، والانفصالَ الوجداني، في إطار النقد الذاتي. وعليه؛ "يشدِّد بول غيلروى على الوعي المزدوج في تجربة السُّود: ينقسم وعي السود بين وعي ثقافتهم الأصلية، والثقافة الأمريكية أو البريطانية المعاصرة (في الحالات المدروسة)، ويجب على نقَّادِ الأدب المكتوب من قِبَلِ الكتَّابِ السود أن ينظروا في هذا الوعي المزدوِج في تقييماتهم"[5]. ولم تقتصر النظرية العرقية واللونية على الرجال السُّود فقط، بل هناك ناقداتٌ وكاتبات زنجيات كرَّسْنَ مجموعة من الدراسات والأبحاث للدفاع عن العرق الأسود، ومحاربةِ الميثولوجيا البيضاء، التي تعبر في الحقيقة عن فكر الهيمنة، والاستغلال، والتفوُّق المبالغ فيه. ويندرج هذا النَّوع من الكتابة كذلك ضمن النظرية النِّسوية السوداء، حيث:" وسَّعَت كاتبات مثل: باربرا سميث وبيل هوكس أساسَ الدراسات العِرقية؛ من خلال زيادة الوعي لحالة الكاتبات النِّساء السود بشكل عام، وقد كتبتْ جون جوردان وبولا غن آلن وأخريات على نطاق واسعٍ عن التجربة الأدبية للكاتبات الهنديات الأمريكيات، وكذلك الأمريكيات الأسوديات بشكل عام"[6]. وهكذا، فقد شمَّر رواد النظرية العرقية في الأدب والنقد عن سواعدِهم للدفاع عن الأعراق المهمَّشة، والمنافحة عن الإثنيات المقصيَّة، في ضوء مقاربات نقدية وثقافية متنوعة، مع التنديد بالتمييز العنصري والعرقي واللَّوني الذي لا يخدم البشرية إطلاقًا، بل على العكس يدفعها إلى الصراع والعدوان والتناحر. خلاصة تركيبية: وخلاصة القول، يبدو أنَّ النظرية العرقية في مجال الأدب والنقد مهمَّة جدًّا؛ لأنها تُسعفنا في فهم الخطابات والنصوص ذات التوجه العرقي، والتي تتضمن في طيَّاتها التمايزات اللونية والعرقية والإثنية، قصْدَ تبيان جدليَّة العرق المتفوِّق والعرق المتخلِّف، وأيضًا لمعرفة التقابلات الموجودة بين الأعراق البشرية اختلافًا وتمايزًا وأدْلَجَةً عبر مجموعةٍ من الصُّوَر المقارنة، مع تفكيك أيديولوجيات التسلسل العرقي، وفضح تصوُّرات الإنسان الغربي، الذي يدَّعي التفوُّق، واحتكارَه للعلم، والمعرفة، والتقنية، والسلطة، وامتلاك وسائل الإنتاج ورأس المال. إذاً، فمن المفيد تقويضُ الخطابات العرقية والعنصرية والاستعمارية من أجل إعادة بناء علاقات ثقافية على أسس جديدة، تقوم على الاعتراف بالغير، والإيمان بالتَّعدُّدية والتَّهجين، والعمل على بناء سياسية إستراتيجية قائمة على أسس التفاهم، والتعايش، والتسامح بين الأعراق البشرية، فليس هناك علميًّا ودينيًّا عرقٌ أفضل من عرق آخر، فهذه مجرَّد تمايزات وراثية ليس إلا، وبالتَّالي؛ لا علاقة لها بالتَّمايزات المعرفية والثقافية والفكرية والإبداعية والحضارية، فكلُّ عرق - مهما كان - قادرٌ على العطاء والإبداع والإنتاج والتميز، بشرط أن يتمتَّع بنفس الظروف المادية والمعنوية التي يستفيد منها العرق الآخر المقابل. [1] - محمد الفيتوري: ديوان محمد الفيتوري، المجلد الأول، دار العودة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى سنة 1972م. [2] - ديفيد كارتر: النظرية الأدبية، ترجمة: د. باسل المسالمه، دار التكوين، دمشق، سوريا، الطبعة الأولى سنة 2010م، ص:143. [3]- ديفيد كارتر: نفسه، ص: 143-144. [4] - ديفيد كارتر: نفسه، ص: 144. [5] - ديفيد كارتر: نفسه، ص: 144. [6] - ديفيد كارتر: نفسه، ص:145.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |