نَحْلُ الوبَر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5024 - عددالزوار : 2165101 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4605 - عددالزوار : 1445823 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 9508 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 8872 )           »          أَقِطُ أم سُلَيْم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          حدث في الثامن من ربيع الأول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          المتحابون في الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          ويؤثرون على أنفسهم... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          صور من تأذي النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 26 - عددالزوار : 9565 )           »          الدين وإصلاح الإدارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 42 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-10-2020, 05:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,561
الدولة : Egypt
افتراضي نَحْلُ الوبَر

نَحْلُ الوبَر

نبيلة عبدالعزيز حويحي



هي
إني أعترف·· أعترف بأنني أخطأت خطأً كبيراً بحق زوجي حين سلمت أذني لكل ما كانت أمي -ولا تزال - تصبه في أذني من دون تروٍ أو هوادة·· ورغم أنني أتممت دراستي الجامعية بتفوق ونجاح فإني سلمت وعيي وعقلي لكل نصائح والدتي، ومع تقديري الكامل واعترافي بفضلها فإن بعض نصائحها حققت لي قدراً كبيراً من التعاسة وعدم الاستقرار بل تكاد أن تقتلع بيتي الصغير من جذوره، على العكس تماماً مما كنت أرغب أو أتوقع·· كانت النصيحة الأولى التي لايزال يتردد صداها في عقلي أن: >على المرأة الحصيفة أن تقص أجنحة طيرها، والطير لا يعني في هذه الحال سوى الزوج المسكين، حتى لا يألف عشاً آخر غير عشها·· وأن >على المرأة الذكية أن تنحل وبر زوجها حتى لا تطمع فيه امرأة أخرى أو تطمح أبصاره هو إلى امرأة ثانية أو ثالثة<، ولم أكن أدرك لحظتها أن أمي تضع زوجي في موقع البعير أو الشاة إن لم يكن الأرنب بينما تضع ابنتها التي هي أنا في موقع القصاب أو الراعي التاجر الذي يحاول الاستفادة المادية قدر الإمكان من حيواناته التي يرعاها بجز صوفها وأوبارها، وهكذا عملت منذ الليلة الأولى على استنزاف زوجي مادياً حتى أرهقته فاضطر للاستدانة من الأصدقاء والأقرباء والبحث عن عمل آخر بجوار عمله الأول حتى يتمكن من تحقيق مطالبي التي لا تنتهي·· وياليت الأمر توقف عند حد الاستنزاف المادي فقد كانت النصيحة الثانية التي استقرت في وجداني أن على المرأة الذكية أن تستنزف زوجها نفسياً حتى يصبح كالخاتم في أصبعها أو كقطعة العجين الطرية بين أنامل الخباز الماهر فيصنع منها ما يشاء من مخبوزات، وقد عملت على تنفيذ هذه النصيحة أيضاً بكل إخلاص ودقة، فحاصرته بالاستجوابات صباحاً ومساءً عن خط سيره وعن زملائه وزميلاته في العمل، ومع من التقى اليوم وماذا دار من حوار ومع من سيلتقي غداً بالإضافة إلى عادتي اليومية في تفتيش ملابسه وجيوبه واستعمال حاسة الشم في التقاط أي رائحة غريبة أو بقايا عطر أنثوي حتى نجحت في أن أجعله محاصراً في حال دفاع مستمر عن النفس، بل إنني أضفت إلى نصائح أمي ما تفتق عنه عقلي من حيل للسيطرة الكاملة على زوجي·· فرغم أنه يتمتع بذوق عال في اختيار ملابسه، فإنه كلما اشترى شيئاً كنت أستقبله بفاصل من السخرية القاسية والانتقاد العنيف ومن ثم اصبح لا يشتري شيئاً صغيراً أو كبيراً إلا تحت إشرافي وبعد موافقتي ·· كما أنني أبعدته تماماً عن التدخل في شؤون الأبناء أو محاولة توجيههم باستثناء إرهاقه بتلبية متطلباتهم··

وحين ظننت أنني امتلكت زوجي تماماً وأنه أصبح تحت السيطرة الكاملة بدأت أحس بالندم الكبير بعد أن تحولت علاقتنا الى ما يشبه تلك العلاقة الكريهة بين المحقق والمتهم أو بين رجل الشرطة والمشتبه به·· كيف انزلقت إلى هذه الهاوية فتحولت إلى رجل شرطة في البيت وتحول زوجي الطيب الى مشتبه به دائم·· بت أحسَّ أن مشاعر زوجي الجميلة تجاهي حل محلها شعور بالنفور مني بل إنني أكاد أوقن بأنني خسرت رجلاً أحتاج إلى رأية وحزمه·· وإنني أتساءل في دهشة كيف غابت عن عقلي تلك المعاني السامية التي وردت في الحديث الشريف: >كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته< رواه البخاري


وكيف لم أع تلك الوصايا النبوية المضيئة التي تقسم المسؤولية بين الرجل والمرأة وتجعل منهما شريكين كل يتحمل نصيبه ويقوم بدوره في الحماية والرعاية وليس في القهر والاستنزاف وتهميش الآخر وإلغاء دوره·· ولكنني أعترف أيضاً بأن زوجي أسهم بدوره وسلبيته وتهاونه في أن تصل الأمور بيننا إلى هذا الحد، فلم يعترض مرة واحدة على تصرفاتي الحمقاء ولم يكن حاسماً فيفتح معي على الأقل حواراً يبدي فيه ضيقه أو تبرمه من سلوكي·· إنني في حيرة من أمري ولا أدري كيف أعالج هذا الموقف، هل أذهب إلى زوجي وأقول له بكل صراحة بأنني نادمة على ما اقترفته بحقه في كل الأعوام الماضية أم أكتفي بتغيير سلوكي والتوقف عن مضايقته ومحاولاتي الدائمة لاستنزافه وحصاره؟·· إنني بكل صدق أفتقد زوجي وأشتاق الى حسمه وكلمته النافذة·· أريد استعادة زوجي ورجلي الحبيب، فهل أستطيع؟



هو
إني أعترف ·· أعترف بأنني كنت سلبياً للغاية في علاقتي بزوجتي، وأنني اسهمت بقسط وافر وقدر كبير في أن تصل الأمور إلى هذا الحد، فلم أوقف زوجتي عند حدها، ولم أتخذ موقفاً حاسماً معها·· وكل الحكاية أنني لم أكن أومن بحكاية >ذبح القط للمرأة في أول ليالي الزواج< تلك الحكاية التي توارثناها منذ زمان بعيد عن رجل وضع قطاً تحت سريره في ليلة الزفاف وعندما ارتفع مواء القط أخرج الرجل سكيناً وذبحه فارتعدت أوصال الزوجة المسكينة وقدرت أنها إن لم تنفذ كل ما يطلبه منها هذا الزوج المتوحش فإن مصيرها سيكون مثل ذلك القط المسكين·· لم أكن أرتاح كثيراً لهذا النوع من القهر أو العنف تجاه المرأة فحاولت أن أكون في غاية الرقة ودماثة الأخلاق ومحاولة إرضاء زوجتي التي كنت أحبها ولا أزال أحمل لها بعض المشاعر الطيبة بعد أن نجحت بتصرفاتها اللامبالية في تقليص مساحة الحب الواسعة تلك إلى أقل درجة·· ولكنني ألوم نفسي لأنني حتى لم أفتح معها حواراً جاداً وحاسماً حول تلك التصرفات التي حولت حياتنا معاً إلى جحيم وحولت بيتي إلى ما يشبه الزنزانة الباردة الخالية من الدفء والعواطف الجميلة بل انسقت تماماً وراء كل ما تريده من دون أن أتوقف أمام هذا الاستنزاف الدائم مادياً ونفسياً وبخاصة أنا أرى كثيراً من زملائي يعملون في وظيفة واحدة ويعيشون في مستوى مادي مقبول من دون أن يعانوا ما أعانيه من تعب وإرهاق·· فأصبحت أذهب الى عملي تائهاً غير قادر على التركيز فيما أقوم به، أما لحظة عودتي إلى البيت فتمثل بالنسبة إليَّ قمة التعاسة والشقاء لأني أعرف أنه بانتظاري قائمة طويلة من الأسئلة والاستجوابات، وعلي لكي أهرب من حصارها أن أكذب وأكذب حتى أرضيها ولا أقول ما يثير غضبها، حتى أبنائي ليس لي الحق في توجيههم وإرشادهم وأنا أراهم يبتعدون عني يوماً بعد يوم، فزوجتي صارت بمضي الوقت الرجل والمرأة في آن واحد والأبناء لا يتوجهون إلىَّ إلا في حال حاجتهم إلى المال، أصبح دوري في المنزل مثل الثور الذي عليه ألا يتوقف عن جر الساقية ونقل الماء من البئر الى الأرض ليرويها من دون أن يفرح باخضرارها ولهفة انتظار ثمارها ومحصولها·· تحولت علاقتي بأولادي إلى علاقة منفعة مادية فقط - من ناحيتهم على الأقل··


وإنني أتساءل أين زوجتي من نصائح امرأة >عوف بن محلم الشيباني< وهي توصي ابنتها قبل زفافها وصاياها العشر الجميلة الشهيرة فتنصح ابنتها بالخشوع لزوجها في قناعة وحسن السمع له والطاعة والاحتراس للنفقة بحسن تقديرها وتدبيرها، وكأنها آثرت عليها تلك الوصية السخيفة التي أوردتها بعض كتب التراث حيث تنصح فيها الأم ابنتها بأن تنزع زج رمح زوجها وأن تقطع اللحم على ترسه وأن تكسر العظام بسيفه فإن سكت في كل ذلك فلها أن تمتطيه كالحمار·· وأين منها من قول النبي الكريم [: >ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيراً له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله< رواه ابن ماجه


وأين منها تلك الوصية النبوية الشريفة التي تجعل منها راعية ومسؤولة في بيت زوجها·· ولكن، هل كنت أنا أيضاً راعياً ومسؤولاً أم اكتفيت بالخضوع الأعمى لسطوة زوجتي فلم أمارس حقي كرجل في إدارة شؤون بيتي؟!
أحياناً أجلس منفرداً - وبالطبع لا تتاح لي هذه الفرصة كثيراً - ويشرد ذهني وأحلم بأنني صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في منزلي وأن زوجتي قانعة بحياتها معي وراضية بها·· فهل أستطيع تحقيق هذا الحلم أم أن الأوان قد فات وعليَّ أنا أن أقنع وأرضى بحياة الشقاء والتعاسة؟

هامش
(ü) نحل الوبر- لغة: جز أصواف وأوبار الإبل ونحوها ·· ونحل الجسم نحولاً فهو ناحل·· وأنحله الهم أي أهزله ·· ونحل جسمه ونحل ينحَل وينحَل وينحُل نحولاً أي يذهب من مرض أو سفر، والنحول هو الهزال·· أما الوبر فهو صوف الإبل والشاة والأرانب ونحوها··

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.86 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.18%)]