التعامل مع اليتيم

[ابوالوليد المسلم]

التعامل مع اليتيم
أ. يمنى زكريا


السؤال

♦ الملخص:
سيدة مات أخوها وترَك طفلًا صغيرًا، لكن المشكلة أن الطفلَ مَنبوذٌ مِن جميع الأهل بسبب عُدوانيته وفرْطِ نشاطه وحركاته، وتسأل: كيف يُمكن تقديم المساعدة له ليرتاح الجميع؟

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أودُّ في البداية أن أشكركم على ما تُقدِّمونه مِن خدماتٍ للمسلمين، وجزاكم الله خيرًا.


لديَّ ابن أخٍ مات والدُه وعمر الطفل 6 سنوات، والولد كان يُعاني مِن الضربِ المُبرح مِن الوالدين بسبب فرطِ نشاطه، لكن بعدَ وفاةِ أخي حزن الطفلُ حُزنًا شديدًا لأنه كان يُحب والده جدًّا بالرغم مِن ضربه له.


الآن الطفل يَسكُن عند أخواله مع أمِّه، وبسبب فرْطِ نشاط الطفل فالكلُّ يُقابله بالعنفِ، لكن الطفل عدواني ولا يخاف أبدًا وذكي جدًّا.


المشكلة أن أمَّه تريد التخلي عنه، وإرساله إلى جده لأبيه بسبب الإزعاج الذي يُسببه لأهلها، لكن أهل أبيه لن يتحمَّلوا الطفل لأن جدتَه كبيرة في السن، ولن نستطيعَ رعايته، والطفل في حاجةٍ للرعاية والمراقبة.


وأنا لا أستطيع أخذه؛ لأن زوجي لن يتحملَ وُجوده في البيت، وأعتقد أن الطفل في حاجة إلى علاجٍ سلوكيٍّ.
فكيف أقدِّم له المساعدة؟ وكيف نتعامَل معه بحيث نُخفِّف مِن عُدوانيته؟
الطفل الآن عمره ٨ سنوات، وهو منبوذٌ مِن الجميع، وغير مستحبٍّ في الزيارات والسفر، والكل تخلَّى عن مسؤوليته تجاهه.
فأخبروني كيف يمكن تقديم المساعدة؟

الجواب

أهلًا بك سيدتي الفاضلة في شبكة الألوكة، ونرجو مِن الله أن نكونَ عند حُسن ثقتك بنا، وأن يُعينك ويحفظ هذا الطفل الصغير، ويرحم أخاك رحمةً واسعةً.
أختي الكريمة، لا شك أنَّ إحساننا إلى اليتيم مَطلوب، وقد بَشَّرَ رسولُنا الكريم مَن يُحسن لليتيم فقال: ((أنا وكافلُ اليتيم في الجنة كهاتينِ))، وقال تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ﴾ [البقرة: 220].


ولأنه يتيمٌ فالمفترضُ أن نحسنَ تربيته أكثر مِن المعتاد؛ لأنه عُرضةٌ لبعض المشكلات السلوكية أكثر مِن غيره؛ لذا علينا أن ننتبه.
هناك عدةُ حالات خاصة من تربية الأطفال (منها اليتيم)، وفيها نهتم بشيئين:
• أولهما: العطف والحنان.
• والثاني: تعليم الانضباط والنظام.


وعليه، يجب أن تكونَ هناك قواعدُ داخل الأسرة، ولا بد مِن وُجود مسؤول عن هذه الأسرة، أو على الأقل مسؤول عن هذا الطفل بشكلٍ مباشرٍ!


وكما هو واضح مِن رسالتك أن الجميع تخلَّى عنه؛ لذا عليكم الاتفاق على مَن يكون المسؤول عن هذا الطفل، وجدير بالذِّكر أنه مِن الأفضل مُكُوثه مع أمِّه، وإبلاغها بالنصائح التالية:
• عند قيام الطفل بأيِّ سلوك إيجابيٍّ عليكم أن تَشْكُروه وتَمْدَحوا هذا السلوك.
• تجاهُل بعض السلوكيات السلبية ما لم يترتَّبْ عليها ضررٌ أو خطرٌ، وإلا فالتدخل مَطلوبٌ لتحقيق سلامة الطفل.
• ملء وقته بكل ما هو مفيد مِن الأنشطة المختلفة؛ حتى لا يستنفدَ طاقته في الإزعاج.
• يجب أن يأخذَ حقه مِن الاهتمام والصبر عليه، وعدم مقارنته بإخوته.
• علينا أن نعلَمَ أن العنادَ صفة منتشرة في الأطفال؛ لذا فلْنتصرَّف بحكمةٍ معه.
• القصة لها مفعولُ السحر في جذْبِ انتباه الطفل، وتعليمه الخصال الحميدة من خلالها.
• الانتباه لما يُشاهِده في التلفاز، وعدم تركه للبرامج أو الكرتون الذي يحْوي أي عنفٍ.
• الخروج معه في الأماكن المفتوحة لينطلقَ.
• كثرة الدعاء له بالهداية.
• عدم اللُّجوء للعقاب البدنيِّ كردِّ فعلٍ لسلوكيات الطفل؛ حتى لا يأتيَ ذلك بنتيجةٍ عكسيةٍ.
• عليكم البحث جيدًا عن الأسباب التي تَدْفَعُه لذلك، فمُعالجة الأسباب تُساعد كثيرًا في التغلُّب على السلوكيات السيئة - إن شاء الله.
• من المهم الاستماع له جيدًا إذا جاء شاكيًا مِن اعتداء أحدٍ عليه؛ لأن هذا يريحه نفسيًّا.
• عدم تلبية رغباته فورًا تحت الصراخ والبكاء.

• عدم الحدِّ مِن حركاته أو إرغامه على فِعلِ شيء بدون توضيح الأسباب له.
• عدم السخرية منه أو تخويفه، بل أعطوه الفُرصة للتعبير عن نفسه.
• إلحاقه بأيِّ رياضةٍ مناسبة لسنِّه؛ ليفرغَ طاقته مِن خلالها.
• عليكم الاطلاع على كتُب التربية والسلوك، والبحث عن المراكز المتخصصة عن طريق الإنترنت؛ لأنه في الأغلب سيحتاج لجلسات تعديل سلوك.
• على المربِّي أن يكونَ حاسمًا وهادئًا في نفس الوقت؛ حتى يفهمَ الطفلُ حُدوده جيدًا.
• أحيانًا يكون النظامُ أو إدخال الروتين اليومي في حياة الطفل مهمًّا، ويُقلِّل مِن الصدام بين المربي والطفل؛ مثل: (تحديد موعد للطعام، النوم، الاستحمام،... إلخ).

وأخيرًا، أسأل الله تعالى أن يُنبتَه نباتًا حسنًا، ويرزقك الأجرَ على اهتمامك به
وكونوا كعائلة دومًا بالقرب منه هو وأمه، وأشعروهم بدعمكم ومساندتكم لهم