قلب صغير - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 15238 )           »          من بطولات الضفادع البشرية المصرية.. العمليات البحرية ضد ميناء إيلات (1-2)‏ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          ضعف التربية والمتابعة الدعوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 29972 )           »          عَسَى وعَسَى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أنظروا هذين حتى يصطلحا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          ما يفعل من آذاه جاره وعجز عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أسباب السماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أمسينا وأمسى الملك لله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          صلاة السنة قبل العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-12-2020, 10:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,133
الدولة : Egypt
افتراضي قلب صغير

قلب صغير




ابتسام فهد




قلت له - وأنا أنظر إليه بحنوّ -: كَبِرْتَ، ومهما كَبِرْتَ فحافظ على قلبك، دعْه يظل صغيرًا.

ابتسم بسخرية بريئة وحرّك يديه مستنكرًا: كيف أحافظ عليه صغيرًا؟ قلبي سيكبر مثلما أكبر!

ابتسمت متفهمةً استنكاره: الأمر مجاز ليس إلا، ولا عَلاقة له بالنمو.

نعم، لقد شعرت أن قلب هذا الطفل الذي ما فَتِئ يحب، ويلعب، ويشاكس، وتُفرِحُه الأشياء الصغيرة، القلب الذي كان حرًّا كعصفور لا تقيّده شباك ولا تحبسه أقفاص، بدأ يحلق قريبًا من الأرض تاركًا سماءَ الطفولة الجميلة.

هل قلت طفلاً؟! لقد كبِر وأصبح صبيًّا يافعًا يحاول أن يشُقَّ طريقه في هذه الحياة، ولقد رأيته يضع حوله القيود، ويتصرف كما يتصرف غالبية الرجال الذين أغلقوا على قلوبهم وتجاهلوا ما حولهم وخرجوا من فسحة العيش.

قد أكون بالغت قليلاً؛ فالشاب الصغير لم يخيِّب ظني تمامًا، فهو ما زال يشاكس، ويلعب، ويفرح بالأشياء الصغيرة، وينظر حوله وإن كانت نظرة قصيرة، وما زال قلبه صغيرًا حتى هذه اللحظة

وإن حاولت الأيام أن تغلق عليه الأبواب وتحبسه في جسد رجل.

ربما نجحت في تبديله وستَعمَلُ على تقسية جانبه الليّن، لكنني أتمنى أن يتمكَّن من الحفاظ فعلاً على قلبه صغيرًا، حرًّا، منطلقًا.

وأتساءل: كم منا من لم يحافظ على قلبه؟
القلب الصغير الذي لا يعرف غثاءَ العالم ولا يكتَرِثُ لماديَّته، القلب الذي يعرف كيف يستمتع بأقل ما يملك، ويعرف كيف يسامح وكيف يحب، القلب القادر على النهوض بعد كل سَقْطة وألم.

من منا حافظ على قلبه نقيًّا أبيض، لم تُعكِّره قوانين الناس واشتراطاتهم؟ القلب الذي تنبع منه - بصدق - البسمة، والكلمة، والدمعة؟!

من منا لم يسمح للأيام أن تعبَثَ في قلبه الغضِّ وتسلب منه عفويَّة العيش وانطلاقة الحياة؟
أين نحن الآن! ما الذي يفصلنا عن طفولتنا وقلوبنا التي لم تكن تتغلَّب عليها الصعاب ولا المستحيل؟! لماذا أوصَدْنا الأبواب في وجه الطفل الذي كنَّاه يومًا؟ لماذا قررنا أن نعيش بقلب وعقل غيرنا؟ نطبّق ما تُمليه علينا مجتمعاتُنا لنرضيَها في قوانينها الصعبة والمنغلقة، والمليئة بالكذب والظلم، والقسوة وجفاف الشعور؟

لا يعني أننا كَبِرنا؛ أي: أنه يجب أن تنقشِعَ عنا غَمامة العفويَّة، ولَطافة الشعور، ولين المعشر، وسلامة الصدر، ولا يعني: بقاءَ قلوبنا صغيرةً؛ أي: أن نمارس الطيش والحماقات!

إن الأمر يحتاج إلى اتزان، أن تعرف كيف تكبُرَ دون أن تجعل هذا التغير الفسيولوجي والنفسي طوفانًا يجرف الأشياء الجميلة في داخلك، أن تكبر عقلاً وفكرًا وعملاً وخلقًا، وتبقى في ذات الوقت بقلب طفل لا يعرف السوء، ومملوءًا بالصفات المحبَّبة، بقلب طير لا يَهابُ الطيران ويحبس جناحيه طوعًا وخوفًا من صياد وأقفاصه!

هل جربت أن تعيش حرًّا، لا تقيدك فكرة ليست لك ولم تكن، لكنها أُملِيَتْ عليك وتلقنتها؟

لا تمنعك رجولتُك من أن تبكي أمام والدتك أو امرأتك أو أختك وتفضي إليهن بضعفك؟

أن تسير على صواب رأيهن، أن لا تتخذ قراراتك دون الرجوع إليهن؟ أن تحترم كيانَهن، ولا تفرِضَ سلطتَك عليهن؟ هل كنت حرًّا لا تحبسك زَعامةُ بعض مجتمعك الفارغة بأن لِينَك وحريةَ قلبك وطيبَ معشرِك تعني أنك لست رجلاً؟

هل صدقت فعلا أن الرجولة تعني: أن تتحول من إنسان إلى حجرٍ صلب، لا يحمل مشاعرَ ولا عقل يسيِّره هو، بل يسيره له غيره كيفما شاء!

كن أنت.. انظر بعين قلبك الصغير لمن حولك وللذي حولك نظرةً لا جفاء فيها ولا تسلُّطَ، تحرَّرْ!

وأنت عزيزتي الأنثى لا يمنعنك نضجك وبلوغك عمرًا يراه الناس بؤسًا لك وشؤمًا من أن تحافظي على قلبك صغيرًا، تضحكين، وتلعبين، وتمارسين هواياتك، عليك أن تحمي دواخلَك الجميلة، أن تحبي نقائصك قبل محاسنك، وأن تنطلقي في الحياة، لا يحبسك تعسُّفُ مجتمعك بإشعارك بالنقص؛ لأن ليس لك شريك في حياتك، أو لأنك لستِ جميلةً، أو لم ترزقي بأطفالٍ أو غير ذلك.

ضعي قوانينَك وعيشي وَفْقًا لها، اجعلي في مقدمتها أنك مكتفيةً وسعيدة، لا تعيشي بقوانين قاسية فرضها مجردُ أشخاص أُغلِق على قلوبهم وعقولهم.

إلى نفسي أولا..
وإلى الرجال والنساء: أرجوكم أطلقوا قلوبكم من سجونها التي صنعتموها بأيديكم وبمباركة من مجتمعاتكم.

إلى الأطفال الجميلين في حياتي، الذين كبروا وبدأت متاعبهم الفعلية في الحياة: أرجوكم حافظوا على قلوبكم من خدوش وقيود المجتمع والأيام والمتاعب، اتركوا قلوبكم صغيرة آمنة، تنبض بسلام وحرية.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.44 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.20%)]