القصيدة الفـائزة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4988 - عددالزوار : 2107541 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4567 - عددالزوار : 1385085 )           »          أبو الفتح ابن سيد الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 65 )           »          الخوارج تاريخ وعقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 1514 )           »          ما أحلى سويعات قربك يا أمي!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          دور المسجد في الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          هل تشكو من عصبية زوجك أو ولدك أو جارك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          أصحاب الأخدود... عبر ودروس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 84 )           »          العُمَران (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          إني أحبك أيها الفاروق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-10-2020, 06:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي القصيدة الفـائزة

القصيدة الفـائزة



د. سيد عبدالحليم الشوربجي


وقَف الشاعِر الكبير يُلوِّح يمينًا وشِمالاً، يترنَّح بشِعره، وصوته الجَهْوَرِيُّ يَملأ القاعة صخبًا، وصيحاتُ التصفيق تتعالَى كلَّما تعالى صوتُه.


الرِّيحُ الشَّموسُ

تَخْبُو ثُمَّ تَخْبُو ثُمَّ تَظْهَرُ

تَتسَلَّق خَلْفَ جِدار الصَّمْت

تَشْنُق هذا اللَّيْل الموحِش

ثُمَّ تَطْلُعُ في أُفقِ اللَّيلِ الباهِت

ثُمَّ تَرْكَب ظَهْرَ الفَرَس الماجِن

في شُرُفاتِ العَتَمة

والضَّبابُ الكَئيب يَمْرَح

ويَسْرَح في الأُفق الخافِت

يَصولُ ويَجولُ في شَرْنَقَةِ اللَّيل.




حاولتُ أن أُلَمْلِم أفكاري المتبعثِرة، وأجمع حبَّات عقلي المنفرِطة، وأستجمع قُوَى استيعابي المنهَكة، عندما وجدتُ الوجوهَ الجالسة مشدوهة لما يقول، وتساءلتُ: هل هؤلاءِ الجالسون حائرونَ مِثلي، فهم صامتون؛ لأنَّهم لا يفهمون شيئًا مما يُقال، أو أنهم يحاولون أن يفهموا؟! قلتُ: ربَّما، لكن خاب ظنِّي عندما صمَتَ الشاعر قليلاً؛ ليتناول بعضًا مِن المشروبات التي وُضِعتْ أمامه على مِنضدة الإلقاء.



وهنا انطلَق التصفيقُ الحارُّ؛ لتضجَّ به القاعة، وارتفعت كلماتُ الإطراء والإعجاب التي ملأتِ القاعة همسًا وجهرًا، قلت: أين أنا؟! وهمستُ لِمَن كان بجانبي: هل هذا هو مكان إعلان نتائج مسابقة الشِّعر التي أعلنتْها جمعيةُ: (تحرير الشِّعر)؟ قال: نعم، وهذا الشاعِر أحدُ المشاركين في هذه المسابقة، قلت في نفْسي: ترَى هل هذا الذي يقوله قصيدة شعرية، أو قطعة نثرية، يُقدِّم بها قصيدتَه؟! أحاول أنْ أُلملم شتاتي مرَّةً أخرى؛ علِّي أفهم شيئًا.



بدأ الشاعِرُ مرة أخرى يستكمِل إلقاءَه بعد أن خفَتَ التصفيق قليلاً:

الرِّيح تفُكُّ ضفائرَ الموت

تَهُزُّ أَشْرِعةَ الزَّمَن

تهْزَأ باللَّيْلِ الكَئيب

تَختَرِق جُدرانَ العَفَن




واستمرَّ الشاعر في إلْقاء قصيدته، حتى انتهى من إلقائها وسطَ التصفيق الحار، والصياح الذي رجَّ القاعة كلَّها.




بدأ شاعرٌ آخَرُ في إلقاء قصيدته بعنوان: (اغتيال الموت).

أَبِي كانَ هُنا


جاءَه المَوتُ فَجْأَةً

قال: أهْلاً بالمَوت

وارْتَمَى في أحضانِه.

فجأةً ثارَ على المَوتِ

فاجَأَه ورَماه بخَنْجَرٍ في يدِه

صار الموت قَتيلاً!


هلَّل الناسُ لَه

وأعْطَوْه نَياشينَ كَثِيرة




وهنا انطلق التصفيقُ وارْتَفع الصياحُ، وجدتُني أُمسِك برأسي ممَّا أصابها مِن صُداع، وتوالَى الشعراء واحدًا تلوَ الآخر، ارتقبتُ قليلاً؛ علَّه أن يُنادَى على اسمي لإلقاءِ القصيدة التي تقدَّمتُ بها، لكن المقدِّم أعلن عنِ انتهاء القصائد، ثم أرْدَف قائلاً: وبعدَ قليل ستُعلَن النتائج.



قلت في نفسي: لو لم أَكُن قدَّمتُها بيدي لقلتُ: إنَّ البريد لم يحملْها إلى مكان المسابقة، ظللتُ أُفكِّر كثيرًا، على الأقلِّ كان عليه أن يُنوِّهَ على ضعْفها - إنْ كان بها ضعف.



بدأ المقدِّم في إعلان النتائج قائلاً:

جاءتْنا قصائدُ كثيرةٌ تقدَّمت لهذه المسابقة، وقدِ اخترْنا هذه القصائد المنتقاة بدقَّة وعناية مِن بين عشراتِ القصائد، وقد تميَّزتْ هذه القصائد بالعصْرَنةِ والحَداثة، التي تُضفي على النص الشعري ضبابيةً وتعميةً تجعله مُغمًّى ومُعمًّى على المتلقِّي؛ مما يُضفي عليه لونًا من الجمال الخفيِّ المتأصِّل في كينونته، وتَنبعِث مِن ثنايا أحشائه رائحةُ الحداثة التي تُعمي على الآخَرِ شفافيةَ النص وترنحاته، وتُخفي بلْ تَمحو ما قد يَتبدَّى للمتلقِّي من ثنايا معانيها وإيحاءاتها، وقد جاءتْنا قصائدُ كثيرةٌ على طريقة الشعر النمطي [بالميم]، الذي فقَدَ رُوحَه في هذا العصر، عصر العولَمة والحداثة، وأصْبَح يُعاني من الرَّكاكة والرَّتابة والتراثية المفرِطة، التي تنأى به عن وعْي المتلقِّي، وتُثقله على مسامعِه الداخلية والخارجية؛ لذا فقدِ استبعدْنا كثيرًا مِن هذه القصائد، إنْ لم يكن كلها؛ لأنَّها فقَدَتْ رُوحَها عند المتلقِّي الذي لم يَعُدْ يحتمل المباشرةَ والوضوح، بل يُريد أن يسرَحَ بخياله في جوٍّ من التمرُّد على التقاليد والقواعد والضوابط؛ لأنَّه مَلَّ الحياة الرتيبة المنضبِطة، وهذا هو الجمهورُ العصري الواعي، الذي يتقلَّب مع تقلُّباتِ العصر، ويتغيَّر مع تغيرات مناخه.



سَرحتُ بُرهةً بخاطري فيما قال، وأدركتُ حينها أنَّ قصيدتي راحتْ أدراجَ الرِّياح.



ثم أردف قائلاً: وقدْ فاز بالجائزةِ الأولى الشاعر (حِلمي سعيد) عن قصيدتِه الرائعة: "شرفات العتمة".



ارتفع التصفيقِ والصياح الذي ضجَّتْ به القاعة، لم أجِدْ إلا أنْ أُلملم أوراقي وأنطلق، حاولت أنْ أصل إلى منصَّة التحكيم، لكن الأجساد الكثيفة حالتْ بيني وبين الوصول، لمحت بضعةَ وُريقات ممزَّقة تدوسها الأقدامُ الكثيفة، انحنيتُ عليها ولملمتُ بعضَ أجزاء منها رفعتُها، فإذا بها بضعة أبيات:



تَبْكِي عُيُونُ الشِّعْرِ قَوْمًا بَدَّلُوا

شَكْلَ القَصِيدَةِ نَثَّرُوا الْكَلِمَاتِ




هَجَرُوا أُصُولَ الشِّعْرِ ثُمَّ تَمَرَّدُوا

وَسَعَوْا وَرَاءَ الْوَهْمِ وَالشَّطَحَاتِ




ظَلَمُوا القَصِيدَةَ عِنْدَمَا فَتَحُوا لَهَا


بَابًا مِنَ التَّغْيِيرِ وَالتُّرَهَاتِ



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.86 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.46%)]