|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الأسس العلمية اللغوية لتعليم اللغة البشرية من منظور اللسانيات عبدالكريم بن مسعود جيدور 5-3- الانفراد و حد اللفظة: يريد النحاة أن يكتشفوا القوانين التي يبنى ويؤلف فيها الكلام، وهم في حاجة ماسة إلى تعيين الحدود الحقيقية للكلام مفردا ومركبا بطريقة صحيحة، وكل النحاة في العالم قديما وحديثا وقفوا أمام هذا السؤال العويص: ما هي نقطة الانطلاق في الكشف عن حدود الكلام ومستوياته؟ بالنسبة للنحاة العرب الأوائل كان اختيارهم هو الانطلاق من تقنية تحليلية يسمونها (الانفراد) وقوامها البحث عن القطع اللغوية التي تنفرد بنفسها، وحددوا هذا الانفراد نحويا بأنه قابلية الانفصال والابتداء؛ فكل قطعة لغوية يمكن أن تؤدي معنى صريحا في الخطاب المتداول ويمكن في نفس الوقت وصلها بغيرها في الخطاب فهي قطعة منفردة من ذلك المستوى. وقد تبين للنحاة العرب بهذه التقنية الهامة أن مستويات اللغة تتداخل وتتعاضل بصورة جد معقدة، وأن المستوى التركيبي ليس تأليفا بسيطا للعناصر التي تحته، وكذلك مستوى الكلمة، فهي ليست مجموعة من الحروف المجموعة فقط بل هي مثال ومادة، وتمكنوا من إثبات شيء هام جدا وهو وجود مستوى بيني يتوسط بين الكلم المجردة ومستوى التراكيب المفيدة ويسمونه مستوى الألفاظ، وهو مستوى مركزي لأنه يتم فيه التقاطع بين مستوى اللفظ المجرد ومستوى الإفادة، ولذلك فهو كالمنوال بالنسبة للغة كلها. 5-4- العناصر المشرفة على التراكيب (نظرية العامل العربية): لقد لاحظ النحاة العرب أن مستوى التراكيب يمكن تحليل قوانينه بنفس الطريقة العامة التي استعملوها مع الكلم (الأوزان) وذلك بتحويلها إلى مجموعة من الأمثلة تجرد كمتغيرات يدخل تحتها الكثير من العناصر اللغوية؛ وكما تمكنوا من تجريد الأمثلة الثلاثة (الفاء والعين واللام (فعل)) فقد تمكنوا من تجريد أمثلة أخرى أعلى منها و هي (العامل(ع) والمعمول الأول(م1) و المعمول الثاني(م2))، وتم توزيع العناصر التركيبية على هذه المتغيرات كقانون عام بناء على مبدأ الكثرة. وفيما يلي جدول يوضح هذه النظرة: العامل (ع) المعمول الأول(م1) المعمول الثاني(م2) 1 الابتداء=عدم التبعية التركيبية 1 الاسم المبتدأ 1 المبني على الاسم المبتدأ 2 النواسخ كلها 1 الاسم المبتدأ 1 المبني على الاسم المبتدأ 2 المبني على الاسم المبتدأ 2 الاسم المبتدأ 3 الأفعال كلها 1 الفاعل 1 أک 2 الفاعل 2 المفعول 3 المفعول 3 أک 4 الفعل المتعدي إلى مفعولين+ فاعله 1 المفعول الأول 1 المفعول الثاني 5-6- تحليل المعاني اللغوية (نظرية الاعتماد): المعاني عند النحاة العرب الأوائل هي أيضا أصول و فروع، والمعنى النحوي البحت هو جزء صغير من المعنى العام، ولذلك قالوا إن تطوير نظرية عامة لتفسير المعاني سيحتاج إلى المعلومات الدقيقة من علم النحو كأرضية لكنه سيحتاج إلى معارف ومعلومات أخرى تخص المنطق الطبيعي وقوانين الخطاب النفسانية والاجتماعية و الحاسوبية (في أيامنا). وقد تركوا لنا أساسا قويا لخوض غمار هذا الميدان المعقد وذلك فيما نسميه (نظرية الاعتماد) التي طرحها الإمام الرماني في شرحه على كتاب سيبويه وقدم فيها العديد من التطبيقات الجيدة. يقول الرماني: « قسمة الزوائد على أقل ما تصح به الفائدة من الجملة على ثلاثة أوجه: ما هو للزيادة في الفائدة وما هو للزيادة في البيان و ما هو لتقويم المعنى.»[10] فالعنصر الذي يأتي للزيادة في الفائدة هو الذي يلي ( في الذكر) معتمد الفائدة (أي العنصر الذي هو عمدة في الجملة؛ أصل فيها و ليس زائدا، بحيث لو حذف لم تكن هناك جملة) ويكون فيه فائدة أخرى غير التي في معتمد الفائدة، أما العنصر الذي يأتي للزيادة في البيان فهو الذي يأتي بعد معتمد البيان مما هو معلوم عند المخاطب، وأما العنصر الذي يأتي لتقويم المعنى فهو الذي لو سقط من الكلام لانقلب المعنى[11]، فهذه المفاهيم تخص الزوائد على النواة اللفظية وأهم شيء في هذا الاقتراح أنه يفصل بوضوح بين عالم اللفظ واعتباراته وعالم المعنى و اعتباراته، وأكبر دليل يقوي هذا التمييز أن الصيغة اللفظية الواحدة قد تحتمل عدة وجوه من المعاني، وبناء على هذا التصور فإن الجملة المفيدة يمكن تحليل معناها انطلاقا من التمييز أولا بين العناصر التي تحمل الفائدة، أي أقل قدر من المعلومات يرسله المخاطب إلى من يخاطبه، والعناصر التي تحمل البيان، أي الزيادات على الفائدة مما غرضه التوضيح والتأكيد وغير ذلك، وبعد ذلك تمييز العناصر التي تحمل تدقيقا في معنى الفائدة أو في معنى البيان وهذه لو حذفت من الجملة لتغير معناها تماما. وفيما يلي نحلل مجموعة من الأمثلة بالاعتماد على هذه المفاهيم: الجملـة ( الكلام المفيد المستغني بنفسه عن غيره في تمام الفائدة و البيان[12]) معتمد الفائدة (0) زيادة في الفائدة (1) معتمد البيان (0) زيادة في البيان (1) تقويم المعنى (2) 1 زيد أک قائم أک أک 2 زيد أک قائم أک بالتدبير 3 ضربــــت زيــدا ضرب- أک -ت زيدا أک 4 مــــــررت راكبـــا مرر- راكبا --ت أک أک 5 رأيت عبد الله منطلقا ( رؤية العين؛ فالفعل هنا متعد لمفعول واحد فقط). رأيــــ منطلقا ـــت عبد الله أک 6 رأيت عبد الله منطلقا ( أي علمت؛ الفعل هنا متعد لمفعولين). منطلقا أک عبد الله رأيت أک 7 رأيت عبد الله منطلقا في علمي ( أي مع ذكر المعنى المقصود من رأيت) منطلق عبد الله رأيت في علمي أک 8 كـان عبد الله منطلـقا منطلقا أک عبد الله أک كان ملاحظات على الجدول: 1- أعطينا للعناصر الأصلية الرقم (0) لأنها أصول وليست زوائد، فحذفها يلغي الجملة، كما أنها لا تحتاج إلى علامة تميزها مثل الفروع. 2- أعطينا للزوائد الرئيسة الموالية للأصول الرقم (1) لأنها زيادة في المعنى مرتبطة مباشرة بالأصول، إذا حذفت الأصول لا يمكن أن توجد في الكلام هذه الزوائد. 3- أعطينا للزوائد المقومة للمعنى الرقم (2) لأنها زوائد مستقلة عن الأصول، وتأتي لمعنى جديد مستقل، فهي زيادة من الدرجة الثانية. 4- كل المواضع الفارغة من اللفظ و التي يمكن تقدير لفظ داخلها وضعنا داخلها علامة الخلو في الموضع (أک)، مثلا: [زيد (أک) قائم (أک) بالتدبير]= [ زيد (هو) قائم (وحده) بالتدبير]. هذا التحليل عظيم الفائدة بلا شك لكنه داخل في حدود البلاغة بمفهومها الواسع ألا وهو قوانين التبليغ الفعال التي يراعى فيها أول ما يراعى المنفعة والإضافة الإيجابية التي ينتظرها المخاطب وهدفها إقامة التواصل وإدامته على الوجه الأكمل، فينبغي أن تعول على البساطة والوضوح و الخفة وعدم التكلف والتنطع رأفة بالمخاطب ومراعاة لما ينتظره من سهولة ويسر في فهم الخطاب وتحليليه. 6- تعليم اللغة من وجهة نظر اللسانيات: نحن نتكلم هنا عن معادلة مكونة من ثلاثة عناصر؛ اثنان ثابتان (قديمان) هما مفهوم التعليم ومفهوم تعليم اللغة، والثالث متغير(جديد) و هو اللسانيات كعلم يهتم جزئيا بالمشاكل المرتبطة بتعليم اللغة. بصورة عامة تعليم اللغة من منظور اللسانيات هو ترسيخ لنظامها بطريقة آلية (قدر الإمكان)، فاللغة هي نظام من الأدلة و هي أيضا سلوك يعتاده المتكلم يتحول تدريجيا إلى عادة أو إلى فعل محكم، لا يفكر الإنسان فيه تفكيرا نقديا أو تأمليا، و أرجح آراء العلماء حول الأفعال المحكمة عموما والسلوك اللغوي خصوصا أنه يتحول تدريجيا بواسطة التدريب والاستعمال المكثف إلى مجموعة من الآليات التي تتخذ مواضع محصنة وقوية في الجملة العصبية يتم استدعاؤها وإعادة استظهارها بشكل آلي(أوتوماتيكي) عن طريق الرسائل العصبية من الدماغ إلى أعضاء جهاز التصويت. والبحث العلمي جار حاليا لمحاولة ضبط هذه الآليات العصبية التي تتحكم في مجموع العمليات الآلية التي يقوم بها الإنسان وهي تشكل جوهر الوجود البشري والنقطة المركزية في تميزه عن الأجناس الأخرى. و هناك نظرية يعمل على تطويرها العديد من العلماء حول العالم تفترض أن طريقة التكيف البشري أي الانتقال من الأفعال غير المحكمة إلى الأفعال المحكمة (الدورية) يتم من خلال مجموعات مرتبة من التعليمات تشبه الخوارزميات التي تنظم الحاسوب ولذلك يقوم خبراء علم الأعصاب بالتعاون مع خبراء المعلوماتية والحاسوبيات بفحص هذه الفرضيات، لكن الصعوبة تكمن في تعذر تطبيق هذه الفحوص على الإنسان الحي لأنها تتطلب فحصا طويل الأمد وعلى عينة كبيرة من الأشخاص. أما بالنسبة للطرح القديم الجديد الذي طرحه الإسلام من خلال نص القرآن الكريم و حاول بعض العلماء و الباحثين المعاصرين إعادة إحيائه فالثابت منه بصريح النص القرآني أن العقل مجموعة عمليات تتم في الذهن وليس الدماغ هو الممول المباشر لهذه العمليات، فكلما قيل فيه: ï´؟ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ï´¾ [يس: 68] أو ï´؟ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ï´¾ [النحل: 67] فإن العقل بشكل عام هو مطلق الربط بين الداخل(الترتيبات التي يقيمها الذهن) والخارج (الظواهر والمصنوعات الإلهية) فالترتيب العقلي الصحيح هو الذي ينتج به الحكم بأن الظاهرة المعقولة آية أي شيء لا يمكن إيجاده من عدم. و أخطر شيء صرح به القرآن وظهرت دلائل تجريبية تؤكده هو أن مركز الجملة العصبية هو القلب وليس الدماغ، وهو المستوى الذي يسمى في القرآن (الفؤاد)، فهذه المعلومات لو تكللت بالأدلة الكافية و تم وضعها في مواضعها من النظرية اللغوية والعلمية بشكل عام فإن هذا مؤذن بفتح علمي ضخم في ميدان معرفتنا باللغة و بتكوين المعرفة اللغوية عند الإنسان. [1] و حتى في داخل العلوم اللسانية يحصل تكوين مستمر لتخصصات فرعية جد دقيقة، و أكثرها ناتج عن هذا الاتجاه من التعاون و التكامل بين التخصصات، ومن أحدث ما يدعى إلى إنشائه حاليا (FLN) أو المقدرة اللغوية الخاصة ( Faculty of ******** in Narrow seance) دعا إلى هذا التخصص الدقيق الذي يجمع بين أحدث ما توصلت إليه البحوث النظرية و التجريبية في اللسانيات (التوليدية) و علم النفس المعرفي و البيولوجيا التطورية، الباحثون من الولايات المتحدة، ينظر: مارك هاوسر، نوام تشومسكي، تكيومش فيتش، المقدرة اللغوية: ما هي، من يملكها، و كيف يطورها؟ مجلة العلم، عدد 298- 22نوفمبر2002-ص: 1569-1579/www sciencemag org. [2] يسميها بعض المختصين (البيداغوجيا) و هما بنفس المعنى، و قد تكون التربية أعم من البيداغوجيا من باب أنها ترتبط بتكوين الفرد و توجيهه الوجهة الإيجابية في كل مناحي الحياة، أما البيداغوجيا فهي تخص الجوانب الأكاديمية أو (الصفية) البحتة، ينظر: أحمد شبشوب، علوم التربية، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، ط1991/32. [3] أصل الكلمة في العربية من (ربا يربو ربوا) و معناه الزيادة مطلقا، و منه (الربوة) أي المكان المرتفع من الأرض، ينظر: ابن منظور، لسان العرب، دار الكتب العلمية-لبنان-ط1-1999 مادة (ربب)، و المفهوم الأصلي للتربية في التصور العربي الإسلامي هو الزيادة و النمو والبركة، فكل زيادة في الاتجاه الإيجابي المحمود تطرأ على الفرد في أي جانب من جوانبه فهي من هذا الباب، و معناها الثاني (الخاص بالثقافة الإسلامية) هو الرعاية و الحفظ و العون، و منه مفهوم (الربوبية) فالله رب العالمين أي مربيهم وراعيهم و هاديهم إلى الخير والصلاح، أما عند الغربيين فهي ترادف التعليم تماما، وهذا هو معناها الأصلي عندهم، سواء أ كان التعليم الرسمي في الفصول أم التعليم العام لأي شيء في الحياة، ينظر: » Oxford Dictionary,2nd Impression,1998,p:369، وقد ترادف البيداغوجيا كمجموعة من الجهود المنصبة على معالجة المشاكل التعليمية، أو الثقافة، أو الكياسة وحسن التعامل (وهذا قريب من التصور العربي العام)، ينظر: المعجم الفرنسي الرسمي (Larousse) ط1997-باريس-ص:516. [4] ينظر: فرانك كيلش، ثورة الإنفوميديا، تر: حسام الدين زكريا، عالم المعرفة، عدد 253- يناير2000م، بشكل خاص الفصل الثاني والعشرين: (علم أطفالك بحق) ص 463-480. [5] جاك ريتشاردز، تطوير مناهج تعليم اللغة، ص: 29 وما بعدها. [6] و كذلك الأمر بالنسبة للطلاب في بلد أجنبي، والمسلم الأعجمي الذي يريد أن يفهم القرآن باللسان العربي، وفي الترجمة العالية المستوى كتراجمة الأمم المتحدة واليونسكو وغير ذلك، فكل هذه الفئات من الناس لا يمكن أن يكون تعلمها للغة (الأجنبية) حاصلا بنفس القدر من العفوية والآلية كما في حال الطفل الصغير، وحاجة المبرمجين في هذه الظروف إلى أدق المعلومات حول النحو النظري تكون ملحة جدا. [7]هذا فيما يخص التحليل النحوي البحت، فالنحوي يشتغل على الكلام المنطوق من أجل اكتشاف حدوده الحقيقية ورسم هذه الحدود في قوانين عامة يمكن استثمارها في ميادين أخرى، كالفقه والتعليم وتفسير القرآن وفهم الكلام العربي بوجه عام، والنحو بهذه المنزلة هو واحد من العلوم المساعدة على الفهم و ليس هو الفهم كله أو المعنى كله. [8] اختلف العلماء العرب من النحاة ومن غيرهم حول هذه الأولية، وذهب فريق من العلماء إلى أن المعنى هو الأول، وحجتهم أن المتكلم لا يمكن (عقلا) أن يضع لفظا دون تصور معنى له، وهذا الكلام على فرض صحته فهو يناقش مسألة اللفظ والمعنى في المستوى العقلي والفلسفي والأولية المقصودة هنا هي الأولية النحوية أي الراجعة إلى الصنعة والاختصاص. [9] وقد وقف النحاة و اللغويون والمتكلمون عند هذا الاصطلاح وقوفا طويلا حتى صار هذا الوقوف من (الفرائض التحليلية الواجبة) وكانوا يقولون: لماذا قال النحاة كلما ولم يقولوا كلمات رغم أن الأخير أشهر؟ ولماذا اقتصرت (القسمة) على الاسم و الفعل والحرف؟ وما وجه الحصر في هذه الأقسام؟ وكيف يكون الفعل والحرف كلمة وهما في الوقت نفسه فعل وحرف؟ أما الذي وضحناه في هذا الموضع فهو السلوك المنهجي والتقني الذي سلكه النحاة في عملهم. [10] علي بن عيسى الرماني، شرح كتاب سيبويه، ج1/139. [11] المصدر السابق، ج1/139. [12] الحاج صالح، بحوث ودراسات في اللسانيات العربية، ج1/291، بحث بعنوان: الجملة في كتاب سيبويه، ألقي في مجمع القاهرة سنة 1993م، و قد بين فيه أن كتاب سيبويه يخلو تماما من ذكر مصطلح الجملة وأن ما يناسبها من عباراته هو الكلام نفسه أو الكلام المستغني.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |