أريد منكم تحليلاً يسيرًا لحياتي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13219 - عددالزوار : 350659 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 257 - عددالزوار : 46951 )           »          قيمة إسلامية حثَّ عليها القرآن الكريم والسُنَّة النبوية – الجودة الشاملة في مؤسساتنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 125 )           »          التداوي من السحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 159 )           »          حكم المرابحة للآمر بالشراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 141 )           »          الوجيز في أحكام التداولات المالية المعاصرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 395 )           »          حكم الغرر في عقود التبرعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 151 )           »          الفرق بين الرجل والمرأة في التلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 112 )           »          أخطاء في التحليل والتحريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 176 )           »          حكم الصلح على الدين ببعضه حالا (ضع وتعجل) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 130 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى مشكلات وحلول
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-01-2021, 09:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,401
الدولة : Egypt
افتراضي أريد منكم تحليلاً يسيرًا لحياتي

أريد منكم تحليلاً يسيرًا لحياتي


أ. مجاهد مأمون ديرانية


السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
أولاً: أشيد بهذا الموقع المتمَيِّز والرائع، والذي أسميه البحر؛ لكَوْنِه يجمع كل طرِيٍّ طهور نقي.
لأجل ذلك، ولأجل الثِّقة الكبيرة التي تَمْتازون بها، أودُّ أن أستشيركم في بعض المسائل التي تؤرقني، ولعلني أجد حلاًّ لها عندكم.

أنا شابٌّ عربي مسلم، عاش حياةً قاسية مُظلمة سوداء قاتِمة، هذا لا يعني أبدًا أنني أُنكر فضْل الله ونعَمه عليَّ أبدًا، وتتبدى تلك القساوة في كوني أحس بأنني مهتزٌّ نفسيًّا، وضعيف الشخصية قليلاً، مع شيء منَ الترَدُّد والخوف المرَضي؛ وذلك نتيجة تنشئةٍ اجتماعيَّةٍ سيئة، تَمَثَّلَت في عدم قُدرتي على الاندماج في محيطي الأُسَري والمجتمعي والمدرسي.
الأسرة:
في طفولتي المبكرة، كان منزلنا قاتمًا، ليس فيه طعم الإيمان ولا التقوى، إلا تقاليد متَوَارَثة، أبًا عن جدٍّ، فيها ما هو جميل، وآخر سيئ للغاية، وعلى الرغم من خصال الأب الطيبة ورزانة الأم، إلا أنهما لَم يكونا يُصليان، شأنُهما شأن أغلبية عمَّاتي اللاتي كنَّ يقْطنّ معنا في نفس المنزل، وبالتالي فالشيطان - أعوذ بالله من الشيطان الرجيم - قد فرخ وباض فيه، مما جعل مظاهر الشِّرك والشعوذة والتخلُّف الديني تبدو على سلوكيات وأقوال بعضهنَّ، خصوصًا أنَّ غالبيَّة مَن في المنزل أُمِّيُّون، هذا بالإضافة إلى المُشَاحَنات التي كانت تخلُق تباغُضًا غير مفهوم بينهم، وهذه الصورة القاتمة تجعل من المستحيل على طفلٍ صغيرٍ مثلي أن ينموَ ويَتَرَعرَعَ طبيعيًّا، أو أن يعرف دينه ويتزيَّن بخلقِه.

وعلى الرغم من ذلك، فعلاقتي بالدِّين بدأتْ مع أحد الأيام السعيدة في حياتي، ذلك أنني كنتُ مارًّا في يوم من الأيام بالقُرب من أحد مساجد حَيِّنا وأصدقائي الأطفال، فلاح لأحدهم أن ندخلَ إلى المسجد لنصلِّيَ ونلهو قليلاً - حسب رأيه - فوالله يا إخواني، أحْسَسْتُ بشُعُور غريبٍ، أحْسَسْتُ معه برهبةٍ شديدةٍ، وتعلُّق شديد مع اطمِئنان، ومع تَوَالي الأيام بدأتُ أَتَرَدَّد عليه كثيرًا وبانتظام؛ حيث تَمَكَّنتُ - بفَضْل الله سبحانه وتعالى - أن أعرفَ كيفيَّة الصلاة والوضوء، فالمَدْرسة لا تُعلِّمنا شيئًا عن الدين التطبيقي، إلاَّ حشوًا، ومعلومات لا طعْم لها ولا لون، ثم كيف لِمُعَلِّمة سافِرة متَبَرِّجة أن تهديكَ دينًا وخُلُقًا؟! بعد ذلك نشطتُ وبدأتُ أجمع المال لأشتري كُتُبًا دينيَّة.

وبالفعل، اشتَرَيْتُ القرآن الكريم، وكتاب "رياض الصالحين"، وكتاب "قصص الأنبياء"؛ للإمام ابن كثير، ثم عدة كتيبات أخرى، تُعَلِّم الصلاة والوضوء الصَّحيحَيْن، وتُعَلِّم كيفية صلاة النبي - صلوات ربي وسلامه عليه - وكتاب "الدعاء المستجاب"، وغيرها الكثير، وكان سنِّي حينئذٍ 12 سنة تقريبًا.

ومع تَوَالِي الأيام بدأتُ أَقُومُ الليل يوميًّا، وأجْتَهد أن أصلِّي الفرائض في وقتها، وفي جماعة، وكذلك النوافل، وبدأتُ أغرس في نفسي الأخلاق الحسَنة، والكَرَم، ومُساعدة المحتاج والمساكين.

لكن هذه الطفْرة لَم تنلْ إعجاب عائلتي، وبدأ يضايقها التزامي، وتسمِّيه: تعقيدًا، وتشدُّدًا، وتمادوا في تَجْريحي، حتى إنهم بدَؤُوا يُخَوِّفونني بقصص وهمية ينسجونها من خيالهم - وكنت طبعًا أُصَدِّقهم؛ نظرًا لحداثة سنِّي - وذلك مثل: أن واحدًا كان يقوم الليل دائمًا، وفي يوم من الأيام خرَج له نورٌ عظيم وملائكة، فجن جنونُه، بالإضافة إلى المُقَارَنات السيئة التي كانوا يلمزونني بها، فعلى سبيل المثال: أنت معقَّد، مُتَشَدِّد، منعزل، انظُر إلى ابن عمتك، كم هو بشوش ضحوك منفتح، أحسن منك! ولا يمكن أن تَتَصَوَّروا درجة الأَلَم التي يسببها ذلك، كما كانت عبارات العمات اللاذعة التي ينعتونني بها من خلال وصفهم الدائم لي: المُعَقَّد، الإخواني الذي لا يُسَلِّم على النساء، المنعَزل، ولَطَالَما طردتُ خارج المنزل عندما أريد أن أدرس أو أقرأ كتابًا دينيًّا، أو عندما أريد أن أشاهد أفلام الكارتون، ويُعَلِّلون ذلك بكون: الشارع للرِّجال، والمنزل للنساء.

فتبلور عن ذلك شعورٌ بالدُّون والمسْكَنَة والانعِزالية، وفقدان حضن العائلة، وضباب في رُؤيتي للأُمُور؛ فأنا لَم أعُد أعرف أين الحق من الباطل؟ فالقرآن الكريم يرشدنا إلى كذا وكذا، وأحاديث نبينا مليئة بالتَّوْجيهات، والكتب الأخرى كذلك، فالواقع شيء، وما في الدِّين مِن مُميزات أخلاقيَّة شيء آخر.

المدرسة والمجتمع:

كانت المدرسة حبْلاً آخر يخنقني كل صباح، فلَم أكُن أحب طريقة التعليم، ولا أسلوب المعلِّمين، الذي يتَّسم بالقسوة والجفاء، لا رحمة في قلوبهم، ورغم أن علاقتي طيبة معهم دائمًا، لكنها كانت مشوبة بالحذَر، فعَجَبًا لمدارسنا التي لا تنتج إلا مرضى نفسانيين، كلهم اهتزاز وخوف وقمع، بدل أن تخلق لنا جيلاً قويًّا، تسمو به الأمة إلى المعالي!

وفي فترة الإعدادي والثانوي بدأتُ ألمس أنَّ زملائي في الفصْل ينفرون منِّي، ليس لدمامتي، فأنا - والحمدُ لله - جميلُ الصورة والتصَوُّر، لكنَّهم لا يُحبون أصحاب الخُلُق الحَسَن، فعصرُنا عصر السفاهة بامتياز؛ بحيث أمسى السفَه عزَّةً، ومكارم الأخلاق مسكنة ومَذَمَّة، كما أنهم يكرهون الكلام الطيِّب، وكنتُ عندما أخالطهم أحس بأنني غريب عنهم، يعتريني الصمْت، وغالبًا ما أتِيه بَعِيدًا عن زمانهم ومكانهم، كان جلُّ حديثهم عن الفتيات والحب والغرام... وهلم جرًّا، مما يُلَقَّنُ لنا في الإعلام من أخلاق متمَيعة، فكلُّ ما يخل بالأدب والأخلاق ممكن تداوُلُه في سوق تجمُّعاتنا، وإلا فمآلُ سلعتك البوار.

وقِس كل ما قُلتُه آنفًا على الحالة المُتَرَدِّية للمُجتمع، ففي كنفه بدأتُ أتَرَبَّى؛ خصوصًا مع اعتقاد العمات أنَّ الشارع مدرسة، لا يُمكن للرجال أن يستغنوا عنها، فكان مجتمَعًا مليئًا بالمتناقِضات، وبعيدًا كل البُعْد عن المجتمع الإسلامي المتَحَضِّر، ليست فيه صورة منيرة إلا صورة المسجد، ولا أقول أبدًا: هلك الناس، فالخيرُ باقٍ مع أمة محمدٍ إلى يوم القيامة، لكنَّه واقعٌ مريرٌ يريده الساسة معوَجًّا بليدًا؛ لغرض في أنفسهم، فهو مَليء بالمعامَلات السيئة، والمشاحَنات والتكالُب على الدُّنيا، لا يخلو يومه من المشاجرات، واستباحة دماء المسلمين.

أمَّا مظاهر الانحراف، فهي تنخره نخرًا شديدًا، شباب ضائع في أغلبيته، فتيات سافرات مُتَبَرِّجات، كاسيات عاريات، أكثر ثقة بأنفسهن، وراضيات بما يصنعن، ولا يأبَهْن بدينٍ ولا خُلُق، طبعًا إلاَّ مَن رحم ربي.

في هذا الوسط المريع بدأتُ أنمو، فتَرَسَّخَت وعلقت بذهني وبنفسي الكثيرُ من المساوئ، مما انعكس سلبًا على حياتي في جميع مراحل حياتي الثانوية والجامعية، وبدأتْ علاقتي بالدِّين تضطرب، حتى إنَّني كنتُ أقطع الصلاة شهورًا ثم أعود إليها، كما أن الرياح بدأتْ تتَّجه بي إلى حيثُ شاءتْ، فمَرَّة ملتزم صالح، ومرة أخرى ضالٌّ مُتَذَبْذب، وتأزَّمَتْ علاقتي الأُسَريَّة، حتى ظننتُ يومًا أنني عاقٌّ لوالديَّ الطيبَيْن، ليس سوى أن أبي يريدني على تخصُّصه، وأنا أمقت ذلك، وأحب تخصُّص التاريخ لأنني أجد فيه ضالتي، ومع تخرجي في الجامعة ازداد حالي سوءًا، فالبطالة تنخر بلدي حتى النخاع، وهذا لم يثنني قيد أنملة أن أبحث عن العمل، حتى إنني طرقْتُ أكثر من ألف باب، لكن دون أن يُجديني ذلك فتيلاً، إلاَّ أبوابًا تورد صاحبها إلى سقر؛ كجمعيَّات القُرُوض الصُّغرى الملعونة التي تتعامَل بالرِّبا - دمَّر الله أصحابَها - فلقد أفْشَت الربا في المجتمع في الأيام الأخيرة، إلى درجة مخيفة، تنذر بوَيْلات وطامَّات كبرى - اللهم سلِّم يا رب العالَمين، ولا تأخذنا بما فَعَل أولئك الحمْقى السفاء، آمين.

6 أشهر دخلت في مرحلة حساسة، ذُقت فيها مرارة الاكتِئاب، وما أدراك ما الاكتئاب لمدة عام ونصف العام، ولَم أعرف أنه اكتئاب إلاَّ بعد انصرام ثمانية شهور، لكن عافاني الله منه بفضل وكرم منه؛ إنه الخبير العليم، فبدأْتُ بعد ذلك أنْظُر إلى الحياة نظرة تفاؤُل وإيجابيَّة، كما أنني أحافِظ على صلاتي، وأُحَاوِل جاهدًا أن أطَوِّر قدراتي، وكذلك أبي بدأ يُصَلِّي، والأم كذلك، والسِّرُّ في ذلك يا إخواني الدعاء لهما بالهداية.

كل ما كتبتُه آنفًا الغرَض منه هو أن تُحَلِّلوا معي حياتي، وأن تساعدوني في التخلُّص من بعض الرواسب التي علقتْ في عقلي الباطني من برامج وأفكار سيئة وعُقَد نفسيَّة، يُمكن أن ألخصها في النُّقَط التالية:

• أريد منكم تحليلاً يسيرًا عن كل ما قلته آنفًا.

• أعاني خوفًا اجتماعيًّا يُقَيِّد لساني عن الاستمتاع بالمشارَكة داخل الفصول.

• أعاني خوفًا مرضيًّا من الاحتجاز، وهل له علاقة بما سأقوله؟ فما الحل؟ فهل هناك دواء طبيعي يستطيع أن يعالج حالتي؟ فهذا الأمر يؤرِّقني؛ فهو يَحُول بيني وبين العمل والدراسة؛ نظرًا لوُجُود أماكن مُغلَقة بهما.

أنا الآن أحاول التغلُّب على ذلك عبر نَهْج أسلوب الاسترخاء والمواجَهة، وقد نجحتُ في كثير من المواطن، وتخلَّصْتُ من 70 في المائة من المشكلة، بفضل الله، ثم بفضل ذلك الأسلوب، ولكن أنا أريد أن أجتثَّ المشكلة كلية.

أرشدوني إلى برْمَجةٍ إيجابية إيحائيَّة؛ تُخَلصني من رواسب الماضي، ومن العَجْز والكسَل، وتُقَوِّي من عزيمتي وإرادَتي وهِمَّتي، بما يجعلها لا تخور بعد ذلك أبدًا.

ختامًا: أدعو الله - سبحانه وتعالى - أن يُوَفِّقكم في مسعاكم الطيب، وأعلمكم أنني أحبكم في الله، وأخبركم أنني أعمل جاهدًا على إشهار موقعكم الممتاز جدًّا في موطني - ما شاء الله - الذي يُعَدُّ حقًّا مفْخَرة للأمة الإسلامية، وإنَّني لأراه ملاذًا ومحطة إيمانية، يُمكن أن يتزوَّد منها الإنسانُ المسلم بكل ما يحتاجه من قِيَمٍ وأخلاق ومُثُل عليا، وإرشادات وتوجيهات، وفِكْر وعلم، تؤهله أن يكون أهلاً للأمانة المنوطة به من ربِّ العالمين، زادكم الله فضلاً ورشدًا، وأطلب منكم النُّصْح والدعاء لي.


الجواب
هذه الرِّسالة نادرة؛ لأنها فصَّلت المشكلة بصورة غير مألوفة، فقد جرتْ عادة أصحاب الاستشارات أن يقتَطِعوا مشكلتهم من سياق ظروفها وحياة أصحابها، وهذا الاختزال يضع عبئًا على كاهل المعالِج الذي يجتهد في سدِّ الفجوات؛ ليتخيَّل الصورة الكاملة قبل البدْء في تقديم الحل المناسب، ثم إنها مشكلة تستحق عناية خاصة، وتُغري بتقديم حل مفصَّل؛ لأنها تكاد تكون مشكلة جيل كامل، لا مشكلة فرد من الناس.

وسوف أجيب الآن عن الشقِّ النفسي من مشكلتك، وهو الجزء الخاص الذي يعنيك أكثر من سواك، وأرجو أن يوفِّقَني اللهُ بعد مُدَّة إلى كتابة جواب عام عن الشِّقِّ الاجتماعي والدَّعَوي من المشكلة، فلَعَلَّه - إنْ نُشِرَ - يفيدك ويفيد سواك ممن يعانون من المشكلة ذاتها، وأحسب أنهم كثيرون.

وقبل تشخيص مشكلتك، وتقديم الحل المناسب، فإنَّني أحب أن أبدأ بتهنئة ورجاء ودعاء؛ فأما التهنئة: فبالهداية التي أنعم اللهُ بها عليك، في حين بقي في التيه والضياع أكثرُ أصحابك وأقربائك، وأما الرجاء: فأن تصبر على الحق، ولو كنتَ وحيدًا، ولا يوحشَنَّك طريقُ الحق، ولو قَلَّ سالكوه، وأما الدعاء: فأن يجعلك الله من السبعة الذين يظلهم في ظل عرشه في يوم حساب شاقٍّ طويل، لا ظل فيه إلا ظل عرش الرحمن، فما أراك إلا شابًّا نشأ في طاعة الله - إن شاء الله.
ولنَتَحَدَّث الآن في مشكلتك من ناحيتَي التشخيص والعلاج:
ابتداءً أنتَ ساعدتني، وساعدت نفسك بتشخيص مشكلتك؛ حينما وصفتَ نفسك بأنك ذو شخصية ضعيفة مترَدِّدة، وحينما وصفتَ الخوف الذي تُعاني منه بأنه خوف مَرَضي، وهذا التشخيص دلَّني على ما تمتلكه من فَهم ووعي، ثم زادتْ ثقتي بفهمك ووعيك حينما وجدتك تتجاوَز تشخيص المشكلة إلى تعليلها، وذلك بربطها بالتَّنْشئة الاجتماعية السيئة التي كان من ثمراتها العجزُ عن الاندماج في الأسرة والمدرسة والمجتمع.

على أنني أُوافقك في جزْء من التشخيص، وأخالفك في آخر، نعم، أنت مصاب بخَوْف مَرَضي، لكنك لستَ ضعيفًا، ولا مهزوز الشخصية - يا بنيَّ العزيز - لو أنك ضربْتَ ببلطة حادة وبكل قوتك سطحًا من الخشب لانفلق السطح فلقتين، ولو أنك داوَمْتَ على طرْقه نصف ساعة طرقًا ضعيفًا ببلطة أقل شأنًا فسوف ينفلق كذلك، إنَّ الطرْق الشديد الخاطف، والطرق الخفيف الدائم - قادِرين كليهما على التحطيم، فكيف لو اجتمعا معًا؟!

ها أنت ذا تعاني من ضغط وصد، وهجوم وسخرية، سنين وسنين، فكيف تَسْلم بعد ذلك كله؟! لقد أُصبتَ في هذه المعركة الطويلة بما لا بد أن يُصاب به مَن كان مكانك، ولو كان من أقوى الناس، ولكنك ما زلتَ محتفظًا باتزانك النفسي، وقدرتك على المحاكَمة العقلية الصحيحة، لعلك أُحبطت وسقطت ضحية للحيرة والتردُّد لبعض الوقت، وربما أصابك اكتئاب عابر كما قلت، وها أنت ذا تعاني من الخوف المرَضي الذي وصفت، وقد تراجعت في وقت من الأوقات وانقطعت عن الصلاة، لكنك بالجملة ثَبَتَّ وقاومتَ ونجحتَ في البقاء، بل إن نجاحك قد امتدَّ إلى أبويك اللذين هداهما الله، فعادا إليه وصارا يُصَلِّيان من بعد ما فقدتَ الأمل فيهما، أو كدت تفقد الأمل، وهذا كله لا يدل على ضعف؛ بل على قوة - إن شاء الله - وعلى أنك لَم تَكُن محاربًا فَرْدًا في هذه المحنة، بل كان معك من هو أقوى من العمّات والخالات، والآباء والأمهات، والمعلمين والأصحاب، الله الذي أحبك كما أحببته، وأقبل عليك كما أقبلت عليه، ولا يضيع الله مَن اتَّكل عليه، ووضع أمله فيه.

أما "الخسائر" فلا بدَّ منها، والمسلمون الأوَّلون نَجَوا من الاستئصال الذي أراده لهم كفار قريش في أُحُد، وبقوا وبقي الإسلام - بفضل الله - لكنهم أُصيبوا: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران: 165]، فهل كنت تظن أنك تخرج من هذا كله سليمًا بلا جراح؟! على أن الله وفقك فلم تخسر دينك، وكل الذي خرجت به من محنتك هو هذا الخوف المرَضي الذي وصفتَ، وأرجو أن يعافيك منه الله.
1- التشخيص:
لنتَّفق أولاً على أنَّ الخوفَ ظاهِرة طبيعية، وهو واحدٌ منَ الأسلحة التي وهبَها لنا الخالقُ - عزَّ وجل - للحِفاظ على الذات؛ فلولا الخوفُ من الاحتراق - مثلاً - لقبضتَ بكفِّك على الإناء الحار، فتَلِفَت أنسجةُ يدك، ولولا الخوف من "الدعس" - هذه هي الكلمة العربية الفصيحة، لا "الدهس" التي يستخدمها عامة الكتّاب - لعبرت الطريق بلا حذر، فقتلتك السيارات التي تنطلق في الشوارع مثل القذائف الصاروخية.

لكن الخوفَ الطبيعي الذي يشترك فيه عامَّة الناس - بدرجات متفاوتة - هو الخوف العابر المتعلِّق بأمر محدَّد في وقت محدد، وهو يقود غالبًا إلى ردة فعل صحيحة، تنفع صاحبَها وتنفي عنه الضرر، أما إذا صار هذا الخوف شديدًا - نوعًا من أنواع الفزَع - وارتَبَط بشكل غير مفهوم بشيء محدَّد ليست فيه مظنَّة الإيذاء أو الخطر، وصاحبَتْه مشاعر من العجْز وعدم القدرة على التصرُّف - فإنه يُصنَّف عندئذ على أنه نوع من أنواع "الرُّهاب" (الفوبيا).

إنَّ "الرُّهاب" شكْل من أشكال اضطرابات القلَق، وهو يعرَّف طبيًّا بأنه: "مرحلة متقدِّمة من الخوف المتواصِل والشديد، وغير المبرَّر من شيء أو موقف معيَّن، يؤدِّي إلى تجنُّب ذلك الشيء أو الموقف، ويغلب أن يصاحبَه مقدارٌ جزئي أو كلي من العجز"، وهذه الاضطرابات من العِلَل النفسية الشائعة، ولو أنها بقيت في مستواها الاعتيادي ضمن الوصف السابق، فإنها لا تدعو إلى القلق، أما إذا تطورتْ إلى النوع الحاد - الذي يُسمَّى في الطب النفسي: "نَوْبات هَلَع" - فإنها تستدعي كثيرًا من الاهتمام، وكثيرًا من العناية، وهي حالات معقَّدة، وليست سهلة العلاج، على أنني لن أتوسَّع فيها هنا؛ لأنها ليست من صلب مشكلتنا الحالية.

لقد وُجد بالبحْثِ والاستقصاء أنَّ واحدًا من كل سبعة أشخاص في هذه الدنيا يعانون من نوع من أنواع الرُّهاب (الفوبيا)، ولتسهيل التشخيص فقد وصف الطبُّ النفسي عشرات من حالات الرهاب ومنَحَها أسماء خاصة بها، كرُهاب الطيران (أفيوفوبيا)، ورُهاب المرايا (سبِكْتروفوبيا)، ورهاب الغرباء (زينوفوبيا)، ورهاب الماء (هايْدروفوبيا)، ورهاب الأماكن المرتفعة (أكروفوبيا)... إلى آخر هذه التسميات، ثم جُمعتْ هذه الأنواع المختلفة من الرهاب في ثلاث مجموعات رئيسة:

"الرهاب الاجتماعي"، و"الرهاب النوعي" - الذي يرتبط بقادح محدد، كأكثر الأمثلة السابقة - و"رهاب الأماكن المفتوحة" (أو رهاب الفضاء)، وهذا الأخير هو أعقد أنواع الرهاب وأصعبها، وكثيرًا ما يقترن بنوبات الهلَع، وهو يتسَبَّب في دفع المصابين إلى الالتزام ببيوتهم؛ بسبب الرعب من فكرة الخروج إلى العالَم الواسع المفتوح الذي يمكن أن يفقدوا فيه الأمان.

الذي وصفتَ به نفسك يدل على أنك مصاب بنوع منتشر ومألوف من الرهاب، يسمى: "رُهَاب الأماكن المغلقة" (كلوسْتروفوبيا)، بالإضافة إلى نوعٍ من الرهاب الاجتماعي، لكن لا تقلق، فأنت لستَ وحدك؛ فهذان النوعان من الرهاب على درجة واسعة من الانتشار بين الناس، وهما ليسا من الإصابات الحادة - بفضل الله - واحتمال الشفاء الكامل منهما كبير - بإذن الله.
2- العلاج:
يُعالِج الأطباء النفسيون مشكلات الرهاب بطريقة التحليل النفسي، وبأدوات أخرى خاصة بهذا العلم، ومن المهم بالنسبة للمعالِج النفسي معرفة السبب الذي صنع الرهاب، وعدم الاكتفاء بالتعَرُّف على "القادح" الذي يولِّد الحالة، أنت مثلاً تشعر بالخوف أو بالضيق والفزع عندما تنحصر داخل المصعد، وربما انتابتك الانفعالات ذاتها عندما يُغلَق عليك الباب في غرفة صغيرة أو ذات سقف منخفض مثلاً.

المكان الضيق المحصور يقدح الانفعال السلبي، لكنه ليس هو المسؤول عنه؛ أي: إنه ليس السبب الحقيقي، ولو كان سببًا حقيقيًّا لَلَزِم أن يشترك الناسُ كلهم في هذا الفزَع، كما يشتركون في الخوف من أسد مفترس مثلاً، إذًا أنت تملك في نفسك سببًا متفردًا لا يحمله عامة الناس، وهذا السبب يكون متوارِيًا عادة في الجزء المظلم غير المكشوف من النفس، أو في "اللاشعور"، وفي العادة، ربما في تسع حالات من عشر، يكون السبب حادثة خارجية أو انفعالات نفسية داخلية، وفي واحدة من عشر يكون السبب اضطرابًا عضويًّا (في كيمياء الدماغ) أو وراثيًّا.

من الواضح أن الحالة الأخيرة لا يمكن مداواتها إلا بالعقاقير، وسوف نستثنيها من اهتمامنا الآن، ونتحدث عن المسبِّبات الأكثر شيوعًا، ولنبدأ بالحوادث الخارجية، مثلاً:

انحباسٌ طويل في مصعد معطَّل في وقت مبكر من العمر، ربما ترافق أيضًا مع انفعال سلبي وخوف مبالَغ فيه، أظهرهما بعض الكبار الذين يعتبرهم الطفل مصدر الحماية والأمان، مثل هذه الواقعة قد تتوارى في اللاشعور سنوات طويلة، ثم تنقدح ذات يوم في حالة فزع مَرَضي من كل مكان مغلق محصور، هذا مثال لحادثة "خارجية" وقعت في الطفولة، وتُرْجِمَتْ إلى حالة رُهاب دائمة في مرحلة لاحقة من مراحل العمر، وهي غالبًا مرحلة المراهقة أو نحوها، ولا أظن أن مشكلتك من هذا النوع.

أما "الانفعالات الداخلية" فأمرها أصعب؛ لأنها قد تكون أيَّ واحد من عشرات أو مئات من المؤثِّرات السلبية التي تعرَّض لها المرءُ في طفولته، وقد تكون مزيجًا من مؤثرات عدة، وهذه الانفعالات غالبًا من النوع السَّيِّئ، الذي يؤثِّر بعُمق في النفسيَّة المرهَفة للطفل الصغير، كالظلم والقهر، وفقدان العاطفة والعقوبات الشديدة... إلخ، وهي تتراكَم في اللاوعي على مرِّ السنين؛ بحيث تصنع عبئًا يفوق قدرةَ الطفل على الاحتمال، إلى أن تنفجر ذات يوم في بعض أشكال الرُّهاب أو في شكل أسوأ بكثير، "نوبات الهلع" غير المبرَّرة وغير المفهومة.

المعالِج النفسي يهتم بشكلٍ أساسي باكتشاف السبب الحقيقي، ومن أجل ذلك يغوص في أعماق ماضي المريض، وأنت استطعتَ بكفاءَة مدهشة - أثارت انتباهي فعلاً - أن تربط علَّتك بمعاناتك الماضية، وهذا يسهل الحل؛ فإن معرفة السبب تُمثل جزءًا كبيرًا من العلاج في مفهوم الطب النفسي.

على أنني سأعتمد في حلِّي بشكل أكبر على "العلاج السلوكي"؛ حيث يستخدم المعالجون طرائق عملية لمعالجة الرهاب بغض النظر عن سببه - أي: إن السبب غير مهم في العلاج السلوكي - ومن هذه الطرائق "آلية التخيل" أو "التمثيل"، وفيها يتخيل المريضُ الظروفَ التي تقدح رُهابه، فإذا كان يعاني من رُهاب العناكب مثلاً (أراكْنوفوبيا)، فإنه يضع أمامه صورة عنكبوت أو يمسك بيده نموذجًا على صورته، أو يكتفي بتخيُّله، ثم يبدأ بتمارين استرخاء لتغيير رد الفعل اللاإرادي، الذي ينشأ من اقترابه من العناكب عادة.

تمارين الاسترخاء تَتَضَمَّن التنفُّسَ العميق المنتظم؛ بحيث يستغرق الزفير منَ الوقت ما يستغرقه الشهيق، ويكونان كلاهما طويلَيْن، ويكون الشهيق من الأنف والزفير من الفم، تمرينٌ آخر خاص بالعضلات: مراقبة العضلات التي تتقلص أكثر من غيرها في حالة الفزع والتدرُّب على إرخائها.

الإيحاء النفسي أيضًا مهم، التحَدُّث الهادئ إلى الذات لإيصال رسالة تركز على عدم احتمال الخطر من القادح الذي يولد الفزع، وأخيرًا فإنَّ صرْفَ الذِّهن إلى تفكير مُبهِج أو مناسبة مفرحة بالترافق مع تخيل القادح يغيّره من رابط مؤلِم سلبي إلى رابط إيجابي مبهج، وهذه الطريقةُ من أدوات المعالجة الناجحة، وهي تعتمد على تقنيات معروفة ومجرَّبة في "البرمجة اللغوية العصَبيَّة".

هذا النوع من العلاج مفيدٌ - بإذن الله - فأنصحك بالصبر عليه، ولو طال أمده قليلاً، وتجنب العقاقير ما استطعت، فإنها لا تخلو من آثار جانبية سيئة ضارة، وقد نُشرت في ألمانيا من عهد قريب نتائجُ أبحاث استغرقت عشرين سنة، وأثبتت أن العلاج السلوكي كان أفضل وأفعل من العلاج الدوائي في شفاء اضطرابات القلق، وهذا أمرٌ يدعو إلى الاطمئنان.

هذا كله هو الشق النظري من العلاج، أما من الناحية العملية فإن الشفاء يتحقق - بإذن الله - باقتحام ما تخافه، واعتياد التعايش معه، كما قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "إذا هِبْتَ أمرًا فَقَعْ فيه، فإن شدّةَ توقّيه أعظمُ مما تخافه منه"، إن ما يسميه أطباء النفس "السلوك الاجتنابي" هو أكثر ما يؤخر الشفاء، بل هو عدوك الأكبر، فأنت إذا خشيت الاحتجاز فداومت على تجنُّب كل مكان محصور، فسوف تتعَمَّق المشكلة، ويتجذّر هذا النوع من الخوف في نفسك، أما العلاج السلوكي الصحيح (والشائع لدى المعالجين)، فهو المواجهة أو "التعرُّض"؛ فأكثِرْ من تعريض نفسك للمواقف والظروف التي تقدح الرهاب حتى تَتَعَطَّل قدرتُها على القدح بالأُلفة والتكرار، وإذا أرهقتك هذه الممارسة، فاستعن عليها - في البداية على الأقل - ببعض العقاقير المهَدِّئة، لكنْ تجنَّبْ مضادات الاكتئاب التي يمكن أن يصفها بعض الأطباء؛ لأنها علاج طويل المدى، وله آثار جانبية، واعتمد على ما يسمّى "العقاقير المثبِّطة للبيتا" (Beta blockers)، التي تخفف من الأعراض المصاحبة للرهاب (كتسارع النبض، وضيق النفَس، والرعشة مثلاً)، وهذه العقاقير تُستخدَم قبل المواقف القادحة للرهاب بساعة أو نحوها، ولا يتم تعاطيها بصورة منتظمة، وهي في الأصل من عقاقير الأمراض القلبية الوعائية، وقد تفيد في العلاج الوقائي من الشقيقة، وفي كل الأحوال يحسن الرجوع إلى الطبيب قبل استخدامها.

الشكل الآخر من أشكال "العلاج بالتعرض" يعتمد على "تقنية الغَمْس"، وهي ناجحة إلى حدٍّ كبير إذا طُبِّقَت بإشراف طبي وبحذَر وتعقل، لكنها قد تَتَسَبّب في انتكاسة مؤلِمة إذا ما طُبِّقَت بشكْلٍ غير صحيح، وهذه الطريقة في العلاج تضع المريض في ظُرُوف حادة جدًّا، فإذا كان يُعاني من رهاب الماء (هايدروفوبيا) مثلاً، فإنه يُلقَى في بركة سباحة، ويُرَشّ بالماء في جولات مركَّزة يستمر كل منها ساعات في اليوم على مدى أيام متعاقِبة، وإذا كانت مشكلته مع رُهاب المرايا (سبكتروفوبيا)، فإنه يُحجَز أسبوعًا في بيت كُسِيَت جدرانُه كلها بالمرايا، وإذا كان مصابًا برُهاب الهِرَرة (القطط) (أيلوروفوبيا)، فإنه يُحبَس في غرفة مغلَقة مع ثلاثين قطة ست ساعات متَّصلة مثلاً... إلخ.

هذا العلاج الصادِم يُمكن أن يشفي المريض إلى الأبد إذا أحسن تطبيقه، وكان المريض مستعدًّا له وقادرًا على احتماله، لكنه غير مأمون في كل الأحوال ومع الناس كافة، والأفضل ألا يطبَّق إلا بإشراف معالِج حاذق مجرِّب، لكنني أراك عاقلاً قادرًا على التفكير السليم، وعارفًا بقدرات نفسك، فإن آنستَ في نفسك القدرة على الاحتمال، وأحسنت تهيئتها وتدريبها، فَجرِّب هذا الأسلوب بحذَر وتدرُّج، احشر نفسك باختيارك في أماكن ضيقة مزدحمة لأطول وقت تطيقه، وإن شئت فابْقَ قريبًا من المخرج، فإن هذا يُشعرك بأن مفتاح إنهاء التجربة في يدك، كما أنه يمكّنك من قطعها عند الضرورة، أو إذا شعرت بأن الضغط قد اقترب من الحدود القصوى للاحتمال.

أخيرًا: استعن ببعض الإجراءات الوقائية التي يمكن أن تمنع الرهاب أو تحدَّ منه:
أ - إن الأدرينالين يزداد إفرازه في حالات القلق، فيحفز جملة من المنعكسات الطبيعية في الجسم، وبذلك تزداد أعراض القلق الظاهرة، فخفف من المواد التي تحرض على زيادة إنتاجه، ومن هذه المواد النيكوتين والكافيين، لا أظن أنك من المدخنين، فقد نجوت من النيكوتين إذًا، لكن لعلك تُكثر من شرب القهوة والشاي، فخفف منهما، أو اعتمد على الشاي الخفيف والقهوة المقطَّرة (الأمريكية)؛ لأن الكافيين يتحرر في الماء مع الغَلَيان، وكلما قلَّ وقت غليان القهوة على النار قل مقدار الكافيين الذي يتحرر من البن المطحون.

ب - احرص على النوم الكافي والعميق والمنتظم؛ لأن الأبحاث السريرية دلت على أن اضطراب النوم أو الحرمان من القَدْر الكافي منه يزيد من حدة اضطرابات القلق.

جـ - ويبقى بعد ذلك الجليس الأنيس والدواء الشافي - بإذن الله - القرآن، الذي فيه شفاءٌ للناس، نعم، الأصل أن هذا الشفاء شفاءٌ للبشرية من عللها وضلالها، شفاء طريقُه فهمُ هذا الكتاب وتطبيقه والحياة في ظلاله، لكنْ لا يمنع أنَّ فيه الشفاء من العلل والأسقام الجسمية والنفسية كذلك، وقد اهتدى إلى سر الشفاء فيه الصحابيُّ الجليل أبو سعيد الخُدري، فقرأ الفاتحة على مريض - فشفاه الله - فلم يُنكِر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بل عجب من فطنته، فقال: "وما أدراك أنها رُقْية؟"؛ والحديث أخرجه البخاري ومسلم، وفي هديه - صلى الله عليه وسلم - من ذلك الكثير، فإن شئت فارجع إلى الفصل الذي عقده للتداوي بالقرآن والدعاء الإمامُ ابن القيم في "زاد المعاد"، فإن فيه نفعًا كبيرًا - بإذن الله.

عافاك الله وثبَّتك على الحق ونفع بك، والسلام عليك ورحمة الله.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.61 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.41%)]