
16-08-2021, 10:05 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,935
الدولة :
|
|
موعظة المربي القدوة
موعظة المربي القدوة
سعيد بن محمد آل ثابت
أيها المربي القدير!
لقد حُزت شرف التربية والدعوة على منهج الرسل وطريق السلف، فاعرف لهذه المكانة قدرها ولهذا المنصب حقه، ثم ليكن تقديرك لمهمتك تقديراً للمتربي الذي اختارك معلماً ومرشداً فتخلص في تربيته وتصدق في تزكيته.
قال ابن القيم:
(أنفع الناس لك رجل مكنك من نفسه حتى تزرع فيه خيراً أو تصنع إليه معروفاً، فإنه نعم العون لك على منفعتك وكمالك، فانتفاعك به في الحقيقة مثل انتفاعه بك أو أكثر)[1].
ثم لا يخفى على مثلك شؤم مخالفة القول العمل ومخالفة الهدي للنطق، وقد قال سبحانه: "﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف:2-3]، وقال تبارك وتعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ * أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة:43-44].
قال ابن القيم: علماء السوء جلسوا على أبواب الجنة يدعون إليها الناس بأقوالهم ويدعونهم إلى النار بأفعالهم، فلما قالت أقوالهم للناس هلموا، قالت أفعالهم: لا تسمعوا منهم. فهم في الصورة أدلاء وفي الحقيقة قطاع طرق[2]. ودوننا هذا الحديث المهيب في الصحيحين يرويه أسامة بن زيد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون: أي فلانا ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه"، فيؤاخذ المعلم الآمر الناهي بغير مؤاخذة المتلقي، لعلم الأول وجهل الثاني، فكانت لازمية العمل للعلم في شرعنا من أولى أسباب الرضوان، قال ابن القيم: فقواعد الشرع تقتضي أن يسامح الجاهل بما لا يسامح به العالم، وأنه يغفر له مالا يغفر للعالم، فإن حجة الله عليه أقوم منها على الجاهل، وعلمه بقبح المعصية، وبغض الله لها، وعقوبته عليها، أعظم من علم الجاهل، ونعمة الله عليه بما أودعه من العلم أعظم من نعمته على الجاهل، وقد دلت الشريعة وحكم الله على أن من حبي بالإنعام، وخص بالفضل والإكرام، ثم أسام نفسه مع ميل الشهوات، فأرتعها في مراتع الهلكات، وتجرأ على انتهاك الحرمات، واستخف بالتبعات والسيئات، أنه يقابل من الانتقام والعتب بما لا يقابل به من ليس في مرتبته [3].
وقد صدق الأول حين قال:
يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ 
هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ 
تَصِفُ الدَّواءَ لِذي السَّقامِ وَذي الضَّنا 
كيما يَصحّ بِهِ وَأَنتَ سَقيمُ 
وَتَراكَ تُصلِحُ بالرشادِ عُقولَنا 
أَبَداً وَأَنتَ مِن الرَّشادِ عَديمُ 
فابدأ بِنَفسِكَ فانهَها عَن غَيِّها 
فَإِذا اِنتَهَت عَنهُ فأنتَ حَكيمُ 
فَهُناكَ يُقبَلُ ما تَقولُ وَيَهتَدي 
بِالقَولِ منك وَينفَعُ التعليمُ 
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتأتيَ مِثلَهُ 
عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ[4] 
فاللهم ألهمنا رشدنا وأعذنا شر أنفسنا!
[1] "الفوائد".
[2] "الفوائد".
[3] "مفتاح دار السعادة".
[4] منسوبة لأبي الأسود الدؤلي (ت69هـ)، ونسبت للمتوكل الليثي (ت85هـ).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|