|
ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() روى البيهقيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: «ذُكِرَ رِجَالٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فَكَأَنَّهُمْ فَضَلُّوا عُمَرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: وَاللهِ لَلَيْلَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ آلِ عُمَرَ، وَلَيَوْمٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ آلِ عُمَرَ، لَقَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ انْطَلَقَ إِلَى الْغَارِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَجَعَلَ يَمْشِي سَاعَةً بَيْنَ يَدَيْهِ وَسَاعَةً خَلْفَهُ، حَتَّى فَطِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَالِكَ تَمْشِي سَاعَةً بَيْنَ يَدَيَّ وَسَاعَةً خَلْفِي؟ فَقَالَ. يَا رَسُولَ اللهِ أَذْكُرُ الطَّلَبَ، فَأَمْشِي خَلْفَكَ، ثُمَّ أَذْكُرُ الرَّصَدَ فَأَمْشِي بَيْنَ يَدَيْكَ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ لَوْ كَانَ شَيْءٌ أَحْبَبْتَ أَنْ يَكُونَ لَكَ دُونِي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا كَانَتْ لِتَكُنْ مِنْ مُلِمَّةٍ إِلَّا أَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ لِي دُونَكَ. فَلَمَّا انْتَهَيْنَا مِنَ الْغَارِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَكَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ حَتَّى استبري لَكَ الْغَارَ فَدَخَلَ فَاسْتَبْرَأَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي أَعْلَاهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْرِ الْجُحْرَةَ، فَقَالَ: مَكَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ حَتَّى استبري الْجُحْرَةَ، فَدَخَلَ فَاسْتَبْرَأَ، ثُمَّ قَالَ: انْزِلْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَنَزَلَ فَقَالَ عُمَرُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتِلْكَ اللَّيْلَةُ خَيْرٌ مِنْ آلِ عُمَرَ. (دلائل النبوة للبيهقي جـ2 صـ476). (6) الشباب الصادق هم دعائم الإسلام: الشباب المسلم الصادق (من الرجال والنساء) من أصحاب العقيدة الصحيحة، هم دائمًا دعائم الإسلام، ويظهر هذا واضحًا في موقف أسماء بنت أبي بكر الصديق وتعرضها للأذى من أبي جهل، وفيما قام به عبد الله بن أبي بكر، وعامر بن فُهَيرة حيث كانا يحملان أخبار مكة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي موقف علي بن أبي طالب الذي استخلفه رسول الله لينام في فراشه حتى يخدع المشركين. (سيرة ابن هشام جـ2 صـ89: صـ94). (7) حسنُ اختيار الصديق والرفيق: ينبغي على المسلم أن يحسن اختيار صديقه ومن يرافقه في السفر بحيث يكون مسلمًا صالحًا أمينًا، ناصحًا لغيره من الناس، ويظهر ذلك في اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق لكي يكون مرافقًا له في هجرته من مكة إلى المدينة. ومن المعلوم أن الإنسان يتأثر بأخلاق وأفعال من يرافقه، ولذا حثنا نبينا صلى الله عليه وسلم على حسن اختيار الصديق. روى أحمدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ. (حديث صحيح) (مسند أحمد جـ2 صـ334). (8) جواز الاستعانة بغير المسلمين عند الضرورة: يجوز للمسلم أن يستعين بغير المسلمين من ذوي الأمانة والخبرة في المجال الذي يريده، وذلك عند الضرورة فقط، ويظهر ذلك عند هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، حيث استأجر نبينا صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أُرَيقط، وكان رجلًا مشركًا خبيرًا بطرق الصحراء، ليدله على الطريق إلى المدينة. روى البخاريُّ عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: اسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا (الخبير بطرق الصحراء) وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلَاثٍ. (البخاري حديث 2264). وعلى ذلك يجوز للمريض المسلم أن يذهب للعلاج عند طبيب غير مسلم في حالة الضرورة بشرط أن يكون هذا الطبيب خبيرًا بالطب وموثوقًا به عند الناس. قال ابنُ تيمية: إذَا كَانَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ خَبِيرًا بِالطِّبِّ ثِقَةً عِنْدَ الْإِنْسَانِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَطِبَّ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُودِعَهُ الْمَالَ وَأَنْ يُعَامِلَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾ [آل عمران: 75]. (الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي جـ2 صـ441). (9) التعاون والمحافظة على الأسرار من أسباب نـجاح العمل: يظهر هذا الدرس جليًا في هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حيث لم يعلم أحدٌ من الناس بالوقت المحدد للهجرة إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق وآل أبي بكر، أما علي فإن رسول اللهصلى الله عليه وسلم أخبره بخروجه وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَخَلّفَ بَعْدَهُ بِمَكّةَ حَتّى يُؤَدّيَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَدَائِعَ الّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ لِلنّاسِ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلملَيْسَ بِمَكّة أَحَدٌ عِنْدَهُ شَيْءٌ يُخْشَى عَلَيْهِ إلّا وَضَعَهُ عِنْدَهُ لِمَا يُعْلَمُ مِنْ صِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ صلى الله عليه وسلم. (سير ابن هشام جـ2 صـ92). (10) الله تعالى ينصر من ينصره: إن تأييد الله تعالى لعباده المؤمنين الصادقين ونصرته لهم حقيقة ثابتة منذ فجر التاريخ، ويظهر هذا بصورة واضحة عندما صرف الله تعالى المشركين عن دخول الغار الذي يختبئ فيه نبينا صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق أثناء الهجرة من مكة إلى المدينة. قال الله تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40]. روى البخاريُّ عن أَنَسٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَارِ فَرَأَيْتُ آثَارَ الْمُشْرِكِينَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا قَالَ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا. (البخاري حديث 4663). (11) الله تعالى يستجيب دعاء عباده المؤمنين: ويتضح ذلك جليًا في سرعة استجابة الله تعالى لدعاء نبينا صلى الله عليه وسلم أثناء الهجرة. روى البخاريُّ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (وهو يتحدث عن أحداث الهجرة): فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُرْنِي بِمَا شِئْتَ قَالَ فَقِفْ مَكَانَكَ لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا قَالَ فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ. (البخاري حديث 3911). إن الدعاء سلوى المحزونين ونجوى المتقين ودأب الصالحين، فإذا صدر عن قلب سليم ونفس صافية، وجوارح خاشعة، وجد إجابة كريمة من رب رحيم ودود بعباده. والدعاء من أشرف العبادات، والله يجيب دعوة المخلصين في السراء والضراء. قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]. وقال سبحانه: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]. أخي الكريم: اعلم أن الله تعالى رفع مقام الدعاء فجعله عبادة حيث قال جل شأنه: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]. إن الدعاء كم رفع من بلاء، وكم أظل من نعمة، وكم أهلك من عدو جائر. إن الدعاء قد حرك الحجر الأصم حركة حقيقية ظاهرة كما ثبت ذلك في حديث أصحاب الغار الثلاثة. (البخاري حديث 2272/مسلم حديث 2743). (12) أداء الأمانات إلى أهلها ولو كانوا من الأعداء أو من غير المسلمين: يجب على كل مسلم أن يؤدي الأمانات إلى أهلها والذين ائتمنوه عليها وإن كانوا من أعدائه أو من غير المسلمين، ويتضح ذلك في هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة حيث أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بموعد الهجرة وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَخَلّفَ بَعْدَهُ بِمَكّةَ حَتّى يُؤَدّيَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَدَائِعَ الّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ لِلنّاسِ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بِمَكّة أَحَدٌ عِنْدَهُ شَيْءٌ يُخْشَى عَلَيْهِ إلّا وَضَعَهُ عِنْدَهُ لِمَا يُعْلَمُ مِنْ صِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ صلى الله عليه وسلم. (سيرة ابن هشام جـ2 صـ92). وقد حثنا الله تعالى على أداء الأمانة لأصحابها حيث قال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58]. (13) الصدق في الأقوال والأفعال طريق النجاة: يجب على المسلم الصادق أن يتجنب الكذب في جميع أقواله، ويمكن أن يستخدم المعاريض عند الضرورة، ويتضح هذا جليًا فيما رواه البخاريُّ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (وهو يصف أحداث الهجرة المباركة): أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ وَنَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَابٌّ لَا يُعْرَفُ قَالَ فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ فَيَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ قَالَ فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ. (البخاري حديث 3911). فاحذر أخي المسلم الكريم الكذب وإن كنت مازحًا؛ روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا. قَالَ: إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1621). روى أبو داودَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ. (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4015). (14) العفو عن الناس عند المقدرة: ينبغي على المسلم أن يتصف بصفة العفو عن الناس حيث إن هذا من الدروس المستفادة من هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم حيث يتضح ذلك في العفو عن سراقة بن مالك الذي خرج من مكة ليقبض على النبي وأبي بكر الصديق ويفوز بالمئة بعير التي أعدتها مكة لذلك. روى مسلمٌ عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قال (وهو يتحدث عن الهجرة): فَارْتَحَلْنَا بَعْدَمَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: وَنَحْنُ فِي جَلَدٍ مِنْ الْأَرْضِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أوتِينَا فَقَالَ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَارْتَطَمَتْ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا. فَقَالَ: إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ فَادْعُوَا لِي فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ فَدَعَا اللَّهَ فَنَجَا فَرَجَعَ لَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا قَالَ قَدْ كَفَيْتُكُمْ مَا هَاهُنَا فَلَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا رَدَّهُ قَالَ وَوَفَى لَنَا. (مسلم حديث 3014). (15) الإسلام أرسى قواعد الأخوة الصادقة: إن هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم قد أبرزت الكثير من المعاني السامية وأرست العديد من المبادئ العظيمة ومنها مبدأ الإخاء الإسلامي الذي قامت عليه الدولة الإسلامية الجديدة، التي أقامها نبينا صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، فقد آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وهذه المؤاخاة أخص من الأخوة العامة بين المؤمنين جميعًا، وذلك لأنها أعطت للمتآخين الحق في التوارث فيما بينهما دون أن يكون بينهما صلة من قرابة أو رحم. إن هذه الأخوة الربانية ليس لها نظير في تاريخ البشرية، لقد كان الأنصار يؤثرون إخوانهم المهاجرين على أنفسهم إيثارًا نادر الوجود. روى البخاريُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمب َيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَقَالَ سَعْدٌ قَدْ عَلِمَتْ الْأَنْصَارُ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِهَا مَالًا سَأَقْسِمُ مَالِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَطْرَيْنِ وَلِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا حَتَّى إِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ فَلَمْ يَرْجِعْ يَوْمَئِذٍ حَتَّى أَفْضَلَ شَيْئًا مِنْ سَمْنٍ وَأَقِطٍ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَهْيَمْ قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ مَا سُقْتَ إِلَيْهَا قَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ. (البخاري حديث 3781). (16) الإسلام يؤلف بين القلوب المتنافرة: إن العقيدة الإسلامية الصافية، هي وحدها القادرة على التأليف بين القلوب المتنافرة و إزالة الحقد والكراهية والبغضاء بين الناس، ويتضح ذلك جليًا بعد هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حيث ألَّف الله تعالى بين قلوب الأوس والخزرج فعاشوا جميعًا في أمن وسلام بعد المعارك الطاحنة التي وقعت بينهما لسنوات عديدة حصدت خلالها الكثير من الأرواح من كلا الجانبين. قال الله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103]. قال ابن كثير: هَذَا السِّيَاقُ فِي شَأْنِ الأوْس والخَزْرَج، فَإِنَّهُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ حُروبٌ كَثِيرَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَعَدَاوَةٌ شَدِيدَةٌ وَضَغَائِنُ، طَالَ بِسَبَبِهَا قِتَالُهُمْ وَالْوَقَائِعُ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَدَخَلَ فِيهِ مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ، صَارُوا إِخْوَانًا مُتَحَابِّينَ بِجَلَالِ اللَّهِ، مُتَوَاصِلِينَ فِي ذَاتِ اللَّهِ، مُتَعَاوِنِينَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. (تفسير ابن كثير جـ3 صـ136). (17) أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم هم أفضل هذه الأمة: ويتضح ذلك جليًا من خلال هجرتهم من مكة إلى المدينة حيث تركوا أوطانهم وأموالهم وديارهم وأهليهم من أجل الإسلام وكانوا على استعداد للتضحية بأرواحهم في سبيل الله تعالى من أجل ذلك زكاهم الله تعالى في آيات كثيرة من القرآن الكريم. (1) قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال:74]. (2) وقال سبحانه: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]. (3) وقال جل شأنه: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ [الحجرات:7]. (4) وقال تعالى ﴿ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [الحديد:10]. مدح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الصحابة في كثير من أحاديث، وسوف نذكر بعضًا منها: (1) روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ " (البخاري حديث 3651/ مسلم حديث 2533). (2) روى الشيخانِ عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ. (البخاري حديث 3673 / مسلم حديث 2541). (3) روى الشيخانِ عن سهل بن سعد قال: جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا (ظهورنا) فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ " (البخاري حديث 3797 / مسلم حديث 1804). (18) المرأة لها منزلة عالية في الإسلام: أحداث الهجرة المباركة أثبتت أن للمرأة مكانتها العالية في الإسلام. ويظهر ذلك جليًا في موقف عائشة بنت أبي بكر الصديق حيث حفظت أحداث الهجرة وبلَّغتها للأمة الإسلامية. وتظهر منزلة المرأة في الإسلام في موقف أسماء بنت أبي بكر الصديق (ذات النطاقين) حيث ساهمت في إمداد نبينا صلى الله عليه وسلم وأبي بكر بالطعام والشراب أثناء وجودهما في الغار. وتظهر مكانة المرأة في الإسلام أيضًا في موقف أم سلمة هند بنت أبي أمية، فقد عانت الكثير في سبيل هجرتها إلى المدينة، حيث فرق المشركون بينها وبين زوجها وابنها سلمة بعد أن فصلوا يده عن جسده. وعندما مات زوجها تزوجها نبينا صلى الله عليه وسلم في العام الرابع من الهجرة. أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًَا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأن يجعله ذُخْرًا لي عنده يوم القيامة. كما أسأله سُبْحَانَهُ أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكرامِ. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |