|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() الربانية.. حياة الروح (2/6) نبيل جلهوم قال - تعالى -: ï´؟ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ï´¾ [الشمس: 7 - 10]. ويقول - تعالى -: ï´؟ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ï´¾ [الرعد: 11]. ولنستكمل هنا ما بدَأْناه في مقالِنا السابق عن إصلاح النفس، وكيف يكون ذلك. بداية حقيقيَّة وفِعلية لكلِّ صلاح وإصلاح. حسِّن سلوكك: احْرِص على تغيير السلوكياتِ الخاطئة فيك؛ حتى تكونَ أكثرَ تفاعلاً وفاعلية في داخِل مجتمعك. احرص على الجمال: احرِصْ على وجاهةِ مظهرك وأناقتِك، وجمال أقوالك وأفعالك، فأنت رمزٌ لإسلامك، وإسلامك لا يُقدِّم إلا كلَّ جميل ورائع ووجيه. إنَّ الله جميلٌ يحب الجمال، إنَّ الجمال سِمةٌ واضحة في الصَّنعة الإلهية، ويجب على المسلِم أن يكون جميلاً، ليس في مظهره وأناقته المتمثلة في الملابس فقط، بل إنَّ مفهوم الجمال يتعدَّى ذلك بكثير، فالجمال أنواعٌ منها: 1- جمال حِسِّي: وهو الذي يُدرَك بالحس، كجمال الطبيعة مِن سماء وأرض وحدائق، وكجمال الإنسان، وقد ذَكَر القرآن كثيرًا من مظاهرِ الكون، مشيرًا إلى جمالِها الحِسِّي الذي يَنتفع به الإنسانُ، ويَشكُر ربَّه على أنْ سخَّر كلَّ ذلك له؛ قال - تعالى - عن الأنعام: ï´؟ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ï´¾ [النحل: 5 - 6]، وقال - تعالى - عن الإنسان: ï´؟ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ï´¾ [التين: 4]. 2- جمال معنوي: وهو الذي يُدرَك بالعقل الواعي والبصيرة النافذة، مثل: أ- جمال الأقوال بالكلِمة الطيِّبة الحَسَنة. ب- جمال الأفعال، حيث الأفعال قرينةُ الأقوال. متَى، وكيف؟ إذا أردتَ أن تتحدَّث أمامَ غيرك مِن الناس فمِن المهم والضروري أن تُحدِّد مِن أين ستبدأ، ومتى وكيف ستنتهي. عبِّر لكن بشروط: مِن حقِّك أن تُعبِّر عن ذاتك وفِكرتك، لكن بشروط، منها: الإخلاص، ومراعاة الآدابِ والمصلحة العامَّة، والبعد عن الخُيَلاء والرِّياء والانتصار للنفس. نَمِّ ذاتك: ابذل جهدًا في تنميةِ ذاتك، ولا تقف محلَّك دون تقدُّمٍ والناسُ من حولك يَتقدَّمون، فالمسلم مطالَبٌ بالبذل والسعي؛ ï´؟ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ï´¾ [التوبة: 105]. استفِدْ من الماضي: مِن الضروريِّ أن تستفيدَ من الماضي في تقييمِ أمورِك، وسائرِ أحوالك، فتنظر إلى الإيجابيات بعينِ الاطمئنان والرِّضا فتُنمِّيها، وتنظر إلى السلبياتِ فتُعالجها وتمحوها.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() الربانية.. حياة الروح (3/6) نبيل جلهوم يا مَن هو بكلِّ شيءٍ خبير، يا مَن هو بكلِّ شيء بصير، يا مُرسِل الرِّياح، يا فالقَ الإصباح، يا باعثَ الأرواح، يا ذا الجُود والسَّماح، يا مَن بيده كلُّ مِفتاح، يا سامعَ كلِّ صوت، يا سابقَ كلِّ فوت، يا محيي كلِّ نفْس بعدَ الموت، يا عُدَّتي في شِدَّتي، يا حافظي في غُربتي، يا مُؤنسي في وَحْدتي، يا وليِّي في نِعمتي، يا كهْفي حين تُعييني المذاهب، وتُسلمني الأقارب، ويَخْذُلني كلُّ صاحب، يا عمادَ مَن لا عمادَ له، يا سندَ مَن لا سندَ له، يا ذُخرَ مَن لا ذُخرَ له، يا حِرْزَ مَن لا حِرزَ له، يا كهفَ مَن لا كهفَ له، يا كَنْزَ مَن لا كنْزَ له، يا رُكنَ مَن لا رُكنَ له، نسألك أن تأخُذَ بأيدينا إلى إصلاح أنفسنا، وتحقيق ربَّانيتها، يا مُقلِّبَ القلوب، ثَبِّت قلوبَنا على دينك. ولنستكمل في هذة الحلقة ما استفتحْنا به في المقالين السابقين، فنقول: إنَّ إصلاح النفْس وتحقيق ربانيتها بدايةُ بداياتِ الخير والإصلاح، ومنها المعينات التالية: الدنيا معبر للآخرة: اعلم أنَّ الحياة الدنيا مَعْبَرٌ للآخرة، وأن الدنيا ما هي إلا مَزْرعة، والآخرة هي دارُ القرار والاستقرار الأبدي، وأنَّ الدنيا ما هي إلا لهوٌ ولعبٌ وزينة، وتفاخر بين الناس في الأموالِ والأولاد. لكن ذلك لا يعني ألاَّ تأخُذَ حظَّك من الدنيا، بل نِعْمَ المالُ الصالح في يدِ الرجل الصالح، والمؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمِن الضعيف، وفي كلٍّ خير. ثِق بنفسك: لا تستصغرْ نفسَك وتُقلِّل من قدْرِها أبدًا، فأنت بأعمالك كبير، ولا تَستهِنْ بقُدراتك وإمكاناتك، وكُن واثقًا من نفسِك، ولا تجعلْ مِن سلبياتك عائقًا أمامَ نهضتك ورُقيِّك، بل ضعْها أرضًا خلْفَ ظهرَك. وانطلق وعالِجْ عيوبَ نفسك، وفتِّش في مِرآة رُوحك، فأنت صاحِب مَرامٍ سامية. احرص على أسباب الصحة: بادِرْ بالكشفِ الصِّحِّي العامِّ على نفسك كلَّ فترة باستمرار، وعالِجْ ما قد يطرأ على جسدِك من أمراض، فالجسدُ السليم خير معين على طاعةِ الله، واعلم أنَّ الله ما خلَق داءً إلا وخلَق له الدواء، عَلِمه مَن علِمه، وجَهِله مَن جَهِله. عليك بمكارم الأخلاق: اعلم أنَّ مكارمَ الأخلاق لها مجالان: هما حُسنُ الخُلُق مع الله، وحُسن الخُلُق مع الناس. فإذا اطمأنَنْتَ نفسًا، وأيقنتَ بذلك يقينًا ثابتًا، تَبيَّن لك سببُ قولِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّما بُعِثْتُ لأُتمِّمَ مكارمَ الأخلاق))، وقوله - سبحانه وتعالى -: ï´؟ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ï´¾ [القلم: 4]. لا تنتظر: لا تنتظرْ في جميعِ أحوالك شُكرًا مِن أحدٍ، ويَكفيك الأجْر فقط مِن الفَرْد الصمد. ولا تبالِ بمَن حقَد وجَحَد وحسَد، واجعلْ نُصبَ عينيك: ï´؟ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ï´¾ [الإنسان: 9]. تأمَّل في النِّعم: انظر دائمًا بعينِ المتفحِّص الناظِر إلى نِعَم الله الكثيرة، التي لا تُعدُّ ولا تُحصَى؛ ï´؟ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ï´¾ [النحل: 18]. اهتمَّ بالصلوات: اهتمَّ بالصلواتِ، وتجنَّب الأشغال عندَ حضور أوقاتها، ولنا في عمر بن عبدالعزيز المَثَل الأعْلى في ذلك؛ حيث يقول - رحمه الله تعالى -: اجتنبِ الأشغال عندَ حضور الصلوات، فإنَّ مَن يُضيِّع الصلاة فهو لِمَا سواها مِن شرائع الإسلام أشدُّ تضييعًا. وإنَّ مِن مظاهر الاهتمام بالصلوات: 1- التهيؤَ قبل الآذان نفسيًّا ورُوحيًّا، وفكريًّا وبدنيًّا. 2- استشعارَ عظمة وجلال موقِف الامتثال بيْن يدي الله، ونَيْل شرف عبادته، والوقوف بين يديه. 3- استحضارَ نِيَّة الطهارة قبلَ الوضوء، وما نقصده هنا ليس مجرَّد النِّية المعتادة بغَسْل الأعضاء وفقط، وإنَّما نقصد النيةَ الشاملة لتطهيرِ البدن ممَّا علق به من أدران، وتطهير النفس كذلك مِن أمراضها الخفيَّة مِن حِقْد وحسَد، وتطهير العَيْن من أدرانِ ما نظرتْ إليه حرامًا، وتطهير الأرْجُل مِن أدران المشي إلى المعصيةِ، واليدين مِن أدران الأذَى المختلفة، وتطهير الفمِ مِن أدرانِ الفُحْش والغِيبة والنميمة، وتطهير الأُذن مِن أدران ما سَمِعتْ مِن مسامعَ أغضبتْ ربَّ العالمين؛ أي باختصار نقول: لنجعلْ مِن الوضوء انطلاقةً جميلةً نحوَ الطهارة في البدن والرُّوح معًا. 4- الحِرْصَ الشديد على تحقيقِ الخشوع، والدعاء بين الأذان والإقامة، وهو موضعٌ الدعاءُ فيه لا يُرَدُّ. 5- الاهتمامَ بأداء ثِنتي عشرة نافِلة مِن دون الفريضة، تَجْبُر الكسرَ، وتَضمن القصْرَ في جنَّات الله. 6- الاستشعارَ المستمر بخطورة أمْر الصلاة؛ لكونها أولَ ما يُحاسَب عليه العبدُ، فإنْ كانتْ على خير خُفِّف الحساب، وإنْ كانتْ على غيرِ ما يُرام صَعُب ما بقِي من حساب.
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() الربانية.. حياة الروح (4/6) نبيل جلهوم يا صاحِبَ كلِّ غريب، يا مؤنسَ كلِّ وحيد، يا ملجأَ كلِّ طريد، يا مأوى كلِّ شريد، يا حافظَ كلِّ ضالة، يا راحمَ الشيخ الكبير، يا رازقَ الطفلِ الصغير، يا جابرَ العظم الكسير، يا فاكَّ كلِّ أسير، يا مغنيَ البائس الفقير، يا عِصمةَ الخائف المستجير، يا مَن له التدبيرُ والتقدير، يا مَن العسيرُ عليه سهلٌ يسير، يا مَن هو على كلِّ شيء قدير، أعِنَّا على إصلاح أنفسنا، وخُذْ بنواصينا إليك، فنحن بك لا بغَيْرِك. ولنستكمل أخي الكريم، ما ذكَرْناه في مقالاتِنا الثلاثة السابقة عن إصلاح النفْس، وكيف يكون بدايةُ الخير والفلاح. انهض بعلاقاتك: انهض دائمًا بعلاقاتك الطيِّبة مع الناسِ وجَدِّدها، وجدِّد معها كلَّ جميلٍ مِن الإحساس. فإنْ كنتَ محسنًا للناس فزِدْ كثيرًا في الإحسان، وإنْ كنتَ مسيئًا فاستغفرْ ربَّك، وارجع إليه، واطلُبِ العفوَ منه، والهجران لكلِّ ما فيه إساءةٌ لعِباد الرحمن، واهرعْ لمَن أسأتَ إليه، واطلب عفوَه، وأحسِنْ إليه، تنَلْ بذلك رِضا ربِّك، وحُبَّ خصمِك، والفوز بالجنان. زيارة: اجعل أمامَ عينيك دائمًا منظارَ الدكتور مصطفي السباعي - رحمه الله - الذي يقول فيه: • زُرِ المحكمةَ مرَّةً في العام؛ لتعرفَ فضلَ الله عليك في حُسْن الخُلُق. • وزُرِ المستشفى مرَّةً في الشهر؛ لتعرِف فضلَ الله عليك في الصحَّة والمرض. • وزُرِ الحديقةَ مرَّةً في الأسبوع؛ لتعرفَ فضل الله عليك في جمالِ الطبيعة. • وزُرِ المكتبةَ مرَّةً في اليوم؛ لتعرفَ فضلَ الله عليك في العَقل. • وزُر ربَّك كلِّ آن لتعرفَ فضْلَه عليك في نِعم الحياة. عليك بالذِّكْر: أَلْزمْ نفسك وجاهدْها بالمحافظة على ذِكْر الله كلَّ يوم، بوردٍ لا يقل عن ألْفِ مرَّة، ما بين: "سبحان الله"، و"الحمد لله"، و"لا إله إلا الله"، و"الله أكبر"، و"لا حولَ ولا قُوَّة إلا بالله العلي العظيم"، والصلاة والسلام على أشرفِ الخَلْق، و"سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"، والاستغفار، و"لا إله إلا الله وحْده لا شريكَ له، له المُلْك وله الحمدُ وهو على كلِّ شيء قدير". وتَميَّز أنتَ أيُّها المسلِمُ الحبيب بهذه الأورادِ عن غيرك، ولْتجعلْها دَيدنَك وسَمتَك، ورُوحك وحياتك، ففيها البركةُ، وفيها النور، وفيها البِشْر وفيها السرور، وفيها الربَّانية وفيها الرضا مِن الربِّ الغفور، والحب من الرسولِ، صاحب المقام المحمود. الإنفاق: عوِّد نفْسَك وأهلَ بيتك على الإنفاقِ في سبيلِ الله، وطهِّر نفسَك من الشحِّ، وتذكَّر مكانةَ المنفِق والإنفاق عندَ ربِّ العباد. والإنفاقُ في سبيلِ الله يعود خيرُه على النفس، فالله - عزَّ وجلَّ - يقول: ï´؟ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ï´¾ [البقرة: 272]، يقول الحسنُ البصريُّ: نفقة المؤمِن عائدةٌ على نفسه، ولا يُنفق المؤمِنُ إلا إذا أنْفَق في سبيلِ الله. والإنفاق مِن الخيرات يَعلَمه الله؛ قال - تعالى -: ï´؟ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ï´¾ [البقرة: 273]؛ أي لا يَخفَى عليه شيءٌ منه. ومِن السهولة في الإنفاق أنَّه يكون ليلاً ويكون نَهارًا، ويكون سِرًّا ويكون جِهارًا؛ لقول الله - تعالى -: ï´؟ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ï´¾ [البقرة: 274]. احرص على أن تكون حيًّا: اعلمْ وتذكَّر دائمًا أنَّ مَثَلَ الذي يذكُر ربَّه والذي لا يَذكُره، كمثَل الحيِّ والميِّت. إنَّ الذِّكرَ يُزيل الوحشةَ بيْن العبد وربِّه، قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ مما تَذكُرون من جلالِ الله: التسبيحَ والتهليلَ والتحميد، يتعاطفن حولَ العرش لهنَّ دويٌّ كدويِّ النحل، يُذكِّرن بصاحبهنَّ، أفلا يحب أحدُكم أن يكون له مما يُذكِّر به؟!)) صدَق رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم. والجميلُ في كثرةِ الذِّكْر: أنَّ الإكثارَ منه، والدوام عليه، ينوب عن التطوُّعات الكثيرةِ التي تستغرق الجهدَ والوقت، وفيها عوض لمَن لا يستطيع أن يفعلَ الطاعاتِ، بدليل ما جاء في الحديث الصحيح: أنَّ فقراء المهاجرين أتَوْا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقالوا: يا رسولَ الله، ذَهَب أهلُ الدُّثور مِن الأموال بالدرجات العُلى والنعيم المقيم؛ يُصلُّون كما نُصلِّي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضلٌ مِن أموال يحجُّون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدَّقون، قال: ((ألاَ أُحدِّثكم بأمرٍ إنْ أخذتم به أدركتُم مَن سبقَكم، ولم يُدركْكم أحدٌ بعدَكم، وكنتم خيرَ مَن أنتم بين ظهرانيه، إلاَّ مَن عمل مثله: تُسبِّحون وتَحْمَدون وتُكبِّرون خَلْفَ كلِّ صلاة)). كما أنَّ الذِّكْر يُعطي قوةً في القلب، وقوةً في البدن، ومِن أجمل الأمور في الذِّكر والإكثار منه: أنَّ شواهدَ الله في أرْضِه تَشهَد له، فالذي يذكُر اللهَ في قمَّة الجبل، أو في الطريقِ، أو في السيَّارة، أو في البيت، أو على الكرسيِّ، أو على الأرضِ، قائمًا كان، أو قاعدًا، أو مضطجعًا على جنبه - كلُّ هذه البِقاع والأماكن تَشْهَد له عندَ الله. جاء في الحديثِ أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قرأ هذه الآية: ï´؟ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ï´¾ [الزلزلة: 4]، قال: ((أتدرون ما أخبارُها؟))، قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: ((فإنَّ أخبارَها أن تَشهَد على كلِّ عبد وأَمَة بما عمل على ظهرها، أن تقول: عملتَ عليَّ كذا يومَ كذا وكذا)). وجديرٌ بالذِّكْر أن ننبِّهَ هنا أنَّ ذِكْر الله ليس مجرَّدَ أقوال تُقال باللِّسان وفقط، وإنَّما هي تفاعلاتٌ وأحاسيسُ، وإيقاظٌ للنفس؛ لتتحرَّكَ من حالها الذي هي عليه إلى حالٍ أجملَ ما يكون مِن الرُّوحانية والشفافية، والربانية والفراسة والإيمان، بل إنَّ الأمر قد يصِل بالذاكرين اللهَ كثيرًا إلى مرحلةِ الكرامات من الربِّ العظيم يُعطيها لهم كرمًا وفَضلاً منه وتفضُّلاً.
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() الربانية.. حياة الروح (5/6) نبيل جلهوم اللهمَّ إنَّك أنتَ الله، الملجم المختار، ألجمتَ البحر بقُدرتِك، وأحاط عِلمُك بما في بَرِّكَ وبحْرك، أسرِعْ لنا بسريانٍ مِن لطفك، مع الحلم يعمُّنا ويعمُّ المسلمين، إنَّك على كلِّ شيءٍ قدير، يا كافي يا رؤوف، يا حنَّان يا سلاَم، يا مؤمِن يا مُهيمن، يا مَن ليس كمِثْله شيءٌ وهو السميع البصير، يا مَن وجِلَتِ القلوب مِن خشيته، وأذعنتِ الخلائقُ لأحَدِيَّته، يا أللهُ، أعِنَّا على إصلاحِ أنفسنا، وتحقيقِ ربَّانيتها، يا مَن إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين. احرص على عبادة الدعاء: احرِصْ على عبادةِ الدُّعاء، فهي من صِفات العابدين؛ يقول النبيُّ الحبيب محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الدعاءُ هو العبادة))؛ أخرجه الترمذي، وقال - تعالى -: ï´؟ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ï´¾ [غافر: 60]، وهذا فيه دَلالةٌ واضحة على أهميَّةِ الدعاء ومكانتِه. أهمية ومكانة الدعاء، وعظمته وجماله: 1- يُمثِّل علاقةً وطيدة بيْن العبد وربِّه، وهو طاعةٌ لأمر الله القائل: ï´؟ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ï´¾ [غافر: 60]. 2- سببٌ لدفْع غضبِ الله وسخطِه. 3- مِفتاحٌ لخزائن رحماتِ الإله العظيم، بما فيها مِن الخير الوفير، والعطاءِ الجزيل. 4- فيه إشعارٌ للمسلِم بحاجته الدائِمة إلى مولاه. 5- تحقيقُ الشفافية والرُّوحانيَّة وحب الناس. 6- سببٌ لانشراحِ الصدر، وجامعٌ لكلِّ خير، ودافعٌ لكلِّ شر. أحْي السُّنن: أحْي السُّننَ المهجورة، وانشرْ سُنَّة نبيك، وبَلِّغْها للناس كافة، واحفظ سُنته مِن الزيادة والنقصان، وتَخلَّق بأخلاقِ النبيِّ، وتأدَّبْ بآدابه، وحقِّق دائمًا منهجَك الذي تجعل فيه نبيَّك القُدوة. لتكنْ قدوةً صالحة في ميدان عملِك، لتكن أولَ السبَّاقين إلى حضور الصلوات، وأولَ الداعين فيه إلى الخيراتِ، وأولَ المهتمِّين بالباقيات الصالحات، وكُنْ كالنَّحْلة التي فيها الشفاءُ والدواء لمَن يتعاطَى عسَلَها. إياك والعين: ازهدْ دائمًا فيما في أيدي الناس، يحبَّك الله ويحبَّك الناس، وادعُ بالبركةِ لكلِّ ما تراه بعينك ويُعجبك، أو يدخُل قلبَك، واحذرْ أن تُصيب شيئًا بعَينك، فالعينُ حق. ولا تتهاونْ في ذلك الأمر؛ فإنَّ أكثر مَن يموتون بعدَ قضاء الله وقدَره الميِّتون بسببِ العين؛ ï´؟ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ï´¾ [النساء: 54]. ليكن لك زاد: ليكن لك زادٌ مِن العبادات القلبيَّة مِن توكُّلٍ على الله، ويقينٍ به، وقناعة وتفكُّر، وورع وتجرُّد، فهي تُمثِّل صفاءً للرُّوح، وعلوًّا للهِمَّة، وقُربًا ووُدًّا من ربِّ السموات والأرض. رسالتك: إيَّاك والتقصيرَ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهي رسالتُك في الحياة الدنيا، التي يجب ألاَّ تغيبَ عن ذِهنك وفِكرك واهتمامك أبدًا، إنَّها رسالةُ الأنبياء؛ ï´؟ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ï´¾ [آل عمران: 110]. رَكْب الإيمان: احرصْ على سفينةِ الإيمان، وضرورة الركوبِ فيها، فإذا لم تَلْحَق بها، فاندمْ ندمًا شديدًا، واعلمْ أنَّها بك أو بغيرك ستَنطلِق في الإبحارِ، غيرَ عابئةٍ بوجودك على ظهرِها أو غِيابك عن رُكَّابها؛ ï´؟ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ï´¾ [النمل: 92]. ï´؟ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ï´¾ [الكهف: 28]. ï´؟ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ï´¾ [النور: 47]. كن قدوة: كن خيرَ قدوةٍ لغيرك، ممَّن هم حولَك من المسلمين، فلا تأتِ ما حرَّم الله، ولا تبتعدْ عمَّا أمر الله، جميلة أخلاقك، تُسارِع في الخيرات. يفتح بذلك الفتَّاحُ العليم على يديك قلوبَ العباد والبلاد، ويُعبِّدهم له بفضل حُسْن قدوتِك وإخلاصك، واعلم أنَّ المسلمَ المؤمن المتميِّز كالنحْلَة أينما حلَّ وضَع شَهْدًا وعسلاً. كنْ كالشجر: كُن دائمًا مع الناس كالشجْر يَقذِفه الناسُ بالحجر ويُهْديهم بأحْلَى الثمر، وقدوتك في ذلك الحبيبُ المصطفى محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - عندما لاقَى ما لاقَى من إيذاء أهلِ الطائف في الواقعة المشهورة التي عرَض فيها مَلَكُ الجِبال أن يُطبِق عليهم الأخشبَيْن، فيطيح بهم ويسوِّي بهم الأرْضَ، فكان المصطفى الحبيبُ الحنون على خَلْق الله، الراغب في هدايةِ الناس، حتى لو كانوا أعداءَه، قال قولةً مشهورة لملَكِ الجبال رافضًا ذلك، وموضِّحًا سبب الرفض، بأنَّه ((عسى أن يخرُج مِن بين أصلابهم مَن يقول لا إله إلا الله)). إنَّه الجمالُ الأخلاقي الرائِع، لرجلٍ صاحب همَّة، يُريد أن يصلَ بالأمَّة جمعاء إلى القِمَّة، بمعرفتها الإسلامَ والدخول فيه، صلَّى عليك اللهُ يا عَلَمَ الهُدى، ما هبَّتِ النسائم، وما ناحتْ على الأَيْكِ الحمائم، يا مَن أثْنَى عليك ربُّك بقوله: ï´؟ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ï´¾ [القلم: 4].
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |