|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بر الوالدين في كبرهما ... المهمة الأصعب خالد رُوشه بين التمني والفعل بون شاسع , كما بين الحقيقة والخيال , ولو أعطي الناس بأمانيهم لصارت الحياة أمواجا من محالات , لكن العمل الواقعي هو المحك , والتطبيق التنفيذي هو المختبر الفعلي دائما . قضيتي في هذا المقطع تدور حول ما نتغنى به جميعا – حبا له – من بر الوالدين , والتواصي به , والدفع اليه , بل والرغبة الفعلية فيه . فكلنا ولاشك يرتجي برا بوالديه , وكلنا ولاشك نؤمن بآيات الله سبحانه الآمرة بذلك , والحاثة عليه , والدافعة اليه بمعان كثيرة وأساليب مختلفة . لكننا في غالب الأحيان نهون من شأن تنفيذ البر وتطبيقه , فالبر " شىء هين , وجه طليق وكلام لين " .. والبر " الكلمة الطيبة في اللقاء والطيبة في الوداع " .. والبر " أن تجعلهما يشعران بحبك وحرصك عليهما " وغير ذلك كلها أوصاف بسيطة وسهلة , وبالفعل لابأس بها إن كنا نيسر على الناس بر والديهم , وإن كنا ندفعهم نحو ابتداء البر ونحو تحبيبه إلى قلوب الناس . لكن حقيقة البر للوالدين ليست بالشىء الهين السهل , فهي عمل هام , وعبادة كريمة , ومسئولية جسيمة , خصوصا إذا كان البر مطلوبا في عمرهما الكبير وبعدما بلغا من العمر منتهاه .. إنك ايها المؤمن قد تواجه ما لم تكن قد حسبت له حسابا من قبل , فقد تواجه بأب مريض قد ثقل جسمه واشتدت حساسيته , وكثرت مطالبه , وأم قد كثرت آلامها , وتيبست أطرافها , وغاب عنها كثير من التعبيرات والمعاني , فتتابع غضبها وساء ظنها في كثير ممن حولها , فضلا عن ثقل جسدها وطول أنينها .. كما قد تواجه بتنازلات كثيرة ربما تكون في عملك لتستطيع رعايتهما أو بترك فرصة لديك ( ربما سفر او دراسة او زواج او مثاله ) لأن والديك يحتاجانك ولا يمكنهما الاستغناء عن وجودك بجوارهما اضطرارا .. إنك ههنا ايها المؤمن الكريم مطالب ببر حقيقي كامل لوالديك و ليس كذاك الذي كنت تتحدث عنه في شبابهما وصحتهما وقدرتهما وعطائهما . إنهما هما اللذان حملاك صغيرا , وتأوها لأنينك , وخافا لتأوهك , وارتعدا لغيابك , ولم تنم جفونهما حرصا عليك , واشتد سعيهما لكفالتك والانفاق عليك , فطارت نفوسها فرحا ببسمتك الأولى واشتدت قلوبهما فرحا بحروفك الاولى وطالت اعناقهما الثريا بنجاحاتك وانجازاتك كأنما هي لهما بذاتهما .. هذان هما اليوم ينتظرانك لترد الجميل , وتزيد عليه , ينتظرانك لترد الاحسان احسانا , وتعيد الوفاء كرما وشكرانا .. الحقيقة انه اختبار شديد الصعوبة , يرسب فيه الكثيرون , ممن تضيق صدورهم بآبائهم وأمهاتهم , من كثرة مطالبهما , أو شدة معاناتهما في أمراضهما , فيضجرون تارة , ويبتعدون تارة , حتى إن البعض قد يتمنى رحيل الكريمين - اللذين ربياه وعلماه ورعياه - عن الدنيا ليستريح من عناء رعايتهما وثقيل برهما !! ان هذه المهمة الكبيرة والتبعة الثقيلة لتحتاج منا عدة أمور لإنجاحها والفوز بعطائها والحصول على ثوابها الكبير الجزيل : واول ما تحتاجه الفهم الصحيح للبر , فليس البر مجرد كلمات تقال او اعمال مفردات تعمل , بل إنه قيمة يجب أن ترسخ في قلب وعقل الابناء , ومبدأ يجب أن يغرس في صدورهم , فيستمر عبر الايام بغير انقطاع , ويزيد قدره كلما زادت حاجتهما له . كذلك البر ينبغي ان يكون شاملا لمناحي الحياة وكل الأعمال , فأوله بر القلب لهما بصادق حبهما , وعميق الامنيات لهما بكل خير وصحة ونفع و وثانيه بر المال بالانفاق عليهما بكل ما يقدر عليه من كرم وسخاء , فهما أحق بالبر من أي أحد , وهما أحق بالمال عند حاجتهما من اي أحد , والبر بالمال دليل وبرهان على صدق البر و واستمراره مع سخائه دليل حسن على حسن العزم وطيب المبتغى لهما . ثم بر الجهد , من السهر عليهما , والصبر عليهما , مهما غضبا وتاثرا وتعصبا وتألما , بل عليك أن تسعى جاهدا لتخفيف آلامهما قدرما تستطيع و وأن تربت بيديك حانيتين على أكتافهما . ثم بر الكلمة , وهو ايسر البر, لكن اثره كبير , فالكلمة الطيبة لهما صدقة والبسمة الطيبة لهما صدقة , والوعد الصادق لهما صدقة . إنك في حاجة ماسة ايها المؤمن للقرب من ربك سبحانه ولدعائه ورجائه أن ييسر عليك برهما وأن يعينك على ذلك البر فيكون على أفضل وجه وأكمله , وهو سبحانه يعين على الصالحات وييسرها " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ". إنك لتلحظ ايها القارىء الكريم أن الآيات التي أمرت بالبر أمرا وجعلته كعمل صالح بعد التوحيد أمرت بخصوص البر في الكبر , إذ حقيقته تبين هناك والاختبار الفعلي له يكون عند المشقة والحاجة الى الصبر والانفاق والعطاء . قال سبحانه :" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إيه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمها كما ربياني صغيرا "
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |