جمال التربية في تحليها باللين والرأفة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4969 - عددالزوار : 2081997 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4547 - عددالزوار : 1353907 )           »          معالم الأخوة في الله‎ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          رعاية الأسرة المسلمة للأبناء شواهد تطبيقية من تاريخ الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          الخطوات الثلاثون نحو السعادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          غير المسلمين في المجتمع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          بين سجود الاقتراب وسجود الاغتراب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          كيف تجزع والله معك؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          خطوات التربية الإيجابية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          السلطان عبد الحميد الثاني آخر سلاطين الدولة العثمانية الفعليين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-08-2021, 07:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,616
الدولة : Egypt
افتراضي رد: جمال التربية في تحليها باللين والرأفة

من المعاصرين، قال الشيخ محمد العثيمين: "الأمر للوجوب، لكن يقيد بما إذا كان الضرب نافعًا؛ لأنه أحيانًا تضرب الصبي ولكن ما ينتفع بالضرب، ما يزداد إلا صياحًا وعويلًا، ولا يستفيد، ثم إن المراد بالضرب الضرب غير المبرح، الضرب السهل الذي يحصل به الإصلاح، ولا يحصل به الضرر"؛ (لقاء الباب المفتوح 95/ 18).

من مظاهر الرحمة في حديث: ((مُرُوا أولادَكم بالصلاة...)):
لو تأملنا هذا الحديث لوجدنا أن مفهوم الرحمة والرقة لا يغيب عنه، بل يحوطه من نَوَاحٍ عديدة، نذكر منها:
هذه الوصية النبوية دعوة (بل أمر) إلى التدرج والصبر على الأمر بالصلاة من السنة السابعة إلى حد العاشرة، ثلاث سنوات متتالية، يكتفي خلالها المربي بالأمر القولي، إضافة إلى كافة الوسائل التمهيدية المتاحة قبل سبع سنين؛ من قدوة عملية، ومسالك الترغيب...

مأتى التدرج حكيم ورحيم؛ لأنه ينسجم مع طبيعة النفس البشرية وضعفها، كما هو شأن الشريعة الإسلامية جمعاء، التي تناسب "الطبيعة البشرية" المجبولة على الضعف، ولا تقوى إلا على ما يلائمها ويشاكلها.

ما من أمرٍ أو نهي جاءت به الشريعة الإسلامية إلا وفي الامتثال به رحمةٌ للعباد؛"فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالحُ كلها، وحكمة كلها؛ فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العَبَثِ - فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل؛ فالشريعةُ عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم أتم دلالة وأصدقها"؛ (ابن القيم - إعلام الموقعين عن رب العالمين).

غايةُ استخدام الضرب هي إصلاح المؤدَّب واستقامتُه، يرجى من جراء تأديبه أن يقوم بما فيه سعادتُه في الدارين.

قال العز بن عبدالسلام في كتابه: "قواعد الأحكام في مصالح الأنام": "كلُّ مأمور به ففيه مصلحة الدارين أو إحداهما، وكل منهيٍّ عنه ففيه مفسدة فيهما، أو في إحداهما، فما كان من الاكتساب محصلًا لأحسن المصالح فهو أفضل الأعمال، وما كان منها محصلًا لأقبح المفاسد فهو أرذل الأعمال، فلا سعادةَ أصلح من العرفان والإيمان وطاعة الرحمن، ولا شقاوة أقبحُ من الجهل بالدَّيَّان والكفر والفسوق والعصيان".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن العقوبات الشرعية كلها أدوية نافعة، يصلح الله بها مرض القلوب، وهي من رحمة الله بعباده، ورأفته بهم الداخلة في قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، فمن ترك هذه الرحمة النافعة لرأفة يجدها بالمريض، فهو الذي أعان على عذابه وهلاكه، وإن كان لا يريد إلا الخير؛ إذ هو في ذلك جاهل أحمق، كما يفعله بعض النساء والرجال الجهال بمرضاهم، وبمن يربونهم من أولادهم وغلمانهم وغيرهم، في ترك تأديبهم، وعقوبتِهم على ما يأتون من الشر، ويتركونه من الخير، رأفة بهم، فيكون ذلك سببَ فسادهم وعدوانهم وهلاكهم"؛ (مجموع فتاوى ابن تيمية).

بناءً على ما سبق، نستطيع أن نقر بأن استعمال التأديب في موضعه هو ذات الرحمة، وقد أشار إلى هذا المفهوم ما أثر عن سفيان الثوري: "أتدرون ما الرفق؟ هو أن تضع الأمور مواضعها، الشدة في موضعها، واللين في موضعه، والسيف في موضعه، والسوط في موضعه".

ورد في الأمر بالضرب في هذا حديث على سبيل الإجمال، لم يفصل كمًّا ولا كيفًا، استنبط الفقهاءُ أحكام الضرب التفصيلية من أدلة أخرى، ومن تأمل هذه الأحكام والقواعد لم يفُتْه تشبُّثُها بمعاني الرقة والرأفة، سواء كان في مواصفات أداة الضرب، طريقته، مكانه...راجع "التأديب بالضرب" تأليف د.إبراهيم بن صالح بن إبراهيم التنم.

كتب الطبيب النفساني الفرنسي موريس برجا Maurice Berger، وهو من نوادر معارضي مذهب التسامح الكلي الـ: "لاعقابي"؛ حيث قال في بيانه لشروط الضرب غير الضار لنفسية الطفل: "لا بد أن يكون نادرًا، في غير ثورة غضب، متوسط القوة، وفي عادة علاقة ودية (بين المعاقب والمعاقب عليه)"، في مقام آخر أكَّد على حتمية تجنُّبِ الوجه؛ لِمَا في ذلك من إهانة للطفل، لم يَغِبْ عنك مدى توافق هذه الشروط مع التي أسسها العلماء والتربويون المسلمون؛ (جريدة "لوموند" الفرنسية").

التحقير اللفظي أو القسوة التربوية المستصغرة:
"أنت لا تصلح لشيء"، " أنت غبي؟!"، "أيست منك"...رغم ما تحمل هذه العبارات وما يشابهها في طياتها من احتقار، فهي تدور على ألسن كثير من الآباء في مخاطبتهم أولادَهم، كلمات نستحيي أن نوجهها إلى كبير، فليت شعري لماذا تهُون علينا مع صغير؟!

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾ [الحجرات: 11].

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بحَسْبِ امرئٍ من الشر أن يحقِرَ أخاه المسلم)).

وإن كان أغلب من يلجأ إلى هذه الأساليب - غفر الله لنا - لا يقصد حقيقة هذه الألفاظ بقدر إرادته تشجيعَ أطفالهم، وحثهم على التخلص من رذائل الأخلاق، يبقى أن الأمر منهيٌّ عنه شرعًا، وله عواقبُ نفسية ثم سلوكية وخيمة على الأطفال.

لا تَنْسَ أنك قدوة لمن تربي، كما قال الشافعي - رحمه الله تعالى - لأبي عبدالصمد - مؤدب أولاد هارون الرشيد -: "فإن أعينَهم معقودةٌ بعينك..." عندما تقول لطفلك بأنه فاشل إذا لم يستجِبْ لمطالبِك مثلًا، فهو يقابل هذه الكلمات بتصديق، ويترسخ هذا المعنى في نفسه، يرى نفسه فاشلًا حقيقةً، ويفقد ثقته الذاتية؛ أي: عكس ما كنت تأمل بهذه الكلمات تمامًا...

لا بد من "تجنب إطلاق الصفات أو الأحكام السلبية على الطفل، مثل: خالد خجول، أو غير نشيط، فهذا من شأنه أن يدفع الطفل إلى التصرُّف وفقًا لهذا الوصف، وقد يؤدي إلى تدني ثقة الطفل بنفسه، وهو ما يطلق عليه في علم النفس: النبوءة المحققة لذاتها؛ أي: إن تنبؤات الأهل عن سلوك الطفل ومستقبله تدفع الطفل إلى تصديق هذا التنبؤ أو الوصف، والتصرف بناءً على ذلك، سواء أكان هذا الوصف أو التنبؤ إيجابيًّا أم سلبيًّا"؛ (د.أحمد عيد الشخانبة، دكتور في علم النفس الطبي).

في الختام، لنذكر أن التربية عبادة وقُرْبة، يقصد بها رضا الله؛ بالالتزام بأمره، وتجنُّب نهيه؛ قال الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]، قال رسول الله: ((كفى بالمرء إثمًا أن يُضيِّعَ مَن يقُوتُ)).


علينا بالامتثال بالمنهج المحدد شرعًا، إن الانحراف عنه مصدرُ شقاوةٍ وتعاسة في الدارينِ؛يقول جل في علاه: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].

اللهم وفِّقْنا في تربية أولادنا؛ إن الموفَّق من وفَّقتَه، وهَبْ لنا من أزواجنا وأولادنا قرةَ أعين!






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.72 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]