أرجوزة فتح الذي قد أعطى في نظم المراد بالصلاة الوسطى للعلامة جلال الدين السيوطي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13219 - عددالزوار : 350693 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 257 - عددالزوار : 47577 )           »          قيمة إسلامية حثَّ عليها القرآن الكريم والسُنَّة النبوية – الجودة الشاملة في مؤسساتنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 131 )           »          التداوي من السحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 160 )           »          حكم المرابحة للآمر بالشراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 146 )           »          الوجيز في أحكام التداولات المالية المعاصرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 397 )           »          حكم الغرر في عقود التبرعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 155 )           »          الفرق بين الرجل والمرأة في التلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 114 )           »          أخطاء في التحليل والتحريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 177 )           »          حكم الصلح على الدين ببعضه حالا (ضع وتعجل) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 190 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-09-2020, 03:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,401
الدولة : Egypt
افتراضي أرجوزة فتح الذي قد أعطى في نظم المراد بالصلاة الوسطى للعلامة جلال الدين السيوطي

أرجوزة فتح الذي قد أعطى في نظم المراد بالصلاة الوسطى للعلامة جلال الدين السيوطي


محمد آل رحاب




أرجوزة فتح الذي قد أعطى في نظم المراد بالصلاة الوسطى

(عقد لجزء اليد البسطى في تعيين الصلاة الوسطى)
للعلَّامة جلال الدن السيوطي (ت ٩١١هـ) رحمه الله


بسم الله الرحمن الرحيم

قال محمدٌ هوَ ابنُ أحمدا
يَرجو مِن الرحمنِ عيشاً أرغَدا

الحمدُ للهِ، وصلى اللهُ
على نبيهِ ومصطفاهُ

وبعد إن هذه أرجوزةْ
وجيزة في بابها عزيزةْ

سميتُها فتح الذي قد أعطى
ضمنتُها ذكرَ الصلاةِ الوسطى

على الذي حرره الأسيوطي
في جزئه المختصر المضبوطِ

وأسأل الله تمامَ المقصدِ
وأن يكون نافعًا لي في غدِ

فصل
عشرون قولاً حَرَّرَ الجَلَالُ
وذاك تَفْصِيلٌ لِمَا قدْ قالوا

قيل: هي الصبحُ وقيل: الظهرُ
وثالثُ الأقوالِ قالوا: العصرُ

قلتُ: وترجيحُ الإمامِ أنها
اَلظهرُ ذا بِحُجَجٍ أبانَها

والرابعُ المغربُ ثم الخامسُ
هي العِشا[1] أفاده المُؤانسُ

وسادسُ الأقوال يا أحبابي
مجموعُ خَمسِها بِلا ارتيابِ

وقيل: بل واحدةٌ بغيرِ ما
تَعْيِيْنها ضِمنَ الجميعِ فاعلما[2]

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-09-2020, 03:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,401
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أرجوزة فتح الذي قد أعطى في نظم المراد بالصلاة الوسطى للعلامة جلال الدين السيوطي



والثامن الجمعة ثم التاسعُ
اَلظهر والجمْعةُ ذاك ساطعُ

والعاشرُ الصبحُ معَ العشاءِ
والصبحُ والعصر بعيدُ جَائي[3]

ثانيَ عَشْرِها هي الجَمَاعةُ
وبعدَهُ الوترُ روى الجَمَاعَةُ

ثم صلاةُ الخوف ثم بعدَها
صلاةُ عيد الفِطر أحسِنْ عدَّها

ثُمَّتَ قل: صلاةُ عيد النحْرِ
ثم الضُّحي -يا صاحِ- دون نُكْرِ

ثم صلاةُ الليل للمُفيدِ
والصبحُ والعصرُ على التَّرديدِ

وآخرُ الأقوالِ عند المُقتفِي
توقُّفٌ، وعندَه توقُّفِي

وأختم المنظوم بالصلاةِ
على النبيِّ سيدِ الهُداةِ

وآلهِ وصحبه الأثباتِ
وكلِّ تابعٍ إلى المماتِ

نظمتُها بطيبةَ المُطيبهْ
والحمد لله على ما قرَّبه




المدينة النبوية ٢٣من شهر الله المحرم ١٤٣٨ هـ
• • •

وهذا نص الجزء لتمام الاستفادة:
قال العلامة السيوطي رحمه الله وطيب ثراه:
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم، الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد.
فقد اختلف الناس في الوسطى على عشرين قولاً:
أحدها: أنها الصبح، وعليه عمر وأبو مليكة وأنس وجابر وأبو العالية وعبيد بن عمير وعطاء وعكرمة ومجاهد والربيع بن أنس وغيرهم، وهو أحد قولي علي ومعاذ بن جبل وابن عمر وابن عباس، وهو قول مالك والشافعي فيما نص عليه في الأم، واحتجوا له بأن فيه القنوت وقد قال تعالى وقوموا لله قانتين.
وبأنها لا تقصر في السفر، ولأنها بين صلاتي سر وجهر.
الثاني: الظهر، وعليه زيد بن ثابت وأبو سعيد الخدري وعائشة وأسامة بن زيد وعبد الله بن شداد، وهو أحد قولي علي وابن عمر، ورواية عن أبي حنيفة وسيأتي دليله.

الثالث: أنها العصر قاله أبو أيوب الأنصاري، وهو أحد قولي علي وابن مسعود وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عمر وابن عباس، وعليه السلماني والنخعي والحسن وقتادة والضحاك والكلبي ومقاتل، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد وداود وابن المنذر، ونقله الترمذي عن أكثر العلماء من الصحابة وغيرهم، وإليه صار معظم الشافعية، وقال به من المالكية ابن حبيب وابن العربي وابن عطية.

الرابع: أنها المغرب، رواه ابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن عباس، وقاله قبيصة بن ذؤيب، واحتجوا بانها معتدلة في عدد الركعات، وأنها لا تقصر في الأسفار، وأن العمل مضى على المبادرة إليها والتعجيل لها في أول ما تغرب الشمس، ولأنها قبلها صلاة سر، وبعدها صلاة جهر.

الخامس: أنها العشاء، نقله ابن السني والقرطبي، واحتج له بأنها بين صلاتين لا تقصران، وأنها تقع عند النوم فلذلك أمر بالمحافظة عليها، واختاره الواحدي، وقال البغوي: لم ينقل عن أحد من السلف أنها صلاة العشاء.

السادس: أنها مجموع الخمس، قاله معاذ بن جبل، وهو أحد قولي ابن عمر، واختاره ابن عبد البر، وجعل العطف في الآية[4] يراد به الكل تأكيداً.

السابع: أنها واحدة من الخمس غير معينة، قاله الربيع بن خثيم وسعيد بن منصور وشريح القاضي، واختاره إمام الحرمين، فقال في (النهاية): والذي يليق بمحاسن الشريعة أن لا تبين على يقين حتى يحرص الناس على أداء جميع الصلوات كدأب الشائع في ليلة القدر، وقال ابن الرفعة: وهذا الاحتمال قد قاله القاضي حسين في أول صلاة الخوف، وقال أنه الصحيح، واستشهد له بليلة القدر وساعة يوم الجمعة.

الثامن: أنها الجمعة، ذكره ابن حبيب من المالكية والبارزي في (المعلم)، واحتج بما اختصت به من الاجتماع والخطبة، قاله ابن حجر في (شرح البخاري)، وصححه القاضي حسين في (تعليقه)، وقال النووي في (شرح مسلم): إنه ضعيف جدا لأن المفهوم من الإيصاء بالمحافظة عليها إنما كان لأنها معرضة للضياع، وهذا لا يليق بالجمعة، فإن الناس يحافظون عليها في العادة أكثر من غيرها لأنها تأتي في الأسبوع مرة.

التاسع: أنها الظهر في الأيام، والجمعة يوم الجمعة.

العاشر: أنها الصبح والعشاء معا، للحديث الصحيح في أنها أثقل الصلاة على المنافقين، وبه قال الأبهري من المالكية.[5]

الحادي عشر: أنها الصبح والعصر معا، لقوة الأدلة في أن كلا منها قيل أنها الوسطى، فظاهر القرآن الصبح ونص السنة العصر.

الثاني عشر: صلاة الجماعة.

الثالث عشر: الوتر، وصنف فيه الشيخ علم الدين السخاوي جزءًا.

الرابع عشر: صلاة الخوف.
الخامس عشر: صلاة عيد الفطر.
السادس عشر: صلاة عيد النحر.
السابع عشر: صلاة الضحى.
الثامن عشر: صلاة الليل.
التاسع عشر: أنها الصبح أو العصر على الترديد، وهو غير القول المتقدم والجازم بأن كلاً منهما يقال لها: الوسطى.

العشرون: التوقف، فقد روى ابن جرير بسند صحيح عن سعيد ابن المسيب فقال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مختلفين في الصلاة الوسطى هكذا وشبك بين أصابعه قال النووي في (شرح المهذب): الصحيح منها مذهبان العصر والصبح، والذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة أنها العصر، وهو المختار.

فصل
وقال الزركشي في (الخادم): كان بعض الفضلاء يتوقف في نسبة ذلك إلى الشافعي، فإن الأحاديث المصرِّحة بها بأنها العصر من جملة ما رواه الشافعي رضي الله عنه، ولم يخف عنه أمرها مع شهرتها، وقد نقل البيهقي عنه في (المعرفة) أنه كان في (سنن) حرملة، فحديث عائشة يدل على أنها ليست العصر، وقال ابن الرفعة في (الكفاية): لا دلالة في الحديث على أنها غير الصبح لأن العصر في كلام العرب يُطلق على الصبح أيضا فيُحمل عليه.

قال ابن قتيبة: يقال لصلاة الفجر والعصر: العصران والبردان، ويدل له حديث (حافظوا على العصرين قيل: وما العصران قال: صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها) قال: ثم على تقدير أن ما ذكروه في الخبر على أنها العصر، فقد ورد ما يدل على أنها غيره، وهو حديث عائشة أنها قرأت "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى -وصلاة العصر-"، وكذا صح عن حفصة، وإذا تعارضت الأخبار بقي ما ذكرناه سالما من المعارض فعمل به... قال: على أن نقول بموجب الحديث وأنه يدل على أنها وسطى لا أنها الوسطى المذكورة في الآية، ويشهد ما قاله القاضي حسين أنه عليه الصلاة والسلام قال في يوم الخندق: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بطونهم وقبورهم نارا، فأنزل الله ذلك اليوم "حافظوا على الصلوات" الآية، فإن ذلك يقتضي ما قاله عليه الصلاة والسلام ليس هو تغييرا للآية. انتهى كلام ابن الرفعة بحروفه.

وأقول - وهو مما لم أُسبق إليه -:
إن كان لا بد من الخروج عن الإمام رضي الله تعالى عنه إلى الدليل، فالذي يقتضيه الدليل ترجيح أنها الظهر، وبيان ذلك:
أن الأحاديث الواردة في أنها العصر قسمان:
مرفوعة وموقوفة، فالموقوفة، فالموقوفة لا يحتج بها لأنها أقوال صحابة عارضتها أقوال صحابة آخرين أنها الصبح والمغرب أو مجموع الخمس، وقول الصحابي لا يُحتج به إذا عارضه قولُ صحابي آخر قطعا، وإنما جرى الخلاف في الاحتجاج به عند عدم المعارضة.

وأما المرفوعة فغالبها يخلو إسناده عن مقال، والسالم من المقال قسمان:
مختصر بلفظ: الصلاة الوسطى صلاة العصر
ومطول فيه قصة وقع في ضمنها هذه الجملة، والمختصر مأخوذ من المطول، اختصره بعض الرواة فوهم في اختصاره على ما سنبينه، والأحاديث المطولة كلها لا تخلو من احتمال، فلا يصح الاستدلال بها، فأصح الأحاديث في ذلك، وعليه اقتصر في ( شرح المهذب) ما أخرجه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً، ولهذا الحديث لطرقه احتمالان:
أحدهما -وهو الأظهر-: أن لفظة صلاة العصر ليست من المرفوع بل مدرجة[6] في الحديث أدرجها بعض الرواة تفسيرا منه كما وقع ذلك كثيرا في عدة أحاديث، وهذا كنتُ قلتُه أولا احتمالا ثم رأيته منقولا في كتب الحديث فلله الحمد، والدليل على إدراجها أمور:
الأول: أن البخاري روى الحديث في صحيحه بدونها مقتصرا على المرفوع، ولفظه: شغلونا عن الصلاة الوسطى، وهذه من مزايا البخاري على مسلم أنه يحرر الأحاديث وغيرها ويميزها من المدرجات والموقوفات، فلذا كان صحيح أصح.
الثاني: أن الحديث أخرجه مسلم من وجه آخر عن علي بلفظ: حبسونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس، يعني: العصر، فقوله: يعني: العصر صريح في أن هذا تفسير من أحد الرواة لا من تتمة كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
الثالث: أن علياً راوي الحديث ورد عنه أنها الصبح، ذكره مالك في (الموطأ) عنه بلاغا، وورد عنه أيضا أنها الظهر أخرجه ابن المنذر في (تفسيره)، فلو كان عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها العصر لم يعدل عنها.
الرابع: أن الصحابة رضي الله عنه كانوا شديدي الاختلاف فيها كما تقدم عن سعيد بن المسيب، ولو كان عندهم في ذلك نص عن النبي صلى الله عليه وسلم لرجعوا إليه، ولم يختلفوا.
الاحتمال الثاني: على تقدير عدم الإدراج يحتمل أن يكون عطف نسق على حذف العاطف لا بياناً ولا بدلاً، والتقدير: شغلونا عن الصلاة الوسطى وصلاة العصر، ويؤيد ذلك أنه صلى الله عليه وسلم لم يشغل يوم الأحزاب عن العصر فقط بل شغل عن الظهر والعصر معا كما ورد من طريق أخرى.

فكأنه عنى بالصلاة الوسطى الظهر، وعطف عليها العصر على حد قول القائل:
كيف أصبحت؟ كيف أمسيت؟ مما *** يزرع الود في فؤاد الصديقِ

أراد: كيف أصبحت وكيف أمسيت، ومع هذين الاحتمالين لا يتأتى الاستدلال بالحديث البتة، كيف والشافعي رضي الله عنه قد روى الحديث واطلع عليه، ولم يقل به، فلولا أنه طرَقَه عنده الاحتمال أو عارضه معارض لم يتوقف عن القول به، وقد قال الشافعي في حديث عائشة رضي الله عنه إنه يدل على أنها غير صلاة العصر، وهذا إشارة منه إلى المعارض، وهو معارض قوي، وقد أخرجه مسلم وغيره من طرق عن أبي يونس مولى عائشة قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا فأملت علَيَّ: حافظوا على الصلوات وصلاة الوسطى وصلاة العصر، وقالت: سمعتُها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجه الدلالة أن العطف يقتضي المغايرة.

فإن قلت: كلٌّ من الحديثين صحيح الإسناد، فما وجه تقديم هذا على الأول؟

قلت: لمرجحات أربعة:
أحدها: أن ذاك احتمل الرفع والإدراج، بل الإدراج فيه أظهر، وهذا مرفوع قطعا.
الثاني: أن ذاك احتمل إضمار العقل.
الثالث: أن هذا سيق على أنه قرآن، وإن كان شاذا، والقراءة الشاذة يُحتج بها في التفسير والمعنى.
الرابع: أنه كثرت طرقه، وتعددت مخارجه وشواهده، فأخرج مالك وغيره من طرق عن عمرو بن رافع قال: كنت أكتب مصحفاً لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأملت عليَّ: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر.

وأخرج ابن أبي داود في (المصاحف) عن عبد الله بن رافع قال:
كتبت مصحفا لأم سلمة قالت: اكتب: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر.
وأخرج ابن أبي داود عن ابن عباس وأبي بن كعب أنهما قرآ كذلك.
فإن قلت: أكثر ما ثبت بهذا أنها غير العصر فمن أين تعيين أنها الظهر؟

قلت: من وجهين:
أحدهما: أن من الصحابة من فهم من هذه القراءة أنها الظهر كأنه من الموالاة في العطف والزمان.
فأخرج ابن أبي داود عن أبي رافع مولى حفصة قالت: كتبت مصحفا لحفصة فقالت: اكتب: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر، فلقيت أبي بن كعب فأخبرته فقال: هو كما قالت، أوليس أشغل ما نكون عند صلاة الظهر في عملنا ونواضحنا، فهذا فهمٌ دقيق من أبي بن كعب، فَهِمَ مِن هذه القراءة أنها الظهر، ثم علله بأن هذا الوقت أشغل أوقاتهم، وينضم إليه أنه وقت القائلة وشدة الحر كما سيأتي، فناسب الإيصاء بالمحافظة عليها.

الثاني: أنه ورد في حديث مرفوع أنها الظهر، وفيه بيان سبب نزول الآية، وهذا أقوى ما اعتمدت عليه في ذلك، فإن من قواعد الأصول: إذا تعارض حديثان، وفي أحدهما ذكر السبب كان ذلك من وجوه الترجيح، فيقدم على العاري منه.

وهو ما أخرجه أحمد والبخاري في (تاريخه) وأبو داود وابن جرير في (تهذيب الآثار) والبيهقي عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهاجرة، وكانت أثقل الصلاة على أصحابه، ولفظ أبي داود: ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحابه منها، فنزل: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى.

وأخرج أحمد والنسائي من طريق الزبرقان أن رهطاً من قريش أرسلوا إلى زيد بن ثابت يسئلونه عن الصلاة الوسطى فقال: هي الظهر، ثم سألوا أسامة بن زيد فقال: هي الظهر، إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان، والناس في قائلتهم وتجارتهم فأنزل الله: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لينتهين رجال أو لأحرقن بيوتهم.

وأخرج الطبراني في (الأوسط) بسند رجاله ثقات عن ابن عمر أنه سئل عن الصلاة الوسطى فقال: كنا نتحدث أنها الصلاة التي وجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلة الظهر.

فقوله هنا: كنا نتحدث، إن لم يكن حكمه الرفع فهو نقل عن أكثر الصحابة أو كثير منهم، وفيه إشارة إلى فضلها لكونها أول ما صليت إلى الكعبة.

وينضم إلى هذا أنها أول صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأول صلاة ظهرت، ويذكر ذلك من وجوه حكمة ابتداء جبريل بها دون الصبح.

قال ابن جرير في (تهذيب الآثار): حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة حدثنا عبد الصمد حدثنا شعبة عن عمر بن أبي سليمان عن عبد الرحمن بن أبان عن أبيه عن زيد بن ثابت في حديث رفعه قال: الصلاة الوسطى صلاة الظهر.

فهذا ما حررته في هذه المسألة، ولم أسبق إليه ولله الحمد، واعلم أنه لا يمنعني من هذا وأمثاله عصبة الجاهلين وعوام الخلق الذين لم يؤتوا تحقيقا في العلم ولا مكنة من النظر، فتراهم في كل واد من الجهالات يهيمون، وبكل صوت مهمل ينعقون، لا يلتفتون إلى تحقيق، ولا يصغون إلى تدقيق، يعدون مثل هذا التحقيق من المجازفة والتخبيط، والله على كل شيء شهيد، ومن ورائهم محيط.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22-09-2020, 03:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,401
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أرجوزة فتح الذي قد أعطى في نظم المراد بالصلاة الوسطى للعلامة جلال الدين السيوطي

وما أحسن قول من قال:
ادأب على جمع الفضائل جاهدا
وأدم لها تعب القريحة والجسدْ

واقصد بها وجه الإله ونفع من
بلغته ممن جدَّ فيها واجتهد

واترك كلام الحاسدين وبغيهم
همَلا فبعد الموت ينقطع الحسد




وقال الشيخ ولي الدين العراقي في (شرح سنن أبي داود):
استدل زيد بن ثابت على أن الصلاة الوسطى هي الظهر بأنها كانت أشق الصلوات على الصحابة بسبب كونها في شدة الحر فأنزل الله هذه الآية يحضهم على المحافظة عليها، ويؤكد عليهم في ذلك بسبب ميلهم إلى التفريط فيها لشدتها عليهم، ولم يحصل لهم من المشقة في غيرها من الصلوات مثل ما حصل لهم من المشقة، وهذا استدلال ظاهر يقوى قبوله، لصدوره من الصحابي الذي شاهد الوحي والتنزيل. انتهى.



[1] بالقصر لأجل الوزن.

[2] أصلها: فاعلمنْ.

[3] الأصل:جاءٍ، وإثبات ياء المنقوص لغة قريء بها في المتواتر.

[4] أي: قوله تعالى: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى. البقرة.

[5] في فتح الباري ونيل الأوطار أن قول الأبهري أنها الصبح والعصر لا الصبح والعشاء فليحرر.

[6] للعلامة السيوطي جزء سماه: المدرج إلى المدرج.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 87.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 84.58 كيلو بايت... تم توفير 2.59 كيلو بايت...بمعدل (2.98%)]