حكم عقد المقاولة من الباطن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5009 - عددالزوار : 2134232 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4591 - عددالزوار : 1412733 )           »          الشرق والغرب منطلقات العلاقات ومحدداتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 28781 )           »          العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير التأملي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الاستشراق ووسائل صناعة الكراهية: صهينة الاستشراق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 214 - عددالزوار : 138759 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 100 - عددالزوار : 53800 )           »          إعانة الفقيه بتيسير مسائل ابن قاسم وشروحه وحواشيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 54 - عددالزوار : 16405 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 95 - عددالزوار : 17349 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-10-2020, 09:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,769
الدولة : Egypt
افتراضي حكم عقد المقاولة من الباطن

حكم عقد المقاولة من الباطن
أ. د. محمد جبر الألفي





تمهيد:
برزت في العمل عدة صور لإبرام عقد المقاولة:
1- فقد يبرم العقد مباشرة بين المستفيد والمقاول.
2- وقد يبرم العقد الرئيس بين المستفيد والمقاول، ثم يبرم عقد آخر - أو عقود أخرى - بين المقاول وغيره من المقاولين الذين يلتزمون بصنع شيء أو أداء عمل من أعمال المقاولة الأولى.
3- وقد يبرم المستفيد عقد مقاولة مع مؤسسة مالية، ثم تبرم هذه المؤسسة المالية عقودًا مع مقاولين يلتزمون بتنفيذ المقاولة التي تم الاتفاق عليها مع المستفيد، فتلك صور ثلاث نخص كل واحدة منها بفرع مستقل.

عقد المقاولة مباشرة بين المقاول والمستفيد:
هذه الصورة التي يتم فيها إبرام العقد مباشرة بين المقاول والمستفيد هي الصورة المعتادة، وفيها يعرض المستفيد على المقاول ما يريد إنشاءه أو تعميره، بوصف محله وبيان نوعه وقدره، وطريقة أدائه، ومدة إنجازه، وتحديد ما يقابله من بدل، فإذا قَبِل المقاول بذلك، التزم بإنجاز العمل وفقًا لشروط العقد، والتزم المستفيد بتسلمه ودفع البدل بالقدر والكيفية المتفق عليها، وقد رجحنا - فيما تقدم - جواز عقد الاستصناع ومشروعيته، وأنه عقد لازم لكل من طرفيه بمجرد انعقاده، متى توافرت أركانه وشروطه[1].

عقد المقاولة من الباطن:
تعريفه:
عقد المقاولة من الباطن: هو اتفاق بين المقاول المتعاقد مع المستفيد، وبين مقاول ثانٍ، محله إسناده ما تم تعاقده عليه من إنشاء وتعمير مع المستفيد، ليقوم المقاول الثاني بتنفيذه كله أو جزء منه، مقابل أجر محدد،[2] ويطلق على المقاول الثاني: المقاول من الباطن، والمقاول الثانوي، والمقاول الفرعي[3].

تكييفه:
يسري على عقد المقاولة من الباطن نفس التكييف الذي سبق أن قدمناه في المطلب الثاني بفرعيه، فإذا التزم المقاول الثاني بتقديم العمل والمواد لتنفيذ ما تم إسناده إليه؛ كمقاولة الكهرباء أو مقاولة التكييف أو مقاولة الإنشاءات الصحية في المبنى الذي تم إنشاؤه، يكون العقد الذي أبرم مع المقاول الأصلي عقد استصناع، ولا مانع من تسميته عقد مقاولة من الباطن[4]، أما إذا كان المقاول الثاني قد التزم بتقديم العمل فقط - كإجراء التركيبات المختلفة - فإن العقد الذي بينه وبين المقاول الأصلي يسبغ عليه صفة الأجير المشترك، إلا إذا كان يخضع طوال مدة العقد لإشراف المقاول الأصلي، ويستحق الأجر بمجرد تسليم نفسه، فإنه حينئذ يكون أجيرًا خاصًّا لدى المقاول الأول، ولا مانع من تسمية العقد في الحالتين: عقد مقاولة من الباطن.

مشروعيته:
عرف فقهاء المذاهب المختلفة فكرة المقاولة من الباطن واعتبروها مشروعة إذا توافر فيها شرطان؛ أولهما: ألا يشترط المستفيد على المقاول الأصلي مباشرة العمل بنفسه، والآخر: ألا تكون شخصية المقاول الأصلي محل اعتبار عند المستفيد؛ لما يأنسه فيه من كفاءة وأمانة.
جاء في فتح القدير: "وإذا شرط على الصانع أن يعمل بنفسه، ليس له أن يستعمل غيره؛ لأن المعقود عليه العمل في محل بعينه، فيستحق عينه كالمنفعة في محل بعينه، وإن أطلق له العمل فله أن يستأجر من يعمله؛ لأن المستحَق عمل في ذمته، ويمكن إيفاؤه بنفسه وبالاستعانة بغيره، بمنزلة إيفاء الدين"[5].
وفي الشرح الكبير على متن المقنع: "فإذا كانت الإجارة على عمل في الذمة، لكن لا يقوم غير الأجير مقامه - كالنسخ - فإنه يختلف القصد فيه باختلاف الخطوط، لم يكلف إقامة غيره مقامه، ولا يلزم المستأجر قبول ذلك إن بذله الأجير"[6].

أحكامه:
1- العلاقة بين المستفيد والمقاول الأصلي: هذه العلاقة تحكمها نصوص العقد الذي أبرم بين المستفيد والمقاول الأصلي، على النحو الذي عرضناه فيما تقدم[7].


2- العلاقة بين المقاول الأصلي والمقاول الثاني: تحكم هذه العلاقةَ نصوص عقد المقاولة من الباطن، الذي تم إبرامه بين المقاول الأصلي والمقاول الثاني؛ حيث يلتزم المقاول الثاني بإنجاز العمل الذي أسند إليه في المدة المتفق عليها، وتسليم العمل بعد إنجازه للمقاول الأصلي، كما يلتزم بأحكام الضمان التي قررها الفقه، ونصت عليها النظم[8]، أما المقاول الأصلي فإنه يلتزم بتسلم العمل محل العقد، وبدفع الأجر المتفق عليه مع المقاول الثاني، وللمقاول من الباطن الحق في حبس المعقود عليه حتى يستوفي أجره[9].


3- العلاقة بين المستفيد والمقاول من الباطن: المقاول من الباطن يعتبر من الغير بالنسبة للمستفيد؛ لأنه لا تربط بينهما أيَّة علاقة عَقْدية، وبالتالي فلا يجوز للمستفيد أن يطالبه بتنفيذ ما اتفق عليه مع المقاول الأصلي، كما لا يحق للمقاول من الباطن مطالبة المستفيد بالأجر المتفق عليه مع المقاول الأصلي[10]، ومع ذلك فإن المقاول من الباطن له تعلق بالعين المملوكة للمستفيد، وقام بالعمل فيها بناءً على الإذن الضمني الذي خوَّله إياه تعاقده مع المقاول الأصلي، وله الحق في حبس العين التي اشتغل بالصنعة فيها حتى يحصل على أجره[11]، كل هذا وغيره يجيز للمقاول من الباطن - إذا لم يتمكن من الحصول على أجره المعين في عقد المقاولة من الباطن - أن يرجع على المستفيد الذي لا تربطه به علاقة عقدية ليحصل على أجره، بناءً على قاعدة: "أن من تصرف في ملك غيره بما يعود بالنفع على هذا الغير، فإن ما فعله يعتبر ملزمًا للمستفيد، دون حاجة إلى إذن سابق أو إجازة لاحقة"[12].
جاء في الذخيرة: "كل عمل يوصل للغير نفع مال أو غيره، بأمره أو بغير أمره، فعليه رد مثله في القيام بالمال، وعليه أجرة المثل في القيام بالعمل... وذلك بناءً على حصول الإذن عادة"[13].


وجاء في إعلام الموقعين: "الشأن فيمن عمل في مال غيره عملاً بغير إذنه ليتوصل بذلك العمل إلى حقه، أو فعله حفاظًا لمال المالك واحترازًا له من الضياع، فالصواب أنه يرجع عليه بأجرة عمله"[14].


وفيه - أيضًا -: "من عمل في قناة رجل بغير إذنه، فاستخرج الماء، فإن لمن عمل أجرًا في نفقته، إذا عمل ما يكون منفعة لصاحب القناة، نص عليه أحمد"[15].


إذا ثبت ذلك: فإن العدالة التي كانت رائد القوانين المحلية والدولية - في هذه المسألة - هي التي أملت نصوص المواد التي تعطي المقاول من الباطن حق الرجوع على المستفيد مباشرة، بما لا يجاوز القدر الذي يكون المستفيد مدينًا به للمقاول الأصلي وقت رفع الدعوى، في حدود المستحق للمقاول من الباطن في مواجهة المقاول الأصلي؛ تطبيقًا لحق الدائن في مطالبة مدين مدينه[16].


وبالمقابل: يحق للمستفيد أن يسأل المقاول من الباطن عما يكون قد ارتكب من أخطاء في تنفيذ العقد الذي لم يكن طرفًا فيه، ولكنه يتعلق بالعين المملوكة له، وفي تحديد طبيعة هذه المسؤولية، قضت الدائرة المدنية الأولى في محكمة النقض الفرنسية بأنها مسؤولية عقدية[17]، في حين قضت الدائرة الثالثة في نفس المحكمة بأنها مسؤولية تقصيرية، لعدم وجود علاقة تعاقدية بين المستفيد والمقاول من الباطن[18]، وإزاء هذا التناقص قررت الجمعية العمومية لمحكمة النقض حسم هذا النزاع باعتبار أن المسؤولية هنا ليست مسؤولية عقدية[19].


[1] انظر فيما سبق: الفرع الأول من المطلب الثاني، وانظر كذلك: ابن الهمام، فتح القدير: 5/ 355، والبابرتي، العناية، في الموضع نفسه، والفتاوى الهندية: 2/ 207، والمادة (392) من مجلة الأحكام العدلية، وقرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 65 (3/ 7).

[2] بهذا المعنى: مصطفى الجارحي، عقد المقاولة من الباطن، دار النهضة العربية، القاهرة: 1988، ص 31، عزت عبدالقادر، عقد المقاولة، دار الألفي - القاهرة: 2001م، ص 177/ 178.

[3] أحمد المومني، مسؤولية المقاول والمهندس في عقد المقاولة، مكتبة المنار، ط1: 1407هـ، ص 185.

[4] بالفرنسية: (Sous - traitance)، انظر حكم محكمة النقض الفرنسية - الدائرة المدنية الثالثة - 5/ 2/ 1985م (B.III، n 23).

[5] ابن الهمام، فتح القدير: 7/ 163، وفي نفس المعنى الكاساني، بدائع الصنائع: 5/ 210.

[6] ابن قدامة، الشرح الكبير، مع المقنع والإنصاف، تحقيق: عبدالله التركي، الرياض: 1419هـ/ 1998م: 14/ 462، وفي نفس المعنى: الحطاب، مواهب الجليل: 5/ 395.

[7] انظر فيما سبق: الفرع الأول من المطلب الثاني، والفرع الأول من المطلب الثالث.

[8] ابن الهمام، فتح القدير: 7/ 161 - 162، الكاساني، بدائع الصنائع: 5/ 210.

[9] الكاساني، المرجع السابق، الموضع نفسه، سحنون، المدونة الكبرى، طبع دار صادر - بيروت: 1323هـ، جـ 4 ص 448.

[10] السرخسي، المبسوط: 16/ 9 - 10، النووي، روضة الطالبين: 5/ 243، سحنون، المدونة: 4/ 447، ابن قدامة، المغني: 6/ 109.

[11] الكاساني، بدائع الصنائع: 5/ 210، سحنون، المدونة: 4/ 448، الفتوحي، منتهى الإرادات: 1/ 393، الشيرازي، المهذب: 1/ 410.

[12] محمد الألفي، الفضالة، دار الثقافة - عمان: 1999، ص 45.

[13] القرافي، الذخيرة: 4/ 102.

[14] ابن القيم، إعلام الموقعين: 2/ 419.

[15] المرجع نفسه: 2/ 415.

[16] أحمد منير فهمي، القواعد القانونية السعودية والدولية لعقود المقاولات والتوريد، مجلس الغرف التجارية والصناعية السعودية، د.ت، ص 44.

[17] (CIV.i، 8MARS 1988، b. I، N69; J.C.P. 88.II.21007)

[18] (CiV. 3،31.10.1989، B. III، n 208; J.C.P.، 89، IV. 422)


[19] (A.P. 12.7.1991)، وانظر: مالوري وإينيس، المرجع السابق، ص 414، فقرة: 756.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.47 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]