تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         انت أخي في الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الفساد الأخلاقي ...عند غياب الرقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          كن نبيهاً ذكياً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          آية الإسراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          مستقبل اليهود كما تحدده سورة الأعراف والإسراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          طاهر بن الحسين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          إسلام حمزة رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تاريخ المسلمين في القرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          مصنع الحياة - الزواج الطريق القويم للمتعة الحلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أبناؤكم يبثون همومهم إليكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-08-2020, 03:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,777
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة البقرة - (42)
الحلقة (49)




تفسير سورة البقرة (137)


من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أنه لم يكلفهم ما لا يطيقون، فهو سبحانه لما أمرهم بأمره كلفهم بالإتيان بالمستطاع في ذلك، ولما نهاهم عن المحرمات والمكروهات وغيرها لم يكلفهم عدم ورودها في خواطرهم أو مرورها على أذهانهم، ولم يحاسبهم على شيء من ذلك، كما أنه سبحانه لم يؤاخذ عباده على النسيان والخطأ، ورفع عنهم التشديد في الأحكام الذي ابتلي به من قبلهم من العصاة والمتمردين، وهيأ لهم سبحانه أسباب التوبة والرجوع بعد العصيان، ومكنهم ونصرهم على عدوه وعدوهم.

تابع تفسير قوله تعالى: (لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ...)

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بتلكم الجوائز التي جاءت على لسان رسولنا صلى الله عليه وسلم:الأولى: ( من أتى هذا المسجد لا يأتيه إلا لخير يعلمه أو يتعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله ).والثانية: أن من صلى صلاة المغرب وجلس يذكر الله حتى صلى العشاء فالملائكة تصلي عليه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث، فإن أحدث وانتقض وضوءه خرج للوضوء وتركت الملائكة الصلاة عليه، وهذا حاصل بحمد الله لأهل الحلقة، فإنهم صلوا المغرب وهم ينتظرون صلاة العشاء.وثالث الجوائز وأعظمها: ما قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ). اللهم حقق لنا ما رجونا يا رب العالمين. ها نحن مع هذه الآيات أو مع هاتين الآيتين الكريمتين من خاتمة سورة البقرة، فقد ابتدأناها من أولها، وأعاننا الله حتى نختمها في هذه الليلة المباركة.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة:285-286].أذكركم بفضيلة هاتين الآيتين، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من قرأهما عند نومه في ليلته كفتاه، أي: كفتاه قيام الليل ومن الشياطين، وورد أن من قرأها مرتين في الليلة الواحدة كفتاه من قيام الليل ومن الشيطان؛ وذلكم أن هاتين الآيتين لم يعطهما نبي سوى نبينا صلى الله عليه وسلم كما أخبر بذلك عن نفسه، وأنهما كانتا في كنز تحت العرش، فأعطيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته.

المناسبة بين قوله تعالى: (لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ...) مع آية الدين وآيات الربا

واذكروا ما تقدم لنا من قول الله تعالى: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة:284]، لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ [البقرة:284] من كل الكائنات؛ يملكها ويتصرف فيها، إذ هو الموجد لها، فإن منعكم من تصرف خاص في الأموال فهل ستغضبون؟ لم وهو ماله، فما أذن فيه فتصرفوا فيه، وما لم يأذن فيه فلا حق لكم في المطالبة به، فكيف إذا منع وحظر وحرم وتتعدى ذلك وتفعل ما نهى عنه وحرمه الله، فهذا تعقيب على آية الدين بعد آية الربا وتحريمه، فقال تعالى: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ [البقرة:284]، ثم قال تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ [البقرة:284] والعياذ بالله من النفاق، من الكفر، من البغض، من الحسد، تظهرونه أو تخفونه وتسرونه في داخل نفوسكم، فإنه تعالى يحاسب به، ثم بعد ذلك يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، وهو على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء. وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ [البقرة:284]، أي: تظهرونه علناً وتنطقون بألسنتكم وتباشرونه بأعمالكم وجوارحكم، فيحاسبكم به ويجزيكم، إلا أنه يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء.

سبب نزول الآيتين من خواتيم سورة البقرة وعلاقتهما بالآية قبلهما

هذه الآية لما نزلت وسمعها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تضايقت نفوسهم وارتجت، وأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وبركوا على الركب، وقالوا: يا رسول الله! أمرنا بالصلاة فصلينا، بالجهاد فجاهدنا، بالصدقة فتصدقنا، والآن إذا كنا نؤاخذ بما في نفوسنا فلن ينجو منا أحد؟ فقال لهم صلى الله عليه وسلم: ( أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتاب: سمعنا وعصينا، قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا )، فقالوها وذلت بها أنفسهم، ونطقت بها ألسنتهم، فلما رأى الله سبحانه وتعالى ذلك منهم أنزل هاتين الآيتين، وفيهما قوله: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، فقال تعالى: نعم لا أؤاخذكم بما نسيتكم أو أخطأتم.. الآية، والحمد لله.وهنا يفسر النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى فيقول: ( إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم )، تجاوز الله عنا فيما تحدثت به أنفسنا ما لم نقل بألسنتنا أو نعمل بجوارحنا.

أحكام حديث النفس

ثم لا بد من بعض البيان، فما حدثت به النفس هل المراد به ما يستقر ويصاحبه عزم وإرادة على أن يفعل، أو مجرد خاطر وهاجس ووسواس؟ الذي يبدو -والله أعلم- أن ما في النفس إن كان كفراً، إن كان بغضاً لما يحب الله ورسوله، إن كان تكذيباً لله ورسوله كحال المنافقين، أما كانوا يضمرون الكفر، ويضمرون عداوة الرسول والمؤمنين وبغض شريعة الله؟ فهذا يؤاخذ العبد به، إلا إذا تاب منه وتخلى عنه وأعرض، أما إذا أصر على بغضه للإسلام والمسلمين في نفسه وإن لم ينطق، وإذا أصر على تكذيب الله عز وجل ولو في قضية من القضايا، أو تكذيب رسوله؛ فهذا هو الكفر بعينه.ويبقى ما دون الكفر، مثلاً: خطر ببالك أن ترتكب معصية من المعاصي دون الكفر والشرك، هذه المعصية هممت بها، ثم تركتها لله؛ خوفاً من الله، حياءً من الله، حفاظاً على طهارة روحك وزكاة نفسك، فهذه تكتب لك حسنة، وإن فعلتها تكتب سيئة.وعلى العكس: هممت أن تفعل حسنة من الحسنات؛ صلاة أو صدقة أو ما شاء الله من أنواع البر والخير، ثم لم تعملها، حال حائل دونها، فتكتب لك حسنة، فإن عملتها كتبت عشر حسنات، وهذا من إفضال الله تعالى على هذه الأمة. يبقى الذي بكى منه الصحابة، أفصحوا للرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله! إن أحدنا يجد في نفسه شيئاً لأن يخر من عنان السماء إلى الأرض خير له من أن ينطق به؟ وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ( يقول الشيطان: هذا الله خلق السماوات والأرض، فمن خلق الله؟ فإذا وحد أحدكم ذلك في نفسه فليستعذ بالله وليقل: آمنت بالله، آمنت بالله، آمنت بالله )، ثم أعلمهم أن هذا لا يكون إلا لأهل الإيمان، هذه الهواجس والخواطر التي تتنافى مع أصول الدين وعقائد الإسلام الشيطان هو الذي ينفخها في قلب العبد ويجعلها تدور على قلبه، فهي من مس الشيطان، فإذا وجد ذلك عبد الله أو أمة الله قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، آمنت بالله، آمنت بالله، آمنت بالله، ويعرض عنه فلا يضره ذلك.إذاً: ما كان عقيدة في النفس من الشرك والكفر وبغض الله ورسوله والمؤمنين فهذا وإن لم يفعل فسوف يجزى به؛ لأنه بإرادته، أما ما كان خاطراً يخطر بالبال ولا يستمر، وإن عاد عاد العبد إلى طرده بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم؛ فإن هذا لا يضره أبداً، وهذا الحديث الصحيح يوضح القضية تمام التوضيح: ( إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم )، فمن قال أو نطق سجل ذلك عليه وأخذ به، ومن عمل ولو لم ينطق أخذ بذلك وعذب به، إلا أن يغفر الله لمن تاب.
تفسير قوله تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون ...)


شرف الصحابة الكرام باقتران إيمانهم بإيمان رسول الله

قال تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ [البقرة:285]، والكرامة الإلهية التي أكرم الله بها أولئك الأصحاب أن قرن إيمانهم بإيمان رسول الله صلى الله عليه وسلم: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ [البقرة:285]، إذ المؤمنون ما إن قال لهم الرسول: لا تكونوا كاليهود الذين يقولون: سمعنا وعصينا، قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا، ما إن قال لهم ذلك حتى قالوها ولانت بها ألسنتهم وخضعت لها قلوبهم، فهذا إيمان، فأخبر تعالى عن واقعهم: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ [البقرة:285] من الشرائع والأحكام كلها، والمؤمنون كذلك، معناه: أنه رضيهم ورضي بإيمانهم وقبل ذلتهم وخضوعهم له، فكان في ذلك شرف عظيم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين إلى يوم القيامة، المؤمنين صادقي الإيمان. آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ [البقرة:285]، أي: كل فريق وكل واحد منهم؛ كل من الرسول والمؤمنين آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ [البقرة:285]، هذه بعض أركان الإيمان، وأركان الإيمان كما هو مقرر ومعلوم للمؤمنين والمؤمنات ستة أركان: الإيمان بالله، الإيمان بملائكته، الإيمان بكتبه، الإيمان برسله، الإيمان بالقضاء والقدر، الإيمان المنجي المنقذ من الكفر الذي يجمع أصحابه مع الرسل والأنبياء والمؤمنين مبناه ستة أركان، لو سقط ركن فقط لبطل الإيمان؛ وحديث جبريل معلوم ومعروف، إذ جاءه الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه، ودخل وشق الحلقة وانتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليعلم الناس، وسأله عن الإيمان والإسلام والإحسان، فأجاب الرسول وجبريل يصدق، ويقول: صدقت.. صدقت.

معنى قوله تعالى: (لا نفرق بين أحد من رسله)

ثم تعالى: كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة:285]، إذ اليهود ما آمنوا بعيسى ولا آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلم يفرقون بين رسول ورسول؟ فالذي يكفر برسول واحد، أو بنبي واحد يعتبر كافراً بالجميع، والرسل ثلاثمائة وأربعة عشر، من كذب رسولاً ولم يصدقه، أنكر رسالته ولم يؤمن بها؛ فإنه يصبح كافراً بالإجماع ولا حظ له في الإسلام، والنصارى آمنوا بالأنبياء والرسل، وكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم وما ارتضوا به، فهم -والله- كافرون.المهم في القضية: أن الذي يكذب برسول أو نبي يعتبر كافراً ولا حظ له في الإسلام، ولهذا قال تعالى: كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ [البقرة:285]، وكالرسل الكتب، ما علمنا منها وما لم نعلم، وما نزل ذكره منها في القرآن هو: التوراة والإنجيل والزبور والقرآن الكريم، هذه أربعة كتب، ما وعدا ذلك كصحف إبراهيم عشر صحف، وصحف موسى غير التوراة، وصحف شيث، فنحن نؤمن بكل ما أنزل الله من كتاب، لا نقول: هذا الكتاب نزل على نبي ليس هو بنبي لنا فلا نؤمن به، فعقيدة المسلم الحق أنه يصدق بكل ما أنزل الله من كتاب أو صحيفة، الكتب الأربعة لا يحل جهلها؛ لأنها في القرآن الكريم بأسمائها: التوراة، والإنجيل، والزبور، فالتوراة: أنزلها الله على موسى عليه السلام، والزبور: أنزله على داود عليه السلام، والإنجيل: أنزله على عيسى عليه السلام، والقرآن أو الفرقان: أنزله على خاتم أنبيائه ورسله محمد صلى الله عليه وسلم. لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة:285]، هذا هو معتقد المؤمنين مع رسولهم، كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة:285].

معنى قوله تعالى: (وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)

وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:285]، قالوها وأذعنوا لحكم الله وذلوا، إذاً: فأكرمهم الله أن جمع بينهم وبين رسوله في الإيمان: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:285]، أنزلها الله تعالى وقد رددتها ألسنتهم وآمنوا بها.إذاً: إذا بلغك عن الله أو رسوله شيء فهل يمكنك أن تقول: لا أقبل هذا؟ أو تقول: سمعت ما قلت عن الله والرسول، ولكن لا أعمل أنا بهذا؟! صاحب هذا الموقف ما هو بالمؤمن، لا بد أن تقول: سمعت ما جاء عن الله ربي، وعن رسول الله نبيي ورسولي وأطعت، إن كان أمراً فعلت، وإن كان نهياً تركت في حدود طاقتك وما تستطيعه. فالصحابة قالوا: سمعنا وأطعنا، وطلبوا غفران الله لهم فقالوا: غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:285].
تفسير قوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ...)
‏ يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 251.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 249.68 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (0.68%)]