كيف أستفيد وأفيد الآخرين من لغتي الثانية؟

[ابوالوليد المسلم]

كيف أستفيد وأفيد الآخرين من لغتي الثانية؟
أ. شروق الجبوري


السؤال

♦ ملخص السؤال:
شابّ درس اللغة الإسبانية، يسأل عن المجالات التي يمكنه العمل فيها، وكيف يمكنه استغلال هذه اللغة لنفع الناس، وما الدورات التي يمكنه الالتحاق بها ليتقن هذه اللغة؟

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، و بعد:
فأبعثُ إليكم هذه الرِّسالة رغبةً في توجيهي للمسار الصحيح.

أنهيتُ دراستي هذا العام في كليَّة الألسُن - قسم اللغة الإسبانية، وأقضي وقتي حاليًّا في القراءة والسماع بالإسبانيَّة والعربيَّة، لا أكثر ولا أقل.

لا أعلم كيف سيكون عملي بعد ذلك؟! غير أني أرى في نفسي أنني سأبلي بلاءً حسنًا - إن شاء الله - في عَلاقاتي مع الناس.

صراحة أشعر بضبابية الهدف, ماذا سأفعل بالإسبانية؟ أو بمعنى أصح: ما المجالات المتاحَة أمامي كي أتفوقَ وأسمو، وأكون من الناجحين في الدنيا والآخرة؟

بماذا تُشِيرون عليَّ؟ وما الدورات والمؤهلات المطلوبة لسوق العمل؟

ولكم مني جزيل الشكر

الجواب

ابني الكريم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

يُسعدنا انضمامُك إلى شبكة الألوكة، ونسأل الله تعالى أن يستخدمَنا ويُسدِّدنا في تقديم ما ينفعك وينفع جميع المستشيرين.

وأودُّ أن أشيد بما لمستُه فيك مِن طموحٍ وثقة بالنفس، وحُسن ظن بالله تعالى وبما سيمنُّ عليك به، وكذلك سعيك لكسْبِ الدارينِ؛ فأسأل الله تعالى أن يمنَّ عليك بذلك.

لا شك أنَّ اللغة الإسبانيَّة تعدُّ من اللغات المهمَّة في عصرنا، لا سيما وأنها تعد اللغة الأم لنحو 400 مليون من سكَّان العالم؛ فأغلب سُكَّان أمريكا الجنوبية يتكلَّمون بها، إضافة إلى مملكة إسبانيا نفسها؛ ولذلك فإن استمرارك في القراءة والاطلاع في هذه الفترة هو أمرٌ مهم لتنمية مهاراتك اللغوية، وأنصحُك باستثمار أوقات فراغك في ذلك، حتى أثناء الخدمة العسكرية، وإلى حين حُصُولك على وظيفة في هذا المجال.

أمَّا عن تحديد وجهتك المهنيَّة في استخدام هذه اللغة، فالمجالاتُ في ذلك عديدةٌ، ويكون اختيارُك لأحدِها بحسب مُيولِك، وقدراتك، وطموحاتك الشخصية؛ ومنها على سبيل المثال: تخصصك في تدريس هذه اللغة في المعاهد المختصَّة، أو بعض المدارس الخاصة التي تقَدِّم تعليمها، وهو مجال لا يتطلَّب غالبًا مُؤهِّلات عليا بعد البكالوريوس، أو تدريسها في الجامعات، وهو ما يتطلب مواصلتك للدراسة العليا.

كما يمكنك التخصص في مجالات الترجمة الفوريَّة وغيرها، ويُساعدك في ذلك الاشتراك في دورات تأهيليَّة يقدِّمها عددٌ مِن المراكز، وتمنح المشاركين فيها شهادات تُفيد حصولهم على هذا التأهيل، فتدعِّم بها سيرتَك الأكاديمية والمِهْنِيَّة عند تقديم طلبك للالتحاق مُستقبلًا في أي عمل.

كما يمكنك أن تبحثَ - إن حدَّد ميلك إلى هذا المجال - عن عملٍ جزئيٍّ في الوقت الحاضر عبر شبكة الإنترنت يُعنَى بالترجمة مِن وإلى الإسبانية، وهو أمرٌ يُكسبك المزيد من المهارة في هذا المجال، ويضاف إلى خبرتك العملية، بالإضافة إلى مردودِه الماديِّ.

ومن الأعمال الجزئيَّة الأخرى: قيامك باختيار قصص أو روايات نالتْ شهرة وانتشارًا في الوطن العربي، وتواصلك مع دُور نشرٍ إسبانية أو غيرها؛ للاتفاق مع أحدها على إبرام عقد معهم بترجمة تلك القصة، واضطلاعهم بطبعها وتوزيعها، وغير ذلك.

أما عن رغبتك في تسخير هذه اللغة لتنالَ منافع في الآخرة، فالمجالاتُ في ذلك كثيرة أيضًا، لا سيما مع وجود الشبكة العنكبوتية التي يمكنك مِن خلالها الوصول إلى غير المسلمين الناطقين بالإسبانية والتواصل معهم في كل مكان؛ إذ يمكنك - مثلًا - انتقاء المقالات التي ترى أنها تقدِّم الإسلام بأسلوب يثير دافعية القرَّاء، وترجمتها إلى هذه اللغة، ثم نشرها في المنتديات الثقافية أو الاجتماعية الإسبانيَّة.


كما يُمكنك ترجمة أحاديث أو حلقات مُسَجَّلة على اليوتيوب لدعاة متَّسمين بالقدرة على استقطاب الناس بأسلوبهم، وباختيار الموضوعات التي تحبِّب في الإسلام، ولا تنفر منه، ثم الاجتهاد في نشرها وإيصالها إلى أكبر عددٍ مِن الناطقين بالإسبانيَّة.

واعلم - يا بُنَيَّ - أنَّ إخلاصك لله - عز وجل - واجتهادك في العمل لنُصرته، سيفتح لك أبوابًا كثيرةً للتوفيق في ذلك وتحقيق رجائك - بإذن الله تعالى.

وأخيرًا، أختم بالدعاء إلى الله تعالى أن يُسدِّدك، ويفتح لك أبواب الخير وينفع بك، وسنكون سُعداء بسماع أخبارك الطيبة.